في الثامن والعشرين من شتنبر سنة 1864، اجتمع مندوبون من بلدان مختلفة في قاعة سان مارتن بلندن. كانت تلك هي المحاولة الأكثر جدية لتوحيد أكثر فئات الطبقة العاملة تقدما على المستوى الأممي. كانت الدعوة إلى هذا الاجتماع قد تمت من أجل تنظيم التضامن الأممي مع الثورة البولونية لسنة 1863.
قرر اللقاء بالإجماع تأسيس الجمعية العالمية للعمال، والتي صارت تعرف باسم الأممية الأولى. أنشأ مقرها بلندن وكان يسير من قبل لجنة مكونة من 21 عضوا، كانت مهمتها صياغة برنامج وقوانين، وقد أوكلت هذه المهمة لكارل ماركس، الذي صار منذ تلك اللحظة يلعب دورا قياديا حاسما في الأممية الأولى.
باستعادتنا لتلك الأحداث بإمكاننا القول إن المهمة التاريخية التي كانت ملقاة على الأممية الأولى تمثلت في إرساء المبادئ الأساسية والبرنامج والاستراتيجية والتكتيك للنظرية الماركسية على المستوى الأممي. لكن تلك الأممية الجديدة لم تخرج إلى الوجود مسلحة بالكامل مثلما خرجت آثينا من رأس زيوس. إنها لم تكن في بداياتها أممية ماركسية، بل كانت منظمة فاقدة بشكل كبير للإنسجام ومشكلة من مختلف التيارات.
إلا أن مؤسسي الاشتراكية العلمية كانا بعيدين جدا عن ذلك النوع من العصبويين الذين يبحثون عن منظمة عمالية خالصة كيميائيا، وهي المنظمة التي لم يسبق لها أن وجدت ولا يمكن البتة أن توجد. لقد استوعب ماركس وإنجلز أهمية العمل في مجال واسع ذا جذور عميقة داخل الطبقة العاملة. وبهذا المعنى كانت مشاركة النقابيين البريطانيين في الأممية ذات أهمية قصوى.
منذ البداية شن ماركس وإنجلز نضالا حازما من أجل الوضوح الإيديولوجي داخل الأممية. لكنهما استوعبا جيدا أنه من أجل اقناع الجماهير بأفكار الاشتراكية العلمية، من الضروري قيادة عمل صبور داخل المنظمات المشكلة تاريخيا من العمال والتي تمتلك جذورا في الطبقة العاملة. لقد مكنتهما الجمعية العالمية للعمال للمرة الأولى من حقل عام لاختبار صحة أفكارهما والدفاع عنها على مستوى أكبر من الحلقات الثورية الصغيرة التي كانت سائدة حتى تلك اللحظة.
في البداية واجه ماركس وإنجلز صعوبات هائلة. ففي معظم البلدان كانت الحركة العمالية في بداياتها الأولى، وكانت ما تزال في مرحلة تشكلها وغالبا ما كانت متأثرة بالأفكار البرجوازية الليبرالية والديمقراطية. ففي العديد من البلدان لم تكن الحركة العمالية قد قطعت بعد مع الأحزاب البرجوازية.
في أيام ماركس وإنجلز كانت أغلبية سكان أوربا مشكلة من الفلاحين أو الحرفيين الصغار، وليس من العمال المأجورين. وحدها بريطانيا حيث كان العمال يشكلون أغلبية المجتمع، إلا أن القادة النقابيين البريطانيين كانوا تحت تأثير الليبراليين. في فرنسا كان البرودونيون يعارضون الإضراب باسم فكرتهم الطوباوية حول “المنفعة المتبادلة”. كما أنهم كانوا يعارضون أيضا مشاركة العمال في النضال السياسي.
في النهاية ومن خلال الجمع بين الصرامة في المبادئ والمرونة الهائلة في التكتيك، تمكن ماركس وانجلز تدريجيا من كسب الأغلبية إلى جانبهما. وتحت قيادة المجلس العام برئاسة ماركس وإنجلز، وضعت الأممية أسس تطور الحركة العمالية في أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وكان لها جذور عميقة في البلدان الأوروبية الرئيسة.
الاشتراكية والأممية
الاشتراكية إما أن تكون أممية أو لا تكون. وبالفعل فمنذ البدايات الأولى لحركتنا كتب ماركس وإنجلز على صفحات البيان الشيوعي الكلمات الشهيرة التالية: “العمال لا وطن لهم”. لم تكن أممية ماركس وإنجلز نزوة أو نتاجا لاعتبارات عاطفية، بل نبعت من حقيقة أن الرأسمالية تتطور كنظام عالمي، فمن مختلف الاقتصادات والأسواق الوطنية ينبثق كيان واحد مترابط ولا يتجزأ: إنه السوق العالمية.
واليوم تأكد تنبؤ مؤسسي الماركسية بشكل مذهل وبدقة متناهية. إن الهيمنة الساحقة للسوق العالمية هي الحقيقة الأكثر حسما في عصرنا. لا يوجد بلد، مهما بلغ حجمه وقوته، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، يمكنه الوقوف بمنآى عن جاذبية السوق العالمية.
ما من كتاب اليوم أكثر حداثة من البيان الشيوعي. إنه يفسر انقسام المجتمع إلى طبقات، ويفسر ظاهرة العولمة وأزمات فائض الإنتاج العالمية وطبيعة الدولة والقوى الرئيسية المحركة للتطور التاريخي.
لكن حتى أكثر الأفكار صحة لا يمكنها أن تحقق أي شيء إن لم تجد تعبيرا تنظيميا وسياسيا عنها. ولهذا السبب ناضل مؤسسا الاشتراكية العلمية دائما من أجل إنشاء منظمة أممية للطبقة العاملة. لقد كان ماركس وإنجلز منخرطان فعلا في الرابطة الشيوعية، والتي كانت منذ البداية منظمة أممية، إلا أن تأسيس الجمعية العالمية للعمال شكل خطوة نوعية إلى الأمام.
لقد تطورت الأممية ونمت خلال المرحلة السابقة لكومونة باريس. إنها لم تقف بعيدة عن المشاكل اليومية للطبقة العاملة، بل على العكس من ذلك كانت منخرطة باستمرار في العمل الميداني داخل الحركة العمالية. لقد كتبت الأممية على رايتها النضال من أجل المساواة وناضلت من أجل تحسين ظروف عيش النساء والشباب الذين يعانون من أبشع أشكال الاضطهاد في ظل الرأسمالية. في البداية كان أعضاء الأممية في غالبيتهم من الرجال، لكن في شهر أبريل 1865 فتح باب العضوية أمام النساء وطورت الأممية سلسلة من المطالب لصالح النساء العاملات.
كان مقر مجلسها العام في لندن، وقد انخرطت فيها العديد من النقابات. وكانت تشارك في العديد من الاضرابات وغيرها من النضالات العمالية. لقد ناضلت ضد جلب كاسري الإضرابات الغرباء وعملت على جمع المال من أجل تقديم مساعدة مباشرة للمضربين وعائلاتهم. كل هذا جعل من الأممية الأولى منظمة ذات شعبية واسعة بين العمال، الذين بدأوا يفهمون أن الأممية تمثل قائدة البروليتاريا وأنها تناضل من أجل مصالحهم.
لكن بالرغم من هذه النجاحات، أو بالأحرى بسببها، شعر النقابيون الإصلاحيون بقلق متزايد من التأثير المتنامي للجمعية العالمية للعمال في بريطانيا. لقد قبلوا دعمها لهم، لكن لم يكن لديهم أدنى تعاطف مع أفكارها الاشتراكية والثورية. ومع ذلك فقد كانت الأممية تتمتع بالشعبية داخل الحركة العمالية البريطانية. ففي شيفيلد صوت المؤتمر النقابي لصالح قرار شكر الأممية على مجهوداتها من أجل توحيد العمال من كل بقاع العالم في رابطة أخوية، وأوصى النقابات المشاركة في المؤتمر بالانضمام إلى الأممية.
النضال ضد العصبوية
كان لزاما على ماركس وإنجلز أن يناضلا على جبهتين: فمن جهة، كان عليهما النضال ضد الأفكار الإصلاحية للقادة النقابيين الانتهازيين، الذين يميلون دائما نحو سياسة التعاون الطبقي والتوافق مع البرجوازيين الليبراليين. كما كان عليهما، من جهة أخرى، خوض نضال مستمر ضد النزعات العصبوية واليسراوية. ولم يتغير الوضع كثيرا في يومنا هذا. فالتيار الماركسي يجد نفسه اليوم أمام نفس المشاكل وعليه النضال ضد نفس الأعداء. قد تكون الأسماء قد تغيرت، لكن الجوهر هو نفسه تماما.
لقد تميز تاريخ الأممية الأولى قبل كل شيء بالصراع بين نزعتين متعارضتين: فمن جانب، نجد التيارات العصبوية والطوباوية التي كانت في البداية مهيمنة داخل صفوف الحركة العمالية، ومن جانب آخر الاشتراكية العلمية، التي كان كارل ماركس ممثلها الأبرز.
بالإضافة إلى أنصار أوين والنقابيين الإصلاحيين البريطانيين، ضمت الأممية الأولى البرودونيين والبلانكيين الفرنسيين، والأنصار الايطاليين للقومي المعتدل مازيني، واللاسلطويين الروس، ونزعات أخرى. في رسالة إلى إنجلز كتب ماركس ما يلي: “كان من الصعب جدا التوصل إلى طرح وجهة نظرنا على نحو يجعلها مقبولة في المرحلة التي توجد فيها اليوم الحركة العمالية. […] سيستغرق الأمر وقتا قبل أن يمكن النهوض الجديد للحركة من استعمال الجرأة القديمة في الخطابات. سيكون من الضروري في الوقت الراهن أن نكون: “fortiter in re, suaviter in modo” [لينا من حيث الأسلوب وصارما في المضمون].
كان اللاسلطويون، سواء منهم البرودونيون أو الباكونينيون، يعارضون مشاركة العمال في النضال السياسي، وإن من منطلقات مختلفة. لقد نصح البرودونيون العمال بتحقيق تحررهم من خلال تدابير اقتصادية صغيرة، خاصة من خلال “القرض الحر” و”التبادل المنصف بين المنتجين”.
في حين دافع الباكونينيون عن “الدعاية من خلال الفعل”، وهو ما يعني الإرهاب الفردي والتمردات الصغيرة، التي من المفترض فيها أن تعبد الطريق لنهوض عام سينجز الثورة الاجتماعية بضربة واحدة. وبينما كان برودون يعبر، بطريقة مثالية، عن وجهة نظر الملاكين الصغار والحرفيين المستقلين، كان باكونين يعبر عن وجهة نظر حثالة البروليتاريا والفلاحين الثوريين.
كانت هذه الأفكار الخاطئة مشكلة جدية في الوقت الذي كانت فيه الجماهير العمالية تنهض إلى النضال. فالطبقة العاملة الفرنسية التي كانت قد بدأت تتعافى من الهزيمة الساحقة التي تكبدتها بعد ثورة 1848، صارت تعبر غريزيا عن تمردها ضد العبودية الاقتصادية من خلال شن الإضرابات، بينما كانت تحضر سياسيا لإسقاط النظام البونابرتي. لكن البرودونيين كانوا ضد الإضرابات واقترحوا مسكنات ذات طبيعة طوباوية.
بدل الاستناد على الحركة الواقعية للطبقة العاملة ورفع مستوى وعيها، حاول العصبويون جاهدين فرض مذاهبهم عليها. فكان من الضروري خوض نضال إيديولوجي شرس ومستمر من أجل تطهير الأممية من العصبوية وتمكينها من أساس إيديولوجي ثابت. ولقد كرس ماركس وقتا وجهدا كبيرين للنضال ضد العصبوية بجميع أشكالها.
كومـــونة بـاريس
إبان تلك الحقبة، كانت البرجوازية ترتعد أمام التهديد الشيوعي الذي تجسد في الأممية. لكن كانت هناك أحداث عظيمة تتهيأ مما قطع طريق تطورها. فبينما كان النضال الإيديولوجي يدور داخل صفوف الأممية، كانت هناك وضعية دراماتيكية تتحضر في القارة الأوروبية.
في شهر يوليوز من سنة 1870 اندلعت الحرب بين فرنسا نابليون الثالث وألمانيا بسمارك. تبنت الجمعية العالمية للعمال موقفا أمميا. فقد أصدر المجلس العام بيانا يحتج فيه ضد الحرب ويحمل مسؤوليتها لكل من نابليون الثالث وللحكومة البروسية. وبينما أشار البيان إلى أن الحرب بالنسبة لألمانيا كانت ذات طابع دفاعي، فقد حذر العمال الألمان من أنه في حالة تحول الحرب إلى حرب احتلال، فإن ذلك سيكون له نتائج كارثية على البروليتاريا بغض النظر عن النتيجة.
لقد أدت الهزيمة الكارثية للجيش الفرنسي، في الرابع من شتنبر 1870، إلى إطلاق سلسلة من الأحداث التي أدت إلى تمرد العمال الباريسيين وإنشاء أول دولة عمالية في التاريخ: كومونة باريس. لقد “هاجم العمال السماء” على حد تعبير ماركس. لم تكن الكومونة نمطا من البرلمان البرجوازي، بل كانت جهازا تنفيذيا وتشريعيا في نفس الوقت. تم تعويض جهاز المسؤولين الذين كانوا لحد ذلك الوقت مجرد وسيلة في يد الحكومة وأداة طيعة في يد الطبقة السائدة، بجهاز منتخب مكون من أشخاص منتخبين بالاقتراع العام المباشر، وقابلين للعزل في أي وقت.
ليس المجال مناسبا هنا لعرض تاريخ مفصل لكومونة باريس. وسنكتفي بالقول بأن نقطة ضعف الكومونة كانت هي ضعف القيادة. لم تكن الكومونة تتوفر على برنامج محدد ولا على تكتيك دقيق للدفاع أو للهجوم. وبين صفوف الكومونة نفسها، شكل الأمميون أقلية. لم يكونوا يشكلون سوى 17 عضوا من أصل 92 عضوا. وفي ظل غياب قيادة واعية لم تكن الكومونة قادرة على تقديم منظورات واسعة للعمال والفلاحين، مما كان سينهي عزلة العمال الباريسيين.
إن الكومونة، وعلى الرغم من إنجازاتها العظيمة، قد ارتكبت أخطاء. وقد أشار ماركس على وجه الخصوص إلى عجزها عن تأميم البنك الفرنسي وعن الهجوم على مركز الثورة المضادة في فرساي. لقد أدت الطبقة العاملة ثمنا رهيبا عن هذه الأخطاء. تمكنت الحكومة في فرساي من امتلاك الوقت لتنظيم جيش معادي للثورة قام بالزحف على باريس وسحق الكومونة بأشد الأساليب وحشية.
بعد أن أغرقت الكومونة في الدماء، شنت الصحافة البرجوازية حملة تشويه واسعة ضدها. وقد دافع ماركس عنها بحزم. وباسم المجلس العام كتب البيان الذي صار لاحقا يعرف باسم: “الحرب الاهلية في فرنسا”، حيث يفسر المعنى التاريخي الحقيقي لهذه الثورة البروليتارية العظيمة. كانت الكومونة شكلا للسلطة السياسية للطبقة العاملة، كانت ديكتاتورية للطبقة المستغَلة ضد الطبقة المستغِلة. لقد كانت نظاما انتقاليا يناضل من أجل التحويل التام للمجتمع. وهذا هو ما كان ماركس يقصده عندما تحدث عن: ديكتاتورية البروليتاريا.
انهيار الأممية
وجهت هزيمة الكومونة ضربة قاضية للجمعية العالمية للعمال، وموجة العربدة الرجعية التي تلت ذلك جعلت من المستحيل عليها مواصلة العمل في فرنسا. وفي كل مكان تعرضت الأممية للاضطهاد. لكن السبب الحقيقي للصعوبات التي واجهتها كان يكمن في مرحلة النمو الذي عرفته الرأسمالية على المستوى العالمي، والذي تلى هزيمة الكومونة. وقد كان لهذا بدوره تأثير سلبي على الأممية.
في ظل تلك الظروف أدت ضغوط الرأسمالية على الحركة العمالية إلى اندلاع الخلافات الداخلية والانشقاقات. كما اشتدت مؤامرات باكونين وانصاره وفاقمت من الجو العام الموسوم باليأس والإحباط. لهذه الأسباب اقترح ماركس وإنجلز في البداية نقل مقر الأممية إلى نيويورك، ثم في النهاية قررا أنه سيكون من الأفضل حلها، على الأقل مؤقتا. ولقد تم حلها رسميا سنة 1876.
نجحت الجمعية العالمية للعمال في وضع القواعد النظرية لأممية ثورية حقيقية. لكنها لم تكن أبدا أممية عمالية جماهيرية حقيقية. لقد كانت في الواقع استباقا للمستقبل. ابتدأت الأممية الاشتراكية (الأممية الثانية)، التي تأسست سنة 1889، من حيث انتهت الأممية الأولى. وخلافا للأولى، بدأت الأممية الثانية أممية جماهيرية تنظم ملايين العمال. لقد تشكلت من أحزاب ونقابات جماهيرية في ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وبلجيكا، إلخ. كما أنها استندت، بالأقوال على الأقل، على قاعدة الماركسية الثورية. وقد بدا مستقبل الاشتراكية العالمية مضمونا.
لكن سوء حظ الأممية الثانية تمثل في كونها تشكلت في سياق مرحلة طويلة من الازدهار الرأسمالي. مما كان له تأثير على ذهنية قيادات الأحزاب والنقابات الاشتراكية الديمقراطية. لقد كانت مرحلة ما بين 1871 و1914 المرحلة الكلاسيكية للاشتراكية الديمقراطية. سمحت مرحلة النمو الاقتصادي الطويلة للرأسماليين بتقديم تنازلات للطبقة العاملة، أو بتعبير أدق، لفئتها العليا. كان هذا هو الأساس المادي للإنحطاط الوطني الإصلاحي للأممية الثانية (الاشتراكية)، وهو ما انفضح بشكل واضح سنة 1914، عندما صوت قادة الأممية الثانية لصالح اعتمادات الحرب ودعموا برجوازيتـ”هم” في المذبحة الامبريالية للحرب العالمية الأولى.
الأمميــــــة الثـالثــة
قدمت الكوارث الرهيبة للحرب العالمية الأولى حافزا للثورة الروسية، التي أوصلت العمال إلى السلطة سنة 1917 تحت قيادة الحزب البلشفي بزعامة لينين وتروتسكي. لكن البلاشفة لم ينظروا أبدا إلى الثورة الروسية باعتبارها حدثا وطنيا محضا، بل باعتبارها الخطوة الأولى للثورة الاشتراكية العالمية. لذلك أسسوا أممية ثورية جديدة سنة 1919.
وقفت الأممية (الشيوعية) الثالثة، والتي تعرف باسم الكومينترن، في مستوى متفوق نوعيا مقارنة بالأمميتين السابقتين. ففي أوج تطورها دافعت الأممية الثالثة، على غرار الأممية الأولى، عن برنامج ثوري أممي واضح. وعلى غرار الأممية الثانية كانت لها قاعدة جماهيرية مشكلة من ملايين الأعضاء. ومرة أخرى بدا وكأن مستقبل الثورة الاشتراكية العالمية كان بين أيد أمينة.
في ظل قيادة لينين وتروتسكي حافظت الأممية الشيوعية على خط ثوري صحيح. إلا أن انعزال الثورة الروسية في خضم شروط تخلف مادي وثقافي مهول تسبب في الانحطاط البيروقراطي للثورة. تمكنت الطغمة البيروقراطية بزعامة ستالين من أخذ زمام السلطة خاصة بعد وفاة لينين سنة 1924.
حاول ليون تروتسكي والمعارضة اليسارية الدفاع عن التقاليد الحقيقية لثورة أكتوبر 1917، التقاليد اللينينية للديمقراطية العمالية والأممية البروليتارية، ضد الردة الستالينية. لكنهم كانوا يناضلون ضد التيار. كان العمال الروس مرهقين جراء سنوات الحرب والثورة والحرب الأهلية. ومن جهة أخرى شعرت البيروقراطية بثقة متزايدة، وأزاحت العمال جانبا واستولت على زمام الأمور في الحزب.
لقد خنق صعود الستالينية في روسيا الإمكانيات الهائلة للأممية الثالثة. وتسبب الانحطاط الستاليني للاتحاد السوفياتي في تخريب القيادات غير الناضجة بعد للأحزاب الشيوعية في الخارج. وفي الوقت الذي كان لينين وتروتسكي يعتبران الثورة العمالية العالمية الضمانة الوحيدة لمستقبل الثورة الروسية والاتحاد السوفياتي، لم يكن ستالين وأنصاره يعبئون بالثورة العالمية. ولقد عكست “نظرية” الاشتراكية في بلد واحد ضيق الأفق القومي للبيروقراطية، التي حولت الأممية الشيوعية إلى مجرد أداة للسياسة الخارجية لموسكو. وبعد أن وظف ستالين الكومينترن لأهدافه الكلبية الخاصة، قام بحلها سنة 1943 دون حتى عقد ولو مؤتمر.
الأممـــية الرابـــعة
حاول تروتسكي، المطرود والمنفي، تجميع القوى الهزيلة التي ظلت وفية للتقاليد البلشفية وثورة أكتوبر. وفي خضم أشد الظروف صعوبة وحملات الافتراء من قبل الستالينيين والاضطهاد من قبل الغيبيو [جهاز المخابرات الستاليني] حافظ تروتسكي على راية أكتوبر، راية اللينينية راية الديمقراطية العمالية والأممية العمالية، مرفوعة.
لكن مع الأسف، فبالإضافة إلى ضعف قوى المعارضة اليسارية كان العديد من أعضائها مضطربين ومشوشين، واقترفت العديد من الأخطاء، وبخاصة الأخطاء العصبوية. كان هذا جزئيا انعكاسا لعزلة التروتسكيين عن الحركة الجماهيرية. وتوجد هذه العصبوية اليوم ضمن أغلب المجموعات التي تعلن كونها تروتسكية، لكنها عاجزة عن استيعاب الأفكار التي دافع عنها تروتسكي.
أسس تروتسكي الأممية الرابعة سنة 1938 على أساس منظور محدد. لكن التاريخ فند هذا المنظور. وجه اغتيال تروتسكي من قبل عميل ستاليني سنة 1940 ضربة قاضية للحركة. وقد أثبت القادة الآخرون للأممية الرابعة أنهم ليسو مطلقا في مستوى المهام التي كان يطرحها التاريخ. لقد كانوا يكررون كلام تروتسكي دون استيعاب منهجه. ونتيجة لذلك اقترفوا أخطاء فادحة أدت إلى انهيار الأممية الرابعة. كانت قيادة الأممية الرابعة عاجزة تماما عن فهم الوضعية الجديدة التي نشأت بعد 1945. ويعود تصدع وتشظي الحركة التروتسكية بجذوره إلى هذه المرحلة.
ليس من الممكن هنا الدخول في المزيد من التفاصيل حول أخطاء قيادة الأممية الرابعة آنذاك، لكن يكفي أن نقول إن ماندل وكانون وشركائهما، فقدوا البوصلة بعد الحرب العالمية الثانية وهذا ما قادهم إلى التخلي الكلي عن الماركسية الحقة. لقد انحطت الأممية الرابعة، بعد مقتل تروتسكي، إلى عصبة بورجوازية صغيرة، ليست لها أية علاقة مع أفكار مؤسسها أو مع التيار البلشفي اللينيني الحقيقي.
تــراجع الحـــركة
لقد انحطت الأمميتان الثانية والثالثة إلى منظمات إصلاحية، لكنهما على الأقل كانتا تتوفران على قاعدة جماهيرية. لم يكن لدى تروتسكي في المنفى منظمة جماهيرية، لكنه كان يمتلك برنامجا صحيحا وسياسة صحيحة وراية نظيفة. لقد كان محترما من قبل عمال العالم أجمع، وكانت أفكاره مسموعة. أما اليوم فإن ما تسمى بالأممية الرابعة لا توجد كمنظمة. وتلك المجموعات التي تتحدث باسمها (وهناك العديد منها) لا تتوفر لا على الجماهير ولا على الأفكار الصحيحة ولا حتى على راية نظيفة. لقد انحطوا إلى ذلك النوع من العصبوية العقيمة التي حاربها ماركس في الأممية الأولى. وكل حديث عن إعادة إحياء الأممية الرابعة على هذا الأساس هو أمر مستبعد تماما.
ينبغي علينا النظر إلى الوقائع على نحو مباشر. اليوم، وبعد مرور 150 سنة على تأسيس الأممية الأولى، وبفعل مزيج من الظروف الموضوعية والذاتية، تعرضت الحركة الثورية للتراجع وتحولت قوى الماركسية الحقة إلى أقلية صغيرة. هذا هو الواقع وكل من ينكره لا يعمل سوى على خداع نفسه وخداع الآخرين. يمكن إيجاد أسباب هذا جزئيا في الأخطاء التي ارتكبتها قيادة الأممية الرابعة في الماضي. لكن يجب البحث عن السبب الرئيس لانعزال وضعف قوى الماركسية الثورية في الوضع الموضوعي.
سببت عقود من النمو الاقتصادي، في البلدان الرأسمالية المتقدمة، انحطاطا لا سابق له في المنظمات الجماهيرية للطبقة العاملة. لقد تسببت في عزل التيار الثوري، والذي تحول في كل مكان إلى أقلية صغيرة. وقد أدى انهيار الاتحاد السوفياتي إلى زرع البلبلة والارتباك في الحركة العمالية، وكتب الفصل الأخير لانحطاط القادة الستالينيين السابقين، الذين انتقل كثير منهم إلى معسكر الثورة المضادة الرأسمالي.
لقد استخلص العديد من الناس خلاصات متشائمة من ذلك. ونحن نقول لهؤلاء الناس: إنها ليست المرة الأولى التي نواجه فيها الصعوبات، ونحن لسنا خائفين مطلقا من تلك الصعوبات. إننا نحافظ على ثقة لا تتزعزع في صحة النظرية الماركسية، وفي الإمكانات الثورية للطبقة العاملة وفي نصر الاشتراكية الحتمي. إن الأزمة الاقتصادية الحالية تعكس الطابع الرجعي للرأسمالية، وتضع إعادة إحياء الاشتراكية الأممية على رأس جدول الأعمال. هناك بدايات لإعادة تجميع القوى على المستوى الأممي، وما ينبغي علينا القيام به هو أن نقدم لمحاولات إعادة التجميع هذه تعبيرا منظما وبرنامجا واضحا ومنظورات علمية وسياسة صحيحة.
السبيل الوحيد
إن المهمة التي نواجهها اليوم مماثلة على نحو شامل لتلك التي واجهت ماركس وإنجلز حين تأسيسهما للأممية الأولى. وكما سبق لنا أن شرحنا ذلك أعلاه، لم تكن تلك المنظمة متجانسة، بل كانت مشكلة من العديد من التيارات المختلفة. ومع ذلك فإن ماركس وإنجلز لم يصابا بالاحباط بسبب ذلك. لقد التحقا بالحركة العامة من أجل أممية عمالية وعملا بصبر لإعطائها إيديولوجية وبرنامجا علميين. لقد واجها العديد من الصعوبات. في نهاية حياته كتب إنجلز الكلمات التالية: ” لقد كنا ماركس وأنا طيلة حياتنا في موقع الأقلية، ولقد كنا فخورين بكوننا كذلك”.
وعلى غرار ماركس وانجلز، كنا مضطرين طيلة عقود للنضال ضد التيار. لكن الآن بدأ مجرى التاريخ في التحول. لقد مثلت الأزمة الاقتصادية العالمية لسنتي 2008- 2009 انعطافا في الوضعية العالمية، ومنظروا الرأسمال لا يرون أي مخرج. إنهم يتوقعون لنا ما بين 10 إلى 20 عاما من الاقتطاعات والتقشف. إننا نشهد أبطأ “انتعاش” عرفته الرأسمالية في تاريخها، وأي انتعاش يحدث لا يكون أبدا في مصلحة أغلبية المجتمع.
تعلمنا الميكانيكا الأولية أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه. وأزمة الرأسمالية تؤدي إلى رد فعل وسط العمال والشباب. في كل مكان، وتحت قشرة رقيقة من الهدوء والسكينة، يوجد غليان من الغضب والسخط، وعدم الرضى وخاصة الإحباط جراء الوضع الحالي للمجتمع والسياسة. وقد بدأت الجماهير تدخل في بلد تلو الآخر إلى ساحة النضال بقوة: في تونس ومصر وتركيا والبرازيل واليونان وإسبانيا والبرتغال، بل وحتى في الولايات المتحدة الامريكية نفسها هناك سخط عام وتشكيك في النظام القائم، وهو ما لم نكن نشهده سابقا.
لقد صارت أفكار ماركس اليوم أكثر راهنية وضرورة مما كانت عليه في أي وقت مضى. وبعد ست سنوات من الأزمة العميقة، هناك بطالة جماهيرية وانحدار في مستويات المعيشة وهجمات مستمرة ضد دولة الرفاه وضد الحقوق الديمقراطية. نشهد فضائح المصرفيين الذين دمروا النظام المالي العالمي بسبب الجشع والمضاربات والحيل، وهم ينجون بجريمتهم مع مكافئات ضخمة. أظهرت إحصائيات قامت بها أوكسفام (Oxfam) أن 66% من الناس الأكثر غنى في العالم يمتلكون ثروة أكبر مما يمتلكه 3.5 مليار من الناس الأكثر فقرا، أي نصف عدد سكان العالم. لقد توقع ماركس كل هذا الأمر في صفحات رأس المال والبيان الشيوعي.
ليس لدى الاقتصاديين والسياسيين البرجوازيين أي حل للأزمة، والتي لا يمكنهم فهم جذورها. إنهم يتحدثون عن أزمة “فائض في القدرة الإنتاجية”، لكنهم في الحقيقة يستعملون هذه المصطلحات لأنهم يخافون من تسمية الأمور بمسمياتها. إن ما يقصدونه هو فائض الإنتاج، الذي سبق لماركس أن شرحه منذ 1848. هذا هو التناقض الأساسي للرأسمالية، وهو التناقض الذي لم يكن موجودا في المجتمعات السابقة. والسبيل الوحيد للقضاء على هذا التناقض هو تحرير القوى المنتجة من قيود الملكية الخاصة والدولة الوطنية.
لا تحتاج الطبقة العاملة والشباب إلى من يقول لهم إن هناك أزمة اقتصادية؛ إذ يكفيهم إشعال جهاز التلفاز ليسمعوا ذلك. وبينما يتراكم الفقر في قطب من المجتمع يتراكم الثراء في قطبه الآخر. لقد ارتفعت إنتاجية العمل (أي مقدار الثروة التي يمكن إنتاجها في ساعة عمل) بأكثر من 50% منذ 1970 في أغلب البلدان الغربية، لكن رغم ذلك استمرت الأجور الحقيقية راكدة طيلة الفترة نفسها. إن فائض القيمة الهائل المنتج من قبل الطبقة العاملة محتكر من قبل الأشخاص الأكثر ثراء في المجتمع، أي هؤلاء الذين أطلقت عليهم حركة احتلال الساحات اسم 1%.
إن الطريقة الوحيدة لإنهاء الفوضى الرأسمالية، هي أن تقوم الطبقة العاملة بالاستيلاء على السلطة ومصادرة البنوك والشركات الكبرى، والشروع في تخطيط الاقتصاد على أسس ديمقراطية اشتراكية. وحينما ستتمكن أغلبية المجتمع- تلك التي تنتج ثروته- من تحديد الأولويات، سيتم ضمان استخدام موارد المجتمع لتلبية الاحتياجات الإنسانية الحقيقية، وليس لتحقيق منافع خاصة. سيصبح من الممكن توفير سكن لائق للجميع والصحة والتعليم المجانيين للجميع وعلى كافة الأصعدة، كل هذا مع زيادة كبيرة في إنتاجية العمل.
سيضع المجتمع الاشتراكي الجديد الأساس لاختفاء الطبقات. وعلى حد تعبير ماركس: “مكان المجتمع البرجوازي القديم، بطبقاته وتناقضاته الطبقية، سيكون لدينا اتحاد، سيكون فيه التطور الحر لكل فرد هو الشرط للتطور الحر للجميع”.
التيــار المـــــاركسي الأممــــي
نظرا للأسباب التي شرحناها أعلاه، لا توجد اليوم أية أممية جماهيرية. إن الأممية الرابعة قد دمرت بسبب أخطاء قادتها بعد اغتيال تروتسكي، ولم تعد موجودة في الواقع إلا كأفكار وأساليب عمل وبرنامج، وهو ما يدافع عنه التيار الماركسي الاممي.
الناس في كل مكان قد سئموا وتعبوا من الوضع الحالي. وهناك رغبة متقدة من أجل التغيير. وتمثل حركات الاحتجاج الواسعة النطاق، مثل حركة احتلال الساحات، تعبيرا عن ذلك، لكنها، وفي نفس الوقت، تفضح ضيق حدود الحركات العفوية المحضة. لقد حافظ أصحاب البنوك والرأسماليون بحزم على سيطرتهم على الدولة، بينما انحسرت الاحتجاجات وبقي كل شيء كما كان في السابق.
بمقدورنا تحديد المشكلة المركزية بسهولة: إنها مشكلة القيادة. ولقد أوضح تروتسكي سنة 1938 أنه يمكن تلخيص أزمة الإنسانية بأزمة القيادة البروليتارية. إن هذا يلخص على نحو تام الوضعية الحالية. ومن سخرية التاريخ أن نرى قادة الأحزاب العمالية الجماهيرية يتشبثون بالنظام الرأسمالي واقتصاد السوق، حتى وهو ينهار أمام أعيننا. لقد قام العمال والشباب بكل ما في مستطاعهم لتغيير المجتمع. لكنهم لا يجدون أي تعبير منظم لمجهوداتهم. وعند كل خطوة يخطونها يجدون في طريقهم عراقيل المنظمات البيروقراطية القديمة وقيادتها التي تخلت منذ زمن بعيد عن أي انتماء للاشتراكية.
إن ما يميز التيار الماركسي الأممي عن كل التيارات الأخرى التي تدعي الانتماء إلى التروتسكية، هو من جهة موقفنا الحازم تجاه النظرية، ومن جهة أخرى موقفنا من العمل داخل المنظمات الجماهيرية. فعلى النقيض من جميع المجموعات الأخرى، ننطلق نحن من حقيقة أنه عندما يشرع العمال في النضال فإنهم لا يلتفتون إلى المجموعات الصغيرة التي تحيا على هامش الحركة العمالية. في الوثيقة التأسيسية لحركتنا يشرح ماركس وإنجلز أن: “الشيوعيين لا يشكلون حزبا متميزا ومعارضا لباقي الأحزاب العمالية الأخرى” ويضيفون: “لا يتميز الشيوعيون عن باقي الأحزاب العمالية الأخرى إلا من خلال نقطتين: الأولى هي أنهم خلال الصراعات الوطنية التي تخوضها بروليتاريا مختلف البلدان، يتبنون ويدافعون عن المصالح المشتركة للبروليتاريا جميعها، بغض النظر عن أي انتماء وطني. والثانية هي أنهم، في مختلف مراحل التطور التي يمر منها صراع الطبقة العاملة ضد البرجوازية، يمثلون دائما وفي كل مكان مصالح الحركة ككل”. (البيان الشيوعي، بروليتاريون وشيوعيون).
تظل هذه الأفكار صحيحة اليوم مثلما كانت في الوقت الذي كتبت فيه. ليست مهمة الماركسيين الإعلان عن الحزب والأممية الثورية بالأقوال، وإنما بناءهما في الممارسة. ويستلزم هذا شيئين: أولا النضال من أجل النظرية الثورية وتكوين الكوادر الماركسية، وثانيا التوجه الحازم نحو الطبقة العاملة ومنظماتها الجماهيرية.
لن تبن الأممية بمجرد إعلانها. إنها ستبنى على قاعدة الأحداث، مثلما بنيت الأممية الشيوعية على أساس تجربة الجماهير خلال المرحلة العاصفة ما بين 1914 و1920. إن الأحداث العظيمة ضرورية من أجل إقناع الجماهير بضرورة التحويل الثوري للمجتمع. لكن بالإضافة إلى الأحداث نحن بحاجة إلى انشاء منظمة بأفكار واضحة وجذور صلبة في الطبقة العاملة على الصعيد العالمي.
تتمثل مهمتنا في المشاركة في الصراع الطبقي جنبا إلى جنب مع بقية عناصر طبقتنا، والمرور من جميع تجاربها وأن نشرح لهم في كل مرة ضرورة التحويل الاشتراكي للمجتمع. وفقط من خلال كسبنا أولا للعناصر الأكثر وعيا من الطليعة العمالية والشباب سيصبح ممكنا لنا الوصول إلى الجماهير التي ما تزال تحت تأثير القيادة البيروقراطية الإصلاحية للحركة العمالية. في سنة 1917، وعندما كان البلاشفة أقلية داخل السوفييتات، قدم لينين النصيحة التالية للبلاشفة: “اشرحوا بصبر!”، إنها نصيحة جيدة جدا.
إن الحركة تحتاج لما هو أكبر من حملات تضامنية ومظاهرات واحتلال للساحات. إن ما تحتاجه هو بناء أممية ثورية قادرة على تقديم تعبير منظم وقيادة سياسية للنضال ضد الإمبريالية والرأسمالية، من أجل الاشتراكية. وهذه هي المهمة التي وضعناها على كاهلنا.
بعد أن كان التيار الماركسي الأممي قد انطلق بقوى ضئيلة صار الآن يعمل في أكثر من ثلاثين بلدا. وموقعنا الالكتروني www.marxist.com (موقع الدفاع عن الماركسية) هو الموقع الماركسي الأكثر نجاحا والأوسع قراءة بملايين الزيارات كل عام. ومن البرازيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ومن اليونان إلى فينزويلا، ومن المكسيك إلى بريطانيا وفرنسا، يبني التيار الماركسي الأممي القوى الماركسية. في باكستان، وفي ظل أصعب الظروف التي يمكن تخيلها، قمنا ببناء منظمة مشكلة من آلاف الكوادر. هذا إنجاز كبير، لكنها ليست إلا البداية.
- إننا ندعو كل عامل وعاملة وكل شاب وشابة، يتفقون مع هذه الغاية، لمساعدتنا لتحقيق هدفنا النهائي: انتصار النضال من أجل الاشتراكية الأممية وضد الرأسمالية والإمبريالية !
- من أجل التغيير الاشتراكي للمجتمع !
- التحقوا بالتيار الماركسي الأممي وناضلوا من أجل الاشتراكية الأممية !
- يا عمال العالم اتحدوا !
آلان وودز
الاثنين: 29 شتنبر 2014
عنوان النص بالإنجليزية:
تعليق واحد
تعقيبات: أسئلة متكررة عن الماركسية والاشتراكية – ماركسي