الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / الشرق الأوسط / إيران / التضامن مع حركة الجماهير الإيرانية – بيان التيار الماركسي الثوري (فنزويلا)

التضامن مع حركة الجماهير الإيرانية – بيان التيار الماركسي الثوري (فنزويلا)

ردا على التصريحات الأخيرة للرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، بخصوص إيران والتي أبدى خلالها دعمه لنتائج الانتخابات ولأحمدي نجاد، أصدر التيار الماركسي الثوري [الفرع الفنزويلي للتيار الماركسي الأممي] هذا البيان التضامني مع الجماهير المنتفضة في إيران. وقد عبر في هذا البيان عن دعمه لحركة الجماهير الإيرانية وشرح الاختلاف القائم بين الحركة الثورية في فنزويلا، وبين النظام الرجعي المعادي للثورة القائم في إيران.

الثورة البوليفارية وإيران

تشهد إيران احتجاج المعارضة ضد التزوير الذي تعرضت له الانتخابات، وهي الاحتجاجات التي تجد الدعم من جانب القوى الإمبريالية، وأدت إلى اندلاع مظاهرات في الشوارع ضد نتائج الانتخابات. نحن نتفهم مسألة قيام العديد من الثوريين في فنزويلا بإجراء مقارنات بين ما يحدث الآن في إيران وبين الوضع الذي مرت منه الثورة البوليفارية [في فنزويلا]. ففي فنزويلا حاولت المعارضة الرجعية والأوليغارشية، أكثر من مرة، وبمساعدة الإمبريالية، أن تخلق وضعا من الفوضى في الشوارع، تحت مبرر مزاعم بحدوث “تزوير للانتخابات”، من أجل ضرب مصداقية الانتصارات الانتخابية التي حققتها الثورة (خلال الاستفتاء، وخلال الانتخابات الرئاسية سنة 2006، وخلال الاستفتاء حول تعديل الدستور، الخ).

لكن هذه المقارنات لا علاقة لها بالواقع.

هل الجمهورية الإسلامية، نظام ثوري؟

أولا وقبل كل شيء، إن النظام الإيراني ليس نظاما ثوريا. إن الثورة الإيرانية التي انتصرت سنة 1979، كانت ثورة جماهيرية حقيقية، شهدت مشاركة نشيطة للطبقة العاملة، والشباب، والفلاحين، والجنود، والنساء، الخ. وقد كان العامل الحاسم في إسقاط نظام الشاه هو الإضراب العام الذي نفذه عمال النفط. قام ملايين العمال بتنظيم شوراس (لجان المعامل) في معاملهم وسيطروا عليها وسيروها تحت رقابتهم، على نفس الشاكلة التي قام بها عمال النفط في فنزويلا خلال حملة الإغلاقات وعمليات تخريب الاقتصاد التي نظمها أرباب العمل، شهر دجنبر من سنة 2002. كما قام ملايين الفلاحين باحتلال أراضي كبار الملاكين (مثلما هو حال الفلاحين الآن في فنزويلا). وقام الطلاب باحتلال مدارسهم وجامعاتهم وعملوا على تسييرها بشكل ديمقراطي وأنهوا نظام التعيين الذي كان سائدا فيها. الجنود بدورهم شيدوا شوراسهم (مجالسهم) وبدءوا في تطهير الجيش من الضباط الرجعيين. كما أن القوميات المضطهدة (الأكراد، والعرب، والأذريون، الخ) حققت تحررها. وتمكن الشعب الإيراني كله من إسقاط نير الإمبريالية.

لكن، تدعيم أسس النظام القائم حاليا في إيران، لم يتحقق ما بين سنوات 1979 و1983، إلا على قاعدة السحق الفعلي لهذه الثورة من جانب رجال الدين الإسلاميين الأصوليين. وخلال بضعة سنوات صارت كل مكتسبات ثورة 1979 هباء. أعيدت الأرض إلى كبار الملاكين من جديد، وطرد منها الفلاحون الذي استولوا عليها. وتم تحطيم مجالس المعامل واستبدلت بمجالس إسلامية، حرمت العمال من جميع الحقوق، بما فيها الحق في التنظيم والإضراب. وتم فرض تفسير محدد للإسلام على جميع المواطنين، فوضعت أشد القيود على النساء، وخلق مناخ من القمع الإيديولوجي للأغلبية الساحقة من السكان.

استيلاء رجال الدين الإسلاميين الأصوليين على ثورة العمال وباقي فئات الشعب وسحقها، لم يكن ممكنا إلا بسبب السياسات الخاطئة التي نهجتها المنظمات اليسارية، التي اعتقدت في إمكانية تشكيل جبهة متحدة مع رجال الدين الإسلاميين الذين كان يترأسهم أية الله الخميني. وقد دفعت ثمن أخطائها غاليا جدا. وهكذا تمكنت الجمهورية الإسلامية، خلال مدة أربعة سنوات من القمع الهمجي ضد اليسار، من تدعيم أركانها والاستيلاء على ما كانت في البداية ثورة عمالية معادية للإمبريالية. ولكي يتمكنوا من ذلك رفع رجال الدين الإسلاميون شعار معاداة الإمبريالية، ونظموا عملية احتلال السفارة الأمريكية واستغلوا بمهارة الحرب مع العراق. سنة 1983 تم منع جميع الأحزاب اليسارية (بالرغم من دعمها للجبهة المتحدة مع الخميني)، وقتل حوالي 30.000 مناضل ينتمون إلى مختلف الأحزاب الإصلاحية والقومية واليسارية الثورية. هذه هي جذور الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحالية. إنه ليس نظاما ثوريا، بل هو بالأحرى نظام قام على سحق الثورة.

هل حدث هناك تزوير للانتخابات؟

يزعم البعض أنه لم يحدث أي تزوير للانتخابات، يوم 13 يونيو 2009، لكن هناك العديد من الأدلة على حدوث التزوير. تجب الإشارة في البداية إلى أنه على كل مرشح للانتخابات أن ينال موافقة مجلس صيانة الدستور، الذي هو هيئة غير ديمقراطية مشكلة من 12 عضوا.

أما في ما يتعلق بعملية التزوير نفسها، فدعونا نقدم مثالا واحدا فقط. قال المرشح المحافظ، محسن رضائي، الذي لم يدع للاحتجاجات التي شهدها الأسبوع الماضي ولا هو شارك فيها، إن عدد المشاركين في الانتخابات، في ما بين 80 إلى 170 مدينة، كان أكثر مما هو مسجل في اللوائح الانتخابية! أي أن عدد الذين صوتوا كان أكبر من عدد المسجلين! وفي جميع هذه المدن، حقق أحمدي نجاد أغلبية ساحقة، وصلت في بعض الحالات إلى 80% أو 90%. يوم 21 يونيو، وبعد أسبوع من المظاهرات، التي شهدت مشاركة ملايين الأشخاص ومقتل 12 متظاهرا، على الأقل، في مواجهات يوم السبت، 20 يونيو، وجد مجلس صيانة الدستور نفسه مجبرا على الرد على هذه الاتهامات. قال عباس علي كدخدائي، باسم المجلس، عبر القناة التلفزيونية الإيرانية الرسمية الثانية: ” ان الإحصاءات المقدمة من طرف المرشحين، الذين يدعون أنه صوت أكثر من 100 ٪ من الذين يحق لهم التصويت في 80 – 170 المدن، ليست دقيقة، لم تقع هذه الأحداث سوى في 50 مدينة فقط”!! وأضاف إن تجاوز نسبة 100% من عدد المصوتين، “ظاهرة طبيعية لأنه ليس هناك من مانع قانوني يحد من حق الناس في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية، في مدينة أخرى يسافرون إليها أو ينتقلون إليها”. وفي الأخير أضاف قائلا: “بما أن هذا لم يمس سوى ثلاثة ملايين شخص”، فإن ذلك لن يؤثر على النتائج النهائية.

هل أحمدي نجاد زعيم ثوري؟

يستعمل أحمدي نجاد، مثله مثل رجال الدين سنة 1979، لغة شعبوية ومعادية للإمبريالية في محاولة لكسب التأييد من جانب الجماهير. لكن دعونا نلقي نظرة على الأوضاع الحقيقية التي يعيشها الشعب الإيراني في ظل رئاسته. أولا لقد حثت الثورة البوليفارية في فنزويلا على خلق الكثير من التنظيمات النقابية وشجعت النضال العمالي. لقد دعا الرئيس تشافيز العمال إلى احتلال المصانع المتخلى عنها وتسييرها تحت الرقابة العمالية. أما في إيران فإن العمال لا يمتلكون أي حق في التنظيم أو الإضراب، وإذا ما هم قاموا بخرق هذا القانون يتعرضون لأشد أنواع القمع همجية. ونورد في هذا السياق حالة سائقي الحافلات بطهران، عندما حاول 3000 منهم أن ينظموا نقابة، فردت عليهم الشركة بحملة طرد مكثفة، بينما هاجمت قوات البوليس قادة النقابة، بمن فيهم الأمين العام، أوسالو، الذي حاول البوليس قطع لسانه.

وعندما حاول المناضلون النقابيون في سناندج، أن يخلدوا يوم فاتح ماي سنة 2007، رد البوليس بحملة قمع وحشي. فحكم على 11 قياديا منهم بالجلد وأداء غرامة قبل أن يتم إطلاق سراحهم. وعندما حاول 2000 مناضل عمالي تخليد يوم فاتح ماي في طهران هذه السنة، رد البوليس بتسليط قمع وحشي عليهم واعتقل 50 من بينهم (بعضهم ما يزالون وراء القضبان لحد الآن). وما يزال ملايين العمال الإيرانيين لم يتقاضوا أجورهم منذ أشهر. وعندما يحاولون تنظيم أنفسهم يتعرضون للقمع البوليسي الهمجي.

بينما في فنزويلا وضعت الثورة البوليفارية نهاية لمسلسل خصخصة الشركات العمومية وأعادت تأميم العديد من تلك التي خصخصت في السابق، ففي إيران سرع أحمدي نجاد من مسلسل خصخصة الشركات العمومية (في 2007/2008 تمت خصخصة 167 شركة، وفي 2008/2009 تمت خصخصة 230 شركة أخرى)، بما في ذلك قطاع الاتصالات، وشركة الصلب “اصفهان مباركه”، وشركة “اصفهان للبتروكيماويات”، وشركة “اسمنت كردستان”، الخ. وتتضمن لائحة الشركات المزمع خصخصتها أكبر شركة للبتروكيماويات في إيران، وأكبر الأبناك وشركات للغاز والنفط وقطاع التأمينات، الخ.

وبالرغم من ذلك تنتقد حكومة أحمدي نجاد الإمبريالية الأمريكية، في محاولة لتحويل انتباه الجماهير عن مشاكلها الداخلية، لكنها غير جادة في الصراع ضد العدو الذي تنتقده. يمكن أن نجد في التدخل الأمريكي العسكري في العراق، الدليل على الدور السلبي للطبقة السائدة في إيران، والتي ترى في ضعف النظام العراقي فرصة لتقوية نفوذها في المنطقة. وبدل المساعدة على القيام بنضال ثوري موحد من أجل التحرر الوطني في البلد المجاور، يقوم النظام الإيراني بلعب دور حاسم في منع حصول ذلك وتقسيم الصفوف على أسس دينية.

وليس المرشح “الإصلاحي” موسوي أفضل منه. لقد كان رئيسا للوزراء خلال سنوات الثمانينات، عندما تم ذبح 30.000 من المناضلين اليساريين. وها هو الآن قد اكتشف بشكل مفاجئ، ودون أن يعارض مبادئ الجمهورية الإسلامية، ضرورة “الإصلاح”، أي ضرورة القيام بإصلاحات شكلية من فوق، من أجل التمكن من الحفاظ على الوضع القائم على ما هو عليه، وليستمر هو وأصدقائه في السلطة. إن الانقسام الحاصل بين أحمدي نجاد وبين موسوي هو انشقاق بين جناحي النظام الرجعي: أحدهما يريد القيام ببعض الإصلاحات من فوق من أجل الحيلولة دون اندلاع ثورة من تحت، والآخر يريد تشديد السيطرة من فوق من أجل الحيلولة دون اندلاع ثورة من تحت.

إلا أن هذه الانشقاقات في القمة قد فتحت المجال لاندلاع حركة جماهيرية حقيقية تحدّت النظام طيلة الأسبوع الماضي. إذا كان هناك أي شك حول الطبيعة الثورية والشعبية لحركة الجماهير الإيرانية، فدعونا نلقي نظرة على موقف المناضلين العماليين منها. لقد أعلنت أغلبية العمال والمنظمات النقابية (المحضورة في ظل حكم أحمدي نجاد) قبل الانتخابات أن لا أحد من المرشحين للرئاسة يمثل مصالح الطبقة العاملة ومن ثم فإنهم لن يؤيدوا التصويت لأي أحد منهم. لكن وأمام المظاهرات الشعبية الجماهيرية، التي شهدها الأسبوع الماضي، عبرت نقابة فاهيد لسائقي الحافلات العمومية ونقابة مصنع خودرو، الذي يعتبر أكبر مصنع للسيارات في الشرق الأوسط، عن تأييدهما للحركة الجماهيرية، وفيما يخص مصنع خودرو قام عماله بخوض إضراب لمدة نصف ساعة أثناء كل دورية. والآن يناقش المناضلون الثوريون في إيران مسألة الدعوة إلى إضراب عام ضد النظام ومن أجل الحريات الديمقراطية.

طبعا يجب علينا، باعتبارنا مناضلين ثوريين، أن نعارض أي شكل من أشكال التدخل الإمبريالي في إيران. وقد كان الرئيس تشافيز على صواب في وقوفه إلى جانب إيران، في المنتديات الدولية، خلال السنوات الأخيرة، ضد الاستفزازات الإمبريالية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. لكنه سيكون من الخطأ الجسيم الخلط بين الثورة وبين الثورة المضادة. يجب على الثورة البوليفارية أن تقف إلى جانب الشعب الإيراني، إلى جانب العمال والشباب والنساء، الذين خرجوا إلى شوارع طهران، وغيرها من المدن، ليخلقوا Caracazo إيرانية، أي 13 أبريل، ضد نظام الجمهورية الإسلامية الرجعي الممقوت.

يوم 18 يونيو، قام الرئيس تشافيز مرة أخرى بتهنئة أحمدي نجاد على إعادة انتخابه رئيسا وأكد “تضامن فنزويلا [مع إيران] في وجه هجمات العالم الرأسمالي ضد شعب هذا البلد”. إن التيار الماركسي الثوري يعارض هذا الموقف ويريد المساهمة في النقاش بالملاحظات المذكورة آنفا.

إن صور القمع الوحشي ضد الشباب والعمال في إيران، وواقع أنه يمكن الزج بطالب شاب أو بعامل في السجن لسبب بسيط هو قيامه بالإضراب أو تنظيمه لنقابة أو مشاركته في مظاهرة ضد الدولة أو ضد أرباب العمل، قد خلقت موجة غضب عارمة ضد الحكومة الإيرانية من جانب العمال والشباب في كل أنحاء العالم. إن العديد من المثقفين المعاديين للثورة وكبريات وسائل الإعلام التي تخدم مصالح الإمبريالية، الذين هم على أتم الوعي بذلك، يحاولون، بكل النفاق والديماغوجية التي تميزهم، أن يشبهوا فنزويلا بإيران، ويشبهوا رئيسا ثوريا نزيها ومعاديا للإمبريالية مثل تشافيز، بأحمدي نجاد. والمثال على ذلك هو المقال الأخير الذي صدر على أعمدة صحيفة “إلباييس” الإسبانية، والتي استشهدت بما قاله تشافيز مؤخرا في برنامج ” Alo Presidente “.

إنهم يريدون من خلال هذه المقارنة أن يزرعوا اللبس بين صفوف العمال في العالم، وإضعاف التعاطف والتأييد الذين تتمتع بهما الثورة الفنزويلية وضرب دورها باعتبارها نقطة مرجعية بالنسبة لملايين الناس عبر العالم. لهذا السبب بالضبط ينبغي على العمال والشباب الفنزويليين الثوريين أن يردوا على هذه الحملة من خلال فتح نقاش جاد حول الطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني، ودراسة تاريخه ودراسة الوضع الحالي، وأن نعلن تضامننا مع إخواننا وأخواتنا العمال والفقراء الإيرانيين، في نضالهم الجماهيري من أجل تحقيق نفس الحقوق التي يتمتع بها العمال الفنزويليون اليوم. وفي نفس الوقت ينبغي علينا أن ندين ونناضل ضد كل من القمع الذي تسلطه الحكومة الإيرانية على إخواننا وأخواتنا، وضد ديماغوجية ومناورات الإمبريالية.

إن التيار الماركسي الثوري يدعم الحركة الثورية للجماهير الإيرانية ضد الجمهورية الإسلامية، ويدعم بشكل خاص حركة العمال الإيرانيين من أجل الحقوق الديمقراطية والمطالب الاقتصادية، في نفس الوقت الذي يدين فيه التدخل الإمبريالي.

التيار الماركسي الثوري
فنزويلا، 22 يونيو 2009

هامش:

Caracazo: اسم أطلق على تلك المظاهرات والاحتجاجات التي وقعت يوم 27 فبراير 1989، بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس والمدن المجاورة. اسم “كاراكاثو” مشتق من اسم المدينة كاراكاس إضافة إلى آثو (azo) الذي يعني: القوة. –المترجم، نقلا عن ويكيبيديا

عنوان النص بالإنجليزية:

Solidarity with the movement of the Iranian masses – Statement of the Revolutionary Marxist Current (Venezuela)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *