الرئيسية / دول العالم / أمريكا / فنزويلا / العمال الفنزويليون يشكلون جبهة ثورية للمصانع التي احتلوها

العمال الفنزويليون يشكلون جبهة ثورية للمصانع التي احتلوها

يوم السبت 25 فبراير تم تنظيم لقاء لممثلي المصانع التي تمت مصادرتها أو التي تم احتلالها وذلك في مقر شركة إنفيفال (Inveval) في إيل كريزال (El Carrizal)، ليس بعيدا عن العاصمة الفنزويلية كاراكاس. وقد شارك عشرات العمال في هذا اللقاء الذي كان أهم أهدافه إقامة جبهة وطنية ثورية للعمال المشتغلين في الشركات التي تم احتلالها أو تطبيق نظام: Cogestión فيها. لقد كانت هذه، بدون شك، خطوة هامة نحو الأمام بالنسبة لحركة العمال الفنزويليين وخبراتهم في الرقابة العمالية.

  إن الـ “Cogestión” هو الاسم الفنزويلي الذي أعطاه العمال للسيرورة التي مكنت من الوصل إلى مستويات مختلفة من مساهمة العمال ورقابتهم في إدارة الشركات. يعني مصطلح “Cogestión” حرفيا “التسيير المشترك”، لكن في فنزويلا يجهد العمال ليشرحوا أنه ليس لهذا أي علاقة مع “التسيير المشترك” على الطريقة الأوربية، كما طبق، على سبيل المثال، في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. ويبرهنون على ذلك بالقول بأن “التسيير المشترك” الأوربي كان يعني إشراك العمال في عملية ضرب أجورهم وشروط عيشهم. هذا هو السبب الذي يجعلهم أحيانا يطلقون على نموذجهم “التسيير المشترك الثوري”.

  يوم 15 يناير 2005، وقّع الرئيس تشافيز على مرسوم ينص على مصادرة مصنع فينبال (Venepal) للورق بعد صراع طويل خاضه العمال ضد المالكين، الذين أعلنوا في النهاية إفلاس الشركة. تشافيز قال أن الفكرة كانت هي أن يدير العمال بأنفسهم المصنع، تحت الاسم الجديد (Invepal) في خدمة مصلحة الشعب الفنزويلي ككل. كانت عملية المصادرة الثانية التي عرفتها الثورة البوليفارية هي مصادرة شركة (CNV)، التي هي مصنع ينتج الصمامات لصناعة النفط. وهنا أيضا احتل العمال المقرات طيلة سنتين قاسيتين من الصراع الطويل ضد مالكها، أندريس سوسا بييتري (Andrés Sosa Pietri)، المدير السابق لشركة النفط العمومية(PDVSA) والذي شارك بشكل مباشر في انقلاب أبريل 2002 ضد تشافيز وكان دائما وجها قياديا أثناء حملة الإغلاقات التي نظمها أرباب العمل خلال شهر دجنبر 2002. ستعاود شركة (CNV) الآن الإنتاج لكن في ظل شكل معين من الرقابة والإدارة العمالية وتحت الاسم الجديد إينفيفال(Inveval).

  لقد فتحت هاتان الحالتان الباب على مصراعيه لسلسلة من احتلالات المصانع التي أعلنت الإفلاس وأهملت من طرف مالكيها، إما نتيجة لصعوبات مالية حقيقية أو كمحاولة للتخريب الاقتصادي ضد الحكومة البوليفارية، أو غياب الثقة في المستقبل بسبب الثورة أو لجميع هذه الأسباب معا. في نفس الوقت انتهت عدد من المواجهات بين العمال والمشغلين حول قضايا من قبيل الاعتراف بالحق النقابي، أداء الأجور وغيرها من المنافع، الخ. إلى قيام مجموعات من العمال باحتلال مصانعهم ومطالبة الحكومة بمصادرتها ووضعها تحت سلطة نظام Cogestión.

  في مجرى السنة الماضية انعقدت عدة اجتماعات وطنية للعمال المنخرطين في التسيير المشترك في ALCASA (شركة صهر الألمنيوم العمومية في بوليفار والتي وضعت هي أيضا تحت رقابة العمال) وفي فلينسيا وكارابوبو. لقد مكنت هذه اللقاءات العمال من تبادل خبراتهم، الخبرة التاريخية للرقابة والإدارة العمالية ومحاولة تعميم خلاصاتها. كذلك تم نقاش فكرة إقامة جبهة وطنية، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء ملموس في هذا الصدد.

  إن أهمية اللقاء الذي انعقد في إينفيفال، يوم 25 فبراير، تتمثل في كونه أول لقاء يتم تنظيمه كليا من طرف العمال أنفسهم، بمناديب انتخبوا خلال اجتماعات جماهيرية انعقدت في مصانع مختلفة ولكونه ممول ذاتيا من طرف العمال أنفسهم.

  الانتخابات الرئاسية والنضال من أجل الاشتراكية

  قام الرفيق خورخي باريديس (Jorge Paredes) – الذي كان واحدا من بين أهم قادة نضال عمال (CNV) والذي انتخب رئيسا لإنفيفال من طرف جمع عام عمالي – بتقديم أول نقاشات الاجتماع. لقد شرح أن عمال وفقراء فنزويلا هم من دافعوا عن الثورة والرئيس تشافيز وهم من هزموا الأوليغارشية، خلال ثلاثة مناسبات على الأقل. وقال « كان العامل المحدد في جميع الثورات، الثورة الألمانية والبرتغالية والشيلية، الخ. هو مشاركة الجماهير وخاصة دور العمال.»

  وقد أكد أيضا على ضرورة النضال ضد اللا فعالية والبيروقراطية والفساد الذي يهدد الثورة. وقال أنه فقط من خلال خلق مؤسسات جديدة مبنية على « قاعدة  مندوبيين منتخبين يمكن إلغاء التفويض الممنوح لهم، يمكننا هزم البيروقراطية التي تعرقل الثورة من داخل مؤسسات الدولة ».

  وأكد خورخي باريديس، أنه يتوجب على العمال أن يلعبوا دورا حاسما في النضال من أجل إعادة انتخاب الرئيس تشافيز في انتخابات دجنبر المقبل. إلا أنه أضاف، في نفس الوقت، أنه « يتوجب أن ينظر إلى هذا كجزء من النضال من أجل الاشتراكية » . واقترح تنظيم لجان المعركة الانتخابية من أجل الاشتراكية، في جميع المصانع والنقابات لتعبئة العمال.

  وبعد نقاش مستفيض تمت المصادقة، بالإجماع، على بيان حول الجبهة الثورية (أنظر صيغته الكاملة بالإسبانية على الرابط التالي: http://venezuela.elmilitante.org/index.asp?id=muestra&id_art=2393). يحدد هذا البيان « مد مسلسل المصادرات والتأمينات للصناعة الفنزويلية ووضعها تحت الرقابة العمالية » باعتباره أهم هدف لهذه الجبهة. كما قامت الجبهة بتوجيه دعوة إلى العمال « للانتظام داخل صفوف (UNT) وتطوير الاتجاه النقابي الثوري فيها ». ودعت قيادة (UNT) الجديدة المنتخبة إلى « إطلاق حملة وطنية للاستيلاء على المصانع التي يحتلها العمال ووضعها تحت الرقابة العمالية ».

  كما اتخذ البيان موقفh واضحا من أنه « في ظل الرأسمالية لا يمكن للشعب الفنزويلي أن ينتظر سوى البؤس والفقر والاستغلال الإمبريالي » وأن المشاكل التي تواجه الاقتصادي الفنزويلي لا يمكن حلها إلا عبر « التخطيط الديموقراطي للاقتصاد الوطني». ويشرح البيان أيضا أن « مستقبل الثورة البوليفارية رهين بالاشتراكية، من خلال مصادرة القطاعات الصناعية الرئيسية والأبناك ووضعها تحت رقابة العمال والمجالس» .

  إينفيفال وإينفيبال بعد عام

  لقد كان أهم المتحدثين الآخرين في هذا اللقاء، هو رامون لا غرديرا (Ramon Lagardera)، رئيس COVIMPA – وهي التعاونية التي ينتظم في ظلها عمال إينفيبال-، حيث أكد على فكرة « وجود أشخاص يخربون ويعرقلون مسيرة العمال من الداخل». قال أنه يوجد هناك اتجاهان داخل الحركة البوليفارية « أحدهما إصلاحي والآخر ثوري». وأنه « بالرغم من كون الثوريين يشكلون أغلبية، فإن هنالك مؤسسات لا تحترم رغبات الأغلبية».

   وشرح الوضعية التي تطورت في إينفيبال، حيث يشعر العمال أن القادة الذين انتخبوهم إلى إدارة الشركة وقيادة التعاونيات العمالية لا يعودون إلى القاعدة العمالية وبأنهم ابتعدوا كثيرا عن المشروع الأصلي. لقد دعى العمال إلى تنظيم لقاء جماهيري جديد، يوم 5 نونبر 2005، حيث قرر الجمع العام العمالي تغيير القيادة (بـ 260 صوت مقابل 20) وانتخبت قيادة جديدة كان من بينها رامون لا غرديرا.

  المشكل الذي واجهوه هو أن القرار الذي اتخذه العمال بطريقة ديموقراطية، في جمع عام ديموقراطي، لم يتم الاعتراف به لحد الآن من طرف وزير الاقتصاد الشعبي، إلياس خايا (Elias Jaua). لقد أكد العمال الحاضرون على واقع أن المجلس الإداري السابق قد تمت إقالته، لكن هذا لم يكن مؤشرا على إفلاس الإدارة العمالية، بل دليلا على أن الديموقراطية العمالية هي الطريق الأمثل لإبعاد كل هؤلاء الذين لم يعودوا يتمتعون بثقة ناخبيهم.

  ممثلوا عمال المغارس التابعة لإنفيبال بمَرَكاي (Maracay)، كانوا حاضرين هم أيضا. كانت إدارة إنفيبال السابقة قد استأجرت عمالا جدد في مغارس مَرَكاي بدون علم الجمع العام العمالي، لكن مقابل أجور أدنى وشروط عمل أسوء من مثيلتها لدى العمال الأصليين في مغارس إنفيبال بمورون. فانتظم هؤلاء العمال وطالبوا بأن تشغلهم إنفيبال مقابل نفس الأجور في ظل نفس الشروط وبنفس الحقوق التي يتمتع بها باقي العمال.

  لم يكن العمال في إنفيبال قد بدؤوا في الإنتاج بعد، لكنهم كانوا قد تبنوا طرق الديموقراطية العمالية في جميع القرارات. والجمع العام هو أعلى سلطة تقريرية. وقد أصطدم هذا ببعض بيروقراطيي الوزارة الذين احتجوا بكون الدولة تمتلك 51% من أسهم الشركة ومن ثم من حقها امتلاك القرار. لكن العمال ذكروهم أن الرئيس تشافيز نفسه وخلال توقيع مرسوم المصادرة، أعلن أن العامل المنتخب من طرف الجمع العام العمالي، هو من يجب أن يصير مديرا لإنفيبال. وقد تشبث العمال بهذا المبدأ وبعدها تم حل المشكل مع الوزارة لصالح الجمع العام العمالي.

  أي نوع من التسيير الجماعي؟

  كانت هناك أيضا مجموعة من تعاونيات العمال حاضرة خلال هذا الاجتماع. وقد شرحوا بعض المشاكل التي يواجهونها، من بينها التخريب الذي يقوم به الرأسمال المالي. وواقع كونهم مجبرون على المنافسة في سوق رأسمالية وأيضا يفتقدون أحيانا للمقرات الضرورية لكي يقوموا بعملهم، كما أنهم لا يمتلكون الإمكانيات الضرورية لكي يستأجروها أو يشتروها.

  في شريافي (Charallave) وميراندا (Miranda)، قررت مجموعة مكونة من أربعة تعاونيات عمالية احتلال مقرات آلفا كوارك (Alfa Quark) المهجورة وطالبت بمصادرتها (مساحتها تبلغ 18.000 هكتار) لاستعمالها من طرف تلك التعاونيات. وقد قررت الجبهة دعمهم في نضالهم.

  كما شهد اللقاء أيضا، نقاشات حول طبيعة التسيير الجماعي الذي يدافع عنه العمال. قال أنطونيو بيطنكورت (Antonio Betancourt)، الذي استهل النقاش: « نحن سعداء بما وقع لنا، لأننا صرنا اليوم واعون بعظمة القوة التي نمتلكها كعمال، وبقوة الطبقة العاملة عموما. إن الدرس الذي استخلصناه من جميع الثورات الماضية هو أن هدفنا يجب أن يكون بناء دولتنا، دولة العمال. لأن البرجوازية لديها بيادقها داخل هذه الدولة الحالية، بل حتى داخل الحكومة نفسها. تلك البيادق هم من يحاولون إقناعنا بأن ذلك مستحيل، بأن العمال لا يمكنهم إدارة الشركات، لكننا برهنا على أنهم مخطئون».

  وقد تم خلال هذا اللقاء المصادقة على وثيقة صاغها عمال إنفيبال حول طبيعة التسيير الذي يناضلون من أجله. هذه الوثيقة تمت صياغتها على أساس مرسوم صاغه لينين حول الرقابة العمالية سنة 1917 (http://www.marxists.org/archive/lenin/works/1917/oct/26.htm). وفي الأخير ناقش الاجتماع عددا من المقترحات الملموسة. ثم تشكلت الجبهة رسميا وانتخبت لجنة تنسيقية وتمت الدعوة إلى تظاهرة لجميع عمال الشركات التي تم احتلالها واستعادتها يوم 14 مارس. التظاهرة سوف تنطلق من سيل- فيكس (شركة للنسيج بكاركاس احتلت من طرف عاملاتها 240 واللائي يطالبن بمصادرتها ووضعها تحت الرقابة العمالية) إلى الجمعية الوطنية. وستكون أهم مطالب هذه التظاهرة هي مصادرة سيل- فيكس، مصادرة مقرات آلفا كوارك، الاعتراف بالقيادة الجديدة لشركة إنفيبال والإدماج الكلي لعمال إنفيبال بمَرَكاي في صفوف عمال إنفيبال.

  تجربة الحركة العمالية الفنزويلية مع الرقابة والإدارة العمالية، لا تزال حديثة ولحد الآن لا زالت لا تعبىء سوى عدد صغير من العمال والمصانع. وقد تم ارتكاب عدد من الأخطاء الحتمية. لكن الشيء الأكثر أهمية هو أنهم يتعلمون من هذه الأخطاء وهاهم قد مكنوا أنفسهم، لأول مرة، من جهاز حيث يمكنهم النقاش وتنسيق النضالات والتقدم إلى الأمام. إن هذه الحركة تبين بذور مجتمع المستقبل من داخل المجتمع القديم. خلال الأوضاع الثورية الحالية في فنزويلا، يمكن ولو لصدام صغير حول الأجور أو حول الاعتراف بالحق النقابي، أن يتطور إلى حرب مفتوحة بين العمال وأرباب العمل، خلالها يجد العمال أنفسهم مطالبين بالاستيلاء على المصانع.

  إن هذه الجبهة لديها إمكانية التحول إلى مرجع للنضال الثوري الذي يخوضه العمال الفنزويليون، لربط نضالهم اليومي من أجل مشاكلهم الملحة، بمنظور أوسع للنضال من أجل الاشتراكية، التي لا يمكنها أن تبنى إلا على قاعدة اقتصاد مخطط وطني تحت رقابة العمال الديمقراطية.

وليام سانابريا وخورخي مارتين
الأربعاء: 08 مارس 2006

عنوان النص بالإنجليزية:

Venezuelan workers set up Revolutionary Front of Occupied Factories  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *