الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / الشرق الأوسط / سوريا / لا للاعتداء الامبريالي على سوريا

لا للاعتداء الامبريالي على سوريا

من الواضح أن الامبريالية الأمريكية الآن بصدد اختلاق مبررات جديدة لشرعنة تدخل آخر “لتغيير النظام”، في سوريا هذه المرة. وقد تم وضع تقرير للأمم المتحدة حول سوريا يوم 20 أكتوبر الماضي، بعدما وجه رئيس لجنة التحقيقات ديتليف ميليس اتهامات لمسؤولين سوريين كبار بالضلوع في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

  قُتل رئيس الوزراء اللبناني السابق، إضافة إلى 22 شخص آخرين، إثر انفجار سيارة مفخخة في بيروت يوم 14 فبراير. وقد أدى هذا الحدث إلى وقوع العديد من التطورات، كان أولها انسحاب القوات السورية من لبنان، ثم تهديد الولايات المتحدة لسوريا، بفرض العقوبات بل وحتى شن الحرب عليها.

  إن تقرير الأمم المتحدة لا يشير مباشرة إلى تورط الرئيس بشار الأسد، لكنه يقول أن مسؤولين أمنيين سوريين متورطين في العملية. نفس التقرير يزعم أن وزير الخارجية السوري، فاروق الشرع، قد كذب في رسالة وجهها إلى المحققين. وذكر أحد الشهود، محمد زهير صديق، أن صهر بشار الأسد، عاصف شوكت متورط هو أيضا.

  حسب تقرير لقناة BBC، يعتبر أهم اتهام وجهه ميليس هو كون الرئيس اللبناني إميل لحود (الذي يعتبر حليفا رئيسيا لسوريا) قد تلقى مكالمة من أحد أهم المتورطين في العملية، يخبره فيها بأن الاغتيال سوف يتم. لقد أنكر لحود هذا الاتهام وأدعى أن التقرير يهدف إلى ضرب مصداقيته.

  من جانبها أكدت الحكومة السورية أنها قد تعاونت بشكل وثيق مع لجنة التحقيق الدولية وأنها تريد كشف حقيقة المتورطين في عملية اغتيال رفيق الحريري، كما أكدت على أن سلسلة الأحداث التي أدت إلى اغتيال الحريري قد أضرت بمصالح سوريا التي كانت اكبر الخاسرين من حدوث هذه الجريمة. وأضافت الحكومة السورية أنها استجابت لجميع مطالب مليس.

  وأضاف البيان السوري أن سوريا تركت لرئيس اللجنة حرية اختيار المكان الذي يفضل فيه الاستماع إلى الشهود وأنه هو الذي فضل أن يكون المكان قرب الحدود السورية اللبنانية، في منطقة تقع تحت السيطرة الكاملة للأمم المتحدة. وأشار أيضا إلى أن السيد مليس قد توصل بملف كامل عن جرائم المختلس الشهير محمد زهير صديق (المصدر: www.syrialive.net/Media/news/news.htm)

  وهكذا يظهر أن الشاهد الرئيسي ضد المسؤولين السوريين لص. ذكرت التقارير أنه اتصل بأخيه مؤخرا يقول له: «لقد صرت مليونيرا! ». لكن عندما يكون الهدف هو اختلاق المبررات، لا يجد بوش وأصدقاؤه أي مشكل في استخدام مجرمين مشهورين. بل إنهم يشعرون بالألفة عندما يكونون مع مثل هؤلاء.

  إن بشار الأسد ليس هو صدام حسين، الذي يمكن استعمال نظامه الدموي كحجة من طرف بوش وبلير لشرعنة إسقاط حكمه. إنه لم يستعمل مطلقا “أسلحة للدمار الشامل” – المصنعة أمريكيا – ضد أي من جيرانه. إن ما تلومه عليه الولايات المتحدة، هو بطء وتيرة خوصصة الاقتصاد السوري – التي ستمكن الشركات الأمريكية من التحكم فيه – بسبب المعارضة القوية التي يجدها بين صفوف رجالات الجيل القديم داخل الدولة.

  فقط بأخذنا لهذا بالاعتبار، يمكننا أن نفهم لماذا صادق مجلس الأمن الدولي بالإجماع، يوم الاثنين، على مقرر يطالب سوريا بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري. ويطالب التقرير سوريا بأن تعتقل أي شخص تعتبره اللجنة مشتبها فيه وتترك للمحققين مسألة تحديد المكان والظروف التي يستجوبون فيها ذلك الشخص.

  إن هذا المطلب يتجاهل كليا أن الرئيس السوري قد تعاون بشكل وثيق مع المحققين وأنه أصدر أيضا مرسوما تحت رقم 96-2005 يطلب فيه تشكيل لجنة قضائية خاصة للتحقيق في عملية اغتيال الحريري.

  وحسب وكالة الأخبار (SANA) فإن المرسوم « طالب اللجنة بالتعاون مع اللجنة الدولية ومع السلطات القضائية اللبنانية في كل ما يتعلق بإجراءات التحقيق التي وضحها المرسوم».

  لقد كان لوزيرة الدولة الأمريكية، كوندليزا رايس، الوقاحة الكافية لتصرح قائلة: « من خلال قرارنا اليوم، أظهرنا أن سوريا قد عزلت نفسها عن المنتظم الدولي، بسبب بياناتها الخاطئة ودعمها للإرهاب وتدخلها في شؤون جيرانها وممارستها المثيرة للاضطرابات في الشرق الأوسط » وأضافت أنه: « على الحكومة السورية الآن أن تتخذ قرارا استراتيجيا لتغيير سياساتها بشكل جوهري ».

  إسرائيل دخلت بثقلها في الموضوع ولم يتفاجئ أحد عندما طلبت الحكومة الإسرائيلية بأن تتواصل الضغوط على سوريا، بحجة أن هذه الأخيرة تدعم الإرهاب الفلسطيني. يزعم التقرير الأممي الغامض، أن شخصيات رفيعة في الحكومة السورية متورطة في اغتيال الحريري وهو ما يعتبر بمثابة طلب من سوريا أن تتخلى عن سيادتها. ما هي السلطة السياسية والمعنوية التي تعطي للأمم المتحدة الحق في أن تطلب مثل هذا الطلب؟

  لقد كانت رايس محقة عندما شبهت قرار الأمم المتحدة بالقرار الأمريكي. من المفترض، على الورق، أن تكون الأمم المتحدة جهازا يمثل جميع بلدان العالم ويعارض الحروب والشطط في استعمال القوة. إذا كان هذا صحيحا لماذا إذن لا تشكل الأمم المتحدة لجنة تحقيق في الجرائم الاستعمارية وتطلب من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل أن تسلم بوش وبلير وشارون وأن يسمح للمحققين أن يحددوا مكان وظروف التحقيق مع هؤلاء الثلاثة؟ ماذا بخصوص تحقيق مستقل حول جرائم الولايات المتحدة في الفلوجة؟ ماذا عن المطالبة بالتحقيق في اتهام هؤلاء المشتبهين الثلاثة بارتكابهم جرائم حرب ؟

  يمكننا أن نرى ابتسامات المكر! لقد أثبت تاريخ الأمم المتحدة في العراق أنها وبدل معارضة الحرب الإمبريالية على الشعب العراقي، وفق ما هو مسطر في ميثاقها, وقفت في صف الولايات المتحدة بشكل واضح أو اكتفت بالتفرج.

  فلنتذكر السنوات الثلاثة الماضية, يوم الجمعة 8 نوفمبر2002, صوت نفس مجلس الأمن على توصية تطالب العراق بالسماح للمفتشين الدوليين بالدخول إلى العراق للبحت عن أسلحة الدمار الشامل. وقد تعاون العراق بشكل كامل، ولم يتم العثور على أية أسلحة من ذلك النوع, مما جعل الأمم المتحدة لا توافق على شن الحرب على العراق.

  إلا أنه وبالرغم من ذلك واصلت الولايات المتحدة وبريطانيا خططهما لغزو العراق, في مارس 2003 ولوقف الانتقادات الدولية, طلب بوش وبلير مساندة الأمم المتحدة وهو الشيء الذي حصل عليه عبر مقرر مجلس الأمن 1483.

  شهران بعد الإعلان عن نهاية الحرب وكسبها، عين الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ممثلا خاصا له في العراق وتولت الأمم المتحدة بعض المهام هناك. هكذا تماهت الأمم المتحدة بشكل واضح بالحرب الغير الشرعية واحتلال العراق، لكن في غشت 2003 انفجرت قنبلة أدت إلى مقتل 15 موظف أممي من بينهم الممثل الخاص وهو ما دفع بالأمم المتحدة إلى مغادرة العراق وأخذ مسافة عن الأحداث لمدة من الزمن.

  في شهر فبراير2004 وبسبب الضغوط الأمريكية القوية, وافقت الأمم المتحدة على العودة والمساعدة في تشكيل الحكومة المؤقتة الألعوبة. ومنذ ذلك الحين أيدت أيضا عملية انتخاب حكومة ألعوبة جديدة وصفقت لجميع تحركات الاحتلال الامبريالي.

  من هنا نرى كيف يمكن للإمبرياليين أن يفبركوا بسهولة المبررات, يمكنهم أن يخترعوا أية حجة لتبرير استهدافهم لبلد ذا سيادة, ليسقطوا حكومته ويفرضوا الاحتلال العسكري المباشر عليه أو ينصبوا عملاء لهم في “السلطة”.

  في الوقت الحالي، تراجع مجلس الأمن عن تهديداته بفرض العقوبات على سوريا بعدما عارضت كل من روسيا والصين بقوة مقترحات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا, لكن التهديد لايزال قائما, إذ أن القرار يؤكد أنه إذا لم تتعاون سوريا فإن « المجلس قد يلجأ، عند الضرورة, إلى إجراءات أشد. » وقد أدان وزير الخارجية السوري, فاروق الشرع, قرار مجلس الأمن قائلا أن سوريا متهمة بجريمة لم ترتكبها.

  إن كل من تتبع الأخبار الآتية من الشرق الأوسط, يعرف حقيقة أن الولايات المتحدة وبالطبع إسرائيل تريدان تغيير النظام في سوريا. إنهما يزعمان أن سوريا بلد داعم للإرهاب ضد إسرائيل وضد الولايات المتحدة في العراق. وهكذا فإن المؤكد هو أنهم قرروا التخلص من بشار الأسد قبل حادثة اغتيال رفيق الحريري بزمن طويل.

  يمكن للمرء الإطلاع على وثيقة منشورة على صفحات الانترنيت. تحت عنوان: “A clean break: A new strategy for securing the realm” بقلم كُتّاب من المحافظين الجدد نذكر من بينهم ريتشارد بيرل، جيمس كولبرت، شارلز فيربانكس، ج ر دوغلاس فيث، روبرت لوينبرغ، دافيد ويرمسر وميراف ويرمسر بالنيابة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو سنة 1996. وجميع هؤلاء الكتاب أعضاء سابقون أو حاليون في الإدارة الأمريكية.

  لقد دعت هذه الوثيقة إلى اغتيال ياسر عرفات وتدمير السلطة الفلسطينية وفي نفس الوقت قلب الأنظمة السائدة في كل من بغداد ودمشق, باعتبار ذلك شرطا مسبقا “لدمقرطة” العالم العربي علي الطريقة الأمريكية. كما دعت أيضا إلى الحرص على استثمار التفوق الإسرائيلي في المنطقة. ومن المفيد أن نستشهد ببعض المقاطع منها.

  فيما يتعلق بسوريا نجدها تقول تحت عنوان “تأمين الحدود الشمالية”:

  « تتحدى سوريا إسرائيل على الأرض اللبنانية..إن نهج مقاربة فعالة، بتأييد أمريكي، سوف يتحقق إذا ما أخذت إسرائيل المبادرة الإستراتيجية على طول حدودها الشمالية في محاربة حزب الله وسوريا وإيران باعتبارهم المسببين الرئيسيين للاعتداءات التي تحدث في لبنان, وذلك باتخاذها عدة تدابير من بينها:

  – ضرب البنى التحتية لتجارة المخدرات والتزوير السورية في لبنان، التي تتركز جميعها في يد غازي كنعان.

  – ردع الممارسات السورية، عبر تذكيرها بأن أراضيها ليست بمنأى عن الهجمات التي تشن انطلاقا من لبنان بواسطة قوات موالية لإسرائيل.

  – ضرب أهداف عسكرية داخل سورية في لبنان, وإذا ما تبين أن هذا غير كاف, يتوجب ضرب أهداف منتقاة داخل سوريا.

  ويجب على إسرائيل أيضا أن تنتهز هذه الفرصة لتذكر العالم بطبيعة النظام السوري..إذ أن سوريا تتنصل دائما من تعهداتها, حيت انتهكت العديد من المعاهدات مع تركيا وغدرت بالولايات المتحدة بمواصلتها لاحتلال لبنان، مما يعتبر انتهاكا لمعاهدة الطائف 1989. وفي المقابل نظمت انتخابات مزيفة, نصبت من خلالها نظاما ألعوبة وأرغمت اللبنانيين على توقيع “معاهدة صداقة” سنة 1991 قضت من خلالها على سيادة لبنان. ومنذ ذلك الحين وسوريا تستعمر لبنان بمئات الآلاف من السورين, في الوقت الذي تقتل عشرات الآلاف من مواطنيها هي دفعة واحدة، كما كان عليه الحال، خلال ثلاثة أيام فقط، في حماة سنة1983(…).

  إن إجراء المفاوضات مع نظام قمعي كالنظام السوري يقتضي عقلانية حذرة..إذ أنه لا يمكن للمرء أن يثق في حسن نوايا الطرف الآخر، إنه من الخطر على إسرائيل أن تتعامل بسذاجة مع نظام يقتل شعبه ويعادي بشكل واضح جيرانه ومنخرط بطريقة إجرامية في التجارة العالمية للمخدرات والتزوير ويدعم أكثر المنظمات الإرهابية تطرفا.

  بالنظر إلى طبيعة النظام القائم في دمشق، يصبح من الطبيعي والأخلاقي, أن تعمل إسرائيل على التخلي عن شعار “السلام الشامل” وأن تتحرك لاحتواء سوريا وتولي أهمية لبرنامجها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل. وأن تتخلى عن اتفاقية “الأرض مقابل السلام” حول مرتفعات الجولان(…)

  وعلينا أن نميز بشكل واع وواضح الأصدقاء من الأعداء. علينا أن نتأكد أن أصدقائنا في الشرق الأوسط لا يشكون مطلقا في ثبات وقيمة صداقتنا.

   يمكن لإسرائيل أن تشكل محيطها الاستراتيجي بتعاون مع تركيا والأردن، عبر إضعاف سوريا واحتوائها, بل وحتى ضربها.. إن هذا المجهود يمكنه أن يتركز على إبعاد صدام حسين من السلطة في العراق – وهو ما يعتبر هدفا استراتيجيا مهما بالنسبة لإسرائيل- وسيؤدي إلى إحباط أطماع سوريا في المنطقة. لقد تصدى الأردن مؤخرا لأطماع سوريا في المنطقة باقتراحه لإعادة تنصيب الأسرة الهاشمية في العراق(…).

  والشيء الأكثر أهمية هو أن لإسرائيل، كما هو معروف, المصلحة في تقديم دعم دبلوماسي وعسكري ولوجيستيكي للعمليات التي تقوم بها تركيا والأردن ضد سوريا, من قبيل تأمين تحالف قبلي مع القبائل العربية التي تمر عبر التراب السوري والمعادية للنخبة السورية الحاكمة ».

  ليس هنالك من شك الآن أن العديد من اللبنانيين قد تعبوا من التواجد السوري في لبنان. لكن يجب علينا أن نتذكر أنه في الماضي كانت الحكومة اللبنانية هي من طلب من سوريا التدخل للمساعدة في وقف الحرب الأهلية. وقد تم هذا بدعم ضمني من إسرائيل التي كانت في حاجة لسوريا لحماية حلفائها المسيحيين في لبنان. لا يمكن أن يقال هذا عن الولايات المتحدة في العراق اليوم!

  كما سبقت الإشارة, لم يتم ذكر العقوبات في القرار الأممي الحالي وذلك بسبب الضغط الروسي, لكن هذا يمكنه أن يتغير في المستقبل.

  في غضون ذلك, دعا الأردن, كلب الإمبريالية الصغير في المنطقة, سوريا يوم الاثنين الماضي إلى التعاون مع المحققين وصرح نائب رئيس الوزراء الأردني, مروان معشر أن بلده « تؤمن في أهمية تعاون جميع البلدان…حتى يتم كشف الحقيقة [حول مقتل الحريري] » لقد عبر هذا الثعلب الصغير عن الأمل « في أن يتمكن المنتظم الدولي من حل جميع المسائل العالقة مع سوريا بشكل أخوي عبر الحوار».

  إن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل, خبيران طبعا في إرهاب الدولة..إذ وقبل كل شيء يعتبر حكام هذين البلدين أهم صناع الإرهاب في العالم. يتهمون سوريا بإيواء الإرهابيين. لقد سبق لبوش أن قال مرارا وتكرارا أن كل من يوفر الملجأ للإرهابيين أو يساعدهم يعتبر إرهابيا هو أيضا مما يبين أن نفاقه بلا حدود.

  إن بوش يتناسى عن طيب خاطر حقيقة أن الولايات المتحدة, تعمل الآن على إيواء إرهابيين كوبيين لاجئين لديها وخاصة منهم لويس بوسادا كاريلس. إن هذا الأخير متهم بكونه كان العقل المدبر لتفجير طائرة كوبية سنة 1976 والذي خلفت مقتل 73 من الأبرياء.

  وقد كان معتقلا في أحد السجون الفنزويلية في انتظار محاكمته على هذه الجريمة، عندما فر سنة 1985..إن فنزويلا طالبت منذ فترة طويلة باستعادته ولازالت تطالب بذلك.

  ليست جرائمه سرا مجهولا, إذ من الممكن إيجاد أخبارها حتى لدى الصحافة الأمريكية…إذا توفرت الرغبة في ذلك. وحسب واين, س, سميث من Sun Sentinel في جنوب فلوريدا (27اكتوبر2005):

  «لقد تباهى [لويس بوسادا كاريلس] في تصريح له لصحيفة النيويورك تايمز سنة 1998, بأنه أعطى الأوامر بتفجير عدد من الفنادق السياحية في هافانا, وهو العمل الذي أدى إلى مقتل سائح إيطالي وجرح أشخاص آخرين.

  وفي سنة2000, تم اعتقاله في بنما وأدين بتهديد الأمن العام بسبب تورطه في مؤامرة اغتيال فيدل كاسترو, عبر تفجير قاعة محاضرات كان من المفترض أن يلقي فيها كاسترو خطابا أمام حضور يقدر عدده ب 1500 شخص. يمكن للمرء أن يتخيل حجم المذبحة والآلام التي كان سوف يسببها هذا الفعل الإجرامي, لو نجح.

  لقد تمكن بوسادا من الوصول إلى ميامي واستقر فيها ما بين شهر مارس وماي من هذه السنة دون أية مضايقة من سلطات الولايات المتحدة. ولم تجد وزارة الداخلية الأمريكية نفسها مجبرة على اعتقاله إلا في منتصف شهر ماي بعدما قام بوقاحة بتنظيم مؤتمر صحفي.

  وعندها وبالرغم من قيام الحكومة الفنزويلية بتقديم طلب رسمي بتسليمه لها لم يتم إدانته إلا بتهمة الدخول الغير الشرعي إلى الأراضي الأمريكية وأرسل إلى إيل باسو (El Paso) للتحقيق معه من طرف إدارة الهجرة وهو التحقيق الذي تحول إلى مجرد مسرحية.

  لم يستدعي محام بوسادا سوى شاهد واحد هو خواكين شفرديت (Joaquin Chaffardet) الذي ادعى وبدون تقديم أي دليل أن المتهم سوف يتعرض للتعذيب إذا ما تم ترحيله إلى فنزويلا. وكالة الهجرة والجمارك لم تقدم أي شهادة ولم تقم بأي بحث حول شفرديت، لأنه لو تم ذلك لوجد القاضي أن شفرديت لا تتوفر فيه مطلقا صفة الشاهد الموضوعي. إذ كان طيلة الأربعين سنة الماضية واحد من شركاء بوسادا المقربين، لقد كان رئيسه السابق في وكالة المخابرات الفنزويلية وهو الآن محاميه هناك. واعتمادا على شهادته الزائفة ولا شيء غيرها قرر قاضي الهجرة أن بوسادا سوف يتعرض للتعذيب إذا ما تم ترحيله إلى فنزويلا. أما كل الضمانات التي قدمتها الحكومة الفنزويلية بأن تتم محاكمته في ظل شفافية مطلقة فإنها بدون قيمة رغم أنه لم تقدم في المقابل أية أدلة موثوقة حول إمكانية تعرضه للتعذيب.

  في أثناء ذلك تقدمت فنزويلا مرة أخرى يوم 15 يونيو بطلب رسمي إلى حكومة الولايات المتحدة لترحيله إلى فنزويلا لكنه وعلى ما يبدو لم يكن – ولن يكون – للولايات المتحدة أي نية في تسليمه. أغلب الظن هو أنه سوف يظل في المعتقل لفترة من الزمن بتهمة الدخول الغير الشرعي إلى الولايات المتحدة وبعدها سوف يطلق سراحه.

  بعبارة أخرى سوف تقوم إدارة بوش بتوفير الملجأ لإرهابي آخر ينضاف إلى أمثاله من قبيل أورلاندو بوش الذي يعيش حرا طليقا في ميامي منذ 1989»

  من كل هذا يمكننا أن نرى إذن أن إدارة بوش وخدامها الأوفياء في الأمم المتحدة لا يشعرون بأي حرج في الكيل بمكيالين، إنهم يستطيعون فعل كل ما يريدون لأنهم يمتلكون القوة. وفقط الضعفاء هم الذين يتوجب عليهم الامتثال للقانون، ذلك القانون الذي سطره الأقوياء.

  إن الولايات المتحدة غارقة الآن في المستنقع بالعراق. ومؤخرا فقدوا جنديهم رقم 2000. والمعارضة الداخلية وفي كل العالم متزايدة باستمرار. إن العراق ورطة للأمريكيين. لكنهم مصممون على إخضاع كل من لا ينضبط مائة في المائة لمخططاتهم وهذا هو حال سوريا اليوم. لا يتعلق الأمر هنا بالبحث عن حقيقة من قتل رئيس الوزراء اللبناني السابق. إن المسالة تتلخص في إجبار سوريا على إتباع تعليمات الولايات المتحدة في كيفية تسيير شؤونها ومن يحكمها والسياسة الاقتصادية التي يجب عليها تطبيقها وهذا هو الأهم.

  إن النظام السوري ليس نظاما سليما إنه نظام يضطهِد شعبه. إنه يواصل في الواقع تطبيق برنامج الخوصصة وغيرها رغم أن ذلك ليس بالوثيرة التي تريدها الولايات المتحدة. لكن ليست الإمبريالية الأمريكية من يملك الحق كي تفرض على الحكومة السورية ما يجب عليها القيام به. ارفعوا يدكم عن سوريا ! دعوا الطبقة العاملة السورية تقرر مصيرها بدون أي تدخل إمبريالي.

يوسي شوارتز من إسرائيل
02 نونبر 2005

  عنوان النص بالإنجليزية:

  US hands off Syria

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *