ماركسي موقع الأممية الشيوعية الثورية الناطق بالعربية
نشرت هذه المقالة في العدد الثامن من مجلة “الشيوعية والحرية”، المجلة العربية للتيار الماركسي الأممي. لتحميل المجلة اضغط على الرابط.
ما هو الحزب الثوري؟
الحزب ليس مجرد شكل تنظيمي أو اسم أو لافتة أو مجموعة أفراد أو جهاز. الحزب الثوري، بالنسبة للماركسي، هو في المقام الأول برنامج وأساليب عمل وأفكار وتقاليد، وفقط في المرتبة الثانية، تنظيم وجهاز (على الرغم من أهميتهما بلا شك) من أجل نقل هذه الأفكار إلى أوسع فئات الطبقة العاملة. يجب على الحزب الماركسي، منذ البداية، أن يؤسس نفسه على النظرية والبرنامج، اللذان هما تلخيص للتجربة التاريخية العامة للبروليتاريا. وبدون ذلك، سيكون لا شيء. يبدأ بناء الحزب الثوري دائما بالعمل البطيء والمضني المتمثل في تجميع وتكوين الكوادر التي تشكل العمود الفقري للحزب طوال حياته.
هذا هو النصف الأول من المسألة، لكنه النصف الأول فقط. والنصف الثاني أكثر تعقيدا، وهو: كيف نصل بأفكارنا وبرنامجنا إلى جماهير العمال؟ وهذا ليس سؤالا بسيطا على الإطلاق.
لمزيد من المعلومات حول مهمة وطرق الوصول إلى الفئات العريضة من الجماهير ، انظر مقالة تيد غرانت -بالإنجليزية- “حول المنظمات الجماهيرية، رسالة إلى الماركسيين الروس“.
لماذا يجب أن يكون هناك حزب ثوري؟
إن مهمة التيار الماركسي هي أن يكون بمثابة ذاكرة للطبقة العاملة، ويعمم الخبرة الواسعة للحركة العمالية. وإلا فإنه لا يوجد أي مغزى آخر لوجودنا باعتبارنا تيارا منفصلا داخل الحركة العمالية. إذا أردنا أن نتعلم أي شيء من التاريخ -وبالتأكيد فإن الهدف الوحيد من دراسته هي محاولة تعلم دروسه، سواء دروس النجاحات أو الهزائم- فهو أنه لكي تنجح الطبقة العاملة في تغيير المجتمع، لا بد لها من بناء مثل هذا الحزب بعمل شاق وتكوينه وتدريبه في النظرية والاستراتيجية وخبرة الحركة العمالية، وذلك بشكل مسبقا وعلى مدى سنوات. إن الفرص الثورية لا تدوم إلى الأبد. فإذا لم ينجح العمال في تغيير المجتمع، فإن الطبقة السائدة ستسحقهم حتما دفاعا عن نظامها. وهذا مع الأسف ما يوضحه لنا تاريخ العديد من المحاولات التي قامت بها الطبقة العاملة للاستيلاء على السلطة -في تشيلي سنوات 1970-1973 على سبيل المثال. لا يمكن أن نتوقع أن ينبثق الحزب الثوري ببساطة من الفراغ، بل يجب أن يتم بناؤه بوعي، وبناؤه أمميا من نضالات الحركة العمالية وداخل المنظمات والأحزاب والنقابات الموجودة بالفعل.
إن وجود الحزب والقيادة الثوريين لا يقل أهمية بالنسبة لنتيجة الصراع الطبقي عن أهمية جودة الجيش وقيادته في الحروب بين الأمم. لا يمكن أن يتم ارتجال الحزب الثوري في خضم اللحظة الثورية، مثلما لا يمكن ارتجال هيئة أركان الجيش عند اندلاع الحرب. يجب أن يتم إعداد الحزب بشكل منهجي على مدار سنوات وعقود. وقد تم تأكيد هذا الدرس من خلال كل التجربة التاريخية، وخاصة تاريخ القرن العشرين. لقد أكدت روزا لوكسمبورغ، تلك الثورية العظيمة وشهيدة الطبقة العاملة، دائما على المبادرة الثورية للجماهير باعتبارها القوة المحركة للثورة. وقد كانت محقة تماما في هذا. ففي سياق الثورة تتعلم الجماهير بسرعة. لكن الوضع الثوري، بطبيعته، لا يمكن أن يستمر طويلا. لا يمكن إبقاء المجتمع في حالة غليان دائمة، كما لا يمكن إبقاء الطبقة العاملة في حالة تعبئة نضالية متواصلة. لذا فإما أن يظهر مخرج في الوقت المناسب، أو ستضيع اللحظة الثورية. لا يوجد خلال الوضع الثوري وقت كاف للتجريب أو لأن يتعلم العمال عن طريق التجربة والخطأ. وخلال حالة الحياة والموت، يتم دفع ثمن الأخطاء غاليا جدا! لذلك فإنه من الضروري دمج الحركة “العفوية” للجماهير مع التنظيم والبرنامج والمنظورات والاستراتيجية والتكتيك، أي باختصار: مع حزب ثوري بقيادة كوادر محنكين.
لن يكون هناك أي انهيار تلقائي للرأسمالية، وكل أزمة ستجعل الأمور أسوأ بالنسبة لنا. وحده النضال الواعي للعمال على الصعيد الأممي وبناء قيادة ثورية، هو ما سيمكن من دق المسمار الأخير في نعش الرأسمالية. وهذا بالطبع لا يتطلب انقلابا أو مؤامرة، بل يتطلب بالأحرى حركة واعية لغالبية المجتمع، أي الطبقة العاملة. كلنا مختلفون ولا يمكننا أن نتوقع أن نستخلص نفس الاستنتاجات تلقائيا بين عشية وضحاها، والاستيقاظ في وقت واحد في صباح أحد الأيام والشروع في القيام بثورة. جميعنا نتعلم في أوقات مختلفة من خلال أحداث مختلفة. ويجب أن يكون هناك تيار ثوري لكي يوحد هؤلاء الناس ويقودهم إلى مهمة تغيير المجتمع.
10 يونيو/حزيران 2015
الثورة الاشتراكية، الفرع الأمريكي للتيار الماركسي الأممي
ترجم عن النص الأصلي:
