الرئيسية / الشرق الأوسط وشمال إفريقيا / الشرق الأوسط / سوريا / سوريا: النظام ما زال رأسماليًا… لا عمل، ولا سلام، ولا خبز على أسس رأسمالية… ناضلوا من أجل فدرالية اشتراكية شرق أوسطية

سوريا: النظام ما زال رأسماليًا… لا عمل، ولا سلام، ولا خبز على أسس رأسمالية… ناضلوا من أجل فدرالية اشتراكية شرق أوسطية

توصلنا بهذا البيان من رفاقنا في البديل الماركسي، المجموعة السورية للأممية الشيوعية الثورية، حيث يقدمون فيه تحليلاً عميقاً للأوضاع الحالية، ويشرحون خلفيات الأحداث الأخيرة في الساحل السوري، ويكشفون عن الأبعاد الطبقية والسياسية للنظام الحاكم في سوريا، مشيرين إلى التناقضات الداخلية التي تحكم الواقع السوري. كما يطرحون ضرورة الوحدة الطبقية، متجاوزين الانقسامات الطائفية والعرقية، ويؤكدون على أن الحل الوحيد يكمن في تدمير سلطة رأس المال وبناء دولة عمالية تحمي حقوق الفئات المسحوقة.

أيام دامية وانتهاكات يندى لها الجبين في الساحل السوري. صرّحت الشبكة السورية لحقوق الإنسان لقناة “التلفزيون العربي” بأن قوات “الأمن العام” قد نفذت عمليات إعدام ميداني واسعة، وارتكبت انتهاكات خطيرة بحق المدنيين، من بينهم أطفال ونساء، خلال العمليات الأمنية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، تحت ذريعة ملاحقة الفلول.

هذه الإعدامات نفذتها قوات عسكرية تضم عناصر غير سورية؛ حيث صرّح “المرصد السوري” بعد يوم من بدء هذه الانتهاكات، بأنه تم قتل وإعدام 333 مواطنًا بدمٍ بارد في الساحل.

وقالت “السلطات السورية” أن الاشتباكات بدأت عندما شنّ مسلحون هجمات على القوات الأمنية. كانت هذه الهجمات منفذة من عناصر تابعين لنظام الأسد البائد، وأسفرت عن مقتل 100 من قوات “الأمن العام”.

وبعد تلك الاشتباكات في المناطق الساحلية، أعلن “الجولاني” عن إطلاق حملة “تمشيط”، وأرسل مزيدًا من مقاتلي الهيئة. وبحسب صحيفة لوموند، فقد انضمت إلى هذه الدعوة دعوات أخرى من مساجد سلفية تحثّ على الجهاد. وبحلول يوم الجمعة، اندفع آلاف من الجهاديين المسلحين إلى المنطقة الساحلية، من بينهم عدد كبير من المقاتلين الأجانب الذين تميّزوا بعدم تحدثهم إلا بالعربية الفصحى.

من أجل التعليق على هذه الانتهاكات، خرج الرئيس السوري أحمد الشرع بكلمة يتوعد فيها بمحاسبة المجرمين وتشكيل لجنة للتحقيق في هذه الجرائم، وهذا ما استقبله الشارع بارتياب كبير وتشكيك في مصداقية هذه النوايا. حيث أعاد ناشطون مقتطفات من قرار لبشار الأسد في عام 2011، يوعز فيه للهيئة القضائية بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت في درعا، وما حصل بعد ذلك هو استمرار القتل بوتيرة أسوأ بكثير.

بصفتنا ماركسيين، لسنا مرتابين من إعادة السيناريو ذاته، وإنما متأكدون. إن الدولة الجديدة في سوريا ما زالت قيد البناء، ولكن معالمها واضحة منذ الآن. الجولاني الذي وصل إلى السلطة في ظل خمول جماهيري ترك فراغًا كبيرًا وعليه أن يملأ هذا الفراغ بما يضمن بقاءه. بالتالي، فإن النظام الجديد في سوريا، وفقًا لما تخبرنا به سياساته حتى الآن، هو كالنظام الذي رحل: نظام بونابرتي برجوازي.

لقد تحدث ليون تروتسكي في مقالته الصناعة المؤممة والرقابة العمالية عن هذا المفهوم، وهنا نقتبس:

«يلعب رأس المال الأجنبي دورًا حاسمًا في البلدان المتخلفة صناعيًا، من هنا يأتي الضعف النسبي للبرجوازية الوطنية بالنسبة إلى البروليتاريا الوطنية. هذا يخلق حالات خاصة من السلطة الحاكمة، فالحكومة تتشتت بين رأس المال الأجنبي ورأس المال المحلي، بين البرجوازية الوطنية الضعيفة والبروليتاريا القوية نسبيًا. وهو ما يعطي الدولة طابعًا بونابرتيًا ذو شخصية مميزة. فهي ترفع نفسها – كما يقال – فوق الطبقات. في الواقع، فهي تستطيع أن تحكم إما بجعل نفسها أداة للرأسمالية الأجنبية وتضع البروليتاريا في أغلال ديكتاتورية عسكرية، وإما بالمناورة مع البروليتاريا أو الذهاب أبعد من ذلك ومنحها بعض الامتيازات، وبالتالي تكسب إمكانية الحصول على بعض الحرية في مواجهة الرأسماليين الأجانب.»

في ظل ما نشهده من ارتهان للرأسمالية التركية بشكل خاص، والرأسمال العالمي بشكل عام، من حيث الذهاب باتجاه اقتصاد السوق الحر، وخصخصة الاقتصاد، والتسريح التعسفي للعمال، فإن النظام الجديد ذاهب لوضع العمال وباقي الفئات الثورية والمسحوقة في أغلال الديكتاتورية العسكرية.

نظاما الأسد والشرع في النهاية هما أنظمة رأسمالية طبقية مأزومة تعاني من تناقضات داخلية كبيرة، وغير قادرة على ضبط مثل هذه الانتهاكات. في عهد الأسد، حصلت أجزاء من أدوات القمع الطبقي (أجهزة الأمن والجيش) على هامش من الاستقلالية، على شكل تنازل لا بد منه من أجل ضمان استمرار القمع والبقاء في السلطة، لدرجة أن هؤلاء حاولوا التمرد أكثر من مرة على نظام الأسد نفسه عندما تعارضت المصالح. هذا ما يتكرر الآن من تناقضات مع نظام الشرع، الذي يغض النظر عن سلوكيات الهمج الذين وصلوا معه إلى السلطة من أجل الحفاظ على نظامه البونابرتي.

أيامًا بعد بدء الهجوم الذي شنته الفصائل المدعومة تركيًا بقيادة هيئة تحرير الشام على حلب، وكانت دمشق لم تسقط بعد بيد فصائل الجنوب، كنا قد نشرنا مقالًا بعنوان: جميعهم مجرمون وكاذبون… نظامهم يجب أن يرحل. عندها هاجمنا الكثير من الأكاديميين والمثقفين الليبراليين المتفائلين، وأمطرونا بخطاباتهم “الديمقراطية” البائسة، إلى أن وصل الهجوم لدى بعضهم إلى درجة اتهامنا بالدفاع عن نظام الأسد، رغم أننا في الحقيقة تيار من المطلوبين للأجهزة الأمنية لهذا النظام. الآن، تحولت أوهام هؤلاء السطحيين التافهين إلى غبار، ولم يبقَ حجر على حجر في صرح خرافاتهم وتوقعاتهم، التي وصلت إلى درجة أن سوريا ستصبح سنغافورة في مطلع عام 2025.

لطالما كانت حقوق الإثنيات والأقليات الدينية المضطهدة أوراق لعب هزيلة بيد المكائد الإمبريالية. نقلت مصادر إعلامية عن وزير الخارجية الأمريكي قوله إنهم يقفون إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، وأنهم ينددون بالإرهابيين الإسلاميين المتطرفين الذين قتلوا الناس غربي سوريا.

وبنفاق منقطع النظير، استمرت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين في التأكيد على التزام إسرائيل بحماية الأقليات في سوريا من المتطرفين الإسلاميين.

هنا لا بد من التذكير أن جبهة النصرة، وهي الاسم السابق لهيئة تحرير الشام، كانت قد تلقت الدعم المالي والإعلامي واللوجستي من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل نفسها. الإعلام الأمريكي هو أول إعلام قام بإعادة تدوير الجولاني.

الجولاني مع الصحفي الأميركي مارتن سميث مراسل شبكة “Frontline” الأمريكية

في عام 2021، ظهر الجولاني في حوار على شبكة “Frontline” الأمريكية، لكنه كان يرتدي بدلة ومشذب الذقن ليتناسب مع القيم الديمقراطية الأمريكية.

صحيفة “هآرتس” كشفت بدورها عن التعاون التكتيكي بين جبهة النصرة وإسرائيل حتى عام 2015، عندما كشف ضابط إسرائيلي أن المصابين من جبهة النصرة كانوا يعالجون في المشافي الإسرائيلية، ومع الانتهاء من علاجهم كان يتم إعادتهم إلى الحدود.

إسرائيل، التي تريد الآن حماية الدروز من حلفائها السابقين، كانت قد قلصت مساحات أراضي القرى التي يسكنها الدروز من 409.225 دونمًا في عام 1939 إلى 130.974 دونمًا في عام 2006، أي بخسارة قدرها 68%، لتتبقى مساحة تمثل 32% فقط.

أبواق إعلامية وذباب إلكتروني. فقط قبل أسبوع من سقوط نظام الأسد، كان مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مصدومين من كمية التفاعلات التي وصلت إلى مئات الآلاف على صور بشار الأسد وزوجته خلال زيارتهم لأحد الأماكن.

كان المشاهد يظن أنه الوحيد المعارض لبشار الأسد، وأن الرأي العام المحلي والعالمي أصبحا في يد نظامه. أسبوع واحد فقط، انقلب الوضع تمامًا. لم يكن التغير في زوال هذه المنشورات، بل فقط تغير الشخص الذي يظهر في الصور. كان بشار الأسد، وأصبح أحمد الشرع.

في إحدى تصريحاته، قال الصحفي المعروف والذي يعمل في قناة الجزيرة، فيصل القاسم، مدافعًا عن الجرائم التي ارتكبها الهمج في الساحل السوري: «ماذا تتوقع من أي دولة في العالم أن تتعرض لانقلاب وهجوم عسكري شامل على قواتها وعلى المناطق المدنية…»

خطاب فيصل القاسم هذا هو نفسه خطاب بشار الأسد في عام 2011، الذي برر فيه جرائمه بحق المدنيين بسبب الهجمات التي كانت تنفذها قوى المعارضة على المفارز الأمنية. عندها قال بشار الأسد أيضًا بأنه لا يوجد دولة في العالم يمكن أن تسكت على الاعتداءات عليها.

من جهته أيضًا، تلفزيون سوريا، الذي تأسس كمحطة إعلامية معارضة، أصبح الآن يلعب نفس الدور الذي كانت تلعبه قناة الدنيا في دعم نظام الأسد والتغطية على الجرائم.

هنا لا بد من الإشارة إلى أن المدير التنفيذي لتلفزيون سوريا هو أنس أزرق، الذي كان بين عامي 2011 و2013 مراسلاً لقناة المنار، وقام بتغطية الجرائم التي ارتكبها حزب الله في العديد من المناطق السورية، وكان يسمي المتظاهرين “إرهابيين” والثورة السورية “إرهابًا”. وقد أعلن بوضوح حينها موقفه المؤيد بالكامل لنظام الأسد ولجيشه وللميليشيات الداعمة له، وحزب الله في مقدمتها. مع ذلك، هو الآن يجلس في دمشق لتشويه الحقائق والتغطية على الجرائم التي تحدث بحق الأبرياء بصفتهم فلول النظام.

من يرى فيديو استقبال أحمد الشرع لهاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، أول ما يخطر على ذهنه هو فيديو استقبال بشار الأسد لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. نفس الابتسامة والعناق الحار. ذلك ليس صدفة، بل هو تجسيد إعلامي للجذر الطبقي لهؤلاء الأدوات.

نظام الأسد ونظام الشرع كلاهما سلطات أمر واقع تمثل مصالح الطبقة البرجوازية الوطنية (وبالتالي رأس المال العالمي)، والتي نشأت كما غيرها من برجوازيات المنطقة في نمط إنتاج كولونيالي، وكان ارتباطها بالرأسمالية العالمية ارتباطًا عضويًا، على عكس نظيرتها الأوروبية التي أخذت موقعًا قتالياً ضد نظام الإقطاع. هذا أدى إلى استمرار فشل البرجوازية الوطنية السورية في أداء مهامها التاريخية وجعلها تستمد إمكانية بقائها بارتهانها للقوى الرأسمالية.

البرجوازية الوطنية وُلدت رجعية وسوف تبقى كذلك، ولا حل لبلدان المنطقة إلا برميها في مزبلة التاريخ. لا يمكن لأي نظام يستمد شرعيته من بنادق الرأسماليين أن يمثل مصالح أكثرية الشعب، بل مصلحة أقلية، ألا وهي الطبقة البرجوازية.

من أجل الحفاظ على نظام حكم يتحكم فيه أقلية من أصحاب الثروة، يجب على هذه الأقلية تجزئة الأكثرية وجعلها مجموعات من الأقليات الطائفية والدينية والعرقية والجندرية. ما نشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي من جرائم ومجازر وتجييش طائفي كارثي للغاية، لكنه في النهاية ليس خارجًا عن رغبة أنظمة المنطقة والإمبرياليات العالمية.

التناقضات التي يقوم عليها نظام الشرع الطبقي غير قابلة للحل، لأنها وبكل بساطة تناقضات النظام الرأسمالي بصورتها الأكثر راديكالية وهمجية. النظام الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق الفقراء في الساحل السوري بحجة أنهم حاضنة نظام الأسد، هو نفسه الذي استقبل عبد الله الدردري، عراب سياسات بشار الأسد الرأسمالية التي عملت على تدمير منجزات الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء على مدى عقد من الزمن.

لم يقتصر الأمر على عبد الله الدردري، بل برز برجوازيون وأكاديميون وحتى عسكريون من النظام القديم يعودون بالتدريج لأخذ مكانهم في النظام الجديد. حتى رامي مخلوف، ابن خالة بشار الأسد، بدأ محاولات لحجز مكان له في النظام الجديد. الأغنياء يعودون والفقراء يُقتلون.

لماذا؟ لأنه في ظل المجتمعات الطبقية، الطبقة السائدة (الأقلية الغنية) – مدفوعة بحكم موقعها – وحتى تستطيع الاستمرار في الحكم، عليها أن تغفر لبعض أفرادها وتتحد معهم، وفي نفس الوقت، تتصرف بإجرام وعنف ضد الطبقة النقيض، وهي طبقة العمال والفلاحين الفقراء (الأكثرية الفقيرة).

في أولى خطاباته لوسائل الإعلام، قال أحمد الشرع عبارة تلخّص نيّة هذا النظام في الاستمرار على نهج نظام الأسد: «لقد انتهت الثورة، والآن أصبحنا دولة». حتى لو سلّمنا جدلًا بإمكانية تأطير نفايات الأزمنة الغابرة ـ الذين ارتكبوا الانتهاكات لعدّة أيام في الساحل ـ في إطار دولة، فالسؤال يظل مطروحًا: ما هي صيغة هذه الدولة؟

لقد شرح الماركسيون مفهوم الدولة ببراعة، وعلى رأسهم فلاديمير لينين في كتابه “الدولة والثورة”، مستندًا إلى كتابات فريدريك إنجلز الذي سعى جاهدًا إلى لفت انتباه العمال الواعين طبقيًا إلى ما يعتبره ضيّقو الأفق من التافهين أمورًا ثانوية لا تستحق الانتباه.

أوضح لينين ومن قبله إنجلز أن الدولة البرجوازية، بجيشها الدائم وأجهزتها الأمنية والشرطية، ما هي إلا أدوات رئيسية لقمع العمال، والفلاحين الفقراء، والطلاب، وسائر الفئات الثورية.

وعندما يسأل أحد المواطنين الفقراء: لماذا يحتاج نظام الشرع إلى فصائل خاصة من الرجال المسلّحين توضع فوق المجتمع وتنسلخ عنه؟ سيأتيه الجواب من الليبراليين أو الإصلاحيين، العاجزين عن أي إصلاح فعلي، بأنّ السبب هو “تعقيد الحياة الاجتماعية وضرورة تحقيق الأمن والأمان”.

لكن هذا التفسير ليس سوى عملية تخدير، إذ يطمس حقيقة جوهرية وأساسية: أن المجتمع منقسم إلى طبقات متناقضة لا يمكن التوفيق بينها. ومن ثم، فإن الصيغة الوحيدة للدولة التي تضمن حقوق الأكثرية ـ أي الفقراء ـ هي الدولة العمالية.

على مدار سنوات، لعب أردوغان لعبة معقدة، تتأرجح بين روسيا والولايات المتحدة، سعيًا لتحقيق مصالحه التي تتمثل بشكل رئيسي في توسيع النفوذ التركي على الحدود السورية. وقد استخدم هيئة تحرير الشام وأمثالها كقوات بالوكالة لتحقيق هذه الأهداف. من جهة أخرى، يظهر الإسرائيليون في دور المدافعين عن الدروز.

تصوّروا: إسرائيل التي تحتج على “التطهير العرقي”! إسرائيل التي ارتكبت أبشع الجرائم في غزة، بدعم من الديمقراطيين “اللطيفين” في الولايات المتحدة وأوروبا. أما روسيا، التي استقبلت الآلاف من العائلات العلوية في قاعدة حميميم، فقد عملت على تصدير نفسها كحامية لهذه الأقلية.

في الواقع، جميع هؤلاء المنافقين الإمبرياليين يستخدمون خطاب “حماية الأقليات” كغطاء لمشروعاتهم التوسعية، والجولاني ما هو إلا حصان طروادة في هذه اللعبة.

بعيدًا عمّا قد يسميه الجولاني “تجاوزات” في الحملة، فإن نظام الجولاني، الذي يتعين عليه تحقيق مصالح داعميه، راضٍ تمامًا عن نتائج العملية. ولكن ما هي هذه النتائج؟

يقال إن الميليشيات العلوية، إلى جانب 100.000 مدني، هربوا للاختباء في المناطق الجبلية والغابات الكثيفة على طول الساحل. هؤلاء لن يتخلوا عن القتال، والكثيرون اقتنعوا بأن البقاء على قيد الحياة يتطلب حمل السلاح. لن يؤدي هذا إلى تهدئة المنطقة، بل على الأرجح سيؤجج ظهور ميليشيات إثنية في المناطق الساحلية وغيرها. هناك حرب أهلية جديدة تلوح في الأفق.

وعلى أطراف هذا الخراب الدموي، يقف الإمبرياليون، متأهبين لتقسيم سوريا بسكاكينهم. وفي الأفق، يلوح خطر صراع آخر قد يحوّل سوريا إلى مسرح جديد للحروب، والذبح، والتقسيم: صراع بين تركيا وإسرائيل.

إن أزمة الإنسانية تتجسد في أزمة غياب القيادة الثورية. لذلكلا يمكن الحديث عن أي حلول دون بناء هذه القيادة القادرة على التمييز بين المظاهر المباشرة التي يمكن ملاحظتها وبين السيرورات الخفية والروابط والقوانين التي تكمن وراءها.

لا يستطيع الليبراليون (سواء كانوا إسلاميين أو علمانيين)، ولا الأكاديميون البرجوازيون، ولا اليسار الانبطاحي، ولا مفرزات العولمة بنظرتهم السطحية والصورية للواقع أن يفسروا أي شيء أو أن يقدموا أي حلول.

البرجوازية “الوطنية” قد تتمكن من تحقيق جزء من مصالحها بالارتهان لرأس المال، لكن الطبقة العاملة وبقية الفئات الثورية لا يمكنها أن تحقق مصالحها إلا بتدمير سلطة رأس المال. هذا التدمير يتطلب تكاتف ثلاثة عوامل أساسية: الحركة الجماهيرية، الحزب، والقيادة.

لقد تسببت الإمبريالية في معاناة مروعة للشعب السوري. وإذا لم يُقضَ على هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي في الشرق الأوسط والعالم، فإنه يهدد بالمزيد من الأهوال التي تفوق ما شهدناه حتى الآن بكثير. فالقتل الجماعي، والصراعات الطائفية، والتدخلات الإمبريالية الجديدة، والتهجير، والجوع، والموت، كلها نتائج حتمية لهذا النظام.

يجب على العمال والفقراء أن يتوحدوا على أساس طبقي، متجاوزين الانقسامات العرقية والطائفية، للإطاحة بكل الأنظمة الرجعية التي تنهب المنطقة، وطرد الإمبريالية إلى الأبد. وحدها الفيدرالية الاشتراكية في الشرق الأوسط يمكنها أن تمنح شعوب المنطقة الأمل في إنهاء معاناتهم المستمرة.

إذا كنتم تتفقون معنا، فانضموا إلى تيار البديل الماركسي – سوريا، وانضموا إلى الأممية الشيوعية الثورية.

تيار البديل الماركسي – سوريا

14 مارس/اذار 2025