يمثل سقوط كابول نهاية هجوم خاطف استمر سبعة أيام سيطرت خلاله قوات طالبان على منطقة تضم أكثر من نصف البلاد، بما في ذلك المدن الأكثر اكتظاظًا. وهم الآن يسيطرون على كل مناطق البلاد.
لم يمر وقت طويل منذ أن كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد أكد للجميع أن طالبان لن تستولي على كابول؛ وأنها لن تسيطر على البلد كله؛ وأنه ستكون هناك حكومة مصالحة وطنية على النحو المتفق عليه مع طالبان؛ وهلم جرا.
وقبل شهر كان قد أعلن بثقة أن «احتمال أن تسيطر طالبان بشكل كامل على البلاد وتحكمها غير مرجح إلى حد كبير. لقد زودنا شركائنا الأفغان بجميع الوسائل، اسمحوا لي أن أؤكد: جميع الوسائل والتدريب ومعدات أي جيش حديث».
والآن انفضحت كل هذه الوعود على أنها مجرد كلام فارغ. لم تكن القوات الأمريكية حتى قد انتهت من انسحابها المخطط له، عندما شنت حركة طالبان انقضاضها. وقد أدت سرعة هجومهم إلى إثارة حالة من الذعر في حكومة كابول المتهاوية أصلا.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين فقد كان من المفترض أن يتولى النظام الأفغاني وجيشه وشرطته إدارة البلاد اثر انسحاب الولايات المتحدة. لكن النظام غير موجود. والجيش الأفغاني، الذي تم تدريبه وتسليحه على يد الجيش الأمريكي، ويتكون من 300.000 جندي، سرعان ما تلاشى في مواجهة الإسلاميين ضعيفي التسليح، والذين، حتى بأكثر التقديرات سخاء، لا يضمون أكثر من 75.000 مقاتل بدوام كامل.
وخلال الأسبوع الماضي، كان هناك تناقض حاد بين الخطب الرنانة لقادة الجيش والسياسيين، الذين تعهدوا جميعا بالقتال حتى النهاية، وبين إفلاسهم وفشلهم الكامل في تنظيم أي مقاومة عندما دقت ساعة الحقيقة. ففي جميع المدن، الواحدة تلو الأخرى، قام نفس هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يستعرضون عضلاتهم قبل أيام فقط، بتسليم السلطة إلى طالبان وهربوا من البلاد، أو، في بعض الحالات، قاموا بتبديل مواقفهم وعرضوا خدماتهم على النظام الجديد.
سرعان ما انحدر الجيش الأفغاني إلى حالة من التفكك. سقطت المدن، الواحدة تلو الأخرى، حيث استسلم الجنود الحكوميون بأعداد كبيرة، وسلموا أسلحتهم إلى طالبان مقابل المال.
ومع اقتراب الحركة من كابول، أعلنت الحكومة أنها ستتفاوض على انتقال سلمي للسلطة يضمن الحقوق الأساسية للأفغان. حتى أن الرئيس أشرف غني أعلن أنه تم التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة انتقالية تتألف من ممثلين عن طالبان والنظام القديم.
لكن قبل الإعلان عن أي تفاصيل حول هذه الصفقة، وصلت أنباء عن فرار غني من البلاد. انهار نظام أشرف غني الفاسد والرجعي مثل بيت من ورق. ألقى غني خطابا تلفزيونيا أخيرا لمواطنيه، حيث حثهم على القتال حتى النهاية، ثم عمل على حزم حقائبه على الفور وهرب في طائرة خاصة إلى طاجيكستان، حيث يمكنه ضمان منفى مريح، بينما يواجه شعبه مرة أخرى كل مباهج حكم طالبان.
شوهدت نفس الأحداث تتكرر في جميع أنحاء البلاد. فبينما كان يتم تنويم الجماهير بإحساس زائف بالأمن من خلال البيانات الرسمية، كانت الاتفاقات تعقد خلف الكواليس بين مسؤولي النظام القديم وبين طالبان. وقد تكهن البعض بأن الإمبرياليين الأمريكيين قد شاركوا بدورهم في عقد مثل تلك الصفقات، في عملية تهدف لحفظ ماء الوجه لتأمين خروج غير دموي من كابول ومنع المزيد من الإذلال.
وبينما كان أمثال غني وزمرته منشغلين في الاعتناء بأنفسهم، كانت أسراب من مقاتلي طالبان تدخل العاصمة دون أي مقاومة. والآن ها هي الجماهير الأفغانية، التي عانت الكثير على يد الإمبريالية الأمريكية، تستعد لعودة الحكم الثيوقراطي. بعثت عودة الأصوليين الإسلاميين الرعب في قلوب الشعب الأفغاني. فمع اقتراب قوات المتمردين من كابول انتشر الذعر في العاصمة.
بينما تُرك العمال والفقراء والنساء وكل من يعانون على أيدي طالبان لمواجهة مصيرهم الخاص، كان الأثرياء مشغولين بإنقاذ أنفسهم. وشوهد العشرات من أفراد النخبة وهم يفرون من البلاد. بينما غيّـر آخرون ولاءهم وانضموا إلى طالبان. وبحسب التقارير فقد فر وزير الدفاع، بسم الله محمدي، مع أبنائه إلى الإمارات. في حين صرح همايون همايون، نائب رئيس مجلس النواب السابق والحليف المقرب من غني سابقا، أن طالبان عينته رئيسا لشرطة كابول.
وخلال الساعات التي كانت فيها كابول تسقط، شوهد وفد يضم أمراء حرب ورجال أعمال من شمال البلاد، الذي كان يشكل أقوى قاعدة للنظام القديم، في رحلة إلى باكستان، التي تعتبر الداعم المالي الرئيسي لطالبان. من المفترض أن يكون الغرض من زيارتهم هو التفاوض حول دورهم المستقبلي في ظل النظام الجديد. كل ذلك بينما يُترك الفقراء والمضطهَدون ليلاقوا مصيرهم.
على الرغم من التصريحات الرسمية لحركة طالبان بأنها ستحترم حقوق المرأة وستمنح العفو لكل من لا يقاومها، فإن التقارير التي بدأت تطفو على السطح تتحدث عن عمليات قتل ضد مثقفين ونساء. في هرات يوم أمس تم طرد الطالبات من الجامعة وطُلب من موظفات البنك العودة إلى منازلهن. وفي قندهار وردت تقارير عن شن عمليات تفتيش من منزل إلى منزل عن صحفيين عملوا مع وسائل إعلام أجنبية. وسيستمر هذا الإرهاب في الأيام والأسابيع المقبلة فيما تحاول طالبان ترسيخ حكمها.
يعرض المتحدثون باسم طالبان صورة عقلانية لطيفة أمام كاميرات التلفزيون. يقولون: “نحن لسنا كما كنا من قبل”. “لقد تعلمنا الكثير من الدروس”، وهلم جرا. لكنه لا يمكن الثقة على الإطلاق في هذه التصريحات. إن هدفهم الوحيد هو تهدئة أعصاب “المجتمع الدولي”، وبالتالي، كما يأملون، التقليل من خطر التدخل العسكري الأجنبي.
لكن تجدد التدخل الأجنبي احتمال مستبعد جدا. لقد اتخذ جو بايدن اختياره ولا مجال للعودة. سوف ينتهز خصومه السياسيون الفرصة لتشويه اسمه بكونه “الرجل الذي خان الأفغان”. وقد احتج، عبثًا، على أن سلفه، دونالد ترامب، هو الذي اتخذ القرار المصيري بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.
هذا لن يرضي أحدا. وهو على أي حال لا يغير شيئا، حيث أنه لا الجمهوريون ولا أي شخص آخر يقترح بشكل جدي تنظيم تدخل عسكري جديد. صحيح أنه خلال أسبوع واحد تضخم عدد القوات الأمريكية المنتشرة في أفغانستان من ألف إلى ثلاثة آلاف، ثم إلى خمسة آلاف، ثم ستة آلاف.
لكن الهدف الوحيد من وراء إرسال القوات إلى كابول ليس محاربة طالبان، بل تسهيل إجلاء ما يصل إلى 20 ألف من المواطنين والموظفين الأمريكيين المحاصرين في كابول. لكن حتى ذلك اتضح أنه مهمة صعبة. فمع مرور الوقت أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة لن تفعل الكثير على الإطلاق لإنقاذ معظم أولئك الذين من المحتمل أن يكونوا مستهدفين من قبل قمع طالبان.
أغرق آلاف الأفغان القنصليات الأمريكية لتأمين تأشيرة سفر ورحلة إلى خارج البلاد، وهي الجهود التي باءت بالنسبة للغالبية العظمى بالفشل. ومنذ يوم السبت اكتظ مطار كابول بالناس اليائسين الذين حاولوا مغادرة البلاد في اللحظة الأخيرة قبل أن تتولى طالبان زمام الأمور.
وحاول آخرون المغادرة بالسيارات مما أدى إلى سد الطرق وتوقف تام لحركة المرور في المدينة. قالت طالبان إنها ستسمح للناس بمغادرة كابول، لكن أين هو المكان الذي يمكنهم أن يكونوا فيه بأمان؟ إن الفكرة التي ألمحت إليها الإدارة الأمريكية، بأنه يمكن التحكم في إدارة طالبان بطريقة ما عن طريق المفاوضات، قد أثبتت بالفعل أنها مجرد وهم ساذج ميؤوس منه.
وسط مشاهد الفوضى والذعر في المطار الدولي، حاول آلاف الأفغان اليائسين الفرار قبل أن تنتهي الولايات المتحدة من إجلاء جميع مواطنيها المدنيين والعسكريين. في هذه المرحلة سيترك الأمريكيون “أصدقاءهم” و”حلفاءهم” الأفغان لمصيرهم في عمل من أعمال الخيانة الكلبية والجبن.
كان هذا بالضبط هو ما لم يكن من المفترض أن يحدث. كان من المفترض أن يكون الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عملا منظما. صرح بايدن إنه لن يكون هناك تكرار لعملية الإخلاء التي قامت بها الولايات المتحدة لسايغون في عام 1975، تلك الكارثة المهينة التي شكلت نهاية حرب فيتنام:
«طالبان ليست الجيش الفيتنامي الشمالي. إنهم ليسوا كذلك، لا يمكن مقارنتهم بالجيش الفيتنامي الشمالي من حيث القدرة. ولن يكون هناك أي ظرف حيث نرى أشخاصاً يُنقلون من على سطح السفارة الأمريكية في أفغانستان. إنه غير قابل للمقارنة على الإطلاق».
لكن في الواقع ما نراه هو بالضبط إعادة عرض لسيناريو سايغون، بما في ذلك مشاهد طائرات الهليكوبتر العسكرية التي تنقل الأشخاص جوا من السفارة الأمريكية. إذا كان هناك من اختلاف فهو أن السيناريو الحالي أسوء. لقد وصلت الفوضى إلى درجة أن حركة طالبان كانت في معظم الحالات تسير من منطقة إلى أخرى دون أن تلقى أي معارضة تقريبا.
عندما أعلن بايدن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، قبل أشهر فقط، وعد بأنه سيضمن بقاء النظام الأفغاني، وأنه سيمنع عودة ظهور الحكم الإسلامي الصريح، وأنه سيحمي حقوق النساء. كان سيحقق ذلك، بطريقة ما، بينما كان يتم إبعاد القوات إلى مسافة آمنة. لكن سرعان ما أصبح واضحا أن الولايات المتحدة بالكاد تستطيع ضمان سلامة أفرادها، فبالأحرى سلامة الشعب الأفغاني.
حتى العديد من أولئك الذين لديهم الموارد المالية لتأمين تذاكر السفر إلى الخارج عن طريق الجو لم يتمكنوا من ركوب طائراتهم. لقد أغلق الجيش الأمريكي مطار كابول لإفساح المجال لرحلاته الجوية. وكان ذلك بالطبع مصير قلة من الأثرياء وأفراد الطبقة الوسطى. معظم الأفغان لا يستطيعون تحمل حتى تكلفة سيارة أجرة إلى المطار. وبالنسبة لهم ليس هناك الكثير ليفعلوه الآن، سوى الانتظار والاستعداد لتحمل مستويات جديدة أكثر قسوة من المعاناة.
وفي النهاية قامت الحشود الضخمة التي تجمعت في المطار منذ سيطرة طالبان على العاصمة، بالسيطرة على مدارج الطائرات في محاولات يائسة للهروب من البلاد. لقد عرفوا الآن أن حياتهم صارت في خطر لمجرد رؤيتهم وهم يعودون إلى ديارهم من المطار. لكن وبدلا من أن يتم الترحيب بهم، أوردت التقارير أن القوات الأمريكية أطلقت النار في الهواء لتفريق حشود الأشخاص الذين كانوا يحاولون شق طريقهم بالقوة إلى الطائرات. يوم الاثنين قتل جنود أميركيون رجلين، بينما لقي ثلاثة حتفهم بعد سقوطهم من أسفل طائرة حاولوا التشبث بها بعد وقت قصير من إقلاعها. هذا مؤشر على كيف تنظر الإمبريالية الأمريكية إلى “حلفائها”، فهم بمثابة وقود للمدافع طالما أنهم مفيدون. ثم يتم التخلص منهم مثل القمامة بمجرد أن تنتهي مدة صلاحيتهم.
كيف انتصرت طالبان؟
سارعت إدارة بايدن إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الشعب الأفغاني، داعية إياه إلى “القتال من أجل نفسه”. لكن أسلوب تنظيمه للانسحاب الأمريكي أدى إلى تغيير كبير في ميزان القوى لصالح طالبان. فمن خلال تحديده لموعد الانسحاب الأمريكي الكامل قبل أشهر، أعطى لطالبان الضوء الأخضر للهجوم، وكذلك كل الوقت الذي احتاجوه للتحضير للهجوم النهائي.
لكن الخيانة ذهبت أعمق بكثير من هذا. ففي مفاوضات فبراير، رضخت الولايات المتحدة لكل مطلب قدمته لها طالبان، دون الحصول على أي تنازلات في المقابل. وقد أدى ذلك في حد ذاته إلى رفع الروح المعنوية للإسلاميين، بينما أرسل إشارة واضحة إلى الجيش الأفغاني بأن الولايات المتحدة كانت تسحب البساط من تحت قدميه. بدأ تأثير الدومينو حيث سارع القادة والسياسيون الأفغان لعقد صفقات مع طالبان.
بعد ذلك، وعلى الرغم من التحذيرات العديدة من البنتاغون، فشل بايدن في تسريع خطط الانسحاب الأمريكية، متوهما أن هناك شهورا قبل أن يصل الصراع إلى نهايته. زاد هذا من تضخيم الشعور بالفوضى، لصالح الجهاديين. وفي كل منعطف أدى عدم كفاءة الولايات المتحدة وعدم استعدادها، واستعدادها للتنازل لكل مطالب طالبان، إلى تصعيد التفكك السريع للجيش الأفغاني وجهاز الدولة.
لقد كانت الدولة الأفغانية على الدوام مجرد دمية في يد الإمبريالية الأمريكية. لقد كانت أداة للاحتلال الأمريكي لأفغانستان، الذي تسبب في مقتل الآلاف وفي بؤس ومعاناة لا حدود لها للجماهير. لذلك فقد كان جهازا قمعيا مكروها تماما. كان يتألف من الانتهازيين الأكثر رجعية المستعدين لبيع بلادهم عن طيب خاطر بالسعر المناسب، تحالف من التكنوقراطيين المغتربين السابقين وأمراء الحرب المحليين والزعماء الذين لم يكن النظام والدولة بالنسبة لهم أكثر من مجرد وسيلة للإثراء الذاتي. في ظل حكم هؤلاء، لم يكن الناس -الذين يعيش معظمهم في فقر مدقع- قادرين على الوصول حتى إلى أبسط الخدمات العامة دون رشوة.
كان الجيش الأفغاني، المكون رسميا من 300.000 جندي، مليئا بـ”الجنود الأشباح”. أي الجنود الموجودين على الورق فقط، كوسيلة لتحويل الأموال إلى جيوب القادة والنخب المحلية. وفي النهاية لم تكن وظيفته الحقيقية أكثر من غطاء للإمبريالية الأمريكية. وحيثما تمكن من العمل، كان يُنظر إليه في كثير من الأحيان على أنه قوة احتلال أكثر من كونه جيش وطني. لا عجب إذن أن مثل هذا الصرح الفاسد كان لينهار بضربة واحدة بمجرد أن تخلت عنه الإمبريالية الأمريكية.
إن الجماهير الأفغانية تكره طالبان. لكن ومن ناحية أخرى، فإنه لا أحد يؤمن بالنظام الفاسد الذي تفرضه الولايات المتحدة، وبالتأكيد لا أحد على استعداد للمخاطرة بحياته لإنقاذه. بينما تتكون قوات طالبان، على النقيض من ذلك، من أصوليين إسلاميين متشددين ومتطرفين يعتبر الموت بالنسبة لهم أسمى جائزة يحصلون عليها.
لقد تلقت هذه الحركة الرجعية الدعم والرعاية على مدى عقود من قبل الطبقة السائدة الباكستانية، التي سعت تاريخيا إلى السيطرة على أفغانستان. ومع ذلك، فقد تمتعت مؤخرا بدعم متزايد من إيران والصين وروسيا، وكلهم قلقون من الاضطراب المتزايد الذي يتسبب فيه تراجع القوة الأمريكية.
لقد ساعد هذا طالبان على اكتساب المزيد من الزخم. تسعى تلك القوى بطريقة ما إلى ترويض الإسلاميين من خلال تقديم حوافز اقتصادية وسياسية لهم لتقييد أنشطتهم داخل حدود أفغانستان. لكن تحقيق هذا لن يكون بالضرورة بسيطا. طالبان ليست حركة مركزية. ولا يقودها رجال عقلانيون يمكن السيطرة عليهم بسهولة. لقد مرت الإمبريالية الأمريكية بالعديد من التجارب المريرة للتوصل إلى هذه الحقيقة.
من يمكن الوثوق به؟
إن كلبية الإمبريالية الغربية مفضوحة أمام العالم بأسره. فنفس هؤلاء الأشخاص الذين يتحدثون كل يوم عما يسمى بـ”القيم الغربية” مثل “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان”، ينسحبون الآن من أفغانستان ويتركون مساعديهم المحليين تحت رحمة عصابة من البرابرة المتخلفين. لقد أعرب وزير الدفاع البريطاني عن حزنه لأن “بعض الناس لن يعودوا” في حين تحاول بريطانيا إجلاء مواطنيها وبعض الأفغان الذين تعاونوا مع قواتها.
عندما كانت “مساعدة الناس” تعني قصف وغزو أمة فقيرة، لم يكن يتم ادخار أي موارد. لكن عندما صارت “مساعدة الناس” تعني تأمين حياة الناس من خلال مساعدتهم على الفرار من نظام قاتل توقف كل شيء.
لقد غزت الإمبريالية الأمريكية، وقوات الناتو التي تدعمها، أفغانستان مدعية أنها ستعمل على استئصال جذور الأصولية الإسلامية، وبناء دولة ديمقراطية حديثة. لكن بعد عشرين عاما، وبعد إنفاق تريليونات الدولارات، وفقدان مئات الآلاف من الأرواح، وتدمير جيل كامل، لم تقترب أفغانستان من تحقيق تلك الوعود ولو قيد أنملة. وها هم هؤلاء الجبناء، بعد أن دمروا البلاد لمدة 20 عاما، يفرون أخيرا مثل الكلاب وذيولهم بين أرجلهم، تاركين الشعب الأفغاني تحت رحمة مجانين طالبان. هذا يجعلهم يستحقون أن يلعنهم إلى الأبد عمال كل العالم.
لا يمكن للجماهير الأفغانية أن تعتمد على أي من تلك القوى. كما لا يمكنها الاعتماد على الطبقات السائدة في الصين أو روسيا أو إيران، أو أي قوة أخرى تتربص في الظل وتحاول التأثير على الوضع في البلاد اليوم. لا يمكن للجماهير الأفغانية أن تعتمد إلا على قواتها الخاصة، والتي بمجرد ما تتحرك ستصير أقوى بكثير من أي جيش. لقد أثبتت ذلك عبر تاريخها.
لقد عاش الشعب الأفغاني أصعب الأوقات، لكنه تمكن كل مرة من أن ينهض مجددا من أسوء المحن. لدينا ثقة تامة بأنه سوف ينهض مرة أخرى وسيطهر بلاده من كل آثار الظلامية والرجعية والإمبريالية.
حميد علي زاده
16 غشت/أغسطس 2021
3 تعليقات
تعقيبات: الهزيمة والإحباط والمعارضة: أزمة الإمبريالية الأمريكية – ماركسي
تعقيبات: موقع الدفاع عن الماركسية: أكثر 10 قراءات لعام 2021 – ماركسي
تعقيبات: عشرون عاما على غزو العراق: الإرث الوحشي للإمبريالية – ماركسي