الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، انسان غير متعود على الشعور بالعار. ربما هذا هو السبب الذي جعل دونالد ترامب يلقبه مؤخرا باسم “ديكتاتوره المفضل”، أو ربما كان سيده الأمريكي يحاول فقط جعله يشعر بالتحسن لأن شعبيته في عيون الشعب المصري بدأت تنهار. وبينما كان يجلس بهدوء حاملا لميكروفون في يده، خلال منتدى مرتجل للشباب نظم على عجل بناء على أمر منه، قام السيسي بالشيء الذي ترجاه أقرب مستشاريه ألا يقوم به: أي مخاطبة الأمة.
قال مطمئنا للشعب المصري بصوت هادئ جدي “لا تقلقوا، لا تقلقوا. نحن لا نسمح في كل مؤسسات الدولة لأي أحد سيئ بأن يستمر في العمل معنا”. وكان قبل لحظات فقط قد اعترف صراحة بأنه أنفق مليارات من الأموال العامة على بناء قصور له ولأسرته. “أجل، أنا أبني قصورا رئاسية، وسأواصل بناء قصور رئاسية. هل هي لي؟ إنني أبني دولة جديدة… هل تعتقدون أنكم عندما تتكلمون بالباطل، ستخيفونني؟ كلا! سأواصل البناء والبناء والبناء”.
وأضاف: “لكنني لا أفعل ذلك من أجلي”، لأنه قلق على ما يبدو من أن بعض الناس قد يفترضون عكس ذلك. قال: “ليس باسمي. ذاك ليس باسمي، لا يوجد شيء باسمي، ذلك باسم مصر”. وأثناء نطقه لهذه الكلمات، هز الرئيس إصبعه بينما ظهر على وجهه تعبير متعجرف لطفل صغير تخلص للتو من تهمة سرقة حلويات بعد إلصاقها لصديقه.
جاء هذا العرض المذهل للاحتقار تجاه الشعب المصري الذي يعاني من ظروف معيشية قاسية، ردا على سلسلة من مقاطع الفيديو التي نشرها على الإنترنت المقاول والممثل محمد علي. محمد علي مقاول استمرت الدولة على مدى 15 عاما، في التعاقد مع شركته في مشاريع بناء واسعة النطاق، بما في ذلك تشييد بعض القصور التي اعترف السيسي بطلبها.
يوم 02 شتنبر نشر محمد علي على صفحته في فيسبوك شريط فيديو يفضح فيه السيسي وشخصيات بارزة أخرى في النظام. تمت مشاهدة الفيديو 1,7 مليون مرة، ثم وصل لاحقا إلى أربعة ملايين آخرين. يبدو أن الدافع الأولي لمحمد علي كان هو تلك 13,3 مليون دولار من الفواتير التي يدعي أن الدولة لم تدفعها لشركته مقابل العمل الذي قامت به لصالحها. لكن ما استقطب الاهتمام الكبير بذلك الفيديو كان هو تورط الرئيس نفسه في مزاعم الفساد -الضخم حتى بالمعايير المصرية- وذلك باعتراف “شاهد من الداخل”. وبعد أن قامت شركة فايسبوك بإزالة الفيديو بناء على تعليمات من النظام، بدأت تظهر مقاطع فيديو أخرى لمحمد علي في يوتوب. صار كل يوم يظهر شريط فيديو جديد عن جريمة أخرى ارتكبها السيسي وزوجته وغيرهما من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين. وسرعان ما تصدرت مقاطع الفيديو قوائم الأشرطة الأكثر مشاهدة في مصر، وأدت إلى ظهور تصنيفات (hashtags) في وسائل التواصل الاجتماعي تدعو صراحة إلى رحيل السيسي.
“مليارات انسكبت على الأرض”
تتضمن قائمة جرائم السيسي وشركاؤه، التي ظهرت في مقاطع الفيديو الخاصة بمحمد علي، نهب مبالغ طائلة من الأموال العامة. كان السيسي، عندما عين وزيرا للدفاع في حكومة مرسي، عام 2012، قد أمر ببناء قصر جديد لعائلته في حي الحلمية الراقي بالقاهرة، باستخدام أموال حكومية بقيمة 06 ملايين دولار. ويزعم محمد علي أنه في نفس اليوم الذي شهد اشتباكات عنيفة بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وبين المتظاهرين المناهضين للحكومة في حي مجاور، عام 2012، كانت سيارة السيسي تقله هو وزوجته عبر الطرق المليئة بالمحتجين لتفقد أثاث قصرهما الجديد.
وعندما صار رئيسا وافق السيسي على بناء مجمع فندقي ضخم من فئة خمس نجوم بقيمة 120 مليون دولار لصالح حليفه المقرب، اللواء شريف صلاح، الذي سيستفيد شخصيا من إدارة الفندق. كان من المقرر بناء الفندق في المنطقة غير السياحية بالتجمع الخامس، التي هي ضاحية بشرق القاهرة. وعندما طرح تقنيو شركة علي المتعاقدة سؤالا عن السبب وراء الرغبة في تسريع حفر أسس الفندق دون القيام بدراسات الجدوى والمخططات (بالنظر إلى حالة الملء الكامل لأسرة الفنادق الموجودة بالفعل في المنطقة)، قيل لهم إن الرئيس يجب أن يرى أن العمل قد بدأ في أقرب وقت ممكن.
كما يصف محمد علي كيف صدرت تعليمات لشركته بسحب قوتها العاملة فجأة من مشروع مكلف آخر للنظام وإرسالها إلى القصر الصيفي الجديد للرئيس في منتجع المعمورة بالإسكندرية. شرح القادة العسكريون لمحمد علي أن القصر الجديد كان أولوية قصوى، لأن السيسي قرر قضاء عطلة العيد القادمة هناك. بلغت كلفة البناء 250 مليون جنيه مصري (15 مليون دولار)، على الرغم من وجود قصر رئاسي مماثل (كان يستخدمه مبارك) في الجوار! لكن عند الانتهاء من البناء طالبت زوجة السيسي بإجراء تغييرات بتكلفة إضافية قدرها 25 مليون جنيه، ثم اعتبر القصر غير آمن ولم يتم استخدامه قط.
تكشف مقاطع الفيديو أيضا أن السيسي بنى لنفسه قصورا رئاسية في العاصمة الإدارية الجديدة لمصر و(بعد فشل مشروع الإقامة الصيفي) في العلمين على ساحل البحر المتوسط. التكلفة الكاملة التي كبدها هذه البذخ للشعب المصري لم يتم حسابها بعد. كما يشير محمد علي بحق: “تقول إننا فقراء للغاية، وأنه يجب أن نكون جائعين. هل تشعر أنت بالجوع؟ أنت تنفق مليارات انسكبت على الأرض. رجالك يبددون الملايين. أنا لا أفشي سرا. أنتم حفنة من اللصوص”.
إن هيئة الهندسة التابعة للقوات المسلحة متورطة بدورها في هذه الفضيحة بسبب قيامها بإبرام عقود بناء مع أصدقاء النظام (بمن فيهم محمد علي نفسه) دون أي إجراءات قانونية. نفس الشيء يقال عن أكبر البنوك العامة والخاصة في البلاد، والتي قدمت قروضا لتمويل هذه المشروعات التافهة.
كشف محمد علي عن كل هذه الأدلة ضد الرئيس المصري من منفاه الاختياري في برشلونة. لقد اختلف مع النظام بسبب فواتير غير مدفوعة، وأشياء أخرى، إلا أنه أصبح، منذ نشر مقاطع الفيديو تلك، المطلوب رقم واحد في قائمة الحكومة.
لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن محمد علي عضو في نفس الطبقة السائدة التي يهاجمها. إنه ملياردير بالمقاييس المصرية: نجل تاجر ذهب، وقد جمع ثروات هائلة على حساب كدح العمال المصريين، وشهاداته تفضح دوره مثلما تفضح السيسي.
من المعبر أنه قال في أول شريط فيديو له، عقب هجومه على السيسي وأتباعه، إن هناك “مع ذلك الكثير من الرجال الصالحين داخل الجيش والذين لا يوافقون على ما تفعلونه”. ومن خلال عبارة “رجال صالحين داخل الجيش”، قد يكون بصدد الإشارة إلى قسم معين من النظام يمثله بعض قادة الجيش، ممن هم مستعدون للتحرك ضد السيسي. لكنه بالتأكيد لا يعني الجنود العاديين من أبناء الطبقة العاملة المجندين في الجيش.
منذ مغادرته لمصر أنشأ محمد علي فرعا جديدا لشركته “أملاك للمقاولات” في برشلونة، حيث يركز أنظاره على سوق الإقامات السياحية في كوستا برافا. يبدو أن دافعه الرئيسي للخروج ضد السيسي هي تلك المرارة التي يحس بها بسبب الأموال التي لديه عند النظام، إضافة إلى كبريائه. وقد كان علي، في السنوات الأخيرة، قد صار مشهورا في مصر باعتباره ممثلا في أدوار قصيرة، بمساعدة من أصدقائه في مواقع القرار. كما أنه قام بتمويل فيلم كان هو من كتب قصته وأخرجه ومثل دور البطولة فيه. من الواضح أنه شخص يحب الأضواء، ويجب ألا ينخدع أحد بوهم أنه فتح صفحة جديدة وأصبح فجأة صديقا لأبناء الشعب المصريين العاديين.
ومع ذلك فإن شهرة علي بكونه أحد أعضاء النظام الذين انقلبوا عليه، تزيد في الواقع من قوة وشرعية محتوى مقاطع الفيديو الخاصة به. وكما يقول هو نفسه لا شيء في ما يكشفه يشكل مفاجأة للمصريين. لكن حقيقة أن تلك الشهادات تأتي من لسان شاهد عيان ومتعاون مباشر مع النظام، يتجرأ على فضح الرئيس، هي ما يعطيها وزنا.
لقد لاقى خطاب محمد علي صدى له بين الناس العاديين لأن مقاطع الفيديو الخاصة به تعبر عن غضبهم واشمئزازهم من النظام. إنه يقوم بسب السيسي شخصيا –وهو الشيء الذي لم يسمع به من قبل في وسائل الإعلام المصرية أو حتى على وسائل التواصل الاجتماعي- واصفا إياه بأنه “رجل فاشل” و”عار” و”قزم”، ويؤكد بشكل ديماغوجي وبلغة انفعالية على التناقض بين المعاناة التي يعيشها أبناء الشعب وبين انحطاط الفئة الحاكمة. بل وفي بعض الأحيان يقوم رجل الأعمال الفاحش الثراء باستخدام عبارات ثورية -وإن بطريقة ملتوية ومن وجهة نظره الطبقية الخاصة، حيث يقول: “نحن جميعا فاسدون، لكن لسنا نحن من ينبغي أن يلام. النظام هو المسؤول. إنه لا يريد تغيير النظام. ونحن بحاجة إلى نظام جديد”
صدفة ضرورية
أيا كانت دوافع علي الأولية فإن مقاطع الفيديو التي نشرها قد أطلقت بالصدفة سلسلة من الأحداث التي أدت إلى احتجاجات غير مسبوقة ضد السيسي في جميع أنحاء مصر. لقد أثارت تصريحات السيسي، في 14 شتنبر أثناء المؤتمر الوطني للشباب، غضبا شعبيا، واستغل محمد علي هذا المزاج بالدعوة إلى تنظيم احتجاجات وطنية يوم الجمعة التالي.
وبالفعل اندلعت مظاهرات عفوية في جميع أنحاء البلاد. تجمع مئات الأشخاص في ميدان التحرير، بينما تظاهر الآلاف في شوارع الإسكندرية، وجزيرة الوراق في القاهرة (التي كانت ساحة اعتصام مناهض للحكومة قبل عامي)، والمراكز الصناعية في المحلة والمنصورة والسويس، مما أدى إلى وقف حركة المرور. كما أظهر مقطع فيديو صور في مدينة دمياط بالدلتا قيام المحتجين بتمزيق لوحات إعلانات ضخمة مؤيدة للسيسي كان قد تم إنشاؤها خلال حملة الاستفتاء الذي نظم في وقت سابق من هذا العام.
تم إحياء شعارات عام 2011، التي دعت صراحة إلى إسقاط النظام، بينما رفعت لأول مرة شعارات دعت بشكل مباشر إلى إسقاط السيسي: “قل متخفشي، الخاين لازم يمشي!” و”السيسي لازم يرحل!”. وقد استمرت الاحتجاجات بنفس الشدة مساء السبت، على الرغم من مئات الاعتقالات.
ومن المثير للاهتمام أن الشرطة هاجمت بوحشية أكبر المتظاهرين الذين هاجموا الجيش أكثر من أولئك الذين وجهوا غضبهم ضد السيسي. كما اندلعت خلال نهاية هذا الأسبوع احتجاجات في ميدان التحرير بعد أن استمرت محظورة طيلة خمس سنوات. هناك شعور بأن الدولة ليست موحدة بالكامل في الرغبة في سحق هذه الحركة الاحتجاجية قبل أن تتطور.
ماذا بعد لمصر؟
بالطبع ما تزال الحركة حتى الآن تحشد أعدادا صغيرة نسبيا من الناس -لكن هذا هو ما كان عليه الحال أيضا خلال الأيام الأولى من ثورة 2011. وعلاوة على ذلك فإن الفئات التي تخرج إلى الشوارع الآن ليست من عناصر الطبقة الوسطى التي كانت تشكل النواة الصلبة لحركة الأيام الأولى لثورة 2011، بل من أبناء الفئات الفقيرة والطبقة العاملة. وما يرعب النظام هو أن وراء هذه الطليعة القيادية يقف ملايين العمال والفقراء الغاضبين بسبب المعاناة التي يعيشونها في عهد السيسي. هذا هو السبب وراء الرد الأولي الخجول من قبل الشرطة والقوات المسلحة.
وقد عزا آخرون هذا إلى شائعات -انتشرت لبعض الوقت- بأن هناك قسم من النظام على استعداد لإسقاط الرئيس عبر انقلاب. من الواضح أن بعض أعضاء الطبقة الحاكمة المصرية لم يعودوا يثقون في قدرة السيسي على حماية مصالحهم وإبقاء الجماهير تحت السيطرة. ويعتبر محمد علي أحد مظاهر هذه السيرورة. لكن نظرية المؤامرة لا تفسر ما يحدث في الشوارع.
سيشكل الانقلاب مشكلة خطيرة للطبقة الحاكمة. أولا، إن محاولتهم استخدام حركة الاحتجاج لإسقاط السيسي، ستطلق العنان لقوى خارجة عن سيطرتهم. لقد أثبتت الجماهير المصرية، خلال السنوات القليلة الماضية، أنها قادرة ليس فقط على إسقاط الرئيس، بل على زعزعة النظام بأكمله من أساسه. وآخر ما تحتاجه الطبقة الحاكمة المصرية هو اندلاع ربيع عربي آخر في مصر، قد يهدد وجودها ذاته.
BREAKING: Protests break out in Egypt’s Tahrir Square and other parts of the country calling for the removal of president Abdel Fattah el-Sisi pic.twitter.com/fcE6BZH9Gp— Middle East Eye (@MiddleEastEye) September 20, 2019
وعلى الجانب الآخر من المعادلة تواجه الجماهير المصرية مشكلة مماثلة. يمكنها وبأقل جهد القضاء فورا على نظام السيسي. لكن ماذا سيحل في مكانه؟ فبدون بديل اشتراكي، تطرحه قيادة ثورية ذات إعداد جيد، سرعان ما ستنتقل السلطة من أيدي الطبقة العاملة المصرية إلى يد وحش آخر يمثل النظام القديم بقناع جديد. ولذلك قضى الشعب المصري السنوات القليلة الماضية يتساءل حول الفائدة من ثورة أخرى.
ومع ذلك، فإن الواقع هو أن الظروف التي أدت إلى المرحلة الثورية التي عرفها النصف الأول من العقد الأخير لم تزد إلا تفاقما. لقد ارتفعت البطالة والفقر والانحطاط العام بشكل لم يسبق له مثيل. وبصرف النظر عن تعب الجماهير من النضالات السابقة وانعدام ثقتها في بديل ثوري، فإنها تعيش الكثير من المعاناة والإهانات التي لا يمكن تحملها. وعندما يعترف الرئيس على شاشة التلفزيون الوطني أنه يستخدم مبالغ ضخمة لبناء إقامات فاخرة له ولزوجته، فإن ذلك يشكل أكثر مما يمكن لملايين العمال والشباب تحمله.
وإذا كان من الممكن لهذه الاحتجاجات الواسعة والشعارات الجريئة أن تندلع على خلفية فيديوهات لأحد مؤيدي السيسي السابقين والذي تحول فجأة إلى معارض، فما نوع الحركة الجماهيرية التي كان من الممكن أن تندلع لو دعت إليها قيادة ثورية فعلية؟ إنها مسألة ذات أولوية ملحة بالنسبة لليسار في مصر اليوم إعداد قيادة جديرة بالوقوف على رأس الحركة الجماهيرية التالية، التي قد تكون على وشك الانفجار في الشوارع.
يجب على الثوريين أن يضعوا الدروس التي تعلموها من أخطاء الثورة الأخيرة موضع التطبيق بأقصى درجة من السرعة. وعلى سبيل المثال يشرح الاشتراكيون الثوريون، في مقالهم الأخير، أنه يجب إزاحة ليس فقط السيسي، بل الجيش بأكمله، من السلطة ليحدث تغيير حقيقي في مصر.
هذا صحيح إلى حد ما: فلطالما كان الجناح المسيطر للطبقة الحاكمة المصرية مرتبطا بقيادة القوات المسلحة. وتمتلك شركات الجيش أكثر من 03% من الناتج الداخلي الخام في مصر ومن المحتمل أن تكون لها سيطرة مباشرة على أكثر من 50% منه. لكن هذه ليست مسألة عسكرية في جوهرها، إنها مسألة طبقية. تتميز البرجوازية المصرية بارتباطها الوثيق بالقوات المسلحة، لكن ما يميزها بشكل أساسي هو ملكيتها للبنوك والشركات الكبرى، إضافة إلى أقطاب قطاع العقار، الذين يحكم النظام العسكري البلاد لصالحهم. وكما توضح شهادات محمد علي، فإن كل هذه العناصر تعمل ككتلة واحدة كبيرة تقف فوق القانون الذي تفرضه على بقية المجتمع.
إن الاشتراكيين الثوريين من خلال تركيزهم على مجرد إسقاط النظام العسكري وإقامة حكم مدني، يكررون فقط تحليلهم الخاطئ للثورة الأخيرة. كان هذا التحليل هو الذي قادهم إلى فخ الدعم النقدي للإخوان المسلمين -التي هي جماعة برجوازية رجعية بنفس القدر- باعتبارهم لها “أهون الشرين”، ضد المرشح العسكري في الانتخابات الرئاسية لسنة 2012. كما أن هذا المنظور يفشل أيضا في توضيح الكيفية التي يمكن بها للشعب أن يفرض سيطرته الفعلية على السلطة ويحطم جهاز الدولة القديم من أجل تحقيق الحكم المدني، دون كسب مئات الآلاف من مجندي الجيش من أبناء الطبقة العاملة إلى صف الثورة.
يجب على اليسار الثوري في مصر أن يكون جريئا في شعاراته ضد العدو الأساسي للطبقة العاملة المصرية، أي الطبقة الرأسمالية المصرية -والتي تعني السيسي وأتباعه وقادة الجيش وكبار رجال الأعمال وأصحاب البنوك جميعا. فمن خلال المنظور الصحيح والشعارات الواضحة والعمل الصبور بين صفوف الشباب والطبقة العاملة، سيصير التيار الماركسي في وضع يسمح له بتحضير الجماهير لحسم السلطة في حالة اندلاع موجة ثورية جديدة.
ربما نحن نشهد التباشير الأولى لتلك الموجة في الأفق، وبداية نهاية السيسي.
ديجان كوكيك
23 شتنبر 2019
عنوان النص بالانجليزية:
Egypt: construction magnate’s revelations lead to nationwide protests – “Sisi must go!”