بعد النجاح الكبير جدا الذي عرفه المؤتمر الأممي، السنة الماضية، نظم التيار الماركسي الأممي (The International Marxist Tendency)، جامعة عالمية في برشلونة خلال هذا الصيف. إن طبيعة المُجتمِعين كانت مختلفة عن السنة الماضية. إذ باعتبارها جامعة، كانت تستهدف الرفاق الجدد، الأصغر سنا الذين التحقوا بالتيار خلال المرحلة الأخيرة.
إنها مهمتنا أن نكسب الشباب ونكونهم على أرضية التقاليد والطرق والأفكار الماركسية. وبهذا المعنى، يصبح نجاح الجامعة مراكمة للمستقبل. وعلى النقيض من الفكرة التي تنشرها وسائل الإعلام البرجوازية – والتي يردد صداها الإصلاحيون داخل الحركة العمالية- التي تقول أن الشباب لا يهتم بالسياسة، نجد هنا شبابا مهتما، متعطشا للمسائل النظرية وراغبا في فهم العالم الذي نعيش فيه، ومهتما- وهذا هو الأهم- بمعرفة كيف يمكن تغييره.
إن المشاعر التي سادت بين المجتمعين، كانت مشاعر التفاؤل والحماس. إن هذا يعكس، من جهة، التغيير في الشروط الموضوعية. إذ يمكن للرفاق أن يلمسوا، في كل مكان، التحولات التي تحصل داخل الحركة العمالية والشباب. وإلى جانب هذا، هناك النجاحات التي يحققها التيار الماركسي في عدة أجزاء من العالم، وخاصة في فنزويلا.
لقد حضر أزَْيد من 250 رفيق من جميع أنحاء العالم، من: كندا، الولايات المتحدة، المكسيك، فنزويلا، الأرجنتين، البرازيل، تونس، ليبيا، إسرائيل، إيران، باكستان، روسيا، بولندا، اليونان، إيطاليا، النمسا، سويسرا، ألمانيا، بلجيكا، الدنمارك، السويد، النرويج، فرنسا، إسبانيا، بريطانيا وايرلندا. ولقد واجهتنا، كما العادة، مشاكل في تلقي زيارات من رفاقنا في العديد من البلدان الأخرى، سواء لأسباب مادية أو لصعوبات في الحصول على التأشيرة. يتعلق الأمر بالرفاق من البيرو، كوبا، نيجيريا، المغرب، سريلانكا، أفغانستان، تركيا، صربيا، سلوفينيا، مقدونيا، قبرص، الهند وأستراليا.
سوف نحاول وسنعمل على تفصيل ما تم نقاشه خلال الجامعة، عبر نشرنا، فيما بعد، لأهم الخطب التي ألقيت. أما الآن فسوف نقتصر على إعطاء نظرة عامة عن مجريات الأحداث. لقد افتتح الرفيق آلان وودز اليوم الأول للجامعة بخطاب عن الوضع العالمي. وقد ركز بالخصوص على الوضع في أمريكا اللاتينية، مع إعطاء اهتمام خاص بالأحداث الجارية في فنزويلا. لقد أشار إلى أن الثورة التي تنضج في فنزويلا، سوف تكون مفتاح الثورة في أمريكا اللاتينية والثورة العالمية.
خلال اليوم التالي، قدم الرفيق فيل متشينسون،عرضا عن ايرلندا كنا قد نشرناه على موقعنا: WWW.MARXIST.COM، تحت عنوان: “Socialisme and the long struggle for Irish freedom” (30 غشت 2005). وقد أُغني النقاش بمداخلة أحد الرفاق من الحزب الاشتراكي الجمهوري الايرلندي (ح، إ، ج، ا). في الواقع، حضر معنا ممثلان عن (ح، إ، ج، ا)، واحد من الشمال والآخر من الجنوب. إن هذا يؤكد التعاون الدائم الموجود بين هذا الحزب وبين تيارنا الأممي، وهما اللذان توصلا إلى نفس الخلاصات بخصوص العديد من المسائل الهامة، الشيء الذي نتمنى له أن يستمر.
تلا هذا، نقاش شيق مع الرفاق ريكاردو غالينديز وميغيل كامبوس، حول الوضع في فنزويلا، حيث قدما نظرة عن الشروط الموضوعية وكذا عن عمل التيار الماركسي الثوري، الذي يتبنى ويدافع عن أفكار التيار الماركسي الأممي في ذلك البلد. جميع الحاضرين تحمسوا لسماع كل من أخبار التطورات الثورية التي تحدث في فنزويلا وأخبار للعمل الناجح الذي يقوم به الماركسيون هناك.
لقد كان الرفيق فيكتور ريوس (Victor Rios)، حاضرا بدوره. كان قد وصل للتو من فنزويلا وجاء مباشرة إلى الجامعة للالتقاء بالرفاق. إن فيكتور ريوس مناضل محنك من صفوف الحركة الشيوعية الكطلانية والاسبانية. وقد كان أيضا قائدا لليسار الموحد (Izquierda Unida). إنه مثقف يساري بارز، يدرس في جامعة برشلونة ويشغل حاليا مهمة مستشار للرئيس تشافيز في كاراكاس. منذ مدة وهو يتتبع أدبياتنا بشكل وثيق، وقد توصل إلى بعض الخلاصات الجد هامة. لقد التقى بآلان وودز في كارابوبو (Carabobo) في فنزويلا، كما أنهما شاركا، سنة 1973، في نفس المظاهرة العمالية التي عرفتها برشلونة، في ظل دكتاتورية فرانكو، دون أن يتعرفا على بعضهما آنذاك!
لقد ألقى خطابا جد هام، حول الأحداث في فنزويلا، طرح خلاله بعض الملاحظات الهامة والتي على رأسها اعترافه بأن هناك ثورة تتطور في هذا البلد الحاسم في أمريكا اللاتينية. ونعتقد أنه من المفيد أن نسوق استشهادا مطولا لما قاله الرفيق فيكتور ريوس:
فيكتور ريوس يتحدث عن فنزويلا:
«أشكركم على دعوتي للمشاركة معكم. وأتوجه بالشكر الخاص لصديقي ألان وودز. لقد أسعدني كثيرا جدا أن نلتقي بعضنا البعض، مرة أخرى. إننا في فنزويلا، نناضل معا للدفاع عن نفس الأفكار والمواقف الرئيسية فيما يخص الثورة في فنزويلا وأمريكا اللاتينية عموما.
«إن هذه ليست مجرد مصادفة. إذ عندما نتقاسم نظرية ماركسية مبدئية، حية، نقدية، متفتحة وغير دغمائية، يصير من السهل فهم بعضنا البعض. إنني أعتقد أن التيار الذي تمثلونه، هو الذي يقدم الماركسية التي نحتاج إليها، أي البوصلة للتدخل في السيرورة الثورية. لدينا في فنزويلا صيرورة ثورية، وأود أن أعترف بأن العمل الذي يقوم به رفاقكم في فنزويلا (سواء كانوا فنزويليين أو غير فنزويليين)، عمل هام في ظل الوضعية المعقدة الحالية.
«إنني أتفق معكم جميعا في القول بأن هناك ثورة تتطور في فنزويلا. أشير إلى هذا لأن هناك العديد ممن تاهوا بسبب أن ما يحدث لا يتوافق مع تصورهم المسبق لما يجب على الثورة أن تكون عليه. إنني أتفق مع التحاليل التي تقدم على صفحات (EL Militante)، بخصوص الثورة، ومن ثم لن أتطرق لهذا الموضوع، إذ يمكنكم أن تطلعوا عليه بأنفسكم. ماذا يمكنني أن أضيف إذن؟ ليس الكثير! لكنني أريد أن أثير انتباهكم إلى التناقضين/ المفارقتين اللتان تتطوران وستستمران في الوجود، على الأقل حتى حدود ديسمبر 2006.
على الجبهة الدولية: بقدر ما ترسخ الثورة البوليفارية نفسها في أمريكا اللاتينية، وبقدر ما تعجز الإمبريالية الأمريكية عن عزل فنزويلا، بقدر ما كان يصير خطر التدخل المباشر أكبر– هذه هي المفارقة- وبقدر ما كانت ناجحة بقدر ما صارت الأوضاع أشد خطورة.
وبقدر ما تعمق تطور الثورة وترسخت في فنزويلا، بقدر ما تزايدت المقاومة من داخ فنزويلا، ليس فقط من جانب الرأسماليين ووسائل الإعلام والأوليغارشية، بل أيضا من طرف هؤلاء الذين يريدون “سياسة تشافيزية بدون تشافيز”.
«هاهي ذي أطروحتي حول الموضوع: من الآن وإلى حدود ديسمبر 2006، سوف تحاول الإمبريالية الأمريكية أن تصفي الثورة، قبل أن تتم إعادة انتخاب تشافيز، خلال ذلك التاريخ، عبر استعمال كل الوسائل الضرورية، لكن خصوصا عبر الاعتماد على القوى الداخلية. لماذا؟ لأربعة أسباب رئيسية. من الواضح أن تشافيز، إذا ما ظل حيا حتى دجنبر 2006، فإنه سوف يفوز بالانتخابات بنسبة ساحقة، بالرغم من تسجيل نسبة عالية للامتناع عن التصويت، خلال الانتخابات الجهوية/ المناطقية، شهر أوت [ 2005] المقبل والانتخابات العامة للولايات في شهر ديسمبر (بالرغم من ذلك سوف تفوز الأحزاب الموالية لتشافيز بأغلبية مريحة).
«سوف يعني هذا:
إعادة تأكيد شرعية تشافيز الديموقراطية بدون لبس – إذ يستطيع الفوز بسهولة – مما سوف يعني ستة سنوات أخرى من حكمه، وهو ما سيجعل من الصعب وصفه كرئيس لا ديموقراطي.
تدعيم السياسات الاجتماعية لستة سنوات أخرى.
تقوية منظمة أوبك والحفاظ على الأسعار العادلة/ العالية للنفط، ستة سنوات أخرى.
اتخاذ المسار الثوري لمضمون اشتراكي.
«هذا هو ما يجعلهم غير قادرين على السماح له بالوصول إلى هذه النقطة. وعليه، يجب علينا أن نكون متأهبين. يجب علينا أن ندعم الصيرورة الحاصلة في فنزويلا، وأن ننظم حملة تضامن دولية قوية، مثل التي نظمها تياركم: (Hands Off Venezuela).
«يجب ألا يخلو هذا التضامن من النقد: إن أفضل دعم يمكن، للماركسيين الثوريين الأمميين، أن يقدموه هو المساهمة في النقاش حول الأفكار: حول أي نوع من الاشتراكية نريد، طبيعة الثورة المنشودة، وأي ماركسية نريد. إن النقاش حول أي نوع من الاشتراكية نريد، ليس نقاشا نظريا فحسب، بل له جانبه العملي. إن هذا النقاش يخاض بشكل جماهيري في فنزويلا. وهناك النضال العملي ضد البيروقراطية والفساد، اللذان يمكنهما أن يدمرا الصيرورة الثورية.
«إن النقاش الدائر حول دور الطبقة العاملة، ليس نقاشا حول وجود الصراع الطبقي من عدمه، إنه مسألة عملية حول كيف ننظم نضال الطبقة العاملة وكيف نطبق التسيير المشترك أو الرقابة.
«النقاش حول دور النقابات، أي نوع من النقابات نريد؟ ما هو دور التعاونيات (8000 تعاونية لا تشغل بشكل صحيح) وكذا القطاع الاقتصادي الغير رسمي (الذي يشكل 50 % من مجمل الاقتصاد)؟ كيف يمكننا بناء نقابات ثورية في شروطنا الحالية؟ إن رفاقكم، ومن بينهم لويس بريمو، الذي هو أحد أصدقائي وأحد أهم المناضلين النقابيين، يشاركون في هذا النقاش الهام.
«ومن بين النقاشات الدائرة، هناك النقاش حول القيادة السياسية لهذه الصيرورة. فمن جهة، لدينا تشافيز الذي يلعب دورا هائلا – وهذا ما لا يمكن التشكيك فيه-. لكن لهذا الدور جوانب إيجابية وجوانب سلبية، كما يعرف جميع الماركسيين الثوريين انطلاقا من التجربة التاريخية.
«ثم هناك الأحزاب البرلمانية التي تدعم تشافيز، أي الكتلة من أجل التغيير، المشكلة من العديد من الأحزاب. إنها تعتبر سندا مهما، لكنها ليست الأكثر أهمية. فقط تيار للصراع الطبقي الثوري هو الذي بإمكانه أن يشكل الضمانة لتعميق الصيرورة الثورية، عبر النضال جنبا إلى جنب مع الجماهير.
«إن جماهير فنزويلا هم أبطال هذه الصيرورة- الصيرورة مفتوحة والعمال يزدادون وعيا يوما عن يوم بالدور القيادي الذي يتوجب عليهم القيام به، إن مستقبل الثورة يحتاج إلى مشاركة جميع القطاعات الثورية- وهذا ما يجعل من الضرورة، على منظمات من قبيل منظمتكم، أن تساهم في هذه الصيرورة.
«هذه بعض مقترحاتي. إن تياركم لديه تقييم رائع للوضع في فنزويلا وأمريكا اللاتينية. وكمجموعة، أنتم تلعبون دورا هاما، وتوازنون، بشكل جيد، بين العقلانية والعاطفة. إلا أننا نريد، أيضا، المساهمة الشخصية للمناضلين- إنني أدعوكم إلى المجيء إلى فنزويلا لمساعدة الثورة- ابعثوا رفاقكم لكي ينخرطوا، بشكل شخصي، لكي يستنشقوا الحياة الجديدة في الممارسة، ويتعلموا ويستفيدوا من الممارسة.إن الاشتراكية ممكنة، يمكننا أن نغير العالم وسوف نبين ذلك في فنزويلا!»
وبعد أن انتهى الرفيق ريوس من خطابه، قدم آلان وودز التعليق التالي: «لقد كانت هذه مداخلة متميزة. إنها تجعلنا نحس بالثورة. إن فيكتور ماركسي قح – إنه مستشار تشافيز- وليس من الصدفة أن نجده اليوم بيننا. معا، وعبر العمل والمجهود الثوري الموحد- وعبر التضحيات- التي يقدمها كل واحد منا، سوف يتمكن التيار الماركسي الأممي، من أن يصنع تحولا كبيرا في التاريخ. هذا هو جوهر النقاش.»
بعد هذا انقسم الحاضرون إلى عدد من اللجينات حول المواضيع التالية: البيرونية والثورة الأرجنتينية، ثورة 1905 الروسية، الثورة الفرنسية، الماركسية والولايات المتحدة الأمريكية، الرقابة العمالية والتأميم، الثورة الصينية لسنوات 1926-27 و1949، حملة (Hands Off Venezuela)، باكستان، المكسيك، إيطاليا، الحرب العالمية الثانية والحرب الفيتنامية. كما كانت هناك جلسة عامة حول الوضع في كوبا، مع عرض ألقاه الرفيق خورخي مارتين.
شدد الرفيق خورخي على أن الثورة الكوبية في خطر، وعلى أن مهمة الماركسيين عالميا الدفاع عنها ضد الغزو الإمبريالي. وأشاد بالنقاش الدائر في كوبا وشرح كيف أن أفضل طريقة للدفاع عن الثورة الكوبية، هي إنجاز ثورة اشتراكية في كل أمريكا اللاتينية، بدءا بفنزويلا.
خلال اليوم الأخير، انعقدت جلسة عامة أخرى حول الصين اليوم، حيث دار نقاش جد هام عن ما الذي يحدث حقيقة في هذا البلد الهام. وسوف ننشر لاحقا أدبيات مبنية على أساس الخلاصات التي تم التوصل إليها في هذا النقاش. لكن يمكننا الآن أن نقول، بشكل مختصر، أن النقاش تطرق للصيرورة التي تحدث في الصين، التي هي، ومنذ عدة سنوات الآن، صيرورة للتحول نحو الرأسمالية. وخلال المرحلة الأخيرة، صار واضحا أن القطاع الرأسمالي، قد صار هو القطاع الرئيسي في الاقتصاد. وبالرغم من استمرار وجود قطاعات اقتصادية مهمة، مسيرة من طرف الدولة، إلا أنها لم تعد القطاعات المسيطرة، كما أن مسلسل الخوصصة قد تسرعت وثيرته بشكل أكبر. إن هذا يشكل تحولا نوعيا في الأوضاع، وهو ما يتوجب على الماركسيين أخذه بعين الاعتبار، خلال المرحلة المقبلة.
عمل التيار الماركسي الأممي
في ختام جلسات الجامعة، تم أيضا تقديم نظرة عامة عن العمل الذي قام به رفاقنا وأنصارنا، في مختلف أنحاء العالم. وقد أشاد التقرير بالتطور الهائل الذي حققناه خلال العقد الماضي. لقد مرت الآن عشرة سنوات منذ أصدرنا كتاب “Reason in Revolt” (عقل في ثورة) من تأليف آلان وودز وتيد غرانت. لقد كتب هذا الكتاب في وقت كانت المعنويات، داخل الحركة العمالية، في الحضيض. وفي العديد من البلدان كانت الطبقة العاملة قد تعرضت لسلسلة من الهزائم، وكان معدل الإضرابات منخفضا بشكل قلما شهده التاريخ. لقد كان اليأس هو الشعور السائد بين صفوف العديد من مناضلي الحركة العمالية. لكن وفي الوقت نفسه، كان العديد من أكثر العمال والشباب وعيا وقدرة على التفكير، يبحثون عن مخرج. لقد كانوا يبحثون عن تفسير نظري لما كان يحدث حولهم. لهذا قررنا أن نكرس الوقت والطاقة لإنتاج ذلك الكتاب المتميز. ومنذ تلك اللحظة عملنا على نشره عدة مرات. إن هذا المؤلف قد جعل منا مرجعا هاما للعمال والشباب في أرجاء العالم.
وقد صار موقعنا على الانترنت: الدفاع عن الماركسية (WWW.MARXIST.COM)، بدوره مرجعا أساسيا لكل من يبحث عن الأفكار الماركسية الحقة. إذ فيه يمكنهم أن يجدوا عددا هائلا من المقالات المتنوعة، بدءا من التقارير عن النضال اليومي الذي يخوضه العمال في مختلف البلدان، وصولا إلى التحليل العميق لجميع القضايا الرئيسية التي تواجه الطبقة العاملة، من الثورة في أمريكا اللاتينية، إلى الاقتصاد العالمي، إلى القضية القومية، الخ.
إلا أن عملنا لم يقتصر فقط على الدفاع عن الأفكار الماركسية الأساسية وتعميقها. بل نحن منخرطون بشكل نشيط في عملية بناء القوى الماركسية عبر العالم، وقد حققنا في هذا المجال الكثير مما نعتز به. ففي العديد من البلدان، وبعد أن انطلقنا، أحيانا، من عدد ضئيل، تمكننا من توسيع مجال تأثيرنا واستقطبنا فئات جديدة للأفكار الماركسية الثورية.
إن المثال الأبرز عن هذا هو العمل الذي قام به الرفاق في: Struggle The، في الباكستان. إذ وبعد أن بدأوا كمجرد مجموعة صغيرة من المنفيين خلال الثمانينيات، تمكنوا من بناء تيار لديه الآن أنصار في جميع أقاليم الباكستان، من كل الجماعات العرقية، في أهم النقابات ولديهم أيضا قاعدة قوية بين الشباب.
ويلاقون نجاحا خاصا، في كشمير، المقسمة بين الباكستان والهند، مما يبين أن امتلاك مقاربة صحيحة للقضية القومية، يمكن من الحصول على أفضل النتائج. لقد تمكنوا من القيام بهذا العمل في ظل شروط موضوعية جد صعبة، مما يعطي الدليل على أن مسألة بناء القوى الماركسية، ليس رهينا حصرا بالشروط الموضوعية. إنها مسألة امتلاك العزيمة والحماس والديناميكية والبحث بشكل ماهر عن أين نوظف قوانا. إنهم بعملهم هذا، تمكنوا من التحول إلى أقوى وأهم مجموعة ماركسية في تاريخ الباكستان.
إن صدى نجاحهم يتردد في كل شبه القارة الهندية، حيث يسعى العديد من أفضل مناضلي الحركة العمالية، إلى الإقتداء بمثالهم، من الهند حتى سريلانكا والبنغلاديش.
مثال آخر عن النجاح الكبير، هو مثال الماركسيين الإيطاليين، أعضاء (Falce Martello). الذين، خلال بداية هذه السنة، شاركوا في مؤتمر حزب (Rifondazione Comunista)، حيث حاولت القيادة أن تقوم بانحراف قوي نحو اليمين، مقتربين من برودي) (Prodi، ومن يسار الوسط. تم تقديم خمسة وثائق للمؤتمر. ولكي يتم قبول وثائقهم كان على الماركسيين أن يجمعوا توقيع 500 عضو. فجمعوا حوالي 800. لقد هيئوا للتدخل في أغلب فروع الحزب في المؤتمر. ونتيجة لذلك تمكنوا من مد نفوذهم إلى عدة قطاعات جديدة، إلى حيث لم يكن لهم، من قبل، أي مناصر من داخل الحزب. وبالرغم من أنهم لا يزالون أقلية، بالنظر إلى النسبة التي حققوها في المؤتمر، فإنهم كانوا جزءا هاما في النقاش، كما أن العديد من مناضلي الحزب كانوا ينصتون باهتمام إلى ما كان رفاقنا يقولونه. في المرحلة المقبلة، ومع تحول قيادة الحزب نحو اليمين، سوف يكون رفاقنا مستعدين لتحقيق أكبر النجاحات والتحول إلى معارضة ماركسية حقيقية داخل الحزب.
في أمريكا اللاتينية هناك عمل التيار الماركسي الثوري (CMR)، الذي صارت له أهميته الخاصة. لقد بدأنا عملنا هناك، بمقالات قليلة أثناء انقلاب 2002، وقد وصل تأثيرنا الآن، حدودا لم نكن نتخيلها أبدا. لقد أصبح التيار الماركسي الثوري (ت، م، ث) اليوم، أهم قوة ماركسية ثورية في فنزويلا. وقد لعب دورا حاسما في النضال هناك، كما كان الشأن عليه فيVenepal وCNV. كان (ت، م، ث) التيار الوحيد، في فنزويلا، الذي رفع مطلب تأميم تلك الشركات ووضعها تحت الرقابة العمالية. حينها ضحك علينا العديد من مكونات اليسار، لأنهم اعتقدوا أن تشافيز لن يستجيب مطلقا لهذا المطلب. مما يبين درجة استيعاب هؤلاء للصيرورة التي تجري في فنزويلا.
في أمريكا اللاتينية، نجد كذلك العمل الهام، الذي يقوم به الرفاق المكسيكيين، الذين ظلوا يعملون بحزم، لأكثر من خمسة عشر سنة، لبناء قواهم. لقد قاموا بدور متميز في نضالات الطلاب وبدأوا يطورون قاعدة مهمة في العديد من القطاعات الصناعية الرئيسية. إن تكرار سيناريو- في المكسيك- مشابه لما يحدث في فنزويلا، ليس مسألة متعلقة بالمستقبل البعيد، والرفاق مستعدون جيدا للتحول إلى قوة هامة، عندما يحدث ذلك.
إن واحدا من مظاهر التطور الذي شهدناه، خلال المرحلة السابقة، كان هو تأسيسنا لموقعنا الالكتروني باللغة العربية: (WWW.MARXY.COM). إن هذا الموقع صار يستقطب اهتماما متزايدا في العالم العربي، كما أن كثيرا من المقالات المنشورة فيه، يعاد نشرها في العديد من المواقع العربية الهامة وتتلقى آلاف الزيارات في وقت قصير.
وفي أوروبا علينا أيضا أن نشيد بالعمل الذي يقوم به الماركسيون الإسبان: EL Militante. لقد تمكن هؤلاء الرفاق من أن يجعلوا من أنفسهم القوة الماركسية الوحيدة القادرة على الفعل، في إسبانيا. إنهم الوحيدون، الآن، الذين ينشرون الأدبيات الماركسية في إسبانيا، من خلال مؤسسة فريدريك إنجلز (Frederick Engels Foundation). إنهم مؤسسو نقابة الطلاب الإسبان: Sindicato de estudiantes، النقابة التي صارت المرجع الأساسي للطلاب، كلما انخرطوا في النضال. لقد قادت هذه النقابة إضرابات طلابية حاشدة وتظاهرات شارك فيها أكثر من، 200،000 في مدريد، خلال العديد من المناسبات، من قبيل الحرب على العراق وغيرها.
كما أنهم يشكلون معارضة قوية داخل اليسار الموحد، كما لديهم أيضا قاعدة نقابية هامة، في قطاعات حاسمة من قبيل: بناء السفن، صناعة الصلب، الخدمات الصحية، قطاع البناء، وغيرها. وقاموا أيضا بنشر أفكار تيارنا في أرجاء أمريكا اللاتينية، من المكسيك إلى كوبا إلى فنزويلا والبرازيل والأرجنتين.
وهناك العمل الهام الذي يقوم به الماركسيون في الولايات المتحدة، الذين بدأوا، بالرغم من أنهم لا يزالون في المرحلة الأولى من تطورهم، في مد جذورهم في العديد من مناطق البلاد. لقد عملوا مؤخرا على نشر كتاب آلان وودز : (Marxism and the USA)، الذي سوف يلعب دورا هاما في كسب الجيل الجديد من الماركسيين الأمريكيين. وفي الجهة الأخرى من الحدود، هناك الرفاق الكنديون يقومون، هم أيضا، بعمل هام، كما تبين ذلك المقالات المنشورة في موقعنا.
في بريطانيا، يلعب أنصار: Socialist Appeal، دورا هاما في العديد من النقابات الرئيسية، من قبيل : Amicus، حيث لعبوا دورا في هزيمة الجناح اليميني المتحلق حول الأمين العام السابق، جاكسون. ومؤخرا لعبوا دورا كبيرا في تأسيس حملة: Hands Off Venezuela، داخل الحركة العمالية والنقابية البريطانية، بالتنسيق مع وجوه هامة كعضو البرلمان العمالي، جون ماك دونلMcDonnell) (John، منسق الجناح اليساري داخل الحزب العمالي وتمكنوا من كسب دعم بعض النقابات الرئيسية وقادة نقابيين لتمويل الحملة، بدءا بجيرمي دير Jeremy Dear) (، الأمين العام لنقابة NUJ ومن تم توجهوا إلى نقابات أخرى من قبيل NATFHE، Amicus، GWU & T وغيرها.
سوف يطول الحديث إذا ما أردنا أن نعطي تقريرا مفصلا عن عملنا في بلدان أخرى، لكن يمكننا أن نشيد هنا بالعمل الذي يقوم به الرفاق الفرنسيون، الذين بدأوا يجدون صدى لهم بين صفوف الحزب الشيوعي، أو النفوذ المتزايد للرفاق الأستراليين بين صفوف الشبيبة الاشتراكية وبين الشباب عموما. لدينا رفاقنا، في روسيا، الذين يناضلون في ظل شروط جد صعبة، لكنهم بالرغم من ذلك يمتلكون الموقع الالكتروني اليساري الذي يعرف أعلى نسبة للقراءة، بعد موقع الحزب الشيوعي الروسي.
يمكننا أن نشير لعمل رفاقنا في البلدان الأخرى التي ذكرناها أعلاه، لكن هذا سيتطلب منا كتابا من التفاصيل. إن الصورة العامة لتيارنا هي، كما تمت الإشارة إليه في الجامعة الصيفية، صورة تيار يتزايد تأثيره باستمرار، في كل جهات العالم. في تلك البلدان التي نحن فيها تيار معروف جيدا، نحقق تطورا ملحوظا من وجهة نظر تزايد عدد الأنصار الذين يلتحقون بنا. لكن حتى خارجها، نحن نستقطب اهتمام المناضلين، في بلدان كنا، وإلى حدود اللحظة، لا نمتلك فيها أي صلة.
إن هذا التطور راجع إلى عاملين اثنين: الأول هو التغير السريع في الشروط الموضوعية الذي يحدث في العديد من البلدان، حيث تبحث فئة من المناضلين عن بديل ثوري جدي. والعامل الثاني هو النجاح الذي حققه رفاقنا في البلدان التي لدينا فيها جذور عميقة، من قبيل باكستان، إيطاليا، إسبانيا، فنزويلا، المكسيك وغيرها.
إن الشعور الذي ساد خلال الجامعة، كان هو أننا مُقبلون على إنجاز طفرة عظيمة خلال المرحلة المقبلة، حيث سيبدأ العمل الصبور، الذي قمنا به لمدة عقود، في إعطاء ثماره بسخاء، وعندها سوف نرسي القواعد من أجل بناء حركة أممية، جماهيرية، حقيقية مبنية على أساس الأفكار الماركسية الحقة، أفكار ماركس، إنجلز، لينين وتروتسكي.
فريد وستون
الخميس 15 سبتمبر 2005
عنوان النص بالإنجليزية:
Inspiring 2005 World School of the International Marxist Tendency