بعد أربعة أيام من التحركات الجماهيرية الثورية للشعب المصري وبداية إضراب عام على الصعيد الوطني، تم إسقاط الرئيس مرسي أخيرا من السلطة. إن ما شهدناه يوم أمس هو مثال آخر على قوة جماهير العمال والشباب والفلاحين والفقراء عندما تبدأ في التحرك.
على الرغم من كل الحديث عن “الانقلاب العسكري”، فإن الحقيقة هي أن جنرالات الجيش لم يتدخلوا إلا في اللحظة الأخيرة من أجل منع الإطاحة الثورية الكاملة بالنظام والذي من شأنه أن يعرض للخطر ليس فقط موقع الرئيس والإخوان المسلمين (الذين يمثلون مكونا من الطبقة الرأسمالية)، لكن أيضا الدولة الرأسمالية والنظام الرأسمالي ككل. يمكننا أن نرى في هذا القوة الهائلة للجماهير الثورية لكن يمكننا أيضا أن نرى نقطة ضعفها الرئيسية، أي عدم وجود قيادة واضحة يمكنها أن تقودهم لإنهاء المهمة بأنفسهم.
يجب علينا أن نؤكد على هذه النقطة: لم يكن جنرالات الجيش هم من أسقطوا مرسي، بل كان الشعب الثوري من خلال تحركات جماهيرية تجاوزت حتى تلك التي أسقطت مبارك في يناير 2011. الطريقة الوحيدة التي قد تجعل المرء يسمي ما حدث بالأمس “انقلابا” هو إذا نظر فقط في الأحداث خلال الدقائق القليلة التي ألقى فيها قائد الجيش السيسي بيانه وتم وضع مرسي تحت الإقامة الجبرية، ونسي كل ما حدث في مصر منذ يناير عام 2011، وخاصة منذ يوم الأحد 30 يونيو 2013.
دعونا نتذكر. أولا وقبل كل شيء اندلعت الحركة الثورية الجماهيرية (بقيادة الشباب وبوحي من الثورة التونسية) في الشوارع وأسقطت مبارك الذي حكم مصر بقبضة من حديد لعقود من الزمان، وكانت تحت تصرفه أجهزة قمعية عديدة ومتقنة، وعلى ما يبدو مطلقة القوة. كانت نقط التحول الحاسمة في الثورة هي: 1) بداية دخول الطبقة العاملة إلى الساحة مع موجة إضرابات انتقلت بسرعة من عمال الغزل والنسيج بالمحلة، إلى الصناعات العسكرية بحلوان وعمال قناة السويس؛ 2) ظهور الانقسامات على أساس طبقي داخل صفوف الجيش، مع بداية قيام الضباط من ذوي الرتب الدنيا والجنود بالتآخي مع الثوار في الشوارع. دعونا نتذكر أنه عند تلك النقطة فقط تدخل جنرالات الجيش، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لإزالة مبارك. لقد نظرت الجماهير إلى ذلك، بحق، باعتباره انتصارا، لكنه كان فقط انتصارا جزئيا وغير كامل، لأنه ترك جهاز الدولة وسيطرة البرجوازية على الاقتصاد دون مساس.
وكان الفصل الثاني للحركة الثورية ضد المجلس العسكري وضد محاولة الجنرالات الحفاظ على نفس النظام القديم لكن بدون مبارك. وطيلة الفترة التي تفصل بين يناير 2011 ويونيو 2012 استمرت المظاهرات الحاشدة والاشتباكات المتواصلة من طرف الشعب ضد المجلس العسكري وللدفاع عن الأهداف الأساسية للثورة. وقد استشهد العشرات، وربما المئات من الأشخاص في المجموع، في سياق هذا الصراع. وأخيرا فهم المجلس العسكري أنه غير قادر على الاستمرار في الحكم بشكل مباشر في مواجهة الضغوط الهائلة للجماهير الثورية وتوصل إلى اتفاق مع الإخوان المسلمين. إن الإخوان المسلمين في نهاية المطاف يمثلون قسما من الطبقة الرأسمالية المصرية، قسم اغتنى بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة من عهد مبارك، مستفيدين من سياسة الخصخصة وتحرير الاقتصاد التي طبقها. إن ما كان الإخوان المسلمون يفتقرون له هو الوصول إلى السلطة السياسية. لم يكونوا حقا تهديدا لسلطة وثروة وامتيازات الجنرالات والنظام الرأسمالي الذي يمثلونه. وهذا هو ما جعل الصفقة ممكنة.
تضمنت الصفقة ترك الجيش بدون مساس، في حين يستخدم مرسي صورته كـ “ممثل للثورة” من أجل الحفاظ على الجماهير تحت السيطرة، في حين يعمل على تنفيذ السياسات التي تحتاجها الرأسمالية المصرية. وقد وصفها ستراتفور بهذه الطريقة: “ما كان الجيش بحاجة إليه هو حكومة يمكنها أن تدير الاقتصاد السياسي للبلد حتى تبقى حالة الاضطراب محدودة.”
لقد أظهرت الانتخابات الرئاسية في يونيو عام 2012 في الواقع مدى قلة الدعم الذي تتمتع به جماعة الإخوان المسلمين، حتى قبل عام مضى. في الجولة الأولى صوت 5.7 مليون شخص لمرسي (24٪)، بينما صوت 5 ملايين شخص (23٪) لشفيق (مرشح المجلس العسكري)، لكن 4.8 مليون شخص آخرين (20٪) صوتوا لصالح المرشح الناصري اليساري، حمدين صباحي، وصوت 4 ملايين (17٪) للمرشح الإسلامي الشعبوي أبو الفتوح. لم يحصل المرشح البرجوازي الليبرالي عمرو موسى بالكاد سوى على 2.5 مليون صوت. حتى في ذلك الوقت كانت نسبة الامتناع عن التصويت عالية 53٪، حيت اعتبرت قطاعات واسعة من السكان أن أيا من المرشحين لا يمثل حقا أهداف الثورة.
ومن الجدير بالذكر أن صباحي، المرشح الذي يمثل في أعين الجماهير الثورة بشكل أكثر وضوحا، قد فاز في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية (حيث سجل مرسي المرتبة الثالثة في كليهما) وبور سعيد (حيث سجل صباحي معدلا مثيرا للإعجاب: 40٪ من الأصوات).
كانت هناك العديد من المزاعم بتزوير الانتخابات والخروقات. على أية حال وحيث أن صباحي لم يصل إلى الدور الثاني، فقد بقي مرشحان اثنان فقط: مرسي وشفيق. في تلك الظروف رأى كثيرون أنه لا يمكنهم أن يسمحوا لمرشح الجنرالات بالفوز واحتشدوا وراء مرسي. وعندما تم الإعلان عن النتيجة النهائية للجولة الثانية (مرة أخرى وسط ادعاءات كثيرة بحدوث خروقات وتزوير)، أعلن مرسي فائزا بـ 13 مليون صوت (من أصل ما مجموعه 51 مليون ناخب مسجل). الكثير من هؤلاء لم يصوتوا لمرسي بقدر ما صوتوا ضد شفيق. وقد شهدت البورصة أكبر ارتفاع لها خلال 9 سنوات، مما بين رأي الطبقة الرأسمالية.
كانت هناك توقعات بين بعض قطاعات الجماهير بأن مرسي سيحاول على الأقل معالجة بعض المطالب الرئيسية للثورة: الخبز والشغل والعدالة. لكنه لم يفعل. لم يكن يستطيع ذلك، كما أنه لم يكن يريد. إن الأزمة الحادة للرأسمالية المصرية، والتي تفاقمت بسبب الأزمة العالمية، تعني أن الوضع الاقتصادي للجماهير سيسير من سيء إلى أسوأ. حدث انهيار في قيمة الجنيه المصري بمعدل 50٪، وزيادة في مستويات البطالة والفقر والآن صار 63٪ من السكان يعتقدون أنهم أسوأ حالا مما كانوا عليه قبل توليه السلطة.
أما فيما يتعلق بالحقوق الديمقراطية فقد استعمل القمع ضد أولئك الذين احتجوا ضده، وسمح بتبرئة مسؤولي النظام القديم المسؤولين عن قتل شهداء موقعة الجمل، وصادق على أحكام الإعدام ضد مشجعي فريق بورسعيد لكرة القدم ، وأعطى لنفسه صلاحيات واسعة قبل الاستفتاء الدستوري، الخ، الخ. هذا كله كان جزءا من الصفقة التي عقدها مع الجيش، حيث كان دوره الحفاظ على النظام. وطوال هذه الفترة دعمه جنرالات الجيش.
كانت هناك موجات منتظمة من الاحتجاجات الحاشدة ضد مرسي في القاهرة والإسكندرية، وعلى طول قناة السويس، مع مشاركة مئات الآلاف في الحركات الجماهيرية في نوفمبر / دجنبر 2012، وبعد ذلك في يناير 2013. في خطابه الأخير إلى الأمة، يوم الثلاثاء 02 يوليوز، كرر عشرات المرات كلمة “الشرعية”، لكن الحقيقة هي أنه فقد كل شرعية ربما كانت له في البداية، بعد تجربة الجماهير مع حكومته.
حركة تمرد التي بدأت في ابريل من هذا العام، قدمت قناة لخروج الغضب المتراكم ضد مرسي والشعور العميق بأن الجماهير نفذت ثورتها لكن انتصارها تعرض للسرقة ولم يتحقق أي شيء. لا يمكن للعمال العاديين والفقراء أن يعيشوا على أساس الوعود. لقد قاموا بالثورة للحصول على مناصب شغل وعلى الخبز والعدالة، لكن ما حصلوا عليه هو انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع معدلات البطالة والنقص في الوقود والكهرباء والقمع وانعدام العدالة لشهداء الثورة. هذا هو الأساس الحقيقي للإطاحة الثورية بمرسي، وليس بعض المؤامرة العسكرية. ليس للأمر علاقة بالصراع بين النزعة العلمانية والإسلامية، بينما له علاقة وثيقة بانتفاضة العمال والفقراء من أجل العدالة الاجتماعية.
حققت حركة تمرد22 مليون توقيع على عريضتها (متجاوزة الهدف الأصلي الذي كان 15 مليون توقيع) للمطالبة بالاستقالة الفورية للرئيس. وهذا الرقم أكبر بكثير من رقم 5.7 مليون صوت الذي حققه مرسي في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وحتى من رقم 13 مليون صوت الذي فاز به في الجولة الثانية (والتي لم يكن الكثير منها أصواتا له). ومع ذلك يتحدث عن “الشرعية”!.
كانت حركة الأيام القليلة الماضية حركة جماهيرية حقيقية. كانت مظاهرات 30 يونيو ضخمة، أكبر بكثير وأوسع نطاقا من أي شيء رأيناه في يناير 2011. وحسب أرقام وزارة الداخلية تظاهر 17 مليون شخص في الشوارع ضد مرسي. بطبيعة الحال، في ظل هذه الأوضاع قد يكون لوزارة الداخلية دافع لتضخيم حجم الحركة، لكن حتى ولو كانت تلك الأرقام مبالغا فيها، فقد كان هناك عدد من الناس في الشوارع أكثر من أولئك الذين صوتوا لصالح مرسي في عام 2012. في واقع الأمر العديد من الذين صوتوا لصالحه كانوا الآن في الشوارع. وكانت المظاهرات المناهضة للمرسي بالتأكيد أكبر بـ 10 أو 20 مرة على الأقل من تلك التي تؤيده.
لم تقتصر الحركة، مع ذلك، على المظاهرات الحاشدة. فقد تشكلت اللجان الثورية في جميع أنحاء البلاد. وبدأ إضراب عام. كانت هناك العديد من التقارير، ولا سيما في صباح يوم 03 يوليوز، عن مجموعات من العمال في الصناعات الرئيسية ومؤسسات الدولة خرجوا من العمل وانضموا إلى الاحتجاجات والاعتصامات، في أعقاب دعوة الحركة الثورية إلى العصيان المدني الشامل. لقد كانت السلطة في الواقع بأيدي الشعب. كانت المباني الحكومية في جميع أنحاء البلاد إما محتلة أو محاصرة ومغلقة من قبل الجماهير، بل وبمشاركة العمال العاديين والضباط في عدة أماكن.
هذا هو السياق الذي أدى إلى تدخل جنرالات الجيش. حيث أن رفض مرسي الرحيل وتمسكه بالسلطة، كان يهدد بخطر حدوث مواجهة شاملة مع الشعب الثوري قد تنتهي بالإطاحة الثورية بالنظام وبتخلص الجماهير ليس فقط من الرئيس بل أيضا بكل صرح الدولة الرأسمالية. وهذا ما لا يمكن للجنرالات أن يسمحوا به.
إن الطريقة التي صاغوا بها تدخلهم تكشف عن الوضع الحقيقي. إنهم لم يتدخلوا “لاستعادة القانون والنظام”، وإنما “للتأكد من الاستجابة لإرادة الشعب! “. في الواقع دعت حركة تمرد الجماهير في 03 يوليوز إلى تطويق ثكنة الحرس الجمهوري لمطالبة الجيش بالتدخل وإسقاط مرسي! إن هذا من ناحية يكشف أوجه القصور عند قيادة الحركة، وهي الحركة التي كانت قادرة تماما على الإطاحة بمرسي دون الحاجة إلى اللجوء إلى جنرالات الجيش، لكنه يكشف أيضا مدى محدودية هامش المناورة بالنسبة للجنرالات.
الإنذار الذي أطلقه الجنرالات يجعل المسألة واضحة جدا. إن ما يريدونه هو تولي السلطة من طرف حكومة وحدة وطنية جديدة تضم حتى “عناصر من الشباب الثوري”، لكي تعود الجماهير إلى ديارها. إن آخر شيء يريده الجنرالات هو فرض الحكم العسكري على حركة ثورية بالملايين! إنهم عاجزون عن القيام بذلك، وسوف يثير ذلك انقسام الجيش على أساس طبقي. إنهم يركبون نمرا شرسا، وهو الشيء الخطير جدا.
كانت هناك، بطبيعة الحال، مشاهد ابتهاج في الشوارع عندما تم الإعلان عن إزالة مرسي. وسوف يقدر العديد من الناس الدور الذي لعبه جنرالات الجيش في هذا المجال. لكنهم يقدرون دور الجيش بقدر ما اعتبروه ينفذ إرادة الشعب. وأي محاولة من طرف جنرالات الجيش لقمع الشعب ستواجه باندلاع حركة ثورية مماثلة.
ومع ذلك، لا ينبغي لنا أن نبالغ في تقدير مستوى الدعم الذي يتمتع به الجيش بين صفوف الشعب. يوم 03 يوليوز، وكانعكاس للشعور السائد بأن الجميع يتفاوضون على إيجاد حل وراء ظهر الشعب الثائر أصدرت حركة تمرد الرسالة التالية: “يجب على النظام والجيش والمعارضة أن يوقفوا اتصالاتهم الهاتفية مع الولايات المتحدة الأمريكية ويستمعوا إلى الوطن ويفعلوا ما يريده الوطن”. إن ما يريده الشعب هو الخبز ومناصب الشغل والعدالة. وقد أطاح بمبارك، وأزال المجلس العسكري وأطاح الآن بمرسي من أجل تحقيق ذلك. وقد توصل في خضم هذه النضالات الصاخبة إلى استخلاص بعض الدروس المهمة جدا. لا مزاج له ليثق بأحد كثيرا جدا وسوف يحكم على كل من يأتي إلى السلطة الآن بمقياس مدى استجابته لمطالبه الخاصة. انه يشعر بالقوة والثقة.
يفهم المحللون البعيدو النظر بين صفوف الطبقة الحاكمة المخاطر التي ينطوي عليها الوضع. إنهم يعرفون أن هذا ليس “انقلابا”. يضع ستراتفور المسألة بهذه الطريقة: “إن الإبعاد القسري لحكومة مرسي سيجعل من الصعب تشكيل حكومة مدنية جديدة لأن البيئة السياسية ستكون أكثر استقطابا”. إن ما يعتبرونه أخطر عناصر المعادلة هو أن ” الجيش اقترف سابقة الاستسلام لعنف الغوغاء “. إذا ترجمنا هذا إلى لغة المظلومين سيعني هذا أن الخطر يكمن في أن الشعب سيعتقد أنه من خلال أساليب “عنف الغوغاء” (اقرأ: الأساليب الثورية)، يمكنه أن يحقق ما يريد، وهذه بالتأكيد “سابقة” خطيرة… من وجهة نظر الطبقة الحاكمة.
إن المناورة التي تتم في الأعلى واضحة. عندما أعلن رئيس القوات المسلحة السيسي عن إزالة مرسي، أحاط نفسه بشيخ الأزهر وبابا الأقباط الأرثوذكس، والزعيم البرجوازي الليبرالي البرادعي، وممثل عن حزب النور السلفي، وممثلين عن القضاء والشرطة، وممثل واحد من حملة تمرد. وتم تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور، وهو القاضي الذي ينتمي إلى عهد مبارك، رئيسا جديدا. وسيتم تشكيل مجلس جديد “موسع” من أجل المصالحة الوطنية، وعند نقطة معينة سوف يكون هناك دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة.
إن الفكرة هي توجيه الحركة الثورية، مرة أخرى، نحو مياه الديمقراطية البرجوازية والدستورية الآمنة. سيحاولون إشراك أكبر قدر ممكن من الشخصيات المقربة من الجماهير، بما في ذلك شخصيات من حركة تمرد، من أجل إعطاء العملية برمتها أكبر قدر ممكن من الشرعية.
إن الجماهير الثورية مبتهجة الآن. لكن عليها مع الاحتفال أن تظل يقظة، لأن انتصارهم مهدد مرة أخرى بأن يسرق منها.
إن اللجان الثورية التي انتشرت (على مستوى أعلى حتى مما كان عليه في يناير 2011)، ينبغي الحفاظ عليها وتعزيزها وتوسيع نطاقها لتشمل جميع قطاعات الشعب المظلوم: العمال والجنود والفلاحين والفقراء. ينبغي عليها أن تأخذ – كما فعلت بالفعل جزئيا – السلطة بين أيديها من خلال احتلال المحافظات والبلديات والبدء في ممارسة الحكم. ينبغي عليها أن تعزز موقفها من خلال الدعوة إلى جموعات عامة جماهيرية من أجل اتخاذ القرارات بشأن جميع المسائل الهامة. ينبغي إضفاء الطابع الرسمي على هياكل اللجان، مع مندوبين منتخبين ويمكن عزلهم في جميع أماكن العمل، وأحياء العمال والفقراء، وكذلك انتخاب مندوبين من بين الجنود. وفي مواجهة خطر لجوء الإسلاميين المتطرفين إلى شن عمليات مسلحة، يجب تنظيم الدفاع عن النفس من قبل اللجان الثورية.
ينبغي على الشعب الثوري، قبل كل شيء، ألا ينتظر قيام الرئيس الجديد، أو المجلس المؤقت، باتخاذ القرارات. أين كان هؤلاء عندما خرجت الجماهير إلى الشوارع وخاطرت بحياتها؟ هل كان عدلي منصور في ميدان التحرير؟ هل واجه البرادعي بلطجية مبارك في موقعة الجمل؟ أين كان شيخ الأزهر عندما نظمت الشرطة فخا لمشجعي الأهلي في بورسعيد؟ والأهم من ذلك كله، أين كان جنرالات الجيش عندما أطاحت الجماهير بمبارك ثم ناضلت ضد مرسي؟ إنهم لم يأتوا إلا في اللحظة الأخيرة فقط. لا يمكن الوثوق في أي منهم لتنفيذ إرادة الشعب الثوري. وحده الشعب، بقيادة الطبقة العاملة، من يمكنه القيام بذلك.
يجب على اللجان الثورية أخذ زمام المبادرة على الفور. ينبغي إنشاء محاكم ثورية تحت رقابة اللجان الثورية لتحقيق العدالة لشهداء الثورة. ينبغي إنشاء لجان الرقابة العمالية في جميع المصانع لضمان حقوق العمال والإنتاج لتلبية احتياجات الشعب. يجب أن يتم تشكيل لجان تموين ثورية في جميع أحياء الطبقة العاملة لضمان توفر ما يكفي من المواد الغذائية وتوزيعها على الشعب.
يرتبط السؤال الحاسم بخصوص من يمسك بزمام السلطة، هل الشعب الثوري أو ائتلاف من السياسيين البرجوازيين وجنرالات الجيش، بالسؤال الأكثر أهمية حول من يسيطر على الثروة. لا يمكن حتى لأكثر الدساتير ديمقراطية الاستجابة للمطالب الملحة للجماهير. إن التصويت على الجمعية التأسيسية، وفي الانتخابات الرئاسية والجمعية الوطنية لن يعطي الجماهير الخبز ولا مناصب الشغل. لا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا رافقت الثورة السياسية الجذرية ثورة اجتماعية واقتصادية.، إلا إذا قامت الطبقة العاملة المصرية بمصادرة تلك الحفنة من الأثرياء الذين يسيطرون على ثروات البلاد، والذين يرتبط عدد كبير منهم ارتباطا وثيقا بالنظام القديم، والذين يرتبط كثير منهم مباشرة بالقيادة العليا للجيش، وأخيرا أولئك الرأسماليين الذين يختبئون وراء اللحى والتقوى.
لقد كان الشعب الثوري في مصر مرة أخرى مصدر إلهام للمضطهدين من العالم. إن المهمة الرئيسية هي بناء قيادة ثورية تكون في مستوى المهام المطروحة.
- كل السلطة لللجان الثورية!
- لا ثقة في الجنرالات والساسة البرجوازيين والزعماء الدينيين – لا تثقوا إلا في قواتكم الخاصة!
- صادروا ملكيات الرأسماليين – كل الثروة للذين ينتجونها!
خورخي مارتن
الخميس: 04 يوليوز 2013
عنوان النص بالإنجليزية: