إن كارثة حرب العراق، التي قتل فيها وجرح وعذب وشوه الآلاف من الأشخاص، عراقيين وأمريكيين، سوف تتواصل بدون نهاية حتى نعمل نحن الطبقة العاملة الأمريكية على إيقافها. إن السياسة الخارجية هي، قبل كل شيء، استمرارية للسياسة الداخلية: فليست “الحرب على الإرهاب” إلا حربا على العمال والفقراء في الداخل. نحن العمال هم القوة الوحيدة على هذا الكوكب التي بمقدورها وقف هذا الجنون مرة وإلى الأبد.
لقد صار التهديد أكبر من أي وقت مضى. ملايين العمال الأمريكيين بدأوا يستوعبون أن النظام الرأسمالي لم يعد يتطور حتى في “أفضل فتراته”. كل ما يمكن أن يقدمه لنا هو الحرب والفساد والجشع وسوء التسيير الذي وصل مقاييسا غير مسبوقة.
إن إدارة بوش هي أسطع مثال على هذا الواقع. وليست عجرفتها واستهتارها الفظ بالجماهير في الولايات المتحدة والعالم، سوى مؤشر عن طبيعة نظام يهتم فقط بتحقيق الأرباح أكثر من اهتمامه بالحاجيات الإنسانية. إذ لماذا سينفقون الأموال على التعليم، في الوقت الذي يمكنهم تسخيرها لصناعة القذائف؟ لماذا عليهم أن يدعموا كاسرات الأمواج حول نيوأورلينز، في الوقت الذي يمكنهم أن ينفقوا الملايين للتجسس على المواطنين الأمريكيين؟ لماذا يوفرون التغطية الصحية ذات الجودة لجميع من يعيشون في أغنى بلد في العالم، في الوقت الذي يمكنهم فيه أن يضخوا الأموال في صناديق شركات مفلسة وعديمة الفعالية ؟
بالطبع، على الورق، نجد أن الاقتصاد الأمريكي يتطور إلى الأمام. لكن في الواقع يتعلق الأمر بانتعاش مبني على رساميل وهمية بملايير الدولارات وعلى الاعتصار العديم الرحمة للطبقة العاملة في الولايات المتحدة والعالم. إذا كانت هذه هي الحالة إبان “الازدهار” فكيف ستصبح عندما ستبدأ الأزمة الحتمية؟ في الوقت الحالي، تصرف ملايير الدولارات في الحرب والتجسس الداخلي، يحصل الأغنياء على تنازلات كبيرة بينما وصلت الاقتطاعات الضريبية والهجومات على البرامج الاجتماعية إلى العظم.
فلنأخذ، على سبيل المثال، سعر الوقود. خلال السنة الأخيرة ارتفع سعر الغازوال في بعض المناطق من 1,19 دولار للغالون إلى 2,20 دولار. وفي بلد حيث متوسط ما يقطعه العمال بالسيارات يصل إلى سبع ساعات ونصف أسبوعيا، تعتبر هذه الزيادة مهولة. أعلنت شركة اكسون – موبيل (Exxon-Mobil) أنها حققت سنة 2005 أرباحا بمبلغ 36,13 مليار دولار، 10,71 مليار دولار منها حققتها فقط خلال الربع الأخير من السنة، وهو ما يعتبر أعلى ربح سنوي حققته شركة أمريكية على الإطلاق وبزيادة 43 %مقارنة مع السنة الماضية. لارتفاع أسعار الغاز والنفط تأثير كبير على الاقتصاد ويصيب على وجه الخصوص الفقراء أكثر من غيرهم.
ليس من المستبعد توقع حدوث انتفاضات على خلفية ارتفاع أسعار الوقود إذا ما واصلت هذه الأخيرة الارتفاع. وإذا كان فقراء باريس قد ثاروا، سنة 1879، بسبب ارتفاع أسعار الخبز فإن الشعب العامل في الولايات المتحدة يمكنه اليوم أن يصل بسهولة إلى درجة الغليان بسبب الارتفاع المتزايد لأسعار الوقود. ولكي نكون واضحين، نقول أن الرأسمالية هي بكل بساطة نظام لا يخدم مصالح الأغلبية الساحقة في المجتمع. وأن الأمر ليس مسألة أرباح هذه الشركة أو تلك، أو تعرض هذا العامل أو ذاك للطرد، بل الخطر يتهدد وجود الإنسانية ذاتها. عند هذه الدرجة من التعفن، ليس الأمر متعلقا ببوش وحده بل بكل النظام الرأسمالي.
إذن ما الذي علينا فعله؟ لقد استوعب أغلبية الأمريكيين الحقيقة المرة المتمثلة في أن لا أحد من حزبي البرجوازية يمكنه أن يقدم بديلا. إذ أنه في جميع القضايا الجوهرية، ليس الديموقراطيون سوى صورة طبق الأصل للجمهوريين وأنهم لا يخدمون مصالح الشعب العامل. إن ما نحتاجه هو حزب مشكل من العمال ولأجلهم – حزب عمالي جماهيري. لا يمكننا أن نثق في ممثلي طبقة أخرى ليدافعوا عن مصالحنا. لا يمكننا الاعتماد، في الدفاع عن مصالحنا، سوى على قوانا الخاصة ومنظماتنا الخاصة.
إن العمال الأمريكيين وإخوانهم وأخواتهم حول العالم بدأوا يستوعبون أن الرأسمالية لا تقدم لهم سوى الحرب والانحطاط والبؤس والعنصرية والاستغلال والاضطهاد. إننا نحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، للنضال من أجل القضاء على الرأسمالية وبناء نظام مسير من طرف الطبقة العاملة، التي تشكل أغلبية المجتمع، ولأجل خدمتها من أجل النظام الاشتراكي. التحقوا برابطة العمال الأممية للنضال من أجل عالم أفضل.
رابطة العمال الأممية
الجمعة: 17 مارس 2006
عنوان النص بالإنجليزية :