الرئيسية / قضايا نظرية / الإمبريالية / عندما غزت الإمبريالية الأمريكية روسيا السوفياتية

عندما غزت الإمبريالية الأمريكية روسيا السوفياتية

بعد انتصار البلاشفة في أكتوبر 1917، بذل الإمبرياليون في العالم قصارى جهدهم لخنق دولة العمال الجديدة. وبالإضافة إلى قيامهم بتسليح وتمويل وتسليح الجيوش البيضاء المعادية للثورة، فقد أرسلوا قوات مباشرة للتدخل في الحرب الأهلية المستعرة. في هذه المقالة، التي نشرت في العدد العدد 47 من مجلة “الدفاع عن الماركسية، يكشف الرفيق جون بيترسون عن التاريخ غير المعروف لتورط الإمبرياليين الأمريكيين، وكيف رد البلاشفة على أساس طبقي أممي للفوز بالحرب.

كلاب الوفاق (1919)، فيكتور ديني./ العم سام وفرنسا وبريطانيا يمسكون بمقود الجنرالات البيض: دينيكين وكولتشاك ويودينيتش.

في صيف عام 1918، كانت الثورة الروسية عند مفترق طرق. تمت الإطاحة بالقيصر نيكولا الثاني، وإسقاط الحكومة المؤقتة، وتقدمت الحكومة السوفياتية الجديدة بمناشدة للجماهير المتعبة من الحرب في العالم من أجل “سلام عادل وديمقراطي … بدون إلحاقات وبدون تعويضات”[1]. لكن الحرب العالمية الأولى كانت ما تزال مستعرة، وكانت الثورة المضادة تكتسب الزخم.

في الثالث من مارس من ذلك العام، فرضت الإمبريالية الألمانية معاهدة بريست ليتوفسك على الجمهورية السوفياتية، مما أدى إلى خسارة الأخيرة لـ 34% من سكانها، و54% من أراضيها الصناعية، و26% من سككها الحديدية، و89% من حقول الفحم. وتحت ذريعة إبعاد مخازن الذخيرة الروسية عن أيدي الألمان، نزلت القوات البريطانية في اليوم التالي في مورمانسك.

كان “حلفاء” روسيا السابقون عازمين على إراقة الدماء، لأنهم كانوا مدركين تمام الإدراك للتهديد الذي تشكله الثورة على علاقات الملكية البرجوازية. وكان ونستون تشرشل مصرا على أن البلشفية لابد وأن “تخنق في مهدها”. فتوالت “الحملات” الإمبريالية، الواحدة منها تلو الأخرى، حيث انضمت 21 فرقة عسكرية من 16 بلدا إلى الجهود المضادة للثورة التي كانت تبذلها الجيوش البيضاء الفاشية.

الحصار والتفوق العسكري الهائل لقوى الثورة المضادة جعل قضية الشيوعية تبدو ميؤوسا منها. لكن الجماهير الروسية كانت تمتلك شيئا لم تمتلكه أي من الجيوش الإمبريالية: الروح الثورية التي لا تقهر والتحرر الحقيقي.

لا ​​شك أن الشعب السوفياتي قام بعدد لا يحصى من الأعمال العسكرية الرائعة والتضحيات المدنية. إلا أن السلاح الأساسي للبلاشفة كان سياسيا. فقد خاطبوا جنود الجيوش الغازية بشكل منهجي على أساس طبقي، ودعوا إلى الوحدة البروليتارية ضد مستغِليهم المشتركين. ومرة ​​بعد مرة، كانت الروح المعنوية للجنود العاديين في الجيوش الإمبريالية ضعيفة إلى الحد الذي اضطرها في النهاية إلى الانسحاب.

على الرغم من أن شعار “أمريكا أولا” الانعزالي قد أصبح رائجا مرة أخرى، فإن الرئيس وودرو ويلسون هو أول من استعمل ذلك الشعار خلال حملته الرئاسية عام 1916، عندما وعد بإبقاء الولايات المتحدة خارج الحرب. ولكن مع صراع “الحلفاء” و“قوى المركز” لتحديد من سيحكم أوروبا والمستعمرات وأعالي البحار، رأت الإمبريالية الأمريكية فرصة ذهبية لوضع إبهامها الثقيل على ميزان العلاقات الدولية.

ونظرا للدمار الذي حل بأوروبا، فقد ازدهر الاقتصاد الأميركي بفعل إغراق الجانب الآخر من المحيط الأطلسي بالمنتجات الفلاحية والسلع المصنعة. وبسبب تدمير مساحات شاسعة من القارة، خرجت الولايات المتحدة في نهاية المطاف من الحريق باعتبارها أكبر دائن في العالم، وقوة اقتصادية وتكنولوجية ودبلوماسية وعسكرية وثقافية كبرى.

في أبريل 1917، أعلن الأمريكيون الحرب على ألمانيا. وبدخولهم الحرب في تلك المرحلة المتأخرة، كانوا يأملون في “التطهير” بعد سنوات من المذابح. وكانت هناك أيضا مسألة تتعلق بقروض بلغت نحو 10 مليارات دولار قُدِّمت للحلفاء أثناء الحرب، والتي كانت لتتعرض للخطر في حالة انتصار ألمانيا. ولم يكن من قبيل المصادفة أن يدخلوا المعركة بعد أسابيع فقط من ثورة فبراير، التي أطاحت بالقيصر وهددت بإخراج روسيا من الحرب على الجبهة الشرقية.

