ننشر هنا هذه المقالة بمناسبة ذكرى ميلاد الماركسية الثورية العظيمة روزا لوكسمبورغ. غالبًا ما يتم تصوير هذه الشهيدة الثورية العظيمة على أنها إحدى معارضي ثورة أكتوبر البلشفية، وعلى أنها تمثل نوعًا من الماركسية “اللينة” و”المناهضة للاستبداد” في مقابل ماركسية لينين والبلاشفة.
لكن كما أوضح الرفيقين فريد ويستون وبارسون يونغ في هذا المقال: هناك خرافات كثيرة عن روزا لوكسمبورغ، وقد حان الوقت لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
كما تفخر دار نشر “Wellred Books” بالإعلان عن إصدار كتاب جديد مهم للرفيقة ماري فريدريكسن: “الإرث الثوري لروزا لوكسمبورغ”.
كانت روزا لوكسمبورغ ماركسية ثورية بارزة، لعبت دورًا رئيسيًا في محاربة الانحطاط الانتهازي للاشتراكية الديموقراطية الألمانية، وفي تأسيس الحزب الشيوعي الألماني. ومع ذلك، لسوء الحظ، غالبًا ما تُستخدم بعض كتاباتها وخطبها لتكوين صورة خاطئة تمامًا عما دافعت عنه، وتقديمها على أنها معارضة للينين والبلاشفة.
يقدمها من يسمون أنفسهم بالـ”لوكسمبورغيين” على أنها مدافعة عن إبداع الطبقة العاملة و”العفوية”، في مواجهة لينين “المتطرف” الذي من المفترض أنه سعى إلى سحق مبادرة العمال وإخضاعهم. يهدف الإصلاحيون اليساريون والفوضويون و”الشيوعيون التحرريون” وحتى الليبراليون البرجوازيون، من خلال بناء هذه الصورة عن روزا لوكسمبورغ، إلى استخدام اسم هذه الثورية العظيمة أداة ضد اللينينية. على هذا الأساس، تم اختراع مفهوم “اللكسمبورغية”، كما لو كان اتجاهًا متميزًا ضمن التقاليد الماركسية.
تنجذب شريحة من الشيوعيين الشباب الشرفاء الذين يسعون إلى نسخة بديلة من الماركسية عما يعتبرونه “لينينية” إلى ما تُسمى بـ”اللكسمبورغية”. إن السبب وراء بحثهم عن هذا البديل هو أن الكاريكاتير الستاليني البيروقراطي للاشتراكية – المتجسد في الاتحاد السوفياتي تحت حكم ستالين، والذي تم نسخه لاحقًا في أوروبا الشرقية والصين وفيتنام وأنظمة أخرى – تم تصويره على أنه “لينيني”، أو “ماركسي لينيني” كما يحب الستالينيون اليوم أن يصفوا أنفسهم.
ومع ذلك، يكفي قراءة الوصية الأخيرة للينين (رسائل “الوصية الأخيرة” إلى المؤتمر، ديسمبر 1922 – يناير 1923) لنرى أنه كان فعلًا قلقًا من الاتجاهات البيروقراطية التي كانت تظهر في الاتحاد السوفيتي حتى قبل وفاته، واقترح تدابير لمكافحتها. إن الستالينية، بدلًا من كونها الطفل الطبيعي لللينينية، هي نقيض كامل لما دافع عنه لينين. يتجاهل “لوكسمبورغيو” الأيام الحالية هذه الحقيقة بسهولة.
علينا أن نسأل أنفسنا، إذن، ما الذي تتكون منه “اللكسمبورغية”؟ هل هي مختلفة جدًا عن الماركسية الثورية للينين والبلاشفة؟ إن دراسة جادة لكتابات روزا لوكسمبورغ، وحياتها كلها وكل ما ناضلت من أجله، تكشف أن روزا الحقيقية كانت ثورية. في الوقت الذي انقسمت فيه الحركة العمالية العالمية إلى معسكرين: ثوري وإصلاحي، كانت روزا لوكسمبورغ على نفس الجانب من المتاريس مع البلاشفة. بنفس الطريقة التي حارب بها البلاشفة التيار الانتهازي للمناشفة، خاضت لوكسمبورغ معركة ضد الانحطاط الانتهازي لقادة الاشتراكية الديمقراطية في ألمانيا. وبغض النظر عن هذا النقد أو ذاك الذي وجهته في لحظات مختلفة، فقد دعمت بالكامل الثورة الروسية بقيادة لينين والبلاشفة.
ومع ذلك، لا يزال هناك عدد من الخرافات التي تحاول تصوير روزا لوكسمبورغ على أنها معارضة للبلشفية. أولها فكرة أن لوكسمبورغ دافعت عن عفوية الجماهير مقابل النموذج اللينيني للحزب الثوري. يمكننا قراءة مثال رئيسي لمثل هذه التشويهات في ما كتب عنها في “Rosa-Luxembourg-Stiftung” – وهي مؤسسة فكرية في ألمانيا تابعة لحزب إصلاحي يساري “Die Linke”:
“لقد انتقدت لوكسمبورغ لينين لتصوره لطليعة حزبية شديدة المركزية. حسب لوكسمبورغ، فقد كانت تلك محاولة لوضع الطبقة العاملة تحت الوصاية. تضمنت حججها – المميزة لجميع أعمالها – عوامل مثل المبادرة المستقلة، ونشاط العمال، وقدرتهم على التعلم بواسطة تجربتهم الخاصة وأخطائهم، والحاجة إلى منظمة ديمقراطية على مستوى قاعدي.[1]”
وبالمثل، فإن نعوم تشومسكي، الذي يدعي أنه أناركي ونقابي واشتراكي تحرري، يصور لينين على أنه خاطف تآمري للثورة الروسية الذي دمر قدرتها على تطوير الشيوعية. يقدم لوكسمبورغ على أنها حذرت من هذا:
“مع أن بعض النقاد، مثل روزا لوكسمبورغ، أشاروا إلى أن برنامج لينين، الذي أعدوه يمينيًا إلى حد ما، وأنا أراه كذلك أيضًا، كان، الصورة أنه ستكون هناك ثورة بروليتارية، سيتولى الحزب زمام الأمور من البروليتاريا، ستتولى اللجنة المركزية المسؤولية من الحزب وسيتولى القائد الأعلى المسؤولية من اللجنة المركزية.[2]”
إن هذا النوع من التفكير يتجاهل تمامًا الظروف التي حدثت فيها الثورة الروسية، والأهم من ذلك، عواقب عزلتها في بلد متخلف. وهكذا، وفقًا لهؤلاء النقاد السطحيين، فإن جذور النظام الستاليني الوحشي الذي نشأ فيما بعد لا يمكن العثور عليها في الظروف الموضوعية ولكن في أفكار وأساليب لينين والبلاشفة. يبسط هذا التحليل الأمور إلى درجة استحالة فهم الأسباب الموضوعية الحقيقية للانحطاط البيروقراطي، أي عزل الثورة الروسية في بلد متخلف للغاية. وهو يعتمد بدلًا من ذلك على تفسير ذاتي لاتجاهات لينين الديكتاتورية المفترضة.
العفوية والقيادة
ما هي وجهة نظر روزا لوكسمبورغ الحقيقية حول مسألة “عفوية” الجماهير؟ كيف نظرت إلى علاقة الحزب بالعمل العفوي للجماهير؟ وهل تختلف وجهات نظرها اختلافًا جوهريًا عن آراء لينين؟ إن كتابها “الإضراب الجماهيري والحزب السياسي والنقابات العمالية”، هو إحدى أعمالها التي يستخدمها أولئك الذين يزعمون أنها كانت معارضة بشكل أساسي للبلشفية. يقال إن روزا لوكسمبورغ ترفض في هذا الكتيب، الذي يحلل قوة حركة الإضراب الجماهيري العفوي للثورة الروسية عام 1905، مفهوم القيادة الثورية. لا يمكن أن يكون هناك ما هو أبعد عن الحقيقة من ذلك، ويتغافل تمامًا عن سبب كتابتها لهذا الكتيب ومن كانت تتجادل ضده.
لقد كُتب الكتيب في الوقت الذي كانت فيه موجة من الإضرابات تجتاح ألمانيا، مستوحاة من ثورة 1905، وهو ما كان شائعًا جدًا بين الطبقة العاملة الألمانية. على عكس روسيا، حيث كانت النقابات العمالية ضعيفة للغاية وقوى الماركسية صغيرة، كان لألمانيا نقابات عمالية جماهيرية وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) قوة جماهيرية. كانت المشكلة أن قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي والنقابات العمالية في ألمانيا أظهروا موقفًا سلبيًا وأحيانًا منافقًا تجاه هذه الإضرابات العفوية.
فبينما رحبت روزا لوكسمبورغ والجناح الثوري للحزب بالإضرابات وطرحوا ضرورة تدخل الحزب، رفض قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي اليمينيين هذه الإضرابات واصفين إياها بأنها سابقة لأوانها ومحكوم عليها بالفشل. لقد زعم العديد من قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن النضالات التي يتم التخطيط لها وتنظيمها من جانب الحزب مسبقًا هي فقط التي يمكن أن تنجح. لذلك كانت جميع المظاهر الأخرى من الأسفل بلا معنى في الأساس. كان هذا، في الواقع، إشارة إلى أن هؤلاء القادة كانوا يتخلون عن فكرة النضال الثوري ضد الرأسمالية نفسها.
لقد كان هذا بالضبط ما كانت تجادل ضده روزا لوكسمبورغ في كتيبها عن الإضراب الجماهيري. لم تكن تجادل ضد البلاشفة، بل ضد القادة الانتهازيين للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني. لم يكن هدفها استبعاد الحاجة إلى القيادة، بل دفع قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى التدخل بنشاط في هذه النضالات العفوية على وجه التحديد لأنها كانت بحاجة إلى قيادة سياسية. كما كتبت روزا:
“إن الإعداد المسبق للسبب واللحظة التي ستندلع فيها الإضرابات الجماهيرية في ألمانيا ليست مهام الاشتراكية الديموقراطية، لأنها لا تملك القدرة على إحداث مواقف تاريخية عن طريق قرارات في مؤتمرات الحزب. ولكن ما يمكنها ويجب أن تفعله هو توضيح الاتجاهات السياسية، عندما تظهر مرة واحدة، وصياغتها على شكل تكتيكات حازمة ومتسقة. لا يمكن للإنسان إبقاء الأحداث التاريخية ساكنة تحت المراقبة في أثناء إعداد الوصفات لها، ولكن يمكنه أن يرى مقدمًا عواقبها الظاهرية القابلة للحساب وترتيب طريقة عمله وفقًا لذلك.[3]”
سيُظهر أي تحليل جاد أن كلًا من روزا ولينين اتفقا على أن مهمة الحزب الثوري لم تكن فرض مخطط موجود مسبقًا على الجماهير وإملاء جدول زمني للثورة وفقًا لأهوائه. لقد فهم كلاهما أن الجماهير تتحرك بوتيرتها الخاصة، وعندما تندلع الأحداث فإن مهمة الثوريين هي فهمها والتدخل فيها لتوفير القيادة.
فلنأخذ على سبيل المثال المجالس العمالية (السوفييتات) التي ظهرت خلال الثورة الروسية عام 1905. كانت هذه الأجهزة الجديدة للسلطة العمالية من صنع العمال الروس، وتعبيرًا عن عفوية وإبداع الطبقة العاملة. لم يعترف البلاشفة داخل روسيا بأهميتها، وحاولوا حتى أن يفرضوا إنذارًا نهائيًا إلى السوفييتات لكي تخضع لسيطرة الحزب. لكن من الواضح أن لينين اختلف مع ذلك. في كتابه “مهامنا وسوفييات نواب العمال” (نوفمبر 1905) كتب:
“أعتقد أنه من الخطأ طرح السؤال بهذه الطريقة وأن القرار يجب أن يكون بالتأكيد: سوفييتات نواب العمال والحزب. إن السؤال الوحيد – وهو سؤال مهم للغاية – هو كيفية التقسيم وكيفية الجمع بين مهام السوفييتات ومهام حزب العمال الاشتراكي الديموقراطي الروسي. أعتقد أنه سيكون من غير المستحسن أن تلتزم السوفييتات كليًا بأي حزب واحد.[4]”
لقد أدرك لينين أن على الثوريين أن ينضموا إلى السوفييتات من أجل كسب جماهير الطبقة العاملة التي أوجدتها بوصفها أجهزة للسلطة العمالية. كانت هذه هي نفس الإستراتيجية التي حافظ عليها لينين حتى نجاح ثورة أكتوبر عام 1917. في أطروحات أبريل التي نُشرت في أبريل 1917، لخص لينين مهمة البلاشفة فيما يتعلق بالجماهير:
“يجب جعل الجماهير ترى أن سوفييتات نواب العمال هي الشكل الوحيد الممكن للحكومة الثورية، وبالتالي فإن مهمتنا هي، ما دامت هذه الحكومة تستسلم لتأثير البرجوازية، أن نقدم تفسير صبور ومنهجي ومستمر لخطأ تكتيكاتهم، وهو تفسير يتكيف بشكل خاص مع الاحتياجات العملية للجماهير.[5]”
هنا لا يمكننا أن نجد اختلافًا جوهريًا بين لينين وروزا في فهمهما للطبيعة العفوية بالضرورة لاندلاع النضالات، ولكن أيضًا لضرورة تدخل الثوريين سياسيًا.
هل كانت هناك اختلافات بين لينين وروزا لوكسمبورغ؟ بالطبع كان هناك، ولكن كما أظهرت الرفيقة ماري فريدريكسن في كتابها الذي سيُنشر قريبًا، لم يكن الأمر يتعلق بما إذا كانت الثورة بحاجة إلى التنظيم والقيادة أم لا:
“تم التعبير عن الخلاف في مؤتمر حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي لعام 1907، الذي انتقدت فيه روزا لوكسمبورغ البلاشفة لإفراطهم في التركيز على الجانب الفني للانتفاضة في ثورة 1905، لقد كانت تعتقد أنه يجب عليهم بدلًا من ذلك التركيز على توفير قيادة سياسية للحركة. بهذا المعنى، كانت مقاربة روزا لوكسمبورغ للثورة مجردة: ستتحرك الجماهير، وعندما يفعلون ذلك، يعود الأمر إلى الحزب لتقديم البرنامج السياسي الصحيح. من تجربتها في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، كان التركيز على الجانب العملي للتنظيم هو السمة المميزة للقيادة المحافظة التي أعاقت حركة الجماهير. بدلًا من رفض الطابع البيروقراطي للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، رفضت الجانب التقني والعملي للتنظيم كليًا باعتباره شرًا في حد ذاته. بدا أن لوكسمبورغ تعتقد أن حركة الجماهير نفسها ستحل مشكلة التنظيم والقيادة.”
من الواضح تمامًا أنه حتى عندما كانت روزا لوكسمبورغ توجه انتقادات إلى البلاشفة، فإنها لم ترفض الحاجة إلى قيادة سياسية بشكل عام، تمامًا كما لم يرفض لينين عفوية النضالات الجماهيرية. ما اختلفا عليه هو درجة التركيز التي يجب على الثوريين وضعها في المهام العملية للتدخل في النضالات الجماهيرية. فيما يتعلق بهذا السؤال، مع ذلك، ثبت أن روزا لوكسمبورغ كانت مخطئة في كتاباتها السابقة، لأن فعل التدخل وكسب الجماهير ينطوي على مهام عملية للغاية من أجل تحقيق النجاح. ستثبت تجربة ثورة أكتوبر أن وجود الحزب البلشفي على وجه التحديد، وهو منظمة عالية الانضباط والتعليم بها كوادر في أماكن العمل والأحياء الرئيسية، هو الذي سمح للعمال الروس بالاستيلاء على السلطة. فضلًا عن ذلك، فقد عملت روزا لوكسمبورغ، في نهاية حياتها، على بناء حزب على نفس المنوال في ألمانيا.
إن الاستنتاج الذي لا مفر منه مما كنا نسلط الضوء عليه هو أن الهوة المفترضة بين هذين الماركسيين البارزين بشأن هذه المسألة مبالغ فيها للغاية. إن الهدف من هذه المبالغة هو تشويه الحقيقة من أجل إبعاد العمال والشباب عن النظرة الثورية الحقيقية، ولا سيما عن الحاجة إلى بناء حزب ثوري جماهيري شرطًا أساسيًا لانتصار ثورة اشتراكية.
البلشفية والمنشفية وروزا لوكسمبورغ
كلما بدأت التيارات اليسارية في الابتعاد عن وجهة النظر الثورية كلما لم تعترف صراحة أبدًا بأن ما تفعله هو خيانة للمصالح الأساسية للطبقة العاملة. وبدلًا من ذلك، فإنهم غالبًا ما يبحثون عن هذه أو تلك الشخصية المهمة للحركة التي يمكن أن يتم تشويه كلماتها والمبالغة فيها من أجل تبرير إفلاسهم. للأسف، كانت روزا لوكسمبورغ ضحية لمثل هذه الأساليب مرارًا وتكرارًا. لقد تم اقتباس كلامها خارج السياق، أو تم استخدام الانتقادات التي تخلت عنها لاحقًا بشكل غير نزيه لتقديمها على أنها معارضة بشكل أساسي للينين والبلاشفة.
على وجه الخصوص، تم نسج الأسطورة القائلة بأن روزا لوكسمبورغ دافعت عن الديمقراطية العمالية الحقيقية في مواجهة الأساليب الديكتاتورية لـ”اللينينية”. إن هذه الأسطورة مستمدة من كتاباتها في كتيب في عام 1904 بعنوان “الأسئلة التنظيمية للاشتراكية الديمقراطية الروسية”، حيث انتقدت لينين والبلاشفة بسبب “المركزية المتطرفة” وحتى “البلانكية”، أي فكرة تنظيم ثورة اشتراكية تسيطر عليها مجموعة صغيرة من القادة الثوريين المتآمرين. في الواقع، لم تفهم روزا لوكسمبورغ في تلك اللحظة من الزمن ما كان لينين يسعى لتحقيقه.
إن أولئك الذين يستخدمون هذا لمحاولة فصل روزا لوكسمبورغ عن لينين يتجاهلون التطور الحقيقي لتفكيرها اللاحق. بعد سنوات قليلة فقط، تخلت لوكسمبورغ عن هذه الآراء. في وقت لاحق، حددت لنفسها هدفًا، جنبًا إلى جنب مع كارل ليبكنخت، تحويل رابطة سبارتاكوس إلى الحزب الشيوعي الألماني – فرع للأممية الشيوعية بقيادة لينين وتروتسكي في ذلك الوقت. إن محاولة تصوير روزا لوكسمبورغ، على هذا الأساس، على أنها تتعارض تمامًا مع اللينينية، هو مجرد خداع.
إن هذه التيارات نفسها تزيف ما دافع عنه لينين والبلاشفة حقًا من أجل تسهيل بناء هذه الأسطورة. يتم تقديم الحزب البلشفي على أنه يتمتع بنظام موحد ومركزي للغاية تحت حكم لينين، حيث لم يكن هناك نقاش ممكن وحيث لم تكن هناك ديمقراطية داخلية. إن الحقيقة هي أن تاريخ الحزب البلشفي يكشف عن وجود أقصى قدر من الحرية للنقاش الداخلي، مع مناقشة الآراء المختلفة بحرية.
ما يعترض عليه النقاد الإصلاحيون حول الحزب البلشفي حقًا هو حقيقة أن الحزب لم يكن ناديًا للنقاش، بل كان تنظيمًا ثوريًا كفاحيًا للفئات المتقدمة من الطبقة العاملة. لقد كانت مهمته توضيح مسائل البرنامج والأساليب والتكتيكات وبناء حزب منضبط هدفه الإطاحة بالنظام الرأسمالي. كانت حياته الداخلية محكومة بمبادئ المركزية الديمقراطية: بمجرد إجراء نقاش داخلي حول أي مسألة سيتم إجراء تصويت وستصبح وجهة نظر الأغلبية سياسة الحزب. على هذا الأساس، سيُطلب من جميع الأعضاء بعد ذلك نقل المواقف المتفق عليها ديمقراطيًا إلى الحركة العمالية الأوسع.
إن هذا لا علاقة له بالصورة الكاريكاتورية التي رسمها الإصلاحيون عن البلشفية. إن كذبتهم عن البلشفية باعتبارها لا شيء سوى مؤامرة وديكتاتورية في شكل حزب تكملها كذبة عن روزا لوكسمبورغ بوصفها شخص وقف ضد لينين بأسم الديمقراطية. وبفعلهم ذلك، تجاهلوا بكل سهولة ما كتبته بعد عامين فقط، في عام 1906، في كتاب “الاشتراكية الديمقراطية والبلانكية”، حيث دافعت عن لينين ضد اتهامات البلانكية وهاجمت المناشفة لانتهازيتهم:
“إذا كان الرفاق البلاشفة يتحدثون اليوم عن دكتاتورية البروليتاريا، فإنهم لم يعطوها أبدًا المعنى البلانكي القديم؛ ولم يرتكبوا خطأ نارودنايا فوليا، الذين كانوا يحلمون “بأخذ السلطة لأنفسهم” (zachvat vlasti). على العكس من ذلك، فقد أكدوا أن الثورة الحالية ستنجح عندما تستولي البروليتاريا – كل الطبقة الثورية – على آلة الدولة.
لقد حان الوقت للانتهاء من هذه المدرسية وكل هذه الضوضاء لتحديد من هو” بلانكي “ومن هو” ماركسي أرثوذكسي”. بل نحتاج إلى معرفة ما إذا كان التكتيك الذي أوصى به الرفيق بليخانوف ورفاقه المناشفة، الذي يهدف إلى العمل من خلال الدوما قدر الإمكان، صحيحًا الآن؛ أو، على العكس من ذلك، إذا كان التكتيك الذي نطبقه، تمامًا مثل الرفاق البلاشفة، صحيحًا – التكتيك القائم على مبدأ أن مركز الثقل يقع خارج الدوما، في الظهور النشط للجماهير الثورية الشعبية.[6]”
وبعد ذلك بعام، في خطاب ألقته في عام 1907 في المؤتمر الخامس لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي – حيث كان كل من المناشفة والبلاشفة حاضرين في حزب واحد موحد – دافعت مرة أخرى عن البلاشفة ضد اتهامات “الجمود” و”الضيق” من حيث التنظيم:
“من المحتمل أن الرفاق البولنديين، الذين اعتادوا التفكير بشكل أو بآخر بالطرق التي اعتمدتها الحركة الأوروبية الغربية، يجدون جمود [البلاشفة] أكثر إثارة للإعجاب منكم. لكن هل تعلمون أيها الرفاق من أين تأتي كل هذه السمات البغيضة؟ هذه السمات مألوفة جدًا لشخص مطلع على العلاقات الحزبية الداخلية في البلدان الأخرى: فهي تمثل الطابع الروحي النموذجي لذلك الاتجاه داخل الاشتراكية الذي يجب أن يدافع عن مبدأ السياسة الطبقية المستقلة للبروليتاريا ضد اتجاه معارض قوي جدًا أيضًا. (تصفيق)
إن الجمود هو الشكل الذي تتخذه التكتيكات الاشتراكية الديمقراطية من جانب، عندما يمثل الجانب الآخر شكل هلامي يتسلل في كل اتجاه تحت ضغط الأحداث. (تصفيق من البلاشفة وأجزاء من الوسط).[7]”
الاستنتاج هنا واضح. ما دافع عنه كل من روزا لوكسمبورغ ولينين والبلاشفة، أكثر من أي شيء آخر، كان على وجه التحديد “السياسة الطبقية المستقلة للبروليتاريا”. في الصراع بين البلشفية والمنشفية، بين الماركسية الثورية والإصلاحية، وقفت روزا لوكسمبورغ بحزم إلى جانب لينين والبلاشفة ضد الإصلاحية، وهي بالضبط السياسة التي يحاول من يسمون أنفسهم بـ”اللكسمبورغيين” اليوم أن ينسبوها إليها. كما علق لينين في وقت لاحق: “في عام 1907 شاركت مندوبة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي لبولندا وليتوانيا في مؤتمر لندن لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، ودعمت الفصيل البلشفي في جميع المسائل الأساسية للثورة الروسية.[8]”
روزا لوكسمبورغ والثورة الروسية
هناك نص آخر لروزا لوكسمبورغ استُخدم في تقليبها ضد البلاشفة، وهو نص كتبته في عزلة لكنها لم تقرر أبدًا نشره في حياتها، بعنوان “الثورة الروسية” (1918). لقد وجهت عدة انتقادات، في هذا المقال، لأفعال البلاشفة خلال الثورة الروسية. ومع ذلك، فإن ما يتجاهله “اللكسمبورغيون” بشكل دائم هو أن روزا لوكسمبورغ كانت في السجن عندما كتبت ذلك المقال. كانت في السجن منذ عام 1916 وكانت ما تزال معتقلة عندما اندلعت الثورة الروسية. لم تستطع الحصول إلا على معلومات جزئية للغاية عن ثورة أكتوبر وكتبت ملاحظاتها على انفراد. بعد إطلاق سراحها من السجن في عام 1918، وهي مدركة لحقيقة أن تحليلها المكتوب في السجن سيكون حتمًا غير كامل، رفضت نشر أي شيء كتبته عن الثورة الروسية في أثناء وجودها في السجن. كان هذا لأنها كانت تعلم جيدًا أن أعداء الثورة سيشوهونها.
وشهدت كلارا زيتكين، التي كانت على علاقة وثيقة بروزا لوكسمبورغ، في وقت لاحق أنه بعد إطلاق سراحها من السجن في نوفمبر 1918، ذكرت أن وجهات نظرها كانت خاطئة وأنها مبنية على معلومات غير كافية. لقد كانت روزا لوكسمبورغ قادرة على إدراك الخطأ الذي وقعت فيه، ولا يمكن أن يكون هناك أي لبس هنا حول موقف روزا لوكسمبورغ بالنسبة لثورة أكتوبر: لقد دعمتها بالكامل ودعمت الحزب الذي قادها!
في الواقع، لم يتم نشر النص الذي كتبته عام 1918 إلا في وقت لاحق، لقد نشرها بول ليفي في عام 1922، بعد ثلاث سنوات من اغتيال روزا. نشرها بعد طرده من الحزب الشيوعي الألماني والأممية الثالثة لانتهاكه بشدة الانضباط الحزبي. لم يتم منحه إذنًا من روزا لنشر النص، وهي تفاصيل مهمة للغاية يجب على المرء أن يأخذها في الاعتبار.
ومع ذلك، حتى في هذا النص، لا يزال المرء يرى أنها كانت داعمة تمامًا للثورة الروسية والبلاشفة من البداية إلى النهاية. لقد كان انتقادها رفاقيًا وليس إدانة لثورة أكتوبر. إذا كانت تعتقد حقًا أن لينين كان يؤسس نظامًا دكتاتوريًا وحشيًا، فمن الصعب أن نتخيل سبب بذلها الوقت لتقديم اقتراحات نقدية. بدلًا من ذلك، كانت ستدعو العمال الروس لمعارضة البلاشفة. لم يكن هذا هو الحال. يبدأ المقال بعبارة: “إن الثورة الروسية هي أعظم حدث في الحرب العالمية”. وهذه هي الطريقة التي نهت بها القسم الأول من المقال:
“إضافة إلى ذلك، فقد وضع البلاشفة على الفور هدفًا للاستيلاء على السلطة، برنامجًا ثوريًا كاملًا وبعيد المدى؛ ليس حماية للديمقراطية البرجوازية، بل دكتاتورية البروليتاريا بغرض تحقيق الاشتراكية. وبذلك اكتسبوا لأنفسهم التميز التاريخي الخالد المتمثل في إعلانهم لأول مرة الهدف النهائي للاشتراكية برنامجًا مباشرًا للسياسة العملية.
إذا كان يمكن لأي حزب أن يقدم قدر من الشجاعة وبُعد النظر الثوري والاتساق في ساعة تاريخية، فإن لينين وتروتسكي وجميع الرفاق الآخرين قدموهم بقدر جيد. كل الشرف والقدرات الثورية التي تفتقر إليها الاشتراكية الديموقراطية الغربية كان يمثلها البلاشفة. لم تكن انتفاضة أكتوبر هي الخلاص الفعلي للثورة الروسية فحسب. كانت أيضًا خلاص شرف الاشتراكية العالمية.[9]”
واختتمت مقالتها على النحو التالي:
“إن المطلوب هو التمييز بين الأساسي وغير الأساسي، النواة من الزوائد العرضية في سياسة البلاشفة. في الحقبة الحالية، عندما نواجه صراعات نهائية حاسمة في كل العالم، كانت المشكلة الأهم للاشتراكية، وما تزال، هي السؤال الملح في عصرنا. إنها ليست مسألة هذه أو تلك من التكتيكات الثانوية، بل تتعلق بقدرة البروليتاريا على العمل، وقوة العمل، وإرادة الاشتراكية في حد ذاتها. في هذا المجال، كان لينين وتروتسكي ورفاقهما هم الأوائل الذين تقدموا بوصفهم مثال لبروليتاريا العالم؛ ما يزالون هم الوحيدون حتى الآن الذين يمكنهم الصراخ : “لقد تجرأت!”.
هذا هو الأمر الأساسي والثابت في السياسة البلشفية. وبهذا المعنى فإن خدمتهم هي الخدمة التاريخية الخالدة المتمثلة في زحفهم على رأس البروليتاريا العالمية للاستيلاء على السلطة السياسية والتبيان العملي لمشكلة تحقيق الاشتراكية، والتقدم بقوة في تسوية الحسابات بين رأس المال والعمال في العالم بأسره. في روسيا، يمكن فقط طرح المشكلة. لا يمكن حلها في روسيا. وبهذا المعنى، فإن المستقبل في كل مكان ينتمي للـ”بلشفية”.”
وحدها الثورة الألمانية هي من كانت قادرة على إنقاذ الثورة الروسية
لكن لوكسمبورغ لم تقتصر على دعم الثورة الروسية. كانت تدرك أيضًا حقيقة أن عيوب النظام السوفيتي لم تكن نتاجًا لنوايا أو أفكار لينين وتروتسكي، بل نتيجة عزلة الثورة الروسية والظروف المتخلفة في البلاد. كان الحل هو كسر عزلة الثورة بنجاح الثورة الألمانية:
“كل ما يحدث في روسيا مفهوم ويمثل سلسلة حتمية من الأسباب والنتائج، ونقطة البداية والنهاية هي: فشل البروليتاريا الألمانية واحتلال الإمبريالية الألمانية لروسيا. سيكون من المطلوب من لينين ورفاقه أن يفعلوا شيئًا فوق طاقة البشر إذا توقعنا منهم أنه في هذه الظروف يجب أن يستحضروا أرقى ديمقراطية، وأكثر دكتاتورية البروليتاريا نموذجية، واقتصادًا اشتراكيًا مزدهرًا. بموقفهم الثوري الحازم، وقوتهم المثالية في العمل، وولائهم الذي لا يتزحزح للاشتراكية العالمية، فقد ساهموا بكل ما يمكن المساهمة به في ظل هذه الظروف الصعبة الشيطانية.[10]”
كما نددت بالقادة الاشتراكيين الديمقراطيين في ألمانيا الذين رفضوا دعم روسيا السوفيتية لأنها كانت “ديكتاتورية”:
“دعوا اشتراكيي الحكومة الألمانية يصرخون بأن حكم البلاشفة في روسيا هو تعبير مشوه عن دكتاتورية البروليتاريا. إذا كان الأمر كذلك، أو هو كذلك بالفعل، فذلك فقط لأنه نتاج لسلوك البروليتاريا الألمانية، الذي هو في حد ذاته تعبيرًا مشوهًا عن الصراع الطبقي الاشتراكي. كلنا نخضع لقوانين التاريخ، ولا يمكن تحقيق التنظيم الاشتراكي للمجتمع إلا أمميًا.[11]”
إذا قرأنا هذا المقال بكامله بدلًا من انتقاء الاقتباسات واختيارها خارج سياقها من أجل تشويه وجهات نظرها، فمن المستحيل أن يفسر معلق نزيه روزا لوكسمبورغ على أنها معارضة للينين وتروتسكي. لقد اتفقت مع لينين في جميع المسائل الرئيسية. ووافقت على الطريقة التي تمت بها ثورة أكتوبر. كما وافقت على ما كان على لينين وتروتسكي فعله للدفاع عن الجمهورية السوفيتية الفتية. وباعتبارها أممية حقيقية، فقد فهمت أن الثورة الألمانية يجب أن تنجح من أجل إنقاذ (وليس هزيمة) الثورة الروسية.
الخرافة حول الجمعية التأسيسية
انتقد المحافظون والليبراليون البرجوازيون والإصلاحيون، وحتى بعض اليساريين، الحكومة البلشفية لحلها الجمعية التأسيسية بعد الثورة، وهو إجراء اتخذ دليلًا على أن لينين وتروتسكي كانا “معاديين للديمقراطية” و”استبداديين”. لقد انضم أيضًا من يسمون بمؤيدي روزا لوكسمبورغ إلى هذه العربة، نقلًا مرة أخرى عن مقالتها التي كتبتها عام 1918:
“لكن الجمعية التأسيسية وقانون الاقتراع لا يستنفدان الأمر. لم نذكر أعلاه تدمير أهم الضمانات الديمقراطية لحياة عامة صحية والنشاط السياسي للجماهير الكادحة: حرية الصحافة، وحق تكوين الجمعيات والتنظيمات، التي تم حظرها على جميع معارضي نظام الاتحاد السوفيتي.[12]”
بعرض الوضع الذي واجهه البلاشفة بعد ثورة أكتوبر واستخدام اقتباس روزا لوكسمبورغ بهذه الطريقة، يتجاهل “اللكسمبورغيون” عاملًا حاسمًا في الموقف: وجود السوفييتات بوصفها أجهزة ديمقراطية لسلطة العمال.
طوال تاريخهم، أيد البلاشفة الدعوة إلى الجمعية التأسيسية، التي هي في الأساس برلمان برجوازي، سيكون عقدها خطوة كبيرة إلى الأمام عن الاستبداد القيصري. ومع ذلك، في وقت حلها في عام 1918، لم تعد الجمعية التأسيسية في روسيا ممثلة للجماهير الروسية، التي كانت تنجذب نحو شكل أعلى من الحكومة، السوفييتات القائمة على سلطة الطبقة العاملة. لا يوجد برلمان برجوازي قادرًا على التعبير عن الآراء المتغيرة بسرعة لجماهير العمال في سياق الانتفاضة الثورية. لذلك، أصبحت الجمعية التأسيسية، التي كانت متخلفة عن الأحداث الثورية، نقطة محورية للقوى المضادة للثورة التي تعمل للدفاع عن جوهر النظام القيصري الرجعي.
لقد كانت الجمعية التأسيسية قد نشأت عندما تجاوزت الأحداث الثورية الحية أسباب وجودها، وقد برر هذا حلها من طرف الحكومة البلشفية. فبحل الجمعية التأسيسية، لم يكن البلاشفة يلغون الديمقراطية. بل كانوا يدافعون عن الديمقراطية العمالية الحقيقية التي تمثلها السوفييتات!
إن محاولة “اللكسمبورغيين” تصوير روزا لوكسمبورغ بكونها مدافعة عن البرلمانية البرجوازية في مقابل السلطة السوفيتية، مرة أخرى، هذا خاطئ تمامًا. بعد بضعة أشهر فقط من انتهائها من كتابة “الثورة الروسية” (التي، مرة أخرى دعونا لا ننسى، لم تنشرها أبدًا في حياتها)، كتبت مقالًا بعنوان “الجمعية الوطنية” في نوفمبر 1918 (الذي نشرته فعلًا في “Die Rote Fahne”). كانت الثورة قد اندلعت لتوها في ألمانيا، وكان الليبراليون والإصلاحيون يدعون إلى “جمعية وطنية” (المعادل الألماني للجمعية التأسيسية). في الوقت نفسه، كانت مجالس العمال بدأت تظهر في جميع أنحاء ألمانيا. هذا ما قالته لوكسمبورغ عن الجمعية الوطنية:
“إن الجمعية الوطنية هي إرث عفا عليه الزمن من الثورات البرجوازية، صَدفة فارغة، شرط من زمن الأوهام البرجوازية الصغيرة “لشعب موحد” و”الحرية والمساواة والإخاء” للدولة البرجوازية.
إن اللجوء إلى الجمعية الوطنية اليوم يعني بوعي أو بغير وعي إعادة الثورة إلى المرحلة التاريخية للثورات البرجوازية؛ كل من يدافع عنها هو عميل سري للبرجوازية أو مدافع غير واعي عن أيديولوجية البرجوازية الصغيرة.[13]”
إن كلمات روزا هذه تم تجاهلها بالكامل من طرف الـ”لوكسمبورغيين” في أيامنا هذه. والسبب واضح: إنها تطالب بوضوح بإلغاء “الجمعية الوطنية” البرجوازية الديمقراطية. هل هذا يعني أن روزا لوكسمبورغ كانت في طريقها لـ”تدمير الديمقراطية”؟ على العكس تمامًا! لقد كانت روزا لوكسمبورغ، تمامًا مثل لينين وتروتسكي، تدافع عن المؤسسات الحقيقية للديمقراطية العمالية، المجالس العمالية، أي السوفييتات، من الإلهاء والارتباك الذي كان من الممكن أن تخلقه الجمعية الوطنية للثورة.
بعيدًا عن أن تكون “مدافعة عن العفوية” وخصمًا للبلشفية، كما تم تقديمها إلينا من طرف كل أولئك الذين ينكرون الحاجة إلى بناء حزب ثوري حقيقي، نرى أن روزا لوكسمبورغ وقفت إلى جانب الثورة الروسية، وإلى جانب البلاشفة، وفعلت كل ما في وسعها لنقل الثورة الاشتراكية إلى ألمانيا، بوصفها خطوة نحو الثورة الاشتراكية العالمية. هذه هي روزا لوكسمبورغ الحقيقية التي نطالب باستعادة إرثها. على حد تعبير ليون تروتسكي، نقول لأصدقائها الكذابين: “ارفعوا أيديكم عن روزا لوكسمبورغ!”.
الهوامش:
[1] Tomas Varnagy, “A Central European Revolutionary.” 19 April, 2021.
[2] “Noam Chomsky on Revolutionary Violence, Communism and the American Left” – interview by Christopher Helali, Pax Marxista, March 12, 2013, (our emphasis). https://chomsky.info/20130312/.
[3] Rosa Luxemburg, The Mass Strike, the Political Party, and the Trade Unions, (Detroit: Marxist Educational Society of Detroit, 1925), chap. 7, Marxists Internet Archive.
[4] V. I. Lenin, “Our Tasks and the Soviet of Workers’ Deputies”, November 2-4 (15-17), 1905, Marxists Internet Archive.
[5] V. I. Lenin, “The Tasks of the Proletariat in the Present Revolution”, Pravda, April 7, 1917, Marxists Internet Archive.
[6] Rosa Luxemburg, “Blanquism and Social Democracy”, June 1906, Marxists Internet Archive.
[7] Rosa Luxemburg, “Two Addresses to the Fifth Congress of the Russian Social-Democratic Labor Party”, May 10, 2021, The Acheron in Motion.
[8] Quoted in Leon Trotsky, “Hands off Rosa Luxemburg!”, The Militant, August 1932, Marxists Internet Archive.
[9] Rosa Luxemburg, The Russian Revolution, (New York City: Workers Age Publishers, 1940), chap 1, Marxists Internet Archive.
[10] Ibid.
[11] Ibid., (our emphasis).
[12] Ibid., chap 5.
[13] Rosa Luxemburg, “The National Assembly”, Die Rote Fahne, November 20, 1918, Marxists Internet Archive.
فريد ويستون وبارسون يونغ
10 يناير 2022
ترجم عن النص الأصلي:
تعليق واحد
تعقيبات: روزا لوكسمبورغ والبلاشفة: تبديد الخرافات – فريد ويستون وبارسون يونغ | اُكْتُبْ كَيْ لَا تَكونَ وَحِيدًا