إننا نعيش في أكثر الفترات اضطرابًا في التاريخ حيث تضرب الأزمة كل أركان الكوكب، وفي نفس الوقت نشهد اندلاع ثورات في بلد تلو الآخر، كان أخرهم في مدغشقر حيث استطاعت الحركة الجماهيرية إسقاط الرئيس راجولينا وفر خارج البلاد.

لقد شهد العالم، وفي القلب منه منطقتنا، موجات متتالية من الانتفاضات الثورية فعلت فيها الجماهير كل المطلوب منها أن تفعله، ولكن دائمًا ما كانت تنتهي هذه الانتفاضات بهزيمة، رغم احرازها لانتصارات في البداية. وكنا دائمًا نقول أن السبب الأساسي غياب القيادة الثورية المتمثلة في حزب شيوعي قادر على قيادة الطبقة العاملة ببرنامج ثوري نحو إسقاط النظام الرأسمالي.
وها هي الظروف تتهيأ مزيد من الثورات في مختلف بلدان العالم، ولكن على مستوى أعلى من الموجات السابقة، حيث ازدادت الظروف المعيشية التي أدت إلى اندلاع الموجات الثورية السابقة سوءً، بالإضافة إلى العدوان الصهيوني على غزة الذي تحول إلى نقطة مرجعية لكل الغضب الاجتماعي المتراكم تجاه الطبقة الرأسمالية السائدة ودولتها في كل بلدان العالم.
إننا نعيش في حقبة ثورية بامتياز حيث تنفتح احتمالية الثورة العالمية من جديد لأول مرة منذ عقود. ولكن غايب القيادة الثورية وضعف القوى الماركسية الحقيقية معناه إننا سنعيش فترة مطولة من الثورات والثورات المضادة. إن هذا يجب أن يدفع الشيوعيين والشيوعيات إلى العمل بحس الاستعجال لتقديم البديل الشيوعي الثوري للجماهير من أجل تلافي نقطة الضعف الرئيسية التي عانت منها كل الثورات منذ عام 2011 وحتى الآن.
ومن أجل بناء البديل الشيوعي الثوري ينبغي أن نبنيه على صخرة النظرية الماركسية القوية، وهي النظرية الوحيدة القادرة على قيادة الجماهير للنصر. وفي هذا الصدد، ننظم الجامعة الشيوعية الثورية 2025 باللغة العربية لكل الشيوعيين والشيوعيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإعداد الكوادر التي سوف تبني المنظمات والأحزاب الشيوعية الثورية التي ستكون قادرة على تغيير المجتمع على أسس اشتراكية من أجل القضاء على الفقر والتخلف والحروب.
سوف تتناول هذه الجامعة مبادئ الماركسية. سوف نبدأ في اليوم الأول بالمنظورات العالمية، بالإضافة إلى منظورات بلدان المنطقة. ثم سننتقل إلى نقاش المادية التاريخية في الجلسة الثانية. وفي اليوم الثاني سنناقش في الجلسة الأولى المادية الجدلية، وفي الجلسة الثانية الاقتصاد الماركسي. وفي اليوم الثالث والأخير سنبدأ بنقاش الماركسية والدولة، وأخيرًا وليس آخرًا سنناقش الأممية الشيوعية الثورية والإرث الثوري لتيد غرانت.
إن هدف هذه الجامعة واضح: البدء في التجهز لبناء منظمات وأحزاب شيوعية في مختلف بلدان المنطقة، من خلال إرساء الأساس النظري السليم. ندعوكم إلى التسجيل في الجامعة الشيوعية الثورية التي ينظمها أعضاء الأممية الشيوعية الثورية في المنطقة، وهي الحدث الفريد من نوعه، كما ندعوكم إلى الانضمام إلينا.
انضموا إلى الشيوعيين!
انضموا إلى الأممية الشيوعية الثورية!
المنظورات العالمية
دخل العالم مرحلة طويلة من الاضطرابات والأزمات على جميع المستويات، تتجلى في أزمة في العلاقات الدولية والحروب والتقشف والكوارث المناخية وتراكم فاحش للثروات في أيد قليلة. كما نشهد اندلاعًا مفاجئًا للصراع الطبقي وحركات تمردية وثورات في بلد تلو الآخر، إذ تُجبر الظروف الموضوعية ملايين الناس على البحث عن حلول للبؤس الذي لا يُطاق الذي تفرضه الرأسمالية علينا.

ما هي السيرورات الجارية على الصعيد العالمي؟ قال تروتسكي ذات مرة إن “النظرية هي تفوق التوقع على الدهشة”. إن المظاهر المفاجئة والعنيفة للسخط الشعبي تُفاجئ البرجوازية و”خبرائها” المأجورين دائمًا. إن التجريبيين السطحيين من البرجوازية لا ينظرون إلا إلى سطح الأحداث (“الحقائق”). ولا يكلفون أنفسهم عناء النظر تحت السطح لكشف السيرورات العميقة التي تجري في كل مكان.
تعد النظرية الماركسية دليلًا قويًا لعمل الثوريين. ولتطبيقها، لا بد من تقييم علمي للسيرورات الأساسية المؤثرة في الأحداث، وكيفية انعكاسها على وعي جميع الطبقات. ويتم تحقيق هذه المهمة من خلال التقييم المستمر لتحليلاتنا وتوقعاتنا، التي يجب مقارنتها بالأحداث أثناء تطورها، لتسليح أكثر الشرائح تقدمًا: أولئك الذين يسعون إلى انتصار الثورة الاشتراكية، بفهم واضح للآفاق والمهام.
المادية التاريخية

تحلل الماركسية المحفزات الخفية الكامنة وراء تطور المجتمع البشري، من أقدم المجتمعات القبلية إلى العصر الحديث. وتسمى الطريقة التي تتبع بها الماركسية هذا المسار المتعرج بالمفهوم المادي للتاريخ. تمكننا هذه المنهجية العلمية من فهم التاريخ، ليس باعتباره سلسلة من الأحداث غير المترابطة وغير المتوقعة كما يقول ما بعد الحداثيين أو نتاجًا للـ”رجال العظماء” كما يروج البرجوازيين، بل باعتباره جزءً من سيرورة مترابطة وواضحة الفهم. إنها سلسلة من الأفعال وردود الأفعال التي تغطي السياسة والاقتصاد وطيف التطور الاجتماعي بكامله. تكمن مهمة المادية التاريخية في كشف العلاقة الجدلية المعقدة بين جميع هذه الظواهر.
المادية الجدلية
المادية الجدلية هي فلسفة أو منهجية الماركسية. كل حركة سياسية أو حزب أو حتى تجمع من أي نوع يرتكز، بوعي أو بغير وعي، على نوع من الفلسفة أو النظرة للعالم. تهتم الماركسية بإحداث تغيير جذري في المجتمع، ولذلك تتطلب مجموعة من المبادئ الفلسفية واضحة وشاملة ومنهجية للغاية.

إن أفكار المادية الجدلية، المستندة إلى أفضل تقاليد الفكر الفلسفي، ليست عقيدة ثابتة، بل هي منظومة من الأدوات والمبادئ العامة لتحليل العالم ماديًا وعلميًا.
إن المبادئ الأساسية للمادية الجدلية هي: أن كل ما هو موجود مادي ومشتق من المادة، وأن المادة في عملية تغير مستمر، وأن جميع المواد مترابطة ومتداخلة.
إذا أردنا فهم المجتمع لتغييره، فلا يمكن القيام بذلك اعتباطيًا، لأن الإرادة البشرية ليست سيدة الطبيعة، بل إن أفكارنا وخواطرنا هي انعكاسات لقوانين مادية ضرورية. بدلًا من ذلك، يتعين علينا أن نسعى إلى فهم القوانين التي تحكم كيفية تغير المجتمع البشري.
الاقتصاد الماركسي
النظام الاقتصادي الذي نعيش في ظله اليوم هو الرأسمالية: نظام قائم على المنافسة والملكية الخاصة والإنتاج من أجل الربح. لقد أحدث كارل ماركس ثورة في فهمنا للنظام الرأسمالي. فبفضل مجموعته الواسعة من المؤلفات الاقتصادية – بما في ذلك المجلدات الثلاثة من كتاب “رأس المال” – بدد ماركس الغموض المحيط بالرأسمالية، كاشفًا ومفسرًا سيروراتها الداخلية وقوانينها الناشئة وتناقضاتها الجوهرية.
لقد استند ماركس إلى أعمال أسلافه “الكلاسيكيين” – ولا سيما الاقتصاديين البريطانيين آدم سميث وديفيد ريكاردو. فقد حاول مفكرو عصر التنوير هذان دراسة الرأسمالية على أسس علمية. وفي هذا السياق، توصلوا إلى فكرة أن العمل هو مصدر كل قيمة جديدة في المجتمع.

ومن خلال تطوير “نظرية قيمة العمل” هذه، تمكن ماركس من تفسير لغز استعصى على الاقتصاديين الكلاسيكيين: لغز الربح. وقد أوضح ماركس أن هذا اللغز ينشأ من الاستغلال – أي من فائض القيمة الذي تنتجه الطبقة العاملة. وببساطة، يحصل الرأسماليون على أرباحهم من عمل العمال غير مدفوع الأجر.
لكن هذه الحقيقة، بدورها، قادت ماركس إلى استنتاج أشد وطأة: أن النظام الرأسمالي بطبيعته عرضة لأزمات دورية من فائض الإنتاج – أزمات تندلع وتشل المجتمع برمته، مع اصطدام قوى الإنتاج بالحدود الضيقة للسوق.
هذه هي الصورة التي نجد أنفسنا فيها اليوم، حيث يُجبر العمال والشباب على دفع ثمن أزمة الرأسمالية. مسلحين بأفكار الماركسية، يُمكننا أن نرى أنه لا سبيل للخروج من هذه الأزمة داخل حدود الرأسمالية. الحل الوحيد هو الثورة الاشتراكية.
الماركسية والدولة
تكشف الاضطرابات السياسية عن أعمق أسرار النظام الرأسمالي وخباياه. فهي تكشف النقاب عن جميع الأدوات التي صُممت وأُتقنت على مر القرون لفرض حكم أقلية ضئيلة من الرأسماليين فاحشي الثراء على الأغلبية الساحقة.
إن الأداة الرئيسية لتحقيق ذلك هي الدولة، التي يمكن تعريفها ببساطة بأنها “مجموعات مسلحة من الرجال” تُستخدم للدفاع عن علاقات ملكية الطبقة السائدة. ويشمل ذلك الأجهزة القمعية: الجيش والشرطة، بالإضافة إلى المحاكم والقضاء.

لقد عادت الثورة إلى جدول الأعمال العالمي. نشهد تجذرًا في الصراع الطبقي، ومحاولات أولية للشباب والطبقة العاملة للتخلص من الحكم القمعي. في هذا السياق، يكتسب الفهم الصحيح للدولة أهمية حيوية. بدأ ملايين الناس يدركون من خلال تجاربهم الشخصية أن الدولة الرأسمالية وقواتها القمعية تقف حجر عثرة أمام أي محاولة لتحدي هيمنة الرأسماليين على المجتمع وتغييره.
كيف نشأت الدولة تاريخيًا؟ هل كانت موجودة دائمًا؟ ما هي وظيفتها؟ ما هي طبيعة الديمقراطية البرجوازية والحكم الرأسمالي؟ هل يمكن للمستغَلين استخدام الدولة البرجوازية القائمة لتغيير المجتمع وإحداث تغيير ثوري؟ هل يمكن للطبقة العاملة الوصول إلى السلطة السياسية من خلال الانتخابات فقط؟ هل يمكن إلغاء الدولة، وما هو نوع التنظيم الذي ينبغي أن تسعى إليه البشرية عند الإطاحة بالرأسمالية؟ ما هي مهام الطبقة العاملة والثورة الاشتراكية تجاه الدولة، وكيف يمكنها النجاح؟
لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة إلا من خلال دراسة دقيقة للنظرية الماركسية.
تاريخ الأممية الشيوعية الثورية والإرث الثوي لتيد غرانت
يعود تاريخ الأممية الشيوعية الثورية في خيط لم ينقطع إلى الأمميات الأولى والثانية والمؤتمرات الثلاثة الأولى للأممية الثالثة قبل الانحطاط الستاليني، بالإضافة إلى المعارضة اليسارية الأممية بقيادة تروتسكي والأممية الرابعة قبل أن تنحط بعد الحرب العالمية الثانية.

ففي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، شهدت قوى الماركسية الحقيقية تراجعًا عامًا، وهيمنت على اليسار تحريفات الستالينية والإصلاحية. وبينما كانت مجموعات أخرى تستعد لحرب عالمية ثالثة أو تنكر وجود الطبقة العاملة، دافع تيارنا دفاعًا حازمًا عن النظرية الماركسية وتقاليدها، والتي أثبتت صحتها في كل منعطف. لقد حافظت أمميتنا على استمرارية الإرث الماركسي في ظل ظروف معاكسة من التقدم الاقتصادي الرأسمالي حينها وانهيار الاتحاد السوفيتي.
وبناءً على الأساس الصلب للنظرية الماركسية تبرز منظمتنا اليوم بصفتها أقوى قوة ثورية بين العمال والشباب الأكثر تقدمًا في جميع أنحاء العالم.
للتسجيل اضغط هنا.
ماركسي موقع الأممية الشيوعية الثورية الناطق بالعربية