جو أتارد
الاثنين: 07 غشت 2017
توافد أكثر من 300 ثوري من 20 بلدا إلى إيطاليا في الأسبوع الأخير من شهر يوليوز للمشاركة في الجامعة الأممية الصيفية للتيار الماركسي الأممي. وقد احتفلت هذه الجامعة بالذكرى المائوية للثورة الروسية، حيث تناولت النقاشات السياسية هذا الحدث الهام في تاريخ البشرية.
وبالإضافة إلى الدورات التعليمية حول مواضيع بداية الثورة وبناء الحزب البلشفي واستيلاء العمال على السلطة والحرب الأهلية والمرحلة الأولى للنظام السوفياتي، تشارك الرفاق من جميع فروع الأممية خبرات العمل الثوري في بلدانهم وناقشوا خطط بناء التيار الماركسي الأممي في جميع أنحاء العالم.
وبكل المقاييس كانت الجامعة حدثا ناجحا جدا، ألهم بشكل كامل الرفاق الذين حضروا (معظمهم من الشباب) لتكريم إرث الحزب البلشفي من خلال بناء الاشتراكية في القرن الواحد والعشرين.
منظورات عالمية: بالنسبة للبرجوازية، كل الطرق تؤدي إلى الخراب
بعد أن التحق الرفاق والتقوا الأصدقاء القدامى وقدموا أنفسهم للقادمين الجدد، بدأت الجامعة رسميا بنقاش حول المنظورات العالمية، والذي قدم له رئيس تحرير موقع الدفاع عن الماركسية، الرفيق آلان وودز.
أشار آلان إلى أن جميع الخطوات التي اتخذها السياسيون والاقتصاديون البرجوازيون لاستعادة التوازن الاقتصادي قد دمرت التوازن السياسي والاجتماعي، سواء التقشف أو خطط الإنقاذ المالي للقطاع المصرفي؛ ومن خلال سعيهم لتفادي الأزمة الحالية، لا يعملون سوى على تحضير الشروط للأزمات المستقبلية.
قال آلان: نحن الماركسيون نفهم أن الوعي يتخلف عن تطورات الواقع المادي – لكنه يلحق بها من خلال قفزات. واستشهد باستطلاع حديث أظهر أن 67٪ من الأميركيين صرحوا بأنهم مستعدون للتصويت لصالح مرشح اشتراكي، بمن فيهم 34٪ فوق سن 65. يحدث هذا في “بلد العداء للاشتراكية”!
وأوضح أن بريطانيا تشكل ربما المثال الأوضح على التحولات الحاسمة التي تحدث في المجتمع الرأسمالي، حيث أصيبت الطبقة الحاكمة بثلاثة صدمات متزامنة في شكل الاستفتاء الاسكتلندي حول الاستقلال واستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي والانتخابات العامة لعام 2017 والتي لم يحصل فيها المحافظون سوى على أغلبية برلمانية صغيرة وجعلت جيريمي كوربين “رئيسا للوزراء في الظل”.
ومع ذلك، أعرب آلان لكل من لديه أوهام في الإصلاحيين مثل كوربين، عن ضرورة توخي الحذر مشيرا إلى الكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها اليونان بعد استسلام ألكسيس تسيبراس لمطالب الترويكا بتطبيق تدابير التقشف.
وشهدت النقاشات التي استمرت بعد ذلك طيلة اليوم مساهمات من جميع فروع الأممية، موضحة كيف أن الأزمة العالمية للرأسمالية قد قلبت الوضع القائم في كل القارات. واختتم آلان من خلال نقاش هذه الانفجارات، مشيرا إلى أن جميع الإجراءات التي تقوم بها البرجوازية في مرحلة احتضار الرأسمالية تؤدي لا محالة إلى الخراب.
وأكد أنه باستطاعة الطبقة العاملة المسلحة بالأفكار الماركسية وبالقيادة الصحيحة، بل ويجب عليها، أن تحذو حذو البروليتاريا الروسية قبل 100 سنة، وأن تنشئ مجتمعا جديدا.
فنزويلا والمرحلة الأولى من الثورة الروسية
أما بقية الأسبوع فقد خصص إلى حد كبير لورشات كان موضوعها الرئيس هو الثورة الروسية. وكان الاستثناءات هو تنظيم ورشة حول فنزويلا، قدمها خورخي مارتن، الأمين العام لحملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا.
أوضح الرفيق خورخي أن هوغو تشافيز بعد انتخابه عام 1998 لم يكن لديه برنامج اشتراكي، بل كان له برنامج يتضمن مطالب ديمقراطية وطنية أولية: الإصلاح الزراعي وإنهاء الفساد السياسي وتوسيع نطاق الديمقراطية إلى الفئات التي كانت مستبعدة منها من قبل والاستخدام الأكثر ديمقراطية لمداخيل النفط لصالح المجتمع. وعلاوة على ذلك تمكن تشافيز من خلال تنفيذ هذا البرنامج من أن يلهم حركة كانت أكثر جذرية منه، مما حفز الجماهير على الدخول إلى الحياة السياسية والتصدي لانقلاب اليمين في عام 2002.
ومع ذلك فقد فشل تشافيز في مصادرة الرأسماليين والأوليغارشيين الفنزويليين (بل وسعى بالفعل إلى المصالحة معهم)، مما سمح لهم بتخريب الثورة البوليفارية من الداخل. وقد أدى هذا، جنبا إلى جنب مع تراجع مداخيل النفط، إلى تدهور كبير في مستويات المعيشة، وسمح بفوز المعارضة المعادية للثورة (التي تدعمها القوى الإمبريالية) بأغلبية كبيرة في الجمعية الوطنية.
وحاول خليفة تشافيز، نيكولاس مداورو، الحفاظ على السلطة من خلال انتخاب الجمعية التأسيسية، في حين يقدم التنازلات للرأسماليين. والنتيجة هي أن الحماس الثوري للجماهير صار في أدنى مستوى.
إن ما فشل في فنزويلا ليس الاشتراكية، كما أشار خورخي، بل الإصلاحية. إن استحالة تنفيذ نصف ثورة دفعت الثورة البوليفارية إلى حافة الانهيار. وحدها المشاركة المباشرة للجماهير ومبادرتها الثورية لتحطيم سيطرة الرأسماليين، هي ما سيمكن الثورة من البقاء على قيد الحياة.
وفي الورشة الموازية، قدم الرفيق جيروم ميتيلوس من فرنسا عرضا حول ثورة فبراير. وأوضح كيف أن الإضراب الجماهيري الذي بدأته عاملات نسيج في مصنع بتروغراد في 23 فبراير (حسب التقويم القديم) قد تطور إلى انتفاضة ظافرة.
وعكس ما يقوله المؤرخون البرجوازيون، فإنه عندما استولى العمال والجنود الثوريون على قصر توريد في 27 فبراير، لم يسعوا إلى تسليم السلطة إلى الدوما، بل إلى سوفييت بتروغراد.
وهنا يكمن ما يسميه تروتسكي بمفارقة فبراير: لقد نفذ العمال والفلاحون في الزي الرسمي الثورة ضد رغبات البرجوازية الروسية، التي كانت تخشى قوتهم. وعلاوة على ذلك، فقد كان قادة السوفييت الإصلاحيون (ميليوكوف ورودزيانكو وبوشكوف وغيرهم) حريصون على منح السلطة للبرجوازية، لأنهم كانوا يفتقرون إلى الثقة في قدرة الجماهير على حكم نفسها بنفسها. لذلك دخلت روسيا مرحلة من السلطة المزدوجة، إذ كانت تُسيَّر في نفس الوقت من طرف الحكومة المؤقتة والسوفييتات.
شهد مساء ذلك اليوم تقديم آلان لمناقشة عامة حول تاريخ الحزب البلشفي، ذلك الحزب الفريدة من نوعه في سرعة تطوره من قوة صغيرة إلى منظمة جماهيرية ضخمة قادت الملايين من العمال الروس والفلاحين إلى الاستيلاء على السلطة. وتحت قيادة لينين تميز الحزب بجعله النظرية الماركسية أساس عمله، مثلما هي أساس عملنا.
قدم آلان لمحة موجزة عن تطور البلاشفة بدءا من مجموعات نقاش ماركسية صغيرة يقودها بليخانوف، إلى إضفاء لينين للطابع الاحترافي على حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي في مؤتمره الثاني عام 1903 (مما أدى إلى انفصال البلاشفة عن المناشفة الإصلاحيين)، إلى مؤتمر زيمروالد عام 1915، حيث انشق لينين عن الأممية الثانية بسبب دعمها للحرب العالمية؛ وانتهاء باندلاع الثورة في روسيا عام 1917.
في ذلك الوقت كان الحزب البلشفي يضم 8000 عضو في بلد يضم 150 مليون نسمة، وكانوا أقلية صغيرة داخل السوفييتات، مما يدل على كيف يمكن لمنظمة صغيرة – تمتلك نظرية صحيحة- أن تصبح بسرعة قوة جماهيرية. وفي كلمته الموجزة أكد آلان أن منظمتنا تقف بثبات على أساس تراث البلشفية العظيم.
كيف استولى العمال على السلطة
صباح يوم الخميس قدم الرفيق حميد علي زاده عرضا حول “أيام يوليوز” التي شكلت لحظة محورية في الصراع بين الثورة والثورة المضادة. وحده الوضوح السياسي للينين والبلاشفة آنذاك من مكن من منع قيام ديكتاتورية فاشية شرسة، في شكل انقلاب الجنرال كورنيلوف ضد الحكومة المؤقتة.
وقد قارن حميد هذه الأحداث بما وقع في أعقاب الثورة المصرية، حيث كانت هناك العديد من “أيام يوليوز”، مثل تلك التي شهدناها عندما خرج الشباب ضد الجيش، وعندما أطاح 17 مليون متظاهر بمرسي. لكن وبسبب غياب حزب مثل الحزب البلشفي (الذي كان العامل الذاتي الأساسي)، تراجعت الثورة.
بينما ناقش الرفيق فرانشيسكو ميرلي، في الورشة الموازية، كتاب لينين “الدولة والثورة”، موضحا أهميته لفهم طبيعة الدولة البرجوازية. وباستخدام تحليل لينين، أثبت فرانشيسكو أن الصفات المجردة المرتبطة بجهاز الدولة – كالعدالة والحرية – ليست سوى غطاء أيديولوجي لذلك الجهاز المكون من رجال مسلحين، والمصمم للدفاع عن علاقات الملكية الرأسمالية والمحافظة عليها.
وشهد الجزء الثاني من اليوم ورشات حول ثورة أكتوبر وموقف البلاشفة من الحرب العالمية الأولى. أعطت الورشة الأولى (من تقديم كلاوديو بيلوتي من إيطاليا) لمحة عامة عن أعظم لحظة في تاريخ البشرية، التي تجاوزت أهميتها حتى الثورة الفرنسية الكبرى في عام 1789. وفي خضم الصراعات داخل حزبه ومواجهة الإصلاحية داخل السوفييتات، شرح لينين بصبر المهمة الملموسة للانتفاضة ضد الحكومة المؤقتة. وحدها الجماهير من في إمكانها تحقيق ذلك، كما قال لينين نفسه: «إن مصير الثورة الروسية والعالمية يعتمد على يومين أو ثلاثة أيام من النضال المفتوح».
وعلى الرغم من المحاولات الكثيرة لتأخير أو تخريب الانتفاضة من قبل بعض أعضاء الحزب البلشفي (بمن فيهم كامينيف وزينوفيف)، فإن الحرس الأحمر (ميليشيات العمال) والجنود المتعاطفين مع الثورة، نفذوا في النهاية بشكل منسق تنسيقا جيدا (بدون دماء تقريبا) عملية الاستيلاء على السلطة في بتروغراد في 25 أكتوبر، والتي بلغت ذروتها في حصار قصر الشتاء في اليوم الموالي.
وفي رد مباشر على اتهامات الليبراليين البرجوازيين، شرح الرفيق أن ثورة أكتوبر لم تكن انقلابا من قبل متآمرين عنيفين، بل كانت انتفاضة شعبية قام بها الآلاف من العمال والفلاحين الذين تم كسبهم تدريجيا إلى الأفكار الثورية بفضل عمل لينين الصبور.
قدم الرفيق نيكلاس سفنسون موضوعا حول كتاب لينين “الاشتراكية والحرب” الذي ألفه عام 1916، حيث استحضر وصف كلوزفيتز للحرب بأنها مجرد “استمرار للسياسة بوسائل أخرى”، وبالتالي فإنها ليست مسألة أخلاقية بل علمية. إن الخطوة الأولى بالنسبة للماركسي هي تحديد طابع الحرب: هل هي صراع بين الطبقات؟ هل هي حرب للتحرر الوطني؟ أم حرب غزو؟ وهذا الطابع الملموس هو ما يحدد موقفنا منها.
وأوضح نيكلاس كيف أن الأممية الثانية كانت قد حللت بشكل صحيح الحرب العالمية الأولى على أنها حرب إمبريالية (نشأت عن الحاجة إلى إعادة تقسيم العالم، حيث سعت ألمانيا الموحدة إلى السيطرة على أسواق جديدة)، لكن فقط أقلية صغيرة من الأممية، بقيادة لينين، هي من عارضت في النهاية الحرب.
كان شعار لينين حول “الهزيمة الثورية” يتضمن الموقف بأن العدو الحقيقي ليس في الخارج بل هو الرأسماليون في الداخل. كما طبع هذا التحليل أيضا موقف تروتسكي من الحرب العالمية الثانية، حيث طالب العمال بالإطاحة بحكوماتهم المتحالفة وشن نضال ثوري ضد الفاشية، وفي نفس الآن دعوة العمال الألمان إلى التحالف في هذه العملية.
لا تحرر من دون اشتراكية!
كما خصص يوم الخميس كذلك لنقاش قضية تحرر النساء والقضية القومية. الورشة الأولى، كانت من تقديم الرفيقة ماري فريدريكسن من الفرع الدنماركي، وصفت الأثر التقدمي للثورة الروسية على النساء.
سرعان ما تحول ذلك الاضطهاد والقمع الشديدين اللذان كانت تواجههما النساء في روسيا (حيث كان العنف المنزلي محميا بقوة القانون) إلى عكس ذلك عندما استقرت الثورة. وفي الواقع، كانت النساء العاملات هن اللواتي قدن ثورة فبراير.
وفي حين شكلت النساء نسبة صغيرة من القيادة البلشفية (ومن حيث التمثيل السياسي عموما في ذلك الوقت)، فقد طبق البلاشفة مجموعة واسعة من الإصلاحات التقدمية للغاية لصالح النساء عند توليهم السلطة. وقد شملت تلك التدابير إلغاء تجريم الإجهاض وتبسيط قانون الطلاق وحرية التنقل ومنح المرأة الحق في امتلاك الأرض.
شرحت الرفيقة ماري أنه بالنسبة للماركسيين لا يمكن فصل النضال من أجل تحرر المرأة عن النضال من أجل تحرر الطبقة العاملة بأكملها، مما يجعل الثورة الاشتراكية شرطا مسبقا لتحرر المرأة الحقيقي. يقف هذا المنظور في تناقض صارخ مع موقف النسويات البرجوازيات والبورجوازيات الصغيرات اللواتي دعمن الحرب العالمية الأولى، واللائي عارضن مطلب الخبز باعتباره مطلبا “جد بسيط”.
قدم الرفيق خورخي النقاش حول التحرر الوطني، والتي كان لينين يوليها أهمية كبرى. كان لينين يصف الإمبراطورية الروسية بأنها “سجن الشعوب”، إذ كانت تضم العديد من الجماعات المضطهدة في البلطيق وبيلاروسيا وأوكرانيا والقوقاز والقازاق والقوميات الجنوبية الأخرى . وقد تمت مناقشة مسألة القوميات منذ مؤتمر 1903، الذي اعترف فيه الحزب بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي نفس الآن أكد على ضرورة وحدة صفوف الطبقة العاملة في النضال.
وضع لينين هذا المنظور موضع التنفيذ بعد ثورة أكتوبر، معلنا حق جميع القوميات، التي كانت تعيش داخل الإمبراطورية الروسية، في تقرير مصيرها. وأوضح الرفيق خورخي أنه على الرغم من تسبب موقف لينين هذا في عدد من الصعوبات خلال الحرب الأهلية في فنلندا وأوكرانيا وأماكن أخرى (حيث كانت مسألة التحرر الوطني تستغل بشكل كلبي من قبل الطبقة الحاكمة القديمة من أجل تحويل الانتباه عن القضية الطبقية) فقد أثبت في نهاية المطاف أنه صحيح.
غير أن موقف البلاشفة من المسألة القومية قوضته الستالينية في وقت لاحق، والتي مهدت الطريق إلى الشوفينية الروسية الكبرى. ويمكن اليوم رؤية العواقب المشؤومة لذلك في الشيشان، حيث بسبب القمع الوحشي تحول شعب كان أكثر شعوب المنطقة دعما للثورة (خلال الحرب الأهلية الروسية) إلى بؤرة للأصولية الإسلامية الرجعية.
روسيا في عهد البلاشفة
وقد تم تخصيص الجزء الأخير من الجامعة لنقاش النظام البلشفي خلال سنواته الأولى، إضافة إلى نقاش الرفيق أليكس غرانت، من الفرع الكندي، الذي فكك بشكل منهجي 10 أكاذيب حول الحزب البلشفي.
لا بد أن أي ماركسي قد سبق له أن واجه الأكاذيب القديمة القائلة بأن: “الثورة كانت انقلابا” وأن “لينين كان جاسوسا ألمانيا” وأنه “كان سيقوم نظام ديمقراطي في روسيا لو لم تكن ثورة أكتوبر”. وفي حين ضحك كل الحاضرين من عبثية هذه الافتراءات، فقد تسلح الرفاق بالحجج المضادة الفعالة لمواجهة مثل هذه القمامة في المستقبل.
وفي صباح يوم الجمعة، ناقش الرفيق جون بيترسون، من الفرع الأمريكي، السنة الأولى للبلاشفة في السلطة.
بعد استيلاء البلاشفة على بتروغراد، بدأوا يتطلعون للثورة الألمانية، التي هزمت بشكل مأساوي عند سحق انتفاضة سبارتكوس في عام 1919. في تلك الأثناء اضطر البلاشفة إلى العمل بسرعة لتعزيز موقفهم وكسب احترام الجماهير ، فعملوا على تمرير عدد من المراسيم بشأن السلام الفوري مع ألمانيا والإصلاح الزراعي وتحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل وتطبيق العلمانية في التعليم العام وعدد من الإصلاحات الاجتماعية (بما في ذلك إلغاء تجريم المثلية الجنسية).
جاء رد البرجوازية وحشيا في شكل الإرهاب الأبيض، وهو ما أشار إليه الرفيق روب ليون، من الفرع الكندي، في حديثه عن الحرب الأهلية.
وفي تناقض صارخ مع التهم الكاذبة التي وجهها المؤرخون البرجوازيون لتروتسكي والجيش الأحمر، فإن “الإرهاب الأحمر” العمالي لم يكن شيئا يذكر بالمقارنة مع سادية الجيوش البيضاء بقيادة من أمثال كولتشاك وكورنيلوف ودينيكين. ومن بين الصور البشعة أشار روب خصوصا إلى تلك المتعلقة بإعدام مئات الجنود الحمر (أو الذين اشتبه في كونهم من الحمر) رميا بالرصاص ثم جردوا من ملابسهم وتم لي أجسادهم المجمدة في وضعيات فاحشة وإرسالها إلى بتروغراد الجائعة في عربة قطار مع لافتة كتب عليها “لحوم طازجة”.
وكما أوضح روب: لقد كان الجيش المحترف والممركز، الذي بناه تروتسكي من بين عمال غير مدربين وفلاحين ومقاتلي حرب العصابات، يقاتل بالأسنان والأظافر ضد جنين الفاشية الروسية، التي حظيت بدعم كامل من طرف 21 جيشا إمبرياليا غازيا.
وأخيرا قدم الرفيق فريد ويستون عرضا بشأن بناء الكومنترن [الأممية الشيوعية، الثالثة]، وشرح كيف أن الأممية كانت دائما مبدأً مركزيا في برنامج وأهداف الحزب البلشفي، على النقيض من النظرية الستالينية حول “الاشتراكية في بلد واحد”.
بعد أن أعلن لينين عن وفاة الأممية الثانية، بعد أن تبنى معظم قادتها موقفا شوفينيا أثناء الحرب العالمية، قام لينين بوضع الأسس لبناء أممية ثالثة، وهي المهمة التي أنجزت في عام 1919، مع تشكيل الأحزاب الشيوعية. اجتمع مندوبون من روسيا وألمانيا والنمسا وبولندا وفرنسا وبريطانيا والصين وبلدان أخرى في روسيا للتصديق على بيان مؤتمر الأممية الأول.
ومع ذلك، فقد بدأت الشقوق تظهر على الفور في المنظمة، حيث سقطت بعض فروعها فريسة للنزعة الانتهازية أو اليسراوية المتطرفة. وبطبيعة الحال عندما استولى ستالين على الحكم في الاتحاد السوفياتي، فإن الانحطاط ازداد كثافة إلى درجة أن مختلف الأحزاب الشيوعية تبنت التعاون الطبقي المخجل والنزعة الشوفينية وغيرها من المواقف المضادة للثورة. ويمكن وصف ذلك بأنه نهاية أيام المجد التي بدأت في أكتوبر، مع انحطاط الثورة بقوة واتجاهها الحثيث نحو الردة التيرميدورية.
فصل جديد للتيار الماركسي الأممي
وعلى الرغم من هذه الدروس القاتمة من التاريخ، انتهت الجامعة على أساس التقرير الإيجابي جدا حول وضع الأممية، والذي قدمه الرفيق خورخي. حصل الرفاق على شعور حقيقي بقوة التيار الماركسي الأممي عندما وصف الرفيق خورخي قصص نجاح معينة في أماكن مثل السلفادور والسويد.
وفي أماكن أخرى شهدنا نموا مطردا للفروع في القارات الأربع، ولا سيما مع تنامي التأثير القوي بين الشباب المتجذرين. وبالنظر إلى الأثر البغيض للأزمة الرأسمالية على الظروف المعيشية للشباب وآفاق العمل بالنسبة لهم، فلا عجب في أن يجد برنامجنا الثوري الحازم صدى له بين أوساطهم.
مكن النمو السريع للماركسيين الأمريكيين، إلى جانب التضحيات المالية الكبيرة التي يقوم بها الرفاق، من فتح مكتب للفرع في نيويورك وإصدار جريدة جديدة بالألوان، تحت اسم: الثورة الاشتراكية، وهو الاسم الجريء جدا بالنسبة لبلد كان في معقل العداء لليسار. ويبدو أن أحد الرفاق من بيتسبرغ قد وضع لنفسه هدفا مدى الحياة وهو بيع نصف مليون اشتراك في الجريدة الجديدة. لا يوجد شيء مثل التفاؤل الثوري أيها الرفيق!
وفي الوقت نفسه، فإن العمل الشاق الذي قام به الماركسيون البريطانيون قد أتى أكله مع إصدار جريدة النداء الاشتراكي على رأس كل أسبوعين [بدل شهر]. الرفاق في إيطاليا بدورهم حققوا قدرا كبيرا من النجاح في عملهم بين طلاب المدارس ومشاركتهم في مسيرات النساء، التي بدأت في نابولي في وقت سابق من هذا العام.
وقد أعجب الرفاق بشجاعة الرفاق الباكستانيين الذين قدموا موجزا عن الوضع السياسي الصعب في بلدهم، حيث يشكل السجن وحتى الموت تهديدا مستمرا. وعلى الرغم من العقبات، فقد أتاح لنا التوجه الجريء نحو الشباب، من خلال منظمة التحالف التقدمي للشباب، إقامة صلات مع الطلاب والعمال الشباب الغاضبين من اغتيال مشعل خان في أبريل الماضي.
كان رفاقنا في قيادة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في كل أنحاء البلد، وبدأوا أيضا في كسب التأييد في كشمير المحتلة. وصف الرفيق آدم بال عملنا بأنه “ضوء صغير في الظلام” للطبقة العاملة الباكستانية التي بدأت للتو في فهم قوتها.
في كلمة ألان وودز الختامية، قال مازحا إنه يعلن كل مرة أن هذا الحدث الأممي هو الحدث الأفضل من أي وقت مضى، وقال إن ذلك صحيح! لكن هذا العام، وبالنظر للذكرى المائوية للثورة الروسية، كان الجو متميزا بشكل خاص. وصف أحد الرفاق البريطانيين، الذي انضم حديثا، المزاج السائد قائلا:
«لم يسبق لي أبدا أن حضرت نشاطا أكثر فائدة وأكثر ودية من الجامعة الأممية للتيار الماركسي الأممي. لقد كنت دائما أريد أن أكون فاعلا في تغيير الأوضاع، والجامعة ترمز إلى أهم الوسائل للقيام بذلك: التحليل الماركسي العلمي والمنظمة البلشفية الحقيقية».
إن إرث البلاشفة هو إرثنا. إلى الأمام نحو الثورة أيها الرفاق!
عنوان النص بالإنجليزية:
IMT World School: Celebrating the legacy of 1917