قبل 148 سنة، وفي 22 أبريل 1870، ولد الرفيق فلاديمير إليتش أوليانوف لينين، في سمبريسك على نهر الفولغا. وكان الثالث من ستة أطفال ولدوا في عائلة ميسورة. وقد تأثر بأخيه الأكبر الكسندر الذي كان عضوا بمنظمة نارودنايا فوليا (إرادة الشعب)، إلا أن إعدام أخيه على اثر مشاركته في محاولة اغتيال القيصر الكسندر الثالث لم يثنه عن مواصلة درب النضال لكن من منظور الماركسية والارتباط بالطبقة العاملة ومشروعها التاريخي، حيث التحق بحلقة ماركسية في كازان وهو في سن السابعة عشر.
ومنذ تلك اللحظة كرس حياته من اجل بناء القيادة الثورية، والأممية البروليتارية والنضال من أجل الثورة الاشتراكية. فعبر إسهاماته الكثيرة سواء عبر كتبه ومؤلفاته أو الجرائد والمجلات التي عمل على المساهمة في إصدارها أستطاع أن يطور النظرية الماركسية ويقارع كل محاولات إفراغها من مضمونها الثوري.
تعرض لينين عدة مرات للاعتقال والنفي، فكان اعتقاله الأول بعد تأسيس “رابطة سان بيترسبورغ للنضال من أجل تحرير العمل” ثم نفي إلى سيبيريا حيث قضى ثلاث سنوات في المنفى، وفي ظروف السرية تلك أكمل عمله الكلاسيكي “تطور الرأسمالية في روسيا”. وسرعان ما التحقت به كروبسكايا التي كانت كادرا سياسيا رئيسيا في منظمة بترسبورغ. ومنذ ذلك الوقت واصلا العمل معا كرفيقين وزوجين إلى وفاته سنة 1924.
وفي دجنبر 1900 ونظرا للقمع في روسيا عمل على إصدار جريدة الإيسكرا في ألمانيا إلى جوار بليخانوف وغيره من مؤسسي الحركة الماركسية في روسيا. وفي سنة 1902 أصبح من العسير جدا متابعة إصدار الجريدة في ألمانيا فانتقل معظم طاقم التحرير إلى لندن.
وفي لندن ساهم بشكل كبير في التحضير للمؤتمر الثاني لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي، الذي يعد في الواقع المؤتمر التأسيسي للحزب، إذ قام بصياغة برنامج الحزب، وقد تمكن لينين ورفاقه في هيئة تحرير الإيسكرا من ضمان الأغلبية في مندوبي المؤتمر الذي كان قد افتتح أشغاله ببروكسيل وأنهاه بلندن.
كان المؤتمر الثاني لحظة فارقة في تاريخ الحزب، حيث حدث انشقاق عميق فيه بين البلاشفة (الأغلبية) بقيادة لينين، والمناشفة (الأقلية) بقيادة مارتوف، حول مسألة العضوية في الحزب لتتطور مع مرور الأيام تحت ضغط الأحداث، خاصة مع اندلاع ثورة 1905.
جاءت الأحداث الثورية لسنة 1905 لتؤكد المواقف التي أكد عليها لينين/ خصوصا الدور الثوري والمستقل للطبقة العاملة. فخلال مجرى الثورة قام العمال بتكوين مؤسساتهم النضالية في شكل مجالس سوفيتات والتي مثلت جنين السلطة العمالية. فخلال 12 شهرا شملت الحركة الثورية موجة كثيفة من الإضرابات والإضرابات العامة والاستيلاء على المرافق الحيوية للدولة، وبعد تراجع الحركة الثورية بفعل القمع الهمجي الذي أسفر على مقتل الآلاف من العمال والعشرات من الكوادر الثورية، واعتقال الآلاف منهم ونفيهم، اضطر لينين إلى اللجوء إلى المنفى في سنة 1907، ومع ذلك فقد اعتبر لينين ثورة 1905 بمثابة “التمرين”. فبدون تلك التجربة ما كانت ثورة أكتوبر لسنة 1917 ممكنة.
لقد مثلت الحرب العالمية لسنوات 1914 – 1918 منعطفا مهما في تاريخ تطور الحركة الماركسية في العالم، فقد بينت هذه الحرب أن الرأسمالية قد أنهكت نفسها وان تناقضاتها قد بلغت مستويات حادة. وخان قادة الأممية الثانية الطبقة العاملة واضروا بمصداقية الاشتراكية الأممية بوقوفهم إلى جانب رأسمالييهم.
كانت الحرب العالمية نقطة الفراق بين الاشتراكية الديمقراطية والأممية، حيث ألقيت على عاتق حفنة صغيرة من الأمميين المضطهدين والمعزولين في العالم أن يقودوا عملية إعادة بناء قوى الأممية الاشتراكية.
وكانت ثورة 1917 المحطة الأبرز في حياة لينين، فكما توقع في كتاباته بأن الحرب هي عشية الثورات، فقد اجتاحت روسيا موجة ثورية من فبراير إلى أكتوبر، ساهم لينين والحزب البلشفي فيها وتمكن الحزب من الوصول إلى السلطة.
لقد كان دور لينين الشخصي في 1917 حاسما ويعمل على تسليط الضوء على الدور الحيوي، وفي ظروف محددة، للفرد في التاريخ. ففي المجرى العارم للأحداث التاريخية يلعب الأفراد في العموم دورا ثانويا. إلا انه توجد لحظات حاسمة وخاصة حينما يكون الوضع خطرا يلعب فيه الأفراد دورا حاسما ايجابيا أو سلبيا. وثبت أن دور لينين كان لا غنى عنه. فقد كان في خضم الأحداث ومدركا لقوانينها فاعلا في تشكيل القوى الاجتماعية التي قامت بالثورة. فلولا وجوده لما تمكن الحزب البلشفي من القيام بدوره التاريخي في قيادة الطبقة العاملة لحسم السلطة السياسية، بالنظر إلى تخاذل بقية قادة الحزب، وعلى رأسهم زينوفييف وكامينيف وستالين، الذين دافعوا خلال تلك الأيام العاصفة عن سياسة التعاون مع الحكومة المؤقتة البرجوازية وغير ذلك من الأخطاء التي كادت تودي بالثورة.
بعد نجاح الثورة وحسم الطبقة العاملة للسلطة تقلد لينين مهمة رئيس مجلس مفوضي الشعب إلى حين وفاته سنة 1924. وهي السنوات التي خاض خلالها نضالا شرسا لبناء أول دولة اشتراكية في التاريخ سواء ضد قوى الثورة المضادة الداخلية وضد الإمبريالية ومختلف الصعوبات التي واجهت الدولة الفتية، أو سواء ضد البيروقراطية التي كانت قد بدأت تحاول اغتصاب السلطة وضرب الديمقراطية العمالية واغتيال الثورة.
أيها الشباب اعملوا على التعرف على العم لينين بقراءة كتاباته وليس بالاعتماد على الأكاذيب التي تروجها ضده وسائل الإعلام البرجوازية، التي لا يمكن أن تغفر له أنه تجرأ على قيادة الطبقة العاملة لإسقاطها. فلنقل عيد ميلاد سعيد أيها الرفيق لينين ولنواصل النضال من أجل القضية التي وهب لها حياته كلها: قضية بناء الحزب الثوري والثورة الاشتراكية.
جريدة الثورة
العدد: 03 – ماي 2016