إن الصراع الطبقي في مصر يمر من مرحلة مختلفة تمامًا عما مضى، فبعد سنوات طويلة من انعدام الحركة والسكون المجتمعي وترسيخ دعائم الديكتاتورية العسكرية بالحديد والنار، ها قد بدأنا نشهد عودة جديدة للصراع الطبقي والاحتجاجات الاجتماعية.
إن العشر سنوات الماضية تركت آثارها على وعي الجماهير المصرية، وبعد أن كانت أغلبية الجماهير ترضى بسلطة عبد الفتاح السيسي، وهذا بعدما أُنهكت الجماهير في سنوات الثورة وتعرضت لخطر الإسلاميين، تقلصت الآن شعبية النظام إلى أدنى مستوى لها، ولم يعد له قاعدة اجتماعية تُذكر، وما يُبقى هذا النظام قائمًا هو تردد الجماهير المستمر حتى الآن، الذي بمجرد أن تتجاوزه ستُسقط هذا النظام المقيت بكل سهولة.
وفي هذا السياق، فإن الواقع الجديد الذي ننفتح عليه يُحتم علينا ضرورة الفهم المادي للواقع الموضوعي وتطور الوعي العمالي والجماهيري، لكي نستطيع أن نستشرف المستقبل لكي نتدخل فيه ونفهم الواقع لكي نغيره، حيث كما قال تروتسكي: “النظرية هي تفوق التوقع على الدهشة”. وفي هذا نسترشد بالنظرية الأكثر تقدمًا وثورية والقادرة على تحليل المجتمع تحليلًا ماديًا ثوريًا: النظرية الماركسية. وبصفتنا جزءًا من الأممية الشيوعية الثورية فإن المنظورات السياسية والاقتصادية تمثل حجر زاوية في استراتيجية الحركة وتكتيكاتها، ولهذا نعمل على كتابة ونشر هذه الورقة، التي بها نحاول أن نُرسي تقليدًا دائمًا للشيوعيين الثوريين في مصر.
وبطبيعة الحال فإن مهمة المنظورات ليست أن تكون بلورة سحرية للمستقبل بأحداثه التفصيلية، فنحن لسنا منجمين، بل إن مهمتها أن تعطينا، بناءًا على التحليل المادي، الخطوط العامة لسيرورة النظام الرأسمالي والصراع الطبقي في المستقبل المنظور.
الأزمة الاقتصادية المدمرة المستمرة
لقد مر الاقتصاد الرأسمالي المصري بفترة مضطربة للغاية، بدأت منذ الجائحة وتعمقت مع الحرب الروسية الأوكرانية، وها نحن ندخل فصل جديد من فصول الأزمة الاقتصادية العنيفة. فبعد الدخول في دوامة الديون من أجل دفع عجلة الإنتاج للدوران في المشروعات الإنشائية على حساب مستويات معيشة الجماهير المنخفضة أصلًا، وعلى أمل جني ثمار “مسار التنمية” المزعوم، أتت الرياح بما لم تشتهيه سفن النظام المصري، كما كان متوقعًا. ووصل الوضع الاقتصادي إلى مرحلة من الجمود المدمر.
لا مجال هنا للتفصيل في المسار الاقتصادي الذي اتبعته الدولة ودوافعه الطبقية والسلطوية، فقد فعلنا ذلك في عدة مقالات من قبل، ثم أن آثاره واضحة للعيان، من ارتفاعات مهولة في أسعار كل المنتجات والخدمات، إلى تعميم الفقر والبؤس في كل مكان.
إن النظام حاول أن يقاوم ضغوط شركائه الداخليين وأسياده الخارجيين في التخارج من الاقتصاد وتعويم الجنيه المصري فترة من الزمن، وهذا ليس لسبب عاطفي وإنساني أو لأنه يخشى على الجماهير من آثار الإجراءات الاقتصادية، وإنما لإدراكه أن هذا سوف يزيد من تراكم الغضب وتآكل شعبيته، أي خوفًا من انفجار غضب الجماهير في وجهه، على أمل الوصول لصفقة أفضل مع الدائنين وأولياء النعمة. ولكن لم يكن أمامه خيار آخر سوى الانصياع لإملاءات أسياده الذين يخدم مصالحهم الطبقية، ففي ظل النظام الرأسمالي فإن الدائنين والرأسماليين هم الذين يحددون المسار في نهاية المطاف.
وعلى الطرف الآخر ظلت ذئاب الخليج تقف متفرجة على النظام وهو يقع بمحض إرادته في الشرك الذي نصبوه له، ليقدموا له القشة التي يتعلق بها في أخر لحظة قبل أن يغرق. فبعد فترة من فتور العلاقات المصرية الخليجية، الناتجة بشكل أساسي عن عدم جرأة النظام على تنفيذ طلبات أسياده في الخليج من خصخصة وتعويم كامل للعُملة، وبعد أن شارف النظام على التخلف عن سداد الديون، فجأة جاءت العصابة الحاكمة في الإمارات لكي تفك الحبل من على عنق النظام المصري بصفقة قيمتها 34 مليار دولار، منها 11 مليار كانت في الأصل وديعة موجودة في البنك المركزي المصري، مقابل قطعة أرض شاسعة هي “أرض رأس الحكمة”، وهي قطعة من الجنة.
تلقف النظام قبلة الحياة من حلفائه وأسياده الخارجيين. وروج لتلك الجرعة المالية، كالعادة، وكأنها بداية جني “ثمار مسار التنمية”، تلك الجملة التي أصبحت نكتة سخيفة بالنسبة للجماهير المصرية. إن الجماهير تتعامل مع تلك الدعاية بحذر، فقد لُدغت منها مرات عدة في السنوات الماضية، وتصبح حياة الجماهير أكثر صعوبة وبؤسًا بعد كل مرة.
وبعد الإعلان عن صفقة “رأس الحكمة” مباشرة تم الإعلان عن الوصول لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض جديد بقيمة 8 مليار جنيه، كان أول شروطه تعويم مجدد للجنيه المصري ليصل إلى حوالي 50 جنيه للدولار الواحد، بزيادة قدرها حوالي 30% في سعر الدولار الرسمي، مع العديد من الإجراءات التقشفية الأخرى، مثل زيادة سعر الوقود.
صحيح إن هذا الإجراء قضى على السوق السوداء للعملة، لبعض الوقت على الأقل، وبذلك يوفر قدر من الاستقرار للسوق والسلع، ولكنه استقرار في القاع ولن يُوقف ارتفاع الأسعار في مجمله، كل ما هنالك أن القفزات المرعبة في الأسعار سوف تخف وتيرتها. وهدف هذا الإجراء ليس تحسين حياة الجماهير بأي حال من الأحوال وإنما حماية النظام من الإفلاس الآن عن طريق إرضاء الإمبرياليين لكي يساعدوه.
هذا بجانب العديد من الإجراءات الأخرى منها السماح للأجانب بتملك الأراضي بلا قيود لأول مرة في تاريخ الجمهورية المصرية منذ عام 1952، وموجة من الخصخصة، مع وعود بتخارج الدولة من الاقتصاد بشكل كبير في الفترة القادمة، بالإضافة إلى رفع الفائدة 6% مرة واحدة، وهذا إجراء بدلًا من أن يعمل على كبح جماح التضخم المنفلت الذي لا يزال يتخطى حاجز الـ35%، سوف يؤدي إلى آثار مدمرة على السوق من حيث الركود وارتفاع الأسعار وتفاقم الديون الحكومية والتجارية والشخصية، حيث أصبحت مصر هي سادس أعلى معدل فائدة في العالم.
هب علينا أنبياء رأس المال يلقنوننا فضائل تعويم العُملة وتخارج الدولة من الاقتصاد والسوق الحرة، وبعد فترة من العلاقات المضطربة بين النظام وكبار رجال الأعمال والمتحدثين بلسان حالهم، مثل نجيب ساويرس وعمرو أديب وغيرهما، خرج علينا هؤلاء محتفين ومحتفلين بالقرارات الأخيرة التي تُعيد الأمور “لنصابها الصحيح”، من وجهة نظر الرأسماليين بالطبع، أي تزيد نصيبهم من كعكة السوق والأرباح.
هذا بعدما صدعوا رؤوسنا شكوى في السنوات القليلة الماضية من مزاحمة المؤسسة العسكرية لهم في السوق، بالرغم من أنهم جميعًا ارتضوا بدخول المؤسسة العسكرية للسوق عام 2013 لحماية مصالحهم من العمال والثورة، وتعبيد الطريق لهم للرجوع ومص دماء جماهير العمال عن طريق تحمل نفقات تنظيم السوق بأموال الجماهير، ظنًا منهم أنها سوف تخرج من الاقتصاد بسلام عندما يريدون ذلك. لقد عملوا جميعهم مع المؤسسة العسكرية في مشاريعها وكونوا منها ثروات طائلة. إن الحقيقة التي يقر بها أكثر الرأسماليين شجاعة أنه لولا المؤسسة العسكرية ما كان للنظام الرأسمالي أن يستعيد توازنه وسيطرته على المجتمع المصري.
قد تُوقف الإجراءات التقشفية الحالية والقروض الجديدة ذلك الانحدار المتسارع نحو القاع، فترة من الزمن، وهو شيء لا يحب أن يسمعه أو يقوله “النشطاء” واليساريين الطفوليين عادة في مصر، ظنًا منهم أن هذا يمكن أن يقضي على الصراع الطبقي. ولكننا بصفتنا ماركسيين ندرك أن هذا دائمًا احتمال وارد، وأن لا وجود لأزمة نهائية للنظام وانحدار سريع دائم بوتيرة ثابتة للقاع، بل على العكس، إن طبيعة النظام الرأسمالي هو تلك الدورات الدائمة، و في أغلب الأوقات في التاريخ يكون بالضبط ذلك الانتقال من الركود للتعافي، ومن التعافي للركود، هو المحرك لصعود الصراع الطبقي للسطح.
إن السؤال الرئيسي هنا: هل نحن نتحدث عن تعافي قوي أو مستقر للاقتصاد المصري؟ بالطبع لا، نحن أمام وقف للنزيف لن تُشعر به الجماهير سوى من جانب وقف اضطراب الأسعار الناتج عن عدم توفر الدولار الفترة الماضية، وبذلك عدم انتظام العرض وشح المنتجات، ومع هذا سوف يستمر الفقر والبؤس في التنامي. إن أقصى ما يمكن أن تقدمه تلك المساعدات والقروض الجديدة هي منع الانهيار حاليًا مع تعميق التناقضات في المستقبل القريب.
إن هذا هو الاستنتاج المنطقي الوحيد، فالنظام الرأسمالي في البلدان المتقدمة في أزمة مستعصية، فما بالنا بالنظام الرأسمالي المصري المتخلف والضعيف الذي يرزح تحت هيمنة صندوق النقد الدولي والدائنين الآخرين من كل حدب وصوب والشركات متعددة الجنسيات. إن حالة النظام الرأسمالي المصري التابع والضعيف تتحدد بشكل كبير بناءً على حالة النظام الرأسمالي العالمي. إن هذا لا يجعلنا نستسلم لقوى السوق العمياء الجبارة بل يجعلنا ندرك أن مخرج تلك الأزمة الدائمة التي تعيشها الطبقة العاملة والجماهير المصرية هو باتباع سياسة اشتراكية وأممية.
مجددًا تنحاز الديكتاتورية العسكرية للرأسماليين والأثرياء على حساب العمال والمُفقرين، ومجددًا يسيل لُعاب الرأسماليين أمام “الهبرة” الجديدة فينسون كل مشاكلهم وتحفظاتهم و”معارضتهم” للديكتاتورية العسكرية، ليسود جو من الوئام بين الطبقة السائدة، ولكنه وئام إلى حين انفجار الأزمة القادمة. وهنا يظهر الوجه الحقيقي لمعارضة الرأسماليين والليبراليين للنظام، وهي معارضة شكلية أساسها هو الرغبة في المشاركة في الحكم، أي في استغلال الجماهير، وليست معارضة للفقر والظلم والاستغلال والاضطهاد والقمع الذين تعاني منهم الجماهير.
إن النظام يحل أزمته الحالية ويتفادى خطر الإفلاس الآن عن طريق تجهيز الظروف لأزمة أعمق وأعمق، ومجددًا يحقن النظام الاقتصاد المصري بمزيد من “فودو” الديون وينفق أموالًا لا يملكها ويدفع الاقتصاد أبعد من حدوده بشكل مصطنع على أمل غيبي بتحسن الأمور بقدرة قادر في المستقبل، وهو بهذا يعمل على خلق تناقضات أكثر عمقًا وتدميرًا. خصوصًا في ظل الأزمة العميقة للنظام الرأسمالي العالمي التي لا توفر أي هامش مناورة للنظام في مصر.
وفي ظل ذلك سوف يستمر الاقتصاد الرأسمالي المصري في الدوران في نفس دائرة الديون والتقشف وتدني مستويات المعيشة والأزمات الطاحنة الدورية، كما سيزيف المحكوم عليه بالشقاء الأبدي، ولكن سيزيف المصري ليس محكومًا عليه من زيوس الإله اليوناني القديم بل من آلهة رأس المال المحلي والإمبريالي الحديث، وهي آلهة أكثر قسوة وتدميرًا بما لا يقاس بقسوة كل آلهة الأساطير القديمة والحديثة مجتمعة.
النظام في أزمة شرعية
إن الديكتاتورية العسكرية الحاكمة أصبحت بلا أي ظهير شعبي. بعد أن تمتعت فترة من الزمن بقدر من الشعبية بين أوساط الجماهير، وهذا بسبب هزيمة ثورة 2011-13 وآثرها على وعي الجماهير، إلا أن كل هذا تغير فعلًا، حيث نظمت الديكتاتورية العسكرية هجمات طبقية شرسة ضد العمال والفقراء، اعتمدت في ذلك على جهاز الدولة القمعي الذي ضرب بيد من حديد كل من أتته الشجاعة لكي يُسائل النظام، واعتقل آلاف العمال والشباب الثوري، الذين ما يزال الكثير منهم في السجون حتى الآن.
إن كل هجمة طبقية واجتماعية على الجماهير تأخذ من رصيد النظام، وإن كان بشكل صامت أصبح الآن يُسمع صوته بوضوح. وهذا ما جعل العديد من مفكري الطبقة السائدة يعلنون عن خوفهم من المستقبل. صحيح أن معارضتهم للنظام فيه جزء ذاتي نابع من المصالح الشخصية الضيقة، إلا أن أكثرهم ذكاء يفهم بوضوح أن استمرار الوضع على ما هو عليه يحمل مخاطر كبيرة على النظام الرأسمالي كله وليس عبد الفتاح السيسي فقط، وأن النتيجة المنطقية للمسار الاقتصادي والسياسي الحالي هي الثورة بلا شك.
وهو ما يدركه النظام جيدًا، وليس في يده الآن سوى اللعب على وتر الخوف من الفوضى والحروب الأهلية مجددًا، وهو ما يظهر دائمًا في خطابات السيسي التي يحاول فيها دائمًا أن يبرئ ذمته من تفاقم الأزمة الاقتصادية برميها على كاهل العوامل الخارجية، مع نفس الدعاية المتمحورة حول التحديات الصعبة وضرورة “التكاتف الوطني”، بالإضافة إلى حث الجماهير على الصبر والجوع في سبيل بناء الوطن. لكن هذه الدعوات أصبحت تقابل بلعنات الجماهير في الشوارع.
ونشهد في نفس الوقت انحطاط غير مسبوق لما يُسمى “المعارضة المصرية” التي تتأرجح بين الليبرالية والإصلاحية اليمينية، وهو الانحطاط والعجز الذي ظهر في الانتخابات الرئاسية الماضية، التي شهدت خيانة جزء من المعارضة بدخولهم الانتخابات بشروط الأجهزة الأمنية، وعجز أحمد الطنطاوي والقوى السياسية الأخرى عن شن نضال جدي وحازم ضد الديكتاتورية العسكرية. وهو ما سهل على الديكتاتورية العسكرية تمرير تلك الانتخابات بدون مشاكل، ولكن بدون ناخبين حقيقيين في نفس الوقت.
ثم جاء العدوان الصهيوني الإجرامي على قطاع غزة ليصب المزيد من الزيت على نار الغضب الجماهيري. إن الجماهير المصرية، مثل كل جماهير المنطقة، شديدة التأثر بالقضية الفلسطينية، ويتعاطفون بشكل غريزي مع محنة الشعب الفلسطيني.
إن تعامل النظام المصري بشكل حقير مع مأساة العدوان على غزة أصاب الجماهير بمزيج من الاشمئزاز والغضب، حيث في الوقت الذي يرون فيه إخوانهم وأخواتهم يقصفون بالطائرات الصهيونية يرون فيه أيضًا نظامهم يغلق معبر رفح، ويطلق يد عصابات قبلية في ابتزاز الفلسطينيين ماليًا مقابل عبور المعبر. بالإضافة إلى انصياعه لشروط وأوامر الصهاينة والأمريكان في مسألة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، الذي شارك النظام المصري نفسه في محاصرته منذ عام 2007.
هناك حادثة لافتة للنظر بشدة، حيث اعتلى أمين شرطة، محمد عبد الجواد، في مدينة الإسكندرية إحدى لوحات الإعلانات في واحدة من أكثر المناطق ازدحامًا خالعًا زيه الرسمي رافعًا العلم الفلسطيني وهاتفًا: “السيسي خاين وعميل”. هذا بعد أيام من حرق الجندي الأمريكي آرون بوشنل نفسه تعاطفًا مع الشعب الفلسطيني واحتجاجًا على تورط الإمبريالية الأمريكية في العدوان على الشعب الفلسطيني.
نحن هنا نتحدث عن أمين شرطة في الخدمة بالفعل، أي شخص من أكثر شرائح المجتمع محافظة ورجعية وانتهازية، فما بالنا بالغضب المتراكم بين صفوف الطبقة العاملة والشباب الثوري. إن هذا يعطينا صورة عن الغضب المكتوم الذي يتراكم في كل مكان في مصر، كما في العالم أجمع، الذي لا نعرف أبعاد عمقه ومداه بسبب الطبيعة القمعية للنظام، والذي في ظل غياب بديل ثوري يعبر عن نفسه بطرق عدة، وأحيانًا بشكل مشوه.
إن القضية الفلسطينية تحولت لنقطة مرجعية للصراع الطبقي في العالم أجمع، وهي تهز وعي الجماهير من أسسه، كما نرى في هذه الأثناء بالفعل من خلال موجة الاحتجاجات الطلابية النضالية في الولايات المتحدة وبلدان أخرى. وفي ظل ذلك يستمر الصهاينة في مجازرهم المروعة بحق الشعب الفلسطيني، ويعملون على تنفيذ نكبة ثانية بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما إن حدث فسوف يُشعل مصر، والمنطقة والعالم.
إن النظام برمته في أزمة شرعية وليس عبد الفتاح السيسي فقط، حيث إن السياسة السلطوية البونابارتية لعبد الفتاح السيسي طوال العشر سنوات الماضية ورطت كل الطبقة السائدة ومؤسسات الدولة في الأزمة، ومن أكبر المتضررين هي المؤسسة العسكرية التي كانت خارج حدود النقد لعقود في مصر، التي أصبحت الجماهير تنظر لها أنها من الأسباب الرئيسية للأزمة. إن هذه الحقيقة وحدها ترعب مفكري رأس المال الجديين في مصر الذين يرون أنفسهم يخسرون صمام أمان نظامهم.
تصاعد الصراع الطبقي
لقد تعرضت الطبقة العاملة المصرية لهزيمة ثقيلة بعد ثورة 2011-13، ولعقد من الزمان تلقت الضربات تلو الضربات، حيث سوء ظروف العمل وتضخم جامح يأكل في الأجور الزهيدة، التي إن زادت فإنها تزيد بشكل غير متناسب اطلاقًا مع التضخم، بالإضافة إلى الهجوم على العديد من الخدمات الاجتماعية والعامة، مثل التعليم والصحة والمواصلات وغيرهم، حتى أصبحت حياة الجماهير جحيم حقيقي.
وبعد فترة من الخفوت المريع في الصراع الطبقي كنا قد شهدنا تصاعد فيه منذ أواخر عام 2018 و2019 قطعته الجائحة، التي تركت آثارًا مدمرة هي الأخرى على الظروف المعيشية، ثم بعدها الحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت الأزمة أكثر فأكثر، حيث بدأ الاقتصاد المصري مسارًا هبوطيًا سريعًا جدًا ما يزال مستمرًا حتى الآن.
لقد انقلبت حياة الطبقة العاملة والجماهير رأسًا على عقب خلال الأربع سنوات الماضية، إن التضخم أكل أكثر من نصف القيمة الفعلية للأجور، في حين تُرك العمال وحيدين لمواجهة الأزمة برمتها يدفعون وحدهم ثمنها. لقد انتشرت حالات الانتحار في أماكن العمل، بالإضافة إلى حوادث العمل التي تُفضي للموت، مثل غرق المعديات وانقلاب السيارات التي تنقل العمال والعمال الزراعيين.
كما دخل شباب المدارس والجامعات في سوق العمل بقوة في خدمات توصيل الطلبات وخدمات الاتصالات والخدمات التليفونية “call centers” وغيرهم، وهي قطاعات تتميز بالهشاشة بطبيعتها والعمالة الشابة، بجانب القطاع غير الرسمي الذي يمثل 44% من إجمالي القوة العاملة في مصر، بالإضافة إلى تزايد عمالة الأطفال بشكل مريع، خاصة في القطاع الزراعي والقطاع غير الرسمي. إن العام الماضي وحده كان شديد الاضطراب، لقد أصبحت الجماهير المصرية في صراع مستمر من أجل لقمة العيش.
وفي سعي الدولة للظهور بمظهر المدافع عن الجماهير في مواجهة الأزمة، أعلنت عن حزمة اجتماعية تتعلق بالحد الأدنى للأجور والمعاشات وبرنامج “تكافل وكرامة” الهزيل الذي يخدم 25 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع. هذا ترافق مع الإعلان عن صفقات الخصخصة والبيع واتفاق صندوق النقد الدولي، وترويج الحكومة لهذا على أنه بداية “الانفراج”، كل هذا كان الدافع الأساسي لعودة الصراع الطبقي من الجديد للظهور على السطح، بعد مدة من الخفوت نتيجة أزمة الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية والاضطراب الاقتصادي الذي جاء بعدهم الذي أصاب الجماهير بالتشتت والإنهاك.
نشهد في الأسابيع والشهور القليلة الماضية موجة من الإضرابات العمالية كان محركها، وطأة الأزمة في البداية، وزاد عليها أيضًا إحساس وجود “انفراجة” مع المساعدات والقروض الجديدة بالإضافة إلى حزمة المساعدات الاجتماعية التي أعلنت عنها الحكومة قبل التعويم الأخير لامتصاص الصدمة الاجتماعية قليلًا، وفي صدارتها رفع الحد الأدنى للأجور إلى 6 آلاف جنيه، الذي أكتشف عمال مصر أنه لن يُطبق إلا على العاملين في القطاع العام فقط، أي أقل من ثلث العمال في مصر، وإنما عمال قطاع الأعمال والقطاع الخاص تم استثنائهم من تلك الحزمة.
فخاض عمال غزل المحلة إضرابًا عن العمل، أشعلته العاملات في المصنع، متحدين في ذلك إدارة الشركة والدولة، بالإضافة إلى القيادات النقابية العميلة لنقابات عمال مصر الذين لعبوا دورًا خيانيًا في ذلك الإضراب وكانوا في صف الدولة ضد العمال، ولولا نضالية العمال وتجاوزهم لتلك القيادات في المعركة الأخيرة لما حققوا أي شيء.
لقد جذب الإضراب أنظار بقية الطبقة العاملة، بسبب طبيعة عمال غزل المحلة وتاريخهم النضالي، فتبعهم في ذلك عمال عدد من المصانع الأخرى مثل عمال طلعت مصطفى وحسن علام ويونيفرسال وزيوت أسيوط وشركة النيل العامة للطرق والكباري ومحصلي الفواتير وغيرهم من القطاع العام والخاص، الذين بالإضافة إلى مطالب غزل المحلة أضافوا مطالب أخرى لها علاقة بالتثبيت في العمل وصرف الأجور في مواعيدها…الخ.
كما جذب أنظار الدولة بالطبع التي لا تريد أن يتحول عمال غزل المحلة لنقطة مرجعية فاعتقلوا العشرات منهم/ن، ما يزال 2 منهم محبوسين على قيد التحقيق. لقد رفع العمال والعاملات مطالب: رفع الحد الأدنى للأجور ورفع بدل الوجبات وتناسب الأجور مع الأسعار بشكل دائم، وهي مطالب تخص الطبقة العاملة كلها وليس عمال وعاملات غزل المحلة وحدهم. وقد اضطرت الدولة للانصياع للعمال بعد إضراب عن العمل لأكثر من أسبوعين ورُفع الحد الأدنى لدخل عمال غزل المحلة إلى 6 آلاف جنيه، مع وعود بالنظر في بدل الوجبات والطلبات الأخرى.
إن عاملات وعمال غزل المحلة أعادوا تذكير الطبقة العاملة بأهمية الفعل الجماعي المتمثل في الإضراب، حتى وإن كان انتصارًا جزئيًا. وبالتأكيد سوف يتبعهم في ذلك المسار الكثير من العمال، وما يؤخرهم هو عمالة الاتحاد النقابي الرسمي للديكتاتورية العسكرية، وغياب التنظيم النقابي في القطاع الخاص، لكن الأكيد إن الطبقة العاملة في سيرورة نضالها القادمة سوف تتجاوز تلك العقبات. إن الطبقة العاملة هي الطبقة الأقوى والأكثر ثورية في المجتمع، “لا عجلة تدور ولا مصباح يضيء دون إذن الطبقة العاملة”، وهي تتعلم قوتها في خضم التجربة الحالية.
لقد ارتعب النظام من صعود الاضرابات العمالية مجددًا وهو ما دفعه لإعلان حد أدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص وقطاع الأعمال 6 آلاف جنيه، وهذا في حد ذاته بيان عملي على الحقوق التي يمكن انتزاعها بمجرد تحرك العمال ونهوضهم للنضال. بالطبع مع الوقت سوف يكتشف العمال بأن هذه الزيادة لن تسمن ولن تغني من جوع بفعل التضخم، كما بفعل كل الحيل التي سيتبعها الرأسماليين للتهرب من تنفيذ ذلك القرار واستغلال الثغرات المقصودة فيه.
إن هذه الموجة النضالية مهمة للغاية، فهي تأكيد على الفكرة التي أصبحت واضحة منذ فترة: إن الطبقة العاملة المصرية بدأت في الاستيقاظ والتخلص من آثار الهزيمة الثقيلة الماضية. لكننا لسنا سوى في البداية. إن الهزيمة أنست الطبقة العاملة كثير من الدروس الهامة التي تعلمتها في الماضي، خصوصًا مع دخول شرائح جديدة للنضال، وهذا بدوره سوف يبطئ سيرورة التعلم، مع عدم وجود أي قيادة ثورية أمام الجماهير وفي ظل انبطاح الإصلاحيين.
من المؤكد أن تلك الموجة سوف تتكرر في المستقبل القريب مرات ومرات، حيث إن أي تنازل من الدولة أو الرأسماليين للطبقة العاملة سوف يأكله التضخم وتدني مستويات المعيشة، هذا إن تم تقديمه أصلًا، وعلى هذا فسوف تتكرر تلك الموجة النضالية التي لم تنته بعد. وهذه هي طبيعة النظام الرأسمالي في مرحلة أزمته، الذي لا يستطيع في ظلها أن يقدم تنازلات حقيقية وجدية ودائمة أو حتى طويلة ومتوسطة الأمد للجماهير، وأي شيء سوف تُجبر الطبقة السائدة على تقديمه باليمين سوف تعمل على استرداده أضعافًا باليسار. وهذا في نفس الوقت هو سبب فشل وإفلاس التيارات الإصلاحية، اليمينية منها واليسارية، في تقديم أي حل حقيقي وملموس لمشاكل الجماهير.
بأي مرحلة نمر؟
إننا نمر بمرحلة فاصلة، هي مرحلة ما قبل العاصفة. إن النظام في أزمة حقيقية متكاملة ومستعصية، وهو يمد في طول أمد بقاءه فقط بالقمع الفج والتحايل، وبناء على استمرار تشتت الجماهير. لكن دعاية النظام ووجاهته فُقدت بالكامل في أعين الجماهير، ولولا الدعم الخارجي الذي يحظى به خارجيًا نتيجة أهمية مصر الجيوسياسية لكان تم التخلي عنه ووضعه في وجه مدفع الجماهير.
صحيح إن آخر ما كان يتمناه النظام هو اندلاع العدوان الصهيوني على غزة، ليس لسبب إنساني وإنما لما له من آثار ثورية على وعي الجماهير، بالإضافة إلى خطر توسع الحرب إقليميًا مع ما يحمله ذلك من آثار مدمرة، كانت أولى بوادرها هي ضرب الحوثيين للسفن المارة من مضيق باب المندب وتحويل عدة شركات الملاحة مسار سير سفنها عن المضيق وبذلك قناة السويس، وانخفاض دخل القناة بما تمثله من أهمية مصدرًا مهمًا وأساسيًا للعملة الأجنبية. ولكن في نفس الوقت فإن ذلك العدوان هو ما أعاد مد أواصر التعاون بين النظام في مصر والأنظمة الخليجية والغربية بعد فترة من توتر العلاقات بينهم، بسبب خوف الطبقة السائدة الإقليمية والعالمية من اندلاع الثورة في مصر المركزية في المنطقة، التي بالتأكيد سوف تُشعل المنطقة والعالم.
وعلى الجانب الآخر، لقد بدأت الجماهير في التعافي من الهزيمة، وتنهض من وقت لآخر للدفاع عن مصالحها ومستويات معيشتها، وهي في تلك السيرورة تسير بوتيرة تخف وتصعد، وتراكم الدروس والخبرات، وذلك التراكم سوف يصل لنقطة معينة ويفضي للتغير النوعي في الوعي، الذي سوف يدفع الجماهير إلى استخلاص استنتاجات ثورية وبعدها للثورة لا محالة.
وهناك عامل مهم في المعادلة، وهو دخول جيل جديد لساحة النضال، هذا الجيل الشاب الذي لم يشهد سوى الديكتاتورية العسكرية والأزمة الرأسمالية المتفاقمة، وفي نفس الوقت لم يشهد الهزيمة ولم يلوث بها. وعلى عاتق هذا الجيل تقع مسؤولية الثورة القادمة، وإلى هذا الجيل بالذات نتوجه.
نحن نشهد تراكم في الشروط الثلاثة للثورة التي عدها لينين: ألا تستطيع أن تحكم الطبقة السائدة بنفس الطريقة القديمة، وأن ترفض الجماهير أن تُحكم بنفس الطريقة القديمة، وأزمة اقتصادية واجتماعية عنيفة تدفع ليس فقط الطبقة العاملة وإنما أيضًا الشرائح الوسطى للثورة. وهذا ما نشهد تراكمه في السنوات القليلة الماضية، من فقدان مصداقية النظام وبدء فقدان فعالية القمع، إلى بداية نهوض الجماهير والتخلص من الخوف بالتدريج، بالإضافة إلى بدء القطاعات المهنية والوسطى في الحركة والنضال.
لكن يجب ألا نبالغ في المسألة، نحن لسنا سوى في بداية ذلك التراكم. نحن، الشيوعيون، لسنا متشائمين بالطبع، بالعكس، نحن متفائلون بطبعنا نتيجة فهمنا للسيرورة العامة للنظام الرأسمالي وحركة الطبقة العاملة وقوتها، لكننا لسنا سذجًا ولا رومانسيين، وندرك أن للطبقة العاملة والتاريخ منطقهم الخاص في الحركة. ومن هذا ندرك أننا الآن لسنا في مرحلة ثورية أو حتى ما قبل ثورية في مصر. ولكن كل هذا يمكن أن يتغير بين يوم وليلة، وبإستعارة تعبير الشيوعي الثوري العظيم فردريك أنجلز سوف يأتي يوم تزن فيه الأحداث عقد من الزمان، هذا بعدما مر عقد من الزمان فعلًا بأحداث يوم واحد.
مهام الشيوعيين
إن الأزمة التي تواجهنا هي أن الأفكار الماركسية الحقيقية الصحيحة قليلة الانتشار للغاية، برغم أن النظرية الماركسية هي الوحيدة القادرة على تقديم حل للأزمة التي تعيشها الجماهير بشكل يومي وتستطيع قيادتها نحو تغيير المجتمع وبناء الاشتراكية. إلا أن بداية عودة الحركة العمالية والجماهيرية، بالإضافة إلى صعود جيل شاب جديد ينجذب للأفكار الراديكالية، يُحتم على الشيوعيين عدم التأخر في إنجاز مهامهم الملحة، التي أولها هي التنظيم.
إن الشيوعيين الثوريين في مصر ما يزالون قوة صغيرة جدًا ومبعثرة على هامش الحركة العمالية والجماهيرية، وقمع الديكتاتورية العسكرية الفج يمنعنا من التواصل مع الطبقة العاملة والشباب الثوري بشكل مباشر. نحن في وضع أشبه ببداية الحركة الماركسية الروسية التي وصفها آلان وودز في كتابه “البلشفية: الطريق نحو الثورة“:
“لقد انتصبت أمامهم سنوات عدة من النضال الشاق المعزول في سرية تامة مملة. لقد تطلب الأمر شجاعة خاصة من طرف أقلية صغيرة لتأخذ قرارًا واعيًا بالنضال ضد التيار، معزولة عن الجماهير، وفي ظروف المنفى القاسية، وبأقل الموارد وضد الجميع تقريبًا. لم تكن تلك هي المرة الأخيرة التي تحولت فيها القوى الماركسية الروسية إلى مجرد ‘صوت في الصحراء’. وكان الشيء الوحيد الذي دعمهم هو ثقتهم في أفكارهم ونظرياتهم ومنظوراتهم. هذا، على الرغم من حقيقة أن أفكارهم بدت وكأنها تتعارض مع الواقع.”
هذا هو حجر الزاوية: الأفكار والنظرية والمنظورات. بدون النظرية الماركسية نحن لا شيء، وبالنظرية الماركسية نحن كل شيء. صحيح أننا معزولين عن الطبقة العاملة والجماهير حاليًا، لكن هذا سوف يتغير في المستقبل بأيدي الطبقة العاملة والجماهير أنفسهم. يجب أن نستغل الفترة الحالية لدراسة النظرية الماركسية وخبرة الطبقة العاملة العالمية، بدراسة أعمال المفكرين الماركسيين العظام أنفسهم: ماركس وأنجلز ولينين وتروتسكي وغيرهم، هذا بجانب الوصول بأقصى قدر ممكن لأفضل العناصر بين العمال والشباب الثوري.
يجب أن نبني أنفسنا ونحن نسير يدًا بيد مع العمال والجماهير وهم يتعلمون من مدرسة الأحداث العظيمة. الآن الجماهير تمر من مدرسة الديكتاتورية العسكرية التي تعلمهم الكثير من الدروس حول طبيعة الدولة والجيش وغيرها من الدروس الهامة، وبمجرد ما أن تتحرك الجماهير في حركة ثورية أو شبه ثورية سوف تُسقط هذه الديكتاتورية العسكرية المقيتة.
ولكن هذا ليس معناه أن الجماهير ستكون قد وصلت لكل الاستنتاجات الثورية المطلوبة، حيث إن أنظار الجماهير اليوم موجهة على ثقل وطأة الديكتاتورية العسكرية وهذا يخلق نوعًا من الأوهام حول الإصلاحية والديمقراطية البرلمانية، التي لا بد أن تمر الجماهير بها في ظل عدم وجود بديل ثوري جماهيري، لكن تلك الأوهام بدورها سريعًا ما سوف تتبدد مع الأحداث، خصوصًا مع استمرار الأزمة الرأسمالية. لذا فما يزال أمامنا كثير من المحطات، ويجب أن نمر مع الجماهير بها.
ومع ذلك، فإن مهمتنا الآن ليست كسب الجماهير بأية حال من الأحوال، ليس لأننا لا نريد ذلك بل لأن قوانا أضعف بكثير من ذلك الهدف الكبير جدًا. إن مهمتنا بالتحديد هي: الاستعداد للتوجه للجماهير في المستقبل، وهذا عن طريق بناء منظمة شيوعية ثورية مكونة من كوادر ماركسية مدربة ومحترفة، أي إن مهمتنا هي البدء في بناء القيادة الثورية التي تستحقها الطبقة العاملة المصرية العظيمة.
إن هذه ليست مهمة سهلة إطلاقًا، إننا لا نعد أنفسنا ومن سينضم إلينا بالراحة والامتيازات، بل بالعمل والعمل والمزيد من العمل، بـ”العرق والتضحيات” كما قال لينين، وسوف تواجهنا عقبات كثيرة لكننا بالتأكيد سوف نتجاوزها، ونفعل ذلك ونحن واثقين بأنفسنا وأفكارنا وبرامجنا وحزبنا. إن مهمتنا هي أصعب المهام على الإطلاق:
“مهمة البداية الشاقة، مهمة بناء الحركة من لا شيء، مهمة كسب المناضلين والمناضلات بصبر الواحد بعد الآخر، مهمة الشرح والجدل والإقناع، والقيام بآلاف المهام اليومية الروتينية المملة لبناء المنظمة، والتي تمر دون أن يلاحظها المؤرخون، لكن التي تقع في قلب المشروع التاريخي العظيم.”
وذلك المشروع التاريخي العظيم يتمثل تحديدًا في القضاء على النظام الرأسمالي، في مصر والعالم، ذلك النظام الذي يُنتج الفقر والجوع والاضطهاد والاستغلال والحروب والمجاعات والفوضى لمصلحة قلة من الأثرياء، وهذا بمصادرة الطبقة العاملة للبنوك ووسائل الإنتاج وتطبيق خطة إنتاج اشتراكية عقلانية تحت رقابة وإدارة عمالية ديمقراطية لمصلحة الجميع. على حد تعبير الماركسي الأيرلندي العظيم جيمس كونولي: “إن مطالبنا معتدلة جدًا، نحن نريد العالم فقط”.
ليس هناك ما هو أهم من ذلك النضال يستحق أن نهب له حياتنا، وندعو كل الشيوعيين/ات والثوريين/ات للانضمام إلينا في إنجاز هذه المهمة التي يتوقف عليها مصير البشرية. انضموا إلى الأممية الشيوعية الثورية.
من أجل بناء منظمة شيوعية ثورية!
الحرية للمعتقلين السياسيين!
تسقط الديكتاتورية العسكرية الحاكمة!
تسقط الرأسمالية!
من أجل حكومة عمالية!
عاشت الطبقة العاملة!
عاشت الثورة الاشتراكية!
عاشت الأممية الشيوعية الثورية!
النداء الاشتراكي – مصر
19 مايو/أيار 2024