يوم الأحد، 14 يونيو، تم العثور على المناضلة الاشتراكية والمدافعة عن حقوق المثليين المصرية، سارة حجازي، ميتة في شقتها في تورونتو. بعد مرورها من تجربة قاسية في السجن، أنهت سارة حياتها، بعد أن طلبت الصفح عن “ضعفها” وأعلنت مسامحتها للعالم القاسي. كانت حجازي أيضا عضوا في حزب “العيش والحرية” الاشتراكي في مصر.
سنة 2017، رفعت سارة حجازي، مع آخرين، علم قوس قزح في حفل موسيقي لفرقة “مشروع ليلى” للروك البديل، التي يعتبر المغني الرئيسي فيها، حامد سنو، من المدافعين الصريحين عن حقوق مجتمع الميم، كما تتطرق الكثير من أغاني الفرقة لانتقاد الممارسات الوحشية للشرطة والسياسيين الفاسدين ومسائل الدين والجنس.
تم القبض على حجازي بعد ذلك بأسبوع، في منتصف الليل، بسبب موقفها الداعم لحقوق مجتمع الميم، بتهم “التحريض على الفسق والفجور في مكان عام” و”الانضمام إلى جماعة أسست خلافا لأحكام القانون”. كما ألقي القبض على رفيقها، أحمد علاء، البالغ من العمر 21 عاما، من منزله في منتصف الليل. ويعتقد أنه تم اعتقال أكثر من 100 شخص بعد الحفل، وحكم على العشرات منهم بالسجن من ستة أشهر إلى ست سنوات.
على الرغم من أن المثلية الجنسية ليست ممنوعة قانونيا في مصر ، إلا أن التمييز ضد المثليين أمر شائع وكثيرا ما يتم اعتقالهم واتهامهم بـ “الفسق” و”الفساد”. وتشرح داليا عبد الحميد، وهي ناشطة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن القانون غامض بما فيه الكفاية لكي يسمح للقضاة بمعاقبة الناس على ميولهم وممارساتهم الجنسية.
كانت سارة وغيرها ممن شاركوا فخورين بحمل العلم، وأكدوا أن ذلك: “كان شكلا من أشكال الدعم والتضامن… مع كل المضطهدين”. وقالت إنها لم تكن تتصور رد فعل المجتمع والدولة المصرية، “بالنسبة لهم، كنت مجرمة – شخصا كان يسعى إلى تدمير البنية الأخلاقية للمجتمع”.
كما عبر أحمد علاء عن نفس مشاعر التضامن والفخر قائلا: «لقد كانت لحظة رائعة للشعور بالحرية، لمساعدة الناس على ممارسة حقوقهم. ذلك يشعرني بالسعادة. يجعلني أشعر أني إنسان. استطيع الكلام. ويمكنني مشاركة رأيي علانية. لقد كانت أفضل لحظة في حياتي».
لكن حياة أحمد علاء في السجن كانت قاسية، وفي عام 2018 حاول الانتحار بأخذ جرعة زائدة من المهدئات. سارة بدورها غادرت السجن مصابة بالاكتئاب الشديد واضطراب ما بعد الصدمة. كما أنها قامت بمحاولة فاشلة للانتحار، بعد ثلاثة أشهر التي قضتها في السجن في انتظار المحاكمة. وقد صرحت: “لقد قتلني السجن. لقد دمرني”.
وفي رسالتها الأخيرة، قامت سارة بطلب الصفح وفي نفس الآن تقديم الصفح، حيث كتبت:
«إلى أخوتي
حاولت النجاة وفشلت، سامحوني.
إلى أصدقائي
التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومها، سامحوني.
إلى العالم
كنت قاسيا إلى حد عظيم، ولكني أسامح».
لكننا لن نسامح هذا العالم القاسي على قتل سارة بطريقة قاسية؛ لن نسامح هذا العالم الذي يعيش على تسليط القمع والاستغلال على غالبية البشر. في عصرنا الحالي أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن سبب الاضطهاد هو النظام الرأسمالي. ومثلما أوضح مالكوم إكس بأنه من المستحيل أن يكون هناك مجتمع رأسمالي بدون عنصرية، فإنه من المستحيل أيضا أن تكون هناك رأسمالية بدون رهاب المثلية (وغيره من أنواع الاضطهاد). إن الطبقة السائدة تستغل العنصرية والتمييز الجنسي ورهاب المثلية، وغيرها من الأيديولوجيات المتخلفة الأخرى، لأنها تستفيد من تلك الانقسامات، فعندما تكون بعض أقسام الطبقة العاملة مضطهَدة أكثر من غيرها، يوفر ذلك أكباش فداء يلقى عليهم اللوم جراء المشاكل المجتمعية.
تشكل الحركة الحالية المناهضة للعنصرية وضد وحشية الشرطة، التي تجتاح الولايات المتحدة وبلدان أخرى حول العالم، أحد الأمثلة على النضال ضد بربرية الرأسمالية. ومع سقوط عشرات الآلاف من ضحايا الشرطة والسجون كل عام، بدأ الكثير من الناس يتوصلون إلى استنتاج مفاده أن الرأسمالية هي التي يجب أن تسقط.
لقد أخذوا منا رفيقة لنا في كفاحنا من أجل عالم أفضل. لكن مع كل ظلم نواجهه، سنكسب المزيد والمزيد من المقاتلين، حتى نتمكن في النهاية من دفن هذا النظام الرأسمالي المحتضر. سوف نحزن على من يسقطون قتلى، ونقاتل مثل النمور من أجل الأحياء، ونواصل الكفاح من أجل مستقبل اشتراكي -مستقبل الكرامة- حيث ستكون لدينا جميعا القدرة على تحقيق إنسانيتنا الكاملة. سنناضل من أجل مستقبل ستصير فيه هذه المعاناة والآلام التي يتعرض لها أشخاص مثل سارة حجازي وأحمد علاء وجورج فلويد وبرونا تايلور، بناء على الجنس أو لون البشرة، جزءا من كتب التاريخ.
وكما قال ليون تروتسكي في عبارته الشهيرة: «الحياة جميلة. فلتعمل الأجيال القادمة على تطهيرها من كل شر وكل اضطهاد وكل عنف ولتستمتع بها على أكمل وجه». هذه أفضل طريقة يمكن بها لجيلنا أن يكرم ذكرى سارة، والآلاف من أمثالها. والطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي من خلال الثورة الاشتراكية.
ناشا مافالفالا
17 يونيو 2020
عنوان المقال الأصلي على موقع الفرع الكندي للتيار الماركسي الأممي
In memory of Sara Hegazy, socialist and LGBTQ activist: To honour her memory, bury capitalism!