ننشر في ما يلي حوارا أجراه الرفيق جو أتارد، لموقع ماركسي، مع الرفيقة فيونا، العضوة القيادية في الحزب الشيوعي الثوري -الفرع البريطاني للأممية الشيوعية الثورية- حول موقف الشيوعيين الثوريين من القضية الفلسطينية ومنظورهم لتطوير حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الاسرائيلي المدعوم من طرق الإمبرياليات والأنظمة العربية في المنطقة، والرسالة التي توجهها لعمال وشباب المنطقة.
سؤال: لماذا يدعم الشيوعيون النضال الفلسطيني؟
جواب: حسنا، أول شيء هو أن الشيوعيين يقفون دائما إلى جانب المضطهَدين.
الشيوعيون يناضلون من أجل التحرر الكامل لكل الفقراء والمسحوقين والجماهير المضطهَدة عبر العالم، والفلسطينيون هم أحد أكثر الفئات اضطهادا في العالم بأسره اليوم. ومن الواضح جدا لنا أن السبب الجوهري لاضطهادهم نابع في المقام الأول من الدولة الاسرائيلية، لكن الدولة الاسرائيلية نفسها لم يكن في مقدورها أن تقوم بما تقوم به حاليا من دون الدعم من جانب أمريكا أو بريطانيا أو بقية القوى الامبريالية الغربية الأخرى. إنهم يعطون إسرائيل الأموال والأسلحة، لكن أيضا الدعم الدبلوماسي لاضطهاد الفلسطينيين ومواصلة ممارساتها. وهم يقومون بذلك لأن إسرائيل هي حليفهم الرئيسي في المنطقة بأسرها والذي يريدون استعماله كقاعدة لمواصلة استغلال المنطقة من أجل مصالحهم الإمبريالية الخاصة، فيما يتعلق بالموارد وأشياء أخرى عديدة.
وعلاوة على ذلك من الواضح لنا أن القضية الفلسطينية اليوم صارت دربا مضيئا لكل الغضب المتراكم في المجتمع. من منظور الشيوعيين في بريطانيا، دولتـ”نا” التي تمول وتدعم ما تقوم به اسرائيل، تعمل أيضا على مهاجمة ظروف عيش العمال والشباب في بريطانيا اليوم، إنها تقوم أيضا بمهاجمة حقنا في الاحتجاج. عندما يخرج الناس للتعبير عن آرائهم بخصوص الحرب وبخصوص ما تقوم به إسرائيل، يتعرضون للاعتقال.
حتى حق الاحتجاج نفسه قد ألغي تماما، ويتعرضون للهجوم بشكل عنيف من طرف البوليس.
لذا فإنه في الواقع فلسطين اليوم وحركة التضامن مع فلسطين تصير نقطة ينعكس فيها كل المزاج المعادي للنظام. وباعتبارنا شيوعيين من المهم لنا أن ننخرط بشكل هائل في هذا النضال. نحن ندعم حق الفلسطينيين في امتلاك وطن، ويمكننا كذلك أن نرى كيف هو مرتبط بكل الوضع سواء في بريطانيا أو في أمريكا ومصلحتهم في الابقاء على الانقسام في الداخل، في بلدانهم كذلك.
سؤال: ما الذي يمكن قوله عن الأنظمة العربية في المنطقة؟
جواب: العديد من الأنظمة العربية في المنطقة بأسرها تقدم دعما شكليا لنضال الفلسطينيين، يتحدثون عن الدعم والتعاون مع إخوانهم وأخواتهم المسلمين، لكنهم في الواقع، إذا نظرتم إلى ما يقومون به في بلدان مثل مصر، إنهم يقومون في الواقع بدور حراس الحدود لصالح إسرائيل، ويحافظون على بقاء تلك الحدود.
والعديد من تلك البلدان، بما في ذلك العربية السعودية، كانت قبيل اندلاع الأحداث الأخيرة يوم 7 أكتوبر، تسعى إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقد اضطروا إلى ايقاف ذلك لأن الحركة توسعت. الواقع هو أنه في كل تلك البلدان، وعبر كل الشرق الأوسط، هناك العديد من الناس، أغلبية الشعب، لديهم تعاطف عظيم مع الفلسطينيين، والشباب والعمال يريدون القيام بالمزيد. وفي الواقع حكوماتهم ودولهم هي التي تعرقل الأشياء.
ويمكنني أن أقول إنه في العديد من تلك البلدان، الحكومات مرعوبة من شعوبها، مرعوبة من احتمالات تطور هذه الحركة. هناك شريط فيديو رائع من مصر من ملعب كرة للقدم، حيث كان عشرات الآلاف من الشباب يغنون: “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”!
كما كانت هناك أيضا احتجاجات طلابية تحاكي ما نراه عبر الولايات المتحدة، واعتصامات الطلاب لدعم فلسطين. لذا فإنه واضح بالنسبة لنا أن فلسطين بدأت تصير نقطة ارتكاز للغضب عبر المنطقة بأسرها، والتي يمكنها أن تتحول بسرعة إلى غضب ضد تلك الحكومات نفسها وتلك الدول نفسها، التي تلعب دورا في أولا محاصرة أو منع النضالات المؤيدة للفلسطينيين من أن تأخذ مسارا أكثر فاعلية، وأيضا هي متورطة في قمع شعوبها. وهذا هو السبب في أن المسألة جد حية والدول جد قلقة لرؤية احتمالات تطورها.
سؤال: ما هو المسار الذي على حركة دعم فلسطين أن تسير فيه؟
جواب: من الواضح لنا أن تحرير فلسطين يتطلب حركة أممية. وكما قلنا قبل قليل فإن الموارد لتي تمتلكها إسرائيل تأتي من واقع أن إسرائيل مدعومة من طرف نظام رأسمالي إمبريالي عالمي، إسرائيل مدعومة من طرف بلدان مثل أمريكا وبريطانيا، وبالتالي فإنه من الضروري علينا في هذه البلدان أن نقوم بكل شيء يمكننا القيام به لمهاجمة طبقاتنا السائدة، ولهذا فإنه من الصحيح أن الطلاب الأمريكيون أشعلوا هذه الحركة من أجل دعوة ومطالبة جامعاتهم بأن تقوم بالتوقف عن الاستثمار في شركات السلاح التي تمد إسرائيل بالأسلحة، يجب أن تنتشر هذه الحركة إلى كل العالم، ونفس الشيء يحدث في بريطانيا، لكن أيضا أن جوانب مختلفة من آلة الحرب تبنى في مختلف أجزاء العالم كذلك.
نشهد أمثلة لعمال الميناء في الهند، على سبيل المثال، الذين رفضوا شحن البواخر التي تنقل الأسلحة إلى اسرائيل، نفس الشيء حدث في برشلونة. نريد أن نرى تطور حركة أممية مرتبطة بالطبقة العاملة على وجه الخصوص.
وهناك تقاليد بهذا الخصوص، هناك تقاليد ثورية عبر الشرق الأوسط أيضا في الواقع. حركة بدأت قبل حوالي عقد من الزمن فقط، في 2011، كانت تلك حركة ثورية جبارة تمكنت من إسقاط عدد من الأنظمة، وذلك شيء جيد جدا. هذا النوع من النضالات لو تم ربطه ببرنامج حقيقي، ويمكنني أن أقول: بمنظمة حقيقية، لكانت تلك هي الطريقة التي يمكننا من خلالها تغيير الأشياء بشكل فعلي.
ليست لدينا أية أوهام في أن تعمل الأنظمة الحالية في الشرق الأوسط على تحرير فلسطين او أي شيء من هذا القبيل، لن يقوموا بذلك. إن عمال وشباب المنطقة هم وحدهم القادرون على تحقيق ذلك فعلا. كن لكي يحدث ذلك يحتاجون لحسم السلطة، إلا أن هذه ليست مهمة سهلة، لا يمكن القيام بها إلا على أساس منظمة حقيقية وأممية حقيقية، والتي هي ما نسعى جاهدين لبنائه في آخر المطاف.
إن الأممية الشيوعية الثورية ستنظم مؤتمرها التأسيسي بعد بضعة أسابيع، في العاشر من يونيو في إيطاليا. ونحن نوجه الدعوة إلى أكبر عدد من الشباب والثوريين الذين يبحثون عن الأفكار الشيوعية بشكل خاص، للمشاركة في ذلك، لكي نتمكن من تطوير هذه الحركة من كونها شبكة فضفاضة لأناس ملتزمين ذوي نوايا حسنة يريدون رؤية تغيير في العالم،
إلى قوة منظمة حقيقية يمكنها أن تبدأ في اتخاذ إجراءات.
سؤال: فيديو حوارك مع سويلا برافرمان شهد انتشارا واسعا بشكل لا يصدق، هل لديك رسالة لعمال، وخاصة شباب، الشرق الأوسط؟
جواب: سأقول إن جزءا من أسباب انطلاق الحركة التي شهدتها الولايات المتحدة وبريطانيا وبلدان أخرى، هو أن الناس فهموا أنه لم يعد في الامكان الاكتفاء بتوجيه الدعوة للسياسيين كطريقة لرؤية التغيير وكطريقة لإيقاف الحرب بشكل فعلي وإيقاف ما تقوم به إسرائيل. وأعتقد أن هذه السيرورة تحتاج إلى أن تنتشر على الصعيد العالمي، وخاصة عبر الشرق الأوسط. توجد تقاليد نضالية ثورية عبر كل تلك البلدان، وما علينا القيام به هو إعادة الحياة لها، وبناء حركة تسير أبعد من مجرد استعمال العرائض أو الطرق القانونية أو الدساتير التي تأتي من الحكومات، بل يجب على العمال والشباب أن يمتلكوا الثقة في أنفسهم وحدهم، ويبدأوا سيرورة تنظيم أنفسهم بأنفسهم وعلى أساس مصالح طبقتهم، لأن توجد مصالح متناقضة هنا.
إن السبب في أن الحكومات عبر الشرق الأوسط لا تقوم بأي شيء لتحرير الفلسطينيين بالمعنى الحقيقيهو أنها تأتي من أصول طبقية مختلفة وهي غير مهتمة بتحرير الفلسطينيين أو الفقراء أو المضطهَدين في المنطقة بأسرها. وحدنا من يمكننا القيام بذلك.
إن الموجة الثورية التي بدأت في 2011 أعطتنا لمحة عن الامكانات الموجودة، والرغبة الحقيقية في إحداث تغيير عميق عبر المنطقة بأسرها. لكن ما كان مفتقدا، ما كان غائبا، هو منظمة وقيادة، قيادة شيوعية ثورية مبدئية يمكنها أن تقود تلك الثورة إلى حسم السلطة بالفعل وتوحيد ملايين الناس الذين خرجوا إلى الشوارع، على أساس برنامج يمكنه حل مشاكل وتناقضات حياتهم. هذه القيادة وهذه المنظمة هي بالضبط ما نسعى لبنائه، لذا فإننا ندعوكم إلى الالتحاق بالأممية الشيوعية الثورية.