الرئيسية / دول العالم / أوروبا / بيلاروسيا / بيان حول الوضع في بيلاروسيا: لماذا لم تعد الجماهير تثق في نظام لوكاشينكو؟

بيان حول الوضع في بيلاروسيا: لماذا لم تعد الجماهير تثق في نظام لوكاشينكو؟

تجدون فيما يلي بيانا حول الوضع في بيلاروسيا. شعارنا هو: من أجل إضراب سياسي عام! فليسقط نظام لوكاشينكو! من أجل الاشتراكية والديمقراطية الحقيقية!


نحن، باعتبارنا ماركسيين، نفهم أن الأزمة السياسية التي تتكشف الآن في بيلاروسيا ليست نتيجة مصادفة عرضية أو مكائد لدول أجنبية. إنها نتيجة للأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي واجهتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. تمكنت بيلاروسيا على مدار عقدين، بدءا من منتصف التسعينيات، عندما أوقف لوكاشينكو عملية الخصخصة واحتفظ بشكل عام بالملكية العامة وعناصر التخطيط الإرشادي في القطاعات الرئيسية للاقتصاد، من أن تبقى جزيرة الاستقرار الاقتصادي الوحيدة بين البلدان التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي سابقا. لكن ولسوء الحظ، وكما تظهر كل تجربة القرن العشرين، فإن ملكية الدولة في حد ذاتها، في ظل السوق الحرة، أي بدون اقتصاد مخطط توجيهي، غير قادرة على تطوير القوى المنتجة، إلا من خلال الاستغلال المفرط والقمع ضد الطبقة العاملة.

هذا هو سبب الهجمات على حقوق الطبقة العاملة والعاملين لحسابهم الخاص (الذين غالبا ما يكونون الأكثر اضطهادا)، التي رأيناها خلال السنوات الأخيرة من حكم لوكاشينكو. لقد دخل النظام البونابارتي في تناقض متزايد مع مصالح ذلك الجزء من البيروقراطية والبرجوازية المحلية الموالية لها، والذين يدعون بشكل مباشر إلى نهج الخصخصة والاندماج الكامل في النظام الإمبريالي العالمي. هذه القوى لا تحتاج إليه شخصيا ولا تحتاج إلى طغمته، وهم اليوم قد حددوا مسارا للإطاحة بنظامه.

ومن ناحية أخرى فإن سياسة التقشف والهجمات على حقوق الطبقة العاملة ومنظماتها التي شنها لوكاشينكو حرمته من الدعم الذي كان يتمتع به (وإن بشكل سلبي) من غالبية العمال في السابق. وجد الهجوم على مصالح العمال تعبيرا ملموسا عنه في ظواهر مثل سياسة الخصخصة ورفع سن التقاعد وإلغاء المزايا الاجتماعية والنظام التعاقدي الحالي للتوظيف، وما إلى ذلك. وبالتالي ففي ظل هذه الظروف صار سقوط نظام لوكاشينكو البونابارتي مسألة وقت فقط.

إلا أن هزيمته لا تعني بشكل تلقائي انتصار أنصار السوق الحرة والخصخصة الكاملة. لقد أظهرت الطبقة العاملة في بيلاروسيا خلال الأيام والساعات الأخيرة قوتها وقدرتها على النضال من أجل حقوقها. كل ما ينقصها هو القيادة السياسية.

الحركة الشيوعية في بيلاروسيا، كما نعلم، منقسمة على أساس الولاء للوكاشينكو وطغمته، وليس على أساس المبادئ الأيديولوجية. كان كلا طرفي المواجهة – الحزب الشيوعي البيلاروسي وحزب “عالم عادل”- غارقين في مستنقع السياسة البراغماتية ومبدأ “أهون الشرين”، وبالتالي تخليا عن منظور الثورة الاجتماعية.

وعلى العكس من ذلك فإننا نعتقد أن أحداث اليوم ليست سوى بداية لسيرورة ثورية ستدخل البروليتاريا البيلاروسية، في لحظة معينة، إلى ساحة التاريخ تحت قيادة حزب ثوري ماركسي حقيقي. وبمجرد ما سوف يحدث ذلك ستنتقل الثورة البروليتارية بشكل فوري وحتمي إلى روسيا وأوكرانيا وليتوانيا وبولندا، ثم البلدان الأخرى أيضا. إن تطور الوضع الثوري مسألة حتمية، وتطرح الآن، أكثر من أي وقت مضى، ضرورة العامل الذاتي، أي: الحزب الشيوعي الحقيقي الذي يمكنه أن يقود الطبقة العاملة إلى الثورة الاشتراكية.

نحن مقتنعون أنه لا يمكن بناء مثل هذا الحزب على أساس المنظمات اليسارية الموجودة اليوم في بيلاروسيا، بنقاط ضعفها البرنامجية والسياسية الحالية. لكن على أساس أفكار الماركسية الحقيقية، أي الأفكار التي يدافع عنها التيار الماركسي الأممي، فإن إنشاء مثل هذه المنظمة هو أكثر من ممكن. فإذا ما تم إنشاء مثل هذه المنظمة، سيمكنها باستخدام التكتيكات الصحيحة أن تكسب الجماهير وتغير مصير ليس بيلاروسيا فقط، بل وأيضا مصير البشرية جمعاء!

ما الذي يحدث وما هو المنظور للجماهير؟

دخل نظام لوكاشينكو البونابارتي مرحلة أزمة سياسية ستنتهي عاجلا أم آجلا بالإطاحة به. لقد تمت إعاقة أي احتمال لانتقال انتخابي سلمي بفعل التزوير الصارخ والأعمال العنيفة من قبل أجهزة الأمن خلال ليلة فرز الأصوات، 09 – 10 غشت، وكذلك من خلال استمرار عنف الشرطة، مما أدى إلى احتمال تصعيد الوضع بشكل أكبر.

لم تكن أزمة النظام ناجمة فقط عن الخنق طويل الأمد للحريات الديمقراطية الأساسية (بما في ذلك حرية النقابات العمالية والتنظيم السياسي للعمال)، بل أيضا بسبب تدهور مستوى معيشة السكان، وبشكل أساسي العمال المأجورين، خلال السنوات الأخيرة. إن نظام العقود وتخفيض المكافئات وقانون مكافحة “الطفيليات”، ومختلف الهجمات الأخرى التي نفذها النظام، هي انعكاس لأزمة الرأسمالية العالمية على المستوى الوطني. إن أولئك الذين ما زالوا يرون في بيلاروسيا استمرارية للاقتصاد السوفياتي المخطط يرتكبون خطأً فادحا: فالسياسات اللااجتماعية المتمثلة في خصخصة الشركات وتحرير الأسعار قد انتهجها النظام الحالي منذ فترة طويلة.

في الوقت الحالي تضع الجماهير على جدول الأعمال مهمة الثورة السياسية، التي يتمثل جوهرها في الانتقال إلى نظام ديمقراطي.

نحن نؤيد تماما رغبة الجماهير في ترسيخ الحريات الديمقراطية بشكل كامل، وعلى وجه الخصوص خلق المناخ الأكثر ملاءمة للطبقة العاملة لكي تدافع عن مصالحها وحقوقها الاقتصادية والسياسية.

لكننا نحذر الشغيلة من الأوهام حول الوضع الاقتصادي الذي سيكون لديهم في ظل نظام برجوازي، لأن تأسيسه لن يعطي أي ضمانات لوقف إجراءات التقشف. في ظل الظروف الحالية، تعتبر هذه المطالب الديمقراطية وحدها غير كافية في الواقع لإيجاد حل حقيقي لمسألة الديمقراطية، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار التوجه السياسي لقادة المعارضة الرئيسيين، الذين عندما سيصلون إلى السلطة سيستمرون فقط في السياسة المعادية للعمال التي ينفذها النظام بالفعل، لكن تحت غطاء جديد. علاوة على ذلك فإن هؤلاء القادة أنفسهم سيستسلمون بسهولة للنظام في حالة ما إذا توصلوا إلى اتفاق معه، أو تعرضوا لضغط قوي بما فيه الكفاية من طرفه. يجب علينا أن نكرر الحقيقة البديهية لجميع الماركسيين الحقيقيين، وهي أنه في عصرنا لا توجد سوى طبقة ثورية واحدة قادرة على تغيير المجتمع بشكل جوهري، وهي البروليتاريا.

إن مشاركة الطبقة العاملة، وعلى وجه الخصوص العمال الصناعيون، في إضراب سياسي يظهر أهميتها وإمكانياتها في النضال من أجل التغيير الاجتماعي التقدمي. على العمال وممثليهم بالإضافة إلى النضال من أجل توسيع الحريات الديمقراطية لأنفسهم، أن يطرحوا في “أجندتهم الاجتماعية” اسقاط كل من الإجراءات القديمة المناهضة للعمال (نظام العقد، إلخ)، والإجراءات الجديدة المحتملة (خصخصة الشركات المملوكة للدولة، تسريح العمال، إلخ).

لكن ومن أجل حماية مصالحها حقا، يجب على الطبقة العاملة، ومنظماتها التي استعادت الحياة في الظروف الحالية، أن تنتقل من السياسات الدفاعية إلى السياسات الهجومية، أي: إلى قيام العمال بتشكيل هيئاتهم السياسية الخاصة (المجالس)، واستخدامها لممارسة السلطة السياسة وحفظ النظام العام من خلال إنشاء ميليشيات عمالية والسيطرة على الشركات. هذا هو المسار الوحيد الممكن، أما أي بديل آخر فسيؤدي إلى الكارثة.

نحن ندين التصريحات الرجعية لبعض المنظمات (الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية، الحزب الشيوعي في بيلاروسيا، إلخ) ، التي تدافع عن نظام لوكاشينكو الفاسد. نحن نعتبر أن احتمال تكرار “السيناريو الأوكراني” غير مرجح بسبب الغياب شبه الكامل لليمين المتطرف عن الاحتجاجات الحالية، وغياب تناقضات قومية ولغوية عميقة، إضافة إلى شعبية الأفكار المعادية للفاشية بين الشعب البيلاروسي والذاكرة التاريخية لأحداث الحرب العالمية الثانية والاحتلال النازي الألماني. إن إحدى الضمانات التي تمنع حدوث تحول رجعي محتمل للاحتجاجات (أو على الأقل احتكارها من قبل الليبراليين) هي المشاركة الأوسع للطبقة العاملة وممثليها السياسيين.

نعتبر أنه من غير المقبول للحكومات الرأسمالية الأجنبية أن تتدخل في شؤون البلاد، وعلى الخصوص القوى والكتل الإمبريالية مثل روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. إن أي مبادرات موجهة ضد حق تقرير المصير للشعب البيلاروسي هي مبادرات رجعية بالتأكيد. وأولئك “اليساريين” من روسيا الذين يصرخون ضد تقرير المصير هذا، تحت مبرر مناهضة الفاشية، إنما يدافعون في الواقع عن الإمبريالية بخطاب “أحمر”، بغض النظر عما إذا كانوا يفعلون ذلك بوعي أو بغير وعي.

لقد صار لوكاشينكو، بعد أن فقد الدعم بين الجماهير، يعتمد بشكل شبه حصري على سلطة الجهاز البيروقراطي. وفي مثل هذه الحالات، وتحت ضغط الجماهير، من المحتمل تماما أن يحدث انشقاق في الطبقة الحاكمة وجهاز الدولة، وستُبذل محاولات للتوصل إلى حل وسط مع النخبة الليبرالية المعارضة من أجل إحباط مشاركة الجماهير في العملية السياسية.

ينبغي عدم السماح بحدوث ذلك. يجب أن يسير التغيير السياسي على طريق الديمقراطية والاشتراكية إلى أقصى حد ممكن.

ندعو جميع المستعدين لأخذ النضال من أجل الديمقراطية العمالية والاشتراكية الأممية على محمل الجد، إلى الانضمام إلى منظمتنا، التيار الماركسي الأممي، من خلال البدء في بناء فرع قطري في بيلاروسيا.

نحن ندعوا إلى:

  • إضراب سياسي عام!
  • إسقاط نظام لوكاشينكو!
  • الوقوف ضد أي تدابير معادية العمال!
  • حرية التنظيمات العمالية وحق الشعب في تقرير مصيره ضد القمع السياسي!
  • الحرية للسجناء السياسيين!
  • ضد سياسة التقشف والخصخصة، ومن أجل إلغاء رفع سن التقاعد، ومن أجل عقود عمل دائمة!
  • بناء ديمقراطية حقيقية لصالح الغالبية العظمى من السكان –أي الشعب العامل- ومن أجل بناء مجالس العمال!

أعضاء التيار الماركسي الأممي في بيلاروسيا وروسيا
11 غشت 2020

المقال مترجم عن الانجليزية من موقع الدفاع عن الماركسية:

Statement on situation in Belarus: why do the masses no longer believe in Lukashenko’s regime?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *