كما سبق لنا أن أشرنا أمس، كانت قوات الدفاع الإسرائيلية تحشد دباباتها وقواتها على الحدود مع غزة. مع حلول منتصف الليل دخلت الدبابات الإسرائيلية قطاع غزة مدعمة بالمروحيات والرشاشات.
قامت طائرات إسرائيلية بقصف ثلاثة جسور على طرق رئيسية في قطاع غزة. وقد برر هذا العمل بكونه محاولة لمنع نقل الجندي الإسرائيلي المعتقل. إن هذا تصريح سخيف. إذ من السهل نقل رجل واحد من مكان إلى آخر. إنه مجرد تبرير لعملية نشر الرعب على الشعب الفلسطيني.
إن عمليات القصف هذه، هي رد الحكومة الإسرائيلية على هجوم يوم السبت الذي نفذه كوماندو فلسطيني واعتقال جندي إسرائيلي، لا يزال رهن الاعتقال. إن الفلسطينيين يطالبون بإطلاق سراح النساء والأطفال المعتقلين في السجون الإسرائيلية. لكن السلطات الإسرائيلية بقيت متصلبة في رفضها التنازل فيما يخص هذه المسألة.
وقد سبق لرئيس الوزراء إيهود أولمرت، أن أدلى بتصريحات حادة قبيل الاجتياح، وأضاف الآن أن العمليات العسكرية في غزة ستتواصل “طيلة الأيام المقبلة” وأن إسرائيل “لن تتردد في اتخاذ أقصى الإجراءات” لتحرير الجندي الإسرائيلي الشاب.
إن هذا التحرك الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي وبدل أن يسهل عملية إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي، يخلق وضعا جد متوتر على الأرض. بعد أن قامت الطائرات الإسرائيلية بالقصف، اتخذ المناضلون الفلسطينيون المسلحون مواقعهم في مدينة غزة وغيرها من أجزاء الضفة الغربية، يستعدون للتصدي لأي آليات عسكرية إسرائيلية قد تجتاز الحدود وطلبوا من الساكنة المحلية أن تغادر المنطقة.
تم تقديم الغزو من طرف الجيش الإسرائيلي باعتباره تحركا ضد “الإرهابيين”، إذن لماذا أطلقت المروحيات نيرانها على محطة الطاقة الرئيسية في غزة؟ لقد تضررت محطة الطاقة بشكل كبير بالنيران المتصاعدة. أغلب المناطق الساحلية في غزة تضررت إذ انقطعت عنها إمدادات الكهرباء، الشيء الذي أضر بـ 1,4 مليون فلسطيني.
هذا الفعل لوحده دليل على أن هدف العمليات العسكرية هو إرهاب الشعب الفلسطيني الذي يقطن في غزة. لو أن السلطات الإسرائيلية كانت مهتمة حقا بحياة الجندي الإسرائيلي المختطف، لكانت على الأقل أظهرت ميلا نحو التفاوض. وبدل ذلك تركته لمصيره وعملت على قصف الشعب الفلسطيني.
في المقال الذي نشرناه أمس أوضح يوسي شوارتز، في إسرائيل، أن الجيش الإسرائيلي كان قد تلقى معلومات مسبقة عن أن هجوما ما كان سيحدث. لكنه لم يقم بشيء لمنع حدوثه. وقد سبق لنا أن شرحنا السبب وراء ذلك. لقد كانوا بحاجة إلى مبرر لاقتحام عزة. قسوة السلطات الإسرائيلية بدون حدود. إنهم مستعدون للتضحية بحياة جنودهم من أجل تحقيق أهدافهم السياسية العامة. وبعدها يذرفون دموع التماسيح على الجنود القتلى.
إن السبب في إرهابهم للفلسطينيين يعود لكون هؤلاء قد صوتوا لحماس. لقد كان مخطط الحكومة الإسرائيلية هو إقامة نظام عميل لها في الأراضي الفلسطينية ليقوم بقمع الشعب الفلسطيني عوضا عنها. لكن الشعب الفلسطيني وضع حدا لهذا المخطط بتصويته على حكومة حماس. وبعد أن فشلت في إقامت نظام عميل لها، حاولت السلطات الإسرائيلية، بدعم من الإمبريالية الأمريكية، أن تستعمل تكتيك إثارة حرب أهلية بين الفلسطينيين، أي نفس التكتيك الكلاسيكي “فرق تسد”.
يجب ألا ينخدع أي كان حول الأهداف الحقيقية للطبقة السائدة الإسرائيلية. إذ ليس لديها أية نية في منح الفلسطينيين حكما ذاتيا حقيقيا. إن أكبر ما يمكنهم تقديمه لهم هو دولة عميلة، تحت قيادة سياسيين خاضعين للسيطرة المطلقة لإسرائيل. إن هذا مرفوض من طرف الشعب الفلسطيني. إنه يريد حكما ذاتيا حقيقيا. ولديه مشاكل ملحة يريد حلها، من قبيل الفقر والبطالة الجماهيريين. لكن على قاعدة الرأسمالية، لا يمكن للفلسطينيين أن يأملوا في أفضل مما لديهم. لهذا لا يمكنهم أن يتخلوا عن نضالهم.
إن المثير للسخرية هو أن رئيس وزراء إسرائيل، أولمرت، انتخب شهر مارس الماضي لأنه وعد بتنظيم انسحاب من أجزاء من الضفة الغربية، مشابه “لانسحاب” السنة الماضية من غزة. لقد بين هذا أن أغلبية الشعب في إسرائيل يريد السلام وتوقف هذه المواجهة الدائمة. لكن مادام الفلسطينيون مجبرون على العيش في ما يشبه سجنا كبيرا مفتوحا، فلن يكون هناك أي سلام أبدا.
مادامت إسرائيل تحت حكم الطبقة السائدة الحالية، فلن يكون هناك أي أمل في سلام حقيقي. إن الطبقة السائدة في إسرائيل طبقة رأسمالية لديها تطلعات إمبريالية. إنها مهمة الطبقة العاملة الإسرائيلية أن تناضل ضد الطبقة السائدة عندها.يجب أن يكون أول مطلب للحركة العمالية الأممية، والطبقة العاملة الإسرائيلية، هو الانسحاب الفوري للقوات من غزة. أوقفوا هذا الغزو فورا! ومن تم بدأ النضال من أجل تحويل المجتمع ووضع نهاية للانقسامات الطبقية والقومية التي هي السبب الرئيسي في الصراع الحالي.
موقع الدفاع عن الماركسية
الأربعاء: 28 يونيو 2006
عنوان النص بالإنجليزية :