الرئيسية / دول العالم / آسيا / النيبال / الحرب الأهلية تتصاعد في النيبال

الحرب الأهلية تتصاعد في النيبال

  لقد كتب هذا المقال في شهر شتنبر، مباشرة بعد الحصار الذي نظمه المغاوير الماويون شهر غشت. ونعمل الآن على نشره رغم بعض التأخير، لكونه لا يزال صالحا لفهم الوضعية العامة والمأزق الذي تواجهه النيبال. إن الماويين يتمتعون بموقع قوي، لكن وبسبب موقفهم من أن الثورة في هذه المرحلة سوف تكون برجوازية- ديمقراطية وليست اشتراكية، فإن الأوضاع تعرف تفاقما واضطرابات متزايدة، دون أي مخرج واضح في الأفق. هذه المقالة تحاول تقديم منظور آخر للحركة الشيوعية النيبالية (28 أكتوبر 2004).


   يوم 18 غشت، ضرب جيش التحرير الشعبي في النيبال حصاره “اللامحدود” على العاصمة، وأعلن إنه سوف لن يرفعه إلا بعد أن تستجاب مطالبه. لقد كان هدفه هو الضغط على الحكومة لجعلها تطلق سراح المغاوير المعتقلين، وتقديم معلومات حول آخرين اختفوا، مما أدى إلى إحداث أهم أزمة عرفتها الحكومة النيبالية المنتخبة حديثا.

   لقد هدد المغاوير بمهاجمة أي عربة تمر عبر الطريق الرئيسية، ولم يتم تكسير الحصار سوى من طرف عدد قليل من الآليات العسكرية. إن العاصمة كاتموندو بساكنتها البالغ عددهم مليون ونصف المليون، ظلت معتمدة فقط على مخزوناتها من المواد الأساسية.

   وقد أعلن رئيس فدرالية كل النقابات النيبالية (ANTUF-R).شليكرام جمركتل (shalikram jamarkattel)- من مكان غير معروف – أن الحصار قد ضرب بهدف حل المشاكل اليومية للشعب. وصرح أن هناك دعم واسع لهذه الحركة. إن (ANTUF-R) هي كنفدرالية نقابية تابعة لحزب (CPN-M) الماوي الذي يقف وراء حركة المغاوير. ولقد أجبرت بعض الصناعات الكبرى (عشرة شركات كبرى) على إغلاق أبوابها، إما بسبب التهديد المسلح الذي تلقته، أو بسبب إضراب العمال.

   لكن وبعد أسبوع فقط من بداية الحصار، قرر الماويون فكه بعد أن وافقت الحكومة على تشكيل لجنة لحقوق الإنسان خلال شهر، وهو الشيء الذي من الصعب اعتباره انتصارا ثوريا إذا ما قورن مع المطالب الأساسية الأولى. لكنه ورغم ذلك فقد كانت الحركة استعراضا حقيقيا للقوة من طرف المغاوير، الذين أصدروا فيما بعد بيانا يوضحون فيه أنهم ومن خلال حركتهم تلك، برهنوا على كونهم قوة يجب أخذها بعين الاعتبار، وبأنه يجب على النخبة الحاكمة في النيبال أن تتفاوض معهم.

الحكومة الجديدة

   لم يمضي على صعود الحكومة الجديدة إلى سدة الحكم سوى شهور قليلة وها هي تجد نفسها على حد السيف. إن هذا دليل أخر على أن الأوضاع في النيبال جد مضطربة. فليس المغاوير الماويون وحدهم من يحاولون إسقاط الحكومة الحالية، بل كذلك الأحزاب البرلمانية.

   كما سبق لنا أن شرحنا ذلك على موقعنا هذا (www.maxist.com) في مقالات سابقة. فقد كان هناك احتجاجات جماهيرية قادها CPN-UML (الحزب الشيوعي النيبالي – الماركسي اللينيني الموحد) الذي يشكل الحزب الشيوعي الثالث، إلى جانب حزبين آخرين. سميت بحركة الشعب، وقد ضمت هذه الحركة حزب المؤتمر النيبالي (NCP) وUML- CPNإضافة إلى بعض المجموعات اليسارية الصغيرة. وتطالب بإعادة البرلمان، وبانتخابات عامة. بعد استقالة الوزير الأول السابق تابا (thapa)، طلب الملك من الأحزاب السياسية تقديم مرشحيها لمنصب الوزير الأول، وعندما لم يقدموا أي اسم، تم عقد اجتماع لأحزاب المعارضة مع الملك يوم 2 يونيو، حيث تم إعلان تنصيب دوبا.

   لحدود اللحظة لم يلتحق أي من أحزاب المعارضة بهذه الحكومة. لكن حزب CPN-UMLقرر وضع كل ثقله لدعمها، وهو ما سوف يستغله ماويو حزب CPN-M لتبرير حملتهم ضد رفاق الأمس.

   قام الوزير الأول دوبا بتشكيل مجلس من ثلاث أعضاء، هو واثنان من أعضاء حزبه الصغير: حزب المؤتمر النيبالي الديمقراطي، المنشق عن حزب المؤتمر النيبالي. وقد أدى هذا “المجلس المصغر” القسم يوم 10 يونيو، حيث دوبا لوحده يحمل أكثر من دزينتين من الحقائب الوزارية، بما فيها المالية والدفاع والشؤون الملكية. مما يجعل من النيبال مثالا مشرقا لواحدة من تلك “الأنظمة الديمقراطية” التي تحب إدارة بوش تقديمها للعالم باعتبارها حليفا في الصراع ضد الإرهاب!.

من هو الحزب الشيوعي النيبالي- الماوي (CPN-M) وما هي قوته الحقيقية؟

   لقد كان حصار شهر غشت، يهدف في الواقع إلى التأكيد على ضرورة أن تأخذ السلطات الحكومية المغاوير الماويين على محمل الجد. لقد كان الح ش ن- م قويا جدا مؤخرا، لكن ومع توقف محادثات السلام بسبب المأزق الذي وصلت إليه في الآونة الأخيرة، صار يخاف من إمكانية ضمه إلى لائحة الأهداف الأمريكية في ما يسمى “بحربها على الإرهاب”.

   تشكل ح ش ن- م في البداية سنة 1995 نتيجة انشقاق عن الحزب الشيوعي النيبالي (CPN). وقد أدان كل من بوشبا كمال دهال (pushpa kamal dahal) الشهير ببراشندا(prachanda) وبابورام بهاتاري(baburam bhattari) الحزب الشيوعي النيبالي، وكثل شيوعية أخرى باعتبارهم “مرتدين” و”تحريفيين” بسبب مشاركتهم في المسلسل الانتخابي.

   يوم 13 فبراير 1996، أعلن براشندا وبهاتاري حربا شعبية لإقامة “ديمقراطية جديدة” في النيبال. إن هذا يعتبر منسجما تماما مع النغمة الكلاسيكية في الموقف الماوي، في بحثهم في البداية عن قاعدة دعم – التي هي الفلاحون النيباليون- وعبر الكفاح المسلح يبدؤون “حرب الشعب الإستراتيجية” في القرى. مما يعني عمليا تركيز كل إستراتجيتهم في اكتساب مواقع نفوذ في المناطق القروية، ومن تم “محاصرة المدن”. من الواضح أنه ليس هناك في كل هذا سوى مجال ضئيل للفعل المستقل للطبقة العاملة في المدن، إذ أنه يتم عودة الطبقة العاملة بين الفينة والأخرى لمساندة المغاوير، لكن ليس بإمكانها أن تقوم بفعل مستقل عن ذلك!.

   تشكل هذه السنة حسب ح ش ن – م السنة الثامنة “المجيدة” لحرب الفلاحين، والآن قد صار “التوازن الاستراتيجي” موضع نقاش. إن هذا يعني في المعجم الماوي أنهم قد صاروا يحسون بكونهم يحتلون موقعا قويا، وبأنهم يناقشون إمكانية حسم السلطة في النيبال. إن لديهم بدون شك إمكانية القيام بذلك، وإذا ما قاموا بذلك فلديهم فرصة كبيرة للنجاح.

   تقول التقارير الحكومية أنه يوجد حوالي 10.000 مقاتل، و15.000 مليشيا، و4.500 من الكوادر، و200.000 متعاطف نشيط متعاون مع ح ش ن – م. كما أنهم يمتلكون تيارا طلابيا نشيطا، يضم حوالي 400.000 عضو. مما يشكل قوة هامة بجميع المقاييس.

   إذن من الواضح أن الماويين النيباليين يشكلون حقا قوة جماهيرية، ويمكنهم أن يأخذوا السلطة – إذا ما أرادوا ذلك!

   لكن جيش التحرير الشعبي يفكر بنفس طريقة الدرب المضيء (sendero luminoso) خلال بداية التسعينات في البيرو. إنهم يأسطرون دور الفلاحين، وينكرون أي دور مستقل للبروليتاريا في المدن. كما أنهم يفتقدون كليا لأي تصور أممي، مما يعني أنهم لا ينظرون إلى الثورة النيبالية كحلقة في سلسلة من الثورات. إنهم لا يرون كيف يمكن مد “الثورة” نحو الهند وباكستان وغيرهما. وهذا يعني أنه وبالرغم من الشروط الرهيبة التي تعيش فيها الجماهير النيبالية، والرغبة الواضحة لهذه الجماهير في القيام بتغيير ثوري، فإن الماويين لا يعرفون كيف يتقدمون إلى الأمام وكيف يستغلون الفرصة التي سنحت لهم.

   في شهر يناير من سنة 2003، أعلن الماويون سنة من الهدنة، بهدف إجراء المفاوضات مع الحكومة النيبالية. ولقد انتهت هذه الهدنة منذ بضعة شهور. وقد عمل الماويون على الانسحاب الأحادي الجانب من هدنة السبعة شهور، يوم 27 غشت 2003، بعدما عجز الطرفان عن الوصول إلى اتفاق حول دور الملكية النيبالية. حيث أن مطالب الماويين النيباليين لم تستجب.إنهم يدعون إلى إقامة جمهورية ديمقراطية ومجلس مستقل لحقوق الإنسان ودمج المغاوير الماويين في صفوف الجيش النيبالي كما سوف نرى لاحقا.

   هنا نرى التناقض الهائل بين الإمكانيات الثورية التي تقدمها الأوضاع في البلد، وبين المطالب الجد محدودة التي يرفعها الماويون، والتي تعتبر بعيدة على أن تشكل مطالبا اشتراكية ثورية.

   بالرغم من منظورهم المحدود لثورة وطنية ديمقراطية – والتي هي أقصى ما يؤدي إليه موقفهم – فإن متمردي الح ش ن – م دخلوا في صراع غبي مع الحكومة النيبالية. بحيث أنهم يطالبون بان لا يتم تصنيفهم كمنظمة إرهابية، ويطالبون بإطلاق سراح قادة الحزب المعتقلين لدى الحكومة، وبإلغاء الملكية.

   وبالنظر إلى فشل محادثات السلام 2003 يعتبر من المستبعد العودة إلى طاولة المفاوضات بين الحكومة والمتمردين في المستقبل القريب إلا إذا أبدى الماويون تنازلات قد تغير موقف الحكومة. إن هذه الأخيرة تؤكد على ضرورة أن يتخلى المتمردون عن مطلبهم بإلغاء الملكية. إلا أن إصلاحا بسيطا من فوق – إشارة ما – يمكنه أن يشكل المبرر للماويين لإعادة فتح محادثات السلام.

   ويصر الماويون على ضرورة تشكيل جمعية خاصة تقوم بصياغة مشروع دستور جديد للبلد، يقدم إمكانية إلغاء الملكية. في الواقع إذا ما تم القبول بهذا المطلب فعليا فإن القادة الماويون سيكونون جد سعداء، ويمكنهم أيضا أن يخفضوا مستوى المواجهة. إنهم يعتقدون أنه إذا ما تحققت صفقة من هذا القبيل، وتم القبول بهم كحزب سياسي من طرف السلطات النيبالية، فإن إمكانات وضع منظمتهم على “اللائحة السوداء” الأمريكية للمنظمات الإرهابية سوف تتناقص.

   لقد شكلت مسألة وضع دستور للبلاد مخرجا. نحن الماركسيون لانتجاهل مثل هذه المسائل التي يمكنها فعلا أن تستخدم في تعبئة الجماهير، كما أن الماركسيين لا يختلفون حول مسألة الملكية. إذ أننا نطالب بإلغاء الملكية ونتبنى أقصى المطالب الديمقراطية. لكن بالرغم من ذلك فإن ما لا نقوم به هو جعل تلك المطالب محور برنامجنا.

   إننا نموقع مطلب إلغاء الملكية كنقطة ضمن برنامج أعم، لإنجاز التغيير الاشتراكي في النيبال، لا نفصل هذه عن تلك. في الواقع يمكن أن يصير إلغاء الملكية، دون إضافة المسائل الاجتماعية والاقتصادية الملحة، مسألة بدون معنى، في نظر جزء كبير من الجماهير.

   إن الجماهير ترى في إلغاء الملكية وسيلة لتحقيق غاياتها وليس غاية في حد ذاتها. فإذا ما تم القضاء على الملكية بينما بقي الرأسماليون والملاكون العقاريون في السلطة، ما هي الفائدة التي سوف تجنيها الجماهير الفقيرة في النيبال؟ لهذا يتوجب ربط مطلب القضاء على الملكية، بقوة مع مطلب القضاء على كل الطبقة المستغلة. ويجب طرح مسألة حسم السلطة من طرف الطبقة العاملة المستندة إلى الفلاحين.

   إضافة إلى باقي الأحزاب السياسية الكبرى، عمل الماويون فعلا على معارضة محاولة الملك جيانندرا (gyanendra)، ليتحول من ملكية دستورية إلى الملكية تنفيذية خلال 4اكتوبر2002. ولقد عادت الحركة التي قام بها الملك ببعض الفوائد على الماويين، إذ ضغطوا للدفاع عن المكاسب التي تحققت بعد إعادة الديمقراطية البرجوازية سنة 1990، وتكريسها وعملوا على أن يجعلوا منها مطلبا سياسيا عاما. إن هذا مكنهم من جمع المزيد من الدعم، حيث رأت الجماهير في أن اغتيال المعارضين السياسيين للملك انقلابا، وهو ما كان عليه الأمر.

ما هي السياسة التي يجب على الشيوعيين النيباليين تبنيها؟

   إن معارضة مناورات الملك شيء جيد جدا، لكن المشكلة الحقيقية تتمثل في أن ذلك لا يتم بالشكل الكافي. إن الماويين يمتلكون برنامجا، لكنه برنامج يفتقد لأي مضمون اشتراكي. والسبب في ذلك يكمن في كونه مؤسس على الفكرة الستالينية القديمة، التي تقول أن الثورة في النيبال يجب أن تمر عبر مراحل، قبل أن تصل إلى مرحلتها الاشتراكية. إنهم يحصرون نظرتهم في حدود قومية ضيقة، تقتصر على النيبال. بالنسبة إليهم تعتبر النيبال بلدا متخلفا، ومن تم فإن المنظور الاشتراكي لا يمكنه أن يصلح لها. وهكذا يعملون على البحث عن “جناح تقدمي” للبرجوازية. والمشكلة تتمثل في أنه لا يوجد أي جناح من هذا النوع في النيبال. فالطبقة السائدة في النيبال ليست سوى أداة طيعة في يد الإمبرياليين. وليس هنالك أي مكون من مكونات الطبقة السائدة يمكن الاعتماد عليه لكي يقوم بالنضال ضد الإمبريالية.

   إن برنامج الماويين عبارة عن خلطة هزيلة من المطالب الفضفاضة المعادية للإمبريالية ممزوجة ببرنامج حد أدنى، يرون إنه ممكن على أساسه التحالف مع بعض الأجنحة، على الأقل من النظام. مبني مرة أخرى على فكرة وجود “جناح تقدمي” للبرجوازية.

   أهم مطلب يطرحونه يتمثل في بناء جمهورية برجوازية ديمقراطية. وكما رأينا إنهم يتحدثون علانية عن دمج قواتهم في الجيش النيبالي بعد مرحلة من “التجديد” الوطني. إن هذا المطلب يتجاهل كليا مسألة الطبيعة الطبقية للجيش النيبالي. إذ ليس هذا الجيش مؤسسة مستقلة فوق الطبقات، إنه يخدم مصالح الطبقة السائدة، ولا يمكنه أن يخدم أية مصلحة أخرى. ليس من المعقول أن يقوم الماويون النيباليون حتى بطرح مسألة دمج قواتهم المسلحة بالقوات التابعة للدولة البرجوازية.

   إن هذا ينسجم مرة أخرى مع نظرتهم إلى أن ما يجب بناؤه خلال “المرحلة” المقبلة في النيبال، هو دولة برجوازية ديمقراطية. إنهم يعتبرون أن الفقر الذي يعيشه البلد نتيجة لسياسات الإمبريالية العالمية. وهذا صحيح، لكنه لا يفسر كل شيء. إن الماويين يعتبرون إن ما يجب توفره هو رأسمالية محلية قوية، قادرة على الدفاع عن مصالح النيبال عموما، بما فيها مصالح العمال والفلاحين. إن ما يجب توفره في المستقبل القريب- حسب تصورهم- هو مرحلة طويلة من التصور الرأسمالي. فقط بعدها يصبح من الممكن طرح منظور نضال الطبقة العاملة، والتغيير الاشتراكي في النيبال. وهذا يفسر لماذا لا يعطون أي دور للبروليتاريا في الصراع الحالي. وبالرغم من أنهم يمتلكون فدرالية نقابية فإن مهمة العمال تقتصر فقط على دعم مطلب البرلمان الجديد والديمقراطية البرجوازية، وليس السير ابعد من هذا. وهذا ما تعكسه وثائقهم وبياناتهم. ففي نشرتهم مؤخرا حول الحصار نجدهم يقولون ما يلي:

   « إن الماويين يعتمدون على حرب الشعب لإسقاط الدولة الحالية وليس على الإضرابات. وهم لا يتوقعون- كما يدعي بعض الصحفيين الأغبياء- أن يثير هذا الإضراب والحصار إلى تمرد في العاصمة في الوقت الحالي. إن هذه الأشكال جزء من مسلسل يعمل من خلاله الحزب على إضعاف النظام الرجعي ويحضر الجماهير المدينية للانتفاض عندما سوف يقرر الحزب أن الوقت قد حان للانتفاضة المدينية بالارتباط مع التطويق الناجح للمدن من البوادي » (A world to win.news sewice. August 30/04).

   لدينا هنا باختصار كل إستراتيجية الماويين النيباليين. وفي نفس المقالة يدعون أنهم قادرون عبر ممارسة الضغط على إغلاق أهم الشركات والصناعات في النيبال: soaltee hotel.surya nepal ltd. Elit oil.store.tankeshwar garment industry. Pashupati spiring mill… أغلب هذه المصانع تعود للأسرة المالكة.

   إن واقع كون أهم المصانع في النيبال تعود ملكيتها للأسرة المالكة، يؤكد ما سبق لنا أن قلناه أعلاه من أن إلغاء الملكية يشكل جزء من التحويل الاشتراكي في البلد. إذ يمكنك أن تنزع شكليا اللقب “الملكي” عنهم، لكنهم سوف يظلون نفس الأشخاص الذين يضطهدون ويستغلون العمال والفلاحين النيباليين. إنه من المنطقي جدا أن يضاف إلى مطلب إلغاء الملكية، مطلب مصادرة أملاك الأسرة المالكة.

   ومشكلة الماويين هو أن طرح المسألة على هذا النحو يعني الانتقال بمسلسل متواصل نحو إنجاز مهمات الثورة الاشتراكية. وهذا يعني طرح مهمة الثورة الدائمة، كما فسرها تروتسكي. ويعني تطبيق دروس روسيا خلال أكتوبر 1917. إذ أن روسيا أيضا كانت بلدا متخلفا، لكنه لم يخطر أبدا للينين أن يحد أفق الثورة الروسية في إنجاز المهام البرجوازية. يتوجب على الماويين النيباليين أن يتعلموا من هذه التجربة.

   إن عمال الصناعات المذكورة أعلاه لا يجب أن يعاملوا كمكمل لجيش المغاوير. بل يتوجب أن يكونوا في مركز إستراتيجية الشيوعيين. يجب ألا يستعمل هؤلاء العمال كصنبور ماء يفتح ويغلق على هوى قادة الحزب. أما الآن فإنهم يستدعون للقيام بالإضرابات عندما يريد الحزب ذلك، ليتركوا بعد ذلك يعانون التبعات عندما يتراجع المغاوير نحو الجبال.

   إن مهمة حزب شيوعي حقيقي أي حزب ماركسي لينيني، هي تنظيم الطبقة العاملة في مراكز الإنتاج، في المعامل وفي الأحياء العمالية. ويجب أن يوضعوا في مقدمة صراع الطبقات في النيبال. إذ يمكنهم أن يصيروا عامل مد للثورة نحو عمال مناطق أخرى عبر كل جنوب آسيا.

   لقد لعب تصور الماويين دورا جد ضار، لأنه يدفع الطبقة العاملة إلى موقع سلبي في الثورة. بينما الطبقة العاملة في المدن- حسب تصور ماركس ولينين- هي الطبقة التي يجب على الحزب الشيوعي أن يستند عليها. لكن الماويين النيباليين وبالرغم من امتلاكهم لنقابة (ANTUF-R) يرفضون تنظيم العمال في أي شكل ديمقراطي ذو معنى. فهم من يقرر متى على الطبقة العاملة أن تتحرك، ومتى عليها أن تصمت. أما إذا تحرك العمال من دون موافقة الحزب “الكلي الجبروت” فإنهم قد يتعرضون للاعتداء الجسدي من طرف المغاوير، أو في أحسن الأحوال يتم تركهم لمصيرهم.

   هذا يضعف عمليا موقع “الشيوعيين”. فلو أنهم عملوا بوعي على بناء قواتهم بين صفوف الطبقة العاملة المدينية، لكانوا الآن في وضع أقوى. ولصاروا الآن على مشارف حسم السلطة. لكنهم بدل هذا أداروا ظهورهم للعمال الصناعيين. مما يمكن النظام من هامش أكبر للمناورة. وحيث أن الطبقة العاملة حائرة، بل ومنقسمة على نفسها. إذ أنها ترى حزبين “شيوعيين”، أحدهما يراهن على حرب عصابات القرى المستندة على الفلاحين ليس لديهم فيها أي دور حقيقي يلعبونه، بينما الآخر متورط في التعاون مع النظام البرجوازي الملكي في المدن. ولا احد منهما يقدم البديل بالمفهوم العمالي. وكلاهما بطريقة أو بأخرى يساهمان في تأبيد الرأسمالية.

   إن المشكل الذي يواجه الماويين النيباليين يتمثل في أن الثورة لا يمكن حصرها في حدود المرحلة البرجوازية الديمقراطية. فإذا ما تم حصرها هكذا فلن تكون سوى ثورة مجهضة.

   إن مهمة إلغاء النظام الملكي الملكية واستئصال الملاكين العقاريين، وغيرها من مهمات الثورة البرجوازية، لا يمكن لأي قسم من الطبقة السائدة النيبالية أن تتبناها. فمهام الثورة البرجوازية لا يمكن أن تتم أي على يد الطبقة العاملة. لكن وبمجرد ستبدأ الطبقة العاملة بالتحرك، سوف تمضي ابعد من “المرحلة” البرجوازية، كما هو شان مهمة مصادرة ملكية الأسرة المالكة. مما يعني أن الثورة لا يمكنها أن تنجح إلا إذا صارت ثورة اشتراكية.

   ليس من الممكن بناء سلطة العمال-الديمقراطية العمالية-على قاعدة حرب عصابات الفلاحين. طبعا لا ينكر الماركسيون دور الفلاحين. وهم في البلدان المتخلفة لا يزالون يشكلون قوة يمكنها أن تلعب دورا هاما إذا ما تحالفت مع الطبقة العاملة في المدن. إلا أن النضال من أجل سلطة العمال يعتبر صيرورة اجتماعية يجب أن تقاد من طرف الطبقة الأكثر تقدما في المجتمع، أي الطبقة العاملة. لا يتعلق الآمر هنا بنقاش مجرد، إذ يشكل هذا قضية حياة أو موت بالنسبة للثورة النيبالية. إذ أن الثورة الاشتراكية الظافرة، هي الطريق الوحيد لانتصار النضال ضد الإمبريالية.

   إن التجربة الصينية، التي تشكل نموذجا للماويين النيباليين، تتضمن العديد من الدروس الهامة جدا. فقد تمكن جيش المغاوير المستند إلى الفلاحين من إسقاط الرأسمالية الصينية والملاكين العقاريين فعلا. لكن دعونا لا ننسى أن منظور ماو لسنة 1948 لم يكن مبنيا على إسقاط الرأسمالية. إذ أن منظوره كان مشابها لذلك الذي نجده اليوم عند الماويين في النيبال. لقد كان يرى أن مرحلة ما بعد أخذ السلطة سوف تكون مرحلة لتطور علاقات رأسمالية حديثة ديمقراطية. بينما لن تطرح المهام الاشتراكية إلا بعد مائة عام على الأقل من التطور الرأسمالي. لكن الأمور لم تسر على هذا المنوال. إذ بهزمه لتشانغ كاي تشيك وجيوشه، كان ما وقد دمر عمليا الدولة البرجوازية القديمة. ولترسيخ حكمه عمل على السيطرة على الاقتصاد أيضا، إذ لم تكن هناك أية برجوازية “تقدمية” لتسيير الاقتصاد.

   لكن ليس هذا هو الدرس الوحيد الذي يمكن استخلاصه من التجربة الصينية. إذ بما أن الطبقة العاملة الصينية سنة 1949 لم تلعب، في أفضل الأحوال، سوى دور سلبي في هذا المسلسل. فإنه لم يكن هناك أي سلطة عمالية حقيقية. فالنظام الذي تم بناؤه (وبالرغم من كونه أكثر تقدمية مقارنة مع الرأسمالية التي أطيح بها) لم يكن نظام ديمقراطية عمالية. بل كان نظاما مشوها منذ بدايته. فالسلطة كانت في يد بيروقراطية الدولة، وليس في يد العمال. الشيء الذي جعل من إمكانية ظهور التفاوتات داخل المجتمع، ونشوء فئة محظوظة مسألة حتمية. اليوم وبعد أكثر من خمسين سنة، ها نحن ذا نرى نفس الفئة تقود الصين نحو إعادة الرأسمالية. فلأنه لم تكن الطبقة العاملة هي التي حسمت بشكل واع السلطة في الصين، يعتبر خطر عودة الرأسمالية مسألة غير مستبعدة. وهو ما نراه اليوم بوضوح. لهذه الأسباب تعتبر التجربة الصينية حافلة بالدروس لشيوعيي النيبال اليوم.

إن النيبال حلقة في سلسلة العلاقات الدولية

   لقد كان من بين أخطاء القيادة الصينية سنة 1949، نظرتها القومية الضيقة. إذ أن منظوراتهم لم تتجاوز حدود الصين. وهذا لأنهم كانوا يرون أن الثورة الصينية ثورة وطنية برجوازية ديمقراطية. إن هذه المقاربة تقف على طرف النقيض مع التقليد الماركسي الحقيقي. لكن وبالرغم من ذلك كانت للصين ميزة أنها بلد جد شاسع وهكذا أمكنها تحقيق مستوى معين من التطور، بالرغم من التشوه البيروقراطي. بينما النيبال بلد صغير جدا ومحاط بالأنظمة المعادية.

   لا يمكن بالنسبة للماركسي تبرير النظرة القومية الضيقة، إلا أنها في النيبال تشكل النقطة المركزية لفهم ضعف الموقف الماوي.

   إن الطبقة العاملة في النيبال اليوم، مثلها مثل جميع عمال “الأوطان” الأخرى، ليس لها وطن. ليس هذا راجع لكون ماركس قد قال ذلك. بل لأن مصالح العمال في النيبال هي نفسها مصالح العمال في باكستان والهند والبنغلاديش وفنزويلا. إضافة إلى مسألة أهم، هي أن الطبقة العاملة يمكنها أن تحسم السلطة، وتبدأ في إنجاز التحويلات الاشتراكية للمجتمع، لكن إذا لم تنتشر الثورة إلى بلدان أخرى، إذا لم تصبح الثورة أممية، فسوف تنهزم إن آجلا أم عاجلا، أو ستحتوي إمكانيات التبقرط. إذن تعتبر المهمة الأولى هي وضع الطبقة العاملة النيبالية على رأس الوطن. وللقيام بهذا يجب أن تمتلك منظماتها المستقلة الخاصة بها. ويجب كذلك أن تنتظم الطبقة العاملة عبر مجالسها المنتخبة ديمقراطيا في جميع أماكن العمل، في كل المناجم والمصانع.

   إلا أنه للثورة النيبالية العديد من الأعداء: الطبقة السائدة في الهند، البيروقراطية الصينية، الإمبريالية الأمريكية…الخ. والحليف الوحيد للفلاحين الفقراء والعمال النيباليين هم مضطهدو العالم. يجب حمل راية أممية للدفاع عن الثورة. وهو ما لن ينجزه برنامج الوحدة الوطنية ضد الإمبريالية- أي الوحدة بين العمال والفلاحين وبين الرأسماليين والملاكين العقاريين – إذ لماذا على العمال الهنديين والباكستانيين أن يدعموا النضال الدائر في النيبال إذا لم يكن هدفه سوى حمل احد أجنحة الطبقة السائدة الحالية إلى السلطة؟.

   أما إذا كان النضال في النيبال ضد أرباب العمل، ضد المستغلين، من أجل إقامة سلطة العمال، فسوف يفهم عمال باقي البلدان الأخرى بسرعة ضرورة دعم ذلك النضال، وسوف يسارعون بشكل غريزي إلى تقديم دعمهم له. إنه وبدون فهم طبيعة التأثير الذي سيكون لهذا النوع من التحرر الاجتماعي على كل شبه القارة الآسيوية، لا يمكن للمرء أن يطور سياسة ثورية منسجمة.

العلاقات الدولية والحرب على الإرهاب

   اكتشف الجيش الهندي مؤخرا في إحدى عملياته العسكرية قرب الحدود الهندية النيبالية، قواعد لـ(Naxalites) المحليين (ماويين هنديين مرتبطين بالمغاوير النيباليين) حيث يقوم ماويون من حزب التحرير الشعبي بتقديم تدريبات عسكرية. هناك علاقات جلية بين مختلف قوات المغاوير في هذه المنطقة إن هذا يعني أن (ح ت ش) يلعب دورا في رقعة الشطرنج في هذه المنطقة، والتي تتشكل من عدة قطع أخرى كما أنه يشكل جزءا مما يسمى “باللعبة الآسيوية الكبرى”

   إن الطبقة السائدة في الهند تعيش أزمة خانقة، كما دلت على ذلك الانتخابات العامة لهذه السنة، وسوف تكون جد مسرورة لو وجدت أي شيء تعمل به على تحويل الجماهير الهندية عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية. لقد لعبت الطبقة السائدة في الهند دائما دور قوة إمبريالية جهوية، وهي ترى أن النيبال تشكل جزء من “مجال نفوذها”. من تم فإنها ستكون جد مسرورة لمد نفوذها نحو النيبال، خاصة وأن الملكية النيبالية قد ارتمت في أحضان الإمبريالية الأمريكية لضرب المغاوير الماويين. وسوف يستخدمون مبرر “الحرب على الإرهاب” لإخفاء حقيقة ما سيقومون به.

   هناك انشقاق داخل الطبقة السائدة الهندية حول مسألة النفوذ الإمبريالي في المنطقة. إذ هناك من يؤيد تطوير تحالف مع الصين كقوة موازنة ضد النفوذ المتزايد للإمبريالية الأمريكية، ذات الحضور القوي في أفغانستان وبعض من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة التي لديها حدود مع المنطقة. بينما هنالك آخرون يمتلكون مقاربة أكثر إذعانا، يرون أن تنامي قوة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة مسألة حتمية، وشيئا لا يمكنهم وقفه، ويؤيدون الانفتاح أكثر على الإمبريالية الغربية والتحول إلى شريك تجاري جيد للغرب.

   إلا أن الجماهير الهندية غير راضية إطلاقا عن هذا الموقف الموالي للولايات المتحدة. ومن تم فإن التلاقي مع الصين يمكن أن يبدو أفضل. لكنه بالنسبة للبرجوازية الهندية ليس خيارا سهلا، إذ أن الانفتاح كثيرا على الصين لديه هو أيضا مشاكله، لأنه سوف يعني انفتاح السوق الهندية على المنتجات الصينية الرخيصة.

   من الواضح أن راسمي الإستراتيجية الأمريكية لا يريدون رؤية نشوء حلف هندي – صيني، وسوف يحاولون الحيلولة دون ظهور مثل هذه القوة. لكن المعادلة أصعب من هذا، فالولايات المتحدة قدمت دعمها للنظام الباكستاني في محاولة منها لتحقيق نوع من الاستقرار في أفغانستان وما يجاورها. وإذا ما حافظت الولايات المتحدة على دعمها لباكستان، فإنها سوف تخلق مشاكل في بناء علاقات وطيدة مع الهند، التي يريدون إبعادها عن الصين.

   لقد أعلنت الولايات المتحدة فكرة أنه على الحكومة الهندية أن تساعد في نشر قوات عسكرية في النيبال في إطار “الحرب على الإرهاب”. فإذا ما سمحت الطبقة السائدة في الهند بأي مرور للقوات الأمريكية أو قدمت أي مساعدة لهم بأي طريقة كانت لإدخال المعدات العسكرية إلى النيبال، فإن هذا سوف يصب الماء في ناعورة الماويين النيباليين وجميع تيارات اليسار والإسلاميين والقوميين المعارضين للحكومة الهندية.

   إن الطبقة السائدة في الهند ليست قادرة على القيام بهذا الآن. إن النخبة الحاكمة في النيبال لا تفتأ تبحث عن أصدقاء في كل مكان. وتتصرف كما لو أن أميرة شابة تبحث عن الفارس المنتظر: يمكن للجميع أن يقدم عرضا. لقد سبق للوزير الأول النيبالي السابق سوريا باهدور ثابا surya bahadur thapa أن قال بان حدوث تفاهم مع الهند يشكل السبيل إلى القضاء على التمرد الماوي. إن هذا يعني أنهم قد يحتاجون مساعدات عسكرية هندية في المستقبل القريب للتمكن من وضع حد للتمرد.

   الصين بدورها منهمكة في بناء شبكة من العلاقات تحضيرا لأي مواجهات مستقبلية(أكثر حدة من المواجهات الحالية) مع الولايات المتحدة. إن مثال تايوان واضح وكذلك مثال كوريا. ومن تم فإن البيروقراطية الصينية اليوم ليست جد راغبة في نشوء حكومة ماوية راديكالية في النيبال. في الوقت الذي يعملون هم فيه على حصار ماوييهم الصينيين، ويتقدمون بسرعة نحو الرأسمالية. سوف تكون إمكانية تقديمهم للمساعدة للماويين في النيبال نوعا من التناقض من جانبهم.

   إن هذا يعني أن الماويين معزولون فيما يخص الدعم الدولي. وسوف يبدو وصولهم إلى السلطة باعتباره عامل اضطراب في المنطقة وهو آخر ما يريده بيروقراطيو الصين والطبقة السائدة في الهند وجميع الأنظمة الأخرى في شبه القارة الآسيوية، خلال هذه الفترة.

   في الوقت الذي يدور فيه هذا الصراع من أجل مناطق النفوذ بين مختلف القوى في المنطقة، نجد الولايات المتحدة سعيدة بالتسلل إلى موقع أي واحد منهم. إن الدفاع عن “الديمقراطية” وحكومة متعددة الأحزاب هو ما تعتبره الولايات المتحدة الوسيلة للتغلب على الماويين والترويج للملكية النيبالية.

   لقد لخصت مساعدة سكرتارية الدولة لجنوب أسيا، كريستينا روكا، شهر ابريل الماضي الإستراتيجية الأمريكية قائلة: « إن حماية النظام الملكي الدستوري في النيبال، وديمقراطية التعددية الحزبية هو السبيل إلى هزم التحدي الماوي. يجب أن يتوحد القصر مع الأحزاب – بصورة مستعجلة – في ظل حكومة متعددة الأحزاب كخطوة أولى نحو إقامة الديمقراطية وبناء جبهة موحدة ضد التمرد الإرهابي».

   إن هذا التصريح مثله مثل غيره من التصريحات الصادرة عن البنتاغون، تحتاج إلى شيء من الترجمة إنه يعني أساسا: واصلوا يا شباب! فسوف نساعدكم في حربكم ضد “الإرهابيين”، لكن هذه المساعدة سوف تكون بالمقابل. حافظوا على الواجهة الديمقراطية وسوف نقدم لكم المواد الضرورية لكم في”حربكم”. وهكذا ستصبح مصالحنا التجارية وامتيازاتكم مضمونة!.

   هذا ما يفسر أسباب ضغط الولايات المتحدة وقوات عظمى أخرى على الملك جيانندرا للتصالح مع أحزاب المعارضة. وخلال بدايات شهر ماي، انعقد منتدى التنمية النيبالي بمشاركة عشرين بلدا مانحا ومنظمات مثل البنك العالمي. أسفر عن بيان يدعو إلى القيام بخطوات مستعجلة “لإعادة المسلسل الديمقراطي”. في نفس اليوم الذي نصب فيه دوبا وزيرا أولا، وافق البنك العالمي على منح مساعدة مالية من 40 مليون دولار. نحن نعرف من يسير البنك العالمي ونعرف الأسباب التي تجعلهم يقدمون مثل تلك المساعدات.

   إن هذه التجاذبات الدولية تحتم على الماويين بشكل مستعجل أن يراجعوا مجمل إستراتجيتهم. إذ أن طرقهم ومنظوراتهم سوف تجعلهم، بالرغم من نضج الشروط، يضيعون الفرصة التي سنحت لهم. إن فكرتهم حول تحقيق نوع من الثورة الوطنية الديمقراطية صارت يوتوبيا.

   فإذا لم يعملوا على الارتكاز على الطبقة العاملة النيبالية والارتباط بالحركة العمالية في الهند والصين وغيرها فإنهم سوف يعزلون أنفسهم. يتوجب عليهم أن يطوروا مقاربة أممية. فثورتهم لن تنتصر إلا إذا شكلت جزءا من الثورة الاشتراكية في كل جنوب أسيا. إن مصيرهم مرتبط بأوثق الأواصر مع مصير الحركة العمالية في الهند وباكستان.

   كما يتوجب عليهم أيضا أن يتوجهوا بالنداء الأممي إلى عمال الولايات المتحدة وأوربا واليابان الخ. إن مشكلة الماويين النيباليين تتمثل في كونهم لا يتوجهون بالنداء إلى الطبقة العمالية المتقدمة في أي من هذه البلدان، لأن طرقهم لا علاقة لها تذكر مع أفضل تقاليد البروليتاريا – النقابات الجماهيرية والنضال السياسي.

ما هو المخرج؟

   لقد وصلت الأزمة الحالية إلى مأزق. فطرق حرب العصابات أبانت عن محدوديتها. كما أن السياسة الإصلاحية التي ينتهجها الحزب الشيوعي النيبالي- الماركسي اللينيني الموحد، في المدن قد أبانت بدورها عن محدوديتها. ولهذا نجد أن نفوذ (ح ش ن – م ل م) قد بدا يتقلص لصالح الماويين في العديد من مناطق البلاد. كل هذا في الوقت الذي نجد فيه النخبة الحاكمة – والملك في مقدمتها- غير راغبين أو عاجزين عن تحقيق أي تطور للبلاد.

   إن ما تحتاجه النيبال بشكل مستعجل هو أن يقوم كل من (ح ش ن – م) و(ح ش ن – م ل م) بمراجعة برنامجهما وإستراتجيتهما وتكتيكاتهما ومنظوراتهما. إنه من الضروري الرجوع إلى التقاليد الحقيقية للماركسية واللينينية. ومن خلال هكذا صيرورة يمكن لحزب ماركسي حقيقي ببرنامج ثوري أن يقدم للعمال النيباليين والفلاحين الفقراء بديلا طبقيا واضحا. سيكون هذا هو السبيل إلى القطع مع العزلة والارتباط مع القوى الثورية في شبه القارة الجنوب آسيوية.

   إذا ما تم هذا سوف تصبح الثورة النيبالية الشرارة التي ستشعل كل شبه القارة، وستسير بكل آسيا حقا نحو الثورة الاشتراكية. وليس هنالك مخرج آخر.

بابلو سانشيز وفريد ويستون
شتنبر 2004

عنوان النص بالإنجليزية :

The civil war in Nepal intensifies

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *