الرئيسية / دول العالم / أوروبا / إيطاليا / إيطاليا: ساسولو- نضال “البناية الخضراء” متواصل

إيطاليا: ساسولو- نضال “البناية الخضراء” متواصل

في شهر جوان الماضي وقع طرد 58 عائلة عاملة معظمها من مهاجري شمال إفريقيا بالقوة من منازلهم في ساسولو – شمال ايطاليا – بغرض المضاربة بها في السوق. كانت بعض هذه العائلات تملك هذه المنازل وكان البعض الآخر منها يستأجرها بصفة قانونية. وبفضل مساعدة الماركسيين الإيطاليين تناضل هذه العائلات الآن على نطاق واسع.

مقدمة المترجم:

قام المجلس البلدي المحلي لمدينة ساسولو – مدينة صغيرة في شمال ايطاليا – وهو مجلس يسيطر عليه تحالف يسار الوسط، بطرد 58 عائلة شغيلة من منازلها التي كانت تمتلكها أو تستأجرها قانونيا. إن استعمال فعل “طرد” هنا ليس من المبالغة في شيء: فقد قام 150 من رجال الشرطة من فيالق مختلفة مسلحين بجميع أنواع السلاح ترافقهم طائرة مروحية ب “مساعدة” (هذه العبارة المفضلة لدى رئيس المدينة) العائلات على مغادرة منازلها. كيف حدث كل هذا؟

تمثل ساسولو قطب الصناعة الخزفية وهي جزء من مقاطعة مودينا في منطقة البو، احدى أغنى المقاطعات الإيطالية. وتمكنت قيادة ديمقراطيو اليسار – الشق اليميني للحزب الشيوعي الإيطالي السابق – من ارساء قاعدة واسعة لهم تقوم على بيروقراطييهم السابقين الذين يملكون أو يديرون مشاريع تجارية صغيرة وتعاونيات تجارية (خاصة محلات وشركات بناء)

هذه النقاط الموجزة ولكن المهمة تساعد قارئنا على فهم ما يحدث في ساسولو…

ما يلي ترجمة لمقال سيمونا بولَلّي، رفيقة من إيطاليا، للصحيفة الماركسية الإيطالية “فالشيمارتيلو” – المطرقة والمنجل-

المترجمة: فيليست رتّي


يتواصل مند شهر جوان كفاح مرير ضد الطرد الذي حدث في ما يسمى ب “البناية الخضراء” في ساسولو بمقاطعة مودينا. كانت تسكن هناك حوالي 60 عائلة أغلبها من المهاجرين. لقد تم طرد جميعها بالقوة في شهر جوان وبرغم احتجاج قوي ضم حوالي ألف شخص في الثاني من جويلية فإنّ المجلس البلدي للمدينة التي يسيطر علية وسط اليسار تشبث بموقفه وقراره المتعجرف. وعرض مبلغ 15000 اورو كتعويض على شقق كان العمال قد دفعوا من أجلها ما يصل إلى 53000 اورو. كما عُرض عليهم استئجار منازل في مكان آخر( مقابل كراء منخفض خلال السنوات الأولى). وقد اعتبر العمال ذلك “صدقة” غير مقبولة. إن هدف المجلس البلدي هو اجبار المالكين على البيع للمجلس لتسنى له بالتالي تدمير كافة المبنى.

و يذهب المجلس البلدي إلى القول بأن هناك دين متخلد بقيمة 170 ألف اورو (و لكن ألم يكن الحديث في جوان عن مبلغ 250 ألف اورو؟) هو تكلفة الإجراءات الإدارية والكهرباء والماء والتدفئة. ويجدر الإشارة هنا أنه قبل بضع سنوات قام المشرف على المبنى بالهروب ب 150 مليون ليرة (حوالي 75000 اورو) كان قد دفعها المتساكنين وعلاوة عن ذلك فقد “ورث” عديد المتساكنين ديون المتساكنين السابقين بدون أن يقع اعلامهم بذلك.

و يطالب المجلس البلدي اليوم بأن يقع حذف هذه الديون من اموال التعويض وذلك بدون تقديم تفسير عن أسباب تواصل الديون القديمة. ويقول المجلس البلدي بكل بساطة بأن أحد ما عليه تسديد تلك الديون ويقع احترام القانون. هذا القانون الذي لا يعير اهتماما للمشاكل المالية لهذه العائلات ويترك آلاف العمال بدون مال كاف للعيش. وكما لو كان ذلك غير كاف، فإن تحرش المجلس البلدي يذهب إلى حد مطالبة الأسر المطرودة بدفع تكاليف عملية الطرد البوليسي التي تبلغ: 200،000 اورو! فكم سيبقى من اﻠ 15000، الذي هو مبلغ التعويض !

يقول العمدة أن المجلس البلدي سيقوم بتغيير الاستعمال الرسمي للأرض التي يقوم عليها المبنى في منطقة البرايدا من ساسولو. وفي نفس الوقت خصصت فنداسيونا كاسا دي ريسبارميو (مؤسسة دار الادخار البنكية) مبلغ 540،000 اورو لأجل مشروع باهر: “تجاوز حالة طوارئ البرايدا”. وبما أننا لسنا بالحديث عن مؤسسة خيرية، ما هو إذن الربح الذي ستحققه هذه المؤسسة والبنوك الأخرى المرتبطة بالمشروع؟

إثر المظاهرة الناجحة للثاني من جويلية، تكونت “لجنة كاسا سان بياترو” (وهو نفس اسم الشارع الذي يقع فيه مبنى الشقق) لتواصل النضال على جبهات مختلفة. ويتمثل الهدف الأول للجنة في ابلاغ العمال والمنظمات العمالية وحملهم على الالتحاق بالنضال. اذ قام نشطون بتوزيع بيانات خارج المصانع والمقاهي والمحلات التجارية داعين الناس إلى حضور الاجتماع العام الذي خطب فيه بيفانتي، السكرتير الجهوي للكونفدرالية العامة للعمال الإيطاليين بمودينا (أكبر النقابات الإيطالية وذات التوجه اليساري). وقاموا كذلك بالتدخل في اجتماع عام للفرع المحلي لديمقراطيي اليسار في ساسولو وتوجهوا بالنداء إلى قواعد الحزب مندّدين بسياسة القيادة ضد العمال القاطنين في ” البناية الخضراء”.

في الخامس عشر من جويلية تم عقد أول اجتماع للجنة في ساسولو وذلك بمساعدة من الفرع المحلي للحزب الشيوعي. وحضر الاجتماع أكثر من 100 شخص من ضمنهم عمال وممثلو نقابات وممثلون عن الكونفدرالية العامة للعمال في إيطاليا وقياديون محليون للحزب الشيوعي. وأوضح رفاق من اللجنة انهم يريدون الدخول إلى البناية والقيام بأعمال ترميم. وفي الوقت الذي نكتب فيه هذا المقال، قمنا عبر محاميين بالتوجه بنداء إلى المحكمة القضائية بالجهة طالبين بإسقاط قرار الطرد. وقد تم دعم هذا النداء بدراسة مضادة قام بها مهندس مدني من نقابة المستأجرين وتبين ان المبنى ليس على وشك الانهيار وبالإمكان تجديده.

و خلال اجتماع 15 جويلية بينت قيادة الكونفدرالية العامة للعمال وجزء من الحزب الشيوعي أن الكفاح من أجل العودة إلى المبنى يعني المساهمة في تكريس انعزال المهاجرين في أحياء خاصة بهم. للأسف، إنّ هذه هي نفس الحجج التي تقدم بها المجلس البلدي كذريعة لعملية الطرد. تبدو عبارة “الاندماج” ذات ايقاع جميل، إلاّ أنه علينا مواجهة الواقع. فعندما يكون العمل في مصانع وفي ظروف تعيسة ويكون العامل فيها مجبورا على القبول بأجر يقلّ عن الأجر الأدنى وذلك بفضل قانون بوسي- فيني لابتزاز المهاجرين، وبإمكان الشرطة دخول البيت في أية لحظة بدون سبب محدد، فإنّ الاندماج الحقيقي والوحيد هو التّوحد مع الطبقة العاملة الإيطالية لمحاربة هذا التعسف. ولدى النقابات وحزبنا – الحزب الشيوعي الإيطالي – الواجب الأخلاقي لمدّ المساعدة غير المشروطة للجنة سان بياترو. وقد قمنا على الفور بتوجيه نداءاتنا لتنظيم اجتماعات بالعمال وممثلي النقابات لرفع النقاب عن المصالح الاقتصادية للبنوك وشركات البناء في عملية الطرد هذه.

ففي الثامن عشر من جويلية انتظم في فيورانو اجتماعا حولة مسألة السكن وجمع كافة ممثلي الكونفدرالية العامة للعمال بساسولو. وقام ثلاثة من النقابيين، والذين هم في نفس الوقت اعضاء في لجنة سان بياترو، بالتخل موضحين العلاقة بين الأزمة الاقتصادية، التسريحات، التقليص في النفقات الاجتماعية وحاجة أرباب العمل إلى شق صفوف العمال على أسس قومية ودينية.

فاليوم الهجوم موجه ضد المهاجرين بما أنهم معزولين ومن السهل ابتزازهم. غدا سكون الدور على العمال الإيطاليين. وهذه الاجتماعات يجب ان تكون نقطة البداية لتعميم النضال من اجل الحق في السكن وبناء ما يكفي من منازل عمومية وتحديد سعر كراء معقول وعادل. ويعلم الجميع من أين يمكن الحصول على المال، من الملايين من الأرباح التي جمعها أرباب العمل من كدنا وعرقنا. فباسم تلك الأرباح يطالبنا أصحاب العمل بدفع كراء مجحف وتسديد قروض كبيرة. ونعتقد أنّ تنظيم اضرابا عاما جهويا تدعو له الكونفدرالية العامة للعمل من أجل الحق في السكن سيكون خطوة كبرى إلى الأمام.

و في كثير من الحالات وعندما لا يروا أمامهم مخرجا، فإنّ العمال يقبلون بكباش فداء يتقدم بها أصحاب العمل لتبرير كافة حالات الظلم التي نعيشها. ففي ساسوولو فإنّ تحالف يسار الوسط نفسه يغذي الحقد وأبغض أنواع التعرض ضد المهاجرين. ويستعمل المجلس البلدي الجرائم الصغيرة ورواج المخدرات (هي نفسها مردّها الفقر وتعفّن النظام الرأسمالي) لتحريض العمال الإيطاليين ضد العمال الأجانب. مستعملا هذه الحجج، قام المجلس البلدي بطرد أسر بأكملها من منازلها قائلا بأن تلك هي أفضل وسيلة للقضاء على الجريمة الصغيرة في مقاطعة البرايدا….ما هذه سوى أكاذيب طبعا! فمُرِوّجي المخدرات حول البناء الأخضر، والذين لم يواجهوا البوليس أبدا، قد حولوا تحركهم 50 مترا بعيدا عن البناء لينشطوا حول شُقق أخرى هي الأخرى مهددة بالإخلاء.

و شيئا فشيئا بدأ ديمقراطيو اليسار بفقدان التحكم في الأمر. فخلال الاجتماع الأخير للمجلس البلدي قام الجمع الحاضر من متساكني ساسوولو الغاضبين بشتم تحالف يسار الوسط بعد ان أعلن العمدة في البداية عن اقتراح بناء منازل عمومية في الحي العمالي رومتّا ولكنه تراجع في اقتراحه بعد ذلك. فقد كانت تروج اشاعة مفادها امكانية سكن العائلات المطرودة في هذه المنازل، وهو ما زاد في حنق الأهالي. وبطبيعة الحال ما انفكت رابطة الشمال والتحالف الوطني، وهما حزبان يمينيان، عن محاولة استغلال الاحتجاج لصالحهما. ويتمثل الدرس الذي يجب استخلاصه هنا كالآتي: فإن كان ما تريده أحزاب اليسار هو منح حقوق المهاجرين عن طريق افتكاكها من الإيطاليين والعكس بالعكس فإنها بذلك تسلم رضى الطبقة العاملة إلى هذه الأحزاب في طبق من ذهب.

خلال هذا المسار الكفاحي أُجبر الحزب الشيوعي على سحب دعمه لتحالف يسار الوسط في المجلس البلدي وهو ما زاد في قوة الاحتجاج. وتعبر نداءات العمدة وقيادة ديمقراطيو اليسار إلى الحزب الشيوعي بالعودة إلى التحالف عن الصعوبات التي يواجهونها. وتكشف كذلك أنّ لديهم برنامجهم الخاص. فهم يريدون الحزب الشيوعي ان يكون جزء من التحالف بهدف ايجاد غطاء يساري لهجوماتهم ضد العمال.

و لدينا تطور ايجابي مفاده أنّ عضو البرلمان من الحزب الشيوعي مالاباربا عبّر عن استعداده لفتح الموضوع في البرلمان وأنّ زعيم مجموعة الحزب الشيوعي في المجلس الجهوي لايميليا رومانيا سيقوم بنفس الشيء هناك وهو يساند أيضا النضال الجاري ومطالب لجنة سان بياترو. كما هو الحال أيضا بالنسبة للحزب الشيوعي في بولونيا.

لقد قررنا اضافة تحرك قانوني لنضالنا برغم وعينا بواقع عدم استقلال القضاء عن أولئك الذي يمتلكون السلطة الاقتصادية والسياسية. فمساعدة المحام الذي قام بتحليل الادعاءات الكاذبة من لدن العمدة والكشف عن المناورات الإدارية للمجلس البلدي ومساندتنا في تقديم ندائنا إلى المحاكم قد لعب دورا كبيرا في المحافظة على وحدة نضالنا.

لقد واجهتنا أوقات صعبة. فقد جمع المجلس البلدي بين الطرق البوليسية ومحاولات خداع المشاركين في النضال. فقد تم الاتصال الفردي بأشخاص لمنحهم منازل ولكن بدون عقد كتابي. وفي نفس الوقت تم استعمال وسائل قمعية. فقد واصل البوليس تهديداته للمهاجرين المشاركين في النضال ملوحا بأنه سيكون من العسير عليهم تجديد عقود عملهم. ويقوم المجلس البلدي بسلوك نفس المنهج في ما يتعلق برخص الإقامة. فخلال أحد اجتماعاتنا، قام اثنين من رجال الشرطة بإيقاف أحد رفاقنا عن الكلام – فقد كان على وشك الحديث باللغة العربية – وطُلب منه الاستظهار بالتأشيرة. وقد ازدادت أيضا مراقبة البوليس لمراكز الهاتف. وما كان من العمال إلاّ بالردّ بمزيد من الإصرار مؤمنين بشرعية قضيتهم.

نحن نرفع النداء إلى النقابات والحزب الشيوعي وكافة اليسار بالالتحاق بنا بموقف نضالي في كفاحنا والمشاركة في مظاهرة 8 أكتوبر في ساسوولو. ستنطلق المظاهرة من امام 6 شارع سان بياترو على الساعة الثالثة. ولمزيد المعلومات الرجاء زيارة موقع:  Italian Marxists

سيمونا بوللّي
ترجمة: فيليست رتّي
الخميس 15 سبتمبر 2005

مترجم عن الايطالية:

Sassuolo: Continua la lotta del “Palazzo Verde”

14 سبتمبر 2005

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *