توصل موقع “الدفاع عن الماركسية” بهذه الرسالة مكتوبة أصلا باللغة العبرية، وتلقينا ترجمتها العربية، من طرف مناضل فلسطيني موجهة إلى جماهير إسرائيل. وعلى الرغم من أننا لا نتفق مع جميع النقط المذكورة في هذه الرسالة، فإننا ننشرها لأنها تدل على أنه حتى في خضم الحرب الوحشية التي تشنها الدولة الصهيونية على الشعب الفلسطيني، فإنه ما زال هناك من بين الفلسطينيين الذين ما زالوا يؤمنون أنه لابد للطبقة العاملة الفلسطينية والإسرائيلية النضال ضد العدو المشترك.
في الشارع الفلسطيني يقول لي الناس، إن أي فلسطيني لن يتحدث عن السلام في الخمسين سنة القادمة، بعد ما حدث في غزة.
واني اشعر أن الناس معنيون في إسماع ذلك لي، لمعرفتهم أنني ما زلت متمسكاً بخيار السلام والتعايش بين الشعبين في هذه الديار. وعندما اسأل محدثي، لماذا يعتقدون ذلك، يجيبونني بأن الإسرائيليين قد جن جنونهم، وهم يقدمون على تخريب وتدمير مدن بأكملها رداً على صواريخ لم تصب أحدا بأذى. ويقولون إننا أجدر بأن ننتقم لقتلانا وخراب بلادنا على مدى أجيال سالفة.
وهنا ابلع ما يتضمنه حديث محدثي من مرارات وأقول لنفسي، مع ذلك سيأتي اليوم الذي ينضج فيه الطرفان ويقتنعون أن لا مناص إلا الحياة معاً في هذه البلاد.
وفي جميع حملاتي ونشاطاتي انظر للحياة المشتركة وتساوي الحقوق لكل من يحيى على هذه الأرض، وأحاول إقناع مستمعي أن الحل الوحيد المنطقي والإنساني والتقدمي والذي يخدم الجميع هو الحياة معاً في نفس الدولة وتحت نفس السلطة ووفق نفس القوانين بشكل متساوي في الحقوق والواجبات. واني على قناعة أن هذا الحل هو الأفضل للجميع، وانه حتى لو هاجر إلى هذه البلاد جميع يهود العالم فإنها ستتسع للجميع وستزدهر وتتطور بتعاون الجميع (جميع المواطنين) الجميع المتساوي في الحقوق والواجبات. وأطالب دائماً مستمعي التخيل، كيف سيكون الوضع عندما نستثمر جميعاً في الصناعة والتجارة والزراعة بدل الاستثمار في الحروب.
ولكن، إنني اعتقد دائماً انه يوجد هناك من لهم مصلحة في ديمومة الصراع وتواصل الحروب، فمن هم هؤلاء؟
إنني الخص الجهات أو الأوساط التي لها مصلحة في استمرار الصراع وتواصل الحروب كما يلي :
- القوى الامبريالية العالمية، التي تسعى منذ القرن الثامن عشر وعبر القرن العشرين إلى السيطرة التامة على بلدان الشرق وبترولها وخيراتها وإبقائها في دائرة النفوذ الامبريالي. وقد وجدت هذه القوى في الحركة الصهيونية شريكاً لها في ذات الأهداف وأداة من أدواتها في تحقيق تلك الأهداف.
- الحركة الصهيونية، كممثلة للرأسماليين اليهود في جميع أنحاء العالم والتي ترى في استعمار البلاد واستيطانها مشروعها الاستراتيجي، فهي تستولي على الأرض وتبني عليها وتبيع المباني للمهاجرين اليهود الذين يعيشون جل حياتهم مدينون للبنوك التي هي أدوات مالية للرأسمالية اليهودية العالمية. فالمشروع الصهيوني هو الاستيطان من أجل المال والسيطرة ولا صهيونية بدون استيطان.
- الأوساط الدينية في جانبي الصراع، فالأوساط الدينية اليهودية تعتبر البلاد منحه لليهود وحدهم من الله، وتضفي على ذلك العطاء طابع مقدس وتسمي البلاد بـ “ارض إسرائيل” وترى في غير اليهود بشر دون اليهود ولا يصلحوا لشيء إلا ليكونوا عبيد لليهود. وتحاول هذه الأوساط دائماً تغذية الصراع بالتطرف الديني وتزرع الحقد في أوساط المستوطنين وتخرجهم في حملات منظمة للاستيطان وحرق الكروم والسيطرة على الأرض. مع أن جمهور المستوطنين من الفقراء الذين حولهم إيمانهم بالحق الإلهي المزعوم، والهلوسة الدينية إلى مجرمين وفاشيين وأدوات في خدمة أغراض الصهيونية العالمية، في حين أنهم كمزارعين وفقراء أجدر بالتعاون والتعايش مع نظرائهم الفلسطينيين.
وكذلك الأمر بالنسبة للأوساط الدينية الإسلامية التي تعتبر ارض فلسطين وقف إسلامي ولا يجوز التخلي عنها لليهود تحت أي ظرف من الظروف وتتهم بالكفر والخيانة كل من يفكر في التصالح أو التسوية مع اليهود. وترى هذه الأوساط في اليهود امة كافرة يجب محاربتها حتى يوم القيامة، وان غلاة المتطرفين المسلمين هم من الفقراء الذين هم أجدر بالتفاهم والتعايش مع نظرائهم اليهود الذين يشكلون معهم مادة استغلال واستثمار طبقي يهودي إسلامي لمصلحة البرجوازية والرأسمالية في كلا الجانبين، اللتات تقفان معاً إلى جانب الامبريالية العالمية وتتعاونان في تنفيذ برامجها في المنطقة وخارجها.
وبذلك فإنني أدعو جموع الفقراء والمستغَلين في كلا الجانبين بالكف عن العداء واليقظة لمعرفة أعداؤهم الحقيقيين المشتركين الرأسمالية والصهيونية والامبريالية العالمية. إنني أدعو جموع الفقراء إلى التوقف عن دعم الفاشية وبذورها ورموزها في كلا الجانبين والإدراك بأن الصراع العربي الإسرائيلي قد تحول ليصبح صراع بين قوى في ذات الجانب وهو صراع هزلي وقوده الفقراء والعمال والفلاحين من الجانبين بينما المستفيد منه هي الامبريالية وحلفاؤها. إنني أؤكد على أن الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي قادران على الحياة والتعايش بسلام فوق هذه الأرض وتحت نفس النظام وفي نفس البلاد وضمن نفس القوانين والأنظمة.
فهيا نتحرر من نفوذ الامبريالية وحلفاؤها، وهيا نتحرر من نفوذ رجال الدين وننفض عنا سموم الحقد والكراهية التي ينثرونها في أوساطنا وهيا نتحرر من الصهيونية العالمية ونرفض مشروعها الإجرامي في هذه البلاد. وإذا ما فعلنا ذلك فان في هذه البلاد متسع للجميع وسنجعل منها بلاد مزدهرة متطورة، وسنقبر الحروب ومشعليها إلى الأبد.
أ. ريان – رام الله
الخميس: 25 يونيو 2009
عنوان الرسالة بالإنجليزية:
Letter from Palestine: “Our neighbors! Stop the madness!”
وبالعبرية: