الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / الشرق الأوسط / سوريا / لا حلول في إدارات ذاتية معزولة… ناضلوا من أجل فدرالية اشتراكية شرق أوسطية

لا حلول في إدارات ذاتية معزولة… ناضلوا من أجل فدرالية اشتراكية شرق أوسطية

ننشر هنا مقالة كتبها رفاقنا السوريين في تيار “البديل الماركسي” حول الدعوات الصادرة حديثًا إلى إقامة إدارة ذاتية في السويداء، وهذا على إثر الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت هناك. يناقش الرفاق تلك الفكرة من واقع التجربة السورية نفسها في روج آفا، ويبينون كيف أنه لا يمكن لأي قدر متوهم من الحكم الذاتي أن يأتي بمكاسب للجماهير في ظل الرأسمالية، وأن الحل الوحيد في إسقاط النظام الرأسمالي وإقامة فدرالية اشتراكية


كان القرار الذي أصدره النظام السوري في آب الماضي بزيادة أسعار الوقود بمقدار 200 % بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير والتي أدت لانطلاق احتجاجات واسعة في محافظة السويداء في جنوب سوريا.

 استمرار أزمة غياب وجود قيادة ثورية واقتصار القيادات على شخصيات دينية هي بالأساس جزء من الطبقة السائدة جعل هذه الاحتجاجات بلا أفق الأمر الذي أدى إلى صعود واضح لقوى الثورة المضادة بعدة برامج رجعية أبرزها القرار 2254 و الإدارة الذاتية. كنا قد تكلمنا في مقال منفصل عن القرار 2254 وسوف نخصص هذا المقال لنطرح موقفنا من الإدارة الذاتية.

لماذا الإدارة الذاتية في السويداء ومن يطالب بها؟

كان لصعود قوى الثورة المضادة و زيادة هيمنة الأصوليين و الإسلاميين على الثورة السورية في عام 2011 دور كبير في تراجع مشاركة الأقليات القومية و الدينية في هذه الثورة.

تطور هذا التراجع فيما بعد إلى توجه بعض الأقليات الدينية والقومية لسلوك مسار منفصل وخاص بها للحل. غياب القيادة الثورية وصل بالثورات إلى طريق مسدود. سيناريو جعل التيارات السياسية التي انبثقت من مجتمعات بعض الأقليات تتبنى سيناريو الإدارة الذاتية كحل للمشاكل مفترضين أنهم  يمكنهم عزل مشاكلهم عن المسبب الرئيسي والتي هي الرأسمالية و إيجاد حلول لها ضمن سياقاتهم الخاصة.

 تتصرف التيارات السياسية التي تدعو لإقامة إدارة ذاتية كشخص انتظر طويلاً في محطة القطار و من شدة الملل استقل أول قطار أتى رغم أنه القطار الخاطئ. لا يوجد طرق مختصرة للتغيير ولا يمكن حل القضايا المستعصية بدون المرور بمرحلة طويلة من البناء الثوري و العمل الدعوي.

في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية يُعتبر حزب اللواء هو القوة الأساسية التي تطالب بإقامة إدارة ذاتية هناك وهو حزب مدعوم من الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

لا يمتلك هذا الحزب حتى الآن أي برنامج أو رؤية واضحة و تكتيكاته بالعمل مازالت مشبوهة لعدة أسباب، يستغل الحزب الفاقة التي يعاني منها الشعب هناك لشراء الولاءات حيث أطلعنا أحد رفاقنا في محافظة السويداء أن أعضاء من الحزب كانوا يجولون في مناطق عديدة و يدعون للانضمام للحزب مقابل خمسون دولار وسلة غذائية. من جهة أخرى يعتمد هذا الحزب على الاشاعات التي تقول بأن هناك إرادة دولية لإقامة إدارة ذاتية في السويداء وهذا ما أثبت عدم صحته وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة في حوار مع شبكة السويداء 24 الإخبارية في ال23 من ديسمبر 2023 بأن ” الأردن كان دائماً يرفض فكرة الدخول في الأراضي السورية حتى في ذروة الأزمة هناك”.

من جهة أخرى أشار المعايطه إلى أن فكرة المعبر غير مطروحة في الأردن، “ولم يتم تداول اي شيء رسمي عنه”. وأكد أن “الأردن يفضل التعامل مع جهات رسمية لأن المعابر تحتاج إلى جهات رسمية أمنية، للرقابة على البضائع والجمارك وغيرها من الإجراءات”.

لم تكن هذه الاشاعة الوحيدة. حيث يروج أعضاء هذا الحزب أن السويداء مليئة بالثروات الطبيعية، الأمر الذي لم تؤكد صحته أي دراسة أو أي جهة رسمية حتى الآن.

لكن حتى لو كانت هكذا تلفيقات عبارة عن حقائق، وحتى لو تمكنوا من إقامة إدارة ذاتية. هل فعلاً يمكن لهذه المشاريع أن تكون حلول؟ ما هو موقف الماركسيين من  هذه الأفكار ؟

ما هو موقفنا من الإدارات الذاتية / الحكم الذاتي

نحن ننطلق من حقيقة مفادها أن لا إمكانية لبناء جزيرة من السلام في بحر من الحروب والقتل ولا يمكن إيجاد أي حلول جذرية لشعوب المنطقة على أسس رأسمالية.  إن أنصار هذا المشروع بغض النظر عن مكانه وزمانه أو الأسباب التي تدعو لإقامته  يعتقدون أنه بإمكانهم  عزل انفسهم عن الأمراض الرأسمالية و تقديم العدالة والحياة الكريمة و السلام من دون اسقاط الأنظمة الطبقية في العواصم. إن شكل النضال هذا لم يعد يعترف بالثورة، و لم يعد ضد العدو الطبقي و إنما يهدف للتنظيم الذاتي والعيش بشكل مستقل. هم بكل بساطة ينطلقون من سردية مفادها: “دعوا العالم يدور و اتركونا  في سلام”.

بالنسبة لنا كماركسيين فإن الحقيقة الموضوعية ليست مسألة نظرية بل هي مسألة عملية، الممارسة و التجارب السابقة هي المحك الذي يجب على الانسان أن يثبت فيها الحقيقة. فالخلاف حول واقعية فكرة معزولة عن الممارسة هو خلاف عقيم وغير مجدي، وعليه سوف نستخلص موقفنا من هكذا نوع من أنواع النضال من خلال الحديث عن التجارب الراهنة والتاريخية.

روجافا

عندما نقدم موقفنا بخصوص الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بصفتها حل مطروح لما يعاني منه الشعب الكردي من اضطهاد،  فإننا ننطلق من خصوصية التجربة و من فهمنا الماركسي للقضية القومية و قناعتنا الكاملة بحق الشعب الكردي بتقرير مصيره. نحن لا يمكن أن نرفض هذا الحق كما يفعل حزب اليسار الديمقراطي و العديد من الاشتراكيين الشوفينيين العرب. لكن من جهة أخرى فإن اعترافنا بحق تقرير المصير لا يعني الدعوة للانفصال أو أننا نقدم شيكات على بياض للبرجوازية والبيروقراطية في شمال وشرق وسوريا كما يفعل تيار اليسار الثوري.

 بدأت حركة التحرر القومي الكردي في روجافا بأخذ منحى تصاعدي بعد أن صعدت قوى الثورة المضادة و الهيمنة المتزايدة للإسلاميين في المعارضة. استطاع حزب ال PYD (حزب الاتحاد الديمقراطي وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني) انتزاع الحقوق الديمقراطية ( الثقافية واللغوية ) للشعب الكردي والتي اغتصبها النظام الطبقي في دمشق لعقود و هو إجراء لا يمكن لأي ماركسي إلا أن يتبناه ويدعمه ولكن من دون الوقوف عند هذه الحدود بل تجاوزها باتجاه الاشتراكية.

 الجماهير الكردية والتي حالها أسوء من حال  الجماهير العربية بسبب القمع البعثي الشوفيني لم تدخل في مدرسة الثورة لعقود و لم تستطع أن تطور ثقتها بنفسها. هذا ما جعل الشعب الكردي يكتفي بالنظر بإعجاب كبير لحزب الاتحاد الديمقراطي كونهم المخلصين. لكن هذا الإعجاب كان من الممكن أن يتطور ليصبح زخماً جماهيرياً هائلاً  من الممكن أن يلعب دوراً حاسماً  في تجاوز حدود الرأسمالية باتجاه الاشتراكية لو أن حزب الاتحاد الديمقراطي كان يثق بطاقات الجماهير الكامنة.

 لكن ماذا حدث، الذين ناضلوا من أجل حقوق الشعب حكموا عوضاً عن الشعب. و بدلاً من أن يتم الاستناد إلى الزخم الجماهيري من الأسفل لاتخاذ إجراءات اشتراكية تشكل حجر الأساس لبناء فدرالية اشتراكية تكون منطلق لفدرالية اشتراكية أوسع، اتجه حزب الاتحاد الديمقراطي ليسلك طريق الرأسمالية.

 حزب العمال الكردستاني الذي ناضل لعقود بين الجبال كان معزول عن الجماهير ولم يكن يملك ثقة بطاقاتها. هذا الواقع أسس لغياب أي مبادرة حقيقية من طرف الجماهير و النتيجة، تم تسليم زمام أمور الشعب الكردي على طبق من ذهب لجهاز بيروقراطي وطبقة برجوازية تستمد قوتها من الإمبريالية الأمريكية.

الاصطدام بجدران الرأسمالية

وفق لينين فإن دك الملكية الخاصة هو الخطوة الأولى في حل المسألة القومية. لذلك كان لا بد من مصادرة أملاك البرجوازيين و الملاك العقاريين والاقطاعيين منذ البداية. لكن ما حدث في روجافا هو عكس ذلك تماماً.  تم قوننة الرأسمالية بشكل رسمي.  نصت المادة 70 من العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية والذي صدر في شهر ديسمبر / كانون الأول عام 2023 بأن الملكية الخاصة مصانة كما سمحت المادة 127 بالاستثمارات الخاصة.

لقد أوضح لينين مراراً وتكراراً أن البرجوازية ومع تأييدها للحقوق القومية تناضل في الوقت نفسه ، في حالات كثيرة ، بل في معظم الحالات ، ضد جميع الحركات الثورية و الطبقات الثورية بالاتفاق مع البرجوازية الاستعمارية.

 عدم دفع التجربة على أساس عمالي بل على أساس رأسمالي أدى إلى عزل التجربة. هذه العزلة كان لها تداعيات عميقة. فهي من جهة أدت إلى صعود نظام بيروقراطي أخذ مكان الجماهير في إدارة المجتمع حيث يتقاضى هناك أشخاص يعملون تحت غطاء مجلس سوريا الديمقراطية ( الجناح السياسي للإدارة الذاتية) رواتب تتراوح بين 2000 و 3000 دولار ويصل مرتب بعضهم إلى 5000 دولار في حين أن متوسط راتب العامل من 150 إلى 200 دولار. من جهة أخرى هذه العزلة والبيروقراطية الصاعدة رسمت حدود جديدة أدت إلى زيادة التباعد بين العمال وهو واقع ترغب به كل من الامبريالية الأمريكية والبرجوازية في دمشق و شمال شرق سوريا بتأييده.

يعاني الكثيرون من أبناء الطبقات الكادحة في سوريا من عدم قدرتهم على الدخول لمناطق الإدارة الذاتية. أحد المحاميين من محافظة السويداء أطلعنا على تجربته. كان في طريقه للقامشلي من أجل الحصول على ورقة اثبات أن ابنه طالب في إحدى الجامعات هناك. على الرغم من أنه رجل مسن ويحمل بطاقة نقابة المحامين و يعاني من مرض السكري إلا أنه تم إيقافه مع الكثيرين ليلة كاملة على حدود الإدارة الذاتية من قبل قوات سوريا الديمقراطية ومن ثم تم اعادتهم إلى مدينة حمص لأنهم بحاجة كفيل و طلب زيارة عليه طوابع و كأن الشخص مسافر إلى دبي.

في الوقت الذي يحتاج فيه أي عامل أو فلاح لمعاملات بيروقراطية و كفيل لدخول مناطق سيطرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تعبر شاحنات البرجوازيين من دمشق إلى الإدارة الذاتية وبالعكس بكل أريحية.

 عقدت البرجوازية والبيروقراطية في شمال وشرق سوريا مع برجوازية النظام السوري العديد من الصفقات أهمها اتفاقية صهاريج النفط. تقوم شركة القاطرجي وهي تابعة لأحد البرجوازيين المقربين من عائلة الأسد بموجب هذه الصفقة بنقل 500 صهريج من المحروقات بشكل أسبوعي من مناطق شمال شرقي سوريا إلى مناطق النظام. كل هذا يجري أمام أعين الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من فرضها عقوبات على النظام كان ومازال الشعب السوري يتحملها.  

الأمراض الرأسمالية تظهر بشكل أقوى

الإبقاء على الملكية الخاصة ووضع المجتمع تحت رقابة البيروقراطيين بدلاً من الرقابة العمالية لم يؤدي إلى حل أي مشكلة من المشاكل الجذرية في المجتمع و إنما فقط تخديرها فترة من الزمن لتعود وتظهر بين الفينة و الأخرى من مكان لآخر. على الرغم من أن سلطات الأمر الواقع في روجافا تسيطر على الجزء الأكبر من الاحتياطي النفطي إلا أن الإدارة الذاتية رفعت في النصف الثاني من عام 2023 سعر لتر المازوت بنسبة تجاوزت 300 بالمئة من دون وجود قرار رسمي بذلك حيث شهدت مناطق شمال شرقي سوريا نقصاً حاداً في توفر الوقود بأنواعه من جراء خفض الإدارة الذاتية الكمية المخصصة لبيع الوقود للمركبات والمعامل الصناعية والمشاريع الزراعية.

رفع أسعار المحروقات حدث بالوقت الذي تقوم فيه الإدارة الذاتية بدفع تكاليف الوقود للمركبات العسكرية الأمريكية وكذلك الأمر تكاليف الإطعام والسكن للجنود الأمريكيين بالإضافة إلى السلاح الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لقوات سوريا الديمقراطية، على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تفعل أي شيء لحماية الحقوق المكتسبة للشعب الكردي ولم تبادر لصد الهجمات التي قام بها أردوغان على عفرين وكوباني ولم تنهي مسلسل الاغتيالات الذي تقوم به تركيا عن طريق المُسيَّرات.  

نتيجة لذلك شهد الربع الأخير من عام 2023 وقفات احتجاجية في مدينة القامشلي لمطالبة الإدارة الذاتية برفع القرار وكذلك الأمر شهدت كل من مدن ديريك و كوباني إضراباً في الأسواق، وإغلاقاً للمحال التجارية.

من جهة أخرى، فإن عزلة الإدارة الذاتية واستمرار التهديدات التركية على الحدود الشمالية تطلب فرض التجنيد الاجباري على أبناء بعض العشائر العربية الذين مازالوا يشعرون أنهم لا يملكون شيء عليهم الدفاع عنه لذلك تهرب الكثيرون من هذا التجنيد الأمر الذي جعلهم لقمة سائغة لأصحاب الأجندات و النزعات الشوفينية العربية. أسفر هذا السيناريو عن إعلان عدد من العشائر العربية التمرد المسلح على قوات سوريا الديمقراطية مدفوعة بهذا المد الشوفيني العربي و بإيعاز من نظام البعث في دمشق و إيران بعد أن باشرت الولايات المتحدة الأمريكية بمحاولة  للسيطرة على الحدود السورية العراقية بالشراكة  مع قوات سوريا الديمقراطية في خطوة من أجل عزل إيران.  

دروس التاريخ: لا حلول في ظل الرأسمالية

حركة التحرر القومي العربي التي اندلعت ضد الطورانية التركية في أواخر السلطنة العثمانية تعاونت مع الامبريالية البريطانية آنذاك لتحقيق أهدافها. وكما تقوم الآن الولايات المتحدة بإرسال مستشارين للإدارة الذاتية وتتبجح بأنها داعمة لحق الشعب الكردي بتقرير مصيره، أرسلت بريطانيا منذ قرن مستشارين للجيش العربي بقيادة الشريف ولعل أشهرهم لورنس العرب. هل ساعد التعاون مع الامبريالية البريطانية العرب على تحقيق أهدافهم؟ بريطانيا التي دعمتهم هي نفسها من أصدرت وعد بلفور الذي نجم عنه أكبر مأساة في تاريخ البشرية الحديث حيث مازال حتى الآن الشعب الفلسطيني مشرد بكل أصقاع الأرض ومن هم بالداخل ضحايا لآلة الحرب الإسرائيلية.

حركة الزاباتيستا في إقليم تشياباس في المكسيك أيضاً مثال. أبصرت هذه الحركة النور في بداية التسعينات للنضال من أجل حقوق الشعوب الأصلية في هذا الإقليم حيث أقامت إدارة ذاتية هناك. لتاريخه لم يتم تخفيف الفقر والاغتراب بأي شكل من الأشكال منذ تولي الزاباتيستا السيطرة على مناطقهم. الطبقة الرأسمالية تواصل أنشطتها و تذهب بالملايين من العمال إلىحياة من البؤس الجسدي والأخلاقي نظراً لبقاء الحكومة المركزية.

ما العمل؟

  إن مسألة السلام في سوريا و الشرق الأوسط الآن هي مسألة حيوية لدى الماركسيين و عادة ما يتم طرح مطلب السلام إما بربطه بشروط وبرنامج معين أو بطرحه فقط كهدف من دون أي شروط. ما نواجهه في الحالة الأخيرة هو ليس سوى طرح فارغ. السلام يتحدث عنه الجميع حتى بوتين و بشار الأسد و أردوغان والصهيونية. إذاً، السلام من وجهة نظرنا قائم على برنامج و شروط أهمها ضمان كافة الحقوق للقوميات المُضطَهَدة و الأقليات الدينية والمذهبية. لكن من جهة أخرى، أن لا يتم طرح البرنامج على أساس إمبريالي يحقق المصالح اللصوصية للرأسماليين فالسلام لا يمكن إنجازه عن طريق الصلح بين طبقتين متعاديتين ( البروليتاريا و البرجوازية) و إنما بين العمال من كل مشاربهم.

وعليه نعتبر أن حق تقرير مصير الشعب الكردي من الضروري أن يأخذ بعين الاعتبار النضال الثوري ضد الإمبريالية أي ضد المصالح الرأسمالية.  ومن جهة أخرى جميع الأقليات الدينية و المذهبية عليها أن تعي أن لا حلول في ظل الرأسمالية و في ظل إدارات ذاتية معزولة وسياقات ضيقة خاصة بهم من دون الإطاحة بالأنظمة الطبقية المركزية في المنطقة. لا يمكن أن تعزلوا أنفسكم عن نضالات شعب كامل والعيش في بيت زجاجي.

 لتحقيق ذلك لا بد من امتلاك حزب ثوري قادر على رفع الشعارات الصحيحة والسياسات الصحيحة والمطالب الصحيحة و الأهم من ذلك دمجها بالحركة الجماهيرية. في هذا السياق لا بد لنا أن نعرض هذا الاقتباس للثوري البلشفي ليون تروتسكي:

 ” لا يكفي أن يكون لدى الثوري أفكار صحيحة. دعونا لا ننسى أن رأس المال والبيان الشيوعي قد أسسا بالفعل أفكاراً صحيحة ، دون أن يمنع ذلك من انتشار الأفكار الخاطئة. إن مهمة الحزب الثوري هي دمج هذه الأفكار الصحيحة مع حركة الطبقة العاملة الجماهيرية. بهذه الطريقة فقط يمكن تحويل الأفكار إلى قوى دافعة”.

  الصيغ المعدة  مسبقاً غير نافعة. لذلك يتوجب على هذا الحزب أن لا يكتفي بالتعابير العامة الجامدة التي ترددها البرجوازية بل عليه أن يناقش وبقوة  حق الشعوب بتقرير مصيرها وحقوق الأقليات بالتعبير عن ذاتها بدون أي قمع أو ابتزاز. من جهة أخرى لا بد للحزب الثوري أن يدافع عن الوحدة المطلقة بين العمال والفلاحين من كل مشاربهم و تبني حلول قائمة عل أساس بروليتاري وليس على أساس رأسمالي كما يحصل الآن في روجافا وكردستان العراق وكما يدعو حزب اللواء في السويداء. إن كنتم تتفقون معنا، تنضموا في التيار الماركسي الأممي لنخوض نضالاً مشتركاً من أجل التحرر الجذري والحقيقي.

تيار البديل الماركسي – سوريا

21 يناير/كانون الثاني 2024