كان الهدف المعلن للأميركيين هو هزيمة القيصر الألماني، مع ضمان الاستقرار وقطع الطريق على خطر الثورة في جميع أنحاء أوروبا. لكن وبحلول أكتوبر من ذلك العام، اتخذت الأحداث في روسيا منعطفا أكثر خطورة من وجهة نظر مصالح الإمبريالية والنظام الرأسمالي: كان البلاشفة في السلطة.

بعد وقت قصير من توليه زمام الأمور، أصدر لينين مراسيمه الشهيرة بشأن السلام والأرض والقوميات، ونشر تروتسكي الخطط السرية للحلفاء لتقسيم العالم فيما بينهم. كل ذلك وضع ضغوطا كبيرة على ويلسون، الذي كان يتظاهر بأنه رئيس “محب للسلام”.

في 8 يناير 1918، أصدر ويلسون “مبادئه الأربع عشرة”، والتي حددت رؤية الإمبريالية الأمريكية لـ “نظام عالمي جديد”. وإلى جانب الخطاب الليبرالي الأجوف حول السلام والديمقراطية، تطرقت النقطة السادسة إلى روسيا على وجه التحديد، حيث جاء فيها:

«الجلاء عن كل الأراضي الروسية وتسوية كل المسائل التي تؤثر على روسيا على النحو الذي يضمن أفضل تعاون وأكثر حرية من جانب الأمم الأخرى في العالم في الحصول على فرصة غير مقيدة لتقرر بشكل مستقل في تطورها السياسي وسياساتها الوطنية وضمان الترحيب الصادق بها في مجتمع الأمم الحرة في ظل المؤسسات التي تختارها بنفسها؛ وأكثر من الترحيب، تقديم المساعدة أيضا من كل نوع قد تحتاجه وقد ترغب فيه. إن المعاملة التي ستمنحها الأمم الشقيقة لروسيا في الأشهر القادمة ستكون بمثابة اختبار حاسم لنواياهم الطيبة، وفهمهم لاحتياجاتها باعتبارها منفصلة عن مصالحهم الخاصة، وتعاطفهم الذكي وغير الأناني»[2].

لكنه لم يحدد نوع المعاملة التي كان من المقرر أن يمنحها للروس، على الرغم من أن التدخلات العسكرية المتعددة التي قام بها ويلسون ضد المكسيك أثناء ثورتها التي كانت ما تزال جارية، قد قدمت بعض المؤشرات. وفي الوقت نفسه الذي صدرت فيه تلك الكلمات النبيلة، كانت خطط الطوارئ لإخماد الجمهورية السوفياتية قيد التنفيذ بالفعل. وكما قال السفير الأمريكي في فرنسا آنذاك فإن:

«تكفي ثلاث أو أربع فرق يابانية أو أمريكية لتدمير سلطة البلاشفة»[3].

ووفقا للمؤرخ ويليام. أ. ويليامز فإن:

«كان القادة الأمريكيون قد قرروا التدخل باعتباره عملية مناهضة للبلاشفة في غضون خمسة أسابيع من اليوم الذي تولى فيه لينين وتروتسكي السلطة»[4].

وكما هو الحال غالبا مع الغزاة الإمبرياليين -سواء بفعل السذاجة أو الكلبية- فقد اعتقد الأمريكيون أنهم سيستقبلون بالترحاب كمحررين وأن السكان المحليين سوف يثورون ضد البلاشفة، كما كتب السفير فرانسيس إلى واشنطن:

«تظهر المعلومات من جميع المصادر عدم الرضا عن [الحكومات] السوفياتية وتشير إلى أن [تدخل] الحلفاء سيكون موضع ترحيب من قبل [الشعب] الروسي»[5].

في 17 يوليوز 1918، وافق ويلسون على “تدخل عسكري محدود”. وبحلول الثالث من غشت، أعلنت الحكومة الأمريكية أنها تتفق تماما مع القوى الإمبريالية الأخرى في سياستها التدخلية في روسيا.

لكن الإمبرياليين قللوا بشكل كبير من تقدير عمق جذور الثورة، وبطولة الجماهير السوفياتية وعزيمتها.

بدأت الحكومة الأمريكية في إعداد خطط عملياتية لسلسلة من الحملات العسكرية على الجمهورية السوفياتية. كان المبرر هو أن تلك الحملات تهدف إلى إبقاء الموانئ الاستراتيجية ومستودعات الأسلحة بعيدة عن متناول الألمان. لكن هدفها الحقيقي كان هو إبعاد تلك الموانئ والمستودعات عن أيدي البلاشفة.

وقد كانت للإمبريالية الأمريكية دوافع أخرى أيضا. فقد كانت قوة الإمبريالية اليابانية تتصاعد، وكان “الباب الغربي المفتوح” إلى الشرق مهددا. وفي الخامس من أبريل 1918، كانت أول فرقة من القوات اليابانية قد هبطت بالفعل في فلاديفوستوك. ولكن كيف يمكن تبرير التدخل العسكري الأمريكي في شرق سيبيريا، التي كانت تقع على بعد آلاف الأميال من الجيش الإمبراطوري الألماني؟ وجاء الجواب في هيئة الفيلق التشيكي.

خلال الحرب العالمية الأولى، تطوع 70 ألف جندي تشيكي وسلوفاكي للقتال إلى جانب الجيش القيصري الروسي ضد قوى المركز في مقابل الاستقلال عن الإمبراطورية النمساوية المجرية. لكن مع سقوط القيصر وتولي البلاشفة السلطة، تقطعت بهم السبل في روسيا، وكانوا جيشا أجنبيا متمرسا وكبير الحجم في خضم الثورة. بدأوا في التحرك ببطء شرقا على خط السكك الحديدية عبر سيبيريا، على أمل إخلاء البلاد عبر فلاديفوستوك، ثم السفر عن طريق البحر للانضمام إلى الحلفاء في أوروبا الغربية.

جنود أمريكيون من فوج المشاة الحادي والثلاثين يسيرون بالقرب من فلاديفوستوك، روسيا، 27 أبريل 1919

لكن في ماي 1918، وبعد سلسلة من الاشتباكات البسيطة، دخل الفيلق التشيكي في تمرد مفتوح ضد النظام البلشفي، واحتل العديد من المدن المهمة على طول شريان النقل الرئيسي. ذلك جعلهم موضوعيا في معسكر الثورة المضادة، واستغلت الجيوش البيضاء الفوضى من أجل إنشاء سلسلة من الحكومات المناهضة للبلاشفة في جميع أنحاء سيبيريا.

كانت المواجهة بين الحكومة السوفياتية وبين الفيلق التشيكي هي العذر الذي كان الأمريكيون يبحثون عنه للتدخل لدعم “عناصر النظام المحترمة” في روسيا[6].

بدأ الغزو الأمريكي للأراضي السوفياتية في 15 غشت 1918، بإنزال 3000 جندي في فلاديفوستوك. وفي المجمل، كان ما يقرب من 9000 جندي أمريكي، والذين أطلق عليهم لقب “الدوبويز”، يخدمون على تلك الجبهة، بعد أن تم نقلهم في الغالب من جبهة الفلبين.

ثم في الرابع من شتنبر، نزل ما يقرب من 5000 جندي من قوات المشاة الأمريكية -المعروفين باسم “الدببة القطبية”- في شمال روسيا في أرخانجيلسك، وهو ميناء رئيسي على البحر الأبيض مع خط مباشر إلى بتروغراد.

كان أول ما أرادوا القيام به هو إنشاء قوة شرطة دولية تتألف من قوات من 12 بلدا تحت قيادة ضابط أميركي من أصل روسي، الرائد صمويل إغناتيف جونسون. وكانت المهمة التالية هي ضمان استمرار تشغيل السكك الحديدية عبر سيبيريا حتى يتمكن التشيك من إعادة تجميع قواتهم.

وبطبيعة الحال، فإنه من الناحية الرسمية، لم تكن لأي من تلك التحركات أية علاقة بالتدخل في الحرب الأهلية المستعرة بالفعل بين الحمر والبيض. كما لم تكن له أية علاقة بموازنة قوة اليابانيين -الذين ردوا على إنزال القوات الأمريكية بتعزيز قواتهم إلى 72000- برسالة واضحة حول مطالبهم بالشرق الأقصى.

كما أرسل الحلفاء الإمبرياليون في بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا عشرات الآلاف من القوات إلى سيبيريا. عدد قوات الجيش الحمر، من جانبها، كانت تبلغ حوالي 15000 جندي على هذه الجبهة، بمن في ذلك بعض أسرى الحرب الألمان والنمساويين الذين انشقوا للانضمام إلى القضية الشيوعية.

كانت الجيوش البيضاء تمثل قوى الرجعية في روسيا. وقد قاتلت، بتمويل ودعم من الإمبرياليين، من أجل الدفاع عن مصالح كبار ملاك الأراضي والكنيسة الأرثوذكسية والرأسماليين، وكانت على استعداد لإعادة الوضع الذي كان قبل البلاشفة مهما كانت الوسيلة.

لقد نظم أمير الحرب الفاشي، ألكسندر كولتشاك، جيوش الثورة المضادة في الشرق الأقصى، إلى جانب أنطون دينيكين في جنوب روسيا، ونيكولاي يودينيتش في الشمال الغربي. وتحت رعاية الحلفاء، أعلن كولتشاك نفسه “الحاكم الأعلى لروسيا” ورئيس الدولة الروسية، في مواجهة حكم البلاشفة. وقد كان نظامه وحشيا من المذابح والتعذيب والإعدامات والعمل القسري.

من ناحية أخرى، مثل الجيش الأحمر قوى الثورة: الطبقة العاملة وجماهير الفلاحين الفقراء. وللدفاع عن الجمهورية السوفياتية الجديدة والاقتصاد المؤمم الذي استندت إليه، نجح ليون تروتسكي في بناء “جيش نموذجي جديد”، من الصفر تقريبا.

ورغم أنه اضطر إلى الاعتماد على ضباط الجيش القيصري السابقين، الذين كانوا يمتلكون المهارات والخبرات التقنية التي لا يمكن ارتجالها بين عشية وضحاها- فقد ضمن الولاء للقضية الثورية بتعيين مفوضين سياسيين للإشراف على كل الوحدات.

وفي غضون فترة قصيرة، تحول الجيش الأحمر إلى قوة منضبطة للغاية، مكونة من الناحية السياسية، وتتألف من ملايين الأشخاص، وحققت معجزات في ساحات المعارك، وقلبت في نهاية المطاف مجرى الأحداث ضد الرجعية والتدخل الإمبريالي.

لا داعي للقول إن الأمريكيين كانوا يدخلون في موقف حساس. فرسميا، لم تكن الولايات المتحدة في حالة حرب ولا متحالفة مع أي من جانبي الصراع. لكن وجود الآلاف من الجنود على الأرض في خضم حرب أهلية كان يهدد بالتصعيد السياسي والعسكري. قال وزير الحرب الأميركي نيوتن بيكر للجنرال الأميركي المسؤول عن المغامرة السيبيرية، ويليام غريفز: “انتبه لخطواتك؛ فسوف تمشي على بيض محمل بالديناميت”[7].

كانت العمليات “الدفاعية” الأمريكية تركز ظاهريا على تمكين الفيلق التشيكي من الخروج من البلد. لكن في الممارسة العملية ساعد وجودهم وشجع، بطبيعة الحال، حكم الإرهاب الأبيض في المنطقة. إن اتفاقية السكك الحديدية التي وقعها الحلفاء فيما بينهم، في فبراير 1919، والتي فرضت السيطرة العسكرية على السكك الحديدية في سيبيريا، لم تكن أكثر من إضفاء الطابع الرسمي على الواقع الموجود على الأرض، والمتمثل في ضمان الحلفاء لخطوط الإمداد لصالح قوات كولتشاك. وقد كانت سيطرة البيض على السكك الحديدية تسمح لهم بمهاجمة أو تجويع كل من لا يخضع لدكتاتورية كولتشاك.

تم إرسال حوالي 250 جنديا أمريكيا للدفاع عن مناجم سوشان، الواقعة على بعد 75 ميلا شمال شرق فلاديفوستوك. وكانت تلك المناجم توفر الكثير من الفحم المستخدم لتشغيل السكك الحديدية في شرق روسيا، وهو مورد أساسي للثورة المضادة. وكان أحد الإجراءات الأولى التي اتخذها الحلفاء هي إعادة تعيين مدير المنجم السابق، الذي كان العمال قد طردوه من المنطقة. وتمركز 2000 أمريكي آخرين على بعد 1700 ميل غرب فلاديفوستوك لحراسة نقط حيوية أخرى من السكك الحديدية. واتخذ آلاف آخرون مواقعهم في نقاط استراتيجية أخرى على طول خطوط السكك الحديدية.

كل هذا أدى حتما إلى حدوث سلسلة من الاشتباكات مع قوات الجيش الأحمر، والصفوف المتزايدة من قوات المغاوير المؤيدين للبلاشفة، وحتى القوزاق البيض المعارضين لوجود المتطفلين الأجانب.

تزايدت هجمات المغاوير الحمر على شحنات السكك الحديدية والمسارات والجسور طوال شهري مارس وأبريل. وبحلول شهر ماي، قرر غريفز أنه للحفاظ على النظام، سيتم منح القوات الأمريكية ترخيصا رسميا بملاحقة مجموعات المغاوير الذين كانوا يضايقون كولتشاك. تلا ذلك صيف من المناوشات والهجمات ودوريات القتال في المناطق الريفية المحيطة، وذلك غالبا إلى جانب قوات الجيش الأبيض الروسية والقوات اليابانية.

في يونيو، شهدت معركة رومانوفكا هجوما مفاجئا شنه الحمر على معسكر للجيش الأميركي، مما أسفر عن مقتل 24 أميركيا وإصابة 25 آخرين. وبعد خمسة أيام، سافر السفير الأميركي في اليابان إلى عاصمة كولتشاك في أومسك. ورغم أنه لم يعترف به رسميا كزعيم رسمي لروسيا، فقد أبدى “اهتماما متعاطفا بتنظيم كولتشاك وأنشطته”[8].

ومع ذلك، فقد قدر السفير أن هناك حاجة إلى 40 ألف جندي أمريكي إضافي لضمان انتصار كولتشاك وإحباط التعدي الياباني على المنطقة. لكن ذلك كان مستحيلا.

كان العديد من الجنود الأمريكيين أكثر تعاطفا مع الجيش الأحمر من الجيش الأبيض، وأرعبتهم قسوة كولتشاك. وفي الأول من أكتوبر 1919، ألقي القبض على جنود أمريكيين وتم جلدهم على أيدي القوزاق التابعين لكولتشاك، يبدو أنه لم يكن أحد بمنأى من وحشيتهم.

وقد وقعت مشاهد مماثلة من القتال وانهيار المعنويات في نهاية المطاف حول أرخانجيلسك، حيث تمركزت قوات “الدببة القطبية” ووضعت تحت إدارة البريطانيين. علينا ألا ننسى أن أغلب تلك العمليات كانت قد جرت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى رسميا في الحادي عشر من نوفمبر 1918. ورغم ذلك فقد استمر احتلال أجزاء من روسيا السوفياتية، وقد حدث كل هذا في ظل شعار “عدم التدخل” الذي تبناه ويلسون.

لم يكتف الحمر بالرد العسكري، بل لجأوا أيضا إلى الرد السياسي، حيث ناشدوا القوات الغازية بخطاب أممي بروليتاري. فبعد أيام قليلة فقط من نزول القوات الأمريكية الأولى في فلاديفوستوك، نشرت صحيفة برافدا “رسالة إلى العمال الأمريكيين”، كتبها لينين نفسه. كما تم إرسال النداءات إلى عمال أوروبا.

كان لينين منظرا واستراتيجيا من المستوى الرفيع، إلا أنه كان كذلك تكتيكيا ماهرا بنفس القدر، وكان، بطبيعة الحال، أمميا حازما. كان ينظر إلى الثورة الروسية دائما باعتبارها مجرد عنصر واحد في الثورة العالمية، ولم تكن لديه أية أوهام حول قدرتها على البقاء في ظل العزلة. قال لينين:

«إننا نعول على حتمية الثورة العالمية. لكن هذا لا يعني أننا نعول على مجيئها في تاريخ محدد وقريب… نحن نعلم أن الثورات لا يمكن أن تأتي لا بناء على أمر ولا وفقا لخطط مدروسة مسبقا.

إننا نعلم أن الظروف وحدها هي التي دفعتنا، نحن البروليتاريا في روسيا، إلى الأمام، وأننا وصلنا إلى هذه المرحلة الجديدة في الحياة الاجتماعية في العالم ليس بسبب تفوقنا، بل بسبب الطبيعة الرجعية الفريدة لروسيا. لكن وإلى أن تندلع الثورة العالمية، فإن الثورات في البلدان الفردية قد تستمر في مواجهة عدد من النكسات والانقلابات الخطيرة»[9].

ونظرا للقوة الاقتصادية والعسكرية التي تمتلكها الولايات المتحدة ووزن طبقتها العاملة، فقد أدرك لينين أنها كانت تشكل مفتاحا حيويا لتلك السيرورة العالمية، وما يزال هذا هو الحال حتى اليوم. والواقع أن الأفكار التي شرحها في رسالته هي اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى.

تبنى لينين في تلك الرسالة لهجة صادقة وصريحة ومنفتحة، فقد كشف عن العديد من مشاكل الثورة ونواقصها، في حين أشار إلى إمكاناتها اللانهائية والنفاق الكلبي لأولئك الذين سعوا إلى إغراقها في الدماء، حيث قال:

«دعوا الصحافة البرجوازية الفاسدة تصرخ للعالم أجمع بخصوص كل خطأ ترتكبه ثورتنا. نحن لا نخاف من أخطائنا. لم يصر الشعب قديسا لمجرد أن الثورة بدأت. لا يمكن للطبقات الكادحة التي تعرضت لقرون من القمع والسحق والإجبار على الفقر والوحشية والجهل أن تتجنب الأخطاء عند القيام بالثورة.
[…]
إن كل خطأ يُرتكب في سياق مثل هذا العمل، في سياق هذا العمل الأكثر وعيا وجدية لعشرات الملايين من العمال والفلاحين البسطاء في سبيل إعادة تنظيم حياتهم بالكامل، كل خطأ من هذا القبيل يساوي أكثر من آلاف وملايين النجاحات “غير الشرعية” التي حققتها الأقلية المستغِلة، نجاحات في الاحتيال وخداع العمال. لأنه من خلال هذه الأخطاء فقط سيتعلم العمال والفلاحون كيفية بناء حياة جديدة، وسيتعلمون الاستغناء عن الرأسماليين؛ وبهذه الطريقة فقط سيتمكنون من شق طريقهم -عبر آلاف العقبات- إلى الاشتراكية المنتصرة»[10].

كما أظهر لينين أيضا معرفته الغنية بـ“التقاليد الثورية في حياة الشعب الأمريكي”، من خلال الإشارة إلى الثورة الأمريكية، والحرب الأهلية الأمريكية، ويوجين ديبس. ومن خلال تسليطه الضوء على الانقسامات الطبقية في المجتمع الأمريكي، سعى إلى دق إسفين بين العمال الأمريكيين وبين مستغِليهم. لقد وضع “الأثرياء (Plutocrats) الأمريكيين” في مواجهة “البروليتاريا الثورية في أمريكا”، ودعا هذه الأخيرة إلى أداء المهمة الحيوية المتمثلة في إنهاء التدخل العسكري. إن العدو الحقيقي هو، بعد كل شيء، موجود في الداخل. كما أوضح:

«لقد حقق [الإمبرياليون الأمريكيون] أكبر الأرباح. لقد جعلوا كل البلدان، حتى أضعفها، مدينين لهم. لقد راكموا ثروات هائلة أثناء الحرب. وكل دولار ملطخ بالدماء التي أريقت من قبل ملايين الرجال القتلى والمعطوبين، في حرب الحرية السامية والمشرفة والمقدسة»[11].

شرح لينين بعبارات بسيطة لكنها عميقة الجذور الطبقية للحرب العالمية الأولى والتدخل الأجنبي ضد الاتحاد السوفياتي، موضحا بشكل جلي أن الألمان والحلفاء جميعهم كانوا مسؤولين عن المذبحة المروعة. لم يكن البلاشفة عملاء للقيصر الألماني بل على العكس كانوا أعداء لدودين للإمبريالية الألمانية، كما يتضح من شروط بريست ليتوفسك.

لقد أدان لينين جميع الإمبرياليين بأشد العبارات قوة:

«لا يمكن وضع جثة المجتمع البرجوازي الميتة في نعش ودفنها ببساطة. إنها تتعفن بيننا، وتسمم الهواء الذي نتنفسه، وتلوث حياتنا، وتتشبث بالجديد والنقي والحي بألف خيط من العادات القديمة والموت والتحلل»[12].

كان العديد من هؤلاء العمال والمزارعين الأمريكيين بالزي العسكري، الذين كانوا محاصرين وغير مرحب بهم، قد بدأوا يشعرون بشكوك متزايدة حول دورهم في روسيا، وكانوا يشعرون بالضيق والانزعاج تحت قيادة البريطانيين في أرخانجيلسك. ولقد لخص ضابط أميركي المزاج المتوتر بين القوات قائلا:

«لقد صرحوا بأنه تم تجنيدهم لمحاربة ألمانيا، وليس البلاشفة. وأنهم أُرسلوا إلى هنا لحراسة الإمدادات وليس لشن حرب عدوانية؛ وأنه بعد توقيع الهدنة مع ألمانيا انتهت مهمتهم، فإذا كانت الحكومة تريد منهم البقاء ومحاربة البلاشفة، فعليها أن تقول ذلك وتعلن عن سياسة محددة فيما يتعلق بروسيا»[13].

وقال جنرال أميركي آخر، هو “بلاك جاك” بيرشينغ:

«كانت الروح المعنوية لقواتنا منخفضة منذ توقيع الهدنة مع ألمانيا. ويبدو أن الرجال وبعض الضباط غير قادرين على فهم سبب بقائهم في روسيا بعد توقف القتال مع ألمانيا»[14].

كان معظم قوات “الدببة القطبية” المتمركزة في شمال روسيا ينحدرون من منطقة الغرب الأوسط العليا نظرا لتعودهم على الطقس البارد. وبمجرد أن أصبحت الهدنة رسمية، زادت الصحف في شيكاغو وديترويت وويسكونسن من الضغوط لإعادة القوات إلى الوطن. بل لقد عملت بعض الصحف حتى على نشر رسائل الجنود التي تصف بالكامل الظروف القاسية التي واجهوها، وذلك في تحد للرقابة الحكومية. وقد صور رسم كاريكاتوري نُشر في صحيفة شيكاغو تريبيون، 12 أبريل 1919، جنديين أميركيين في أرخانجيلسك يسألان بعضهما البعض: “قل لي، متى أعلنا الحرب على روسيا؟”.

تعرضت القوات الأمريكية لسيل متواصل من النداءات الأممية البروليتارية من طرف السوفييت الذين أضافوا أن المحتلين يواجهون الدمار المؤكد إذا هم ظلوا على الأراضي الروسية. كما تم استخدام وجود الإمبرياليين من أجل كسب الفلاحين الروس إلى جانب الثورة.

وصورت إحدى المنشورات العم سام والرأسماليين البريطانيين وهم يمسكون بزمام القادة البيض. وأشار الصليب الأحمر الأميركي إلى أن «وجود الحلفاء في شمال روسيا يشكل أحد أقوى ركائز الحكومة البلشفية»[15].

وقد تزايدت الضغوط السياسية من أجل إنهاء الحملة، حيث قاد الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس ومجلس الشيوخ تلك الحملة. كان التصويت على مشروع القانون متعادلا حتى داخل الحزبين، حيث كسر نائب الرئيس، الديمقراطي، التعادل لصالح إطالة أمد المغامرة.

وبعد هذا التصويت الفاشل، هبطت الروح المعنوية بين الجنود بشكل أكبر. في 30 مارس 1919، وصلت الأمور إلى نقطة تحول عندما أمر رقيب في شمال روسيا أربعة جنود بتحميل زلاجاتهم والانتقال إلى الجبهة. رفض هؤلاء الجنود تنفيذ الأمر، وتمت الدعوة إلى اجتماع عام. حيث، وفقا لتصريح ملازم يدعى ماي، اشتكى الجنود من أنه:

«لم يتم تزويدهم أبدا بإجابة عن سبب وجودهم هناك، لكن الحمر كانوا يحاولون دفعهم إلى البحر الأبيض وأنهم كانوا يقاتلون من أجل حياتهم»[16].

رغم أنه توجد روايات متضاربة حول ما حدث بعد ذلك، فقد نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا، في 11 أبريل، بعنوان: “تمرد القوات الأمريكية على جبهة أركانجل”. أفاد المقال أنه بعد رفض أربعة جنود الذهاب إلى الجبهة، تمرد 250 جنديا آخرين، وتوقع حدوث “تمرد عام” إذا لم يتم سحب القوات على الفور. وفي نهاية المطاف، وصلت تلك التقارير إلى “الدببة القطبية” في روسيا، مما أدى إلى انخفاض معنوياتهم بشكل أكثر فأكثر.

“كن على أهبة الاستعداد!” (1921)، ديمتري مور، يصور ليون تروتسكي، فائد الجيش الأحمر

ولقد توصل بعض الجنود الأميركيين على الأقل إلى استنتاج مفاده أن البريطانيين، الذين كانوا يسيطرون على العملية بشكل عام، كانوا يحلمون بالغزو المباشر. وكما كتب أحدهم في مذكراته فإنه:

«لم تكن هناك إمدادات. بل إن البريطانيين كانوا يريدون احتلال وغزو دولة شمال روسيا من أجل الحصول على أشجار الصنوبر من الغابات»[17].

وتزايدت المخاوف من أن القوات الأمريكية قد لا تطيع أوامر الضباط البريطانيين. وكما كتب أحد القادة الأمريكيين فقد:

«أعرب العديد من ضباطنا عن شكوكهم الجادة في أن يستمر الجنود في إطاعة الأوامر الخاصة بالعمليات الهجومية»[18].

وكان مزاج الفلاحين الروس في المناطق المحتلة يميل بوضوح لصالح الحمر. فقد منحت ثورة أكتوبر الأرض للفلاحين، لكن أينما تولى البيض السيطرة، أعادوا بلا رحمة السيطرة لملاك الأراضي السابقين، بدعم من نظام الإرهاب. فكان من السهل على الفلاحين أن يحددوا الجانب الذي يدافع عن مصالحهم.

وفي الوقت نفسه، كانت الجهود الجبارة التي بذلها تروتسكي لبناء جيش أحمر تحقق نتائج مذهلة. حتى الاستخبارات العسكرية الأمريكية اضطرت إلى الاعتراف بذلك:

«خلال الشهرين الماضيين، أعيد تنظيم القوات البلشفية بالكامل، وتجري محاولة جادة لإنشاء جيش كبير ومنضبط على غرار النموذج الأوروبي»[19].

ومع اكتساب البلاشفة للزخم، تزايدت المخاوف من أن يتعرض المحتلون للاجتياح. وكانت مواقع الحلفاء تتعرض بانتظام للقصف بالمدفعية بعيدة المدى، وأفادت أجهزة الاستخبارات بأن «العدو يجمع قواته بشكل منهجي على جميع الجبهات بهدف شن هجوم عام قبل ذوبان الجليد»[20].

وكتب أحد القادة الأمريكيين، الجنرال ستيوارت، إلى وزير الحرب على وجه السرعة قائلا:

«العدو أصبح أكثر عددا على جميع الجبهات وأكثر نشاطا. وقيادة قوات الحلفاء صغيرة، وليست لدينا احتياطيات»[21].

وقعت المعركة النهائية في شمال روسيا، بالقرب من قرية بولشي أوزيركي، في الثاني من أبريل 1919. وبحلول ذلك الوقت، كانت القوات الأمريكية قد استُـنزِفت أعدادها وأسلحتها وإمداداتها ومعنوياتها. في يونيو من ذلك العام، وبمجرد إعادة فتح الملاحة في البحر الأبيض، بدأت القوات الأمريكية في الانسحاب، وأُرسِل جنود بريطانيون ليحلوا محلهم. وبعد فترة وجيزة، اجتاح البلاشفة تلك المواقع واستعادوا مورمانسك وأرخانجيلسك.

في الأول من أبريل 1920، انسحبت آخر القوات الأمريكية من سيبيريا. وبلغ إجمالي عدد القتلى الأمريكيين في القتال أو بسبب المرض أو قضمات الصقيع في شمال روسيا وسيبيريا 424 قتيلا.

لم يتوقف قتال البلاشفة ضد الإمبريالية الأمريكية عند حدود روسيا. فقد تم تهريب رسالة لينين إلى الولايات المتحدة ونشرها في شكل مختصر قليلا، في دجنبر 1918، في كل من مجلة نيويورك “The Class Struggle” وأسبوعية بوسطن “The Revolutionary Age”. وكان جون ريد، مؤلف كتاب “عشرة أيام هزت العالم”، من بين الشخصيات التي ساهمت في نشر تلك الرسالة في الولايات المتحدة.

ومن هناك، شقت الرسالة طريقها إلى الصحافة البرجوازية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، أصبحت تلك الوثيقة بمثابة نقطة محورية لليسار الثوري، حيث عملت كوثيقة تأسيسية بحكم الأمر الواقع للحركة الشيوعية الجنينية وساعدت في إثارة حركة المعارضة للتدخل المسلح الذي قاده ويلسون ضد الثورة.

نرى هنا على أرض الواقع ثمار الأممية البروليتارية التي تبناها لينين. ففي مواجهة التهديد بالدمار من كل جانب، قام بمناشدة عمال العالم على أساس طبقي، دون أدنى تلميح إلى الشوفينية القومية، واستخدم نداءاته للمساعدة في بناء أحزاب ثورية داخل بلدان الإمبرياليين أنفسهم.

إن مصير المغامرة المشؤومة التي خاضتها الإمبريالية الأمريكية داخل الجمهورية السوفياتية الفتية يقدم العديد من الدروس للشيوعيين اليوم.

لم يتوقف نفاق الإمبريالية الأمريكية عن التصاعد منذ عام 1918. واليوم، بينما تمول الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي الحروب والفظائع في كل من أوكرانيا والشرق الأوسط -وكل ذلك باسم “الديمقراطية” و“تقرير المصير” – من الأهمية بمكان أكثر من أي وقت مضى أن يفضح الشيوعيون أكاذيب الإمبرياليين ومصالحهم الحقيقية، بنفس الطريقة الجريئة والمبدئية التي اتبعها لينين.

وفي سياق التوترات المتصاعدة بين الإمبريالية الغربية وبين روسيا والصين، مع كل ما يترتب عن ذلك من اضطرابات و“حروب بالوكالة”، تصير الحاجة إلى موقف طبقي وأممي واضح أمرا ضروري للغاية. وبدلا من الانحياز إلى هذه القوة أو تلك من القوى المتصارعة، يتعين على الشيوعيين أن يدعوا العمال في كل مكان إلى النضال ضد الإمبرياليين من بلدانهم وتوحيد قواهم من أجل انتصار الثورة الاشتراكية العالمية.

بعد أكثر من 100 عام منذ غزو الولايات المتحدة لروسيا، لم تكن إمكانية الثورة العالمية في أي وقت مضى أعظم مما هي عليه اليوم، ولدينا كل الحق في مشاركة لينين ثقته التي لا تنضب في الطبقة العاملة العالمية، إذ يقول:

«دعوا “الاشتراكيين” المتذمرين يصرخون، ودعوا البرجوازية ترغي وتزبد، لكن وحدهم الأشخاص الذين يغلقون أعينهم حتى لا يروا، ويسدون آذانهم حتى لا يسمعوا، هم من يمكنهم أن يفشلوا في ملاحظة أن آلام مخاض المجتمع الرأسمالي القديم، الحامل بالاشتراكية، قد بدأت في جميع أنحاء العالم»[22].

[1] V I Lenin, ‘Decree on Peace’, Lenin Collected Works, Vol. 26, Progress Publishers, 1964, pg 249

[2] A S Link et al. (eds.), The Papers of Woodrow Wilson, Vol. 45, Princeton University Press, 1984, pg 536, emphasis added

[3] J V Fuller (ed.), ‘The Ambassador in France (Sharp) to the Secretary of State’, Papers Relating to the Foreign Relations of the United States, Vol. 2, United States Government Printing Office, 1932, pg 33

[4] W A Williams, ‘American Intervention in Russia, 1917-1920,’ Studies on the Left, No. 3, 1963, pg 35

[5] J V Fuller (ed.), ‘The Ambassador in Russia (Francis) to the Secretary of State’, Papers Relating to the Foreign Relations of the United States, Vol. 1, United States Government Printing Office, 1931, pg 538

[6] W A Williams, ‘American Intervention in Russia, 1917-1920,’ Studies on the Left, No. 3, 1963, pg 25

[7] W S Graves, America’s Siberian Adventure, Peter Smith Publishers, 1941, pg 7-8

[8] J V Fuller (ed.), ‘The Acting Secretary of State to the Ambassador in Japan (Morris)’, Papers Relating to the Foreign Relations of the United States, Vol. 2, United States Government Printing Office, 1932, pg 388

[9] V I Lenin, A Letter to American Workingmen, The Socialist Publication Society, 1918, pg 15

[10] ibid. pg 11-12

[11] ibid. pg 4

[12] ibid. pg 11

[13] Historical Files of the American Expeditionary Force, North Russia, 1918-1919, U.S. National Archives and Records Administration, M 924, Roll 1, 23-11.1.

[14] ibid.

[15] ibid.

[16] D Habib, Playing Into the Hands of Isolationists: Woodrow Wilson’s Russian Policy, 1918-1920, San Jose State University, 1995, pg 31

[17] H Otoupalik (ed.), Quartered in Hell: The Story of the American North Russia Expeditionary Force 1918-1919. Doughboy Historical Society, 1982, Pg 179

[18] Historical Files of the American Expeditionary Force, North Russia, 1918-1919, U.S. National Archives and Records Administration, M 924, Roll 1, 23-11.1.

[19] ibid.

[20] ibid.

[21] ibid.

[22] V I Lenin, ‘Prophetic Words’, Lenin Collected Works, Vol. 27, Progress Publishers, 1965, pg 499