تشن القوات الفرنسية منذ أيام حربا مباشرة في مالي. وقد أعلن الرئيس فرانسوا هولند إرسال 1700 جندي إلى عين المكان في أفق تعزيز صفوفهم بـ 800 جندي آخرين. كل القوى الامبريالية الأخرى أيدت هذه الحرب بدون تحفظ، وأعلنت أنها ستقدم المساعدات اللوجيستيكية للقوات الفرنسية من أجل إنجاح هذه الحملة. لأن المشاركة في تحضير الكعكة يضمن بطبيعة الحال المشاركة في أكلها.
فألمانيا عبرت عن مشاركتها، كما أكدت إسبانيا دعمها للحملة العسكرية، وعبر أوباما عن دعمه للتدخل العسكري في مالي ووعد بالعمل مع نظيره الفرنسي “لملاحقة الإرهاب في شمال إفريقيا”. نفس الشيء مع بريطانيا التي أكدت أنها سترسل طائرة استطلاع من طراز سنتينل لدعم العمليات الجارية بمالي.
الحرب في مالي
مثلها مثل أغلب بلدان إفريقيا تعاني مالي من صراعات دائمة. وتلعب القوى الامبريالية دورا محوريا في هذا الصراع. فرنسا تعتبر أن لها “حقا تاريخيا” في هذا البلد، وترفض تقاسم السيطرة عليه مع أي من بقية القوى الأخرى كألمانيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية.
في سياق هذا الصراع حاولت الولايات المتحدة الأمريكية منذ 2007 “إقناع” السلطات في مالي “بمحاسن” السماح لها بإقامة قاعدة أفريكوم في البلد. لكن الرئيس المالي السابق أمادو توماني توري، الموالي لفرنسا، رفض “الاقتناع”، فأطاحت به هذه الأخيرة عبر انقلاب عسكري قام به في شهر مارس 2012 ، النقيب أمادو سانغو، الموالي للولايات المتحدة الأمريكية. هنا تدخلت فرنسا لفرض تسليم السلطة لديونكوندا تراوري، الموالي لفرنسا، والذي تم تنصيبه يوم 12 أبريل 2012. هذا الأخير اختار عميلا آخر لفرنسا هو شيخ موديبو ديارا، رئيسا للوزراء، لكن المؤسسة العسكرية كان لها رأي آخر فأجبرت ديارا على تقديم استقالته وتعيين ديانغو سيسوكو عوضا عنه.
من جهة أخرى كانت مالي تشهد صراعا على جبهة أخرى بين السلطات وبين الطوارق الذين يطالبون بدولة مستقلة في المنطقة. عانى الطوارق منذ عقود من تبعات التقسيم الاستعماري المصطنع للحدود الذي قسمهم وحولهم إلى مجرد لاجئين، وهو ما جعلهم يخوضون صراعا طويلا من اجل حقهم في تقرير المصير، لكن بدون نجاحات تذكر. إلا أنهم في الآونة الأخيرة استفادوا من التحولات الداخلية والإقليمية التي صبت في مصلحتهم وعلى رأسها ضعف الدولة المالية وسقوط نظام القذافي.
فبعد الإطاحة بالقذافي استولى الطوارق على كميات هائلة من الأسلحة من المستودعات العسكرية الليبية، نظرا لكون الكثير منهم كانوا يعملون في جيش العقيد المخلوع كالفوج التاسع واللواء 32. لذا تمكنوا من مد نفوذهم على مناطق واسعة في شمال مالي والتقت مصالحهم مع مصالح تنظيمات إرهابية بالمنطقة (تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، الخ). وقد كانت الجماعات الإسلامية الرئيسية المتواجدة في المنطقة: القاعدة في المغرب الإسلامي، وأنصار الدين، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، قد شكلت في نهاية 2011 تحالفا في ما بينها، تمكن في شهر أبريل من السيطرة على شمال مالي وأغلب المدن، مما اضطر الحكومة المالية إلى توقيع اتفاقية هدنة مع تلك الفصائل. فتم إعلان قيام دولة أزواد المستقلة. لكن هؤلاء الطوارق سرعان ما وجدوا أنفسهم رهينة في أيدي تلك الجماعات الإسلامية الأكثر تسليحا والأفضل تمويلا وتدريبا.
أهداف نبيلة؟
السادة الامبرياليون أذكياء بما يكفي لكي يعرفوا أنه يوجد الكثير من سيئي النية الذين سيعتبرون أن المصالح الاقتصادية والسياسية هي التي تقف وراء هذه الحرب. وهذا ما سارعوا منذ البداية لنفيه بشكل قاطع. إن الهدف المعلن وراء هذا التدخل العسكري هو “محاربة الإرهاب” و”الدفاع عن سيادة دولة مالي”، وغيرها من الغايات النبيلة الأخرى. وهذا ما أكده الرئيس الفرنسي حين قال إن بلده ليست لها أي مصالح في مالي، وأنه ليس لهذه العمليات من هدف سوى السلام.
كذلك وزير الداخلية الفرنسي٬ مانويل فالس٬ صرح بدوره، في لقاء صحفي مشترك عقب اجتماع رباعي جمعه بنظرائه في كل من المغرب وإسبانيا والبرتغال٬ أن هذا التدخل “لا علاقة له بطبيعة الحال بما سماه البعض قبل سنوات (بفرنسا الإفريقية)” وتساءل مستنكرا: “ما هي مصالحنا الاقتصادية في مالي باستثناء أن لدينا ستة آلاف مواطن يعيشون هناك؟ (…) ليس هناك سوى مصلحة نتقاسمها وهي مكافحة الإرهاب”. وأضاف: “لو لم تقم فرنسا بهذا التدخل الذي حظي بدعم الاتحاد الأوروبي والدول الإفريقية في المنطقة لكانت باماكو هي التي سقطت في أيدي الإرهابيين”.
هؤلاء السادة والسيدات لطفاء جدا!!! ليست لديهم مصالح اقتصادية في المنطقة ومع ذلك يتكبدون مشقة السفر وملايين الدولارات ويقومون بإهداء الشعب المالي بضعة أطنان من القنابل والمتفجرات، فقط لكي ينعم بالأمان.
لكن مهلا، هل حقا محاربة الإرهاب والقضاء على الجماعات الإسلامية المسلحة هو الهدف الرئيسي للحملة؟ كلا، على الإطلاق! فنفس هؤلاء الامبرياليين هم من يمولون ويدعمون الجماعات الإرهابية، مباشرة أو بالوساطة، في سوريا. كما أنهم لم يسبق لهم أن حركوا أصبعا واحدا للاحتجاج ضد الفظاعات التي استمرت تلك الجماعات ترتكبها ضد السكان والمآثر التاريخية، تحت شعار تطبيق الشريعة.
ودعونا لا ننسى أن هذه الجماعات استمرت سنين طويلة متواجدة في المنطقة في تعايش تام مع المصالح الامبريالية هناك، فلم نسمع أنها هاجمت مصالح الشركات المتعددة الجنسيات بالمنطقة، في المناجم وحقول الغاز الخ. وهذا ما أكده أكلي شكا، المتحدث باسم منظمة شباب الطوارق العالمية في تصريح لقناة الجزيرة حيث قال إن “هذه الجماعات [الإسلامية] كانت متواجدة في إقليم أزواد لأكثر من 15 سنة وفرنسا وابنتها المدللة مالي تعلم بهذا لكنهم تساهلوا مع هذه الجماعات إلى أن أصبحت جماعات قوية وفرضت سيطرتها على إقليم أزواد”.
وليس كل الحديث المنافق عن الديمقراطية ومصالح الشعب المالي سوى خداع لتبرير جريمة التدخل العسكري الامبريالي وإخفاء أسبابه الحقيقية. إذ أن هؤلاء السادة والسيدات الديمقراطيون/ات، هم من يتحالفون مع أنظمة مغرقة في الدكتاتورية في المنطقة ويدعمونها ويمولونها: كالسعودية والمغرب والأردن وبقية قبائل الخليج الخ. نفس الشيء في بقية أنحاء العالم، فهم من دعم الانقلابات العسكرية في أمريكا اللاتينية، ضد أنظمة منتخبة ديمقراطيا كنظام سلفادور ألييندي بالشيلي في الماضي، وضد نظام هوغو تشافيز حاليا.
كما أننا لم نجد هذا الحماس كله في الدفاع عن الديمقراطية عندما قام النقيب أمادو هايا سانغو، الذي تلقى التدريب في الولايات المتحدة، بتنظيم انقلابه وعمل على إلغاء العمل بالدستور وقمع كل مظاهر الديمقراطية.
ليس محاربة الإرهاب هو الهدف ولا تعزيز الديمقراطية هو الهدف، ولا الدواعي الإنسانية. إن الهدف من وراء تدخل فرنسا العسكري في المنطقة هو رغبتها في أخذ زمام الأمور في المنطقة بين أيديها. فصراع هؤلاء الأطفال الأشقياء صار يهدد بالانهيار الشامل لمقومات الدولة وبالتالي مصالحها الإستراتيجية هناك. هذا الخوف من الانهيار الشامل هو الذي دفع بقية القوى الامبريالية الأخرى إلى التضامن مع فرنسا، وتأييد تدخلها. فهم رغم كل شيء يعرفون أنه يجب حماية الكعكة من الفساد ليتم اقتسامها.
فرانسوا هولاند ووزيره يكذبان طبعا عندما ينفيان وجود مصالح لبلدهما في المنطقة. فالجميع يعلم أن الشركات الفرنسية موجودة في مالي حيث تستغل مناجم ذهب في الجنوب إلى جانب شركات متعددة الجنسيات أخرى. وهناك شركة طوطال الفرنسية التي تنقب عن النفط في مالي. كما أن أغلب الاقتصاد المالي في يد رجال أعمال فرنسيين، حيث يوجد أكثر من 6000 رجل أعمال فرنسي. ثم إن الجميع يعلم أن مالي بلد يحتل موقعا استراتيجيا في وسط بلدان غرب إفريقيا وممر استراتيجي لفرنسا نحو النيجر البلد الذي يعتبر أكبر ممون لمحطات الطاقة النووية الفرنسية باليورانيوم، حيث شركة اليورانيوم في منطقة أرليت بشمال النيجر، تغطي أكثر من 80% من حاجيات فرنسا إلى اليورانيوم.
لهذا تعتبر الامبريالية الفرنسية أن حكم مالي مسألة أكثر جدية من أن تترك لعملائها هناك، سواء منهم القدامى أو الجدد. وقد تحدث وزير الدفاع الفرنسي عن أن حملة بلاده هناك ستكون طويلة الأمد، وهو ما يعني أن فرنسا لم تأت إلى مالي اليوم لكي تغادرها غدا بل جاءت لكي تبقى.
انتصار سهل؟
ما إن وصلت القوات الفرنسية إلى مالي، وبدأت القصف، حتى تسارعت أخبار الانتصارات. فبين ليلة وضحاها اختفى المسلحون وسيطرت القوات النظامية على جميع المدن والبلدات المهمة في الشمال.
قالت فرنسا إن قواتها سيطرت على مطار بلدة غاو، وجسر واباري فوق نهر النيجر. كما أكدت التقدم على جبهة تمبوكتو، بعدما كانت قد استعادت بلدة همبوري دون قتال بفعل انسحاب المسلحين الإسلاميين. (المصدر: الجزيرة)
جاءت هذه الانتصارات دون أي خسائر في الأرواح من جانب القوات الفرنسية أو القوات النظامية المالية، حيث كلما دخلوا بلدة وجدوها خالية إلا من العدد القليل المتبقي فيها من سكانها. إن الوضع أشبه بنزهة لولا مشاهد الدمار الرهيب بفعل القصف العشوائي، ومعاناة اللاجئين.
لكن هذا التقدم الذي لم يسبب أي خسائر للقوات المالية والفرنسية، لم يتسبب أيضا في أي خسائر تذكر للجماعات المسلحة. لقد اكتفت هذه الأخيرة بأن تراجعت وانصهر أعضاءها بين السكان في انتظار أوقات أفضل. وهذا ما أكده أبو الهمام، القيادي في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، في تصريح لقناة الجزيرة حيث قال إن إستراتيجية الجماعات الإسلامية في مالي ستكون الانسحاب من المدن وخوض حرب عصابات.
إن هؤلاء المسلحين سوف يختبئون مؤقتا وينتظرون الفرصة لكي يضربوا في الوقت والمكان الذي سيحددونه. وكما حدث في بلدان أخرى كأفغانستان والعراق سيستغلون المآسي التي سيخلفها التدخل العسكري ومختلف الفظاعات التي ستصاحبه لكي يخلقوا لأنفسهم قاعدة دعم بين السكان.
كما أن تلك الجماعات تمتلك ميزة المعرفة الدقيقة بالأرض والسكان، كما تمتلك علاقات مصلحة وطيدة حتى داخل مؤسسات الدولة المالية وخاصة الجيش. ففي تصريح لحما اغ سيد احمد المتحدث باسم رئيس مجلس حركة أزواد لصحيفة “لوسوار دالجيري” أشار إلى وجود اتصالات بين “ضباط في الجيش المالي والقاعدة في المغرب الإسلامي وكذلك حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”. وقال إن “العسكريين الماليين يعرفون جيدا مواقف المنظمات الإرهابية لأنهم عملوا معهم في فترة حكم امادو تومانو توري (الرئيس المالي السابق) لتأمين تهريب المخدرات”. يذكرنا هذا الوضع بما هو عليه الحال في باكستان وأفغانستان حيث تتداخل مصالح المخابرات بالدين بالمخدرات بالأسلحة.
ويجب ألا ننسى في هذا السياق أن القاعدة في المغرب الإسلامي لها علاقات وطيدة مع الجماعات الإسلامية الإرهابية الليبية (التي غيرت اسمها مؤخرا إلى الحركة الإسلامية الليبية) بقيادة عبد الحكيم بلحاج، رئيس المجلس العسكري بطرابلس بعد تحريرها على يد قوات الناتو. وهو ما يمكنهم من قاعدة دعم وتمويل هامة، بالنظر إلى أن ليبيا قد تحولت إلى قاعدة لإنتاج وتسليح الإرهابيين، تحت سمع وأنظار قوات الناتو.
إن التدخل الامبريالي في المنطقة لن يضعف تلك الجماعات الإرهابية بل سيقويها، كما أنه لن يساعد على حماية استقرار دولة مالي، بل سيسرع عملية تفككها، وستنتشر الاضطرابات والإرهاب في كل البلدان المحيطة. فالجماعات الإرهابية ستنقل جزءا من الصراع إلى داخل تلك البلدان نفسها. بما فيها المغرب والجزائر وتونس. وليس ما حدث من احتجاز للرهائن في منطقة أميناس سوى مؤشر بسيط عما ستشهده المنطقة مستقبلا.
حرب بالوكالة
إن فرنسا وبالرغم من تدخلها العسكري المباشر لا تترك فرصة تمر إلا وتؤكد على أنها لن تقوم بالمهمات القذرة بنفسها. فمنذ البداية أكدت على ضرورة قيام البلدان الإفريقية بالمهمة. إن التجارب المريرة التي مرت منها القوى الامبريالية عند تدخلها العسكري في مختلف البلدان جعلها تخاف كثيرا من التورط في حرب على الأرض. وهو ما دفع القوات الفرنسية إلى الاكتفاء بالقصف الجوي لمواقع المسلحين.
يخلف القصف الجوي دمارا رهيبا وعددا مهولا من الضحايا المدنيين الأبرياء. وقد بدأت منذ الآن المنظمات الدولية تدق نواقيس الخطر بخصوص الأوضاع التي يعيشها الشعب المالي، تحت القصف. لكن وبالرغم من كل تلك الخسائر والدمار الذي يخلفه القصف، فإن الحسم العسكري للحرب غير ممكن إلا بالقتال على الأرض، وهذا هو ما لا تريد ولا تستطيع فرنسا التورط فيه خاصة في مواجهة جماعات تنفذ تقنيات حرب العصابات. لذلك نشطت مساع حثيثة لتوريط الجيوش الإفريقية في هذا المستنقع.
وفي هذا السياق اجتمع قادة جيوش دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (ايكواس) يوم السبت: 26 يناير 2013 في أبيدجان للعمل على تعزيز القوة الإفريقية في مالي التي تدعم القوات الفرنسية والمالية. وقال الجنرال سومايلا باكايوكو قائد جيش ساحل العاج إن الاجتماع يهدف إلى تعزيز البعثة الدولية للإسناد في مالي، كما صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن إدارة أوباما تسعى لتخصيص 32 مليون دولار لتدريب قوات افريقية على قتال المسلحين. (المصدر: الجزيرة)
إن الأفارقة هم من سيكونون في الصفوف الأمامية لخوض هذه الحرب التي ستطول بالتأكيد وستنتقل إلى البلدان المجاورة، لتضرب ما تبقى من الاستقرار الهش لها وتستنزف ثرواتها.
النظام القائم بالمغرب
النظام القائم بالمغرب بدوره انخرط بحماس في هذه الحرب، حيث أكد وزير الداخلية امحند العنصر، في ندوة صحفية، عقب اختتام اجتماع وزراء داخلية كل من المغرب وفرنسا واسبانيا والبرتغال يوم 25 يناير 2013، أن المغرب يدعم فرنسا دعما مطلقا “دون تحفظ” في تدخلها العسكري بجمهورية مالي ضد الإرهاب وضد استهداف سيادة أراضيها وتهديد أمن سكانها وسلامة ممتلكاتهم. واعتبر أن تدخل القوات الفرنسية في جمهورية مالي جاء في الوقت المناسب مشيرا إلى أنه بفضل هذا التدخل استطاعت جمهورية مالي أن تحمي وحدة أراضيها وتستعيد ثقة سكانها في الأمن على أرواحهم وممتلكاتهم.
وقد سارع النظام القائم بالمغرب إلى فتح المجال الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية للمرور نحو مالي. غير انه استبعد مشاركة قوات مغربية في هذه المرحلة، مؤكدا أن “هذا الأمر ليس واردا في الوقت الراهن”، دون أن يوضح ماذا يعني بـ “الوقت الراهن”، هل هو يوم واحد أو يومان أو أسبوع كامل.
المثير للاشمئزاز هو أن نظاما دكتاتوريا رجعيا عميلا للامبريالية كالنظام القائم بالمغرب، يتحدث بكل وقاحة عن رغبته في مساعدة الشعب المالي على “الحفاظ على سيادته” و”تعزيز الديمقراطية” فيه الخ.
النظام القائم بالمغرب نظام يقتل المحتجين السلميين في الشوارع، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يطالبون بالديمقراطية ومحاربة الفساد والعيش الكريم. ويعتقل المناضلين النقابيين والمعطلين والطلاب المحتجين والشباب المناضل، ويقمع كل أشكال التعبير. إنه نظام يقوم على الحكم الفردي حيث رأس السلطة الذي يحتكر فعلا كل السلطات الاقتصادية والسياسية شخص غير منتخب، مؤسسة غير منتخبة، وفوق كل هذا مقدس يتعرض كل من ينتقده للسجن سنوات طويلة.
ليست لهذا النظام أية شرعية للحديث عن خدمة الديمقراطية وحقوق الإنسان في بلدان أخرى. فالسياسة الخارجية هي في آخر المطاف استمرار للسياسة الداخلية، ولا يمكن لنظام رجعي دكتاتوري أن يحمل لأي من شعوب العالم أي خير. وهذا ما تؤكده مختلف المحطات التي ساهم فيها النظام القائم بالمغرب في حملات خارج الحدود.
إن ما يدفع المغرب إلى المشاركة في هذه الحرب هو تبعيته وعمالته للقوى الامبريالية، وخاصة الفرنسية، من أجل أن تزيد في دعمه اقتصاديا وسياسيا وتتغاضى عن كل ما يقوم به من جرائم ضد شعبه وضد الشعب الصحراوي، أزكمت الأنوف وصارت تحرج بوحشيتها حتى هؤلاء الضباع الامبرياليين.
كما أن له مصالح فعلية في كل تلك المنطقة. فشركة مناجم – التابعة للهولدينغ الملكي SNI، أونا سابقا- على سبيل المثال حصلت منذ سنة 1997 على ترخيص لاستغلال الثروات المعدنية في مالي. كما أن لها مصالح تصل حتى الكونغو الديمقراطية.
إن الماركسيين المغاربة يعارضون بشدة ويرفضون هذه الحرب الامبريالية كما يعارضون ويرفضون مطلقا مشاركة المغرب بأي شكل من الأشكال في هذه الجريمة ضد الشعب المالي. إن الماركسيين المغاربة يطالبون بأن يتمتع الشعب المالي بحقه في تقرير مصيره بنفسه بدون تدخل من أي قوة خارجية. إننا نطالب بأن يرفع الامبرياليون أيديهم عن ثروات الشعب المالي، ويتوقفوا عن دعم الجماعات الرجعية والأنظمة الدكتاتورية، في مالي والمنطقة والعالم ككل. وهذا غير ممكن إلا بالنضال الثوري ضد الامبريالية والأنظمة الرأسمالية العميلة في المنطقة بتحالف بين شعوب المنطقة المقهورة وبين الطبقة العاملة في فرنسا وأمريكا وغيرها من البلدان المتقدمة. وتشييد الاشتراكية في المنطقة وفي إفريقيا والعالم.
- فلتسقط الحرب الامبريالية
- فلتسقط الرأسمالية
- يا عمال العالم اتحدوا
رابطة العمل الشيوعي
السبت: 27 يناير 2013