الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / شمال إفريقيا / المغرب / الحركة الطلابية المغربية ومهام المناضلين الماركسيين

الحركة الطلابية المغربية ومهام المناضلين الماركسيين

شهدت الحركة الطلابية المغربية خلال السنتين الجامعيتين 2003/2004 و2004/2005 نهوضا نضاليا عارما تميز باتساع جغرافيته حيث عم جميع المواقع الجامعية الرئيسية، في وقت متزامن، كما تميز بالالتفاف الجماهيري الواسع والكفاحية وطول النفس.

   إنه وبالرغم من القمع الشرس والحصار الإعلامي الشبه المطلق، ظل الطلبة، في إطار منظمتهم: الإتحاد الوطني لطلبة المغرب (نقابة محظورة منذ 1981) يقاومون ويبتدعون أشكالا نضالية رائعة (تنوعت ما بين التظاهر والاعتصامات ومقاطعة الامتحانات والاضرابات عن الطعام..) عبرت عن عظمة الطاقات النضالية التي تختزنها هذه الحركة، مما ساهم في إخراس صوت جميع من راهنوا على إقبارها.

   طبعا، تكمن أسباب هذا النهوض ـ من وجهة نظر السادة البرجوازيين وأبواقهم المأجورة ـ في تحريض بعض سيئي النية والناقمين، الذين يغررون بالطلبة الأبرياء، ويدفعون بهم إلى رفض الأوضاع القائمة، التي ليس فيها ما يُشين، وهو ما يعفي هؤلاء السادة من اتهام “أفضل العوالم الممكنة” الذي هو عالمهم.

   لكن الواقع شيء آخر، فلقد كان السبب المباشر في خلق هذه الموجة العظيمة من النضالات هو الرفض القاطع لتطبيق ما يسمى “بالميثاق الوطني للتربية والتكوين” من طرف الأغلبية الساحقة من الطلاب. هذا الميثاق الذي يهدف إلى إفراغ التعليم من كل محتوى علمي، عبر محاربة مادة الفلسفة والتاريخ… وكل “ما لا يستجيب لمتطلبات سوق الشغل” على حد تعبير واضعيه. كما يهدف إلى ضرب مجانية التعليم وتكريس نخبويته والقضاء على ما تبقى من المكاسب (الهزيلة أصلا).

   وخلف هذا السبب المباشر تكمن العديد من الأسباب الجوهرية التي تدفع بالطلاب إلى النضال. فهم يعانون نفس ما يعاني منه شعبهم الذي ينحدرون من صفوفه، من استغلال وقمع. وصل الفقر مستويات رهيبة وجعل غلاء المعيشة آلاف الأسر المغربية بل الملايين يعيشون سوء التغذية بشكل مستمر، حيث الغذاء الرئيسي هو الخبز والشاي، كما أن أزمة السكن جعلت ملايين البشر بدون مأوى مكدسين في دور الصفيح التي لا تليق حتى للبهائم. وترتفع معدلات البطالة بسرعة جنونية في حين يعجز الميزان التجاري عن تجاوز أكثر التوقعات تشاؤما ومنذ أن صرح الحسن الثاني ـ في إحدى أواخر خطبه ـ بأن المغرب مهدد بالسكتة القلبية وبأنه على حافة المنحدر، لم يتغير أي شيء بل ازدادت الأوضاع سوءا.

   هذا بينما تحتكر أقلية طفيلية جميع الثروات والأراضي الخصبة وتعيش حياة بذخ أسطورية. وبالرغم من جميع الوعود حول “الدمقرطة” و”التحديث” و”تجاوز أخطاء الماضي” الخ. التي صاحبت صعود الملك الجديد، فإن الطبقة العاملة وباقي الكادحين مقتنعون بتجربتهم اليومية مع القمع وتكميم الأفواه أن لا شيء تغير وأن الديكتاتورية قد صارت أكثر وقاحة وسفورا.

   في ظل هذا الجحيم اليومي تعيش الجماهير الكادحة وتقاسي الصعاب. والطلاب كجزء من هذه الجماهير، يقتسمون بدورهم معها كل هذه المآسي، مما يجعلهم ينخرطون في النضال بكل تلك الكفاحية التي أبانوا عنها. « لقد انتهى زمن التساهل» هكذا صرح الملك الشاب في إحدى خطاباته. مما أثبت للمغاربة خطأ الرأي الذي كونوه عنه، باعتباره شخصا عديم المواهب، إذ ها هو يثبت قدرته العالية على التهريج. ففي مغرب لم يعرف سوى القمع والتقتيل والاختطافات والنفي، مغرب عدد المعتقلات السرية فيه والسجون أكثر من عدد المستشفيات والمدارس، وعدد رجال القمع ـ بمختلف أنواعه ـ أكثر من المدرسين والأطباء.. مغرب تُسخر فيه الدبابات والمروحيات والرصاص الحي لتقتيل الجياع العزل المنتفضين (1959، 1965، 1981، 1984، 1991..) في مغرب كهذا هناك من يتحدث عن انتهاء زمن التساهل! عن أي زمن التساهل يدور الحديث؟! متى بدأ لكي ينتهي؟. محمد السادس وحده يمتلك الجواب!.

   إذا كان لهذا التصريح من معنى فإنه يعني أن كل ما تعرض له الشعب المغربي “في الماضي” لم يكن سوى لعب أطفال، كان تساهلا، وأن الزمن المقبل (زمن الملك الشاب) كفيل بأن يدفعنا إلى الحنين إلى “زمن التساهل” وأن “الديمقراطية المحمدية” قادرة على جعلنا نأسف على “الديمقراطية الحسنية”.

   وهذا هو ما سوف يحدث، إذا ماذا ننتظر من نظام وصل إلى أقصى درجات إفلاسه واستنفذ كل ما في جعبته من وعود كاذبة ولم يعد له أي هامش للمناورة أمام ارتفاع حدة المطالب الشعبية (على الصعيد الاقتصادي والسياسي)؟. لقد سبق لمؤشرات هذا أن بدأت تظهر منذ الهجوم الوحشي على طلاب فاس 2001، الذي أدى إلى سقوط شهيد على الأقل، والعديد من الجرحى والمعتقلين… ثم الهجومات المتكررة على المعطلين (حالات كسور خطيرة عاهات، حالات إجهاض…) والطبقة العاملة (البحارة، المنجميين…) لتتأكد خلال السنتين الجامعيتين 2003 / 2004 و2004 / 2005 حيث تحولت الجامعات إلى ساحات حرب غير متكافئة خلفت العديد من الجرحى والمصابين بعاهات، إضافة إلى عشرات المعتقلين (لازال العديد منهم وراء القضبان لحد اللحظة) والمطرودين والعديد من المتابَعين.

   يستهدف النظام من وراء حملات القمع هذه إيقاف المد النضالي الرائع وخنقه في المهد. إضافة إلى توجيه رسالة تحذير دموية لجميع الرافضين مفادها أنه نظام دكتاتوري يحترم نفسه ومن ثم فإنه لن يسمح بوجود أية بادرة رفض لمخططاته، كما يريد إعطاء الانطباع بقوته وجبروته.

   لكن من المستحيل الجلوس طويلا فوق الحراب والقمع وحده غير كاف لضمان الاستمرارية لنظام متعفن وإخراس الأصوات إلى الأبد. ففي ظل شروط كهذه الذي يعيشها المغرب، لن يكون بمقدور القمع مهما كانت حدته وقف موجة النضالات الجماهيرية والطلابية التي ليست سوى في بداياتها. فروح التحدي لم تنطفئ وحسب بل بدأت تمتد إلى شرائح وفئات أخرى بل وإلى العمال والفلاحين ـ وهذا هو الأهم ـ مما يجعل الحاكمين مقتنعين بأن أسوء أيامهم لم يعيشوها بعد.

   فكل القمع والمحاكمات الصورية والإجراءات الإدارية التعسفية… لم تجبر الطلاب على إيقاف معركتهم، وحتى في المواقع التي يمكن الحديث فيها عن هزيمة تعرضت لها الحركة الطلابية يبقى من الواضح أنها ليست هزائم ساحقة، إذ لم يدب العياء ولا الإحباط ولا الخوف بين صفوف الطلاب ولا تزال المعنويات مرتفعة. تخلخلت بعض الصفوف هنا وهناك، لكن لا بأس، لدينا من الوقت والإرادة ما يكفي لرصها من جديد لخوض المعارك المقبلة. وها هي الجماهير الطلابية، حتى فئاتها الأكثر لا مبالاة وتخلفا، بدأت تُراكم بتجربتها الخاصة الخلاصات الضرورية وتدخل ساحة النشاط.

   والأهم هو أن الطبقة العاملة قد بدأت بدورها تستعيد نشاطها من جديد، مما ينبأ بتظافر نضالات الطلاب والعمال لخوض معركة موحدة ضد القمع والاستغلال.

   ولكن…

   إذا كانت النضالية التي أبان عنها أبناء العمال والفلاحين والكادحين في الجامعات قادرة على مقاومة بعض الهجومات التي تتعرض لها مكتسبات الحركة الطلابية، فإنها سوف تظل عاجزة عن تحقيق الانتصار، ما دام ينقصها وجود قيادة صحيحة تمتلك برنامجا وسياسة وتكتيكات واستراتيجية واضحة وما دام ينقصها التنظيم.

   من هنا تنبع الحاجة إلى عنصر الوعي والتنظيم، ومن هنا الحاجة إلى المناضلين الماركسيين اللينينيين، الذين هم داخل الحركة الطلابية: القاعديون وليس غيرهم.

   مهام القاعديين

   إن المهام التي يطرحها الوضع على كاهل المناضلين القاعديين، جسيمة ومعقدة، يتداخل فيها ما هو نظري بما هو برنامجي وسياسي بما هو تنظيمي.. وفي هذا الإطار، نطرح بعض الخطوط العريضة للنقاش.

   أ: المهام النظرية والبرنامجية: يجب على الطلبة القاعديين أن يحرصوا على تعميق معرفتهم بالنظرية الماركسية كما أسس لها المعلمون الكبار: ماركس إنجلز لينين وتروتسكي. بما هي نظرية الطبقة العاملة ومرشدتها في النضال من أجل الثورة الاشتراكية. وأن يحرصوا على نشرها بين صفوف الطلاب وأن يخوضوا الصراع ضد اللامبالاة الإيديولوجية والميوعة الفكرية.

   ينبغي على المناضلين القاعديين أن يعلموا أن اكتفائهم بقيادة النضال الأكاديمي الاقتصادي دون العمل على توسيعه وتعميقه وبث الوعي فيه ومحاولة ربطه بالنضال العام الذي تخوضه الطبقة العاملة ضد نظام الاستغلال والقمع، سوف لن يجعل منهم مناضلين ماركسيين حقيقيين، بل مجرد موظفي نقابة.

   ويحدد لينين مهمات الطلبة الماركسيين داخل الحركة الطلابية في: « أولا: نشر الأفكار الاشتراكية الديمقراطية بين الطلاب والنضال ضد الأفكار التي، وإن كانت تحمل اسم “الاشتراكية الثورية” إلا أنها لا علاقة لها بالاشتراكية الثورية.

   ثانيا: الرغبة في توسيع وجعل كل حركة ديمقراطية، بما فيها الحركة الأكاديمية [الحركة التي تقتصر على النضال من أجل مطالب أكاديمية / اقتصادية محضة] بين الطلاب، أكثر وعيا وأكثر حزما.»[1]

   كما يوصي (في مكان آخر) « كل مجموعات وحلقات الطلاب، أولا بأن يضعوا على رأس أولويات نشاطهم، أن ينشروا بين صفوفهم مفهوما اشتراكيا عن العالم مكتمل ومنسجم. بأن يدرسوا بجدية الماركسية، من جهة ومن جهة أخرى الشعبوية الروسية، والانتهازية الأوربية الغربية، التي تعتبر في وقتنا الحالي أهم التيارات التقدمية المتصارعة. وثانيا، بأن يحذروا من هؤلاء الأصدقاء المزيفين الذين يلهونهم عن الدراسة الثورية الجادة… »[2]

   ويجب الحرص في هذا السياق على عدم السقوط في العصبوية المقيتة التي تدفع “بالمناضل” إلى التعامل بالأوامر مع الجماهير، التي يجب عليها ـ من جهة نظره ـ أن تترك النضال اليومي من أجل مطالبها المباشرة وباقي “الأمور التافهة الأخرى” (من وجهة نظره) وتكتفي بالجلوس بأدب جم حول منصته لتلقي الدروس “الجدية”.

   إن توسيع أفق الجماهير وتعليمها لا يمكنه أن يتم بالطريقة الماركسية اللينينية الحقة، إلا بتطبيق التكتيكات المناسبة، القادرة على جعل المناضلين أكثر ارتباطا بحركة الجماهير الطلابية كما هي في الواقع وتخصيبها بالوعي الثوري.

   ويجب أن يكون واضحا لنا أنه لا يوجد على الإطلاق أي تناقض بين نضالنا من أجل المطالب الملحة للجماهير (التي نحن جزء منها) وبين نضالنا من أجل نشر أفكارنا وكسب مناضلين جدد إلى صفوفنا. إذ كلما تأكدت الجماهير بتجربتها الخاصة من نضاليتنا ومبدئيتنا وجديتنا وصدقنا في الدفاع عن مصالحها المباشرة وتأكدت من صحة طرقنا وتكتيكاتنا وبرنامجنا، كلما آمنت بمشروعنا وأفكارنا… وكلما تحقق ذلك كلما زادت قوة الحركة الطلابية وارتفعت نضاليتها. ينبغي الاحتفاظ دائما بمقاربة رفاقية في تعاملنا مع الجماهير. “اشرح بصبر!” تلك هي وصية لينين التي يجب أن نضعها نصب أعيننا دائما.

   هنا نصل إلى مسألة هامة في نقاشنا، ألا وهي ضرورة امتلاك برنامج صحيح، برنامج قادر على أن يشكل الجسر بين المطالب اليومية المباشرة للطلاب وبين مطالب باقي فئات الجماهير الكادحة وعلى رأسها العمال.

   لا بد للقاعديين أن يرفعوا برنامج مطالب انتقالية « مضمونها الاتجاه بشكل أكثر فأكثر علانية وحزما ضد أسس النظام البرجوازي بالذات»[3] عليهم أن يعلموا الجماهير الطلابية كيف تربط بين مطالبها وبين مطالب باقي أفراد الشعب الكادح. أن يعلموها بأن إمكانية إحقاق استقلالية الجامعة وباقي الحريات الأكاديمية الأخرى، سيظل وهما كبيرا ما دام الشعب بأسره يعيش العبودية والاضطهاد. يجب عليهم أن يجعلوا الطلاب يستوعبون بأنه « وحدها المساندة الآتية من الشعب، وخاصة من العمال، قادرة على أن تضمن لهم الانتصار. وبأنه لكي يحوزوا على تلك المساعدة، يجب عليهم ألا يقتصروا فقط على رفع مطالب أكاديمية محضة (الحريات للطلاب) بل الحرية للشعب بأسره، الحرية السياسية»[4].

   يجب أن يسير مطلب رفع الحظر العملي عن ‘أوطم’ جنبا إلى جنب مع مطلب القضاء على الديكتاتورية. كما يجب لمطلب تعميم المنح والزيادة في قيمتها (بما يوفر للطلاب الاستقلالية المادية) وتخصيص اعتمادات أكبر لميزانية التعليم… أن يسير جنبا إلى جنب مع مطلب الرفع من أجور العمال والتعويض عن البطالة للعاطلين عن العمل وتخصيص اعتمادات أكبر لميزانية الصحة والأشغال العمومية… الخ. وينبغي للنضال الذي يخوضه الطلاب ضد خوصصة التعليم أن يرتبط بالنضال ضد الخوصصة بشكل عام وضد أداء الديون…

   ينبغي أن يشرح القاعديون للجماهير الطلابية، أن تحقيق أي تحسين حقيقي في ظروفهم وظروف آبائهم، مستحيل ما دامت هذه الطغمة الطفيلية، جاثمة على صدر هذا الوطن، تعيث فيه نهبا وفسادا.

   ومن ثم يجب عليهم أن يناضلوا إلى جانب آبائهم وأمهاتهم العمال، لتغيير هذا الواقع. يجب عليهم أن يجعلوا من كل معركة مناسبة للاتجاه نحو الطبقة العاملة لاستمداد الدعم والحصانة وأن يجعلوا من كل معركة يخوضها العمال مناسبة لهم لتمتين العلاقات النضالية الفكرية.

   من الضروري أن تصير كل حملة قمع ضد الطلاب سببا في تنظيم إضراب عام عمالي وكل حملة قمع ضد العمال سببا في جعل الطلاب يخوضون أشكالا تضامنية.

   وهو الشيء الذي سوف يظل مستحيلا ما لم يتوفر لدى القاعديين تصور واضح ليس فقط لكيفية القيام به بل أيضا لضرورته.

   ب: المهام التنظيمية: على رأس هذه المهام تأتي مهمة إعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كإطار تقدمي مكافح على أسس ديمقراطية (من القاعدة إلى القمة).

   لقد اتضح جليا طيلة العقدين الماضيين، لكن وبشكل خاص، خلال السنة الماضية 2003 / 2004، أن فشل المعارك النضالية رغم كفاحيتها، يعود في جزء مهم إلى غياب منظمة طلابية موحدة وطنيا وقادرة على الدعوة إلى تنظيم معارك وطنية أو التنسيق بين المعارك التي تدور في المواقع الجامعية المختلفة.

   إن وجود أوطم كمنظمة مهيكلة لن يفيد فقط في مسألة قيادة المعارك الوطنية وتوجيهها والتنسيق… الخ بل كذلك في العمل على مراكمة التجارب والخبرات وضمان الاستمرارية…الخ مما يجعل مهمة بناء الاتحاد الوطني، ليس ضرورة فحسب بل من أهم الواجبات المباشرة التي على كاهل القاعديين.

   ربما ما يجعل النقاش حول إعادة الهيكلة محفوفا بالحساسية لدى القاعديين، تلك التجارب السيئة الذكر التي حاولت تحت مسمى إعادة الهيكلة، أن تفرض على الحركة الطلابية أشكالا بيروقراطية مقيتة وتفرض الوصاية الحزبية على الجماهير الطلابية (و هو الشيء الذي تصدى له القاعديون بحزم).

   لكن هذا، من وجهة نظرنا لا يجب أن يجعل نقاش الهيكلة بين القاعديين، نقاشا مؤجلا إلى أجل غير مسمى. خاصة أن مجمل الشروط الضرورية (النهوض النضالي، ارتفاع درجة التسيس بين الطلاب…الخ) للقيام بهذه المهمة- مهمة بناء أوطم من القاعدة إلى القمة في خضم المعارك- قد نضجت، أو هي في طريقها للنضج. وسيكون من الخطأ انتظار توفر كل الشروط بطريقة صوفية للبدأ في عملية البناء.

   وفي هذا اليساق لا يعتد أبدا بتلك الأقاويل حول الشرعية القانونية، إذ أن الاتحاد الوطني ليس بحاجة إلى شرعية الأتوقراطية، فله شرعية جماهيرية نضالية وتاريخية، جعلته يظل حيا حتى في غياب الهياكل، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإن مثال الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، التي بدون شرعية قانونية، ها هي تمتلك هياكلها التنظيمية الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية، وتنظم مؤتمراتها بانتظام وتفرض على الحاكمين الجلوس إليها على طاولة المفاوضات.

   في أفق إنجاز هذه المهمة ولكي تصبح إمكانية إنجازها واردة يتوجب على القاعديين، الحرص على تنظيم لجان المعارك المؤقتة المنتخبة ديمقراطيا، تسند إليها مهام وظيفية محددة: لجان الحوار، الإعلام[5]. الدفاع الذاتي واليقظة، جمع الدعم..الخ، ينتخب أعضائها في المعارك ويكونون جميعهم قابلين لإلغاء التفويض الممنوح لهم وتعويضهم بآخرين وفقا لقرار الجماهير الطلابية.

   بالإضافة إلى مثل هذه اللجان من الضروري العمل على تنظيم لجان العائلات كمدعم لنضالات الطلاب، والاستفادة في هذا السياق من تجربة المعتقلين السياسيين والذين أعطت نضالات عائلاتهم دعما هاما لنضالاتهم التي كانوا يقومون بها داخل السجون والمنافي، رغم شروط الحصار والقمع.

   كما لا بد من التفكير في خلق لجان معارك دعم متبادل مع العمال المضربين والمعطلين وتلاميذ الثانوي[6].

   وهناك مسألة جد مهمة وتتعلق بالبعد الأممي للنضال، إذ لا بد من إدخال تقاليد التضامن الأممي بين الطلاب، عبر تأسيس علاقات وطيدة مستمرة مع المنظمات الطلابية التقدمية (نقابة الطلاب الإسبان Sindicato de Estudiantes على سبيل المثال)، للانخراط في الحملات العالمية ضد الحروب وضد الاعتداءات الإمبريالية على مختلف شعوب العالم: فلسطين، العراق، أفغانستان، فنزويلا، بوليفيا، كوبا…

   إن إعادة إحياء علاقات التضامن هذه سوف يمكن الحركة الطلابية المغربية، ليس فقط من الاستفادة من مختلف التجارب النضالية الرائعة، بل أيضا سوف يمكنها من التشهير بالقمع الذي تتعرض إليه على أوسع نطاق، والتعريف بنضالاتهم وشهدائهم ومعتقليهم على أوسع نطاق.

   يقتصروا فقط على رفع مطالب أكاديمية محضة (الحريات للطلاب) بل الحرية للشعب بأسره، الحرية السياسية[7] .

   يجب أن يسير مطلب رفع الحظر العملي عن أوطم جنبا إلى جنب مع مطلب القضاء على الديكتاتورية. كما يجب لمطلب تعميم المنح والزيادة في قيمتها (بما يوفر للطلاب الاستقلالية المادية) وتخصيص اعتمادات أكبر لميزانية التعليم… أن يسير جنبا إلى جنب مع مطلب الرفع من أجور العمال والتعويض عن البطالة للعاطلين عن العمل وتخصيص اعتمادات أكبر لميزانية الصحة والأشغال العمومية… الخ. وينبغي للنضال الذي يخوض الطلاب ضد خوصصة التعليم أن يرتبط بالنضال ضد الخوصصة بشكل عام وضد أداء الديون…

   مرة أخرى نؤكد:

   إن القمع الذي تتعرض له الحركة الطلابية ومختلف الهجومات على حقوقها المادية والديمقراطية (المذكرة الثلاثية، ميثاق التربية والتكوين..) ليست سوى جزء من القمع والهجوم الذي تتعرض له جماهير الشعب الكادح (مدونة الشغل، قانون الإضراب، قانون الإرهاب…) لذا يتوجب رفع مطالب شاملة (الحرية السياسية، الحق في التنظيم والتعبير، لا لخوصصة المرافق العمومية، نعم لتأميمها ووضعها تحت الرقابة العمالية، العمل للجميع، المنح لجميع الطلبة، الرفع من الأجور..الخ) وهي المطالب التي لتحقيقها « سوف لن يكون كافيا محاولة الضغط على النظام لتقديم بعض التنازلات والقيام ببعض الإصلاحات.

   إن المطلوب ليس أقل من التدمير الكلي للنظام […] الدكتاتوري الرأسمالي الموالي للإمبريالية! إن الطريق الوحيد للحصول على الحقوق الديمقراطية الحقة والحرية الحقوق والقضاء على الاستغلال والتبعية للإمبريالية هو إقامة [مغرب] اشتراكي، جزء من فدرالية اشتراكية للشرق الوسط».[8]

  • المجد والخلود للشهداء والحرية للمعتقلين
  • فلتسقط كل المتابعات
  • لا لميثاق التربية والتكوين، لا لخوصصة الجامعة
  • لا لمدونة الشغل الرجعية لا لقانون الإضراب
  • لا للاستغلال والقمع
  • فليبنى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ديمقراطيا
  • فلتشكل لجان ديمقراطية للمعارك في الجامعات والمعامل والأحياء العمالية
  • فلتسقط الدكتاتورية
  • نعم لمغرب اشتراكي جزء من فدرالية اشتراكية للشرق الأوسط

مناضل ماركسي ثوري من المغرب
15 أبريل 2005


1:  a«les taches de la jeunesse révolutionnaire» (premier lettre) textes sur la jeunesse, P : 111.

2: Projet de résolution sur l’attitude à l’égard de la jeunesse étudiante. (les étudiants) textes sur la jeunesse, P : 101

3: تروتسكي: البرنامج الانتقالي.

4: a« le début des manifestations » “textes sur la jeunesse”, P : 85.

5: فيما يتعلق بالإعلام، لا بد أن المناضلين والجماهير الطلابية عموما، قد لاحظوا الطوق الإعلامي الذي ضرب على نضالاتهم بل وحتى حملات التشويه والكذب التي مارسها ضدهم الإعلام البرجوازي.. مما أكد للمرة الألف أنه لا وجود لإعلام محايد مستقل، و أنه لا ثقة في لإعلام البرجوازي.. لذا توجب التفكير في خلق نشرة طلابية ديمقراطية.

6: في سياق الحديث عن تلاميذ الثانوي يجب العمل منذ الآن على إعادة الحياة للعلاقة معهم ودعوتهم لحضور أشكال أوطم الثقافية…الخ.

7: a« le début des manifestations » “textes sur la jeunesse”, P : 85.

8 : جون دوفال: “تونس: الشباب يواصلون تحدي دكتاتورية بن علي“. بتصرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *