مقال الرفيق روبيرتو سارتي، القيادي في الفرع الايطالي للتيار الماركسي الأممي، الذي نشرنا ترجمته العربية في العدد السابع لمجلتنا “الشيوعية والحرية”. في هذا المقال يشرح الرفيق روبيرتو سارتي الخلافات والأخطاء السياسية التي شابت السنوات الأولى للحزب الشيوعي الإيطالي. كان مؤتمر ليون، عام 1926، تتويجا للطبيعة المتناقضة للحزب الشيوعي الإيطالي -التي تفاقمت بسبب الانحطاط البيروقراطي للأممية الثالثة- مما ساهم بشكل مأساوي في هزيمة الشيوعيين الإيطاليين، إلى جانب بقية الحركة العمالية، على أيدي الفاشية.
كانت السنوات الأولى للحزب الشيوعي الإيطالي، الذي نشأ عن انقسام الحزب الاشتراكي الإيطالي، في ليفورنو عام 1921، (بعد أن لعبت قيادة الحزب الاشتراكي، قبل ذلك ببضعة أشهر، دورا خيانيا خلال نضالات احتلال المصانع)، صعبة جدا. كان على هذا الحزب الشاب وعديم الخبرة أن يواجه تحديات لم يسبق لها مثيل بالنسبة للحركة الشيوعية: كيفية محاربة الفاشية -التي كانت ظاهرة رجعية غير مألوفة- وكيفية التعامل مع الأممية الشيوعية (التي تم تحديد توجهها الاستراتيجي والتكتيكي خلال المؤتمرين الثالث والرابع، والذي لم يكن الحزب الشاب يتفق معه) التي تعرضت بعد ذلك بوقت قصير لنفس سيرورة الانحطاط البيروقراطي التي كان يعرفها الحزب الرائد داخل الأممية، أي الحزب الشيوعي الروسي.
كان الحزب الذي تأسس في ليفورنو تحت هيمنة أفكار أماديو بورديغا (13 يونيو 1889 – 23 يوليوز 1970) (الذي كان مؤسس الحزب الشيوعي الايطالي وزعيمه). لعب بورديغا دورا رئيسيا في تنظيم الجناح الثوري الأكثر راديكالية داخل الحزب الاشتراكي الإيطالي، وبالتالي كان يتمتع بسلطة كبيرة داخل صفوف الحزب الجديد. لكن وعلى الرغم من أنه كان ثوريا عظيما، فإنه تبنى مع الأسف موقفا يساريا متطرفا ورفض تكتيك الجبهة الموحدة الذي نصحته به قيادة الأممية الشيوعية.
لقد كان الأكثر تصميما في التحضير للانفصال عن الحزب الاشتراكي الإيطالي. وقد نجح في توحيد التيار الشيوعي اليساري في ميلانو (مع قائديه الرئيسيين فورتيشياري وريبوسي، ومجموعة من الوسطيين الراديكاليين المتحلقين حول جيناري، ومجموعة النظام الجديد) حول نفسه وفصيله، ممثلا بجريدة ”السوفييت” . كان غرامشي وتيراسيني في اللجنة المركزية منذ البداية.
لكن الانقسام، على الرغم من أنه ضروري، لم يحل من تلقاء نفسه مشكلة بناء قيادة ثورية في إيطاليا، إذ لم يعمل سوى على إيجاد الأساس الذي يمكن البناء عليه.
المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي الايطالي
لم تكن النقاشات داخل الكومنترن، ولا سيما الجدال حول صحة تكتيك الجبهة الموحدة كوسيلة لكسب قواعد الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، مجرد خلاف نظري فضفاض، بل كانت له عواقب عملية هامة للغاية، كما اتضح بشكل مأساوي في إيطاليا آنذاك.
عبر المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي الإيطالي، الذي عقد في روما في مارس 1922، عن جوهر الفكر البورديغي: رفض أي شكل من أشكال التعاون مع الاشتراكية الديموقراطية ورفض تبني شعار “من أجل حكومة عمالية”. لم يقبل الشيوعيون الإيطاليون بتكتيك الجبهة الموحدة إلا في مجال النضال النقابي: كانوا يقبلون العمل مع داراغونا (زعيم نقابة CGL) لكنهم رفضوا العمل مع توراتي (زعيم الجناح اليميني داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الإيطالي).
وفيما يتعلق بالمنظورات السياسية، فقد رأى الحزب الشيوعي الإيطالي في الأفق انفتاح مرحلة اشتراكية ديمقراطية في إيطاليا. اعتقدوا أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيجمع كل الأحزاب الأخرى في حكومة وحدة وطنية. وقد اتفقت الغالبية العظمى من قيادة الحزب على هذا المنظور. انظروا إلى هذه الكلمات التي كتبها غرامشي:
«ستحدث نفس السيرورة في إيطاليا كما في بقية البلدان الرأسمالية الأخرى. حيث سيتشكل ضد تقدم الطبقة العاملة تحالف بين جميع العناصر الرجعية من الفاشيين إلى الحزب الشعبي والاشتراكيين، بل إن الاشتراكيين سيصبحون في الواقع طليعة الردة الرجعية المعادية للبروليتاريا لأنهم يعرفون بشكل أفضل نقاط ضعف الطبقة العاملة»[1].
يجب الاعتراف، كما فعل تروتسكي لاحقا، بأن غرامشي كان الوحيد الذي لم يستبعد امكانية انتصار الفاشية في إيطاليا. لكن تكتيكات الحزب الشيوعي الإيطالي، في 1921-1922، كانت توجهها مواقف خاطئة وعصبوية. كان الاعتقاد بأن الاشتراكية الديمقراطية والفاشية ستعقدان صفقة وتصبحان جزءا من المعسكر نفسه، يجعل من الواضح أن تكتيك الجبهة الموحدة ضد الفاشية عديم الجدوى؛ وكان من الطبيعي أن يتم رفضه حتى من طرف أولئك الذين، على عكس بورديغا، لم يعتبروا القطيعة مع الاشتراكية الديمقراطية مسألة مبدأ.
لقد انتقد الكومنترن، بمبادرة تروتسكي، هذه الأطروحات بشدة. انظروا هذه الرسالة من هيئة الرئاسة إلى الحزب الشيوعي الإيطالي:
«نحن ندعو الحزب الشيوعي للنضال من أجل حل مجلس النواب من أجل تنصيب حكومة عمالية. على الشيوعيين من خلال طرحهم لبرنامج الحد الأدنى للمطالب التي يجب على حكومة العمال أن تلبيها، أن يعلنوا استعدادهم لتشكيل تكتل مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي ودعمه، بقدر ما يدافع عن مصالح الطبقة العاملة. إذا قبلت قيادة الحزب الاشتراكي ذلك، ستبدأ النضالات التي ستنتقل من مجال العمل البرلماني إلى مجالات أخرى. وبهذا نجيب على الاعتراض بأن شعار الحكومة العمالية لا يعني أكثر من تحالف برلماني. لكن إذا رفض الحزب الاشتراكي اقتراحنا، ستقتنع الجماهير بأننا أظهرنا لهم طريقا ملموسا إلى الأمام، في حين أن الحزب الاشتراكي لا يعرف ماذا يفعل»[2].
في مؤتمر روما كانت الأصوات المعارضة لا تمثل سوى أقلية يمكن التعرف عليها بسهولة في “يمين” الحزب المتحلق حول تاسكا، الذي حافظ على تصور واضح المعالم طوال الفترة التي سبقت مؤتمر ليون. كانت المجموعة المتحلقة حول جريدة ‘النظام الجديد’ تتفق مع المواقف التي وضعها بورديغا ورفاقه. لقد عبرت تلك المواقف عن الشعور السائد بين صفوف قواعد الحزب بضرورة القطيعة الجذرية ليس فقط مع المواقف المعتدلة لتوراتي (زعيم الجناح الإصلاحي الصريح داخل الحزب)، بل أيضا مع الوسط الراديكالي بزعامة سيراتي، الذي أثبت أنه غير قادر على قيادة الطبقة العاملة وبالتالي مهد الطريق للفاشية. كانت لهذه النزعة العصبوية العديد من الأفكار الصحيحة: مهمة القيادة الشيوعية ينبغي أن تكون هي تثقيف قواعد الحزب للحد من تلك الدوافع والقضاء عليها في النهاية؛ لكن البورديغيون قاموا بتأجيج نيران التطرف اليساري.
لم تصمد “أطروحات روما” أمام اختبار الزمن، حيث أن وصول الفاشية إلى السلطة، بعد الزحف الفاشي على روما في أكتوبر 1922، قد بين خطأ المنظورات التي طرحتها القيادة.
كان إنشاء حركة مناهضة للفاشية مثل Arditi del Popolo، التي كانت مثالا ممتازا عن الجبهة الموحدة المنظمة من تحت، قد بدأ بالفعل في تحديد الاختلافات الأولى بين بورديغا وغرامشي بعد ليفورنو.
كتب غرامشي: «هل يقف الشيوعيون ضد حركة Arditi del Popolo؟ كلا، بل على العكس تماما. إنهم يناضلون من أجل إنشاء قوة بروليتارية مسلحة قادرة على هزيمة البرجوازية والإشراف على تطوير وتنظيم القوى المنتجة الجديدة التي خلقتها الرأسمالية»[3].
كان هذا بعيد جدا عن الموقف الرسمي الذي تبنته اللجنة التنفيذية للحزب، والذي يمكن رؤيته من خلال ما يلي:
«لا يسعنا إلا أن نشجب حقيقة أن بعض الرفاق كانوا على اتصال بأعضاء Arditi del Popolo في روما لتقديم مساعدتهم وطلب التعليمات. إذا تكرر هذا سيتم اتخاذ تدابير أشد قسوة. إن اللجنة التنفيذية للحزب الشيوعي الإيطالي وفدرالية الشبيبة الشيوعية في إيطاليا تنبه جميع الرفاق وجميع المنظمات الشيوعية ليكونوا حذرين للغاية من أي شخص يقترح، شخصيا أو من خلال المراسلة، تأسيس وحدات لـ Arditi del Popolo أو العمل معها»[4].
يمكننا أن نرى من خلال هذه الحادثة وحدها كل حدود طريقة تفكير بورديغا الدوغمائية، فبالنسبة له لا يمكن أن تكون هناك أي مرونة تكتيكية في طريق كسب غالبية البروليتاريا إلى البرنامج الشيوعي. كان تصلبه هذا هو السبب وراء مواقفه العصبوية ومعارضته للجبهة الموحدة في المجال السياسي. وعلاوة على ذلك فإن بورديغا ، لم يكن يرى أي اختلافات جوهرية بين الديمقراطية البرجوازية وبين الديكتاتورية البونابرتية أو الفاشية، حيث أن كلاهما شكلان من أشكال هيمنة رأس المال.
كان بورديغا يعتقد أن طليعة البروليتاريا ستقتنع من تلقاء نفسها بصحة أفكار الشيوعيين، وعندها ستنضم إلى الحزب، وأنه يكفي الانتظار وتثقيف الكوادر اللازمة لكي يكون الحزب مستعدا عندما تندلع الثورة. لكن هذا النوع من الانتظار المسياني لا علاقة له بالماركسية.
اندلاع المواجهة
كانت مسألة الجبهة الموحدة على وجه التحديد هي النقطة الأولى التي فجرت الاختلافات بين غرامشي وبورديغا. كان المؤتمر الرابع للكومنترن قد عرض بالفعل خط الحزب الشيوعي الإيطالي لانتقادات شديدة، وطالب القيادة الإيطالية بقبول خط المؤتمر [أي تبني تكتيك الجبهة الموحدة الذي يستهدف صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي كوسيلة لتوحيد كل الفئة الطليعية للطبقة العاملة حول راية الحزب الشيوعي] وتوجيه الحزب على هذا الأساس.
أسفرت هذه المواجهة عن توجيه أول الإملاءات التنظيمية تجاه الحزب الشيوعي الإيطالي، من طرف زينوفييف الذي استخدم سلطته لتعيين لجنة تنفيذية جديدة ضمت ثلاثة أعضاء من الأغلبية القديمة (فورتيشياري وسكوشيامارو وتوغلياتي) واثنين من اليمين (تاسكا وفوتا). كانت تلك هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الكومنترن سلطته لتعيين قادة فرع وطني من فوق، دون موافقة القادة المعينين أنفسهم.
وتجدون في ما يلي فكرة عن الحالة الذهنية لتلك القيادة الجديدة:
«يستند أماديو على أساس وجهة نظر أغلبية أممية، ويجب علينا أن نستند على أساس وجهة نظر أغلبية وطنية»[5].
«ما هو الموقف الذي يجب أن نتخذه سياسيا؟ (…) إذا كان الحزب قد شفي من هذه الأزمة قبل المؤتمر الخامس، وإذا كانت لديه نواة تأسيسية ومركز يحظى بثقة الجماهير الإيطالية بفضل ممارساته وليس بفضل الوضع الأممي، ستكون عندئذ لدينا رفاهية الانتقاد. أما في الوقت الحالي فيبدو لي أنه من الأفضل لنا أن نتجنب المسألة ونعمل على كسب الوقت»[6].
وقد كان لهذه “الانتهازية” عواقب وخيمة على الحزب الشيوعي الإيطالي.
كونفرانس كومو
دافعت المجموعة المتحلقة حول غرامشي عن خط سياسي أكثر صحة من خط البورديغيين، لكنهم كانوا أقلية ولم يجدوا أنفسهم في قيادة الحزب إلا بسبب الظروف وإرادة موسكو. أما الكوادر الوسيطة داخل الحزب، هؤلاء الذين يقودون الفروع المحلية، فقد كانوا جميعهم تقريبا مع بورديغا.
وقد جاء الدليل على ذلك في الكونفرانس، الذي عقد في كومو في يونيو 1924، وحضره أمناء الفروع المحلية، وأمناء الأقاليم وأعضاء اللجنة المركزية. كانت هناك ثلاث وثائق مطروحة للنقاش: واحدة قدمها الجناح اليمني بقيادة تاسكا، وواحدة من “الوسط” قدمها غرامشي، وثالثة من اليسار موقعة من بورديغا. حصل بورديغا على 33 صوتا من أصل 45 أمين محلي، وأربعة من أصل خمسة أمناء أقاليم، وممثل من اتحاد الشباب وعضو واحد في اللجنة المركزية. بينما حصل تاسكا على أصوات خمسة أمناء محليين وأمين إقليمي واحد وأربعة أعضاء من اللجنة المركزية؛ أما غرامشي فقد حصل على أصوات أربعة أمناء محليين وأربعة أعضاء من اللجنة المركزية.
أدى هذا التصويت إلى نزع شرعية “الوسط” الذي كان يقود الحزب حتى ذلك الحين. لكن وحتى بعد هذه النتيجة الواضحة، لم يفكر غرامشي وفصيله في السماح بأي تحد لقيادتهم. لم يروا أنه من المستحيل قيادة حزب شيوعي لا تتفق قواعده مع خط القيادة. لكن تلك السياسة كانت في النهاية هي التي أملتها سكرتارية الكومنترن، والتي سميت على نحو مناسب بالزينوفييفية [نسبة إلى زينوفييف]، أي سياسة حل المسائل السياسية بالأساليب التنظيمية.
كان لذلك أن يؤدي على المدى البعيد إلى تمهيد الطريق لنمو البيروقراطية داخل الحزب.
تدخلت موسكو بشكل مباشر لإعادة تنظيم الحزب: فبعد المؤتمر الخامس للكومنترن تم توسيع اللجنة المركزية لتشمل 17 عضوا: تسعة من الوسط وأربعة من اليمين وأربعة من جناح “تيرزيني” (أعضاء أمميين من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الإيطالي انضموا إلى الحزب الشيوعي الإيطالي). تألفت اللجنة التنفيذية من خمسة أعضاء، حيث كانت للوسط -غرامشي وتوغلياتي وسوكشيمارو- الأغلبية. وهكذا تم استبعاد اليسار كليا من الهيئات القيادية والتنفيذية للحزب.
يمكننا القول إن تشكيل القيادة الجديدة للحزب الشيوعي الإيطالي قد تم من خلال سلسلة من المناورات التنظيمية القسرية، والتي أثرت بشكل كبير على مستقبل الحزب.
ردت المعارضة المتحلقة حول بورديغا بتنظيم نفسها بشكل أكثر فأكثر صراحة. وفي أبريل 1925 أنشأوا “لجنة الوفاق” (Comitato d’Intesa) لتجميع كل عناصر اليسار. لكن القيادة عملت، في نوبة من الغضب، على إقالة جميع أعضاء الوفاق من كل المناصب القيادية التي شغلوها. تمت إقالة فورتيكياري، على سبيل المثال، من منصب السكرتير المحلي في ميلانو.
الخلافات بين القيادة وبين اليسار امتدت عمليا إلى جميع جوانب السياسة الإيطالية والأممية، بما في ذلك الموقف من الصراع الذي كان يدور في الاتحاد السوفياتي بعد وفاة لينين.
وبالفعل ففي مؤتمر كومو حاول غرامشي أن يربط بين معارضة بورديغا وبين موقف تروتسكي. وقد أصبحت مواقفهما أكثر تباينا عندما دافع بورديغا علانية عن مؤسس الجيش الأحمر في مقال بعنوان “مسألة تروتسكي”، وهو مقال كتب في فبراير 1925، تم حظره لعدة أشهر من قبل القيادة، قبل أن ينشر أخيرا في يوليوز، في ذروة الحملة ضد اليسار.
وفي حين أن غرامشي لم يكن يهتم بالقضايا الأممية إلا لاستخدامها في الصراع الداخلي بين الفصائل داخل الحزب الإيطالي، فإن بورديغا كان من بين أوائل القادة الشيوعيين خارج الاتحاد السوفياتي الذين أدركوا خطر انحطاط الثورة الروسية ووضع نفسه بحزم ضده.
لقد أدرك بورديغا أن الهجوم الذي شنته البيروقراطية السوفياتية الناشئة على تروتسكي لم يكن سوى أوضح أعراض انحطاط الاتحاد السوفياتي، والذي بدأ بالفعل في إصابة الأممية أيضا.
وحول هذه المسألة، التي كانت المسألة الأكثر أهمية بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية في ذلك الوقت، خاض تروتسكي وبورديغا معا معركة داخل الأممية والتقيا عدة مرات في سنوات 1924-1926.
لكن ذلك النضال المشترك لم يتطور إلى تحالف سياسي مستقر، لأنه كانت هناك العديد من نقاط الاختلاف بين البلاشفة اللينينيين (أنصار تروتسكي) وبين اليسارية المتطرفة العقائدية للبورديغيين.
اغتيال ماتيوتي
تعرض جياكومو ماتيوتي للاغتيال أثناء المؤتمر الخامس للكومنترن. كان ماتيوتي عضوا في البرلمان عن الحزب الاشتراكي الموحد، حزب الإصلاحيين بقيادة توراتي الذي طرد من الحزب الاشتراكي الإيطالي، في أكتوبر 1922، بسبب كسره للحظر المفروض على إقامة تحالفات مع الأحزاب البرجوازية. لقد دفع ثمن إدانته لاستخدام الفاشيين للتزوير والترهيب خلال انتخابات أبريل 1924 في خطاب ألقاه في البرلمان، فقتل على يد عصابة من الفاشيين.
أدى ذلك إلى اندلاع غضب شعبي كبير، مما أدى إلى فترة أزمة للنظام الفاشي استمرت بضعة أشهر. وفي 14 يونيو 1924 قرر نواب أحزاب المعارضة مقاطعة البرلمان وشكلوا “لجنة المعارضة”. أصبح ذلك الانسحاب معروفا باسم “انسحاب أفنتين”، والذي سمي على اسم التل الذي يُعتقد أن العوام، في عصر الإمبراطورية الرومانية، قد أطلقوا منه حركة انفصالهم عن الأرستقراطيين.
انضم الحزب الشيوعي في البداية إلى هذه الكتلة المكونة من جميع الأحزاب البرجوازية المعارضة (باستثناء اليمين بقيادة أورلاندو وسالاندرا وجيوليتي) بالإضافة إلى الماكسيماليين والإصلاحيين.
كانت لجنة المعارضة حركة ديمقراطية وقانونية. لقد رفضوا مطلب الشيوعيين بتنظيم إضراب عام، إذ كانوا يعتقدون أن مهمة عزل موسوليني من منصبه تعود إلى الملك وجهاز القضاء. فغادرت المجموعة الشيوعية اللجنة، وعندما أعلنت نقابة CGL، في 27 يونيو 1924، توقفا عن العمل لمدة 10 دقائق احتجاجا، كان الشيوعيون هم الوحيدون الذين دعوا إلى تحويل الخطوة إلى إضراب عام ليوم واحد.
لكن الحزب الشيوعي تبنى بعد مغادرته لكتلة أفنتين موقفا غير واضح برفعه لشعار: “تسقط حكومة القتلة!”، والذي افتقر إلى الوضوح فيما يتعلق بما الذي سيحل محل الحكومة الفاشية، وبالتالي ترك الباب مفتوحا للتعاون مع المعارضة [البرجوازية].
طور بورديغا موقفا نقديا صحيحا جزئيا، وهو أنه على الشيوعيين إما أن يكونوا جزءا من لجنة المعارضة أو أن يناضلوا ضدها. إلا أنه لم يربط الخيار الثاني بأي اقتراح موجه إلى المكسيماليين والإصلاحيين الذين أظهرت الانتخابات، التي جرت قبل بضعة أشهر، أنهم كانوا ما يزالون يمتلكون قاعدة مهمة داخل الطبقة العاملة.
في انتخابات 06 أبريل 1924 حصل الحزب الاشتراكي الموحد على 415.000 صوتا، والمكسيماليون على 341.000 والشيوعيون على 268.000. كانت تلك نتيجة مرضية للشيوعيين، حيث حصلوا على 19 مقعدا في البرلمان.
في 15 أكتوبر، أطلقت اللجنة المركزية شعار “مناهضة البرلمان”، أي تحويل المعارضة الأفنتينية إلى مجلس برلماني لقوى المعارضة:
«يعتقد الحزب الشيوعي أن تجميع كل الكتل البرلمانية المعارضة في مجلس ينعقد على أساس اللوائح البرلمانية، كبرلمان معارض للبرلمان الفاشي، سيكون له معنى مختلف تماما، لأنه سيطيل أمد الأزمة وسوف يعيد تعبئة الجماهير، التي هي الشرط الأساسي لمحاربة الفاشية بشكل فعال. وبالتالي فإنه يدعو قوى المعارضة لعقد هذا التجمع»[7].
تم رفض الاقتراح، بطبيعة الحال، من جميع الأحزاب الأخرى. كان الشعار الذي أطلقه الحزب الشيوعي يحاول تجاوز سلبية المعارضة الأفنتينية، لكنه كان يحاول القيام بذلك بصيغة فتحت الباب للتعاون بين أحزاب تمثل طبقات مختلفة (بما في ذلك الجمهوريون والليبراليون، إلخ). هذه السياسة حتى لو نجحت ما كانت لتحطم أوهام الجماهير في الديمقراطية البرجوازية، ولا أن تخلص العمال في الحزبين الاشتراكي والاشتراكي الموحد من قادتهم الإصلاحيين.
وبينما كان يسار الحزب الشيوعي يعيد التأكيد على مبدأ الامتناع عن التصويت، عمل على تذكير الآخرين بأن خط الأممية الثالثة هو استغلال المنصة البرلمانية بطريقة ثورية. في النهاية قبلت القيادة ذلك، وفي 12 نوفمبر 1924 ألقى لويجي ريبوسي، أحد النواب الشيوعيين، خطابا قويا، مشيرا بإصبع الاتهام إلى الحكومة الفاشية.
لم يأت هذا القرار دون تداعيات: فقد منع الكومنترن الشيوعيين من العودة إلى البرلمان، ثم طالبهم بإرسال نائب واحد ومندوب واحد فقط إلى لجنة المعارضة. لكن هذه الأخيرة رفضت أن تستقبل حتى غرامشي!
تم تطبيق تكتيكات الكومنترن المتذبذبة، التي ميزت قيادة زينوفييف، في إيطاليا أيضا، وكانت لها نتائج مشؤومة.
لم تكن لدى الملك أية نية في التخلص من موسوليني وهكذا استنزفت تجربة أفنتين نفسها بشكل بائس. موسوليني الذي تجاوز الآن فترة الأزمة انتقل إلى الهجوم. ففي خطاب شهير في البرلمان في دجنبر 1925، أعلن مسؤوليته الكاملة عن اغتيال ماتيوتي وأصدر سلسلة من المراسيم، عُرفت فيما بعد باسم Leggi fascistissime (قوانين فاشية استثنائية)، أسفرت عن سجن المئات من أعضاء المعارضة والقضاء المبرم على الحريات المدنية، وبالتالي تأسيس نظام دكتاتوري قائم على الحزب الوحيد.
مؤتمر ليون
في الوقت الذي كان فيه موسوليني يشدد قبضته الشمولية، انعقد المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي الإيطالي، في ليون خلال الفترة من 21 إلى 26 يناير 1926. كانت قد مرت أربع سنوات على مؤتمر روما، وكانت جميع التغييرات التي تم إجراؤها داخل الحزب في ذلك الوقت قد ظهرت بكامل الوضوح.
يمكن ملاحظة ذلك أولا في طريقة تسيير المؤتمر وطريقة التصويت المعتمدة. كانت هناك وثيقتان للمناقشة: واحدة من الوسط (والتي أصبحت تُعرف باسم “أطروحات ليون”) والأخرى من اليسار البورديغي.
حصلت وثيقة الوسط، التي صاغها غرامشي، على أكثر من 90 % من الأصوات، بينما حصل اليسار على 9.2 % فقط. وهكذا يبدو أن غرامشي قد قلب موازين القوى بشكل كامل منذ كونفرانس كومو الاستثنائي. لكن هذا صحيح جزئيا فقط، نظرا لأنه تم عد الأصوات في الفروع المحلية بطريقة “غريبة” جدا، حيث تم اعتبار جميع الأعضاء الذين لم يصوتوا لليسار على أنهم صوتوا تلقائيا لصالح الوسط.
كما أنه كان على الرفاق الذين لم يتمكنوا من الحضور إلى المؤتمر وأرادوا التصويت لصالح بورديغا، أن يقوموا بذلك عن طريق التصويت بالبريد (الشيء الذي لم يكن معروفا في إيطاليا في ذلك الوقت)، وإلا فسيتم اعتبارهم من أنصار الوسط. تم تصميم هذه القاعدة لتمكين لجنة الحزب التنفيذية من الفوز بأغلبية واسعة وإتمام عملية ما يسمى بـ”بلشفة” الحزب، وهو الشعار الذي اختتم به المؤتمر الخامس للكومنترن أشغاله.
غير أن هذا “البلشفة” لم تكن قائمة على تكوين الكوادر سياسيا على قاعدة الدروس المستقاة من تاريخ الحزب البلشفي تحت قيادة لينين، وإنما من فرض التجانس في الممارسة والمواقف السياسية بشكل قسري على أساس إملاءات الأممية الشيوعية التي كانت تسير في اتجاه الانحطاط البيروقراطي.
كتب تروتسكي في كتابه الأممية الثالثة بعد لينين، قائلا:
«اتخذت سياسة “البلشفة” التي بدأت عام 1924 طابعا كاريكاتوريا بالكامل. تم إشهار مسدس في معابد الأجهزة القيادية للأحزاب الشيوعية مع أمر بتبني موقف نهائي من الخلافات الداخلية للحزب الشيوعي السوفياتي على الفور ودون أي معلومات أو أي نقاش؛ وإلى جانب ذلك كانوا مدركين مسبقا أن إمكانية بقائهم في الكومنترن من عدمها رهينة بالموقف الذي يتخذونه»[8].
وفي أطروحات ليون تم حظر الفصائل بشكل صريح:
«إن مركزية الحزب وتماسكه تتطلبان عدم وجود أي مجموعات منظمة داخله تأخذ طابع فصائل. […] إن وجود الفصائل والصراع بينها يتعارضان في الواقع مع جوهر الحزب البروليتاري، لأنهما يكسران وحدته ويفتحان طريقا لدخول تأثير الطبقات الأخرى»[9].
أضافت الأطروحات أن التيارات ممكنة، لكن ليس من الصعب ايجاد التشابه بين هذه الكلمات وبين تلك التي استخدمها ستالين فيما يتعلق بالمعارضة اليسارية داخل الحزب الشيوعي السوفياتي. كانت هذه الكلمات في سياق الصراع بين الفصائل داخل الحزب الشيوعي الإيطالي بمثابة تهديد من قبل الأغلبية بالطرد (وهو الشيء الذي تم تطبيقه لاحقا بالفعل). وقد تم توضيح هذا التهديد من خلال القول بأن: «النزعة اليسارية المتطرفة […] يجب محاربتها على هذا النحو، ليس فقط من خلال الدعاية، بل ومن خلال العمل السياسي، ومن خلال التدابير التنظيمية إذا لزم الأمر»[10].
كما أن الوثيقة عارضت المنظمات المحلية القائمة على أساس أماكن الإنتاج (خلايا المصنع) بالفروع الإقليمية، التي فرضتها عملية البلشفة، والتي لم تكن لها في الواقع أية علاقة بالنهج البلشفي الحقيقي، حيث أنها فرضت نموذجا صارما للتنظيم ومحددا بشكل مسبق، وأدت بشكل موضوعي إلى إحكام قبضة الجهاز بالشكل الأكثر صرامة.
كانت أطروحات ليون تعبيرا عن التناقضات التي تواجه قيادة الحزب الشيوعي في ذلك الوقت. فقد كانت من جهة تجسيدا للنضال من أجل تطبيق قرارات المؤتمرين الثالث والرابع للكومنترن على الوضع الإيطالي، وخاصة فيما يتعلق بالتكتيكات. وكانت من جهة أخرى تحت تأثير تداعيات المسار الجديد للأممية، خاصة من الناحية التنظيمية، ودافعت عن الأخطاء السياسية التي ارتكبت في إيطاليا منذ اغتيال ماتيوتي.
لقد تبنت الأطروحات تعاليم الثورة الروسية بشكل كامل عندما أكدت أن: «الرأسمالية هي العنصر المهيمن في المجتمع الإيطالي، والقوة الحاسمة في تحديد تطوره. إن هذه الحقيقة الأساسية تعني أنه لا توجد إمكانية لأي ثورة في إيطاليا باستثناء الثورة الاشتراكية»[11]. لقد أدى هذا الموقف إلى استبعاد أي ضرورة لقيام مرحلة ديمقراطية بقيادة البرجوازية، وذلك في تعارض تام مع الخط الذي روج له تولياتي منذ عام 1943 وما بعده.
وأضافت أن: «إيطاليا تأكيد للنظرية القائلة بأن أفضل الظروف للثورة البروليتارية لا توجد بالضرورة دائما في تلك البلدان التي وصلت فيها الرأسمالية والتصنيع إلى أعلى مستوى من التطور، بل قد تنشأ حيث يكون نسيج الرأسمالية أقل مقاومة، بسبب ضعفه البنيوي، أمام هجوم الطبقة الثورية وحلفائها»[12].
كما تم التأكيد بقوة على دور البروليتاريا باعتبارها قائدة الثورة الإيطالية: «تظهر البروليتاريا على أنها العنصر الوحيد الذي يمتلك بطبيعته قدرة توحيد وتنسيق المجتمع بأسره. إن برنامجها الطبقي هو “البرنامج الوحدوي” الوحيد»[13].
كانت أطروحات ليون هي أول وثيقة مؤتمرية للحزب الشيوعي تطرح الحاجة إلى تطبيق تكتيك الجبهة الموحدة، كما تم تطويره خلال المؤتمرين الثالث والرابع للكومنترن:
«يرتبط تكتيك الجبهة الموحدة كنشاط سياسي (مناورة)، مصمم لفضح ما يسمى بالأحزاب والمجموعات البروليتارية والثورية التي لها قاعدة جماهيرية، ارتباطا وثيقا بمسألة كيفية قيادة الحزب الشيوعي للجماهير وكيف يمكنه كسب الأغلبية»[14].
بالإضافة إلى ذلك انتقد الحزب المخطط البورديغي، من خلال القول بأن: «الحزب يكافح المفهوم القائل بأنه ينبغي على المرء الامتناع عن دعم التحركات الجزئية أو المشاركة فيها لأن المشاكل التي تهم الطبقة العاملة لا يمكن حلها إلا من خلال الإطاحة بالنظام الرأسمالي وبتحرك عام من جانب جميع القوى المناهضة للرأسمالية»[15].
لكن، وفي الوقت نفسه، لم تؤد هذه التحاليل النظرية الصحيحة إلى طرح شعارات فعالة بنفس القدر، حيث تم طرح مطالب مثل “الجمعية الجمهورية على أساس لجان العمال والفلاحين” التي تم اعتبارها «صيغة تركيبية لكل نشاط الحزب، هدفها إنشاء جبهة موحدة منظمة للطبقة العاملة»[16].
وقد انتقد تروتسكي هذا الشعار سواء في مراسلاته مع المجموعة البورديغية Prometeo ، أو مع تريسو وليونيتي ورافازولي، وهم القادة الشيوعيون الثلاثة الذين انضموا لاحقا إلى تروتسكي والمعارضة اليسارية الأممية.
كتب تروتسكي: «بالحديث عن ذلك ، أليس إركولي (Ercoli) [الاسم المستعار لتولياتي في الكومنترن] هو الذي يحاول تكييف فكرة “دكتاتورية البروليتاريا والفلاحين الديمقراطية” مع السياق الإيطالي في شكل شعار جمعية تأسيسية على أساس “مجلس العمال والفلاحين”؟»[17].
وأضاف: «تذكرني أنني انتقدت في ذلك الوقت مطلب: “جمعية جمهورية على أساس لجان العمال والفلاحين” الذي أطلقه الحزب الشيوعي الإيطالي. تخبرني أن هذا المطلب كان ذا طابع عرضي محض، وأنه قد تم التخلي عنه حاليا. ومع ذلك أود أن أخبرك لماذا أعتبر هذا المطلب شعارا سياسيا خاطئا، أو غامضا على الأقل. إن “الجمعية الجمهورية” هي، بدون شك، هيئة للدولة البرجوازية. فما هي لجان العمال والفلاحين من ناحية أخرى؟ من الواضح أنها تعادل إلى حد ما سوفييتات العمال والفلاحين. لذلك يجب ذكر هذا بوضوح. إنها بطبيعتها كأجهزة طبقية للجماهير العمالية والفلاحية الفقيرة -بغض النظر عما إذا كنت تسميها سوفييتات أم لجان- تشكل دائما منظمات للنضال ضد الدولة البرجوازية، لتصبح بعد ذلك أجهزة للانتفاضة وتتحول في النهاية إلى أجهزة لدكتاتورية البروليتاريا. كيف يمكن في ظل هذه الظروف أن تقوم الجمعية الجمهورية -التي هي جهاز أعلى للدولة البرجوازية- على قاعدة أجهزة الدولة البروليتارية؟»[18].
تكمن المأساة الرئيسية لمؤتمر ليون في تبنيه للمواقف التي تعكس السمات الأساسية للخط الذي أقرته الأممية الثالثة خلال مؤتمراتها الأربعة الأولى… لكن ذلك كان في اللحظة “الخاطئة”. لو تم تبني هذا الخط السياسي في الوقت المناسب (أي في عام 1921) لكان منع صعود الفاشية إلى السلطة مسألة ممكنة، وكان سيسمح بإعادة تنظيم البروليتاريا الإيطالية. أما في عام 1926 فقد كانت اللحظة “الخاطئة” لأنها تزامنت مع الانحطاط البيروقراطي للأممية الثالثة، والذي سيترك حتما بصمته على التطور المستقبلي للحزب الشيوعي الإيطالي.
كان مؤتمر ليون، من وجهة نظر التوازن الداخلي للقوى، بمثابة هزيمة نهائية لليسار البورديغي داخل الحزب الشيوعي الإيطالي. وقد عانى بورديغا من نفس المصير على المستوى الأممي في فبراير 1926، عندما تمت تنحيته من اللجنة التنفيذية الموسعة للكومنترن.
في غضون ذلك، كان الحزب الشيوعي الإيطالي طوال عام 1926 يعاني من قمع واسع النطاق على يد الحكومة الفاشية مع اعتقال وسجن جزء كبير من القيادة، بمن فيهم غرامشي، الذي توفي عام 1937 دون أن يرى الحرية مرة أخرى.
أما الأفكار التي طرحها تروتسكي والمعارضة اليسارية فقد تبناها بعد بضع سنوات ثلاثة أعضاء من قيادة الحزب الشيوعي الإيطالي -تريسو ورافازولي وليونيتي-. لكن هذه النقطة سيتم تناولها في مقال آخر. يكفي أن نقول إن الأساليب البيروقراطية الزينوفييفية غير الصحية التي تم استخدامها لهزم بورديغا، ورغم أنها كانت لفرض الموقف الصحيح للجبهة الموحدة، قد مهدت الطريق للتبقرط الستاليني للحزب بقيادة توغلياتي.
روبيرتو سارتي
منظمة Sinistra Classe Rivoluzione
الفرع الايطالي للتيار الماركسي الأممي
هوامش:
[1] Paolo Spriano. Storia del Partito comunista italiano, Volume 1: Da Bordiga a Gramsci. p.138
[2] Leon Trotsky. Scritti sull’Italia. p.82
[3] Spriano, p.143.
[4] “Inquadramento delle forze comuniste”, from La lotta del Partito comunista d’Italia, p.21.
[5] Palmiro Togliatti. La formazione del gruppo dirigente del Pci, Editori Riuniti. p.197.
[6] Ibid. p.262.
[7] Il partito decapitato. p. 149.
[8] Part 4, section 11, ‘The Question of the Internal Party Regime’
[10] Ibid, Paragraph 27
[11] Ibid, Paragraph 4
[12] Ibid, Paragraph 9
[13] Ibid, Paragraph 9
[14] Ibid, Paragraph 42
[15] Ibid, Paragraph 39
[16] Ibid, Paragraph 41
[17] Leon Trotsky. Scritti sull’Italia. p.149.
[18] Ibid, p.184.
ترجم عن الإنجليزية من موقع الدفاع عن الماركسية: