نعمل فيما يلي على إعادة نشر الحوار الذي أجرته مع الرفيق آلان وودز الصحيفة الفنزويلية (Ultimas Noticias)، الصادر في عدد يوم الأحد، والذي طبع منه حوالي 300.000 نسخة. شدد آلان على أن الثورة في خطر وأن ما يجب القيام به هو مصادرة أملاك الأوليغارشية.
بدون الرقابة على الأبناك والقطاعات الاقتصادية الرئيسية، لا يمكن للمرء أن يتحدث عن اقتصاد مخطط وبالتالي اشتراكي في فنزويلا. وقد اختصر آلان وودز هذا في جملة واحدة: “لا يمكنك التخطيط لاقتصاد لا تملكه” لكن حتى بعد القيام بذلك وتعميق المسلسل الثوري فإنه يبقى غير كاف. إذ ينبغي أيضا إجراء تغيير للدولة، لأنه من الواضح “أن بيروقراطية الجمهورية الرابعة القديمة لن تنجز الاشتراكية”. كما ناقش الديمقراطية التشاركية في الدولة والشركات. وقال إن “روسيا كانت مجرد صورة كاركاتورية كليانية وبيروقراطية، وقد كان محكوما عليها بالفشل”.
والآن عندما دعا الرئيس تشافيز إلى تعميق الثورة، يصير من المفيد الاطلاع على آراء وودز، المنظر الماركسي الذي يعلن عن كونه “مساندا للثورة البوليفارية بشكل غير مشروط”.
سؤال: لقد شددتم في العديد من المناسبات على أن الثورة البوليفارية تعيش مرحلة حاسمة، ماذا تعنون بذلك؟
خلال السنوات الإحدى عشر الأخيرة تحققت العديد من المكتسبات، هذا صحيح. لكن هل يمكننا أن نقول إن الثورة قد انتهت من إنجاز مهامها؟ الرئيس تشافيز نفسه قدم الإجابة عن هذا السؤال، حيث قال خلال مراسيم تشكيل الميليشيات: “لم تتحقق الاشتراكية بعد في فنزويلا، إن المسلسل لم ينتهي بعد”، وهذا صحيح بشكل جلي. بالرغم من أن هناك بعض عمليات التأميم، والتي نؤيدها، فإن هناك قطاعات اقتصادية حيوية، كالأبناك وغيرها، ما تزال في أيدي الخواص. ومن تم فإنه لا يمكننا الحديث عن اقتصاد اشتراكي مخطط. إن هذا الواقع خطير جدا، خاصة في ظل وضع الأزمة العالمية للرأسمالية، التي أثرت على الاقتصاد الفنزويلي، ولها انعكاسات سلبية جدا على الشعب، وأعني خصوصا التضخم وغيره من المشاكل التي تعرفونها أنتم أفضل مني. يمكننا أن نقع في وضع خطير، لأن اليمين يستغل هذه الظروف لصالحه لمهاجمة الثورة، وضرب مصداقية الاشتراكية وتحضير الشروط لتوجيه الضربة إليها.
سؤال: لقد قلتم أيضا إنه يمكننا، عبر تأميم وسائل الإنتاج، أن نعمق المسلسل الثوري ومن ثم يصير من الممكن الحديث عن ثورة.
إنني لا افهم كيف يمكن للمرء أن يتحدث عن الاشتراكية في فنزويلا بينما الأوليغارشية ما تزال تمتلك الأرض، والأبناك والقطاعات الاقتصادية الكبرى. ليس لهذا الكلام أي معنى، ولهذا السبب أجدني أتفق مع ما قاله الرئيس: “إن الثورة لم تنتهي بعد”، وعلى حد تعبيره: “ما يزال هناك الكثير مما يجب القيام به”. أول شيء يجب علينا أن نفهمه هو أننا لا نمتلك الكثير من الوقت. إن الوضع، من وجهة نظري، يتطلب تحركا عاجلا. إنني لا أريد أن أفرض آرائي على أي أحد، إنني ببساطة أتحدث كشخص يولي الثورة البوليفارية دعما غير مشروط، إنني أومن بأنه يجب تسريع المسلسل الثوري لكي يمكن القضاء على السلطة السياسية والاقتصادية التي ما تزال البورجوازية تمتلكها.
سؤال: خلال حملة الاستفتاء على إصلاح الدستور الفاشلة، اقترح الرئيس تشافيز خمسة أشكال من الملكية، بما فيها الملكية الخاصة، التي تتمتع في فنزويلا بوضع دستوري. كيف يمكن تسريع المسلسل الثوري ما دام هذا الحق مضمونا؟
حسنا، دعوني أوضح أنني أساند بشكل كامل الملكية الخاصة. لست أدعو إلى المساس بالملكية الخاصة لـ 98 % من الشعب الفنزويلي. إنها ملكية مقدسة. لست أدعو إلى تأميم منزل جاري، أو ممتلكات الفلاح الفقير، أو ملكية البورجوازية الصغرى. كلا، إنني أتحدث عن الملكية الخاصة الموجودة بين أيدي أقلية ضئيلة من الأثرياء، الذين اعتبروا فنزويلا، خلال مدة طويلة، ملكية خاصة لهم.
إنني أتحدث بشكل حصري عن ملكية الأوليغارشية، التي يجب مصادرتها في أسرع وقت ممكن. إن ما ينبغي القيام به هو تأميم القطاعات الاقتصادية الكبرى، لأنه بدون ذلك لن يكون من الممكن أبدا التخطيط للاقتصاد الفنزويلي وحل مشاكله، والتي هي مشاكل خطيرة جدا. وبكلمة واحدة أقول: لا يمكنك التخطيط لاقتصاد لا تملكه. فلنأخذ مثالا: الاستثمار الخاص. لحد الآن ليس الاستثمار الخاص في يد الفنزويليين، بل هو بين أيدي الأوليغارشية التي لا تقوم بالاستثمار. يمكنكم الاطلاع على مؤشرات القطاع الخاص. فبدون القطاع العام لن يكون في فنزويلا أي إنتاج.
سؤال: لماذا لا يمكن حل هذا المشكل من خلال اتفاق مع القطاع الخاص؟ ؟
[يضحك]… حسنا لقد تم تجريب هذا مرات عديدة، أليس كذلك؟ لقد حضرت لقاءا حيث طلب الرئيس تشافيز، بل التمس واستجدى، أرباب العمل لكي يستثمروا. قلت لنفسي: “لن يؤد هذا إلى أية نتيجة”، وهذا فعلا ما حصل. إنهم لا يستثمرون لأسباب مختلفة وأول هذه الأسباب هو وجود أزمة للنظام الرأسمالي. إن الرأسماليين لا يستثمرون في أي مكان، حتى في بريطانيا. والسبب الثاني سياسي بدون شك. إن ما نشهده هنا هو، بوضوح، إضراب يخوضه الرأسمال.
سؤال: لأية غاية؟
إنهم لا يستثمرون من أجل ضرب استقرار الحكومة وخلق جو يتسبب، كما قال الرئيس، في تكرار ما وقع يوم 11 أبريل مرة أخرى . وهذا ممكن الحدوث.
سؤال: النتائج التي تحققها الحكومة محدودة بدورها. لا تمثل الأشكال الجديدة للملكية أكثر من 10% من الناتج الوطني الخام. هناك هوة بين الواقع والنوايا السياسية.
إنني لا أتفق تماما مع هذا التصور. إذا ما نظرتم إلى الأرقام الاقتصادية، فستجدون أن الشيء الوحيد الذي يحافظ على الاقتصاد الفنزويلي سائرا هو القطاع العام. القطاع الخاص لا يقوم بأي شيء، بل على العكس تماما، والأرقام واضحة في هذا المجال. لقد وقعت العديد من المشاكل، وهي مشاكل خطيرة جدا، يمكننا أن نلخصها في كلمة واحدة: البيروقراطية. من الواضح أنه توجد مشكلة البيروقراطية، التي تشكل سرطانا ينخر الثورة ويدمرها من الداخل.
سؤال: اسمحوا لي بتعقيب هنا، القطاع الصناعي في فنزويلا موجود في أيدي الخواص، وثلاثة مناصب شغل من كل أربعة موجودة في القطاع الخاص.
هنا مكمن المشكل. ماذا يحدث مع الاستثمارات الخاصة؟ هل هناك ارتفاع في الاستثمارات الخاصة؟ إنني لا اعتقد ذلك. بل على العكس، فقد سجل انخفاضا كبيرا، للأسباب التي أشرت إليها أعلاه. إن فكرة الاقتصاد المختلط خاطئة، لأنك ستحصل في النهاية على مساوئ الاثنين معا. ستحصل على مساوئ الرأسمالية، حيث الأشخاص الذين يمتلكون الأموال لن يستثمروا، وتحصل على المساوئ التي سبق لنا أن رأيناها في الاتحاد السوفييتي السابق. إن ما نحتاجه هو التأميم الذي يضع السلطة في أيدي العمال. لم يتم القيام بهذا بسبب البيروقراطية، المتغلغلة للأسف في الدولة والحكومة والحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد. وهذا المشكل يجب أن يحل.
سؤال: تعميق المسلسل الثوري؟ ؟
لقد قال تشافيز، مستشهدا بكتاب لينين الدولة والثورة، إن ما يجب القيام به هو تدمير الدولة البرجوازية القديمة وخلق دولة عمالية ديمقراطية جديدة. هذا بديهي، كيف يمكن لإنسان عاقل أن يعتقد، ولو لوهلة، أن ما نريد القيام به يمكن تحقيقه باستخدام الدولة الموروثة عن الجمهورية الرابعة؟ هل سيقوم خدم الرأسمال والبيروقراطيون هؤلاء بتطبيق الاشتراكية؟ كلا، هذا غير معقول. إن ما يجب القيام به هو إحداث تغيير حتى للدولة.
سؤال: إن من يقرأ بين السطور يمكنه أن يقول إن آلان وودز يقترح النموذج الكوبي!
للنموذج الكوبي عدة مميزات إيجابية. ففيديل كاسترو عندما ووجه بالمقاطعة من جانب الأوليغارشية الكوبية والإمبريالية قام بالخطوة الصحيحة: لقد أمم الاقتصاد الكوبي. لكنني بالرغم من ذلك لا أعتقد أن هناك حاجة لتقليد كوبا أو روسيا من طرف أي بلد آخر. إننا نتحدث عن ديمقراطية فعلية. ينبغي على النظام الاشتراكي الحقيقي أن يتأسس دائما على الرقابة الديمقراطية من جانب الطبقة العاملة. وهذا هو ما أقترحه: يجب وضع القطاعات الاقتصادية الكبرى والأرض والأبناك وكبريات الشركات في يد الدولة. ويجب أن تكون الدولة والشركات في يد الطبقة العاملة. إن هذا هو الشرط المسبق الذي لا غنى عنه لبناء الاشتراكية في فنزويلا.
سؤال: يجد العديد من اليساريين أنه من الصعب تحديد طبيعة اشتراكية القرن الواحد والعشرين. هل يمكنكم أن تشرحوا لنا الخطوط العريضة لمعناها؟
هل تعلمون ما هي الوثيقة الأكثر راهنية في وقتنا الحالي؟ إنها البيان الشيوعي الذي كتبه ماركس وإنجلز. تصف هذه الوثيقة العالم بتفصيل رائع، لكن ليس عالم 1848، بل عالم اليوم. إنها تشرح العولمة على سبيل المثال، كما أن مسلسل تركز الرأسمال واقع معاش. وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى. الواقع أنني استمعت عدة مرات لتصريحات هاينز ديترخ وجميع الآخرين، على أمل أن أجد عندهم أفكارا جديدة. لكن على العكس، كل ما سمعته هو تكرار بائس للأفكار القديمة التي قالها برودون وغيره من مفكري ما قبل الماركسية، والذين اتضح خطئهم منذ وقت بعيد. إنني أؤكد أن التصور الماركسي ما يزال راهنيا حتى اليوم. طبعا حدثت تغيرات وتطورات واضحة، مع إدخال التكنولوجيا الحديثة، على سبيل المثال. فاليوم يمكن لأي عامل مؤهل، بكمبيوتر بين يديه، أن يسير شركة بأسرها. كما تجب الاستفادة من الانترنيت.
سؤال: إنكم متبحرون في الماركسية، وتعرفون النموذج السوفييتي والكوبي. بصراحة هل يمكنكم أن تقولوا لقراء جريدتنا، الذين يعيشون في أغلبهم في الأحياء الشعبية، إن النموذج الكوبي يشكل بديلا لهم؟
للنموذج الكوبي جوانب إيجابية ينبغي علينا أخذها بالاعتبار، ولديه جوانب ليست كذلك. أعتبر أن تأميم وسائل الإنتاج كانت خطوة صحيحة. لكن هذا ليس كافيا. إذ يجب تطوير الديمقراطية العمالية، نوع من الديمقراطية الفعلية. لكن الكوبيين، مع الأسف، نقلوا، منذ زمن بعيد، النموذج الروسي، وهو ما كان مشكلة خطيرة. .
سؤال: خطأ خطير؟
نعم اعتقد أنه خطأ خطير. إن ما انهار في روسيا، قبل 20 سنة، لم يكن الاشتراكية كما كان يفهمها ماركس ولينين وتروتسكي، بل بالأحرى صورة كاريكاتورية كليانية وبيروقراطية. وهي التي انهارت وكان محكوما عليها بالانهيار. يجب علينا ألا نتبع ذلك النموذج. ذلك النموذج غير صالح، ولقد فشل. يجب علينا، من وجهة نظري، أن نعود إلى النموذج الأصلي.
إن أحد المهام العالقة بالنسبة للمسلسل البوليفاري، والتي طرحها الرئيس تشافيز، هي الدعوة إلى تأسيس الأممية الخامسة. ويعترف المنظر الماركسي آلان وودز بأن “هناك مشاكل، ومن بين الأسباب، حسب ما قيل لي، بشكل غير مباشر، هي اقتراب الانتخابات التشريعية لشهر شتنبر المقبل. إنني أتفق تماما مع ضرورة النضال من أجل كسب تلك الانتخابات، لكن يجب علينا، في نفس الوقت، أن نتقدم إلى الأمام، بدون استعجال ولا تقاعس، نحو بناء الأممية الخامسة.”
قد يبدو أن تأجيل إعلان انعقادها ناتج عن مشاكل داخلية. ويقول آلان وودز في هذا الصدد: “لست أدري. لم تكن هناك أية شروحات وهذا سخيف.”. هل هذا قلق؟ “لا لست قلقا. لكنني أعتقد انه كان من الممكن القيام بذلك بشكل أفضل. لقد تم ارتكاب الكثير من الخطاء الجسيمة خلال الأيام القليلة الماضية. لكننا صبورون. لقد تحدثت مع الرئيس تشافيز حول هذه المسألة أثناء قمة المناخ في كوبنهاغن، فقال إنه يجب العمل على هذا بعمق، وأنا أتفق معه. إنها مهمتنا أن نعمل على دفعها إلى الأمام وبنائها”.
هوغو بريتو (Ultimas Noticias)
الاثنين: 19 أبريل 2010
نبذة عن آلان وودز:
ولد آلان وودز في سوانسي (Swansea)، جنوب ويلز، سنة 1944. درس فقه اللغة الروسية (philology) بجامعة سوسيكس، بإنجلترا؛ وبجامعة موسكو في روسيا، وجامعة صوفيا (ببلغاريا). وقد كرس كل حياته لخدمة قضية الماركسية الثورية.
هو الآن رئيس تحرير موقع الدفاع عن الماركسية وقائد التيار الماركسي الأممي الذي يمتلك فروعا في 30 بلدا، وقائد حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا، التي تمتلك فروعا في 50 بلدا.
يمكنكم إيجاد النص الأصلي بالإسبانية هنا:
Hay que erradicar el poder que aún tiene la burguesía
عنوان النص بالإنجليزية:
Venezuela: Alan Woods – “The power that the bourgeoisie still has must be eradicated”