بعد أقل من شهر عن الانتخابات المزورة التي أسفرت عن الحكومة الحالية، عبرت الطبقة العاملة النيجيرية عن تصميمها وشنت الهجوم ضدها. جاءت هذه النضالات كشيء مفاجئ لبعض من يقفون على اليسار بل وبدا شبه معجزة لهؤلاء العصبويين الذين أدانوا العمال النيجيريين مؤخرا باعتبارهم رجعيين، فقط لأن قادة الحزب العمالي رفضوا تعبئة القواعد للسير وراء أحد أجنحة الطبقة السائدة ضد تزوير الانتخابات.
كان الانتهازيون يطالبون رهن مصالح الطبقة العاملة بمصالح جناح يزعمون أنه “ديمقراطي” من أجنحة الطبقة السائدة. لقد رفضوا استقلالية الطبقة العاملة ولعبوا دور الموصل لأفكار هذا الجناح وتأثيره إلى داخل صفوف الطبقة العاملة.
لقد كنا دائما، نحن الماركسيون، مناضلو منظمة البديل العمالي، حازمين في الدفاع عن مطلبنا بخصوص استقلالية الطبقة العاملة عن أي جناح من أجنحة البورجوازية. دافعنا على أن المعارضة الحازمة الوحيدة الموجودة في نيجيريا تبقى هي المنظمتان العماليتان الرئيسيتان في نيجيريا: المؤتمر العمالي النيجيري والمؤتمر النقابي، وأن جميع أجنحة الطبقة السائدة – بغض النظر عن ادعاءاتهم الكاذبة بكونهم “ديمقراطيين”- ليست سوى عصابة من العناصر الرجعية المدافعين عن مصالحهم الخاصة الجشعة وأنهم لا يستطيعون أبدا أن يلعبوا أي دور تقدمي. لقد استوعبنا دائما أن الجماهير تنهض إلى النضال من خلال منظماتها التقليدية. تبقى المؤتمر العمالي النيجيري والمؤتمر النقابي هما المنظمتان الجماهيريتان التقليديتان الوحيدتان في نيجيريا، وبالنسبة إلينا ليس هناك من مفاجئة على الإطلاق في كونهما يقودان الجماهير النيجيرية ضد الهجمات المتواصلة التي يشنها النظام.
ما هي المطالب؟
قبيل مغادرة حكومة أوبسانجو الفاقدة تماما للشرعية، يوم 29 ماي، سارعت إلى شن بعض الإجراءات الهجومية ضد الشعب العامل النيجيري ومن بينها: 1) الرفع من سعر النفط من 65 نايرة (naira) إلى 75 نايرة. 2) بيع المصفاتين المتبقيتين في ميناء هاركورت (Harcourt) وكادونا (Kaduna) إضافة إلى المحطة الحرارية إغبين (Egbin). 3) التراجع عن وعد سابق بالرفع في الأجور بـ 15% لموظفي الخدمة المدنية. 4) الرفع من الضريبة على القيمة المضافة من 5% إلى 10%.
لقد سارع أوبسانجو إلى تطبيق جميع هذه البرامج بكل بساطة لأنه اعتبر، عن حق، أن الحكومة الحالية التي كان يناور من أجل تزوير الانتخابات لصالحها ستكون أضعف جدا من أن تتمكن من تطبق هذه الإجراءات. هذا يبين إلى أي درجة من اليأس يمكن للطبقة السائدة في البلدان المتخلفة أن تصلها من أجل تلبية مصالحها ومصالح أسيادها الإمبرياليين. لكن أوبسانجو كان مخطئا كليا إذا اعتقد أنه كان قويا بما فيه الكفاية لشن تلك الهجمات بدون ردود فعل من طرف الطبقة العاملة. لو أنه كان قويا حقا ما كان ليضطر إلى التزوير الكثيف للانتخابات لصالح حزبه بالطريقة التي قام بها.
مطلب الطبقة العاملة واضح: القضاء نهائيا على الوضع الراهن. يطالب حزب العمال بالتراجع عن جميع الهجمات المذكورة أعلاه. أعطيت مهلة أسبوعين للنظام كتحذير نهائي يوم 1 يونيو 2007 وهي المهلة التي تنتهي اليوم 20 يونيو. يوم أمس 19 يونيو أعلنت الحكومة المذعورة تصريحا تقبل فيه ببعض مطالب حزب العمال. خفضت من سعر الوقود من 75 نايرة إلى 70 نايرة بدل 65 نايرة المطلوبة، ألغت الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة وضمنت الرفع في أجور موظفي الخدمة المدنية بـ 15%.
كل هذا يؤكد بدقة موقفنا من هذه الحكومة. إنها حكومة واقفة على قدم دجاجة. لقد قبلت بهذه التنازلات المحدودة ليس لأنها أكثر إنسانية من سابقتها، بل لأنها أضعف وتفتقد للشرعية والمصداقية. إنها حكومة قائمة على الخداع والمناورات. ستلجئ إلى المرونة من أجل كسب المصداقية وستلجئ إلى الخداع، لكن كم من الوقت يمكن لهذه الحكومة أن تبقى مرنة؟
كم يمكن كسبه من هذه الحكومة؟
كل حكومة هي وسيلة لتحقيق هدف وليست هدفا في حد ذاتها. والحكومة الحالية وسيلة لشن المزيد من الهجمات ضد الجماهير المفقرة أصلا. ليس هناك من بديل أمام الطبقة السائدة النيجيرية إلا أن تعمل على خدمة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. لم تصعد هذه الحكومة إلا لأنه صار من الصعب أكثر فأكثر على حكومة أوبسانجو مواصلة شن تلك الهجمات. لقد صار من المستحيل تقريبا على حكومة أوبسانجو أن تواصل المناورة وخداع الشعب، من ثم جاءت الحاجة إلى وجه آخر وصوت آخر لمواصلة الهجوم.
لا يمكن لهذه الحكومة أن تستمر في المرونة إلا طالما بقيت مصالح الطبقة السائدة والإمبرياليين محمية. حتى ولو لم تكن هناك هجمات جديدة حاليا، فإن ذلك لن يكون بسبب أن هذه الحكومة مختلفة عن سابقتها ولا لأنها تستطيع الحكم بدون شن الهجمات ضد الشعب. إنها مسألة موازين القوى وهم فقط ينتظرون الوقت المناسب من أجل القيام بهجومهم الكاسح. هذا تنبيه ضروري لهؤلاء البيروقراطيين داخل حزب العمال الذين بدءوا يصفون الحكومة بأنها “حكومة تجيد الإنصات”. إنها تنصت الآن، لكي لا تكون مجبرة على الإنصات غدا. إنها تقدم التنازلات اليوم حتى لا تكون مجبرة على تقديمها غدا. إنها تدافع عن نفس المصالح لنفس الطبقة التي كانت الحكومة السابقة تدافع عنها. إنها ليست سوى استمرارية لنفس النظام مثلها مثل الحكومة السابقة، لكن في ظل ظروف مختلفة. وفي الوقت الذي تعمل فيه على تقديم التنازلات تنتظر الوقت المناسب من أجل شن الهجوم.
فلنجعل هذا الإضراب ينجح
من المفيد جدا أن النقابتين العماليتين الرئيسيتين توحدتا في النضال من أجل المصالح المشتركة للطبقة العاملة. يشكل هذا مصدرا للقوة والإلهام. من المستحيل بشكل مطلق النضال ضد الطبقة السائدة وهزمها إذا لم تتم تعبئة القواعد العمالية وقيادتها بطريقة ثورية. إذا انخرطت القواعد العمالية بشكل كامل في هذا الإضراب، سيكون الانتصار أكيدا. لكن إذا ما تم إقصائهم بشكل بيروقراطي، فإن الهزيمة حتمية. لهذا فإنه من الضروري خلق لجان الإضراب في جميع المصانع وأماكن العمل. يجب أن تتشكل لجان الإضراب هذه من العمال ويجب عليها أن تتحمل مسئولية التنسيق بين أماكن العمل خلال الإضراب العام.
أحيانا تلجئ الطبقة السائدة، بسبب الخوف من فقدان كل شيء، إلى تقديم التنازلات، لكن فقط من أجل استعادتها عندما تسنح الفرصة. ليس هناك من سياسة بديلة ممكنة بالنسبة للطبقة السائدة في بلد متخلف مثل نيجيريا، ما عدا الدفاع عن مصالح الإمبرياليين ومصالحهم الخاصة الضيقة. في ظل الرأسمالية تعتبر الخصخصة مسألة حتمية، كما أن الرفع المتواصل في ثمن الوقود مسألة طبيعية، البطالة وانتشار الفقر هما النتائج الحتمية للرأسمالية. وطالما بقيت الرأسمالية قائمة في نيجيريا، سيستمر بلا هوادة العذاب والحرمان والجريمة وغياب الحريات الديمقراطية والتعسف على الشعب. وحدها الطبقة العاملة النيجيرية من بإمكانها أن تخلص الشعب النيجيري من أغلال هذه الطبقة السائدة المصاصة للدماء، التي تأخذنا أسرى.
المخرج الوحيد أمام الطبقة العاملة هو بناء حزبها الخاص بها وإعطاء الشعب العامل صوتا. يجب على العمال أن يسقطوا هذا النظام ويحسموا السلطة من أجل قيادة النيجيريين إلى تحطيم هذه الأغلال وبناء نيجيريا اشتراكية كخطوة ضرورية نحو إفريقيا اشتراكية وعالم اشتراكي.
أولا كازيم من لاغوس- الحملة من أجل بديل عمالي
الأربعاء: 20 يونيو 2007
عنوان النص بالإنجليزية :
Nigerian workers on the march again: General Strike Commences