الرئيسية / دول العالم / أوروبا / اليونان / اليونان: مقترحات الحكومة للترويكا تحول OXI إلى نعم

اليونان: مقترحات الحكومة للترويكا تحول OXI إلى نعم

مرة أخرى تعتبر الساعات القليلة المقبلة حاسمة في اليونان. لقد تم تحويل انتصار OXI في الاستفتاء بسرعة إلى نقيضه. فقد أرسلت الحكومة للترويكا اقتراحا يمثل في جوهره قبولا بما رفضه الشعب في استفتاء يوم الأحد. وذلك مقابل الحصول على حزمة إنقاذ ثالثة جديدة طلبتها الحكومة من “آلية الاستقرار الأوروبي”[1]، والتي يعتقد أن قيمتها تصل الى 70 مليار يورو. يبقى علينا أن نرى ما إذا كان هذا سيكون كافيا لعصابة الترويكا. المعارضة تنمو أيضا في صفوف سيريزا وخارجها بين صفوف الطبقة العاملة اليونانية التي شجعها انتصارها في الاستفتاء، لكن الحكومة عملت على تأمين دعم أحزاب المعارضة البرجوازية.

في وقت متأخر من يوم 09 يوليوز، أرسلت الحكومة حزمة من المقترحات للترويكا والتي يعتقد أنها تضم ما قيمته 12 إلى 13 مليار يورو من الزيادات الضريبية والاقتطاعات والادخار. وهذا أكثر من حزمة 08 ملايير يورو المقترحة من قبل الحكومة في 22 يونيو الماضي. والسبب هو تدهور التوقعات الاقتصادية في اليونان (من معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي يساوي 0.5٪ إلى -3٪، على الرغم من أنه من المحتمل أن يكون هذا توقعا متفائلا). ويتألف الاقتراح من رسالة من تسيبراس ووزير المالية يعدان فيها بأن يتم تمرير بعض هذه الإجراءات في البرلمان “حتى قبل أن تبدأ عملية التفاوض بشكل جدي”، وأخيرا قائمة من 10 نقاط من “الإجراءات العاجلة” المفصلة.

لنتذكر أن اقتراح 22 يونيو كان بالفعل خرقا من طرف الحكومة “للخطوط الحمراء”، لكن تلك المقترحات حاولت على الأقل وضع بعض العبء على الشركات من خلال زيادة الضريبة على الشركات إلى 29٪ وفرض ضريبة 12٪ على الأرباح . رفضت الترويكا تلك المقترحات ووافق تسيبراس في النهاية على معظم مطالبها (مع بعض التعديلات). إنها تمثل أساس مقترحات يوم أمس، لكن مع زيادة 04 ملايير يورو إضافية، أي أكثر بـ 50٪ مما كان تسيبراس قد قبل به تحت الإكراه قبل الاستفتاء.

عندما توقفت المفاوضات بين الحكومة اليونانية والترويكا يوم 26 يونيو، مما أدى بتسيبراس إلى الدعوة إلى تنظيم الاستفتاء، لم تكن الخلافات بين الطرفين كبيرة حول التدابير الملموسة المقترحة في الحزمة. وقد أزالت الحكومة اليونانية الآن العقبات القليلة التي كانت موجودة بقبولها من حيث الأساس بجميع مطالب الترويكا. سوف يتم التراجع عن تخفيض الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للجزر، بدءا من الجزر الكبيرة ولن تستثن سوى “تلك الأكثر بعدا”. وسيتم زيادة سن التقاعد إلى 67 عاما بحلول عام 2022 كما سيتم التخلص التدريجي من الاعانة التضامنية الاجتماعية (EKAS) للمتقاعدين الفقراء في أفق عام 2019 وهو ما تطالب به الترويكا. أما بالنسبة لعمليات الخصخصة فسيتم إكمال خصخصة جميع تلك الشركات التي شرع في خصخصتها بالفعل دون أي تغيير في الشروط (بما في ذلك المطارات الإقليمية وموانئ بيريوس وسالونيك ومطار هيلينيكون القديم وشركة السكك الحديدية تراينوس ومحطة الأداء بالطريق السريع إيغناتيا) وشركات جديدة أخرى (سيتم التفصيل فيها في وثيقة تقنية منفصلة) بما في ذلك شركة الكهرباء أدمي.

نشرت صحيفة سيريزا غير الرسمية Avgi عنوانا يعلن كيف أن هذه المقترحات “فرصة لوضع العبء على كاهل الأغنياء”، لكن الواقع عكس ذلك، فالغالبية الساحقة من هذه المقترحات تقع على كاهل العمال (من خلال الضرائب) والمتقاعدين (الحاليين والمستقبليين) والقطاع العام. إن هذه المقترحات في الواقع هي في الأساس نفس تلك التي رفضها الشعب اليوناني بنسبة 61.3٪ عندما قالوا OXI (لا) في استفتاء يوم الأحد 05 يوليوز.

وفي مقابل كل ذلك تطلب الحكومة اليونانية من آلية الاستقرار الأوروبي قرضا يعتقد أنه يصل إلى 70 مليار يورو. كل الحجج التي قدمت على مدى الخمس سنوات الماضية ما تزال تقدم حتى اليوم. إن فرض تدابير تقشفية في اقتصاد يعاني بالفعل في السقوط الحر لا يمكن إلا أن يجعل الوضع أسوأ وسيمنع حتى من تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الاقتراح (من حيث الفائض الأولي وسداد الديون) ويجعل من المستحيل الوفاء بها.

هذا بالطبع اقتراح الحكومة اليونانية، وهو يحتاج الآن لموافقة الترويكا. سوف تمانع ألمانيا في تقديم أي تخفيف من عبء الديون. وقد تصلبت المواقف بهذا الخصوص خلال الأسبوع الأخير من الاستفتاء. وصار بعض الاستراتيجيين الرأسماليين الألمان يعتبرون أنه سيكون من الأرخص الآن طرد اليونان من منطقة اليورو والاكتفاء بإعطائها بعض مساعدات الإغاثة الإنسانية، بدل الاستمرار في الانخراط في عملية إنقاذها. ذكرت نشرة فرنسية أن شويبله سأل فريق التفاوض اليوناني قائلا: “كم من المال تريدون لتتركوا اليورو”. لكن فرنسا والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي لديهم موقف مختلف، إنهم ربما قلقون بشأن تأثير خروج اليونان على الاقتصاد العالمي الهش جدا. كما أن الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي ليسا متضررين مثلما هي المانيا والمؤسسات الأوروبية من عجز اليونان عن سداد ديونها، ولذلك فإنهما يطلبان من ألمانيا تحمل التكلفة.

وهناك أيضا عامل آخر، وهو الحركة العمالية في اليونان وتأثيرها داخل سيريزا وجناحه اليساري ومجموعته البرلمانية ووزرائه.

من المعبر جدا أن الوزير باناجيوتيس لافازانيس، الذي يعتبر أيضا قياديا للجناح اليساري داخل سيريزا، كان واحدا من وزيرين رفضا التوقيع على الاقتراح. وخلال الثماني والأربعين ساعة الماضية أدلى بتصريحات أكد فيها أنه “لا يمكن تحويل لا في الاستفتاء إلى نعم للتقشف”. وهو ما يزال، حتى وقت كتابة هذه السطور، عضوا في الحكومة.

الوزير الآخر الذي لم يوقع على الاقتراح هو زعيم حزب اليونانيين المستقلين، كامينوس. أصر حزب اليونانيين المستقلين دوما على معارضته لإنهاء تخفيض الضريبة على القيمة المضافة للجزيرة وعارض أيضا إجراء مزيد من التخفيضات في الإنفاق على الدفاع وهو ما تم الاتفاق عليه الآن.

شبه عضو اللجنة المركزية لسيريزا، كوفيلاكيس، الوضع الحالي بالتصويت لصالح اعتمادات الحرب في الرايخستاغ في عام 1914 ودعا لممارسة الضغط على نواب سيريزا للتصويت ضد الاقتراح. ووصف الاقتراح بأنه استسلام و”خيانة للتفويض الشعبي”. وفي نداء وجهه إلى نواب سيريزا طلب منهم «رفض الدوس بالأقدام على التفويض الشعبي وحفظ الشرف. ارفضوا هذا الإذلال للديمقراطية ولا تنسو مصير هؤلاء الذين صوتوا للمذكرة السابقة، والذين تحتفظ لهم ذاكرة الشعب بذكرى سيئة. قفوا جنبا إلى جنب مع الشعب الذي يريد النهوض والعيش، انتفضوا وقولوا “لا”!».

لقد رفض التيار الشيوعي داخل سيريزا هذه المقترحات وسماها بأسمها الصحيح: مذكرة جديدة. لقد وصف الرفاق بشكل صحيح الوضع بأنه انقلاب برلماني، حيث سوف يستخدم البرلمان لتمرير مقترحات تتعارض بشكل مباشر مع الإرادة الديمقراطية للشعب والتي أعرب عنها في الاستفتاء، ودعوا نواب سيريزا للتصويت ضدها ودعوا الشعب إلى التحرك.

قالت رئيسة البرلمان زوي كونستانتوبولو، والتي هي أيضا عضو بارز في سيريزا، إنها ستعارض تمرير مذكرة التقشف الجديدة من خلال البرلمان. إلا أن وسائل الاعلام اليونانية نشرت خبر لقاء بينها وبين تسيبراس الليلة الماضية. يمتلك الجناح اليساري حوالي 30 نائبا في المجموعة البرلمانية. وفي وقت كتابة هذه السطور ينظم اجتماع مشترك بين المجموعة البرلمانية لسيريزا وبين السكرتاريا السياسية للحزب لمناقشة المقترحات. ستجتمع اللجنة المركزية لسيريزا يوم غد السبت، بينما اليوم في المساء سيكون هناك تصويت في البرلمان. لقد تم احتساب الطريقة التي سيتم بها ذلك من أجل تقليل المعارضة للمقترحات. وبدلا من التصويت على المقترحات الفعلية التي تم إرسالها إلى الترويكا، سيطلب من البرلمان إعطاء تسيبراس ونائب رئيس الوزراء دراغاساكيس ووزير المالية تساكالوتوس السلطة للتفاوض على أساس الرسالة، لكن لن يتم إخضاع الرسالة نفسها للتصويت. والفكرة هي أن يتم تقديم المسألة على أنها تصويت شخصي بالثقة في تسيبراس، والتقليل من احتمال تمرد المجموعة البرلمانية. ذكرت صحيفة الجارديان أن «نواب سيريزا قالوا لمراسلتنا هيلينا سميث إن النسبة الكبيرة للتصويت بلا في الاستفتاء يوم الاحد كان “تصويتا بالثقة” في تسيبراس والذي لم يتمتع أي رئيس وزراء آخر قبله بالدعم الشعبي لفرض مثل هذه الاجراءات».

مهما كانت الصيغة المستخدمة في التصويت، فإن تسيبراس قد استعد بالفعل لاحتمال تصويت ما بين 30 و40 من نواب سيريزا ضد مقترحاته. ويوم الاثنين كان هناك اجتماع مغلق بين تسيبراس وبين قادة أحزاب المعارضة ورئيس الجمهورية [اليميني]. واتفق الجميع (باستثناء الحزب الشيوعي اليوناني) على بيان يتوافق مع الاقتراح الذي تقدم اليوم. هذا يعني أن تسيبراس عمليا الآن داخل في تحالف مع نفس الأحزاب (حزب الديمقراطية الجديدة وحزب باسوك وحزب النهر) التي دعمت على طول الخط المذكرات السابقة التي عارضها سيريزا بشدة. وقد تم إبلاغ قادة المعارضة بكل خطوة من المفاوضات، كما التقى رئيس المفوضية الأوروبية يونكر، بين يومي الخميس والجمعة، مع قادة حزب الديمقراطية الجديدة وحزب باسوك وحزب النهر. وكانت هناك شائعات قوية حول مغادرة حزب اليونانيين المستقلين للحكومة وتعويضه بحزب النهر. تقضي الخطة الرئيسية بإبعاد اليسار عن سيريزا وإدخال الحزب في تحالف مع الأحزاب الموالية لأوروبا في حكومة وحدة وطنية.

هذا هو ما يحدث في القمة، لكن مقابل ذلك هناك رد فعل الجماهير في الشوارع. لقد أصبح تسيبراس يتمتع بشعبية كبيرة في الأيام الأخيرة من حملة الاستفتاء، لكن ذلك على أساس قول لا للتقشف والوقوف في وجه الترويكا. إن الطبقة العاملة تحس بالثقة بعد أن حققت، من خلال تعبئة شعبية جماهيرية، انتصارا باهرا ضد الترويكا. فإذا قيل لها الآن أن تقبل باتفاق أسوأ من اتفاق الأسبوع الماضي، يمكن لرد فعلها أن يكون غاضبا. لا يمكننا أن نقلل من مستوى التسييس الذي تحقق خلال الأسبوع الماضي والذي لم يتبخر.

إذا أردت أن تفهم عمق الحركة التي أثارتها حملة الاستفتاء من المفيد أن تنظر إلى درجة الرعب الذي شعرت به الطبقة الحاكمة. وصف مقال مثير للاهتمام نشره موقع كاثيميريني الحملة بأنها “همجية”، إن ما يراه الكاتب بربرية هو “انهيار النظام السياسي التقليدي الذي نشأ خلال فترة ما بعد سقوط المجلس العسكري 1967-1974″. و”السلوك الخطير للغاية من جانب الناخبين، والذي عبر عن نفسه على أساس طبقي”، و”الصراع بين من يملكون ومن لا يملكون والذي لم نشهده منذ ما قبل زمن أندرياس باباندريو” وقبل كل شيء “إخراج صراع كان يجب أن يبقى محصورا داخل البرلمان وربما البرامج التلفزيونية إلى الشوارع. كان هذا جريمة سياسية”. هذا هو ما يخافون منه: “التدخل المباشر للجماهير في الأحداث التاريخية” على حد تعبير تروتسكي.

وكانت خلاصة المقالة أيضا مثيرة جدا للاهتمام: «إن الطريقة الوحيدة أمام رئيس الوزراء اليساري، ألكسيس تسيبراس، لتجنب الصراعات الأهلية التي تلوح في الأفق هي التوقيع على صفقة من شأنها أن تبقي اليونان في منطقة اليورو». لقد تعرضت الطبقة الحاكمة في اليونان لبعض الضربات الخطيرة (في انتخابات 25 يناير واستفتاء 05 يوليوز). نتيجة لذلك عانت أحزابها السياسية ولم يعد لديها شرعية ولا دعم شعبي لتمرير التدابير التي تراها الطبقة الحاكمة ضرورية. الطريق الوحيد الذي بقي أمامها هو أن يستخدم تسيبراس كل ما لديه من رصيد سياسي لتنفيذ سياساتها. وهو ما سيكون له عاقبة واحدة: سيخسر كل ذلك الرصيد السياسي.

هناك مظاهرات تمت الدعوة لها بالفعل لهذه الليلة في أثينا وسالونيك. إحداهما مظاهرة لحزب سيريزا والتي سبق أن خطط لها للاحتفال بالنصر الذي تحقق في الاستفتاء في ساحة سينتاجما. وقد قررت قوى أخرى الآن، بما في ذلك حزب اليسار المعادي للرأسمالية، الانضمام إليها. وهناك أيضا نداء من ستة أعضاء في قيادة نقابة موظفي القطاع العام (ADEDY) للتعبئة من أجل الدفاع عن لا. بينما دعا الحزب الشيوعي اليوناني للاحتجاج بشكل منعزل في ساحة أومونيا.

العامل الحاسم لفهم سلوك تسيبراس وفاروفاكيس (وأيضا تساكالوتوس) هو حقيقة أنهم لا يستطيعون أن يروا أي بديل عن البقاء داخل الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. ونتيجة لذلك فإنهم مضطرون إلى الابتعاد أكثر فأكثر عن وهمهم الأصلي بإمكانية توقيع “صفقة مشرفة” ومضطرون إلى تقديم تنازلات أكبر فأكبر للترويكا.

وبالتالي هناك أساسا ثلاثة متغيرات رئيسية في المعادلة. الحكومة اليونانية والترويكا (والرأسمالية الألمانية بشكل خاص) والطبقة العاملة اليونانية. القوة النسبية التي تمارسها هذه القوى الثلاثة سوف تحدد النتيجة. إنه صراع بين قوى حية ولم يتقرر أي شيء بعد.

ومع ذلك من الضروري أيضا تقديم تقييم مؤقت. يمثل كل هذا معركة بين المصالح الطبقية المتعارضة: بين مصالح الطبقة العاملة في اليونان، وعبر أوروبا من جهة؛ وبين مصالح الطبقة الرأسمالية في أوروبا (التي يهيمن عليها أصحاب الأبناك والرأسماليون الألمان) وأختها الطبقة الرأسمالية في اليونان. من جانبنا كانت أضعف نقطة لدينا هي جنرالات جيشنا. لا بد من الاعتراف بذلك. كان في مقدور تسيبراس أن يتبع مسارا مختلفا تماما عبر القطع بحسم مع الترويكا والتبرؤ من الدين وتحدي منطق الرأسمالية. إنه يتمتع بتأييد شعبي كبير (80٪ في فبراير، و62٪ في الاستفتاء) من شأنه أن يسمح له بأن يسير على هذا المسار. لكنه رفض. إذ لم يكن ذلك أبدا جزءا من استراتيجيته.

أما لافازانيس والجناح اليساري بشكل عام فقد كان غير مهيأ بشكل كامل لخوض المعركة. لقد تجنب لافازانيس الدخول في أي معارضة مفتوحة لمدة 05 أشهر، ولم يتحرك الجناح اليساري أبدا كقوة متماسكة للرد على مختلف التسويات والتنازلات والتعبئة ضدها، وهو ما كان يمكن له أن يغير مجرى الأحداث، أو يحضر بشكل أفضل المعركة. وأخيرا حتى العناصر الأكثر تقدما داخله تبدو مفتقرة إلى فهم واضح لما يمكن أن يكون بديلا، مقتصرين على فكرة العودة إلى الدراخما في إطار الرأسمالية (مع تأميم البنوك). وهذا عائق، لأن قسما كبيرا من العمال خائفون، وهم محقون، من عواقب خروج اليونان من اليورو، والذي من شأنه أن يؤدي إلى انهيار مخيف للاقتصاد إضافة إلى كل ما عانوه في السنوات الخمس الماضية.

أما قيادة الحزب الشيوعي اليوناني، وفي الوقت الذي تقدم العديد من الانتقادات الصحيحة، فقد انغلقت على نفسها في عزلة عصبوية، غير قادرة على تبني مقاربة لينينية صحيحة بطرح جبهة موحدة مع سيريزا، وهو ما كان سيؤهلها الآن لتحل محله بكسب عدد كبير من أعضاء سيريزا والمؤيدين له.

لقد واضب التيار الشيوعي داخل سيريزا باستمرار على تقديم الشروحات وتوجيه التحذيرات، لكن قواته ما تزال صغيرة جدا وبالكاد يستطيع أن يسمع صوته. إنه غير قادر على تحديد مسار الأحداث. وهو على الأكثر عامل مساعد صغير.

المعركة في آثينا لم تنته بعد. من غير المستبعد أن تتعنت ألمانيا وترفض تقديم أية مساعدة جديدة للخروج من الأزمة. والمهمة العاجلة في اليونان هي معارضة هذه المقترحات وممارسة الضغط على نواب سيريزا للتصويت ضدها وحشد أوسع الفئات الممكنة في الشوارع لمعارضتها ثم مقاومة تنفيذها.

وخارج اليونان هناك دروس هامة يمكن تعلمها، خاصة مع اقتراب أحزاب مثل حزب بوديموس (PODEMOS) في إسبانيا من الوصول إلى السلطة. في إطار الرأسمالية المأزومة لا توجد وسيلة للقطع مع التقشف وليس من الممكن تنفيذ ولو تدابير متواضعة للدفاع عن مستويات معيشة العمال. فمن أجل وضع حد للتقشف يجب القضاء على الرأسمالية.

جورج مارتن
الجمعة: 10 يوليوز 2015

هوامش:

[1] “آلية الاستقرار الأوروبية” هيئة أوروبية يرأسها كلاوس ريغلينغ، أنشأت في دجنبر 2010، وهي هيئة دائمة للتعامل مع الأزمات المالية لدول منطقة اليورو، تعمل على مساعدة الدول الأعضاء المتعثرة ماليا لمواجهة أزماتها المالية، لكي لا تتضرر الوحدة النقدية الأوروبية. المترجم.

عنوان النص بالإنجليزية:

Greece: government’s proposals to the Troika turning OXI into YES

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *