لحد الساعة ما تزال شوارع تونس تعيش في ظل مواجهات بين المتظاهرين وقوات القمع استمرت 13 يوما. كان السبب المباشر وراء اندلاع الأحداث هو التضامن مع شاب أحرق نفسه في مدينة سيدي بوزيد يوم 17 دجنبر الماضي. بعد هذا الحادث قام شاب آخر (حسين الفالحي) بالانتحار برمي نفسه من أعلى عمود للكهرباء احتجاجا على وضعه كعاطل عن العمل. ومرة ثالثة قام شاب آخر 34 سنة بالانتحار، برمي نفسه داخل بئر في منطقة غديرة مما يعكس حالة الإحباط الشديد التي يعيشها الشباب التونسي.
قام الشاب محمد بوعزيزي، 26 سنة، وهو شاب من حملة الشواهد العليا المعطلين، بإضرام النار في نفسه احتجاجا على مصادرة بضاعته بحجة البيع بدون رخصة، وعدم السماح له بمقابلة الوالي والاعتداء عليه بالعنف من قبل أعوان التراتيب البلدية. وقد تم نقله إلى المستشفى المحلي ثم إلى صفاقس في حالة حرجة. في أعقاب ذلك اجتمع حشد من الشباب أمام مقر الولاية للاحتجاج والتنديد بنظام القهر والاستغلال ومنادين بالثأر لهذا الشاب وتعالت الحناجر هاتفة بحق الشغل لشباب الجهة المحروم. وقد شهدت المظاهرات مشاركة آلاف المواطنين، أغلبهم من العاطلين عن العمل ومن عامة الفئات الاجتماعيّة الفقيرة والمهمّشة بالجهة، ورفع المتظاهرون العديد من الشعارات المنددة بسياسات الطبقة الحاكمة، مطالبين بالتنمية وبأحقيتهم في التشغيل. وسرعان ما امتدت موجة الاحتجاجات إلى مناطق أخرى من البلد. وقد سقط لحد الآن قتيل واحد على الأقل، الشاب محمد البشير العماري (18 سنة)، إثر إصابته برصاصة بينما كان يتظاهر من أجل الحق في الشغل ومن أجل حياة كريمة وضدّ الفساد بمدينة منزل بوزيان. كما تفيد آخر التقارير بسقوط شهيد آخر من بين المحتجين: الشاب شوقي حيدري متأثرا بإصابة بالرصاص الحي في العمود الفقري من طرف البوليس أثناء الإحتجاجات بمنزل بوزيان.
تعرف قرية “زانوش” التابعة لولاية قفصة تململا في صفوف الأهالي يتزايد من يوم لآخر وقد أقدم شابّان معطلان من أصحاب الشواهد العليا باعتصام أمام مقر المجلس القروي صبيحة 23 دجنبر، أعقب ذلك في المساء إقدام أحد المعطّلين “الهاشمي علياني” على محاولة حرق نفسه. وتقول التقارير أن قوات القمع أرسلت بكثافة إلى عين المكان.
وقد اتسعت رقعة الاحتجاجات نحو بعض المدن الأخرى كـ المكناسي ومنزل بوزيان والرقاب. وتواصلت المواجهات خلال ليلة يوم الأحد 19 والاثنين 20 دجنبر بين قوات القمع، التي تحاصر مدينة سيدي بوزيد بالكامل، وشبانها. وكان حي طريق المعاهد وحي البراهمية وحي النور الغربي وحي أولاد شلبي ومنطقة شركة الكهرباء والغاز مسرحا لهذه الأحداث. ولم تتوقف المواجهات إلا مع حلول الساعة الثالثة من صبيحة يوم الاثنين 20 دجنبر. وقد استعملت قوات القمع القنابل المسيلة للدموع وداهمت المنازل وألقت القبض على بعض الشبان.
وما تزال مدينة سيدي بوزيد تحت الحصار البوليسي وفي تكتم تام من وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية.
يوم السبت 25 دجنبر شهدت منطقة سوق الجديد بسيدي بوزيد صدامات عنيفة استعمل فيها القمع الرصاص الحي، نفس الشيء شهدته منطقة سيدي علي بن عون حيث قامت قوات القمع بإطلاق الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع على المتظاهرين العزل وقطع التيار الكهربائي، لكن كل هذا لم يثن الجماهير عن التظاهر مما أدى إلى وقوع مواجهات بين المحتجين و قوات القمع.
مدينة بوزيان شهدت تدخل الجيش إلى جانب البوليس لفرض حالة الحصار ومنع التجول على المدينة وفرض سيطرة كاملة على حارة الزعفور مع القيام بحملات مداهمة واسعة للمنازل والمحلات. وفي نفس اليوم –السبت 25 دجنبر – شهدت مدينة فرنانة التابعة لولاية جندوبة تعطل حركة المرور بين جندوبة وعين دراهم بسبب هذه الاحتجاجات وبسبب النيران التي أشعلها المحتجون في الطريق. وحسب مصادر نقابية من جندوبة قام مساء يوم السبت 25 دجنبر عدد من المحتجين في مدينة فرنانة بسكب كمية من البنزين في الطريق الرئيسي الرابط بين جندوبة وفرنانة وإضرام النار فيه.
رد الدكتاتورية
أمام هذه الاحتجاجات لم توفر الدكتاتورية الرصاص ولا الغازات المسيلة للدموع، واجتهدت في تحويل تونس إلى ساحة حرب من طرف واحد ضد الفقراء المقهورين الذين نهضوا يطالبون بالحرية والحق في منصب شغل ولقمة خبز كريمة. فسقط قتيل واحد على الأقل، محمد بشير العماري، وعدد غير معروف من الجرحى والمعتقلين والمخطوفين.
وأكدت التقارير حدوث حالات تعذيب في صفوف المعتقلين حيث أفاد عدد من المسرحين تعرضهم للتعذيب من قبل قوات البوليس في مدينة سيدي بوزيد، الشيء الذي أثار المزيد من الغضب في صفوف الجماهير.
وبالموازاة مع هذا القمع الوحشي أصدرت السلطات بيانا عبرت فيه عن “كامل أسفها” لحادثة الشاب محمد كما استنكرت توظيف من أسمتهم بالـ “فئة الضالة” لتشويه “انجازات التغيير”. كما قامت وزارة الداخلية بإصدار بيان بالمناسبة بررت فيه استعمال الرصاص الحيّ ضد المواطنين العزل. بعد ذلك ألقى الدكتاتور الجاثم على صدر تونس منذ 23 سنة، زين العابدين بن علي، يوم الثلاثاء 28 دجنبر، خطابا قال فيه: “إن أعمال الشغب تضر بصورة تونس لدى المستثمرين” وتعهد بتطبيق القانون بصرامة ضد من أسماهم بأقلية من “المتطرفين” و”المحرضين المأجورين”.
وقال أيضا: “إن لجوء أقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين ضد مصالح بلادهم إلى العنف والشغب في الشارع وسيلة للتعبير أمر مرفوض وهو مظهر سلبي وغير حضاري يعطي صورة مشوهة عن بلادنا تعوق إقبال المستثمرين والسواح، بما ينعكس على إحداث مناصب الشغل التي نحن في حاجة إليها للحد من البطالة وسيطبق القانون على هؤلاء بكل حزم.”
هذا هو منطق الدكتاتورية الوقح: الاحتجاج على الظلم عمل ضد مصالح البلد ويضر “بصورة تونس لدى المستثمرين”، لكن القمع الهمجي عمل في صالح البلد ويخدم صورة تونس بشكل جيد! التظاهر من أجل المطالبة بالشغل ” أمر مرفوض وهو مظهر سلبي وغير حضاري “، بينما نهب ثروات البلد وتجويع شعبه طيلة عقود، أمر مقبول تماما وحضاري بشكل مطلق!!
ولم يفته الاستنكار للجوء من قال إنهم “لا يريدون الخير لبلدهم” إلى “تلفزات أجنبية تبث الأكاذيب والمغالطات دون تحر بل باعتماد التهويل والتحريض والتجني الإعلامي العدائي لتونس”.، لأنه يريد طبعا أن يقتل ويعتقل ويقمع في صمت وبدون إزعاج!!
تؤكد التقارير أن النظام الدكتاتوري القائم في تونس نهج طرقا فاشستية في إخماد المظاهرات تتمثلت في استعمال أقسى درجات العنف ضد المحتجين في الشوارع والأماكن العامة. والقيام بحملات إيقاف عشوائية وشن حملة اختطافات واسعة تحت جنح الليل، إضافة إلى تفكيك أوصال البلدات المعنية من خلال إقامة الحواجز البوليسية والقيام بحركات استعراضية وتوسيع صفوف الاعتقالات. واستعمال قوات من المجرمين بعد تنظيمهم في ميليشيات لتعتدي على المواطنين، حيث قام عشرات من ميليشيات التجمع مدعومين من قوات البوليس بالاعتداء بالعنف على المحتجين باستعمال الهراوات و الحجارة.
موجة القمع لم تستثن أحدا، وقد تم اعتقال القيادي في حزب العمال الشيوعي “عمار عمروسية”، إلى جانب عدد غير معروف لحد الآن من الشباب والمناضلين. وفي خطوة مضحكة أعلنت السلطات عن المنع الكلي لكل أشكال الاحتجاج والمظاهرات!! كما لو أن أشكال التعبير تلك كانت مشروعة من قبل. الشيء الذي يعطي الدليل للمرة الألف عن المدى الذي يمكن للرجعية أن تصل إليه في دفاعها عن نظامها المتعفن وامتيازاتها الطفيلية.
لكن هذا القمع ليس دليلا على القوة، بل هو دليل على العجز والإفلاس التام ومدى الرعب الكبير الذي تعيشه الولغارشية الحاكمة من احتمال القضاء عليها وعلى نظامها المتداعي، وبسبب وعيه بهذا الضعف لجأ النظام القائم مؤخرا إلى مناورة بئيسة تمثلت في إجراء تعديل وزاري شكلي.
أسباب التحركات
وراء السبب المباشر لهذه التحركات تكمن أسباب عميقة. كانت تونس إلى حد الأمس القريب تعتبر من وجهة نظر الرأسماليين والإمبريالية واحة للاستثمار خاصة في قطاع السياحة والخدمات. وكانت السياحة أول مصدر للعملة الأجنبية في البلاد حيث تستقبل البلاد سنويا سبعة ملايين سائح، وتقدر المداخيل السنوية لقطاع السياحة بحوالي 5.2 مليار دولار سنويا. وتشغل حوالي 350 ألف مواطن. كما كانت تونس تصور باعتبارها وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية من أوروبا وبلدان الخليج في ظل “انفتاح” اقتصادها واستعدادها لتحرير الدينار التونسي بالكامل. إضافة إلى اعتبارها أكثر بلدان المنطقة استقرارا.
أما الآن فهي تعيش أزمة خانقة، فقد حولتها الطبقة السائدة الطفيلية إلى خراب بفعل الاستغلال الرهيب لقواها المنتجة. وطالما تغنى النظام والإمبرياليون بأنها تحقق أفضل النتائج ومعدلات نمو عالية نسبيا، مما كان يمكن النظام من حجة لتبرير كل ما يقوم به من قمع واضطهاد. لكن كل هذا صار من الماضي فبعد أن استمر معدل النمو يسجل رقم 5% طيلة العقد الأخير، هبط نهاية سنة 2009 إلى 3%.
وحتى في فترة النمو لم ينعكس ذلك أبدا بشكل إيجابي على مستوى معيشة العمال وظروف عملهم. كان معدل البطالة سنة 2004 يصل بالأرقام الرسمية إلى 13.9% من الساكنة النشيطة، لكنه وصل أواخر سنة 2009 إلى 22% على الأقل. ومناصب الشغل المتوفر هي مناصب هشة بعقود عمل مؤقتة خاصة في المناطق الصناعية الحرة. ولكي تحافظ الصناعات التونسية على تنافسيتها –في النسيج والصناعات الميكانيكية والإلكترونيك- تفرض على العمال أجور البؤس التي لا تلبي أدنى شروط العيش، حيث يبلغ الحد الأدنى للأجور في تونس 250 دينار (130 أورو).
والآن إذا عرفنا أن 80% من المعاملات التجارية لتونس تتم مع الاتحاد الأوربي، الذي يشهد بدوره ركودا خانقا، فيمكننا أن نتوقع المزيد من الانهيار.
هذه هي العوامل الاقتصادية لهذا النهوض النضالي البطولي لفقراء تونس، تنظاف إليها عقود من القهر والدكتاتورية الخانقة لكل أشكال الحريات والقمع البوليس الهمجي.
الطبقة العاملة تتحرك
الشيء الحاسم في هذه التحركات هو موقف الطبقة العاملة وقدرتها على الدخول إلى الساحة بشكل منظم وبراية مستقلة وقيادة باقي الفئات الكادحة. وهذا ما بدأنا نشهده بشكل جنيني في الآونة الأخيرة. شهد يوم الأربعاء 22 دجنبر دخول النقابات بشكل رسمي على خط الاحتجاج حيث اتفق عدد من النقابيين في جهة بنزرت على تنظيم تجمع عمالي ونقابي يوم الأربعاء 22 دجنبر 2010 بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ابتداء من العاشرة صباحا تعبيرا عن تضامن نقابيي بنزرت ومساندتهم للتحركات الاحتجاجية التي شهدتها سيدي بوزيد، مما شكل أول تحرك ميداني ينجزه نقابيون من خارج جهة سيدي بوزيد. وهي الوقفة التي شهدت حضورا متميزا للطلاب أيضا.
بعد تجمع الأربعاء 22 دجنبر، تجمع عدد غفير من النقابيين ونشطاء المجتمع المدني، بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت، يوم الجمعة 24 دجنبر 2010 للتعبير عن مساندتهم للحركة الاحتجاجية الشعبية في سيدي بوزيد وتنديدهم بالقمع الذي سلط على الحركة الاحتجاجية. وقد نظم المتجمعون وقفة أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف رفعت خلالها شعارات… حق التشغيل واجب… حق التظاهر واجب… رفع الحصار واجب… التشغيل استحقاق يا عصابة السراق… شغل حرية كرامة وطنية… يا حكومة عار عار الأسعار شعلت نار.
وقد أصدر كل من الاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية وجندوبة والقيروان بيانات مساندة للحركة الاحتجاجية بجهة سيدي بوزيد. كما سبق وأصدر عدد واسع من الإطارات النقابية بيانا عبروا فيه عن وقوفهم اللامشروط مع أهالي سيدي بوزيد واستعدادهم لتقديم كل أشكال المناصرة وطالبوا بالإطلاق الفوري لسراح كل الموقوفين وبرفع الحصار المضروب على المدينة وبالاستجابة لمطالب المحتجين العادلة في التشغيل والتنمية.
كما عبرت النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالرديف في بيان صادر يوم 21 دجنبر عن مناصرتها المطلقة للمحتجين بسيدي بوزيد ورفضها لخيار القوة لحسم المسائل الاجتماعية. هذا إضافة إلى الإعلان عن إضراب جهوي بسيدي بوزين يوم 12 يناير 2011 من اجل إطلاق سراح جميع المعتقلين.
تعتبر هذه التحركات خطوة عظيمة إلى الأمام وأفضل وسيلة لتجسيد التضامن الطبقي مع المحتجين. يجب على النقابات أن تتحمل مسئولياتها باعتبارها منظمات للتوحيد النضال العمالي ضد الاستغلال والقهر والدكتاتورية والقمع. ولكي تقوم بذلك على أفضل وجه لا بد من الدعوة حالا إلى إضراب وطني عام مشروط بوقف القمع ومحاسبة المسئولين عن قمع المحتجين والمطالبة بالحريات السياسية.
حدود الحركة
لقد أبانت هذه الحركة الأخيرة للشعب التونسي عن عمق السخط المتراكم تحت سطح الأحداث، كما أبانت، وهذا هو الأهم، عن عظمة الطاقات الثورية الهائلة التي تختزنها الجماهير من عمال وشباب عاطلين وباقي الفئات الفقيرة، ورغبتهم الهائلة في التغيير.
بالرغم من لجوئه إلى استعمال الرصاص الحي ضد العزل والغازات المسيلة للدموع لم يتمكن النظام الدكتاتوري الرأسمالي التبعي القائم في تونس من أن يوقف الحركة الجماهيرية، بل لم يؤد القمع إلا إلى المزيد من الاحتجاجات. نعم لقد أبان الشعب التونسي عن أسمى درجات البطولة في تحدي آلة الموت والبربرية.
إن هذه الحركة قد دقت، من وجهة نظرنا، ساعة نهاية مرحلة كانت تتميز بهدوء ظاهري شهد تراكم عوامل الانفجار، وبداية مرحلة أخرى من التحركات الجماهيرية التي ستنتهي، عاجلا أو آجلا، إلى القضاء على نظام الطغيان والاستغلال في تونس إلى الأبد.
لكنها بالرغم من كل شيء حركة “عفوية”، بمعنى أنها حركة غير مؤطرة ببرنامج علمي وبآفاق واضحة. لكن ذلك ليس مشكلة الجماهير بالدرجة الأولى، فالجماهير قامت بكل ما يجب عليها القيام به، لقد نهضت ضد القمع وتحدت الرصاص وقدمت كل أشكال التضحيات. ما الذي يمكننا أن نطلبه أكثر منها؟ إن الجماهير تعرف جيدا ما لا تريد: لا تريد القهر ولا تريد البطالة والجوع والفقر والاستغلال وأجور البؤس. وقد نهضت للتعبير عن رفضها لكل ذلك! لكنها لا تعرف بالتحديد ماذا تريد، لا تعرف البديل المتكامل عما هو قائم. وهذا أمر عاد. إن مسألة البديل هي مهمة المناضلين الماركسيين والعماليين الثوريين.
لو توفر الآن في تونس حزب ماركسي ثوري، منغرس في الطبقة العاملة وعموم الجماهير الكادحة، وذو مصداقية في أعينها، حزب يمتلك برنامجا انتقاليا علميا واضحا ومنظورا اشتراكيا أمميا، لتمكنت الطبقة العاملة في تونس من أن تحول هذا النهوض الرائع إلى ثورة ناجحة ترمي بنظام الدكتاتورية الرأسمالية إلى مزبلة التاريخ، وتشيد نظام الاشتراكية والعدالة والمساواة. لكن هذا بالضبط هو ما ينقص.
البديل
نتقدم نحن الماركسيون، في التيار الماركسي الأممي، للمناضلات والمناضلين اليساريات واليساريين ولعموم الطبقة العاملة التونسية والمنتفضين في شوارع تونس، ببعض الأفكار لنقاشها مساهمة منا في بلورة بديل يمكن من تطوير الحركة نحو آفاق ثورية.
إننا ندعو المناضلين الماركسيين واليساريين والعماليين إلى تنظيم الحركة الجماهيرية من خلال المبادرة إلى تشكيل لجان للمعارك منتخبة ديمقراطيا في الأحياء العمالية والمعامل والجامعات، تسهر على تسيير المعركة وتنظيمها. لجان تكون جنينا للمجالس العمالية والشعبية، والتنسيق بينها على مستوى الأحياء والمدينة وعلى مستوى الجهات ثم على الصعيد الوطني.
إننا ندعو إلى حماية الأحياء العمالية والمقرات النقابية والمظاهرات الاحتجاجية من الاعتداءات الرجعية والقمع، من خلال المسارعة إلى تشكيل ميليشيات للدفاع الذاتي منتخبة ومراقبة من طرف الجماهير ومجالسها ولجان معاركها. إن الدكتاتورية تمتلك جهاز القمع وتنظم فيالق من الفاشستيين للاعتداء على الجماهير، فلننظم ميليشيات للدفاع عن أنفسنا!
إننا ندعو إلى نشر الدعوة والتعبئة في النقابات والأوساط العمالية، وفي الأحياء الفقيرة والجامعات، وداخل الأحزاب اليسارية إلى إضراب عام مفتوح ضد الدكتاتورية والقمع والاستغلال، من اجل فرض وقف حملة القمع ومحاكمة المسئولين عن ممارسة العنف ضد الجماهير، وفرض كل أشكال الحريات الديمقراطية (حق الإضراب، حق التظاهر، حق العمل النقابي). ينبغي خوض هذا الإضراب على أساس برنامج للمطالب الشعبية يطالب بالرفع الفوري للحد الأدنى للأجور بما يكفي لتلبية كافة الحاجات المعيشية والثقافية والترفيهية للعمال/ العاملات وأسرهم/ أسرهن، ووقف مسلسل الخصخصة وتأميم كل القطاعات الاقتصادية الحيوية، ووضعها تحت الرقابة العمالية، وإسقاط دكتاتورية بن علي وبناء نظام ديمقراطي قائم على الرقابة الديمقراطية للعمال والجماهير الفقيرة من خلال مجالسهم المنتخبة ديمقراطيا.
إننا ندعو إلى محاولة كسب إخواننا وأبناءنا داخل جهاز القمع، الجنود ورجال الشرطة العاديون، الذين يعيشون نفس ظروفنا وينحدرون من أوساطنا، عبر دعوة للتآخي معنا، وتحويل بنادقهم نحو عدونا المشترك: نظام الاستغلال والبطش. لا بد أن نزاوج في التعامل مع هؤلاء بين الحزم في رد الصفعة صفعتين، وبين دعوتهم إلى الالتحاق بصفوف إخوانهم العمال والفلاحين وعموم الكادحين.
إننا ندعو إلى إطلاق دعوة أممية إلى الطبقة العاملة المغاربية والأممية للتضامن مع العمال التونسيين في نضالهم، وضد القمع الهمجي الذي يتعرضون إليه. ونشير إلى انه قد بدأت تسجل أولى الخطوات في هذا السياق حيث نظمت وقفة تضامنية مع شعب تونس في الأردن، وفي لبنان وأوربا. ينبغي إعادة الحياة للتضامن النضالي الذي طبع النضال ضد الاستعمار في المنطقة المغاربية ، خاصة وأن كل المنطقة تشهد غلينا كفاحيا عظيما (نضالات بطولية في الجزائر ضد البطالة ومن اجل الحق في السكن، ونضالات بطولية في المغرب وفي الصحراء الغربية ضد البطالة وضد الخصخصة ومن اجل الحق في السكن، الخ)
إننا ندعو الشباب العمالي والمناضلين الماركسيين إلى تشكيل خلايا الحزب الثوري من بين صفوف المناضلات والمناضلين المنتفضين في الشوارع، و كما سبق لنا أن أشرنا في مقالنا (عشرات الآلاف من الشباب ينتفضون ضد دكتاتورية بن علي في تونس) أن الشباب والعمال التونسيون يحتاجون إلى شيء أكبر من البطولة والعزيمة، إنهم يحتاجون إلى حزب ثوري جماهيري لمساعدتهم. إن حزبا كهذا ليس موجودا بعد، لكن من الممكن تشكيله من بين أفضل الشباب والعمال المحتجين اليوم في شوارع تونس.
إن الطريق الوحيد للحصول على الحقوق الديمقراطية الحقة والحرية الحقة وللقضاء على الاستغلال والتبعية للإمبريالية، هو إقامة تونس اشتراكية، كجزء من فدرالية اشتراكية للشرق الأوسط.
موقع ماركسي
الخميس: 30 دجنبر 2010