أنصار منظمة النداء الاشتراكي
الجمعة: 05 غشت 2016
خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليوز، اجتمع حوالي 300 منتدب وزائر، قدموا من 30 بلد مختلف، في المؤتمر العالمي للتيار الماركسي الأممي. مؤتمر هذه السنة، الذي انعقد في خضم حركات جماهيرية وصراعات طبقية هائلة وتطورات ثورية عبر العالم، كان بكل تأكيد المؤتمر الأكثر نجاحا على الإطلاق.
طيلة الأيام الستة، شارك رفاق من ست قارات مختلفة في النقاشات حول المنظورات العالمية؛ والوضع في بريطانيا بعد التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوربي؛ والمسألة القومية، مع التركيز أساسا على اسكتلندا وكتالونيا وكردستان؛ والتطورات في باكستان؛ وإصدار النسخة الجديدة لتحفة تروتسكي: الكتاب غير المكتمل عن ستالين.
أظهرت المساهمات في كل هذه الجلسات قوة الأفكار الماركسية وقدرتها على تفسير وفهم الأحداث العاصفة التي تجري أمام أعيننا اليوم. تمثل هذه الأفكار، كما أكد آلان وودز في خطابه الختامي، سلاحنا الأهم في النضال ضد الرأسمالية. وفي إحالة منه إلى اغتيال تروتسكي المأساوي على يد عميل ستاليني قبل 76 سنة، قال: «تستطيعون قتل شخص، لكنكم لن تستطيعوا قتل فكرة حان وقتها».
الجو الحماسي الذي ساد بين الرفاق تبين بشكل جلي، ليس فقط من خلال الأغاني الحماسية لليلة الأخيرة، بل خصوصا من خلال المساهمات المالية القياسية التي تجاوزت 60,000 أورو، التي تم جمعها للمساعدة في بناء القوى الماركسية أمميا. سوف يساعد ذلك بشكل كبير عمل التيار الماركسي في بلدان مثل اندونيسيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا وفنزويلا وباكستان.
ننشر فيما يلي خلاصة لتقارير الرفاق في مؤتمر هذه السنة، والتي تقدم نظرة عامة حول بعض القضايا التي نوقشت، إلى جانب شريط فيديو قصير للقيادي في التيار الماركسي الأممي، الرفيق خورخي مارتن، الذي يشرح أهمية حدث هذه السنة [مترجم للعربية].
انظر أدناه أيضا شريط فيديو لتقديم آلان وودز لنقاش المنظورات العالمية [بالإنجليزية]، إضافة إلى صور للمؤتمر. إذا كنت مهتما/ مهتمة بالالتحاق بالتيار الماركسي الأممي في النضال من أجل الثورة، نلتمس منك أن تتصل بنا اليوم.
منظوارت للثورة العالمية
افتتح المؤتمر العالمي أشغاله بنقاش المنظورات العالمية. قدم آلان وودز للنقاش، وساهم فيه الرفاق من كل أنحاء العالم حيث تطرقوا للوضع في بلدانهم ومناطقهم.
ينعكس الاتجاه العام للأزمة الرأسمالية العالمية في جميع بلدان العالم تقريبا، مع تراجع الاقتصاد الذي تحاول الطبقة السائدة حله عبر تطبيق التقشف وتكثيف الهجمات على الطبقة العاملة. وقد تم تقديم أمثلة واضحة عن ذلك أثناء النقاش، مثل الأحداث في فرنسا واليونان والبرازيل…
أدى ذلك إلى انتشار عالمي لمشاعر العداء ضد الأنظمة وتقاطب سياسي ومعه صعود أحزاب يسارية مثل Unidos Podemos (متحدون نستطيع) في إسبانيا، وتمكنها من كسب الشعبية، إلى جانب صعود شعبية ديماغوجيين يمينيين مثل ماري لوبين ودونالد ترامب. تحدث الرفاق من جنوب إفريقيا والبرازيل واسبانيا وفرنسا وفنزويلا والولايات المتحدة واندونيسيا وباكستان، وشرحوا كيف أن “الموقع الوسط” قد انهار.
وقد وضع هذا الاستقطاب السياسي الطبقة الحاكمة في مواقف صعبة، مع فوز دونالد ترامب بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية وصعود كوربين إلى منصب رئيس حزب العمال في بريطانيا. وفي البرازيل لجأ ممثلو البرجوازية إلى الاحتيال في محاولاتهم إسقاط الرئيسة ديلما روسيف.
أكبر مصدر للاضطراب مؤخرا هو التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، والذي هز الرأسمالية العالمية من أساسها. لقد أدى الجمع بين صعود كوربين إلى قيادة حزب العمال وفشل الانقلاب داخل الحزب والتصويت بالخروج إلى وضع بريطانيا في وسط الحركة الثورية الأوروبية. إلا أن الأزمة المصرفية التي ستعرفها إيطاليا حتما، لن تترك بريطانيا في تلك المرتبة إلا لفترة وجيزة فقط.
وذكر عدد من المتحدثين أهمية التباطؤ الاقتصادي في الصين. في عام 1996 كانت الصين تمثل 6٪ من الناتج الإجمالي العالمي، أما الآن فهي تمثل 20٪. وقد أدت الطرق الكينزية، التي استخدمت للحفاظ على نمو الاقتصاد الصيني في وجه الركود العالمي، إلى أزمة فائض إنتاج ضخمة، مع إغراق الصلب الصيني والفحم والألمنيوم للأسواق العالمية. وقد تم الشعور بتداعيات ذلك في كل مكان.
يستمر الوضع في التدهور في أمريكا اللاتينية أيضا. البرازيل التي هي القوة الاقتصادية الأكبر في المنطقة تعيش أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة، مع انخفاض 25٪ في الصناعة، و12 مليون عاطل عن العمل، وتراجع شعبية حكومة حزب العمال من 60٪ إلى 10٪ في استطلاعات الرأي بعد إقالة روسيف.
في فنزويلا أظهرت الأزمة الاقتصادية الحالية حدود برنامج الحركة البوليفارية الذي لا يقطع مع الرأسمالية. أدى انخفاض أسعار النفط إلى تخريب الاقتصاد، ومن أجل جذب الاستثمارات الخارجية اتبعت الحكومة الطريق المعروف جيدا المتمثل في متابعة التقشف والاتجاه نحو اليمين. ومع ذلك فإن الفوضى السياسية والاقتصادية التي تطارد الآن الشعب الفنزويلي تمنع أي استثمار على الإطلاق، وتواصل البلاد في الانحطاط بسرعة.
أما بخصوص الولايات المتحدة فقد أكد الرفاق على الاستقطاب السياسي الذي لا يصدق، مع تنافس ترامب وكلينتون الآن للوصول إلى البيت الأبيض. وبعد دعم بيرني ساندرز لكلينتون، لا يوجد الآن أي بديل للطبقة العاملة. 40٪ من السكان يصفون أنفسهم الآن بأنهم مستقلون والكثير منهم يتطلعون نحو أفكار جديدة وجذرية، مع تفضيل الغالبية العظمى من الذين تتراوح أعمارهم بين 18- 29 سنة “الاشتراكية” على “الرأسمالية”، و34٪ من الذين يتجاوزون 65 سنة قالوا أنهم مستعدون للتصويت لصالح مرشح اشتراكي. بل إن 9٪ من الشباب الأمريكي يصفون أنفسهم بأنهم “شيوعيون”.
بالانتقال إلى منطقة الشرق الأوسط، أشار الرفاق إلى أن الأزمة الاقتصادية قد أنهت الطفرة التي قام عليها استقرار الماضي. الإرهاب واللاجئون والحرب الأهلية في سوريا كلها أحداث زعزعت استقرار تركيا، حيث كان الرئيس أردوغان يحاول إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية. وقد سمح له الانقلاب الفاشل الأخير بتعزيز موقفه. مفتاح المنطقة يكمن في قوة الطبقة العاملة في البلدان الصناعية الرئيسية – إيران ومصر وتركيا – وتقاليدها الثورية.
في أوروبا ما تزال الأزمة اليونانية لم تحل وما تزال اسبانيا غارقة في التدهور الاقتصادي. ما يزال الوضع السياسي غير مستقر للغاية، حيث شهدت الانتخابات الأخيرة فوز ثلاثة أحزاب بأكثر من 20٪ من الأصوات، وتركت المشهد السياسي مجزءًا. وفي فرنسا تسببت هجمات حكومة هولاند المتصاعدة على الطبقة العاملة في اندلاع موجة إضرابات، وأيام تحركات
وطنية وحركة ليالي الاحتجاج الشبابية “Nuit Debout”. تراجع شعبية هولاند سمح لمارين لوبان بموقع جيد في الانتخابات الرئاسية الفرنسية على أساس برنامج يميني متطرف. إن فشل أيام التحركات الوطنية أقنعت المزيد من الجماهير بفشل الإصلاحية بشكل عام، بينما الجماهير غاضبة أكثر من أي وقت مضى على الحكومة الفرنسية وتبحث عن حلول أكثر جذرية.
وفي جميع الحالات، كما أوضح جميع المتحدثين، تبين الطبقة العاملة العالمية أنها ليست مستعدة لتحمل هذه الهزائم بسلبية وأنها ستقاوم. إن العامل المفقود في جميع تلك الحالات، كما أكد آلان وودز في كلمته الختامية، هو العامل الذاتي أي القيادة الثورية. هذا وصرح آلان بأن مهمتنا هي: بناء قوى الثورة. يا عمال العالم اتحدوا!
بريطانيا التصويت للخروج والاتحاد الأوروبي
شكل قرار بريطانيا ترك الاتحاد الأوروبي (أو ما يسمى بالاستفتاء لصالح الخروج ‘Brexit’) تطورا سياسيا متفجرا ألقى بالرأسمالية العالمية في حالة من الفوضى. وفي الوقت نفسه بلور قوى العنصرية والديماغوجية القبيحة التي يعاني منها المجتمع في مرحلة الأزمة هذه.
في دورة استثنائية للمؤتمر مخصصة لمسألة التطورات السياسية في بريطانيا، أوضح الرفيق فريد ويستون أنه بينما كانت اليونان وإسبانيا هما مركز الثورة الأوروبية، فإن نتائج هذا الاستفتاء تشير إلى أن بريطانيا صارت الآن هي المركز.
قال فريد إنه في حين أن الاتحاد الأوروبي هو أداة رجعية في يد الرأسمال المالي الأوروبي (والألماني بشكل خاص)، فإن أزمة الرأسمالية الحالية ليست نابعة من الاتحاد الأوروبي في حد ذاته. والصحيح هو أن المرض الكامن في النظام الرأسمالي كله (الذي يعتبر الاتحاد الأوروبي حامله) قد ترك العديد من الدول الأعضاء في حالة من الضيق والتقشف. يوضح تصويت الخروج والانهيار الوشيك للاتحاد الأوروبي أن الوحدة الأوروبية لا يمكن أن تتحقق في ظل الرأسمالية.
ومع ذلك فإنه لا يمكن للثوريين أن يتبنوا موقفا موحدا بمقاس واحد يناسب الجميع بشأن هذه المسألة. ففي حين أنه من الواضح أن التصويت لصالح الخروج سيكون هو الخيار التقدمي في بلد مثل إيطاليا، حيث تسود مشاعر الكره ضد الاتحاد الأوروبي بين صفوف الطبقة العاملة باعتباره مصدرا للتقشف، فإنه في بريطانيا كان الوضع خلال الاستفتاء مختلفا تماما. للأسف، تم تحويل المهاجرين إلى كبش فداء من قبل رجعيين مثل بوريس جونسون ونايجل فرج بتصويرهم وكأنهم سبب التقشف والبطالة. وبسبب عدم وجود يسار قوي معادي للتقشف، حول هؤلاء الديماغوجيون اليمينيون الاستفتاء إلى استفتاء على الهجرة، وقدموا الوعود بأن التصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي سيعني أن بريطانيا ستستعيد السيطرة على حدودها. وفي حين صوت الرأي العام البريطاني لصالح المغادرة نظرا لمجموعة متنوعة من الأسباب، فإن كراهية الأجانب كانت هي الرسالة السائدة في خطاب قادة حملة الخروج.
إلا أنه كانت هناك عناصر تقدمية وأخرى رجعية في كلا المعسكرين (البقاء والمغادرة). كان على رأس معسكر البقاء رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، وانضم إليهم جناح أصحاب الشركات الكبرى المتبصرين داخل حزب المحافظين والجناح اليميني من حزب العمال. وقد استخدم برلمانيو حزب العمال اليمينيون التصويت لصالح الخروج أساسا لانقلابهم ضد كوربين، الذي اتهموه بعدم الدفاع “بقوة كافية” على بقاء بريطانيا في الاتحاد. ومع ذلك فقد صوت الكثيرون داخل الحركة العمالية لصالح البقاء بفعل اشمئزازهم الصحيح والمفهوم من الطابع العنصري الذي ساد حملة الدعوة للمغادرة، كما فعل غالبية الشباب. وعلاوة على ذلك تحرك الناخبون لصالح البقاء بفعل الاغتيال المروع الذي تعرضت له النائب العمالية جو كوكس من قبل مختل فاشستي، قتل كوكس انتقاما منها بسبب موقفها (وموقف حزب العمال) من أوروبا.
وفي الختام شرح فريد ويستون أن قرار منظمة Socialist Appeal (النداء الاشتراكي- الفرع البريطاني للتيار الماركسي الأممي) بعدم دعم أي من المعسكرين الرجعيين عكس الظروف الموضوعية الخاصة بهذا الاستفتاء. قدم الماركسيون البريطانيون منظورا بديلا هو الولايات الاشتراكية الأوروبية المتحدة، والذي لاقى صدى واسعا بين أفضل شرائح الشباب والعمال الذين تمكنوا من رؤية الأكاذيب والنفاق في كلا الجهتين.
وقد أوضح الرفيق روب سويل، في المناقشة، أن التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوربي كان “ثورة مشوهة ضد النظام”، وهو الرأي الذي ردده الرفاق من إيطاليا والنمسا. وناقشت الرفيقة ماري فريدريكسن الأحداث الأخيرة في الدنمرك، حيث يقوم كل من حزب الشعب الدنمركي العنصري وحزب الوحدة الدنمركي اليساري بالدفع في اتجاه تنظيم استفتاء مستوحى من استفتاء بريطانيا. وقد تبنى الحزب الأول موقفا مناهضا للهجرة، في حين احتفل الأخير بالتصويت لصالح الخروج باعتباره انتصارا لحقوق العمال ضد التقشف في الاتحاد الأوروبي ودعا إلى قيام الدنمركيين “بتحرير” أنفسهم بدورهم. اتفقت ماري مع الرفاق البريطانيين حول أنه سيكون من الخطأ بالنسبة للماركسيين تقديم دعم تلقائي لهذه الدعوة، وأن الشرائح الأكثر جذرية في المجتمع الدنمركي يمكن أن تنفتح علينا بشكل أفضل على أساس مطلب ثوري واضح، مطلب: الولايات الاشتراكية الأوروبية المتحدة.
وأكد فْريد أن الشعار الرئيسي للماركسيين في كل مكان هو: داخل أو خارج الاتحاد الأوربي، المشكلة هي الرأسمالية. لا للاتحاد الأوروبي الرأسمالي! من أجل الولايات الاشتراكية الأوروبية المتحدة!
دروس من باكستان
كنا محظوظين للغاية لتمكننا من الحضور في ما اعتبر بحق أنه أفضل مؤتمر عالمي للتيار الماركسي الأممي على الإطلاق. كانت هناك العديد من المناقشات الرائعة، وكان المزاج السائد بين الـ 300 مندوب وزائر هو التفاؤل والثقة الشديدين بمستقبل التيار الماركسي الأممي.
من أبرز نقاط النقاش، بالنسبة لنا، كانت الدروس المستفادة من عمل التيار الماركسي الأممي في باكستان. يتحمل الرفاق هناك مهمة ضخمة لبناء القوى الماركسية في بيئة صعبة وخطيرة حقا. يمكن أن نرى شجاعة رفاقنا في باكستان في حقيقة أن الأماكن التي تشهد أخطر الاضطرابات والتهديدات الإرهابية هي المناطق التي يصارعون فيها لكسب العمال للأفكار الماركسية.
وجه آخر مدهش لعمل رفاقنا الباكستانيين يتعلق بتنظيم النساء وكسبهن لأفكارنا. قدمت لنا الرفيقة أنام شرحا وافيا ومفصلا عن الصعوبات التي يواجهونها عند محاولتهم إشراك المرأة الباكستانية، التي تعيش حياة صعبة للغاية تحت رحمة زوجها وعائلته الممتدة. على هذه المرأة ألا تفعل شيئا قد يجلب العار للعائلة، وإلا فإنها قد تتعرض للقتل. لا يستطعن التحدث إلى الرجال، ما عدا أزواجهن وأقاربهن ولا يمكنهن الخروج وحدهن خوفا من التعرض للاغتصاب. منذ ولادتها تعد الأنثى التي تولد في عائلة فقيرة لليوم الذي ستتزوج فيه، وعادة سوف تتزوج في أقرب وقت ممكن، حتى لا تبقى “عبئا” إضافيا على عائلتها. هوية من ستتزوجه ليست مهمة طالما يتم ذلك الفعل بسرعة.
إن محنة المرأة الباكستانية تؤلم القلب. إن تمكن رفاقنا، الذين يعيشون ويعملون في ذلك البلد الخطير والصعب، من كسب وتكوين عدد صلب من الكوادر النسائية هو مفخرة للعمل الذي يقومون به. كل التضامن مع جميع الرفاق الذين يعملون على بناء التيار الماركسي الأممي في باكستان!
صور المؤتمر:
عنوان النص بالإنجليزية: