الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / شمال إفريقيا / المغرب / المغرب: تحت القناع ‘الديمقراطي’ للملك يكمن وجه الديكتاتورية الوحشية

المغرب: تحت القناع ‘الديمقراطي’ للملك يكمن وجه الديكتاتورية الوحشية

ملك المغرب محمد السادس مولع بتقديم صورة عن المغرب كبلد يقع جنوب المتوسط يتجه بثبات نحو الحداثة والديمقراطية. قمنا بطرح بعض الأسئلة على ماركسيين مغربيين قصد تسليط الضوء على هذه الادعاءات التي تبدو للكثير من الناس العاديين لا أساس لها من الصحة.


   يزعم البعض أن المغرب يتجه نحو طريق الديمقراطية الحقيقية. بل ويذهب الملك الجديد محمد السادس (ابن الحسن الثاني، الذي حكم البلاد بقبضة حديدية إلى حد وفاته سنة 1999) إلى القول انه يريد إدراج ما يسمى ب “الحداثة” في البلاد. فما هي طبيعة هذه الإصلاحات “الديمقراطية” التي يبدوا انه سيدخلها؟ ماهو رأيكم فيها؟ وما هو رد فعل الشعب عليها؟

   – عاصف: ادعى الملك مؤخرا في صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية اليومية أن رعيته تتوق إلى ديمقراطية ملكية قوية. وهذا لا يعني شيئا غير أن الملك الحالي يدافع عن ملكية مطلقة ومعادية للبرلمانية. وحقيقة الأمر هو أن المغرب لا يسير نحو الديمقراطية وإنما العكس تماما.

   عمليا وبرغم وجود لوازم الانتخابات البرلمانية فإننا نشهد تدعيم ديكتاتورية دموية. فالحكومة الحالية التي يقودها ما يسمى بالتكنوقراطي جطو تواصل انتهاج نفس سياسة حكومة عبد الرحمان اليوسفي السابقة. وقد طرحت هاتين الحكومتين جميع القوانين المعادية للديمقراطية وتم بالطبع الموافقة عليها من قبل برلمان مطيع ووفي جدا للمخزن أي القصر الملكي.

اعتقد انه من الجدير ذكر بعض الأمثلة. فما يسمى بقانون “حرية الصحافة” هو في الواقع يقيد حرية التعبير. أما في ما يخص القانون الذي يجيز تكوين الأحزاب السياسية ويطالب بالاعتراف بالفصل 19 من الدستور فان هذا الفصل يمنح الملك سلطة سياسية واسعة. ثم هناك التشريع الاجتماعي الذي يعتدي على الحقوق النقابية الأساسية. وأخيرا يوجد ما يسمى بقانون جديد ضد الإرهاب والذي في الواقع يفتح بوابة أمام اضطهاد وحبس أي معارض سياسي. يمر المغرب اليوم بطريق مسدود. ولا يوجد حل إلا الخيار البروليتاري.

   – رشيد: إن رد فعل العمال في المصنع الذي اعمل فيه على ما يسمى بالدمقرطة يتوقف بشكل كبير على وعيهم الطبقي. فمنهم من يعتبر ذلك مجرد كلام فارغ. بالنسبة إليهم الديمقراطية هي مجرد نافذة عرض أزياء. وهم على صواب حين يؤكدون أن طبيعة النظام السياسي لم تشهد تغيرا جوهريا منذ وفاة الحسن الثاني. ولدى البعض الآخر آمالا في النظام ويميلون إلى الثقة في دعاية الطبقة الحاكمة. إن مستوى وعي العمال كما نرى مختلف جدا بين العمال واعتقد شخصيا أن كل هذا الحديث حول قطع خطوات نحو “الديمقراطية” و”الحداثة” هو بالأساس من اجل الاستهلاك الخارجي وخاصة لأوروبا. وفي آخر الأمر ما هذه إلا مناورات الهدف منها تدعيم الحكم البرجوازي والمخزن.

ماذا عن طبيعة الطبقة الحاكمة المغربية؟ هل القصر الملكي هو مجرد موضة قديمة أم يملك بالفعل سلطة اكبر؟

   – عاصف: إن الطبقة الحاكمة في المغرب رجعية, استبدادية واستعمارية. وتشكل هذه الطبقة كان نتيجة للتطور المتفاوت للرأسمالية العالمية. وقد ورثت أشكالا بدائية من الهيمنة مثل الملكية. هذه الطبقة البرجوازية غير قادرة على لعب نفس الدور التقدمي والثوري الذي لعبته نظيرتها في فرنسا وأوروبا خلال القرن الثامن عشر ضد الحكم المطلق والإقطاعية. وبالتالي فإن الملكية في الأوضاع المغربية الحالية هي مكون أساسي للطبقة الرأسمالية الحاكمة وتظل اوتوقراطية ومستبدة.

   – رشيد: كان تروتسكي على صواب عندما طور نظرية الثورة الدائمة. فقد استخلص أن الطبقة البرجوازية في المستعمرات والمستعمرات السابقة أصبحت عاجزة عن انجاز المهام الديمقراطية للثورة (الكفاح ضد الاستبداد، انتزاع الحقوق الديمقراطية والحريات، الإصلاح الزراعي… الخ.) إن المخرج الوحيد من طريق الرأسمالية المسدود هو الثورة الاشتراكية العالمية.

ما هي ظروف عيش العمال والفلاحين في المغرب؟ كيف يبدو مستقبل الطلبة؟

   – عاصف: بدا النظام في المغرب سنة 1980 في تطبيق الإجراءات المقترحة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. وأدى ذلك سريعا إلى حالة كارثية. فقد كانت الخوصصة وإلغاء الإعانات الاجتماعية ضربة قاسية ضد مستوى عيش الطبقة العاملة في المدينة والريف.

   خلال أربع سنوات – 1980-1984- اجتاحت البلاد موجة تمرد ولكن تم إخماد تلك الحركات بقمع دموي. وقعت أهم الانتفاضات في الدار البيضاء في 1983 وفي تطوان عام 1984.

   وازداد الوضع الاجتماعي اليوم سوء. فالأجر الأدنى منخفض جدا. وقد أصابت الأزمة كافة القطاعات الاقتصادية. وفي كل سنة تنتج الجامعات الآلاف من العاطلين. فبحلول سنة 2010 ستصل نسبة اللذين سيغادرون الجامعة دون أن يعثروا على عمل 75%. وتظهر البرجوازية المغربية عاجزة تماما عن تقديم ولو بصيص من الأمل لغد أفضل للعمال والفلاحين والطلبة الشباب.

   – رشيد: يهيمن الرأسمال المتعدد الجنسية على اقتصادنا. وصدقوني, إن وجوه أولائك الرأسماليين لا تحمل أية ذرة من الإنسانية. إذ يوجد استغلال فاحش في أماكن العمل. ثم انه إذا ما حاول أي عامل/عاملة الدفاع عن حقوقه/ها وتنظيم أي نشاط نقابي فإن يد الدولة القوية ستتصدى لذلك. لذا توجد العديد من الأسباب تدفع العمال إلى التحرك ضد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المفروضة عليهم. لنأخذ مثلا أي شركة متوسطة حيث يكدح العامل طوال تسع ساعات يوميا من اجل 45 درهما(ما يعادل 7 دولارات ونصف أو 4 يورو ونصف) أي خمس دراهم في الساعة. ثم أن العديد من العمال يقطعون مسافات طويلة للالتحاق بمكان العمل وهو ما يكلف حوالي يورو واحد في اليوم (أي ما يعادل ساعتي عمل!). فماذا تفعل النقابات لتوقف ما يحدث؟ تحافظ اكبر النقابات مثل الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب على علاقات جيدة مع أرباب العمل. وفي كل مرة يحاول فيها العمال التحرك يقوم زعماء الاتحادات النقابية بكسر الإضراب!

   هل يمكنك تقديم لمحة عامة عن الأحزاب اليسارية؟

   – عاصف: الأحزاب اليسارية في المغرب هي حزب الطليعة الاشتراكي والنهج الديمقراطي. وكلاهما من ذوي النزعة الإصلاحية الجديدة. ثم نجد الأحزاب التي كانت في المعارضة لكنها أصبحت اليوم مندمجة بالكامل في النظام السياسي. وهي: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب التقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي الديمقراطي.

   يشارك حزبا الطليعة والنهج الديمقراطي في الكفاح ضد البطالة ويدعمون برنامج جمعية المعطلين من المتخرجين الجدد. ومن جهة أخرى يناضل هذان الاتجاهان في سبيل الحريات والحقوق الديمقراطية وخاصة الإصلاح الدستوري من اجل بتر السلطة الملكية بإرساء ملكية برلمانية. ويأملون عن طريق هذا الإصلاح ضمان حياد السلطة القضائية والقوانين الانتخابية والتي ستمكن من إرساء انتخابات حرة.

   أما في ما يتعلق بالاستغلال الرأسمالي لم يطور كلا الاتجاهين برنامجا اجتماعيا – اقتصاديا حقيقيا. ورغم مساندتهم العلنية “للاشتراكية العلمية” لا يزال الطليعة والنهج حبيسا فكرة المرحلتين الستالينية (الديمقراطية أولا والاشتراكية فيما بعد!). وصحيح أن التزامهما بهذه الفكرة أصبح أكثر غموضا مما كان عليه في الماضي وبابتعادهما عن الخوض في هذه المسألة فإن حزب الطليعة الاشتراكي والنهج الديمقراطي يقومان في الواقع بإقصاء أي إمكانية لمعالجة المهام الديمقراطية والحداثة بوسائل الثورة الاشتراكية من تفكيرهم.

   ما هي إذن نقاط الضعف الرئيسية لدى اليسار المغربي؟ وهل هناك أي أفق لتطور يسار ثوري؟

   – عاصف: يجب على اليسار الثوري في المغرب أن يقوم بنقد ذاتي جريء. ويجب أن تبدأ عملية التقييم النقدية هذه باستيعاب دروس الثورة الروسية لسنة 1917 والانحطاط الستاليني الذي تلى أول ثورة شيوعية في التاريخ الإنساني. ولا بد أن يقود هذا النقاش إلى تغيير جذري في المفاهيم النظرية للصراع الطبقي. فلا يزال أمام اليسار الثوري بلوغ مرحلة النضج والتسلح بأفق اشتراكي حقيقي للنضال. واليوم لا يمكن الحديث في المغرب عن حركة ثورية قوية ومنظمة هدفها تحقيق الثورة الاشتراكية.

   – رشيد: لا توجد اليوم في المغرب حركة تروتسكية مكافحة. وسنحتاج إلى الوقت والى أفق عالمي لبلوغ ذلك.

   يحاول الأصوليون استخدام استياء الجماهير لفائدتهم. أتعتقدون أنهم سينجحون في ذلك؟

   – عاصف: لقد فجرت الهجومات الإرهابية الأخيرة التي حدثت يوم 16 مارس أسطورة أن الأصولية في بلادنا هي ظاهرة سلمية. ولا احد يمكنه قول ذلك بعد الآن. وبالطبع سيستغلون الطريق المسدود الذي تمر به البلاد من اجل تدعيم قواهم. بل وليس مستبعدا أن يحاولوا يوما ما انتزاع السلطة. ولكن هذا سيكون ممكنا في حالة غياب بديل اشتراكي جماهيري. وعجز اليسار عن تقديم بديل سيتم بدون شك استغلاله من طرف الأصوليين لكسب قاعدة لهم بين الفئات الأكثر فقرا وتهميشا في المجتمع.

   ما هي رؤيتكم للاشتراكية الثورية في المغرب؟

   – عاصف: الاشتراكية هي النتيجة الجدلية لانحلال الرأسمالية. وفي هذا الإطار أميل إلى الاستشهاد بغرامشي. فقد كان مولعا بترديد انه علينا مواجهة تشاؤم الفكر بتفاؤل العزيمة. فبالعمل المنتظم والصبور من الدعاية والنشاط المرتكز على مطالب اشتراكية صحيحة سنخلق الظروف من اجل الثورة الاشتراكية. يمثل المغرب إحدى اضعف الحلقات في المنظومة الرأسمالية وقد أثبتت الطبقة البرجوازية المحلية عجزا بنيويا لدفع البلاد نحو الديمقراطية والحداثة الحقيقية. هذه المهمة ملقاة اليوم على عاتق الطبقة العاملة بتحالفها مع الفلاحين الفقراء. إن مهمتنا الأولى الآن هي خلق الظروف السياسية والتنظيمية لإنشاء الحزب الديمقراطي الحقيقي الوحيد ألا وهو الحزب الاشتراكي الثوري.

الدفاع عن الماركسية
19 يونيو 2003

عنوان النص بالإنجليزية :

Morocco: Behind the “democratic” mask of the king lies the brutal face of dictatorship

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *