جريدة الثورة – الفرع الفرنسي للتيار الماركسي الأممي
الخميس: 25 غشت 2016
هذا الصيف، ركزت وسائل الإعلام اهتمامها بشكل مبالغ فيه على مسألة قرار العديد من رؤساء البلديات المنتمين للحزب الجمهوري وأيضا المنتمين للحزب الاشتراكي (بدعم من فالس ووزراء آخرين)، بحظر ارتداء ثوب يسمى البوركيني في الشواطئ. ويأتي هذا القرار وسط مناخ عام من الدعاية العنصرية ضد المهاجرين عموما وضد المسلمين على وجه الخصوص، خاصة بعد موجة الهجمات الإرهابية التي ضربت فرنسا. ويتهم هؤلاء بأنهم يتبنون إسلاما عنيفا يتعارض مع “مبادئ الجمهورية”، هذا إذا لم يتم ربطهم ببساطة بالأعمال الإرهابية التي تتبناها داعش. وهكذا يعمل السياسيون ووسائل الإعلام على خلط الإسلام والأصولية والهجرة والإرهاب، متناسين عن عمد أن الإرهابيين يضربون دون تمييز على أساس لون البشرة أو الدين.
النساء اللواتي يرتدين البوركيني (وضمنيا كذلك تلك اللواتي يرتدين الحجاب أو الملابس المشابهة الأخرى) متهمات بالتسبب في الإخلال بالنظام العام وتهديد السلامة العامة، وبأنهن حاملات لواء عقيدة سياسية مدمرة مرتبطة بالإرهاب الإسلامي.
في وسائل الإعلام يعمل السياسيون والصحفيون والفلاسفة على إدانة العنف الذي تعنيه هذه الملابس ضد المرأة. في حين تتعرض 75000 امرأة على الأقل للاغتصاب في فرنسا كل عام وتموت امرأة كل ثلاثة أيام على يد شريكها، وكل هذا في ظل لامبالاة شبه كاملة، كما أن الحق في الحصول على الإجهاض يتعرض للضرب بسبب سياسات التقشف وما تزال النساء تتلقين أجورا أقل من الرجال، لكن فجأة اكتشف السياسيون شغفهم بحقوق النساء وصاروا أبطال الدفاع عن الحريات عن طريق اتخاذ تدابير زجرية بخصوص… كيف يمكن للمرأة أن ترتدي لباسها.
من الواضح أن جميع هؤلاء الأشخاص لا يشعرون بالقلق إزاء محنة النساء إلا عندما يناسبهم ذلك، أي عندما يمكنهم ذلك من توجيه المزيد من التهم للسكان المسلمين. إن تطبيق هذه التدابير لن يكون لها في الواقع من تأثير سوى السماح للشرطة بإذلال النساء بإجبارهن على خلع ملابسهن.
إن التركيز على مسألة ارتداء بعض النساء لهذا الزي (وقد اعترف أحد رؤساء البلديات المؤيدين لهذا القرار أنه لم يلاحظ وجود أي امرأة ترتدي البوركيني في شواطئ المدينة) الهدف منه هو الدخول في حرب مزايدة على الهوية، للمزيد من تقسيم صفوف العمال وصرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وراء الحجج الزائفة والدفاع المنافق عن العلمانية والمساواة بين الرجال والنساء، الرسالة الموجهة إلى السكان المسلمين، الذين ينحدرون غالبا من المستعمرات الفرنسية السابقة، رسالة واضحة: إنكم لستم مواطنين مثل الآخرين، ونحن لا نريدكم في فرنسا. وإذا كان هذا الجدل يستهدف على وجه التحديد البوركيني فإن المستهدف في الواقع هو كل السلوكيات التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بممارسة الإسلام. وهكذا على المسلمين في فرنسا أن يختفوا كما أعرب عن ذلك شوفينمان (Chevènement) بوضوح.
إن الأزمة البنيوية للرأسمالية على الصعيد العالمي تدفع الطبقة الحاكمة لإلهاء الجماهير عن النضال الطبقي الذي يتصاعد. وينبغي على الحركة العمالية ومناضليها أن يكونوا على حذر بشكل خاص لكي لا يقعوا في الفخاخ التي تنصبها لنا البرجوازية وخدامها. وهذا يصدق بشكل خاص عندما تشن هجماتها العنصرية والمعادية للإسلام وراء ستار الدفاع عن العلمانية والتلاعب المنافق بحقوق النساء.
عنوان النص بالفرنسية: