يوم الأحد 15 ماي قامت قوات القمع بتفريق مظاهرة سلمية لشباب حركة عشرين فبراير، بالرباط كان الهدف منها الوصول إلى معتقل تمارة، وهو مقر تابع للاستخبارات، يستعمل للتعذيب. للمطالبة بإغلاقه ومحاسبة المسؤولين عن التعذيب فيه.
كان القمع وحشيا لم يستثن أحدا، وحتى الصحفيين لم يسلموا من الضرب. وقد أكدت حركة عشرين فبراير في بيان لها أن عدد الإصابات تجاوز المائة، بينما وصل عدد المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم إلى 44 إضافة إلى حجز سيارة، وآلات تصوير، وهواتف نقالة.
وفي تصريح وقح واستفزازي نفى الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري أن تكون قوات البوليس قد استعملت أي شكل من أشكال العنف لمنع الاحتجاج أمام معتقل تمارة. وخالد الناصري هذا هو عضو في الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أي الحزب الشيوعي المغربي سابقا، مما يبين مدى الانحطاط الذي وصله الإصلاحيون في خدمتهم للبرجوازية ودولتها.
والجدير بالذكر هو أن وتيرة القمع وحدته قد زادت في الآونة الأخيرة، حيث لا يشكل هذا الهجوم سوى استمرارية لسلسلة من الهجمات القمعية التي شهدتها مختلف ربوع المغرب ضد جميع التحركات النضالية للمعطلين، والعمال، والشباب، والأساتذة، الخ. ففي نفس اليوم، الأحد 15 ماي، تعرض شباب عشرين فبراير في فاس للاعتداء من طرف قوات القمع التي هاجمتهم بمدخل مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاعتداء على عدد من المناضلين.
هذا وكانت مدينة خريبكة قد شهدت مواجهات عنيفة بين مواطنين وقوات القمع، استمرت حوالي 14 ساعة، إثر تدخل همجي لقوات البوليس لفك اعتصام سلمي نظمه عمال شركات للمناولة بالمجمع الشريف للفوسفاط بمدينة خريبكة، في السكة الحديدية لمنع القطارات المحملة بالفوسفاط من التوجه إلى مدينة الدار البيضاء. وقد انتهت المواجهات باعتقال 11 شخصا وإصابة حوالي 200 شخص.
بهذه الحملة يعبر النظام القائم عن رغبته في استعادة المواقع التي فقدها خلال الشهور الأخيرة وإعادة فرض سطوته كنظام دكتاتوري لا يتساهل مع أي شكل من أشكال حرية التعبير أو التظاهر أو الاحتجاج.
لكن ومباشرة بعد تعرض الشباب للقمع اجتمعوا مجددا أمام مقر الاتحاد المغربي للشغل، حيث بدءوا يرفعون شعارات ثورية طالبت بصراحة بإسقاط النظام: الشعب يريد إسقاط النظام، هذا المغرب وحنا ناسو والسادس يجمع راسو، الرحيل الرحيل شعبنا عندو البديل، الخ. مما يدل على أن مزاج الشباب صار أكثر فأكثر ثورية
وهكذا يتبين أن الهدف من القمع لم يتحقق، بل كان سببا في المزيد من تجذر الحركة وشعاراتها. إن الثورة المغربية بهذا اليوم تكون قد دخلت منعطفا جديدا. ومرة أخرى تتأكد مقولة ماركس بأن الثورة تحتاج إلى سوط الثورة المضادة لكي تتقدم!
إن هذا القمع الهمجي دليل على أنه لا توجد ولا يمكن أن توجد أي ضمانات ضد الدكتاتورية والانتهاكات ما دام النظام الحالي قائما. إن الضمانة الوحيدة لتحقيق الديمقراطية وحرية التعبير والحق في الانتظام والتظاهر، هو نضالنا الثوري من اجل إسقاط هذا النظام.
سوف تلي هذه الموجة من القمع الوحشي فترة من التنازلات الخادعة، إذ بعد أن يعتقل بعض المناضلين يقوم بإطلاق سراحهم وكأنه قدم تنازلا عظيما، وبعد أن يكسر العظام ويمتهن الكرامة وينشر الرعب يلقي خطابا يؤكد فيه “التزامه” بالديمقراطية وحقوق الإنسان الخ. لكن علينا ألا ننخدع.
أيها الشباب/ الشابات أيها العمال/ العاملات أيها الشعب الكادح إن النظام الرأسمالي الملكي الدكتاتوري لن يقدم لنا دستورا ديمقراطيا حقا، ولن يقدم لنا تنازلات جدية، فلا ثقة في وعوده ولا في لجانه ولا تنازلاته الكاذبة، علينا ألا نثق إلا في قوتنا وتنظيمنا ووحدة صفوفنا ونضالنا الثوري!
لقد دخلت الثورة المغربية منعطفا جديدا وهو ما يطرح على المناضلات والمناضلين في الحركة والنقابات والأحزاب والتيارات اليسارية التقدمية المكافحة مهام جسيمة في تنظيم الحركة وإعطاءها أفقا وبرنامجا وشعارات ومطالب واضحة.
علينا أيها الشباب المكافح من الآن فصاعدا أن نستعد للقمع بتنظيم لجان للدفاع الذاتي، إن أرادوها مواجهة فلتكن مواجهة! لن نسمح بأن نجلد وتكسر عظامنا بدون مقاومة، وقد أبانت الثورتان التونسية والمصرية أن الطريق الوحيد للتصدي للقمع البوليسي هو تنظيم المقاومة الشعبية في لجان للدفاع الذاتي ومليشيات شعبية تحت رقابة الجماهير في الأحياء والمدارس والجامعات وأماكن العمل والمظاهرات.
على النقابات ألا تصمت على هذا القمع، إن الهجوم على تظاهرة الشباب، جزء من الهجوم المستمر على التظاهرات العمالية وتظاهرات المعطلين، وحلقة في سلسلة تكميم الأفواه والتضييق على الحريات النقابية والديمقراطية. على النقابات أن ترد على هذا القمع بأقصى ما يكون من الصرامة! لا بد من الدعوة إلى إضراب وطني عام ضد القمع ومن أجل محاسبة كل المسؤولين مهما كانت مراتبهم.
على الطلاب أن يتحركوا من خلال أشكال نضالية ضد القمع وضد الدكتاتورية التي يعانون هم أيضا بشكل دائم من تبعاتها، وليس حضر منظمتهم الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لثلاثين سنة سوى جزء من التضييق الذي يتعرضون له. وعلى المعطلين أن يعتبروا ذلك القمع جزءا من القمع الذي يتعرضون له كل يوم، وينضموا النضال ضده!
كما أنه على الأحزاب والتيارات اليسارية التقدمية المكافحة أن تكون في حجم المسؤولية التاريخية المتمثلة في قيادة نضالات الشعب المغربي بكل فئاته نحو النصر، وذلك يفترض منذ الآن تشكيل جبهة عمالية موحدة بين كل التيارات اليسارية المكافحة على قاعدة مطالب حد أدنى على رأسها إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، إسقاط الحكومة والبرلمان، وإسقاط الاستبداد ومحاسبة كل المسؤولين عن القمع والفساد.
- عاشت الثورة المغربية!
- لا لدستور شرعنة الاستبداد!
- من أجل مجلس تأسيسي!
- فلتسقط الدكتاتورية!
أنس رحيمي
الاثنين: 16 ماي 2011