الرئيسية / دول العالم / أوروبا / إسبانيا / إسبانيا: الاتفاق الانتخابي بين حزبي بوديموس واليسار المتحد يرعب اليمين

إسبانيا: الاتفاق الانتخابي بين حزبي بوديموس واليسار المتحد يرعب اليمين

في09 ماي الماضي، أعلن حزبا اليسار المتحد وبوديموس عن اتفاق للوحدة الانتخابية، استعدادا للانتخابات العامة، المزمع إجراؤها يوم 26 يونيو المقبل. وسوف يكون لأعضاء المنظمتين فرصة للتصويت على هذا الاتفاق في استفتاء سينظم خلال هذا الأسبوع.

يشمل الاتفاق أيضا القوائم المشتركة التي كانت موجودة بالفعل خلال انتخابات 20 دجنبر قائمة En Comú Podem – (معا نستطيع) في كاتالونيا، وقائمة En Marea – (لنركب المد) في غاليسيا وقائمة فالنسيا. ويدافع ماركسيو منظمة Lucha de Clases (الصراع الطبقي) عن ضرورة اتفاق على صعيد إسبانيا كلها، وهو ما حالت دون تحقيقه حتى الآن المصالح الضيقة لبعض أعضاء أجهزة المنظمتين.

استقبل الاتفاق بحماس كبير من طرف آلاف المناضلين ويحتمل أن يغير سيناريو انتخابات 26 يونيو رأسا على عقب. لقد تمت الدعوة إلى هذه الانتخابات الجديدة بعد عدم التوصل إلى اتفاق على تشكيل الحكومة بناء على نتائج انتخابات 20 دجنبر الماضي. وقد تمحورت معظم محادثات تشكيل الحكومة حول مسألة ما إذا كان الحزب الاشتراكي الإسباني (PSOE) سيفضل التحالف مع الحزب ‘الإصلاحي’ اليميني Ciudadanos (مواطنون) أو مع القوى الموجودة على يساره، بما فيها حزبا بوديموس واليسار المتحد.

بابلو اغليسياس والبرتو غارثون- الصورة لخوسي كاميو

في الواقع، تمكن حزب بوديموس بمهارة من وضع قادة الحزب الاشتراكي في معضلة الاختيار بين إما تشكيل حكومة من اليسار أو حكومة من اليمين. وهذا مثير للاهتمام لأن قادة حزب بوديموس قد أصروا دائما على القول بأن التقسيم على أساس اليمين واليسار قد عفا عليه الزمن وأنه لم يعد مفيدا وأوضحوا أن المسألة الآن هي “من هم في الأسفل، ضد أولئك الذين هم فوق”.

لقد تمت هزيمة هؤلاء الذين، داخل حزب بوديموس وحزب اليسار المتحد، عارضوا، لأسباب مختلفة، أي اتفاق للوحدة.

من المرجح أن مجرد تكرار انتخابات دجنبر لم يكن ليسفر عن أي تغييرات كبيرة في تشكيلة البرلمان، مما كان من شأنه أن يؤدي إلى أفق مسدود جديد. إلا أن الاتفاق الانتخابي غير المعطيات. وتظهر استطلاعات الرأي حاليا أن جمع أصوات حزب بوديموس وأصوات حزب اليسار المتحد سيسمح لهما بتجاوز الحزب الاشتراكي في عدد الأصوات المحصل عليها، وربما حتى في عدد المقاعد. النظام الانتخابي الاسباني، المبني على أساس الدوائر الانتخابية على مستوى المحافظة، أضر بحزب بوديموس خلال الانتخابات الأخيرة: ففي العديد من المحافظات الأصغر الممثلة بثلاثة نواب أو أربعة، لم يتمكن من تحقيق الأصوات اللازمة للحصول على أي منتخب. إن إضافة أصوات اليسار المتحد قد يعني زيادة قدرها 15 إلى 20 مقعدا. بل ومن الممكن أنه بفضل التأثير المضاعف لهذه القائمة المشتركة أن يصيرا قادرين على منافسة الحزب الشعبي الحاكم على المركز الأول.

ينص الاتفاق على تشكيل منبر مشترك لكنه يسمح للمنظمتين بالكثير من الاستقلالية الذاتية للدفاع عن النقاط الأخرى وتنظيم حملاتهما الخاصة بشكل مستقل. ومع ذلك فمن المرجح أن تكون هناك تجمعات جماهيرية مشتركة بين البرتو غارثون وبابلو اغليسياس وغيرهما من الشخصيات القيادية المعروفة وهو ما سوف يخلق تأثيرا هاما في جميع أنحاء البلاد.

لقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مؤخرا مركز الأبحاث السوسيولوجية، في أبريل، أن نوايا التصويت المباشرة لحزبي اليسار المتحد وبوديموس، بالإضافة إلى “الإعجاب”، من شأنها أن تضعهما في مرتبة أعلى من الحزب الشعبي (19,8 % لحزبي اليسار المتحد وبوديموس، مقابل 19,2 % للحزب الشعبي و18 % للحزب الاشتراكي). بطبيعة الحال ما يزال الوقت مبكرا (لن تبدأ الحملة حتى 10 يونيو) وما يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، إلا أن منظور هزيمة حكومة الحزب الشعبي التقشفية الممقوتة يمكنه أن يبث الحماس في صفوف فئة من الشباب التي امتنعت عن التصويت في دجنبر الماضي وكسب قسم من ناخبي الحزب الاشتراكي الغاضبين على رفض حزبهم عقد صفقة مع حزب بوديموس. ومن المعبر أن نفس الاستطلاع يظهر أن حزب بوديموس بالإضافة إلى اليسار المتحد يتصدران أصوات الفئات العمرية ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 55 سنة.

حتى لو جاء التحالف الانتخابي بين حزبي بوديموس واليسار المتحد في المرتبة الثانية، فإن ذلك من شأنه أن يضع الحزب الاشتراكي في موقف أكثر صعوبة: سوف يضطر إلى الاختيار بين السماح لحكومة الحزب الشعبي بتشكيل الحكومة (وفقدان المزيد من ناخبيه نتيجة لذلك) أو الدخول كشريك صغير في ائتلاف مع حزب بوديموس، وهو الشيء الذي تخشاه الطبقة الحاكمة كثيرا.

سوف نشهد الآن انطلاق أشرس حملات الهجمات والافتراءات والأكاذيب ضد القائمة المشتركة من طرف كل وسائل الإعلام الرأسمالية. سوف يعيدون إحياء السياسيين ورجال الدولة البرجوازيين (يتبادر إلى الذهن هنا فليبي غونزاليس) لانتقاد حزبي بوديموس واليسار المتحد والتحذير كذلك من “المخاطر” المحدقة بالبلد إذا ما تم انتخابهما. وبالفعل لقد وصف “كاتب للرأي” في الصحيفة اليمينية ABC اتفاق بوديموس واليسار المتحد بكونه “الستالينية القديمة والفاشية الحديثة”!!

ووصف زعيم الحزب الاشتراكي، سانشيز، الاتفاق باعتباره اتفاقا “لليسار المتطرف”، في حين وصفه راخوي بأنه “تحالف المتطرفين والراديكاليين”. أما المتحدث باسم الحزب الشعبي في البرلمان، رافائيل هيرناندو، فقد وصفه بأنه “تحالف بين الشيوعية الكوبية والفنزويلية” وشبهه بـ “الأنظمة الماركسية اللينينية في كوريا الشمالية والصين وبوليفيا وفنزويلا وكوبا”. لكن كل ذلك يأتي بنتائج عكسية، ولقد رأينا ذلك من قبل.

يقوم برنامج قوائم اليسار المتحد وبوديموس على البرنامجين الذين سبق للمنظمتين تقديمهما في انتخابات دجنبر الماضي (والذين كانا متشابهين في جوهرهما)، أي برنامج عام من الإصلاحات، ضد التقشف، وإلغاء أسوء قوانين حكومة الحزب الشعبي (بما في ذلك قانون وريت [1] في ميدان التعليم ، وقانون استهداف الحقوق الديمقراطية، والإصلاحين المضادين الأخيرين لقانون العمل، الخ)، واتخاذ تدابير ضد عمليات الإخلاء، وبطء وتيرة خفض العجز، والمزيد من الإنفاق الحكومي،…

يظهر الحماس الذي عبر عنه الآلاف من النشطاء والجماهير تجاه اتفاق الوحدة بين بوديموس واليسار المتحد، الرغبة في إحداث تغيير جوهري في

المجتمع ومعارضة عميقة الجذور للنظام الاقتصادي الفاشل والنظام السياسي الفاسد. لكن المشكلة هي أن البرنامج الذي يدافع عنه قادة المنظمتين لا يجيب عن السؤال الرئيسي وهو من أين سيأتي المال الضروري لتمويل هذا التراجع عن سياسة التقشف.

الرأسمالية الاسبانية في أزمة والرأسمالية الأوروبية في أزمة والنظام الرأسمالي العالمي كله يتجه نحو ركود جديد. والاتحاد الأوروبي يطالب بالفعل أي حكومة جديدة في اسبانيا بتخفيضات تتراوح قيمتها ما بين 10 و12 مليار أورو، إذ أن حكومة الحزب الشعبي اليمينية قد تخلفت عن تخفيض العجز بنحو نقطة مئوية في عام 2015. سوف يجد قادة حزبي بوديموس واليسار المتحد أنفسهم، إذا ما وصلوا إلى السلطة وعندما سيصلون إليها، أمام نفس الوضع الذي واجه سيريزا وتسيبراس بالفعل، أي: لا إمكانية لأية إصلاحات في ظل حدود الرأسمالية المأزومة.

مهمة الماركسيين هي مرافقة جماهير العمال والشباب في عملية التعلم هذه من خلال تجربتهم الخاصة، والمرحلة الضرورية في هذه العملية هي هزيمة الحزب الشعبي ووصول حزب بوديموس إلى السلطة بشكل أو بآخر. إننا نشارك في نضالاتهم، سواء الانتخابية أو غيرها، وفي نفس الوقت نشرح لهم بصبر أن ما يريدونه لا يمكن أن يتحقق فعلا إلا بإسقاط صرح الرأسمالية الفاسد كله.

خورخي مارتن
الأربعاء: 11 ماي 2016

هوامش:

[1] وريت: هو José Ignacio Wert ، وزير التعليم والثقافة والرياضة الاسباني في حكومة الحزب الشعبي الحاكم ما بين 22 دجنبر 2011 و26 يونيو 2015. وقد اطلق اسمه على القانون الذي اقترحه عندما كان في الحكومة والذي يتضمن الكثير من التراجعات في ميدان التعليم. المترجم

عنوان النص بالإنجليزية:

Spain: Podemos – United Left electoral agreement makes the right wing tremble

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *