لقد ظهر تقليد الاحتفال بفاتح ماي، باعتباره يوما تتظاهر فيه الطبقة العاملة، في خضم النضال من أجل يوم العمل من ثماني ساعات خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة الأمريكية. كان مركز الحركة هو شيكاغو، حيث كان العمال يحرضون هناك طيلة شهور على النضال من أجل يوم عمل من ثماني ساعات، وفي فاتح ماي، كان 50.000 عامل قد انخرطوا في الإضراب. ليلتحق بهم 30.000 عامل آخرون في اليوم الموالي، مما أصاب أغلب مصانع شيكاغو بالشلل.
يوم الثالث من ماي أطلقت قوات القمع النار على المضربين بمصنع في هايماركت (Haymarket)، مخلفة مقتل أربعة عمال وجرح الكثير. وانتقاما لهم ألقيت قنبلة على رجال البوليس مما أدى إلى مقتل أحد الضباط. تعرض العديد من العمال للاعتقال، وأعدم أربعة فوضويين شنقا. لم تكن هناك أية أدلة عن تورط هؤلاء الرجال في الهجوم بواسطة القنبلة، واشتهرت المحاكمة باعتبارها مثالا فاضحا عن الظلم.
وفي باريس سنة 1889 أعلن المؤتمر التأسيسي للأممية الثانية يوم فاتح ماي يوم عطلة أممية للطبقة العاملة تخليدا لذكرى شهداء هايماركت وصارت الراية الحمراء رمز دماء شهداء الطبقة العاملة في معركتهم من أجل حقوق العمال.
والآن مرة أخرى تجبر أزمة الرأسمالية العمال في العالم بأسره على التحرك ضد مضطهِديهم. ومرة أخرى يعود إلى الواجهة تقليد فاتح ماي باعتباره يوما للتضامن الأممي.
تم تخليد يوم فاتح ماي السنة الماضية من طرف عمال العالم من فنلندا إلى نيو زيلاندا، ومن أثينا إلى مينيابوليس. وقد خلد هذا اليوم الأممي كل من العمال الإسرائيليون والفلسطينيون. وفي الأماكن التي لم يحقق فيها العمال بعد الحق في التجمع والتظاهر والتنظيم الحر، صار يوم فاتح ماي بؤرة تجميع العمال في نضالهم من أجل التحرر. في إيران، على سبيل المثال، قامت الحكومة خلال السنة الماضية بحضر كل مظاهر تخليد فاتح ماي عبر ربوع البلد. بل إنها منعت العمال حتى من تنظيم رحلة إلى إحدى الحدائق قبل يوم فاتح ماي. وقد أرسلت الحكومة لقمع هؤلاء العمال، البالغ عددهم 1000 عامل إضافة إلى عائلاتهم، 1000 رجل بوليس من أجل إغلاق الحديقة. إن هذا يبين ما الذي يعنيه تقليد فاتح ماي بالنسبة للعمال، ولماذا يخشاه أرباب العمل. لقد شهدنا أول احتلال للمصانع يقوم به العمال في بريطانيا منذ حوالي ثلاثين سنة، الشيء الذي يبشر باستيقاظ الطبقة العاملة البريطانية.
من أين أتت الفكرة؟ إنها جزء من الخبرة الجماعية للطبقة العاملة العالمية. شرح الرفيق دي هيمسكيرك (Des Heemskerk) قائد عملية الاحتلال المؤقت الذي يقوم به العمال لـ Visteon في باسلدون والمناضل المناصر لمنظمة Socialist Appeal [الفرع البريطاني للتيار الماركسي الأممي]، قائلا: “لقد استلهمنا مسألة احتلال المصنع بأسرها من احتلال مصنع واترفورد كريستال في جنوب أيرلندا. وقد امتدت فكرة احتلال المصانع إلى بلفاست ومن هناك إلى إنفيلد وباسيلدون، حيث حققنا نجاحا جزئيا.”
لقد شكلت عملية احتلال المصانع مصدر إلهام لجميع العمال. وقد استلهمت الفكرة من التكتيكات التي طبقتها الحركة العمالية في فرنسا وفي الولايات المتحدة أيضا. سبق لمصنع جنرال موتورز بفلينت، ولاية ميشيغان أن احتل من طرف العمال خلال ثلاثينيات القرن العشرين. نظمت هناك اعتصامات احتجاجية من أجل تشكيل اتحادات عمالية بفلينت. وقد استلهم العمال ذلك من حركات أخرى. يمكن لذلك أن يتكرر على صعيد أكبر. لقد انتقلت الدروس من واترفورد إلى بلفاست ومن تم إلى إنفيلد وباسيلدون. لقد بدأت تقاليد احتلال المصانع في بريطانيا وسيتم العودة إليها بحزم.
إننا نتعلم من خبرات بعضنا البعض، لا سواء في الانتصارات أو الهزائم. وليست الماركسية سوى الذاكرة الجماعية للطبقة العاملة. وكما يشير البيان الشيوعي: “إن الشيوعيين إذن، هم من الناحية العملية، الفئة الأكثر تقدما والأكثر حزما بين أحزاب الطبقة العاملة في جميع البلدان؛ تلك الفئة التي تدفع إلى الأمام بجميع الفئات الأخرى؛ ولديهم من جهة أخرى، من الناحية النظرية، ميزة تميزهم عن الجماهير العظمى بين البروليتاريا، وهي أنهم يفهمون بوضوح خط السير العام، والشروط والنتائج العامة النهائية للحركة البروليتارية”؛
فقط عندما سوف تنجح الماركسية في نشر نفوذها داخل صفوف الحركة العمالية حيث ستتمكن نضالات الطبقة العاملة في العالم بأسره من تحقيق انتصار الاشتراكية العالمية.
يا عمال العالم اتحدوا!
ميك بروكس، بريطانيا
الجمعة: 01 ماي 2009
عنوان النص بالإنجليزية: