اندلعت، خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير، احتجاجات واسعة في روسيا، وذلك على إثر اعتقال المعارض أليكسي نافالني من قبل نظام بوتين. ورغم انه ليس لدينا أي أوهام في الليبراليين أمثال نافالني، فإن رفاقنا في روسيا تدخلوا في هذه الاحتجاجات ضد القمع السياسي من قبل عصابات بوتين (هذا القمع الذي سيصيب، بشكل أقوى، الطبقة العاملة والحركات الاشتراكية)، ورفعوا عاليا راية الماركسية الثورية.
اجتاحت روسيا موجة من القمع السياسي، والتي تشتد عاماً بعد عام. ويجد النظام البونابرتي للرئيس فلاديمير بوتين أن دعمه ينكمش، فيحاول “التكشير عن انيابه” عشية الحملة الانتخابية المقبلة.
لكل هذه الأسباب يتصاعد القمع السياسي في روسيا باستمرار: حيث تقوم السلطات بتزوير القضايا ضد المعارضين، ويستخدم النظام كل الوسائل لإسكات كل أشكال التعبير عن السخط والاحتجاج. لاحظنا في الآونة الأخيرة قضية “الشبكة“[1]، وقبل أيام قليلة أصدرت محكمة في موسكو حكماً مخزياً ضد المناهض للفاشية عزت مفيتاخوف. ومع اقتراب موعد انتخابات سبتمبر، يرى النظام أنه من الجيد ترويع المواطنين بتهديدات “الإرهابيين” و”المتطرفين”. هذه الدوافع نفسها سبب الأحداث الأخيرة المتعلقة بالمعارض الليبرالي أليكسي نافالني، الذي تضطهده السلطات، ليس بسبب أعمال السرقة والاحتيال التي ارتكبها (اتهامات لا تستخدم إلا كذريعة رسمية)، ولكن لأسباب سياسية.
وعلى الرغم من أننا لا نقدم ذرة واحدة من التعاطف مع وجهات النظر السياسية والاقتصادية وتطلعات الليبراليين، فإننا في نفس الوقت نعارض بشكل حازم القمع السياسي الذي تمارسه دكتاتورية بوتين، لأننا نفهم أن آلة القمع والاضطهاد السياسي سوف تستهدف في النهاية الطبقة العاملة ونشطاء اليسار أكثر من غيرهم. فالدولة -كل دولة- عبارة عن مجموعة من الرجال المسلحين الذين يمارسون العنف لصالح الطبقة الحاكمة. وحالتنا في روسيا الاتحادية ليست استثناء. وما دامت السلطة في أيدي الرأسماليين، فإن قمع الحركات الاجتماعية والعمالية والشيوعية سيكون جزءاً لا يتجزأ من السياسة الروسية.
وفي هذا الصدد، دعونا أنصارنا في جميع مدن البلاد للمشاركة في الاحتجاجات ضد القمع وعنف الشرطة في 23 يناير، وطالبنا بالإفراج عن السجناء السياسيين، وأوضحنا للمتظاهرين الآخرين أن الثورة الاشتراكية والتفكيك الكامل للنظام السياسي والاقتصادي القائم بأكمله، هو فقط من يمكنه أن ينهي الاضطهاد.
نحن مقتنعون بأن النضال من أجل الديمقراطية الحقيقية هو النضال من أجل الاشتراكية. وقد طالبنا كل من يشاركنا هذه القناعة بأن يخرج يوم 23 يناير إلى ساحات مدنهم ويقولوا: لا للدولة البوليسية ولا للرأسمالية. وحظيت نداءاتنا باستجابة رائعة. حيث تدخل رفاقنا ومؤيدونا بنشاط في المظاهرات في موسكو ولينينغراد وإيركوتسك ونيجني نوفغورود وفلاديفوستوك وتشيليابينسك، إلخ.
تم توزيع آلاف المنشورات من كامتشاتكا إلى المناطق الواقعة في أقصى غرب البلاد، بما في ذلك المدن الكبرى مثل موسكو ولينينغراد وكازان. لقد سمع الناس صوتنا. في حين أن العصبويين في اليسار هتفوا “هذا ليس احتجاجنا!”، وجدنا الكثير من العمال الشباب المهتمين بأفكارنا. لم يدعموا نافالني الليبرالي، بل شاركوا في الاحتجاجات لأنهم سئموا من الرأسمالية، ويبحثون عن مخرج من الوضع الحالي.
بالطبع، لا يمثل نافالني اليسار بأي حال من الأحوال، لكن منطق نشاطه السياسي يفتح فرصاً مهمة للغاية لليسار الراديكالي. من خلال الكشف، بطريقة شعبوية، عن الثروة الفاحشة لبوتين وحاشيته، فإنه يدفع بالفقراء إلى الشوارع، حيث يمكننا أن نلتقي بهم بشكل مباشر.
ومن المهم الإشارة إلى أن الاحتجاجات صاحبتها مواجهات واسعة النطاق مع الشرطة، وكانت هي من بدأت القمع الوحشي، ولكن على عكس السنوات السابقة، فقد قاومت الجماهير هذه المرة بقوة. لقد تغير المزاج، هناك مزاج ثوري ينضج بين الجماهير الروسية. وعلى الرغم من اعتقال آلاف الأشخاص وإطلاق السلطات لقضايا واتهامات جنائية جديدة، إلا أن الجماهير مستعدة للنضال والبحث عن مخرج من الوضع اليائس الذي قادتهم إليه الرأسمالية.
واجبنا هو نقل الأفكار الماركسية إليهم وإظهار الحل الحقيقي لهم، والذي يقع خارج حدود الأوهام الليبرالية.
نحن نطالب بـ:
- الديمقراطية العمالية لصالح الأغلبية المطلقة!
- مصادرة جميع أصول الأوليغارشية، التي استولوا عليها من خلال الخصخصة، وتحويلها إلى الملكية العامة!
- فتح تحقيق ومحاكمة بوتين وكامل زمرته البيروقراطية المسؤولين عن الفقر والقمع ونهب البلد!
- اقتصاد مخطط ومنظم ديمقراطيا!
- حرية التجمع والاحتجاجات والصحافة والحق في الإضراب وتكوين النقابات العمالية!
- التحويل الاشتراكي للمجتمع!
التيار الماركسي (روسيا)
26 يناير 2021
مترجم عن الانجليزية:
[1] : تزعم السلطات الروسية أن منظمة “الشبكة” هي منظمة فوضوية مناهضة للحكومة نشطة في روسيا بين عامي 2015 و2017. وقد تم إلقاء القبض على أعضائها في عام 2017، وأصدرت المحكمة العسكرية في بينزا يوم 10 فبراير 2020، أحكاما بالسجن المشدد لمدة تتراوح بين 6 و18 عاماً بحق سبعة معتقلين في هذه القضية . وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن المنظمة نفسها لم تكن موجودة قط، وتم انتزاع اعترافات كاذبة من المتهمين تحت التعذيب. أثارت القضية حركة احتجاجية واسعة النطاق في روسيا، ولا تزال المجموعة المزعومة مدرجة على أنها جماعة إرهابية.