يوم الثلاثاء 24 أبريل، أرسل حاكم آراغوا، ديدالكو بوليفار، قوات البوليس لإرهاب عمال سانيطاريوس ماراكاي ومنعهم من المشاركة في مسيرة وطنية بكاراكاس من أجل الدفاع عن الرقابة العمالية والمصادرات والتأميم، دعت إليها جبهة FRETECO (الجبهة الثورية لعمال المصانع المحتلة من طرف العمال).
رد العمال على هذا الخرق الفاضح للحقوق الدستورية بخوض شكل احتجاجي عملوا خلاله على قطع الطريق الجهوية La Victoria.
وهو ما تعرض لقمع همجي من طرف قوات بوليس ولاية آراغوا ووحدات من الحرس الوطني، استعملت فيه القنابل المسيلة للدموع، الطلقات النارية والهراوات لإزالة المتراس، مما خلف 14 جريحا بين صفوف العمال و25 معتقلا.
بعد تلقي هذه الأخبار، أطلقت الجبهة الثورية لعمال المصانع المحتلة والتيار الماركسي الأممي وحملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا، حملة تضامن للمطالبة بالإطلاق الفوري لسراح العمال المعتقلين وإقالة الحاكم ديدالكو بوليفار.
والآن وبينما هذه الأسطر قيد الصياغة، وصلتنا أخبار عن إطلاق سراح عمال سانيطاريوس ماراكاي.
في هذا الوقت ليس القمع ضد العمال المنظمين أمرا عرضيا، بل يشكل في حد ذاته مثالا ملموسا على دينامية القوى المتعارضة التي تشكل السيرورة الثورية في فنزويلا.
يعتبر ديدالكو بوليفار، حاكم آراغوا، عضوا قياديا في حزب PODEMOS، أحد أهم الأحزاب المشكلة للائتلاف الواسع المؤيد لتشافيز.
إلا أن حزب PODEMOS تموقع منذ البداية بعيدا على يمين الحركة البوليفارية، وقد أدى الميل اليساري لدى الرئيس تشافيز خلال السنتين الأخيرتين وتجذر المسلسل الثوري بعد الانتصار الانتخابي، 3 دجنبر، إلى فضح حقيقة كون سياسات حزب PODEMOS ومصالحه ذات جذور بورجوازية معادية للثورة.
وهكذا انتقد الأعضاء البارزون داخل حزب PODEMOS، من أمثال ديدالكو بوليفار نفسه، مقترح تشافيز بتشكيل حزب اشتراكي موحد لعموم فنزويلا (Partido Socialista Unificado de Venezuela)، وقالوا أن الحزب الاشتراكي الموحد لن يكون حزبا موحدا للثورة بل بالأحرى حزبا كليانيا، عبر اللعب على التشابه الموجود في اللغة الاسبانية بين مصطلح “حزب واحد” (أو حزب وحيد) ومصطلح “حزب موحد” (“partido único” و”partido unido”). وهكذا دأب قادة حزب PODEMOS على الإشارة إلى الحزب الاشتراكي الموحد كـ “حزب وحيد”، محاولين عبر اللعب بالألفاظ إعادة إحياء شبح الستالينية.
إلا أن الحزب الاشتراكي الموحد يشكل فرصة عظيمة لتنظيم الجماهير البوليفارية حول برنامج اشتراكي وإنجاز الثورة حتى النهاية.
كما ينظر إليه من طرف الجماهير البوليفارية وأغلب المناضلين باعتباره فرصة فريدة من نوعها للتخلص من البيروقراطيين والوصوليين الذين، مع مواصلتهم الالتصاق بأجهزة أحزاب الائتلاف البوليفاري، يعملون على خنق الثورة ويناورون من أجل تحويل اتجاهها.
إن تأييد الجماهير الحماسي لبناء الحزب الموحد، وهو ما يتناقض مع موقف قادة حزب PODEMOS أو حزب PPT، هو دليل على هذا الواقع.
يعرف ديدالكو بوليفار جيدا جدا أن موقعه المميز في المجتمع مهدد من طرف حركة الجماهير الثورية، ولن يدخر أي جهد من أجل منعهم من تحقيق التغيير الثوري للمجتمع.
يعرف ديدالكو بوليفار جيدا جدا أن المجتمع الذي يستمد منه، هو وآخرون أمثاله، امتيازاتهم هو مجتمع مبني على أساس الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، على أساس حق لا يمكن سوى لأقلية من الفنزويليين –الرأسماليين، ملاكي الأراضي وأصحاب المال- أن تمارسه.
إن ديدالكو بوليفار وبالرغم من كل كلامه الرخيص حول الديمقراطية والحرية، يدافع بكل قواه عن ديكتاتورية البورجوازية، ديكتاتورية أقلية ضئيلة من الفنزويليين على الأغلبية الساحقة، تلك الديكتاتورية التي، بالرغم من المكاسب التي حققها المسلسل الثوري، لم يتم تحطيمها بعد ولن يتم تحطيمها إلا بعد أن يتم مصادرة ممتلكات البورجوازية كطبقة.
ديدالكو بوليفار يعرف هذا بشكل جيد جدا وقد تحرك بغريزة ضبع مفترس للهجوم على هؤلاء الذين يمثلون الآن أكبر خطر على الملكية الخاصة وعلى الرأسمالية: عمال سانيطاريوس ماراكاي، المنظمين في إطار الجبهة الثورية FRETECO، والذين يشكلون طليعة الطبقة العاملة في النضال من أجل الاشتراكية.
سانيطاريوس ماراكاي مصنع للسيراميك في فنزويلا محتل حاليا من طرف عماله. لقد استولى العمال على المصنع شهر نوفمبر 2006، عندما قام مالكه، الانقلابي المعروف، بالتخلي عنه. منذ ذلك الوقت وهو تحت الرقابة العمالية عبر نظام الجموعات العامة واللجان العمالية.
ليس احتلال هذا المصنع سوى واحدة من عمليات احتلال المصانع التي تتم في فنزويلا في الوقت الحالي. إلا أن هناك بعض الخصوصيات التي تجعل نضال عمال سانيطاريوس ماراكاي تجربة مختلفة بشكل نوعي داخل حركة المصانع المحتلة في فنزويلا.
سانيطاريوس ماراكاي هو أول مصنع يبدأ الإنتاج قبل مصادرته وقد أبان عماله عن فهم عميق للوضع الثوري والسياسات الثورية.
على خلاف التجارب السابقة، لا يطالب عمال سانيطاريوس ماراكاي بمصادرة المصنع فقط، إنهم يعرفون أن المشاكل التي يواجهونها لا يمكن حلها إلا بإحداث التغيير الاشتراكي للمجتمع، وأن نضالهم من أجل التأميم تحت الرقابة الديمقراطية للعمال يفتح الطريق للتحويل الثوري للمجتمع.
إنهم يطالبون بأن يتم مصادرة المصنع، يطالبون بتأميم المصنع، يطالبون بحقهم في تسييره ديمقراطيا تحت رقابتهم، يطالبون بأن يتم إدماجه في مخطط ديمقراطي للإنتاج الاجتماعي من أجل تمكين الفنزويليين من السكن اللائق.
خلال الأسبوع الماضي، نصح الرئيس هوغو تشافيز كلا من عضوي حزب PODEMOS ديدالكو بوليفار ورامون مارتينيز، حاكم سوكر، بأن يلتحقا علانية بالمعارضة المعادية للثورة، التي يعتبرهما جزءا منها، ودعا الجماهير البوليفارية في سوكر وأراغوا لإقالتهما.
بعد أيام قلائل من ذلك، التحق ديدالكو بوليفار علانية بالمعارضة المعادية للثورة عبر قمعه لعمال سانيطاريوس ماراكاي. هذه رسالة واضحة لتشافيز، لا يمكن أن يكون هناك أي شك بخصوص الطرف الذي ينتمي إليه ديدالكو بوليفار. إنها أيضا، وهذا هو الأهم، رسالة موجهة إلى البورجوازية الفنزويلية.
عبر قمعه لطليعة الحركة الثورية يبعث ديدالكو بوليفار رسالة واضحة إلى المعارضة الرجعية، يقول فيها: أنظروا أنا معكم وسأكون معكم حتى النهاية لسحق الثورة. إنني رجلكم ثقوا بي.
يجب على جميع قطاعات الاتحاد الوطني للشغل، الآن أكثر من أي وقت مضى، أن يتخلوا عن خلافاتهم ويسيروا من أجل دعم عمال سانيطاريوس ماراكاي ومطالبتهم بتأميم المصنع تحت الرقابة العمالية وبإقالة ديدالكو بوليفار.
إنها مهمة أخلاقية وسياسية على كاهل الحكومة البوليفارية للتدخل ضد الهجمات المعادية للثورة. يجب تأميم سانيطاريوس ماراكاي تحت الرقابة العمالية.
من أجل جمهورية اشتراكية بوليفارية فنزويلية!
من أجل فدرالية اشتراكية لكوبا وفنزويلا!
من أجل فدرالية اشتراكية لأمريكا اللاتينية!
بابلو رولدان
الجمعة: 27 أبريل 2007
عنوان النص بالإنجليزية: