الرئيسية / دول العالم / أوروبا / فرنسا / فرنسا: تدخل الدولة ضد عمال النفط المضربين يؤدي إلى اندلاع إضراب عام

فرنسا: تدخل الدولة ضد عمال النفط المضربين يؤدي إلى اندلاع إضراب عام

يوم 11 أكتوبر، قررت الحكومة الفرنسية استخدام جهاز القمع لـ”استعادة” العديد من مستودعات النفط التي أضرب عمالها منذ 27 شتنبر. وقد أدى ذلك إلى إطلاق دعوة ليوم إضراب وطني يوم الثلاثاء (18 أكتوبر). لقد بدأ الصراع الطبقي في فرنسا يعود إلى الساحة في أعقاب مظاهرة كبيرة ضد غلاء المعيشة يوم أمس (16 أكتوبر).

تسبب إضراب عمال النفط، الذي أغلق أربعة مصافي من أصل سبع في البلاد، في نقص واسع النطاق في محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد، بدأ يؤثر على النقل والخدمات الأساسية ويدفع البلد تدريجيا نحو الشلل. يطالب عمال النفط بزيادة الأجور بنسبة 10% لمواكبة التضخم.

على الرغم من الحملة الشرسة التي شنتها وسائل الإعلام والسياسيون اليمينيون على عمال النفط المضربين، فإنهم يتمتعون بتأييد شعبي واسع النطاق، إذ يواجه ملايين العمال في القطاعات الأخرى هجوما مشابها على قوتهم الشرائية.

إضراب عام

وفي مواجهة تدخل الدولة ضد إضراب عمال النفط، أصدرت الفدرالية الوطنية لعمال الصناعات الكيماوية (FNIC) ، التابعة لنقابة الكنفدرالية العامة للشغل (CGT )، نداء لتعميم الإضرابات على القطاعات الأخرى.

قرر اجتماع مشترك للمنظمات النقابية (التي تضم CGT وFO وSolidaires وFSU وFidl وMNL، ونقابتي الطلاب والتلاميذ Unef وVie lycéenne) الدعوة إلى “يوم وطني للتعبئة بما في ذلك الإضرابات” في 18 أكتوبر.

تحدثت الكنفدرالية العامة للشغل عن “إضراب عام في جميع القطاعات”. يمكن لهذه الدعوة أن تشكل نقطة تجميع وتمثل بداية حركة إضراب معممة. وقد انضمت قطاعات أخرى بالفعل إلى الإضرابات، وذلك في محطات الطاقة النووية، وشركات صناعات الفضاء والسيارات، وكذلك الصناعة الكيميائية، وقطاعات أخرى. وقد صوت عمال السكك الحديدية بالفعل لصالح خوض الإضراب، بعضهم اعتبارا من 17 أكتوبر، والبعض الآخر اعتبارا من 18 أكتوبر.

ومن المتوقع أن تنضم مصافي النفط الفرنسية الثلاثة المتبقية إلى الإضراب الوطني، حيث أعلنت الفدرالية الوطنية للمناجم والطاقة (FNME)، المنضوية ضمن الكنفدرالية العامة للشغل، أنه تم من المحتمل توسيع حركة الإضرابات إلى جميع شركات الطاقة.

كما أعلنت نقابات النقل السككي (CGT-Cheminots وSud-Rail) عن خوض نضال في 18 أكتوبر، للتضامن مع عمال الطاقة، والمطالبة بزيادة رواتب أعضائها. وهناك أيضا حديث عن احتمال مشاركة سائقي الحافلات، التابعين لشركة النقل العام RATP، في الاضرابات.

بالإضافة إلى ذلك تم تقديم إخطار بتنظيم إضراب من قبل نقابة الوظيفة العمومية، UFSE-CGT، والتي بالإضافة إلى تعهدها “بالدعم الكامل لإضراب عمال قطاع النفط” ، طلبت بالرفع فوريا في الأجور بنسبة 10 %، وعارضت أي محاولة لإصلاح نظام التقاعد.

كذلك دعت نقابة قطاع الصحة، CFDT-Santé، النقابة الرائدة في القطاع الطبي الخاص، والتي يبلغ عدد أعضائها 200.000 منخرط، إلى إضراب يوم 18 أكتوبر، مع توجيه دعوة إلى أعضائها بالتوقف عن العمل في العيادات ودور التقاعد. هذا تطور ملحوظ مقارنة مع الإضرابات السابقة التي أضعفها نقص التنسيق بين عمال القطاعين الخاص والعام.

ماكرون في مأزق

بالإضافة إلى تصاعد المعارضة على الجبهة الصناعية، يواجه ماكرون مأزقا في البرلمان أيضا. فبعد أن فقد أغلبيته في الانتخابات العامة الأخيرة، ها هو يكافح لتمرير ميزانيته الجديدة، التي تسعى جاهدة للسيطرة على التضخم.

لقد تراجع بالفعل عن خطة الرفع في سن التقاعد التي كان مخططا لها منذ فترة طويلة، وواجه معارضة قوية لمحاولته خفض الإنفاق الحكومي. تم تمرير تعديل من قبل ائتلاف من نواب المعارضة ينص على تطبيق ضرائب جديدة لثني الشركات الفرنسية عن دفع “أرباح هائلة” لمساهميها.

وقد وافق مجلس الوزراء الفرنسي للتو على استخدام المادة 49.3 من الدستور، التي هي آلية تسمح للسلطة التنفيذية بفرض القوانين عبر البرلمان دون تصويت، “إذا اقتضت الحالة ذلك”.

هذه الخطوة، التي تعتبر “خيارا نوويا”، ستكون خطيرة للغاية. لن تثير فقط غضب الجماهير، بل قد تؤدي إلى تصويت بحجب الثقة عن حكومة ماكرون.

دعت حركة فرنسا الأبية (LFI)، التي تقود تحالف المعارضة اليساري الرئيسي في البرلمان (NUPES)، إلى تنظيم مظاهرة وطنية في 16 أكتوبر ضد غلاء المعيشة وأزمة المناخ. وهي المظاهرة التي انضم إليها الحزب الاشتراكي وحزب الخضر، إلى جانب عشرات المنظمات الأخرى.

في سياق التعبئة للمظاهرة ذكر زعيم حركة فرنسا الأبية، جون لوك ميلينشون، النساء اللائي تظاهرن في اتجاه قصر فرساي، عام 1789، للاحتجاج ضد ارتفاع تكلفة المعيشة، مما أدى إلى اندلاع الثورة الفرنسية، ودعا المتظاهرين في 16 أكتوبر إلى “تكريم ذكراهن”. كانت المظاهرة كبيرة للغاية، حيث قدر المنظمون عدد المشاركين بـ140 ألف شخص، وأعلن ميلينشون أنها “حققت نجاحا هائلا”.

وأعلن في التجمع الرئيسي في باريس أن قيادة ماكرون كانت “فاشلة” وأنه يغرق فرنسا في الفوضى، وتعهد بأن: “سيكون لدينا أسبوع لا نرى مثله كثيرا”.

وكما علق رفاقنا في منظمة Révolution  (الثورة) -الفرع الفرنسي للتيار الماركسي الأممي- فإن:

يمكن لإضراب مصافي التكرير ومظاهرة 16 أكتوبر و[إضراب] 18 أكتوبر، أن يشكلوا نقطة تحول في الوضع السياسي والاجتماعي. وبغطرسته المعتادة، انتقد ماكرون، يوم أمس، “تلك الحفنة من الناس” الذين يشلّون المصافي.

في 16 أكتوبر، و18 أكتوبر وما بعده، يجب أن نطلق حركة واسعة لإسقاط “تلك الحفنة من الناس” الذين يسيطرون على اقتصاد هذا البلد ويراكمون الأرباح الهائلة، بينما يغرق الناس في الحرمان والهشاشة.

من أجل إضراب عام مفتوح لإسقاط ماكرون!

لكن رفاقنا الفرنسيين أثاروا ملاحظة تحذيرية في افتتاحية حديثة لهم، حيث قالوا:

لقد قلنا ذلك مرارا وتكرارا …إن “أيام التحرك” النقابية، مهما كانت ضخمة، لا يمكنها، أن تجعل الحكومة تتراجع. وبما أن أيام التحرك هذه غير فعالة، فهي حتما تحشد عددا أقل فأقل من الناس. وعلى سبيل المثال فإن اليوم الأخير من أيام التحرك، في 29 شتنبر الماضي، قد مر دون أن يلاحظه أحد.

لن تتراجع الحكومة إلا في أمام تطور حركة واسعة من الإضرابات المتجددة، والتي تضم عددا متزايدا من قطاعات القوى العاملة. ومع ذلك فإن القيادات الوطنية للحركة النقابية ترفض الاعتراف بالحاجة إلى هذه الاستراتيجية، والحاجة لشرحها، وبالتالي إعداد طبقتنا بجدية لخوض حركة من هذا النوع. هذه عقبة كبيرة، لكنها عقبة نسبية فقط. لا يمكن لسلبية القيادات النقابية ومهادنتها أن تمنع الغضب الاجتماعي من التعبير عن نفسه بشكل جذري، عاجلا أم آجلا. لقد رأينا ذلك مع حركة السترات الصفراء في عامي 2018 و2019.

لقد استخدم قادة النقابات، حتى الآن، أيام التحرك المعزولة كصمام للتنفيس عن الاحتقان الموجود بين صفوف الطبقة العاملة، أو في أفضل الأحوال لإخراج أعضائهم إلى الشوارع لخلق ضغط لأجل المفاوضات التي تجري وراء الكواليس مع الرأسماليين والحكومة. إنهم، باختصار، يسعون جاهدين لإبقاء الطبقة العاملة ضمن قنوات آمنة.

التظاهرة القوية التي شهدناها في نهاية هذا الأسبوع هي مؤشر آخر على الغضب السائد في المجتمع الفرنسي. لكن من أجل ترجمة هذا الغضب إلى عمل كفاحي قادر على الإطاحة بماكرون ووضع حد لسيل الهجمات ضد العمال، نحتاج إلى بناء إضراب عام واسع النطاق وسياسي مفتوح من شأنه أن يشل البلاد.

عمال السكك الحديدية، الذين يشكلون ركيزة الطبقة العاملة، قد بدأوا التلويح بهذا الاحتمال، حيث قال ممثل SudRail إن الأعضاء “سيعقدون تجمعات عامة، يوم الثلاثاء 18 أكتوبر، في جميع أنحاء فرنسا وسنطرح مسألة الإضراب القابل للتجديد”.

هذا هو الطريق إلى الأمام. فرنسا على وشك الغليان مرة أخرى، والظروف التي تبشر بحركة جماهيرية قوية هناك، موجودة كذلك في جميع أنحاء أوروبا. إن ما نحتاجه هو برنامج كفاحي للصراع الطبقي وقيادة جريئة حازمة قادرة على مواصلة هذه المعركة حتى النصر.

خورخي مارتن وجو أتارد

17 أكتوبر/تشرين الأول 2022

ترجم عن النص الأصلي:

France: state intervention against striking oil workers triggers call for a general strike