في الخامس من يونيو 1920 قدم لينين أطروحاته فيما يخص المسألة القومية ومسألة المستعمرات في المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية. وضمن هذه الوثيقة المهمة نقرأ ما يلي:
«11- أما في ما يخص الدول والبلدان الأكثر تخلفا، حيث تهيمن علاقات إقطاعية أو بطريركية وبطريركية-فلاحية، من المهم جدا أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار:
أولا: ضرورة أن تقدم كل الأحزاب الشيوعية الدعم للحركات الثورية التحررية البرجوازية الديمقراطية في هذه البلدان، وواجب الدعم النشط لهذه الحركة يقع بالدرجة الأولى بشكل طبيعي على عاتق الشغيلة في الحاضرة الاستعمارية، أو في البلد الذي يكون الشعب المعني تابعا له تبعية مالية.
ثانيا: ضرورة النضال ضد التأثير الرجعي والقروسطوي لرجال الدين، والإرساليات المسيحية والعناصر الأخرى في البلدان المتخلفة.
ثالثا: ضرورة محاربة الحركات الإسلامية وشتى الحركات المشابهة، التي تعمل على استخدام النضال التحرري ضد الإمبريالية الأوربية والأمريكية من أجل تعزيز قوة النبلاء والملاكين العقاريين ورجال الدين، الخ. [في المسودة أضاف لينين اشارة بضرورة الجمع بين النقطتين الثانية والثالثة – الناشر]
رابعا: من الضروري، في البلدان المتخلفة، تقديم مساندة خاصة للحركة الفلاحية ضد الملاكين العقاريين، وضد الملكية الإقطاعية وضد جميع تجليات وبقايا الإقطاعية، والعمل بجهد على إعطاء الحركة الفلاحية طابعا أكثر ثورية من خلال خلق أوثق ارتباط ممكن بين البروليتاريا الشيوعية الأوربية في الغرب وبين الحركة الثورية الفلاحية في الشرق وفي المستعمرات وفي البلدان المتخلفة بشكل عام. ومن الضروري بوجه خاص بذل كل الجهود لتطبيق المبادئ الأساسية للنظام السوفييتي في البلدان حيث تهيمن علاقات ما قبل رأسمالية، من خلال إقامة سوفييتات الشعب العامل، الخ.
خامسا: ضرورة خوض نضال حازم ضد محاولات الحركات التحررية، التي ليست شيوعية في الواقع، ولا ثورية، رفع راية الشيوعية؛ وعلى الأممية الشيوعية ألا تدعم الحركات القومية البرجوازية الديمقراطية في المستعمرات والبلدان المتخلفة إلا بشرط أن تكون عناصر الأحزاب البروليتاريا المستقبلية – التي تكون شيوعية بالفعل وليس فقط بالاسم– موحدة ومدربة وتعي مهامها الرئيسية، أي مهام النضال ضد الحركةالبرجوازية والديموقراطية داخل بلدانها. على الأممية الشيوعية أن تدخل في تحالفات مؤقتة مع الحركات الثورية في المستعمرات والبلدان المتخلفة لكن دون أن تندمج معها، وعليها أن تحافظ في جميع الظروف على استقلالية الحركة البروليتارية وإن كانت هذه الحركة في شكلها الجنيني.
سادسا: ضرورة أن نشرح لأوسع الجماهير العاملة في جميع البلدان، وخاصة في البلدان المتخلفة، ونفضح دون هوادة الخديعة التي تمارسها بشكل ممنهج القوى الامبريالية، والتي تقيم تحت ستار دول مستقلة سياسيا دولا ليست في الواقع سوى تابعة لها من الناحية الاقتصادية والمالية والعسكرية. في ظل الوضع العالمي الراهن، لا خلاص للشعوب الضعيفة والمستعبدة خارج اتحاد الجمهوريات السوفياتية.»
(ف.لينين: موضوعات حول المسألة القومية ومسأ)
كان لينين يكتب دائما بأسلوب واضح وصارم، لقد كان يؤكد على أن الشيوعيين الذين يعملون في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة (والتي يشار إليها أحيانا ببلدان “العالم الثالث”)، وأثناء نضالهم الحازم ضد الإمبريالية، عليهم دائما النضال ضد “الحركات الإسلامية وشتى الحركات المشابهة، التي تعمل على استخدام النضال التحرري ضد الإمبريالية الأوربية والأمريكية من أجل تعزيز قوة النبلاء وكبار الملاكين العقاريين، ورجال الدين، الخ”.
وباستخدام مصطلح أكثر معاصرة، يعني هذا انه على الشيوعيين أن يناضلوا ضد التيارات الأصولية الإسلامية، التي تختبئ وراء راية “مناهضة الإمبريالية” المزعومة في سبيل تنفيذ أجندة سياسية واجتماعية رجعية هدفها بالضبط تقوية وتعزيز مواقع النبلاء وملاك الأراضي ورجال الدين وغيرهم..
إن الخلط بين علم الثورة الإشتراكية الأحمر وبين العلم الأسود للرجعية الإسلامية هو من أسوء الأخطاء التي يمكن للماركسي أن يرتكبها. لكن هذا بالضبط هو ما تقترفه بعض التنظيمات “الماركسية” المزعومة مثل حزب العمال الاشتراكي البريطاني SWP، حين تقوم بدعم تنظيمات من قبيل جماعة الإخوان المسلمين بمصر. وهو الشيء الذي يناقض تماما ما دافع عنه لينين والأممية الشيوعية. إن مثل هذه السياسة لا يمكنها إلا أن تلحق الضرر بقضية الإشتراكية والطبقة العاملة. بإمكانك الوقوف إلى جانب لينين أو الوقوف إلى جانب الإخوان المسلمين، لكن لا يمكنك الوقوف إلى جانب الإثنين معا.
موقع الدفاع عن الماركسية
الثلاثاء: 27 ماي 2008
عنوان النص بالإنجليزية: