الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / شمال إفريقيا / مصر / انتخابات على الطريقة الأمريكية في مصر

انتخابات على الطريقة الأمريكية في مصر

ملاحظة: لقد كتب الرفيق يوسي شوارتز- المناضل في صفوف مجموعة الدفاع عن الماركسية في إسرائيل- هذا المقال، يوم 06 شتنبر، أي يوما واحدا قبل إجراء الانتخابات في مصر، وتم نشره، بالإنجليزية، في نفس اليوم على موقع: www.marxist.com. وقد ارتأينا، بالرغم من أن الانتخابات قد مرت الآن، أن نقدم هنا لقرائنا الترجمة العربية لهذا المقال الهام والذي يقدم نظرة عن الوضعية السياسية في هذا البلد.


المرشحون العشرة لانتخابات الرئاسة في مصر

 بدأت، يوم الأربعاء 17 أوت، في مصر، حملة انتخابية على الطريقة الأمريكية. يبلغ عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية 32 مليون مصري، لكن السؤال الكبير هو كم منهم سوف يشارك في الانتخابات.

 خلال زيارتها الأخيرة لمصر، شهر يونيو الماضي، قدمت وزيرة الدولة كوندوليزا رايس، باعتراف يحمل قدرا كبيرا من الأهمية، حيث قالت: “لقد حاولت الولايات المتحدة، طيلة ستين سنة، تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة، وذلك على حساب الديموقراطية، هنا في الشرق الأوسط، لكننا لم نحقق أيا منهما”. لقد صار مطلوبا منا الآن، وبشكل فجائي، أن نصدق أن الولايات المتحدة الأمريكية- أي نفس البلد الذي يحتل العراق ضدا على رغبة الشعب العراقي، والذي أهمل بطريقة إجرامية فقراء نيو أورليانز، لعدة أيام، ثم أرسل الجيش ليطلق الرصاص عليهم- هو البلد الذي سوف يقدم الديموقراطية والاستقرار لمصر. على المرء أن يكون مدمنا على قراءة نفس تلك التفاهات التي يقرئها بوش، لكي يصير بإمكانه تصديق مثل هذه الخرافات الظريفة.

 يوم 19 أوت، صرح مساعد وزير الدولة الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، دافيد ويلش ( David Welch)، بأن الإدارة الأمريكية مقتنعة بأنه بإمكان مصر أن تنظم انتخابات حرة، ديموقراطية وشفافة. (Arab News, 8/19/2005)

 إلا أنه ورغم ذلك، لا يمكن لكل من تتبع مجريات الحملة الانتخابية، إلا أن يتفق مع الإشارة التي قدمتها رايس: بأن الإمبريالية الأمريكية لا يمكنها أن تقدم لا السلام ولا الديمقراطية لمصر وللمنطقة عموما.

 إن نتائج الانتخابات معروفة مسبقا. فحسني مبارك، زعيم الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، البالغ من العمر 77 عاما، والذي ظل في السلطة مدة 24 سنة، سوف يفوز بالانتخابات وبولايته الخامسة على التوالي. كل أجهزة الدولة وكبريات وسائل الإعلام مستنفرة لضمان حدوث ذلك. لقد دعت جماعة الإخوان المسلمين القوية -المحظورة رسميا، والتي تعتبر أقوى مجموعة معارضة- أنصارها إلى المشاركة في الانتخابات دون أن تحدد لمن يمنحون أصواتهم. إلا أنه من الواضح أن أغلبية أنصارها سوف يمنحون أصواتهم لمرشح حزب الوفد المحافظ.

 بينما دعت أحزاب اليسار، المشكلة من التجمع والحزب الناصري، إلى مقاطعة الانتخابات احتجاجا على التضييقات المفروضة على المرشحين المنافسين لمبارك.

 يتنافس مع مبارك تسعة مرشحين، لكن ليس هناك سوى مرشحين اثنين مشهورين ولديهما حظوظ، يتعلق الأمر بأيمن نور، المناضل في المجتمع المدني، البالغ من العمر أربعون سنة، وزعيم حزب الغد، الذي يدافع عن برنامج لبرالي إصلاحي. إنه يدعوا إلى تغيير الدستور حتى يصبح من الممكن تشكيل برلمان ديمقراطي في مصر. كما وعد أيضا بأنه، في حالة انتخابه، سوف يجري انتخابات حرة ونزيهة خلال سنتين وسوف يلغي حالة الطوارئ التي دامت 24 سنة. العديد من المرشحين اشتكوا من المضايقات التي تعرضوا لها على يد أنصار الحزب الوطني. وقد صرح أيمن نور بأن أحد مناصريه تعرض لإطلاق النار، من طرف قوات الشرطة، عندما كان يعلق ملصقات الحزب في أحد ضواحي القاهرة.

 والمرشح الثاني هو نعمان جمعة، البالغ من العمر سبعون سنة، وزعيم حزب الوفد – الذي كان، في الماضي، حزبا مؤيدا للملك فاروق.

 لقد صرحت جمعية القضاة، التي هي جهاز جد محافظ، بأنها سوف تقاطع الانتخابات إذا لم يتم تغيير القوانين لضمان الشفافية واستقلالية القضاة ليتمكنوا من مراقبة جميع مراحل الانتخابات. هذا الواقع لوحده يبين أن الانتخابات سوف يتم تزويرها. وتحت الضغط رضخ مبارك لمطالب القضاة. إلا أنه سوف لن يسمح لحوالي 2000 قاض ممن يعتبرون “نقديين” – رغم أنهم في الواقع لا يعبرون سوى عن انتقادات معتدلة- بالمشاركة في مراقبة مجرى الأمور.

 واشتكت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، من أن كبريات وسائل الإعلام تقف، بشكل واضح، إلى جانب مبارك في الهجوم على منافسيه. وبالرغم من الضغوطات الأمريكية، رفض مبارك حضور مراقبين دوليين للإشراف على سير الانتخابات، إذ لن يتم السماح سوى لملاحظين محليين، عدد منهم أعضاء في المنظمات الغير الحكومية، بمراقبة سير الانتخابات داخل مراكز الاقتراع. لقد كانت الانتخابات في الماضي تشهد حالات من التلاعب بالأصوات والترهيب داخل مراكز الاقتراع.

 إضافة إلى هذا، يتخوف العديد من الناس من أن تقوم الحكومة بإعادة فرض حالة الطوارئ التي استمرت طيلة 24 سنة، بمبرر “الحيلولة دون وقوع هجمات إرهابية”، من قبيل الهجمات التي حدثت في شرم الشيخ، شهر جويلية الماضي.

 لقد تركزت وعود مبارك على الجانب الاقتصادي. وفي الوقت الذي يتوقع نمو الدخل القومي بـ 5%، فإن الأغنياء وحدهم هم من سوف يستفيدون من ذلك. لقد وعد القائد العظيم بخلق أربعة ملايين منصب شغل، وبالرفع من الأجور بـ 74%- 100%، كما وعد بتوفير السكن الاقتصادي لنصف مليون أسرة، و3.500 مدرسة جديدة وبتشييد 500 قنطرة جديدة و12.000 كلم من الطرق.

إن كل من يؤمن بحكاية سندريلا، مدعو لتصديق حكاية أن الأوضاع، وبعد 24 سنة من الإهمال، سوف تتغير بشكل مفاجئ.

 معدل البطالة، حسب الأرقام الرسمية يصل إلى 9,3%، لكن الواقع هو أن الرقم يتجاوز 20%. وحسب المصادر الحكومية، يعيش ربع الساكنة بدولارين، أو أقل، يوميا. لكن في الواقع، يحصل هؤلاء الذين يعتبرون غير محتاجين لدعم الدولة، على 26 دولار شهريا، أي أقل من دولار واحد في اليوم. في العديد من البلدان لست مجبرا على دفع المال لأعضاء البرلمان لكي تحصل على منصب شغل، لكن في ظل “الديمقراطية” المصرية، يجبر المرء على تقديم رشوة للبرلماني لكي يحصل على عمل. وعلى سبيل المثال، يكلف الحصول على عمل في شركة الكهرباء 400 دولار.

 في مصر، ليست الانتخابات مزورة فحسب، بل لا يوجد هناك أي حزب يمكن للعمال والفقراء أن يصوتوا عليه. إن الاضطرابات في الشرق الأوسط سوف تتفاقم، ليس فقط بفعل الاحتلال الإمبريالي للعراق، بل كذلك بسبب الاحتلال الإسرائيلي المقيت. وحكومة مبارك تدعم شارون، رئيس المناطق المحتلة، ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الديمقراطية. هناك العديد من التحولات تجري في الشرق الأوسط، لكن التحول الأكثر أهمية هو ذلك الذي يحدث في وعي الجماهير. وليست المسألة سوى مسألة وقت فقط، حتى يعبر هذا التحول عن نفسه على شكل نضالات عارمة.

يوسي شوارتز – القدس
الثلاثاء 06 سبتمبر 2005

العنوان الأصلي للنص بالإنجليزية:

Imperialist style elections in Egypt

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *