انعقد، خلال أيام 22، 23 و24 فبراير الماضي، في قاعة تحالف عمال النقل، المؤتمر الوطني الثالث عشر للتيار الماركسي Militante، الفرع المكسيكي للتيار الماركسي الأممي. لم يكن هناك من مكان أفضل لعقد هذا المؤتمر أفضل من ذلك المكان، حيث أن النشاط نظم في مقر نقابة طبقية تمتلك تاريخا طويلا من النضال، والذي يمتد طيلة ما يقارب قرنا من الزمن.
افتتحت أشغال المؤتمر بكلمة الترحيب بالمؤتمرين، التي تلاها الرفيق غوستابو أورتيغا، سكرتير الشؤون السياسية داخل نقابة تحالف عمال النقل. أكد الرفيق غوستابو أورتيغا في خطابه على أهمية مؤتمر التيار الماركسي Militante، نظرا لكونه ينظم بتزامن مع الذكرى 160 للبيان الشيوعي. وليس هناك من شك، على حد تعبير الرفيق، حول راهنية عمل ماركس وإنجلز هذا.
لقد أدى اتفاق الحاضرين مع التحليل الذي قدمه ممثل نقابة تحالف عمال النقل وكلمة الترحيب الرائعة بمندوبينا إلى اندلاع موجة من التصفيق من طرف الحضور وخلقت جوا نضاليا وثوريا رائعا انطلقت معه أشغال المؤتمر.
خصص اليوم الأول لنقاش مفصل لمنظورات للصراع الطبقي على الصعيد الأممي، وقد قدم هذا النقاش الرفيق خوان إغناسيو راموس، مندوب التيار الماركسي الأممي ورئيس المؤسسة الإسبانية فريديريكو إنجلز. خلال هذا الاجتماع ناقش المؤتمرون السمات الشديدة الارتباط المتعلقة بالأزمة السياسية بباكستان وحركة الإضرابات في أوروبا وتطور الثورة في أميركا اللاتينية، مركزين خصوصا على الثورة البوليفارية الفنزويلية والثورة الكوبية، التي عرفت انعطافة حرجة بعد استقالة فيدل كاسترو.
وقد ناقشوا كذلك منظورات الاقتصاد العالمي، شارحين تأثير الإمبريالية الأمريكية عليه واتجاه هذه القوة الاقتصادية الجبارة نحو ركود اقتصادي مما سيضع مجمل الاقتصاد العالمي في وضعية جد معقدة وسيخلق أيضا جوا من التوترات الهائلة والاضطراب الدبلوماسي، وسيرغم كذلك البرجوازية على اتخاذ إجراءات أكثر قسوة ضد للعمال.
لكن وبالرغم من هذا الوضع المضطرب كليا، فإن الطبقة العاملة، من جهة أخرى، وبدل أن تتقبل هذه الهجمات بخنوع، تواصل إعطاء الدلائل على أنها لم تعد مستعدة لتحمل المزيد من الهجمات من طرف الرأسمالية بدون النضال بطريقة شرسة. يبدو هذا واضحا جدا في مناطق كاملة كأمريكا اللاتينية، لكن أيضا في عدة بلدان أخرى بآسيا، ومثال باكستان يوضح بشكل جيد هذا المسلسل، وحتى في أوروبا نفسها والتي شهدنا فيها خلال السنوات الأخيرة تحركات وإضرابات مهمة جدا في بلدان مثل اليونان، ايطاليا، فرنسا وإسبانيا.
إن الهجوم الذي تشنه الرأسمالية في نفس الوقت الذي يقوي فيه العمال حماسهم للنضال، يجعلنا نعتقد أن الظروف تتحضر لحدوث مواجهات بين الطبقات بحدة لم نرها خلال العقود الأخيرة الماضية.
اليوم الثاني من المؤتمر خصصناه لتقييم المسلسل الثوري الجاري بالمكسيك منذ انتفاضة أواكساكا والنضال ضد التزوير الانتخابي سنة 2006 ومنظورات النضال الطبقي في بلدنا، وكذلك النقاش حول تكتيك الماركسيين للتدخل في النقابات.
صادقنا خلال المؤتمر مرة أخرى على خلاصاتنا بخصوص كون المكسيك قد دخلت سنة 2006 المسار الثوري الذي تسير فيه أمريكا اللاتينية وأن هذا الوضع مستمر على نفس الحال حتى الآن، بالنظر إلى إفلاس الرأسمالية المكسيكية العاجزة حتى عن تقديم الحد الأدنى من الحلول للمشاكل الملحة للطبقة العاملة، وإلى الروح النضالية العالية التي تضطرم في صفوف البروليتاريا.
شرحنا أنه، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية للبلد، ليس لدى كالديرون، الذي يمثل نظاما ضعيفا ومقسما، أي طريق آخر سوى شن المزيد من الهجمات، مثل مشاريع خصخصة “PEMEX” وإصلاح قانون الشغل الفيدرالي التي يتم التحضير لها، وهو الشيء الذي سوف يواجه بمقاومة شرسة من طرف العمال. كل هذا يحضر الساحة لحدوث صدام عنيف جديد بين الطبقات، سيكون مشابها أو متجاوزا في حدته للأحداث التي عشناها خلال سنة 2006.
على قاعدة هذا التصور لمنظورات النضال الطبقي أمميا ووطنيا، انتقلنا إلى اليوم الثالث من المؤتمر الذي خصصناه لتقييم تدخل تيار Militante في النضالات العمالية، وكذلك الإجراءات الضرورية لتقوية بنياته الداخلية التي ستعطيه ضمانات أفضل للتدخل في الأحداث المستقبلية المتفجرة للصراع الطبقي بالمكسيك.
كانت الخلاصة الأكثر أهمية لهذا التقييم هي التأكد من أن Militante قد تجاوز بنجاح المخاطر التي فرضها النضال الطبقي خلال المرحلة الماضية، من قبيل مشاركتنا في الانتفاضة الثورية بأواكساكا وفي النضال ضد التزوير الانتخابي. لقد برهنا طيلة أحداث سنة 2006 بشكل لا ريب فيه على صحة أساليبنا وتوجهنا نحو المنظمات العمالية التقليدية والنقابات وحزب الثورة الديمقراطية. على سبيل المثال، بفضل توجهنا هذا استطعنا نشر الأفكار الماركسية بين مئات الآلاف من الشباب والعمال الذين انطلقوا في النضال دفاعا عن الانتخابات، بعد التزوير الذي قاد كالديرون إلى السلطة. هذا النضال، الذي يعتبر أهم التحركات الجماهيرية التي عرفتها بلادنا منذ عشرات السنين، عبر عن نفسه من خلال حزب الثورة الديمقراطية، مما وسع من نفوذ الماركسيين أعضاء Militante حيت استطاعوا خلال أسابيع قليلة بيع 21 ألف نسخة من جريدتهم العمالية. لقد تحقق هذا بفضل توجهنا نحو المنظمات التقليدية والقدرة التنظيمية لتيارنا الماركسي، الذي وجد نفسه مرغما طيلة تلك الأسابيع من النضال على إصدار جريدة Militante بشكل أسبوعي، وليس شهريا كما جرت العادة، وذلك من أجل الاستجابة لحماس العمال وتعطشهم إلى الأفكار الماركسية.
والاختبار الآخر الذي كان على Militante مواجهته وتجاوزه كان هو الهجمات المتكررة التي شنتها الدولة ضدنا، والتي أدت إلى اعتقال العديد من الرفاق خلال شهر غشت من سنة 2007، والذين ناضلوا إلى جانب مئات من الشباب المنظم في حركة الطلبة الغير المقبولين في الجامعة (MENA) من أجل الحصول على مقعد في جامعتي IPN (معهد البوليتكنيك الوطني) وUNAM (جامعة المكسيك الوطنية المستقلة). إلا أنه وبفضل إجابة صحيحة وفورية من طرفنا ومن طرف التيار الماركسي الأممي، إلى جانب تنظيم مظاهرات دعم رائعة وحركات تضامنية من طرف الطبقة العاملة، تمكنا من فرض إطلاق سراح رفاقنا المعتقلين في السجن الشمالي بعد تسعة أيام وإطلاق سراح الرفيق “فرانسيسكو خاي”، الذي كان معتقلا بسجن الأحداث، بعد ما يزيد قليلا عن عشرين يوما من النضال لإطلاق سراحه.
إن تغلبنا على الصعاب التي وضعها في وجهنا النضال الطبقي وتجاوزنا لها قد أعطى، من وجهة نظرنا، الدليل على مصداقية تيارنا Militante كخيار للحركة العمالية. لقد كانت هذه واحدة من أهم خلاصات مؤتمرنا والتي على أساسها حددنا طرق استمرار نشر الأفكار الماركسية بين العمال.
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين من حضر المؤتمر الوطني الثالث عشر للتيار الماركسي Militante كان هناك رفاق من “جبهة الشعوب من أجل الدفاع عن الأرض”، ومن “كثلة العمال الديمقراطية” التابعة لمعهد البوليتكنيك الوطني، وعمال منظمين للدفاع عن “قانون مؤسسة التأمين والخدمات الاجتماعية لعمال القطاع العمومي” (ISSSTE). أخذ هؤلاء الرفاق الكلمة من أجل توجيه تحية إلى المؤتمر والتعريف بالنضال الذي يخوضونه. هذا الحدث، إلى جانب عرض شريط فيديو يوثق لمسيرة ثمانية عشرة سنة من نضال تيارMilitante دفاعا عن الماركسية، خلق جوا حماسيا سمح للمؤتمر بأن ينهي أشغاله بشكل جد كفاحي وجد حماسي، وهو ما انعكس بوضوح من خلال ترديد نشيد الأممية كآخر نشاط قام به المؤتمر الوطني الثالث عشر للتيار الماركسي Militante.
لقد أكدت تطورات ونتائج هذا المؤتمر الطبيعة الثورية لتيار Militante وخلقت قاعدة صلبة لمنظمتنا، ذات الثمانية عشر ربيعا من عمرها، لمواصلة نشر أفكار ماركس، إنجلز، لينين وتروتسكي في قلب الحركة العمالية والاستمرار في العمل من أجل بناء حزب قادر على أن يصبح خيارا جماهيريا لنضال البروليتاريا ضد البرجوازية ومن أجل الاشتراكية.
أيها الرفاق الشباب والعمال، انضموا إلى Militante وناضلوا من أجل بناء خيار ثوري للحركة العمالية.
Militante – المكسيك
الخميس: 28 فبراير 2008
عنوان النص بالإسبانية :
El XIII Congreso Nacional de la Tendencia Marxista Militante