الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / شمال إفريقيا / مصر / مصر: الثورة ترفع رأسها مجددا فتهين مرسي

مصر: الثورة ترفع رأسها مجددا فتهين مرسي

كان المشهد يغلي غضباً في ميدان التحرير بالأمس عندما تدفق مئات الآلاف إلى ميدان التحرير في مواجهة رئيس جمهورية مصر محمد مرسي وحزب الإخوان المسلمين الحاكم. على مدار ميدان التحرير وضعت يافطات كبيرة لشعارات مثل “الإخوان المسلمون سرقوا الثورة” و”الإخوان المسلمون كاذبون”. وعلى مدى النهار تدفقت مسيرات هائلة من كل أنحاء المدينة القديمة قادمة باتجاه ميدان التحرير. بحجمها وجذريتها، لم يحصل مثل هذه المظاهرة الضخمة إلا حين إسقاط الديكتاتور حسني مبارك في يناير 2011.

كان ذلك في اليوم السادس لقيام المظاهرات التي نشأت بدايةً بالاعتراض على الإعلان الدستوري للرئيس والذي يركز كل سلطة الدولة في يديه. الإعلان، بالإضافة إلى إعطائه صلاحية الحكم المحصنة من السلطة القضائية، فهو أيضا يسمح له باتخاذ “الإجراءات الضرورية لحماية الثورة”. وفي الحقيقة، هذا يعطيه الذريعة لكي يمارس العكس من ذلك تماماً !في البداية كانت ردة الفعل تجاه هذا الإعلان محصورة بفئات شبابية قليلة نسبياً. ولكن مع تزايد وتيرة القمع للتظاهرات بشكل كبير ومتوحش، توضّح للفئة الأوسع من الشعب الأسباب الحقيقية وراء هذا الإعلان.

وبالتالي عند استشعار الجماهير أن الثورة باتت في خطر، هرعت مجددا إلى الشوارع، وبدأت هتافات الشعب “الشعب يريد إسقاط النظام”، “ارحل… ارحل!” و”يسقط النظام”، تصدح في أرجاء ميدان التحرير. قال محمد مجدي، وهو أحد المتظاهرين في ميدان التحرير، عاكساً المزاج الشعبي في الشارع “نحن نريد أن نغير الوضع بأكمله. الإخوان خطفوا الثورة. أخطاء مرسي أيقظت الناس، وفي أي انتخابات قادمة لن يحصل على أصوات الشعب. ” مجدي كان من ضمن الحشد الضخم للطبقة العاملة (حوالي عشرة آلاف) الذي قدم من شبرا.

لم تبدِ شرطة مكافحة الشغب أية رحمة تجاه الجماهير، حيث هاجمتها عدة مرات ذلك اليوم. أستُخدِمَ الغاز المسيل للدموع بشدّة حيث غطّت الغازات مساحات واسعة من الميدان طوال اليوم، وكان من النوع الخطير صحيا وأدى إلى استشهاد رجل عمره 54 عاماً. وكان رئيس الوزراء هشام قنديل قد حذّر قبل ذلك في اليوم نفسه أن “الحكومة ستواجه بحزم أي انحراف لهذه المظاهرات السلمية نحو العنف”. ولكن برهن المدّ الثوري للجماهير أن قوى الدولة عاجزة عن قمعه.

بالرغم من الظروف الصعبة، استمر الناس في التدفق نحو الميدان، ومع نهاية النهار تضخم عدد الحشود في الميدان بشكل فاق بكثير ما قد توقعه المنظمون لهذه المليونية. الكثير قالوا بأنها من أضخم المظاهرات التي شهدتها مصر. كتب ناشط على تويتر مساءً:”الشيء المذهل أيضاً انه لا يوجد أي مكان فارغ في التحرير، والمسيرات القادمة لم تصل إليها بعد!” لم يكن المتظاهرين من الفئة الشبابية فقط، بل من كافة الفئات، من العمال المضربين والنقابيين إلى الطلاب والسيدات، من الرجال والنساء، من الصغار والكبار، كلهم قدموا للتعبير عن غضبهم وسخطهم. كتب ناشط آخر على تويتر، “الآن، كل العائلات نزلت. كل المستقلون نزلوا هذه المرة، الكثير من أهلنا ينزلون لأول مرة”.

إضافة إلى ذلك، حدثت مظاهرات جماهيرية ضخمة خارج القاهرة. فقد قامت مظاهرات ضخمة في كل المدن والقرى الكبيرة، في الإسكندرية والسويس وبورسعيد والأقصر أسيوط ودمياط والمحلة وطنطا وغيرها…

بالرغم من أن الأعداد الضخمة للجماهير التي ملأت الميدان أمدّتهم بالثقة بالنفس والتفاؤل الثوري، كان المزاج جديا ومتأهّبا، بعيداً عن مزاج النشوة والابتهاج الذي ساد فور بداية الثورة. وهذا ما رأيناه أيضاً في المزاج الذي سادَ مظاهرات الأسبوع الماضي.

في الإسكندرية، شارك عشرات الألوف في المظاهرات، وأمر الإخوان المسلمون عناصره بترك مكاتبهم التي تعرّضت لهجوم المتظاهرين. في المنصورة، تمّ حرق مكاتب الإخوان المسلمين. وكذلك في المحلّة، معقل البروليتاريا المصرية، المتظاهرين هاجموا مكاتب الإخوان المسلمين بالحجارة وقنابل المولوتوف.

أصبح الإسلاميون عراة

الإخوان المسلمون، وحليفهم السياسي حزب النور السلفي، دعوا في البداية لمظاهرة مضادة في ميدان التحرير أيضاً. ولكن عند إدراكهم للمزاج الجماهيري الذي كان يتطور اضطروا لإلغاء مظاهرتهم الأساسية في القاهرة، آملين أنهم على الأقل في المناطق الأخرى سيحشدون أعداد معتبَرة. ولكن بالرغم من ذلك، وبالرغم من شبكة التنظيم العالية لديهم، وبالرغم من استغلالهم لإمكانيات الدولة وأموالها، لم تتحقق المسيرات المؤيدة لمرسي.

فقط في أسيوط، البعيدة عن مناطق دلتا النيل الصناعية، استطاع الإخوان حشد مظاهرة لـ 5000 مؤيد لمرسي. ومعظم هؤلاء المتظاهرين كانوا من طلاب جامعة الأزهر، المركز الأعلى للتعليم الإسلامي في العالم، والذي كان يرأسه الشيخ الرجعي محمد الطنطاوي قيد حياته الذي كان مؤيد لنظام مبارك.

في الإسكندرية، المعروفة بكونها معقل الإخوان المسلمين وأصدقائهم السلفيين، استطاع الإسلاميون أن يحشدوا فقط لتجمعات مؤقتة فرّقتها الحشود المتظاهرة المناهضة للإخوان. وفي نهاية المطاف اضطُرَّ الإخوان المسلمون لترك مقرهم الذي حاول المتظاهرون الغاضبون إشعال النيران فيه.

الإسلاميون يتعرضون لضغط شعبي هائل الآن. في تحرك بائس مثير للشفقة، صرّح رئيس حزب النور –المتغطرس عادةً- ومستشار مرسي، عماد عبد الغفور، لرويترز أنه لم تتم استشارته قبل التصريح عن الإعلان الدستوري الأسبوع الماضي.

الإخوان المسلمون، بعد أقل من خمسة أشهر في سدة الحكم، أصبحوا في أزمة فعليّة. منذ أيام قليلة فقط كان المعلقون البرجوازيون حول العالم يشيدون بمحمد مرسي كقائد جديد للعالم العربي، وبعضهم حتى اعتبره الـ”ناصر” الجديد.

ولكن الآن كل هذا الافتخار ينكسر تحت أقدام الجماهير المصرية الذين أهانوا مرسي عبر إظهارهم لقوّتهم الثورية الهائلة. الليلة الماضية بقيَ مرسي في موقعه فقط نتيجة رحمة الجماهير. ولو أنه تجرأ على استكمال الدعوة لمظاهرة مضادة في ميدان التحرير، لكان انهزم هزيمة ذريعة وما كانت رئاسته لتستمر حتى الصباح التالي.

ومرسي لم يكن، ولن يكون ناصراً جديدا، ذلك لأن ناصر، رغم كل سلبيّاته، ارتكز على جماهير العمال والفقراء في مصر، كي يسدّد ضرباته للرأسمالية، بينما مرسي (كما سائر حلفائه الإسلاميين) هو رجل الرأسمالية قبل أي شيء آخر، وهو رجل النظام الذي يشكل عائقاً أمام ولادة نظام جديد.

مناورة الفلول – “القيادات” تفتح لهم الباب

في محاولة لتشتيت الحراك المتصاعد، حاول ممثلو الرئاسة عقد صفقة مع المجلس القضائي يوم الاثنين. بالرغم من أن التراجع الكامل سوف يعتبر مهينا، أكد مرسي بشكل علني للقضاة أن حصانته سوف تقتصر على “المسائل السيادية”. في البدء كان القضاة على وشك قبول الصفقة، ولكن عند ملاحظتهم للغضب الشعبي الذي يملأ الشارع، حسبوا أنهم سوف يكتسبون المزيد من الامتيازات إذا امتنعوا عن الموافقة على تلك الصفقة لمدّة أطول. ولذلك أعلنوا تنديدهم لعقد أي صفقة مع مرسي، مدّعين أنهم لم يكونوا معنيين بأي صفقة معه.

من الواضح أنه بينما لم يكن لدى الإخوان المسلمين مشكلة بالتعامل مع الفلول، بشكل عام-الاسم الذي اختاره المصريون للتعبير عن بقايا النظام القديم- لم تكن كل فئات هذا النظام سعيدة بتقاسم السلطة معهم. وبعض هذه الفئات رأت أن الأزمة الحالية هي فرصة للانتقام واستعادة المواقع التي خسرتها. ولكن يجب أن نضيف أن كل الصراخ الهستيري الذي تقوم به هذه الفئات، لن تخدع المصريين الذين يذكرون كيف أن المجلس القضائي نفسه منذ عهد مبارك وبعد ذلك، شكّل سنداً لدعم الرجعية.

بجميع الأحوال، خلال محاولتهم ركوب موجة الثورة لتسديد ضربتهم للإخوان المسلمين، شاركوا بالتظاهر في هذا اليوم وبعضهم حضر إلى ميدان التحرير. ولكن على مدى النهار بدا واضحا أن الميدان قاوم هذه الخدعة وبقي الفلول كأقلية معزولة في المظاهرات.

ولكن لسوء الحظ، هؤلاء الذين من المفترض بهم أن يقودوا الجماهير، لم يدركوا هذه الخدعة. الخميس الماضي، أعلن الليبرالي محمد البرادعي، والناصري حمدين صباحي- والذين تعتبرهم الجماهير بشكل عام جزءاً من الجسم الثوري- أعلنوا قيام جبة الإنقاذ الوطنية بمشاركة عمرو موسى، الذي كان وزيراً للخارجية في عهد مبارك. كل ذلك تحت ذريعة “كلما كنا أكثر كان الوضع أفضل”. في الحقيقة، هؤلاء السادة عندما يدعون عمرو موسى فهم أيضاً يدعون أصدقاءه الفلول في السلطة القضائية وغيرها…

النقطة المهمة هنا أن الثورة ليس لديها أي علاقة مع هؤلاء الذين منذ أشهر فقط كانوا مستعدين لجرّ البلد نحو بحر من الدماء بدلاً من الموافقة على تسليم السلطة للشعب. يجب أن لا ننسى أيضاً أن هذه السلطة القضائية نفسها هي التي ناورت كي تمنع حدوث الانتخابات البرلمانية، وحاولت العبث بالمجلس التأسيسي. وهي السلطة نفسها التي أظهرت تهاونا كبيراً في محاكمة بلطجية مبارك. إن فتح المجال لهؤلاء هو بمثابة فتح الباب أمام الثورة المضادة عميقاً في جسم الثورة- وقد يؤدي ذلك إلى تَبِعات تخرب الثورة من الداخل.

بدلاً من توضيح طبيعة الانقسام للناس، ورفع مستوى الوعي عند الجماهير، هذا التكتيك سوف يؤدي فقط إلى مزيد من الضياع وإلى إضعاف الثورة، وأولى النتائج الملموسة لهذا التحالف بدأت تظهر. أولا، هذا أعطى ذريعة للإخوان المسلمين لاتهام المظاهرات المناهضة للإخوان بأنها في تحالف مع الفلول، وهذا ما قد يمنع بعض الفئات من الانضمام للحراك. ثانياً، تم تخفيض سقف برنامج جبهة الإنقاذ إرضاءً للفلول، لدرجة أنه أصبح غير قادر على جذب الجماهير.

أصبح المطلب الأساسي للجبهة إلغاء الإعلان الرئاسي والدفاع عن السلطة القضائية. ودفاعها عن المجلس القضائي يؤدي إلى ابتعاد أكثر القوى الثورية صدقا ووعيا، وأما تحديد مطلبها بالتراجع عن الإعلان الدستوري، فهو في الواقع تأطير وتحديد لمطالب ميدان التحرير التي كانت بشكل أساسي “إسقاط النظام”… أي أنها ثورة جديدة.

لذلك، نرى أن معادلة “كلما كنا أكثر كلما كان الوضع أفضل” تنقلب إلى نقيضها، فتحد من نطاق الحراك الثوري كي لا يمس الطبقة الحاكمة القديمة. إن السبيل الوحيد لضمان انتصار الثورة هو وضع برنامج ثوري والدفع باتجاه خطة عمل تهدف إلى القضاء الكلي على النظام بمؤسساته الاقتصادية والاجتماعية بشكل كامل.

اكتسب صباحي أكثر من خمسة ملايين صوتاً في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وكان على الأرجح لينجح لو أنه لم يجر تزوير كبير لعملية الانتخاب. وهذا كله بسبب إعلانه منذ البداية بأنه “مرشح ميدان التحرير”، وأنه لن يدعم شفيق (مرشح النظام القديم) ولا مرسي في الدورة الثانية. ولكن عبر التملّق للفلول الآن فهو على خطر أن يخسر كل التأييد الذي حظي به.

لو أن صبّاحي دعا بالأمس لتصعيد الصراع نحو إضراب عام ومظاهرات بالاتجاه القصر الرئاسي من أجل خلع مرسي، فما من شيء كان يقدر أن يوقف هذا الحراك. بدلا من ذلك، تدعو جبهة الإنقاذ على الأكثر، إلى مزيد من الاعتصامات والمظاهرات.

وقد سبق أن وقع الاشتراكيون الثوريين، كما شرحنا في حزيران الماضي، بخطأ مشابه. خلال الانتخابات الرئاسية، وبدلا من فضح الطبيعة البرجوازية للإخوان المسلمون، ودورهم في الثورة المضادة، فقد نصحوا بالتصويت لمرسي كـ “أهوَن الشرّين”. حتى أن حملة مرسي الانتخابية شكرتهم في بيان نجاحه! هذا الخطأ الكبير- الذي تتحمل كامل مسؤوليته قيادة هذا التنظيم- أدى إلى إضعاف التنظيم وإلى إضعاف علاقاته مع القوى الثورية الحقيقية، والتي هي طبعاً ليست الإخوان المسلمين.

ثم خلال الأيام الأخيرة قبل الانتخابات وقتها أصدروا بياناً يعلنون فيه ابتعادهم عن الإخوان، ولكن بالطبع كان هذا البيان قد أتى متأخرا. ولو أن الاشتراكيون الثوريون تمتعوا بالقوة والوعي الكافيين وقتها لكانوا منذ اليوم الأول للثورة أوضحوا طبيعة الإخوان المسلمين، ولكان اليوم لديهم الكثير ليكسبونه خصوصاً أن التجربة الحية للجماهير جعلتها واعية لطبيعة الإخوان الحقيقية. لذلك، بسبب هذا الخطأ، وغيره من الأخطاء المشابهة، هذا التنظيم بأعضائه النشيطين والمتفانين لم يمثل سوى جزء صغير نسبيا من هذا الحراك.

عملية طويلة وغير مستقرة

كانت مظاهرات الأمس درسا مهما لكل المشككين الذين كانوا ينوحون ويتباكون على انتهاء الثورة المصرية بوصول الإخوان المسلمين إلى السلطة. فمهما كانت درجة الاعتقاد الديني أو المشاعر القومية في لحظة ما من الزمن، فهذا لا يقدر أن يمنع التناقضات الطبقية التي يصنعها المجتمع الرأسمالي من التعبير عن نفسها والظهور إلى السطح. وهذا ما كتبناه منذ سنة :

«من الخطأ أن نعزو قوى “خارقة” للإسلاميين والقوى الأخرى المعادية للثورة والتي بطريقة ما تسمح لهم بالوقوف فوق المجتمع والصراع الطبقي، النقطة الرئيسية التي يجب فهمها هي أن جميع هذه القوى هي ظلال مختلفة من الأحزاب البرجوازية التي تدافع عن سيادة رأس المال، ولكن طالما أنهم يدافعون عن سيادة رأس المال فيجب عليهم قبول منطق الرأسمالية، عليهم إذا أن يدافعوا عن أزمة الرأسمالية والتي، في الوقت الحاضر، لا تسمح بتقديم حتى أقل وأبسط التنازلات للجماهير.

لو كان كل هذا قد حدث قبل عشر سنوات كان من الوارد أن يتمكنوا من تحقيق شكل ما من أشكال الأنظمة الديمقراطية البرجوازية حيث كان من شأن الازدهار في الرأسمالية العالمية أن يعطي لهم بعض الهامش للمناورة، لكن الآن هنالك أزمة عميقة على نطاق عالمي، هذا هو سبب الغليان الثوري وهو سبب لا يمكن وضع حد له بسهولة» (سنة واحدة على موت البوعزيزي-سنة واحدة على بدء الثورة العربية، حميد علي زاده، 16 ديسمبر 2011)

إن مشهد القوى الثورية البارحة يثبت ما قلناه. الثورة باتت تلاحق بلطجية الإسلاميين وجعلت كل القوى الرجعية في حالة صدمة وشلل تام، غير قابلة على التحرك. جعلتها تراقب، فقط، وتأمل رحمة الجماهير. ولو أن هذا الحراك حظِيَ بقيادة ثورية، لتحوّلت مظاهرة البارحة إلى ثورة جديدة تزيل كل بقايا المجتمع القديم. ولكن عدم وجود هذه القوة أدت إلى أن بقاء النظام واقفا، رغم ضعفه وعدم استقراره.

الجماهير تريد الديمقراطية، ونحن ندعم هذا المطلب، ولكن أيضاً نوضح أن هذا الوضع الحالي هو أفضل ما يمكن أن تقدمه الديمقراطية البرجوازية لمصر. الماركسيون توقّعوا مسير الأحداث هذا، ولكن بسبب الضعف العدد للتيار الماركسي فهو ليس قابل على ترجمة هذه الأفكار بشكل كلي كحراك على الأرض. لذلك، فإن الجماهير تتعلم بنفسها، من خلال تجربتها الأليمة.

بالعكس مما يحاول “خبراء” البرجوازية، والمشككون في اليسار، دفعنا للاعتقاد به، فإن الجماهير ليست بطبيعتها مؤيدة للأصولية الإسلامية الرجعية. وفي الحقيقة أن التراث الحقيقي للعمال في مصر وفي سائر المنطقة هو تراث يساري واشتراكي.

وكلما تحركت موجة الثورة ما بين مد وجزر، أعادت اكتشاف هذا التراث القديم وعلى نطاق واسع، وذلك أيضا بسبب أن حدود النظام الرأسمالي الحالي لا تسمح بتحقيق حتى أبسط الاحتياجات الأساسية للجماهير.

فقط الأفكار الاشتراكية العلمية، أي الماركسية، هي وحدها التي بإمكانها أن تفتح الطريق أمامها. لذلك، فالمهمة اليوم هي بناء قوة في قلب الحركة العمالية المصرية بالاستناد إلى هذه الأفكار. من خلال دراسة تجارب الماضي، وشرحها بصبر للعمال والشباب، يمكن لأفكارها أن تكسب صدى في هذه الثورة. وعند تحقيق ذلك، سينفتح الباب باتجاه ثورة اشتراكية حقيقية تنهي النظام الرأسمالي الذي يخدمه مرسي بإخلاص.

حميد علي زاده
الأربعاء: 28 نوفمبر 2012
ترجمه إلى العربية باسل عثمان

عنوان النص بالإنجليزية:

Egypt: Morsi Humiliated as Revolution raises its head once again

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *