ديجان كوكيك
03 أبريل 2018
شهدت مصر خلال الأسبوع الماضي إجراء انتخابات رئاسية بموجب دستور 2014. كان ذلك أول اختبار انتخابي لشعبية الرئيس السيسي منذ تنصيبه رسميا عام 2014. وعلى الرغم من انتهاك كل شكليات الديمقراطية من طرف السيسي ونظامه في كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية ، فإن التقديرات الأولية للنتائج تشير إلى أنه فشل فشلا ذريعا خلال الاختبار.
ذكرت جريدتا الأهرام وأخبار اليوم، اللتان تتبعان الخط الرسمي للنظام، أن الرئيس الحالي حصل على حوالي 21,5 مليون صوت، بينما حصل خصمه الوحيد، موسى مصطفى موسى، وهو شخص نكرة، كان حتى عهد قريب يضع صورة الرئيس السيسي على صفحته على الفيسبوك، على 721 ألف صوت. يبلغ نصيب موسى بالكاد ثلث عدد الناخبين الذين أفسدوا أوراقهم الانتخابية، والذين قدر عددهم بأكثر من مليوني ناخب. عدد الأوراق الملغاة يمثل حوالي عشر العدد الكلي للمقترعين مما يوضح الازدراء الذي قوبلت به هذه الانتخابات في جميع أنحاء مصر.
ومع ذلك، فإذا ما استثنينا هؤلاء الناخبين عند حساب نسبة الإقبال، فإن الأرقام تظهر أن نسبة التصويت لم تتجاوز 37%. تمثل هذه النسبة المئوية انخفاضا كبيرا من نسبة 47,5% التي حققها السيسي للصعود إلى السلطة قبل أربع سنوات، ومن نسبة 52% التي سجلت في الانتخابات الرئاسية عام 2012 في ذروة الحركة الثورية. من المهم أيضا أن نضع في الاعتبار أن النسبة المئوية لهذا العام تستند إلى حملة من الدعاية التي حاولت تقديم صورة أكثر تفاؤلا للانتخابات من وجهة نظر السيسي.
علاوة على ذلك، يأتي هذا الإقبال المتواضع للغاية بعد شهرين من الضجة السياسية والحملة الهستيرية من قبل زمرة السيسي داخل النظام وما تبقى من أنصاره المتحمسين خارجه. لقد تم تعليق اللوحات الإعلانية الموالية للسيسي في المباني العامة والميادين في كل مدينة وقرية، في حين قام المذيعون الإخباريون المشهورون ورجال الدين بإلقاء خطب عبر التلفزيون الوطني تذكر المصريين بأن من واجبهم المدني التصويت، وتهدد من لا يفعل ذلك. كما قامت قوافل من السيارات بجولات في القاهرة والإسكندرية طيلة أيام الحملة الانتخابية وهي ترفع النشيد الوطني المصري والأغاني الوطنية الأخرى عبر مكبرات الصوت، إلى جانب دعوات تطلب من جميع المواطنين البالغين الإدلاء بأصواتهم.
وفي الوقت نفسه حاول النظام فرض غرامة قدرها 500 جنيه مصري (أكثر من ثلث الراتب الشهري العادي) على الذين لا يدلون بأصواتهم. أما في أفقر أحياء المدن الكبرى، فقد قام أنصار السيسي برشوة الناس بتقديم حصص غذائية مقابل الحصول على أصواتهم. من المعقول أن نفترض أن نسبة كبيرة من الأصوات التي حصل عليها السيسي قد تم شراؤها بهذه الحصص.
وبالتالي، فإن النتائج لا تتوافق مع نسبة 35% لصالح السيسي -التي تمثل في حد ذاتها، في انتخابات بدون منافسة، نتيجة مثيرة للشفقة. إنها تعكس إلى حد كبير موقف قسم من المصريين الذين لا يولون أية أهمية لنتيجة هذه الانتخابات، والذين هم في الوقت ذاته في حاجة ماسة للضروريات الأساسية إلى درجة أنهم مستعدون لبيع أصواتهم التي لا قيمة لها مقابل الغذاء.
لكن الغالبية الساحقة من المصريين ليسوا حتى من هذه الفئة. فعلى الرغم من أن العديد منهم يعيشون ظروفا صعبة، كما أنهم بدورهم تعرضوا للرشوة أو التهديد من قبل النظام، فإنه لا يوجد أي قدر من الإكراه قد يجبرهم على تقديم تفويض لرئيس ينتهك باستمرار حقوقهم الديمقراطية، فالأضرار التي ألحقها حكمه بظروف معيشتهم وكرامتهم يعطيهم دافعا إضافيا للامتناع عن التصويت.
قمع صارخ
تعكس النتيجة الضعيفة التي حققها السيسي في هذه الانتخابات انهيار قاعدة دعمه بين المصريين خلال السنوات الأربع الماضية. لقد أدت الفضائح الوطنية مثل فضيحة جزر البحر الأحمر وأزمة المعيشة المتفاقمة وآثار الكارثة الاقتصادية، مثل التخفيض الهائل لسعر الجنيه والارتفاع السريع والمفاجئ للتضخم، إلى شطب فترة الرئاسة الأولى للرئيس.
بدا وكأنه لن يرى أكثر من ولاية واحدة. ففي عهده لم تجد التناقضات التي أدت إلى اندلاع الثورة المصرية أي حل، بل لقد زادت حدتها، واستمر الصراع الطبقي في التفاقم تحت السطح.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الطريقة الهزلية التي جرت بها الانتخابات نفسها كانت عاملا مساهما في انخفاض نسبة المشاركة مقارنة مع الانتخابات السابقة. كان النهج الوقح، الذي اتبعه عملاء السيسي داخل النظام، لإدارة عملية الانتخابات برمتها، نهجا غير معتاد حتى بالنسبة لمصر. وكما قال أحد المراقبين في الإسكندرية لصحيفة “الإندبندنت”: «هذه المرة كان الأمر صارخا جدا». وبسبب أن كابوس الثورة المصرية ما يزال يقض مضجعهم، فإن الزمرة الحاكمة لم تستطع إلغاء الانتخابات على الفور، لكنها مع ذلك استخدمت كل خدعة ممكنة لضمان الفوز بأي شكل.
كان الزعيم العمالي، خالد علي، الذي ترشح للانتخابات الرئاسية، قد تعرض للاعتقال في شتنبر الماضي واتُهم “بالإساءة للآداب العامة” عندما زعم مخبر شرطة أنه قام بحركة فاضحة في الشارع. وكان من المقرر أن تبدأ محاكمته في 07 مارس، خلال ذروة الحملة الانتخابية.
وعلى أي حال، فقد انسحب من الانتخابات عشية الذكرى السنوية لثورة 25 يناير، بعد أن تم اعتقال مرشح آخر هو سامي عنان. كان علي قد دعا أنصاره إلى التوجه إلى مبنى المحكمة العليا في القاهرة مع قائمة بالتوقيعات تؤيد قراره بالترشح، في تحد لمحاولات النظام منع الترشح بواسطة التعقيدات البيروقراطية وبالقوة. وعلى الرغم من أنها كانت مغامرة، فقد كان من الممكن أن تحقق المسيرة بعض الجاذبية بين الجماهير، خاصة إذا استخدم العنف البوليسي لمحاولة إيقافها. لكن، في 24 يناير ، خرج علي بتصريح قال فيه:
«إن ثقة الناس في إمكانية تحويل الانتخابات إلى فرصة لبداية جديدة انتهت للأسف. اليوم ، نعلن قرارنا بأننا لن نخوض هذا السباق ولن نتقدم بأوراق ترشحنا في سياق استنفذ الغرض منه قبل أن يبدأ».
كان خالد علي يمثل المعارضة الحقيقية الوحيدة للطبقة الحاكمة المصرية في السباق الرئاسي. لكن السيسي لم يقصر حملته القمعية على المرشحين الذين يعارضون النظام. فسامي عنان، على سبيل المثال، كان الرئيس العام للقوات المسلحة ما بين عامي 2005 و2012، وهو أحد أركان نظام مبارك وقائد الرئيس الحالي إلى حين إجباره على التقاعد من قبل حكومة مرسي.
تزعم وزارة الدفاع، التي كان يرأسها في السابق السيسي ويهيمن عليها بعض من أنصاره الأقوياء، أن عنان قام بتزوير أوراقه الخاصة بالتفرغ العسكري للتمكن من الترشح في الانتخابات. إن تقاعده من الخدمة الفعلية يمنحه في الواقع نفس الوضع الذي كان لدى السيسي نفسه عندما أعلن أنه يرشح نفسه للرئاسة في عام 2014.
كما تم اعتقال هشام جنينة، مدير حملة عنان ورئيس وحدة مكافحة الفساد في حكومة السيسي عام 2016، بسبب دفاعه عن عنان. إلا أن محاميه يقول إن الاعتقال يأتي نتيجة “المستندات والملفات التي يملكها”. كان جنينة قد زعم في السابق وجود شريط فيديو يورط الرئيس والأعضاء البارزين في النظام في جرائم ضد الشعب المصري في أعقاب ثورة 2011.
في هذه الأثناء، تم ايقاف أحمد شفيق، وهو من قدامى أعضاء هيئة الأركان العامة العسكرية والذي خدم أيضا وزيرا في عهد مبارك وخاض الانتخابات كمرشح للنظام القديم في عام 2012، في الإمارات العربية المتحدة لمنعه من العودة إلى مصر بعد أن أعلن في دجنبر عن سعيه للترشح للرئاسة.
المرشح الدمية
في النهاية تم اختلاق المنافس الوحيد للسيسي في هذه الانتخابات، خلال اليوم السابق لانتهاء موعد تسجيل المرشحين، وذلك لتأثيث المشهد فقط. لطالما كان موسى مصطفى موسى من المؤيدين الصريحين للرئيس الحالي، بل إنه بدا غير مقتنع حتى بإجابته عندما سألته “مصر اليوم” ما إذا كان مرشحا زائفا.
Embed from Getty Images
عند محاولته الرد على الشائعات التي قالت بأنه سيتنازل عن الرئاسة للسيسي حتى لو فاز، اعترف موسى بأنه مجرد مرشح وهمي، وقال لموقع الأهرام على الانترنت: إن الاستفتاء [انتخاب مرشح واحد] أمر خطير للغاية في الوقت الذي هناك مؤامرات ضد البلاد، لن يذهب أي شخص للتصويت لأنه سيكون هناك شخص واحد فقط.
لقد أوجز آماله في الانتخابات في تصريح قدمه لوسائل الإعلام أثناء إدلائه بصوته، حيث بدا أنه يلمح إلى أنه حتى لم يصوت لنفسه: «مهما كانت النتيجة، فأنا راضٍ عنها والمطلوب هو نسبة عالية من التصويت». لسوء حظ موسى ومساعديه المقربين من السيسي، فإن دوره كدمية، في محاولة فجة لإضفاء الشرعية على هذه الانتخابات، قد حقق نتائج عكسية هائلة. لم يعمل ترشحه إلا على تعميق الإحساس بالمهزلة، مما زاد في فضح تعفن النظام الذي يدير هذه العملية والمقاربة الهاوية والخادعة لقائده.
تشبه هذه الانتخابات، من حيث شخوصها، الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2005، حين هزم الرئيس حسني مبارك منافسه أيمن نور، سلف موسى كزعيم لحزب الغد، مع الحد الأدنى من المشاركة الجماهيرية.
لكن هناك اختلافان واضحان جدا بينهما: الاختلاف الأول هو أن الجماهير المصرية تتمتع اليوم بخبرة ثورية، وهي الآن تدرك تمام الإدراك أنها ليست في حاجة إلى تحمل طغيان الطبقة السائدة بصمت أو طاعة. والاختلاف الثاني هو أن النظام البيروقراطي العسكري البشع الذي كان يبدو جبارا لا يقهر قبل 13 عاما قد تم هزمه مرارا وتكرارا من خلال موجات ثورية جماهيرية متتالية.
كانت الطبيعة المغلقة لانتخابات عام 2005 دليلا على القبضة الحديدية للنظام على السلطة، أما الآن فإن الجهود اليائسة التي يبذلها أتباع السيسي لإدارة كل جانب من جوانب العملية الانتخابية -والتي يكون لها في كثير من الأحيان تأثير هزلي- لا تعكس سوى موقف الضعف والفوضى الذي يعيشه النظام.
رئاسة غارقة في الأزمة
إن الظهور المثير للسخرية لإدارة السيسي أثناء التعامل مع هذه الانتخابات لا ينبغي أن يكون مفاجئا لأي شخص شهد على الممارسات المضحكة والخطب اليائسة والمبادرات الدعائية الفاشلة التي ميزت هذا النظام. أحد الأمثلة البارزة بشكل خاص كان التنظيم المخزي لمنتدى الشباب العالمي الذي استضافته مصر في نوفمبر الماضي. كان من المفترض أن يعرض هذا الحدث التقدم الاجتماعي والسياسي الذي حققته مصر منذ الثورة، ويظهر الأمن الذي ينعم به المصريون بفضل حكومتهم الجديدة الرشيدة، بحضور شباب من جميع أنحاء العالم وهم أحرار في النقاش في بيئة مفتوحة. كان من المفترض للحدث، من وجهة نظر منظميه، أن يشكل إعلانا موجها للمستثمرين الأجانب.
في الواقع تعرض المنتدى للمقاطعة من طرف العديد من المدعوين احتجاجا منهم على انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية في مصر. أما أولئك الذين حضروا فقد فرضت عليهم نقاشات أحادية الجانب، كان الهدف منها بشكل واضح تعزيز صورة الحكومة المصرية، الأمر الذي أدى إلى معارك وانسحابات ومقاطعات متكررة من طرف الحضور.
إن أخطاء السيسي الظاهرة مؤشر عن أشياء أكثر أهمية في العمق. لقد وصل إلى السلطة عام 2013 فملأ الفراغ الذي أوجده غياب القيادة الثورية في مصر من خلال التظاهر بأنه رجل قوي يمكنه جلب الاستقرار إلى مصر وحل المشاكل. لكن الواقع هو أنه في ظل الرأسمالية لا يمكن لأي قائد القيام بهذا الدور، في ضوء الأزمة الاقتصادية التي ضربت مصر والشروط القاسية التي يفرضها الإمبرياليون على البلد.
لذلك لدينا الآن مشهد مأساوي/ كوميدي لزعيم ونظام يحاولان بكل قوتهما أن يظهرا بمظهر القوة، لكنهما لا يعملان بذلك إلا على فضح ضعفهما عند كل خطوة. في الواقع إن أدنى ضربة من جانب الجماهير المصرية يمكنها أن تسقط ليس فقط السيسي بل أيضا كل الصرح النتن للنظام بأكمله.
الجبهة الموحدة للبرجوازية تفككت
لقد أدرك خبراء الإستراتيجية الرأسماليون هذه الحقيقة منذ مدة، حيث حذرت The Economist، في غشت 2016، من أنه «لا يمكن للسيد السيسي توفير الاستقرار الدائم. يجب إعادة فتح النظام السياسي في مصر». قامت الصحيفة، مثلها مثل العديد من المعلقين البرجوازيين الآخرين، بتركيز النقد على الرئيس، وهو الشعور الذي تغلغل بوضوح داخل صفوف النظام نفسه. هناك مؤشرات إلى وجود انشقاقات مفتوحة داخل الطبقة الحاكمة عندما حكمت إحدى المحاكم العليا ضد السيسي بشأن بيع جزر البحر الأحمر في العام الماضي. كان البرلمان قد وقف في أغلبه إلى جانب الرئيس بخصوص هذه القضية، لكنه بدا بدوره منقسما.
والآن حاولت شخصيات بارزة من الحرس القديم لمبارك معارضة السيسي علانية والوقوف ضده في السباق الرئاسي. لم يكن من الممكن في أي فترة سابقة من تاريخ الجمهورية المصرية رؤية مثل هؤلاء الأعضاء البارزين في البيروقراطية العسكرية وهم يحاولون خوض الانتخابات ضد الرئيس. ويعكس القمع المتسرع وغير المنظم ضد هؤلاء المرشحين، بمساعدة آلة الدولة، خوف السيسي على مركزه. إن الجبهة الموحدة للطبقة الحاكمة المصرية، التي وقفت منتصرة على أكتاف الثورة المصرية، مدعومة من طرف الإمبريالية الغربية، في عام 2013، قد انهارت على ما يبدو.
لقد انقلب النظام على نفسه تحت وطأة التناقضات المتزايدة في المجتمع المصري، وبدأت أطرافه في تبادل الاتهامات. يجد الرئيس السيسي نفسه محصورا بين قسمين من الطبقة الحاكمة يجذبان في اتجاهات مختلفة. أحدهما يريد أن يفتح الاقتصاد المصري أكثر ويجعله أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، دون اعتبار الآثار السياسية لذلك داخل مصر؛ بينما يتكون القسم الآخر في أغلبه من عناصر أكثر محافظة من البيروقراطية، والذين يدافعون عن الامتيازات والثروة التي يحققونها بفعل موقعهم داخل أو بالقرب من جهاز الدولة. لقد اضطر، بسبب الضرورة الاقتصادية، إلى الميل نحو القسم الأول، وبالتالي تسبب في دفع هذا الأخير إلى تحدي سلطته.
الطبقة الحاكمة تغير لحنها
لكن ومع اقتراب الانتخابات، غيرت الأبواق البرجوازية بشكل واضح من لحنها لصالح السيسي. ففي ملخصه الإخباري لصحيفة فاينانشيال تايمز، في بداية الأسبوع الماضي، شرح جوش دي لا هير لماذا يعتقد أنه على المصريين المشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح السيسي، قائلا:
«كثير من الناس يريدون الاستقرار. إنهم ما زالوا مصدومين من الاضطرابات التي أعقبت ثورة 2011، لذا ليس لديهم مزاج للمعارضة أو الاحتجاج أو التشهير بعدم وجود الحرية السياسية».
ويوم الخميس، كانت صحيفة نيويورك تايمز متفائلة بشأن إعادة انتخاب السيسي، حيث قالت:
«يقول رجال الأعمال إن الإصلاحات الاقتصادية الصعبة والاستقرار السياسي والبنية التحتية الجديدة التي تحققت على مدى السنوات الأربع الماضية قد ساعدت شركاتهم على التعافي من الركود الناجم عن انتفاضة عام 2011».
ما الذي يكمن وراء هذا الموقف الإيجابي المفاجئ تجاه استمرار رئيس طالما وصفته هذه الصحف بكونه غير موثوق به؟ إنه شبح الثورة المصرية، الذي ما زال يرعب الطبقات السائدة في العالم. إنهم يعتبرون أن وجود رئيس ضعيف، بمحاولاته اليائسة لإخماد الصراع الطبقي في مصر، أفضل من لا شيء على الإطلاق.
لا يمكن التلاعب بالصراع الطبقي
لكن، وكما قالت صحيفة The Economist ، فإن هذا لا يعتبر وصفة للاستقرار السياسي. وقد ألمح السيسي نفسه إلى هذا عندما تحدث بنبرة خائفة ودفاعية في مقابلته، في 20 مارس، على شاشة التلفزيون الوطني. قال: “نحن لسنا مستعدين” عندما تحدث عن فكرة إجراء انتخابات تنافسية بشكل صحيح. إنه عار كبير للطبقة الحاكمة المصرية، التي يزداد انفضاح وضعها البائس مع ترشح السيسي دون منافسة.
ومع ذلك فإنه من العار كذلك بالنسبة للجماهير المصرية أن ينسحب خالد علي من المنافسة قبل حتى أن تبدأ رسميا ودون قتال. بدلا من الاستسلام للتهديدات والتخويف، كان بإمكانه استخدام أي محاكمة كمنبر عام يمكنه من خلاله فضح النظام. لو أنه حاول، هو أو أي مرشح معارض حقيقي آخر، شن حملة انتخابية جريئة على أساس طبقي، فإن هذه الانتخابات كان يمكنها أن تصير بمثابة شرارة لإعادة إشعال الثورة المصرية.
في جميع الحالات سوف تأتي تلك الشرارة عاجلا أم آجلا. قد يكون النظام قادرا على التلاعب بالانتخابات الرئاسية لصالحه، لكنه لا يستطيع أن يفعل نفس الشيء مع الصراع الطبقي.
عنوان النص بالإنجليزية:
Egypt: landslide victory for electoral abstention reflects collapse in Sisi’s authority