الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / شمال إفريقيا / المغرب / المغرب: النظام يرسم خطا من الدم بينه وبين الحراك ولم يعد هناك أي مجال للمصالحة

المغرب: النظام يرسم خطا من الدم بينه وبين الحراك ولم يعد هناك أي مجال للمصالحة

لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
أمل دنقل

  منذ السادسة مساء من هذا اليوم وإلى حين كتابة هذه السطور، ليلة السبت 12 غشت، ما تزال قوات القمع تكسر عظام المتظاهرين السلميين في بلدة العروي، قرب الناظور، وتعتقل بشكل عشوائي كل من طالته أيديها.

تأتي حملة القمع البربرية هاته على إثر محاولة شباب البلدة تنظيم مظاهرة سلمية تضامنية مع حراك الريف، كانت قد دعت إليها لجنة الحراك الشعبي بجماعة العروي، تحت شعار “لكتابة صفحة أخرى في تاريخ الحراك”.

ورغم سلمية الحركة فإن قوات القمع عملت منذ الوهلة الأولى على محاصرة المتظاهرين في الساحة وأطلقت العنان للمجزرة. وتفيد التقارير الواردة من عين المكان أن عدد الجرحى بين المتظاهرين غير محدد، وأغلب الإصابات في الرأس. (فيديو)

  وأمام هذا الاعتداء البربري قام بعض الشباب بالدفاع عن نفسه برشق قوات القمع بالحجارة، في مشهد يذكرنا بما يحدث في فلسطين بين الجيش الصهيوني وأطفال الحجارة. كما قام التجار وأرباب المقاهي بإعلان إضراب عام، احتجاجا على القمع وأغلقوا محلاتهم.

وكانت قوات القمع، بمختلف أنواعها، قد شنت، يوم أمس الجمعة 11 غشت، حملة اعتقالات أخرى في بلدة إمزورن، على إثر الاحتجاجات التي اندلعت عقب استشهاد عماد العتابي. وقد بلغ عدد المعتقلين 16 على الأقل لحد الآن.

ويأتي هذا التصعيد في حملة القمع والاعتقالات والمداهمات، مباشرة بعد الخطاب الذي ألقاه الملك، يوم 09 غشت الجاري، والذي نوه فيه صراحة بعمل قوات البوليس، التي اعتبر أنها «وجدت نفسها وجها لوجه مع الساكنة، فتحملت مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر، وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار».

ونفى أن يكون كل ما ارتكبته من جرائم (قمع، تخريب، اعتقالات، مداهمات للمنازل، الخ) صفة “المقاربة الأمنية”، حيث قال: «وذلك عكس ما يدعيه البعض من لجوء إلى ما يسمونه بالمقاربة الأمنية، وكأن المغرب فوق بركان، وأن كل بيت وكل مواطن له شرطي يراقبه».

وأضفى الشرعية على كل تلك المجازر عندما أسماها «التزاما ثابتا، هو تطبيق القانون، واحترام المؤسسات، وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم.»

  واعتبر أن «رجال الأمن يقدمون تضحيات كبيرة، ويعملون ليلا ونهارا، وفي ظروف صعبة، من أجل القيام بواجبهم في حماية أمن الوطن واستقراره، داخليا وخارجيا، والسهر على راحة وطمأنينة المواطنين وسلامتهم».

بل وأمر “المغاربة” بالافتخار بتلك الممارسات حيث قال: «ومن حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفتخروا بأمنهم، وهنا أقولها بدون تردد أو مركب نقص: إذا كان بعض العدميين لا يريدون الاعتراف بذلك، أو يرفضون قول الحقيقة، فهذا مشكل يخصهم وحدهم».

كان ذلك الخطاب بمثابة طمأنة لجهاز القمع ومسؤوليه الكبار والصغار، بأنهم بمنأى عن أي محاسبة، ورسالة موجهة لهم بأن أعلى سلطة راضية عما يقومون به في حق المواطنين. كما كان بمثابة ضوء أخضر لشن المزيد من الاعتداءات والجرائم، تحت الرعاية المولوية.

وبالفعل ذلك ما نشهده وسنشهده خلال قادم الأيام، ليس في الريف وحده بل في كل مكان. لا صوت سيعلو على صوت “حماية أمن الوطن واستقراره”، أي حماية أمن واستقرار الطبقة السائدة وعصابة اللصوص ومصاصي دماء الشعب.

ومباشرة بعض الخطاب كذلك، امتلكت الأجهزة القمعية ما يكفي من الشجاعة لكي تعلن رسميا مقتل الشاب عماد العتابي، الذي استشهد، خلال قمع البوليس لمظاهرات 20 يوليوز الماضي، بعد إطلاق قنبلة مسيلة للدموع عليه مباشرة في الرأس. والذي تكتمت السلطات على مقتله منذ ذلك الحين.كما امتلكت ما يكفي من الشجاعة لكي تطالب النيابة العامة بتطبيق أقصى فصول القانون الجنائي، التي تصل فيها العقوبات إلى درجة الإعدام، في حق المعتقلين على خلفية الحراك، وخاصة القادة البارزون.

  بهذا الخطاب وبكل هذا القمع الوحشي والاعتقالات التي تلت الخطاب والتي ما تزال مستمرة، أعطى النظام الدليل على أنه لن يتوقف عند أي حد في التنكيل بالمحتجين وترويع العائلات في منازلهم وفي الشوارع، بل وحتى قتل المتظاهرين.

فلنكن واضحين، ولنسم الأشياء بمسمياتها: لقد رسم النظام خطا من الدم بينه وبين الحراك ولم يعد هناك أي مجال للمصالحة. ليس هناك من مصالحة ولا تنازلات يمكنها أن تعيد الحياة للشاب عماد، ولا الكرامة لمن انتهكت كرامتهم. مثلما لن تعيد الحياة لمحسن فكري الذي مات مسحوقا في شاحنة أزبال ولا لشهداء 20 فبراير الخمسة الذين قتلوا وحرقت جثتهم بطريقة وحشية.

لم تعد المعركة الآن دائرة بيننا وبين هذا المسؤول أو ذاك، من أجل هذا المطلب أو ذاك. إنها معركة بيننا وبين النظام الرأسمالي الدكتاتوري ككل. بيننا نحن العمال والفلاحون وعموم الكادحين وبين طبقة الرأسماليين مصاصي دم الشعب الطفيليين عملاء الإمبريالية. والانتقام لا بد أن يكون طبقيا. الانتقام لا بد أن يكون بالثورة الاشتراكية التي وحدها من سيطهر البلد من هؤلاء جميعا.

ظاهريا يبدو النظام والطبقة السائدة قويين لا يقهران، لكن الواقع شيء آخر. إن كل هذا القمع ليس دليلا على القوة، بل تعبير واضح عن ضعف النظام والطبقة السائدة ودرجة الرعب التي تتملكهم من الحراك وكفاحية الشباب الثوري في الريف وغيره من مناطق المغرب. إن النظام يعرف أنه هش وأن حراكا جماهيريا قويا سيؤدي إلى إسقاطه بسهولة، لذلك فهو يستعمل كل قوته لكي يمنع استمرار وتطور الحراك وامتداده إلى مناطق أخرى.

ليس هناك من قمع ولا جيش ولا نظام يمكنه أن يهزم الطبقة العاملة وعموم الفقراء، الأغلبية الساحقة في المجتمع وصانعي الثروة الحقيقيين، إذا ما نهضوا للنضال منظمين مسلحين بالوعي وبقيادة ثورية حازمة تمتلك برنامجا عليما وبديلا اشتراكيا واضحا.

وقد ضربت الجماهير، والشباب خصوصا، أمثلة رائعة للبطولة والكفاحية والصمود. فبرغم القمع والاعتقالات استمر الحراك لأزيد من ثمانية أشهر وما يزال!كل هذا بدون تنظيم محكم يوحد قوى الجماهير في كل المنطقة ومع المناطق الأخرى، ولا هياكل منتخبة على مستوى الحي والمدينة والمنطقة وبقية المناطق، تتيح إشراك الجماهير وإسماع صوتها ونشر الدعاية والتحريض بين صفوفها، ولا برنامج يكثف مطالب الجماهير في نقاط واضحة تناضل على أساسها.

لقد حققت الجماهير كل ما حققته حتى الآن بدون هذه الآليات الأساسية لكل ثورة ناجحة، فلنتصور فقط لو أنه توفرت لها تلك الآليات ماذا كان سيحصل! كانت بالتأكيد ستكنس كل أعدائها جانبا، ليس في منطقة الريف وحدها، بل في كل المغرب. كانت ستحطم بسهولة نظام الدكتاتورية والقمع وتسقط طبقة الطفيليات ناهبي ثروات الوطن، وستشرع في بناء مغرب جديد، مغرب العمال والفلاحين، صانعي الثروات الحقيقيين، مغرب بدون رأسماليين ولا استغلال ولا قمع.

إن ما ينقص الحركة الحالية ليس الكفاحية ولا البطولة، ما ينقصها هو التنظيم والقيادة الثورية. إن أزمة الحركة يمكن اختزالها في أزمة القيادة الثورية. وهذه هي مهمتنا نحن الشباب الثوري المنخرط في النضال، وهي المهمة التي لن يقوم بإنجازها أحد آخر عوضا عنا، كما أنها لن تنجز من تلقاء نفسها وبالعفوية. إنها مهمة تتطلب العمل الجاد الصبور لتكوين القادة الثوريين على أساس النظرية الماركسية والبديل الاشتراكي الثوري.

إننا في جريدة الثورة، الفرع المغربي لتيار الماركسي الأممي، نحمل على كاهلنا هذه المهمة، مهمة بناء القيادة الثورية، فإن كنتم تتفقون معنا، التحقوا بنا في النضال من أجل هذه القضية العظيمة، قضية بناء حزب العمال الماركسي الثوري والنضال من أجل الاشتراكية في المغرب والعالم.

أنس رحيمي
السبت: 12 غشت 2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *