فيكتور موراي
الاثنين: 01 ماي 2017
يوم الجمعة [28- 04- 2017] نظم العمال والنقابات في البرازيل أول إضراب عام يشهده البلد منذ أكثر من عقدين، احتجاجا على إجراءات التقشف، وخاصة الاقتطاعات القاسية في المعاشات التي تنفذها حكومة تيمر الفاسدة.
أضرب ملايين العمال وخرجوا إلى الشوارع في المدن الرئيسية بجميع أنحاء البرازيل، وتتحدث تقارير عن اندلاع إضرابات في كل ولايات البلاد الست والعشرون. كانت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير، على الرغم من أن الطبقة الحاكمة كانت مصممة في بعض المدن، ولا سيما الكبيرة منها، على وقف الحركة بأي وسيلة ممكنة. وقد أدى ذلك إلى حدوث مواجهات قوية حيث هاجمت الشرطة الحشود بعنف مستخدمة الهراوات والرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
شمل الإضراب العام جميع فئات الطبقة العاملة البرازيلية تقريبا، بمن في ذلك عمال البلدية وعمال النقل العام وموظفو المصارف وعمال البريد وأساتذة الجامعات والعاملون في المدارس العامة والخاصة، وسائقو سيارات الأجرة. كما أعلن اتحاد عمال المعادن أن 60 ألف من أعضائه انخرطوا في الإضراب.
ووصفت التقارير الواردة من ساو باولو المدينة بأنها “معطلة” مع شل جميع الطرق والسكك الحديدية وإقامة المتاريس، مما حد من إمكانية الوصول إلى المطار الرئيسي. وقالت التقارير من العاصمة برازيليا بأن سائقي الحافلات رفضوا التوقف عن المظاهرات على الرغم من تهديدات الشرطة لهم، كما رفضوا رفع الحواجز على الطرق السريعة الرئيسية في المدينة وفي اتجاه المطار. وحاول حشد غاضب أيضا السير إلى منزل الرئيس ميشيل تيمر، وقد أوقفته الشرطة التي أطلقت على المتظاهرين الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية. وقد تصاعد النضال مع قيام المتظاهرين بقذف الحجارة وكتل خرسانية في وسط الشارع. وقد قال موظف في بنك لصحيفة “التلغراف”: “لا يمكننا أن نهدأ بعد الآن، مع وجود حكومة غير شرعية، لم تنتخب لضرب حقوق العمال”.
وقد كان الفرع البرازيلي للتيار الماركسي الأممي – منظمة اليسار الماركسي – حاضرا بدوره في المظاهرات في العديد من المدن بجميع أنحاء البرازيل. في مدينة جوانفيل، وهي المدينة الأكبر في ولاية سانتا كاتارينا، قادت المنظمة أكثر من 7000 متظاهر في حدث نظم بالتنسيق مع إحدى النقابات المحلية (Sinsej). مع تقدم اليوم، نظم عمال البلدية والطلاب وعمال التعليم الحكومي والخاص والكهربائيون وموظفو المصارف، من بين عدد لا يحصى من العمال الآخرين، قواتهم وساروا وهم يهتفون بشعارات مثل “فليسقط تيمر والمؤتمر الوطني!” و”تيمر سوف يسقط إذا دفعناه!”. وتفيد الأرقام التي نشرتها صحيفة “برازيل دي فاتو” الأسبوعية أن عدد المشاركين بلغ 35 مليون عامل، مما يجعل منه الإضراب الأكبر في تاريخ البرازيل.
وعلى الرغم من ذلك، ادّعَى بيان الرئيس تيمر الذي أصدره بعد الإضراب أنه يتألف من “مجموعات صغيرة” فقط، ووعد بأن “عمله من أجل تحديث التشريعات الوطنية سيستمر”.
إن حكومة تيمر والنخبة السياسية البرازيلية يمثلان المصالح الأساسية للرأسمالية البرازيلية. وهذا في زمن الأزمة الاقتصادية، يعني الاعتداء الوحشي على حقوق العمال ومستويات المعيشة من أجل الدفاع عن أرباح وامتيازات تلك الطبقة الرأسمالية. والنتيجة هي أنه من المستحيل الحفاظ على حياة كريمة بالنسبة لغالبية الطبقة العاملة والفقراء.
وفى يوم الخميس، قبل يوم من الإضراب، قضت المحكمة العليا البرازيلية بأن يمكن لنخبة الموظفين الحكوميين أن يحصلوا على رواتب تتجاوز 140 ألف دولار سنويا، على الرغم من أن الدستور البرازيلي ينص على أن هذا المبلغ هو الحد الأقصى. وفي الوقت نفسه، يكسب نصف سكان البرازيل، أي أكثر من 100 مليون شخص، حوالي الحد الأدنى للأجور البالغ 000 4 دولار في السنة. وبينما تقوم حكومة تيمر بتنفيذ تدابير التقشف، والاقتصاد غارق في الركود طيلة العامين الماضيين، ومعدل البطالة يتصاعد إلى مستويات هائلة إلى ما يقرب من 15٪. وكانت النتيجة، وفقا لاستطلاع للرأي أجرته Ibope يوم الجمعة، انخفاض في نسبة الموافقة على الحكومة إلى 10٪ فقط، بينما يرفض 55 ٪ بشكل فعال إدارتها للبلاد.
بيد أن تيمر وحكومته يدافعان عن إجراءاتهما. وهم يدعون أن هذه السياسات ضرورية، ويتباهون بفخر بشأن الارتفاع الذي تحقق في سوق الأسهم البرازيلية بنسبة 20٪ خلال العام الماضي، وهو ما لا يعني شيئا بالنسبة للعمال البرازيليين.
ومع هجمات الطبقة السائدة ضد الطبقة العاملة، ليس علينا الانتظار لعقدين آخرين من أجل القيام بإضراب عام آخر. في مرحلة الأزمات العميقة مثل هذه التي نعيشها اليوم، تضطر الرأسمالية إلى مهاجمة الطبقة العاملة باستمرار، وضرب حقوقها ومستويات معيشتها؛ وهي الهجمات التي تزداد شدة ويصير من الأصعب تحملها. وهذا يعني أننا نشهد انفتاح مرحلة من الصراع الطبقي المكثف والاضطرابات الثورية.
تعكس الإضرابات، التي تحدث في جميع أنحاء البلاد، المزاج الكفاحي الذي كان يختمر داخل صفوف الطبقة العاملة. وأمام انتشار الفساد ومع تناقص احتمال تحسن مستويات المعيشة أكثر من أي وقت مضى، بدأ العمال يأخذون الأمور بأيديهم. لا يمكن تحقيق أي من هذه الأمور في ظل نظام رأسمالي غارق في أزمة عميقة. ولتخليص البرازيل من الفساد والاضطهاد، هناك حاجة إلى بناء نظام جديد كليا. وقد بدأت بالفعل فئة واسعة من الشباب تتوصل إلى هذه الاستنتاجات الجذرية. وقد شهدت الحركات الشبابية الاشتراكية مثل Liberdade e Luta [الحرية والنضال]، التي أطلقتها منظمة اليسار الماركسي، نجاحا كبيرا خلال العام الماضي في توحيد الطلاب في الكفاح من أجل مجتمع متساو متحرر من قيود الرأسمالية. وهذا استباق للتطورات التي ستحدث بين الفئات الأوسع للطبقة العاملة خلال الفترة المقبلة.
عنوان النص بالإنجليزية:
General strike in Brazil: Workersfight back against corrupt Temer government