اتفاق سيريزا والحزب الشيوعي اليوناني هو السبيل الوحيد لتشكيل حكومة يسارية مستقرة قائمة بذاتها وقادرة على تنفيذ برنامج اشتراكي جذري. ويجب عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية!
أثبت يوم 25 يناير أنه يوم تاريخي، ليس فقط بالنسبة للشعب اليوناني بل أيضا للطبقة العاملة الأوروبية والأممية. فلأول مرة في بلد من بلدان العالم الرأسمالي الغربي المتقدمة، صار من الممكن تشكيل حكومة أغلبية من أحزاب لها جذور في الحركة اليسارية/ الشيوعية، على الرغم من وضد المحاولات العنيدة والمستمرة من قبل الرأسمال المحلي والأجنبي لإحباط هذا الاحتمال.
يعتبر الانتصار التاريخي اليوم لحزب سيريزا تغييرا جذريا في ميزان القوى بين الطبقة العاملة وبين الرأسمال في اليونان، وهو ما سيجد صدى له في جميع أنحاء أوروبا نظرا للأزمة الرأسمالية على الصعيد العالمي. إن إجمالي حصة الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب ذات الجذور داخل الحركة الشيوعية (سيريزا والحزب الشيوعي اليوناني)، مع تفوق حزب سيريزا، في الوقت الذي شهدت فيه القوة الانتخابية للحزب البرجوازي التقليدي (حزب الديمقراطية الجديدة)، تراجعا كبيرا، يعكس الوعي الطبقي للغالبية العظمى من الشعب العامل، والتخلي عن الأحزاب البرجوازية من قبل قسم كبير من البرجوازية الصغيرة، التي مرت من التجربة المؤلمة للأزمة والتقشف ولم تعد تحت سيطرة الأوهام الراسخة حول مزايا الرأسمالية.
إن التصويت في هذه الحملة الانتخابية التاريخية استند بشكل واضح على الموقف الطبقي. الانتصار الانتخابي الكبير لحزب سيريزا على حزب الديمقراطية الجديدة، وخاصة في المراكز الحضرية الكبيرة، كان تعبيرا عن رغبة العمال والعاطلين عن العمل والمتقاعدين ذوي المعاشات المنخفضة، وتلك الفئات من البرجوازية الصغيرة التي سحقتها الأزمة، في معاقبة الأحزاب التي يرون أنها تمثل عدوهم الطبقي، أي الأحزاب البرجوازية، والتي لم تعمل بسياساتها سوى على نشر المزيد من الفقر والبطالة.
لكن وبصرف النظر عن هذا الانتصار التاريخي، فإن نتيجة الانتخابات الحالية هي، قبل كل شيء، فرصة تاريخية فريدة من نوعها بالنسبة لليسار. سيكون من الممكن تشكيل حكومة يسارية قائمة بذاتها، وسيكون في مقدورها وضع حد لسياسة التقشف وعكس مسارها، وأيضا التخلص من الديون العمومية التي هي عبئ على كاهل المجتمع اليوناني، وتحقيق الهدف الاستراتيجي للحركة الشيوعية والذي هو إسقاط النظام الرأسمالي وإنجاز التغيير الاشتراكي في اليونان وأوروبا.
الجماهير العاملة طالبت بالفعل بتغيير اجتماعي عميق من خلال ميلها المذهل نحو حزب سيريزا، وتمكينه من التطور من حزب بمعدل أصوات يساوي 4٪ ليصبح الآن القوة السياسية الرئيسية.
إن الحصة الكبيرة من الأصوات التي حققها حزب سيريزا والنمو الملحوظ لنفوذ الحزب الشيوعي اليوناني، وخاصة في المراكز الحضرية الكبرى، يشيران إلى أن الأفكار والمبادئ الاشتراكية الأساسية لليسار، ليس فقط لم تعد من “الطابوهات” بالنسبة لغالبية المجتمع، بل لقد صارت تلاقي تعاطفا كبيرا.
إن هذا اليوم يوم للاحتفال من طرف آلاف مناضلي ومناضلات اليسار في جميع أنحاء البلاد. فبعد عقود من الاضطهاد والتهميش السياسي للحركة الشيوعية، صار الآن تشكيل حكومة يسارية قائمة بذاتها أمرا ممكنا. لكن غدا، بالنسبة لجميع المناضلين والمناضلات اليساريين الواعين، يجب أن تفسح الاحتفالات المجال للنضال السياسي المنظم. ويدعو “التيار الشيوعي داخل سيريزا”، الفرع اليوناني للتيار الماركسي الأممي، إلى خوض هذا النضال على أساس المطالب السياسية التالية:
حكومة يسارية قائمة بذاتها! لا للتعاون مع حزب اليونانيين المستقلين (ANEL) أو غيره من الأحزاب البرجوازية الأخرى؛ الحزب الشيوعي اليوناني هو الحليف الطبيعي الوحيد لحزب سيريزا في الوقت الحاضر! يجب ألا تضيع هذه الفرصة التاريخية لليسار! يجب أن يكون هناك اتفاق بين حزب سيريزا وبين الحزب الشيوعي اليوناني على أساس برنامج اشتراكي جذري!
لا تراجع عن الالتزامات الجذرية الواردة في بيان “Thessaloniki programmei”. نعم للتنفيذ الفوري والكامل للإجراءات الاشتراكية والمعادية للرأسمالية!
يجب نزع سلاح الطبقة الحاكمة اليونانية بشكل كامل قبل أن تبدأ في شن الحرب ضد حكومة اليسار: وهذا يتطلب تأميم النظام المصرفي والقطاعات الرئيسية للاقتصاد وتعبئة العمال لسحق أية محاولة من جانب الرأسماليين، وخدمهم الأوفياء في الدولة، لمنع تنفيذ برنامج اليسار!
يجب نزع سلاح “الترويكا”؛ يجب تحرير الشعب من نير الديون المفترسة بمبادرة من جانب واحد. الدعوة لتضامن نشيط للعمال الأوروبيين مع الحكومة اليسارية اليونانية ودعوتهم للنضال من أجل الانتخاب المباشر لحكومات اشتراكية يسارية عبر أوروبا بهدف تأسيس فدرالية أوروبية للدول الاشتراكية!
التيار الشيوعي داخل حزب سيريزا
الاثنين: 26 يناير 2015
عنوان النص بالإنجليزية: