لقد رحل عنا مناضل ثوري شاب متميز. توفي أنس بناني، المعروف بيحيى بنحمزة في حادث حافلة الاثنين الماضي [28 ماي 2012] عندما كان في طريقه لمشاهدة مباراة كرة القدم لفريقه المفضل “المغرب التطواني”. ليست حوادث الطرق في المغرب أمرا نادر الوقوع. إنها ربما واحدة من أكثر الأشياء التي يمكن توقع حدوثها عند استعمال الطرق المغربية.
انعدام الأمن على الطرق في المغرب يتسبب في 4000 وفاة سنويا. وهو الرقم الذي يعادل الرقم المسجل في فرنسا، التي تمتلك من السيارات أكثر 15 مرة مما يمتلكه المغرب! إن النظام الذي كان أنس يناضل ضده بكل حماس، غير راغب وغير قادر مطلقا على الاستثمار حقا في الأمن على الطرقات. تفضل الأوليغارشية الملكية الحاكمة انفاق مليارات الدراهم على القطار عالي السرعة بين طنجة والدار البيضاء بدل إنفاقها على شبكة من الطرق الآمنة.
انضم أنس إلى النواة الأولى من الماركسيين/ ات الشباب الذين أسسوا فيما بعد رابطة العمل الشيوعي، الفرع المغربي للتيار الماركسي الأممي. لم يتمكن مثل كثير من الطلاب الشباب في المغرب من العثور على وظيفة بعد تخرجه من الجامعة. إلا أنه مع ذلك وجد أفضل عمل يمكن إيجاده في تلك المنطقة المضطربة، حيث كان قياديا في حركة الشباب عشرين فبراير، فكرس تماما نشاطه لكسب وتدريب جيل جديد من المناضلات والمناضلين بالأفكار الماركسية، ولبناء المنظمة. لقد كان هذا هو معنى حياته. وكانت الثورة الاشتراكية أفق حياته.
إن أكثر ما شدني إلى أنس عندما التقيته للمرة الأولى كانت ابتسامته. لقد كان دائم الابتسام. وكانت ابتسامة كبيرة وسخية. لقد كان مليئا بالحياة والثقة في المستقبل. كان يحب القاء النكت. كان حس الدعابة لديه وسيلة رائعة لانتقاد الدكتاتورية والضحك بين الرفاق والأصدقاء.
كان أنس مناضلا متعطشا جدا للنظرية. وقبل بضعة أشهر عبر لي عن مشروعه لترجمة كتاب العقل في ثورة (Reason in Revolt) إلى اللغة العربية. لقد كان يفهم انه لا يمكن بناء منظمة صلبة دون فهم جيد للفلسفة، وخاصة الفلسفة المادية الديالكتيكية.
كان أنس مناضلا أمميا حقيقيا يكره الشوفينية من جميع الأنواع. وهذا ما جعله لا يتردد في الوقوف إلى جانب قضية العمال والشباب في الصحراء الغربية. ففي مقالة: الصحراء الغربية: انتفاضة العيون – موقفنا، التي شارك في كتابتها مع رفيق آخر، خلال انتفاضة العيون، عبر عن موقف أممي حقيقي.
كان أنس فخورا بالإنجازات الصغيرة لكن المهمة لرابطة العمل الشيوعي. بالاضافة إلى كل التدخلات الأخرى التي قام بها الرفاق/ ات في غضون سنوات قليلة، كتب الرفاق/ ات ونشروا ما يقرب من 500 مقال على موقع ماركسي (www.marxy.com) وجريدة الشيوعي. وفي هذه الفترة وصل عدد زوار الموقع إلى مليون زائر من جميع أنحاء المنطقة.
كان أنس يمتلك عقلا إلا أنه كان يمتلك يدين أيضا. وقد استخدمهما لصنع الرايات واللافتات، وتنظيف غرفة الاجتماع، وأيضا من أجل الطهي لباقي الرفاق.
وكان ككل الشباب يعيش قصة حب…
من بين آخر التعليقات التي نشرها على صفحته بالفيسبوك هناك الخبر عن المظاهرة العمالية الضخمة في الدار البيضاء يوم الأحد 27 ماي 2012. عندما نزل عشرات الآلاف من العمال الى العاصمة الاقتصادية للبلاد للمطالبة بالحرية السياسية والنقابية. لقد بدأت الطبقة العاملة في التحرك أخيرا بالمغرب! ويمكنني ان اتصور فرحته بذلك. يمكنني ان اتصوره وهو يناقش بين كل شعارين من شعارات فريق كرة القدم أهمية هذه التظاهرة في الحافلة مع المؤيدين الآخرين. لقد مات مثلما عاش واثقا جدا.
أنس لا يزال معنا. إنه لن يموت طالما استمرت أفكاره على قيد الحياة.
إن رفاقه في التيار الماركسي الأممي، وهيئة تحرير موقع الدفاع عن الماركسية، يقدمون تعازيهم إلى والدي أنس وشقيقته وزوج شقيقته وحبيبته وإلى جميع الرفاق والأصدقاء الذين سعدوا بمعاشرته، وساهموا في نضاله.
جان دوفال
الثلاثاء: 29 ماي 2012
عنوان النعي بالإنجليزية:
Obituary – Anas Benani, a young revolutionary fighter.